الفصل الرابع

"قيود العشق"
واتجه أمير نحو الباب قائلا: من بالخارج
فلم يرد عليه أحد فخافت نجلا وقالت لا تفتح الباب يا أمير تأكد من بالخارج اولاً
فقال لها: لا ربما يكون حدث شئ ففتح أمير الباب فوجد أمه ملقاه علي الارض أمام منزله فصرخ امي امي ماذا حدث ويلتفت حوله ولم يري ٰ أحد غيرها
ورفعها من علي الارض وادخلها منزله وحاول افاقتها هو و نجلا
ولكنها لم تستجيب فقامت نجلا بإحضار كوب من الليمون المثلج وحاول أمير افاقتها
وبعد قليل استعادت وعيها مره اخري وهي تتنفس بصعوبه وتضع يديها علي صدرها وتبكي
ضمها أمير الي صدره قائلا : لا تبكي يا حبيبتي ماذا حدث هل انتي بخير
فقالت له : أنا بخير يا بني لاتقلق هل أصابكم مكروه هل أنتم بخير
فقال لها أمير: يا امي الا تريني ها انا امامك ماذا حدث أخبريني والله أشعر أن قلبي سيتوقف
ابتعلت ريقها ثم تحدثت قائله : رجع أباك من عمله متأخراً وهو مذعور ومعه حُسين وبعدما جلسا سويا في غرفه المكتب خرج حُسين مسرعاً
وصوت أبيك مرتفعاً وهو يقول له: اذهب وافعل ما أخبرتك به
فتدخلت لأسأله اين ارسلت حُسين وما أصابك حتي تغيرت ملامحك بهذا الشكل
فقال لي عمل خاص لا تتدخلي وفي نفس اللحظه التي كنت اتكلم معه فيها دق جرس الهاتف وهو في مكتبه وقام باخراجي واغلق عليه المكتب وظل بمفرده
حاولت أن استمع مع من يتحدث في هذا الوقت المتأخر
فسمعته يحدث أمرأه اخري قائلا للها حبيبتي ما تبقي الا وقت قصير جدا وستكوني معي قريبا عليك أن تجهزي العروس لأمير فنجلا من الآن لم تعد موجوده في حياتنا ولن اضيعك من بين يداي مره أخري وسوف يقوم حُسين بإنهاء كل شي خلال الايام القادمه لنتخلص منها نهائياً ولكن عليكي تنفيذ ما أمرتك بيه في اسرع وقت ممكن
واخذت رشفه من عصير الليمون حتي تهدأ وتكمل حديثها معه
فقاطعها أمير ونظر باندهاش قائلا : أي أمرأه وأي عروس يتحدث عنها لم استوعب شيئاً مما سمعته بماذا يفكر ابي ؟ واين ارسل حُسين ولماذا يحاول أن يتخلص من زوجتي
وبعد ثواني من حديثه وتسألاته التفت إلي أمه واقترب منها قائلا :وماذا يعني بنجلا من الآن لم تعد موجود ماذا يقصد يا امي هل سمعتي الحديث الي اخره هل تعرفين في ماذا يفكر وما هي الحيله التي يريد أن يتخلص من زوجتي بها اجيبيني يا امي أكاد اجن

أرادت والدته تهدئته ولكنها فشلت في ذلك وأخذ أمير يضرب قدمه في كل ما هو حوله من الغضب وهو يصيح ماذا فعلت له لماذا يعاملني هكذا
ألم يكفيه تركت له البيت حتي اعيش بهدوء بعيداً عنه ولا أطمع في شئ منه ولا انتظر مال ولا غيره ألم يكفيه تدبير لتوريط زوجتي في شئ ما لم اعرفه ولكني سوف اعرف كل ما يفكر بيه قريبا
فخاطبته نجلا قائله :أباك لا يخاف الله ولن أسامحه علي أي شئ سيفعله هل هذا قدري اني احببتك وتزوجتك هل لابد أن أدفع ثمن مقابل العيش معك بسلام لا أتخيل ذلك ابدا هذا تفكير شيطاني

تحدث أمير إلي والدته بهدوء وهو يكظم غيظه قائلا : يا امي لما لا تتكلمي معه ويتركني وشأني أنا وعائلتي أذهبي يا امي وتحدثي معه لعله يتفهم أمري

تورمت عيناها بالبكاء وهي تتحسس وجهه بيديها قائله: تحدثت معه يابني وعندما واجهته بما سمعته قام بضربي وطردي خارج البيت واخذ يصيح ويقول لن تعودي الي هذا البيت مره اخري وعندما خرجت ما وجدت امامي غيرك لالجأ إليه وقت ضعفي

احتضنها امير وقال لها: هل جَن حتي يتصرف بهذا الشكل لم اجلس ويداي مكبلتان وانا أراكي بهذا الوضع سأذهب لاتحدث معه بنفسي

تتقلب والده نجلا في هذا الوقت من الليل علي فراشها وقد ذهب النوم من عيناها جالسه وقلبها مقبوض علي ابنتها دون سبب قائله لزوجها: يا عامر افيق تحدث معي ف والله ذهب النوم من عيني من القلق

عامر: عن أي قلق يا سعاد هل انتي مريضه
تتنهد سعاد وتضع يداها علي صدرها قائله: لا ، لستُ مريضه ولكني أشعر أن نجلا في مأزق وفي ضيق شديد اريد الاطمئنان عليها
ضحك عامر قائلا: يا سعاد نجلا في بيتها الان والوقت متأخر كثيرا اذهبي إليها صباحاً قبل ذهابها إلي العمل واطمئني عليها طاب مساءوك
واستدار لها ظهره ليكمل نومه
ظلت طوال الليل مستيقظه تفكر في ابنتها وتشعر أنها في ضيق ولكن ما عليها سواء الانتظار حتي الصباح لتذهب تطمئن عليها

وفي هذا الوقت من الليل الحزين قام ليذهب فأوقفته نجلا قائله : أرجوك يا أمير لا تذهب فلا تسلم من شره المبيت لنا أتركه وشأنه ونظرت إلي والدته قائله : وامي ستعيش معنا لم نريد منه شيئا
فقال لها أمير وهو يضرب رأسه بالباب : لم استطيع تجاهل كل شئ يفعله كفا الي هذا الحد

فقالت له والدته إذا ذهبت سأذهب معك لاخذ أغراضي من البيت فلا عوده لي إلي هناك مره اخري
فخرج أمير من منزله متوجهاً إلي منزل أبيه ومعه والدته
وبعدما وصلو إلي البيت رأو قاسم جالساً والجبروت يجتاح وجهه فتقدمت نحوه ثريا قائله له: الا تخاف الله علي كل هذا الظلم والافتراء
فقال لها ذهبتي الي مدللك الصغير وأخبرتيه اليس كذلك لماذا عدتي الي هنا أَلم اخبرك بأني لا اريد رؤيتك هنا مجددا
فتدخل أمير وقال له بصوت مرتفع وهو يشير بسبابته إلي قاسم قائلا: من تظن نفسك حتي تفعل بأمي ما فعلته وان كنت تريد أن تقضي علي زوجتي فموتي سيكون قبلها أن أردت ولن اسامحك طوال عمري
فنظرت ثريا الي قاسم وقالت : أَلم يحن قلبك علي ابنك وهو معذب أمامك هل تريد إنهاء حياته بهذا الشكل لم يرق قلبك له وتتركه في حياته يعيشها كما يريد

قال قاسم بتعجرف شديد: إذا لم يعجبك ما افعله ف اذهبي من حيث جئتي ولا أراكي هنا الا وانتي صامته لا تتحدثين في شئ والتفت الي أمير قائلا : وانت يا مدلل سأحاسبك علي حديثك معي بهذا الشكل من تكون هذه الملعونه التي ملئت عقلك بالكره تجاه ابيك هل تتحداني من أجلها
اذاً عليك أن تذهب وتري مع من تخونك هذه الساقطه ذاد الشيء عن حده ولكني لم أعد اتحمل قذارتها

اذهب من هنا ولا اريد رؤيتك الا وانت نادم علي حديثك هذا
قال له أمير وهو يبستم بغيظ: إذا عدت الي هنا مره اخري فليس لاني نادم علي حديثي معك ولكن عودتي ستكون ندم لك علي ما فعلته ولا تنطق بأسم زوجتي علي لسانك هذا من اليوم وان قمت بعمل شي أخر للتفريق بيني وبينها ستندم
وليست زوجتي هي الخائنه أنت تعلم جيدا ً من الخائن يا قاسم باشا
اذهبي يا امي واحضري أغراضك سانتظرك بالخارج لم اتحمل الانتظار هنا كثيرا لقد ضاق صدري من هذا البيت وخرج الي الحديقه المقابله للبيت ينتظر عودت والدته

وفي انتظاره قابله حُسين فقال له: أمير ماذا تفعل هنا تعال ادخل وأمسك يديه فأفلت أمير يديه مقترباً منه قائلا له : لن ادخل هذا البيت مره اخري فمبارك عليك انت وأبيك يا حُسين باشا
تعجب حُسين من حديث أمير معه سألا بكل خبث: ماذا حدث يا أمير لماذا تحدثني بهذا الشكل هل حدث شئ لم اعرفه

نظر أمير إليه بأستهزاء قائلا: هل يوجد شئ علي الاطلاق لم يعرفه حُسين قاسم لا اظن ذلك
وفي وقت حديثهم جاءت ثريا حامله أغراضها فقام أمير بحملهم عنها
فأقدم عليها حُسين ليسألها : أمي إلي أين انتي ذاهبه بهذا الوقت أخبريني ماذا حدث وينظر الي الحقيبه مستكمل حديثه قائلا :هل ستغادرين البيت من اجل أمير

فنظرت إليه وقالت : لعنكم الله انت وابيك لن اسامحكم ابدا لن اصدق ان احشائي حملت شيطان مثلك اغرب من وجهي وابتعد عني ولا تنطق باسم امي مره اخري

دخل حسين البيت فوجد وجه ابيه يكاد ينفجر من الغيظ فاقترب منه قائلا : ماذا حدث والي اين ذهبت امي

لم يجيب قاسم علي سؤاله فردد حُسين مره اخري ليسألو فتعالَ صوت قاسم قائلا: تذهب اينما تشاء لا يهمني إذا كان يهمك الأمر فاذهب خلفهم ولا تعود مره اخري

حاول حُسين كسب أبيه فقال له : لا تنزعج يومان وتعود ف أمير يعول بيته ولا يقدر علي استضافتها وقت طويل ولكني دعني اخبرك بما حدث

التفت له قاسم متشوقاً ليعرف ماذا حدث فقال له : أخبرني هل فعلت ما أمرتك بيه
هز حُسين رأسه بالايجاب قائلا: نعم لا تقلق ستموت خائنه ولا يحزن عليها أمير يوماً واحداً لا تقلق

فضحك قاسم بغرور وتكابر قائلا : جيد جداً انتهينا من الأمر الأول انتبه للأمر الثاني والاخير
أنصت له حُسين بكل شر قائلا : أخبرني وسانفذ كل ما تريده مني

بعدما وصل الي منزله جلسو سوياً عاقد أمير حاجبيه بغضب يتذكر حديث والده معه فيحمر وجهه ويزداد غضبه فيضرب الطاوله بيده غيظاً ثم يقول لن أسامحه طوال عمري لن اغفر له شيئاً فاقتربت منه نجلا قائله : هل حدث شئ اخر هناك هل تحدث معكم بسوء وتنظر إلي ثريا
ثم تقول اجيبوني لما انتم صامتون هل عرفتم شيئا مما سيفعله
فنظر إليها أمير وقال لها : لك ان تتخيلي منه أي شئ فقد تكلم عن عرضي بكل افتراء وكذب فماذا تظنين أن يفعل هل سيفعل شيئا حسنا؟
تعجبت نجلا من حديث أمير وسألته مردده : عرضك ماذا قال عني وانت سمعت وصمت يا أمير وهو يتكلم عني بالسوء
لما لا تتكلم هل حدث ذلك
قام امير وهو يعلو بصوته قائلا : لم اصمت ولم أصدق مما قاله اعلم أنه كاذب ويريد تشتيت حياتي بأي شكل ولكن لن أسمح له بذلك
فرأي والدته قد اتعبها الحديث ومسكت رأسها بيديها فساعدها وحملها الي الطابق العلوي لتستريح وغادر أمير من الغرفه
وترك نجلا ترتب أغراضها قائله لها : نحن بخدمتك يا امي إذا اردتي شيئاً لا تخجلي فالبيت بيتك ونحن بضيافتك

ابتسمت لها ثريا واحتضنتها وقالت لها : أنار الله دربك يا ابنتي وحفظك من شر الخلائق انتبهي لحالك كثيرا حتي لا يصيبك مكروه
قبلتها نجلا وقالت لها: لا تقلقي يا امي لن يصيبني مكروه طالما انتي وامير بجواري

وبعد قليل صعد اليهم امير ليطمئن علي والدته ولكن قابلته نجلا أمام باب الغرفه وقالت له دعها تنام قليلا فهي متعبه جدا وأمسكت يده وقالت : هيا نجلس معاً اريد التحدث معك قليلاً لم يكن بقصدي أن يعلو صوتي عليك ولكني لم اصدق ما يحدث معنا

احتضنها امير وقال لها: وانا كذلك سامحيني لم أقصد أن أتحدث بهذه الطريقه ابدا
وجلساً سوياً امام التلفاز محتضن زراعيها بين يديه متكأه برأسها علي صدره فرفعت عيناها لعينه لتنظر إليه فقال لها أمير: ألم تشتاقي إلي؟

ضحِكت نجلا وقبلته في خديه وهي تحتضنه بشده قائله له: وكيف لي اشتاق إليك وأنت تسكن في القلبِ مُتربعِ
فرد عليها أمير قائلا: فأنتي الفؤاد في قلبي ومسمعي وأنتِ المراد في حنايا القلب وأضلعي
وأشار بيده علي موضع القلب

فارتسمت البسمه علي شفتاها وقالت: وما للحياه معني بدونك يا حُلوها فأنت السند وانت السكر في مُرِها
فصفق امير علي يديه ضاحكا وقال ماكل هذا الحب سبقتيني يا معشوقتي

فتسيقظ منار وتجري نحوهم وتتوسطهم فيقوم امير برفعها بينهم ويقبلها هو ونجلا

فيقول لها أمير هل كنتِ تريدين قول شئ لي
فغمزته بعينيها وهي تنظر نحو منار وقت آخر نتحدث الان صغيرتنا تريد مشاركتنا في سهرتنا أليس كذلك يا حُلوتي ومرت هذه الليله علي البيت بكل تشويش وتفكير

وفي الصباح الباكر قبل طلوع الشمس ذهبت سعاد الي ابنتها نجلا لتطمئن عليها فعندما استيقظت نجلا ووجدت والدتها أمام الباب قلقلت وارتبكت قائله لها: أمي صباح الخير هل أبي اصابه شيئاً
ضمتها سعاد وقالت لها : اباكي بخير يا ابنتي ولكني قلقه عليكِ طوال الليل هل اصابك شئ أحزنك فقلبي شَعُر بكِ بانك حزينه
ابتسمت نجلا والدموع فرت من عيناها وارتمت باحضانها قائله : أتدري يا امي أنا احتاجك جداا بالفعل أنا بحاجتك أكثر من أي وقت مر هل هذا جَد يا امي انتي شعرتي بكل هذا ف والله قلبك لم يكذب
ودخلو معاً المنزل فتفاجئت بوجود أم أمير في البيت فقالت سعاد : ثريا هل انتي بخير ؟
ابتسمت ثريا وصافحتها قائله : نعم يا سعاد أنا بخير ولكن كنت مريضه بعض الشئ وجئت الي هنا ليراعاني أمير ونجلا اعلم اني عبء عليهم ولكن سامحوني
اقتربت منها نجلا وقالت لها لا تقولي هذا مره اخري يا امي فهذا بيتك
ثريا: العافيه لكي يا ام أمير يا غاليه
وقامت نجلا بتجهيز الفطور لهم جميعاً قبل ذهاب أمير الي عمله
ومر اليوم عليهم بسلام واطمئنان

ينظر حوله ويغلق الابواب كالسارق ثم يقول له : هل سياره أمير هو من يقودها أم زوجته ؟
فيرد عليه حُسين : زوجته يا أبي لأنها تذهب بعده بوقت إلي العمل بعدما تترك منار مع جدتها والده نجلا ولكن بعد استضافه امي هناك سوف تتركها معها ف البيت بالتاكيد
فقال قاسم : متأكد من ذلك

حُسين: نعم متأكد أمير يأخذ السياره في عمله الآخر في المساء لكن في الصباح يذهب مع صديقه محمود في سيارته
ضحك قاسم ضحكه الانتصار قائلا : جميل جدا هذا الأمر اسمع ما سأقوله لك وعليك تنفيذه جيدا والا تخطئ فيه ابدا حتي لا ينكشف الامر ولكن كن حذر قدر المستطاع

حُسين: بمَ تفكر يا أبي هل سنلغي خطتنا الاولي؟
قاسم : لا لن نلغيها ولكن سنضيف عليها بعض الاشياء حتي يتنزع حبها من قلب أمير
وبعد الحديث الذي دار بين حُسين وأبيه عن ما سيفعله في نجلا
ولكن رفض حُسين المهمه التي كلفه بيه والده
فعرض عليه الكثير من المال وانه سوف يكتب له بيت بأسمه مقابل تنفيذ كل ما يأمره به وبالفعل وافق حسين علي طلب أبيه لأنه يحب المال كثيراً فهو نسخه عن قاسم في كل شئ
عرض عليه حُسين الانتظار لبعض الوقت لحين تدبير الأمر بحكمه ودهاء

وافق قاسم وقال : لا تتأخر في ذلك اريد التنفيذ سريعا
وكل يوم علي هذا الحال اجتماعاتهم الليله لم تنتهي بعد وذات يوم بعدما خرج من غرفه المكتب
صَعد الي الطابق العلوي وهو يلتفت حوله فيجد سمر أمامه عند نهايه الدرج فيفزع من وقفتها أمامه وتحرك خطوه إلي الوراء من رعبه قائلا لها بصوت عالٍ :

ويتبع
بقلم/ منى ثروت
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي