الفصل الثاني

تركتهم وهبطت إلى والدها استلقت بجانبه السيارة مرددة دعاء السفر و حصنت نفسها، بعد فترة وصلت لجامعتها اطمئن والدها عليها ثم تركها وغادر إلى عمله، عدة ثواني مرات لترى صديقتها المقربة تأتي لها، صافحتها واحتضنتها ثم أكملا السير نحو مكان المحاضرة
رحمة : كيف حالك يا فتاة
حياة مبتسمة : أنا بخير الحمد لله، كيف حالك أنتى
رحمة : وأنا أيضاً بخير الحمد لله ثم تابعت بحب : ألم تحددا بعد موعد العرس أيتها الجميلة
نظرت لها بخجل فطري : ليس بعد صديقتي، فأنس و أبي من يحددان وليس أنا، بالطبع في الوقت المناسب سيخبرني أبي، بالإضافة أنني لم انهِ بعد ما أريده من ثياب وغير تلك الأمور، حين يجهز أبي بالطبع سيحدد الموعد
رحمة بحب : مبارك من الآن يا صغيرة، تستحقين حبه لكي بذاك الهوس
حياة : أتمنى أن تحظى بحلالكِ قريباً حبيبتي، وتبنيان سوياً منزل أحلامك
أجابت رحمة بحب : بإذن الله، أووه مجرد التخيل يجعلني سعيدة للغاية

أنس: أبي متى سنحدد موعد الزفاف، تأخرنا كثيراً
أجاب رأفت بإقتضاب :أي تأخير هذا لم يمضِ ستة أشهر حتى على خطبتكما، لننتظر قليلاً، أمامنا الوقت كثير، أليس كذلك أبي، لمَِ العجلة
صادق : ولكن من سيقرر أخي، في أي وقت يريده هو وليس نحن
فايزة : حينما ننتهي من جلب كل ما تحتاجه سيُحدد موعد زفافكما هكذا أخبرتني سهام
رحاب : أووه سيكون لدينا عرس كم هذا جميل
صادق : هذا مفرح أليس كذلك أماءت هي برأسها علامة الموافقة أردفت والدتها بسعادة : سيكون مفرح أكثر عندما يحين دورك و تتزوجين، عبست هي وجهها من مجرد سماع كلام والدتها. ضحك من يجلس لأنها في سباق مع والدتها فكل ليلة رجل متقدم لها وهي مازالت رافضة للفكرة
رحاب : أمي لن أتزوج الآن، انتهى الموضوع هنا
فايزة : اصمتي أنتى، بعدما يتزوج رأفت ستتزوجين أنتى إن شاء الله، أريد الإطمئنان عليكي ورؤيتك سعيدة
رحاب : أنا أسعد هنا بينكم فلمَ الزواج إذاً، كانت ستنهض لتضربها ولكن أمسكها صادق ضاحكاً : سنتناقش فيما بعد حول هذا الموضوع العنيد كصاحبته
بعد عدة أيام قضاها كل بطل من أبطالنا مع تقلبات الحياة دخلت هي بشوشة الوجه حجرة المكتب فكان هو ووالده يتحدثان في العمل ومشروعهم الهام خصوصاً و أنهم افتتحوا شركتهم الخاصة، فتتطلب منهم جهداً كبيراً للتنافس في سوق العمل ويكون لها مكانة أفضل، وضعت هي القهوة على المكتب ونظرت له بحب
حمزة بنبرة شك : وراء تلك الإبتسامة كارثة بالتأكيد ثم تابع وعيناه تضيق اتساع إبتسامتها أردف بتوجس. أهي عروس؟! أو شيء آخر
ضحك والده بينما أردفت هي : بالطبع عروس، جميلة وذات حسب ونسب أيضاً
أردف حمزة بعدم تصديق : بتلك السرعة أمي، لقد كنت أتحدث معكي قبل أمس فقط، ثم اني أخبرتك أنني سأفكر في موضوع الزواج وليس أن تجلبي لي عروس
تبدلت ملامحها للعبوس فأردف رفعت : بني أنت بالأخير ستتزوج لمَ لا تراها أولا
حمزة : أتمزح أبي، بالطبع لا، لا أريد الزواج
حزنت هي من حديثه و تركته وذهبت إلى غرفتها قلبها موجوع على رفضه للزواج فهي تريد رؤية أطفاله تريده سعيداً، مكوناً أسرته الصغيرة، ولكنه دائما رافض للفكرة حتى
نظر له والده بقلة حيلة : ماذا ستفعل الآن، لقد ذهبت حزينة، ماذا ستفعل
أجابه حمزة بحيره : لا أعلم أبي ولكني حقاً لا أريد الزواج
رفعت : لماذا ترفض الفكرة بني، الزواج حصن لك
حمزة : أبي جيلنا ليس كجيلكم، في السابق كان يوجد حياء للأنثى اليوم يوجد فقط تبجح حتى أمام عائلاتهم، لا يوجد احترام كالسابق ومعاملة سيئة تعاملها الفتاة لوالدتها، لا أريد لفتاة أن تقف و تلقى بكلمة مخزية إليك أو ترفع صوتها فأنت وأمي أهم ما في حياتي أنتما أولاً ثم أنا، وحتى الثياب أبي لم تعد محتشمة كالسابق، زمننا هذا فتنة لهم وليس لنا، لا أعلم كيف يتركون بناتهم يرتدين تلك الثياب الممزقة، أو تلك الثياب القصيرة تبين أقدامهم والأدهى أن هناك محجبات يفعلون ذلك أيضاً، فأين الدين من الأساس أبي
رفعت : أصابعك لا تتشابه حمزة، مثلما يوجد الشر يوجد الخير أيضاً
حمزة : حسناً، متفق مع ذلك ولكن لم أجد فعلياً ما أستحقها
رفعت : كما تريد بني لن أضغط عليك
تنتظر صديقتها في أحد الأماكن بالجامعة، عقلها يدور به العديد من الأحاديث مع أشخاص وهمية أو بينها وبين ذاتها، خطط سوداوية يحيكها عقلها، نفس غير سوية تريد التعاسة لمن حولها، نظرات كره للمارين بجوارها، أنفاس خبيثة تخرج مليئة بخداع كبير، ابتسامة تزيف لتحصل على ما تريد، أهي فقط هكذا أم هناك أشخاص من حولك مثلها فهم كالحرباء التي تتلون حسب طعامها و فريستها، كذلك روحك بلون و ثقتك بلون، طيبتك بلون وحسن أخلاقك بلون آخر، يتفننون في استخدام اللون المطابق للهدف المُدمر، فهم مرضى نفسين و أشخاص غير سويين.
نظرت إلى ساعتها بتأفف واضح من تأخر الأخرى عليها و تركها تجلس بمفردها يتأكلها الملل، جالت بنظرها هنا و هناك باحثة عنها أو عن أي موضوع لنميمة فيه عندما تأتي، لحظات ورأتها تأتي من بعيد تتهادي بخطواتها الرشيقة مع ثيابها الفاضحة فثوبها يكشف الكثير من جسدها، لما لا وهي إحدى فتيات المجتمع المخملي الراقي، اتجهت إليها وهي تهتف بتأفف : ألن ينتظر موضوعكِ لوقت لاحق، فالطقس شديد الحرارة هنا، لما لا تأتِ إلى منزلي لنتحدث براحة أكثر، فالطقس هنا لا يطاق كنظرات هؤلاء المتطفلين
سارة بلامبالاة : هم هكذا دوماً ما الجديد، هيا لنذهب لمنزلك، كي لا أتأخر على موعد ذهابي للمنزل
صافي : إذا هيا إلى السيارة كي لا تعودي متأخرة
رأفت : مازال الوقت مبكراً يا صديقي على تنفيذ خطة لإيقاف العرس
نادر متسائلاً : وهل لديك أفكار لها، إن حدث و حُدد الزواج في وقت غير متوقع
رأفت : أمم ليس بعد ولكن هناك بالطبع أفكر، ماذا لو أتت الشرطة لتعتقل أنس في قضية مخدرات أو تعديه على فتاة ما أو أي شيء من هذا القبيل وقتها أبي لن يركض وراءه و إنما سينتبه لابنة أخيه و الفضيحة التي ستكون بها و وأنها ستكون نذير شؤم لمن يتزوج بها، حينها بالطبع سيعرض عليّ الزواج بها فلا أحد بالعائلة غيري دون زواج
نادر رافعا يده يصفق بحرارة : كم عقلك خبيث يا صديقي، ولكن هل من الممكن أن تفعل هذا بشقيقك بالفعل أم مجرد حديث و ترهات وقت غضب لا أكثر
رأفت : بالطبع أستطيع، لن أسمح لأحد أن يأخذ مني ما هو لي أو ما أعجبني حتى لو كان هذا الشخص أبي
نادر : أريد رؤية تلك الفاتنة التي تجعل شقيق يفكر في سجن شقيقه من أجلها ثم تابع بإثارة مقززة وهو يضغط شفناه السفلي بأسنانه بالطبع ستكون جامحة، أتمنى قضاء ليلة بأحضانها ستكون مثيرة
هب الآخر من فوق مقعده يتمسك بقميصه يهتف بغضب : إياك والتفكير بها، أخي لم يفعل ما قلته أنت و أخطط لسجنه، هل تريد أن تلقى نفس حتفه،. لا مشكلة لدى
نظر له الآخر بتوتر واضح من عيناه الحمراء و عروق يده البارزة و تنفسه السريع : كنت أمازحك يا رجل لما كل هذا الغضب
رأفت وهو يتركه بغضب : لا مزاح في هذا الموضوع، فهي خط أحمر بالنسبة لي، إياك و تكرار ما قلته الآن، سيكون مصيرك معروف بالنسبة لك
نظر لها بوعيد وعيناه تطلق شراراً من شدة إحمرارها، نظرت هي بتوتر تجاهه تلعثمت في حديثها فنظر لها الآخر باستفهام مقطب الجبين : عذراً ريناد لم أفهم شيء، ماذا قلتِ
نظرات له بتوتر واضح حاولت إخفاءه : لا شيء هاني، أخبرني أتريد شيئاً آخر..... نظر لها ثم تابع : لا شكراً لكي، أجهدتُكِ معي كثيراً، نظرت له ثم : لا عليك هاني ف الأصدقاء لبعضهم البعض ابتسم لها بهدوء ثم نظر تجاهه و عاود النظر لها : آسف. إذا فعلت مشكلة ما، نظرت له بتوتر : إطلاقاً هاني لا يوجد شيء. شكرها مجدداً ثم رحل عنها
نظرت هي بإتجاهه كان يقف مع إحدى الفتيات يمزح معها ويضحكان سوياً. ريناد في نفسها : كم أنت غبي تريد إثارة غيرتي. نظر لها ثم أشاح ببصره بسرعة تابعت هي السير باتجاههم ثم تحدثت: صباح الخير يا رفاق.. ردا التحية ثم استأذنت من تقف معه ورحلت. وقف مقابلته ثم تحدث بحزم : لماذا تقفي معه، وماذا كان يريد منكِ، أضايقكِ بشيء
قاطعته هي : خد أنفاسك يااااه، ما كل تلك الأسئلة.
نظر لها بغضب واضح : هيا أريد إجابة على تلك الأسئلة، وفوراً
ريناد بقلة حيلة : أولا هو من جاء إليّ. ثانياً كان يريد شرح جزءاً ما لم يفهمه، ثالثاً لم يفعل شيئاً وقح لي فهو في قمة الأدب
محمد : وماذا بعد، اكتبي قصيدة في أخلاقه
ريناد بتأفف : لم يحدث شيء لكل هذا محمد، ماذا دهاك، ثم ماذا كنت تفعل منذ قليل، تقف مع تلك و تبتسم مع أخرى
قاطعها بغضب : أنا أفعل اي شيء، لكن أنتى لا
ريناد : ماذا! تفعل كل شيء وهل هذا حبك لي، من يحب لا يرى غيرها
محمد : ومن قال لا أحبك
ريناد ببرود :أفعالك محمد من توضح ذلك، أفعالك، ثم تركته وذهبت

أنس : حياة هيا أنتى وهي، مازلت مشغولاً و أنتما كالسلحفاة في المشي
رحاب : لن أتحمل السير بسرعتك تلك، فظهري انحني من تلك الأشياء التي أحملها
حياة : لنجلس قليلاً أنس، لقد تعبنا و أنت تسبقنا بالشارع
أنس : ها أنا ذا أنسة حياة أين ذلك الشارع إذاً، ثم إن لدى عمل أقوم به، لست مثلكن
حياة بقلة حيلة : هيا رحاب تحاملي عليّ، لم يتبقِ سوى قليلاً و نصل للبيت
أنس : إذاً هيا ثم تابع بسخرية وماذا سيأتي من وراء الفتيات غير التعب و المشقة
رحاب يهمس : ما بك يا فتاة أراكِ متجهمة الوجه
حياة : أسلوب شقيقك غير لائق بالمرة، حتى أنه يسبقنا في السير
رحاب : لأنني أسير معاكِ. هزت رأسها بالرفض : فعلها مرات عديدة ونحن بمفردنا كيف أثق به وهو يسبقني بخطوة في الطريق أين أماني في تلك اللحظة، مرة كنت سأصاب بحادث لولا يد شاب أمسكني و دفعني للخلف
رحاب : لا تهولِ الموضوع حياة، فمن الممكن أن يكون مشغولاً
نظرت لها تستشف الصدق من حديثها ثم تركتها وذهبت إلى منزلها، لم يكلف نفسه حتى بإلقاء التحية عليها ولم ينظر لها أيضاً
حياة : أمي أين أنتى، تعالى صوتها قليلاً أمي
سهام : كفى عن الصراخ يا فتاة ها أنا هنا
حياة : انظري ماذا جلبنا، الكثير و الكثير من الأشياء، لقد تعبت كثيراً أنا و رحاب
سهام : مبارك لكي صغيرتي، لما لم يأت أنس لتناول الطعام معاكي و أيضاً رحاب
حياة : مشغول أمي لديه عمل كثير، صعد ليبدل ثيابه و يذهب مرة أخرى، صمتت قليلاً تتلاعب بأظافرها نظرت لها سهام منتظرة منها أن تتحدث، رفعت بصرها وجدت والدتها تنظر إليها بتمعن،: ما بكِ صغيرتي، أيوجد خطب ما بكِ أخبريني
حياة بحزن : لا أعلم أمي ف أنس تعامله تبدل معي، يتحدث ببرود، يرفض أي موضوع دون مناقشة حتى، خائفة من أن يكون حبه لي تبدل لحب اعتياد أمي
سهام : ربما يكون مشغول حبيبتي، لا عليكِ، عاتبيه برفق بينكِ و بينه، اعلمي ما مشكلته و أصلحيها معه
دلفت لغرفتها حزينة على ما آلت إليه علاقتهما جلست فوق فراشها و عادت برأسها للخلف
Flash Back
كانوا يتسامرون فوق المنزل في مكانهم المخصص، يتناقشون في عش الزوجية خاصتهم يتفق معاها في أشياء ويختلف في أخرى وهي كذلك، كم كانت تحب رؤية عيناه تشع بحبها و تترجمه كلماته لها، وحينما ينظر إليها فيدق قلبها معلناً عن ملكِه، ثم تغيرت ملامحها للحزن لتذكرها شكوكه لها حينما رسالها رقم غريب في إحدى التطبيقات ولأنها تعتبره أمانها وسندها أعطته رقم هاتف هذا الشخص، ثواني وكان هو يهاتفها مرة أخرى يصرخ بوجهها من أين تعرف هذا الشخص أخبرته أنها لا تعرف من يكون، ليكون رده عليها بأنها تكذب وتتلاعب به ظل يصرخ عليها وهي تخبره بأنها لا تعلم عن ماذا يتحدث، أغلق بوجهها فعاودت الإتصال به مرة أخرى ولكن بعد فترة ما ليهدأ ولا يتفاقم الموضوع، حدثته بهدوء وشرحت له بأن اسمها يظهر في صفحتها الشخصية كوصف لمالك الرقم. حلت الموضوع وعادت علاقتهما كما كانت ولكن مزعزعة من ناحيتها كيف لا يثق بها ووثق في شخص غريب عنهما لمجرد أنه قال له يعرفها ويعرف من تكون، وأيضاً كيف يقول أنها تتلاعب به، تلاشت تلك المواضيع خرجت منها تنهيدة قوية لتخرجها إلى الواقع. قامت من جلستها واتجهت إلى موضع صلاتها لتخبره بكل ما تحمله بصدرها فهو أحن عليها من أمها ، أقرب إليها من وريدها. خشعت في صلاتها وجاشت لله بما في قلبها بتأني وكأن لديها كل وقت العالم، أفرغت عقلها بما يدور فيه من تخبطات و دعت ليربط على قلبها من الفزع والخوف وكل شعور سيء متملك بقلبها، لعل روحها تهدأ ولو قليلاً من هذا الصراع
بينما هي تصارع بين قلبها وعقلها، كانت شياطين من حولها تخطط لتدميرها، تلك النفوس الضعيفة بلا إيمان، يدور كل فرد منهم حول سعادته ولو كانت على حساب الآخر، يسمونه حب، ولكن لم تلح في عقلهم انها أنانية مفرطة، وربما سوء تربية ، لخلق عالم مشوه من أمثالهم ويزاد بكثرة قلماقل الدينوالتربية
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي