الفصل الرابع

أومأت له بخفه بينما شاهي رمقتها بغيظ.

دفع مصطفي عصام ونهض لها سريعاً تحت نظرات إسماعيل الباردة واللامبالية عكس النيران المشتعلة بصدرة.

تحدث ببسمة واسعة وبنبره لعوبة:
_أهلا أنرتن حينا، أريد أخباركن أن الشقق لدينا هنا راقية وعلي أعلي مستوي وأيضاً هناك شقق تطل على المياه كأنكم تجلسن علي النيل، ورغم كل هذه الإمكانيات إلا ان الأسعار قليلة للغاية أَما بالنسبة للأمن....

ردت شاهي بسخرية تقاطعه:
_رأينا بأعيننا.

أومأ لها مصطفى ببسمة واسعة وهو يصيح بمرح:
_ بالضبط، أذن منطقتنا قطعة جوهرة، ها هيا بنا نري الشقق الخمس نجوم؟


نظرت له شاهي بجنون تريد اقتلاع خصلاته هذا الشخص الأحمق.

بينما ماهي نظرت ل سالي بمعني ما رأيك، فهزت سالي رأسها سريعا بنفي وخوف.

تحدث مصطفي الذي كان يتابع ويركز بشدة علي رد فعلهن ورأي نفي سالي :
_من رأيي أن تأتي وتري بنفسك لن تخسري شئ ان لم تعجبك ارحلي، واكراما لأعينكم سنبدأ بالمنطقة البحرية فالهواء يرد الروح هناك.


نفت شاهي بحزم وهي تردف بقوة ونبرة لا تقبل التراجع:
_لا، شكرا، هيا يا بنات.

نهض سيد فجأة بعدما كان يتخذ دور المتفرج وأردف بنبرة هادئة ولكنها كانت كافية لدب الرعب بقلوب الفتيات وبالأخص شاهي الذي كان يتحرك باتجاهها :
_انتظري.

وقفت شاهي بخوف حاولت اخفائه بصعوبة
فنظر لها سيد بنظرة نارية محذرة حتي لا تعارضه.
هتف ببرود مذيب للأعصاب وهو يتحرك بهيبة:
_ اتبعوني.

بلعت شاهي ريقها بارتباك ثم نظرت للجميع مردفه بأدب:
_ألم تستمعوا له؟! قال اتبعوني، إذن هيا خلفه.

أنهت جملتها وهرولت خلفه سريعاً، فنظرت ماهي لسالي بذهول ثم انفجر إسماعيل بقوة في الضحك كذلك مصطفي الذي نظر له بغمزه عابثة، ثم تحركوا جميعا خلفهما.

وصلوا ل بنايه مكونه من عدت طوابق بسيطة وليست مرتفعة كثيراً، كانت تطل علي منزل سيد أمامها، ويعم الشارع الهدوء والسكون رغم انه مكتز بالمباني إلا أنه كان خالي من البشر.

نظرت الفتيات حولهن بتعجب وقد اعجبهم هذا الهدوء بعيداً عن صخب الحي، ولكن لفت انتباههن عدم وجود أي بحر أو مياه.

فتسألت ماهي بتعجب:
_لا نري أي مياه هنا؟

تحدث مصطفي سريعاً بثقة وهو يشير للبناية:
_ خلف البناية، عندما تفتحن الشرفة سوف يقابلكن أجمل منظر طبيعي وبالأخص وقت الشروق واشعة الشمس تنشر خيوطها الذهبية تلون سطح المياه الخضراء.


صدمت الفتيات بشدة عند كلمته الاخيرة، مرددين في صوت واحد:
_خضراء؟


أومأ مصطفي ببسمة واسعة واثقة وهو يتمتم بزهو وغرور:
_ نعم خضراء، منطقتنا مميزة جدا.

تعجبت الفتيات بشدة ف لأول مره يستمعن عن وجود للون للمياه أخضر.

بينما نظر سيد ل إسماعيل و كتما ضحكاتهن علي ملامح الفتيات.


قام مصطفى بالصياح بصوت عالي فجأة مما أفزع الفتيات :
_عم عجوة عم عجوة.

لحظات وطل رجل عجوز من إحدى الشرف الصغيرة من الطابق الثاني وصاح ب تساءل :
_من ينادي؟


تحدث مصطفى ببسمة واسعة وهو يلوح له حتى يراه ويشير علي الفتيات:
_جلبت لك زبائن وليسوا بأي زبائن شيء مستورد لم ينزل الحي سابقاً.

ضحك العجوز بخفه وهو يتمتم ببعض الكلمات التي لم تصل لهم، ثم هتف وهو يتحرك بعيداً عن الشرفة:
_انرتم الحي.

دقائق وفتح العجوز باب البناية ورحب بهم بحفاوة ثم أشار لهم حتي يصعدوا ويرو الشقة الفارغة واخذ يقص للفتيات عن مميزات السكن عنده و يثرثر في الكثير والكثير

وقفت الفتيات في إحدى الشقق في الطابق الثالث، واخذن يتفحصن الأثاث البسيط وألوان الجدران الباهتة، كانت صغيرة ولكنها تكفي بالغرض رغم أنها تختلف عن القصور
والشقق الفخمة الراقية التي يسكنوها إلا أن هذه الشقة تنبض بالدفيء والراحة.


مالت ماهي تهمس علي أذن سالي وهي تنظر بازدراء للشقة :
_كيف ستجلسين في مثل هذا المكان.


ضربت شاهي ماهي بخفه علي ذراعها حينما استمعت لها ثم همست بخفه :
_اخرسي، كل الأماكن هنا هكذا.


تجاهلتهم ماهي ونظرت ل مصطفي وهي تبحث بعينيها عن الشرفة المطلة على المياه الخضراء.
فتسألت بخفه :
_إذن أين المياه الخضراء.


نفخ مصطفى صدره بغرور وتحرك أمامها وخلفه يقف سيد وإسماعيل بجانب باب الشقة يكتما ضحكاتهما.


تحركت الفتيات خلفه بحماس وبعض الفضول لرؤية هذه المياه، فتح مصطفى باب الشرفة ودخل بخطوات واثقة وهو يستند علي السور ويشير للأسفل مردف ببسمة واسعة:
_ها هي، ما رأيكن؟

نظرت الفتيات في الاسفل ف وجدن مجري مائي مليء بالقمامة وبعض الطحالب والمياه الملوثة والتي يتكون علي سطحها أشياء خضراء اللون تتصاعد منها رائحة قذرة وصلت لهن.

شهقت شاهي أول واحدة وهي تهمس بصدمة:
_ ترعة!! لا مستحيل.

رفع إسماعيل حاجبة الأيسر بسخرية من الداخل وهو يستمع لها متمتم بسخرية ولامبالاة:
_ما بها الترعة، فجدك كان يشرب منها.

شهقت شاهي بخضه ونظرت له بصدمة وهي تتراجع للخلف وتنظر له بذهول وعدم تصديق، كذلك ماهي وسالي.

صرخت شاهي بجنون وهي تنظر ل إسماعيل بشر:
_أخرس مستحيل جدي يشرب من مكان مثل هذا، طوال عمره كان يسكن القصور.

كتم الشباب والعجوز ضحكاتهم بقوة.
ثم ضيق مصطفي عينيه بفضول وتسأل بمكر:
_ طالما انتن أصحاب القصور لماذا تبحثن عن شقة هنا؟


تحدثت ماهي بغباء ودون انتباه:
_ سالي فقط من ستمكث هنا فترة قصيرة.


نظر الجميع لسالي الرقيقة بذهول وتعجب، بينما شاهي ثبت ماهي في سرها.

ابتسم إسماعيل بسخرية وهو ينظر لسالي بتفحص مردف بنبرة ساخرة:
_وماذا فعلت الدكتورة يا تري حتي تختبئ في مكان مثل هذا.

تحدثت سالي سريعاً بدموع تنفي هذه التهمة المبهمة الذي يقولها بعينيه صريحةً:
_لم أفعل شئ أقسم لك.


قاطعها سيد سريعا بإشارة من يده وتحدث للعجوز حتي ينهي هذا الجدال وبالأخص بعدما علم أن هذه الرقيقة من تريد الشقة إذن لن يدعها تسكن بمفردها بعيداً عنه سيجعلها أمام عينيه، أغمض عينيه بقوة من هذا الشعور الخبيث الذي يتسلل داخله ويدفعه لحماية ويخبئها في قلبه بعيداً عن قسوة وشرور هذا العالم
_عم عجوة الهوانم سيأخذن الشقة.


صرخت شاهي بغضب وذهول من تدخله وأخذ القرار بالنيابة عنهن:
_ومن أنت حتي تقرر عنا؟


أمسك سيد أعلي أنفه بنفاذ صبر، وهو يحاول منع نفسه من لكمها في فمها حتي يخرسها ولا يستمع لصوتها من جديد.
تنهد بتعب، ثم تحدث بخفوت حازم :
_من النهاية، انتن بنات ووقعتن في منطقتنا وفي طريقنا ونحن أولاد بلد لن نترك فتيات بمفردهن هكذا بدون حماية، والآن صديقتكما ستمكث هنا في حمايتنا أنتهي الكلام.


ربت مصطفى علي كتفه بمرح وهو يتمتم بخفه :
_ذكر.


نظرت ماهي لسيد وتحدثت سريعاً حتي لا تتشابك معه شاهي بالكلمات :
_حسناً، لقد أخذنا نظره علي الشقة والحي، أريد رقم الحج وسنفكر جيداً وبعدها نأخذ قرارنا ونتصل بكم.

تحدث سيد بخفوت وهو ينظر لهن بقوة:
_ حسناً، أريد رقم هاتف واحدة منكن.


اعطته شاهي الكرت الخاص بها بغرور.
فابتسم لها ببرود.

ــــــــــــــ

حل المساء أخيراً بعد أحداث هذا اليوم الطويل المتعب للفتيات الثلاثة.
كانت تجلس الفتيات في أحد الأماكن الراقية.


تسألت ماهي وهي ترتشف عصيرها بواسطة الماصة الشفافة:
_ماذا سنفعل؟


زفرت شاهي بتعب، ما تعرضوا له اليوم ليس بالهين أبدا، وأيضاً هؤلاء الشباب والشقة وكل شيء مرو به كان بالنسبة لهن تجربة لأول مره يتعرضن لها.
تحدثت بحيرة :
_لا أعلم يا ماهي، أغشي أن نثق بهم وفي النهاية نكتشف أنهم مخادعين.

تحدث سالي بهدوء وبنبرة مسترخية هادئة عكس توقعاتهم:
_لا أنهم واضحين جدا وشعرت بالراحة معهم.

تحدث ماهي بسخرية وهي تنظر لها بعدم تصديق:
_حقا، هم فقط أم سيد المرعب بالأخص.

لاحت شبه ابتسامة علي ثغر سالي ولكنها منعتها سريعاً ثم قلبت عينيها بملل وهي تتدعي الحنق ثم أخذت ترتشف من عصيرها بدون ان تعرها انتباه.

تحدثت شاهي بتساؤل وهي ترفع حاجبها الأيسر باستنكار:
_إذن هل أخذت قرارك وستمكثين بالشقة؟


بلعت سالي ريقها بهدوء واخذت نفس طويل وهي تغمغم بتفكير :
_ لا يوجد أمامي غير يومين، وبالطبع فشل اللقاء في هذا المكان فبتالي ستذهبين لمكان آخر ونحن معك إذا وجدنا غداً مكان جيد سوف امكث به وننسي تجربة هذا الحي، وإذا لم نجد سنتصل بسيد.

نظرت شاهي لماهي فأومأت لها توافقها الرأي، فهزت رأسها وهي تفكر بحيرة.
ثم اردفت بتفكير:
_ حسنا، خلال هذان اليومان أريدك أن تنقلي ملابسك وكل شيء ستحتجينه عندي حتي يأتي موعد الهروب تخرجين من الفيلا بدون أن يشك بك أحد.


اكملت ماهي بتذكر:
_وتأخذين إجازة من المشفى أيضا.


أومأت لهما سالي وهي تتلاعب بكوبها شارده في مصيرها
وعائلتها وفي هذه المغامرة التي ستخوضها.

تحدثت ماهي بمرح حتي تقطع حالة الصمت التي خيمت على جلستهما:
_ورغم كل ما حدث اليوم كان رائع وبالأخص حينما حدث الاشتباك.

ابتسمت لها سالي بخفه

بينما شاهي لوت فمها بحنق ثم غمغمت بنفاذ صبر:
_هش بلا قرف، والشباب بيئة للغاية.

تحدثت سالي بمرح وهي تغمز لها بمشاكسة:
_ومن أتي بسيرة الشباب نتحدث عن اليوم عموما.


قهقهت ماهي بشدة وهي تضرب كفها بكف سالي بمرح.
بينما شاهي نظرت لهما بشر.

ـــــــــــــ

في جلستهم المفضلة علي القهوة دائما كانوا مجتمعين يشربون الشاي.

همس مصطفي وهو ينفث دخان سيجارته:
_استخرت الله وقررت إكمال نصف ديني.

نظر له إسماعيل بسخرية وهو ينفث دخان الارجيلة، ثم غمغم بسخرية:
_وهل يا تري ستنفق عليها من أين؟


صحح له مصطفي وهو مازال يعيش في حالة الشجن المسيطرة عليه منذ ساعات:
_عليهن وليس عليها.


نظرا له بعدم فهم، فتحدث بتوضيح وبسمة غبية مرتسمة علي ثغرة :
_أنوي أن اتزوج ثلاثة مره واحدة.


توسعت عين الشباب بذهول ثم انفجرا في الضحك بسخرية.

فسخر سيد وهو يضع لفافة التبغ في فمه:
_أمم هل كنت ستتحمل تكلفة الواحدة حتي تأتي بثلاثة.


تحدث مصطفى وهو يضع قدم فوق الأخرى بارتياح:
_لقد وقعت علي ثلاثة أكوام ذهب، لستُ بحاجة لوظيفة أو الإنفاق عليهن.

رفع إسماعيل حاجبة بسخرية وهو ينظر له باستهزاء، ثم تسأل بلامبالاة:
_ومن هن الغارقات حد الموت في وسامتك؟

ابتسم الاخر بغباء وهو يردد بشجن:
_الفتيات الثلاثة الذي انرن الحي اليوم، خطفن قلبي وأنا خطفت قلوبهن.
نظر له سيد وإسماعيل للحظات بصمت ثم انفجرا في الضحك بقوة حتي كادت تنقطع انفاسهما.. مما جذب انتباه بعص رواد القهوة ومصطفى ينظر لهما بضيق وغيظ ويهمس من أسفل أسنانه بغيظ:
_ كفا، هل ألقيت نكتة كفا.

هدأت ضحكاتهما بخفه ثم نظر له إسماعيل بسخرية وهو ينفث الدخان في وجهه ببسمة واسعة وهمس بانبهار مصطنع:
_ماذا تملك يا حبيب قلبي حتي ينظرن لك ويقعن في حبك هكذا.

تحدث مصطفى ببرود مصطنع وهو يضع قدم فوق الأخرى ويضجع ظهره بارتياحيه شديدة:
_الحب، لا يعرف هذه الشكليات أنه الحب يا رفاق من يتغاضى عن كل الفروق التي تواجه الحبيبان، أأه.

تألم بصراخ حينما دفع سيد قدمة بحده وهمس من أسفل أسنانه بقسوة:
_ أنزل من علي تلك الغيمة وعش معانا علي أرض الواقع يا حبيبي.

اشاح إسماعيل بالخرطوم بيده بلا مبالاة متمتم بضحكة ساخرة:
_اتركه اتركه، أظن أنه قد نسي هذه الشعلة التي كانت تريد تشويه وجهة.


ضحك مصطفى بمرح وهو يتمتم بشقاوة:
_هذه بالذات سأعلمها الأدب واجعلها تقول أمرك يا سي مصطفي.

ضحك سيد بخفه وهو يردد بمرح:
_هذه هي التي ستعلمك الأدب من أول وجديد.


قهقه الشباب بمرح.

تحدث مصطفى بسخرية وهو ينظر لهما ببرود:
_ أوغاد، تغارون مني بسبب وسامتي ولطافتي.

اغمض سيد عينيه بيأس وهو يتمتم بتأثر:
_أريد ربع ثقتك بذاتك.
ضحك إسماعيل بمرح.

بعد وقت من المشاكسات والضحك والمزاح.
تسأل سيد بجدية وتفكير :
_برأيكما لماذا هجم المعلم عربي علي الحي؟

ارتشف مصطفى من كوب الشاي الخاص به ببرود وتمتم بلا مبالاة :
_أظنه مازال متأثرا على بضاعته التي احرقناها.

نفي إسماعيل برأسه غير مقتنع بهذا التبرير، ثم اردف بتفكير:
_لو كان الأمر هكذا، كان أذي أحد منا ولم يهجم بهذا الشكل علي الحي وبهذه الحرقة، الأمر أكبر من البضاعة المحروقة.

أومأ سيد يوفقه الرأي وغمغم بخفوت:
_نعم أشعر بذلك.

قلب مصطفى عينيه بملل وهتف بسخرية:
_أوف توقفا لا تظنا نفسيكما مهمان لهذه لدرجة، ماذا تملكان حتي يضعكما المعلم عربي برأسه.

نظر إسماعيل لسيد ببرود وهتف بتساؤل مصطنع:
_أشعر أنه يذلنا.

أومأ سيد وهو ينفث دخان الشيشة عاليا متحدث بنفس البرود:
_نفس الإحساس يا غالي.


أومأ إسماعيل وهو ينظر لسيد ببسمة غامضة مرعبة وتسأل بهمس مخيف:
_هل تحب أن أخذ نصيبك من الضرب وأقتله فورا؟


أومأ سيد بهدوء وهو ينفث دخان سيجارته متحدث ببرود شديد:
_هو لك حبيبي، أفعل به ما بدا لك.


بلع مصطفي ريقه بتوتر متمتم ببسمة مرتعشة:
_ماذا هل ستأخذون علي كلامي؟ منذ متي وتأخذون علي كلامي، أها الصلاة وجبت بعد إذنكما سألحق بالعشاء في جماعة.

ثم قفز سريعا من علي كرسيه وهرول سريعا بعيداً عنهما

وقف إسماعيل يتابعه ببسمة ساخرة

فأشار له سيد وتمتم ببرود:
_أجلس يا إسماعيل، أهبل.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي