الفصل الثاني

استيقظت منهكةً من التعب على صوت أذان الفجر، فتحتُ عينيّ رويداً رويداً، مازال الظلام حالك، أطفالي نائمون.
قمتُ لأتوضأ من أجل صلاة الفجر، اشعلت ضوءً خفيفاً، كان الخوف يتسلل إلى داخلي وعقلي وقلبي يتساءلان أين زوجي!
توضأتُ وألقيتُ سجادتي لكي أقف بين يدي الله عزّ وجل متضرعةً، هاربةً من تعب الحياة، أشكوا إلى ربي همّي، أشكوا إلى ربي ضعف حيلتي وضعف تفكيري وجسدي.
أسجد أكلم الله خالقي الذي لا يردني خائبةً مطلقاً: يا الله إنني وحيدة، لا أملك إلاّ نفسي، اجبر كسرتي وكسرة أطفالي.
بدأت الدموع تسيل على وجنتاي، أتكلم إلى ربي بقلب منكسرٍ خاضعٍ لقضاء الله.
انتهيت من صلاتي، بدأتُ بقراءة أذكار الصباح وإذ بصوت محمد استيقظ باكياً مذعوراً أظنه أنه قد رأى مناماً مرعباً.
قالت الأم بصوت مليئ بالحنية: لا تخف يا حبيبي، أنا بجانبك، أنت في أمان داخل أحضاني.
استيقظنا جميعاً، وبدأنا الغوص في مجريات الحياة، أمي تحضّر الفطور، أحمد يلاعب أخي محمد أمام نافذة غرفة الجلوس ويرى الأطفال يلهون ويلعبون سويةً، فقد رأى ابنة جارتنا رغد تلعب معهم خارجاً.

ضحكات الأطفال الذين يلعبون أمام منزلنا تتسلل أصواتها إلى داخل أرجاء الغرفة، بدأ الأمل يزور بيتنا من جديد، بدأت الحياة تبتسم في وجهنا قليلاً.
لكن مازال هناك في قلوبنا غصة كبيرة، غياب أبي قد أوجع قلوبنا جميعاً.

انتهت أمي من تحضير الفطور، يا الله كم هي مائدةٌ لذيذة، كل شيء تفعله أمي يكون له طعماً مختلفاً، إنها تحضّر كل شيء بحب، ما تفعله من أجلنا لا يقدر بثمن مطلقاً.
ونحن نأكل الطعام طلب أخي من أمي أن يخرج إلى حديقة المنزل ليلعب مع الأطفال، قال لها بصوت يطغى عليه الحزن الشديد والاستياء أود اللعب مع رغد كي نتعرف عليها، ليتنا نملك أصدقاء هنا.
وافقت أمي ولم ترفض طلب أخي محمد، فهي تشعر بنا كيف أننا وحيدين هنا، لا نملك أهلاً، ولا أباً، ولا حتى أقرباء.
ركضنا متحمسين للعب والاستمتاع، وأخيراً سيكون عندنا أصدقاء، لن نبقى وحيدين بعد اليوم سنمرح، ونلعب، سنطير من الفرح، ولن ندع أي شيء يعكرُ علينا مزاجنا.
ارتدينا ثيابنا وخرجنا للعب، أوصتنا أمي بأن ننتبه على بعضا البعض، وأن نحمي بعضنا إذا حصل لأحد منّا مكروه.
الجو جميل في الخارج، فقد كانت الأشجار خضراء، وصوت العصافير تغرّد أصواتاً مختلفة الألحان، تلك السماء الصافية، والشمس ذات اللون الذهبيّ التي تعكس أشعتها على كل بقعة فيها ، ومع كل هذا الجمال لم نرى سوى الدمار الذي كان على الجهة الأخرى.
فقد كان هناك بقايا دمار، بناء مقصوف ومهدوم فوق رأس أصحابه، ترى الطوابق فوق بعضها البعض، مهدّمة، كيف وأنها مليئةً بالجثث.
أتساءل كيف كان شعور أصحاب هذه المنازل، أتراهم مازالوا على قيد الحياةّ! أم أنهم تركوا منزلهم خوفاً من الموت وهرباً منه!
أمي كانت تنظر إلينا من نافذة غرفة الجلوس فهي تَطلُ على الحديقة أمام المنزل.
لقد رأيت في عينيها نظرات الحزن، عيونها تتكلم وتعبر عن كمية الحزن الذي يسكن قلبها، أمي تُلوحُ بيدها إلينا، وتبتسم في وجوهنا فرحةً لنا.

ولجنا بيتنا بعد ساعات لعب قضينا فيها أجمل الأوقات.
كانت أمي تجهز لنا الغذاء، يا إلهي رائحة طعام لا تقاوم، أمي كم أنت رائعة، لقد أفنت عمرها من أجلنا.
ونحن نأكل الطعام أخذتنا الأحاديث الجميلة، وأصبحت الضحكات تعلوا وتتزايد في أرجاء منزلنا.
كان الفرح قد بدأ بالتسلل إلى داخل قلوبنا، فمهما عاش الإنسان في تعب وهم وحزن فإنه سوف يتأقلم ويستسلم وسيحاول أن يسعد نفسه بنفسه.
كنا جميعنا يداً واحدة نساعد أمي في المنزل نهتم بأخي الصغير فما زالت كلمات أبي ترن في أذهاننا " تبقى العائلة حين لا يبقى أحد حولك "
فجميعنا كأننا شخص واحد نتشارك الجوع قبل الشبع، والفشل قبل النجاح.
بدأنا نسمع أصوات قصف وقذائف تهبط بجانبنا، شعرنا بالخوف الشديد، أمٌ حيدة مع ثلاثة أطفال في بيت واحد، هذا شيء مريع للغاية.
كل واحد منا جالس على حدا، أظن أننا نفكر في المستقبل، أو أننا نتذكر اللحظات السعيدة التي طالما عشناها سوية، نتذكر بيت جدي ولمة العائلة، نتذكر أصدقاء المدرسة، نتذكر سهرة الليالي الباردة أمام المدفأة.

وإذ فجأة انقطعت كل هذه الأفكار بأحد يطرق بابنا، نظرنا بأعين بعضنا، يا تُرى من سيكون!
وقفت أمي أمام الباب وصاحت: من في الباب!
صوت رجل خلف الباب يقول: أنا فلان صديق أبو أحمد أودُ أن أخبركم أنه بخير وسيصل قريباً إليكم، إذا كنتم تحتاجون أي شيء لا تتردوا في إخباري، سأساعدكم بيتي قريب من بيتكم، لا تترددوا في طلب أي شيء.
لمعت أعيننا جميعاً من الفرحة، أمي تذرف الدموع، نحمد الله ألف مرة أنه بخير وسيعود لنا في القريب العاجل.

وبعد عدة ساعات اتصلت بنا غفران كي نقضي بعض الأوقات سوية ونتعرف على أختها وأمها، وافقت أمي ولم تتردد فقد كانت تحتاج إلى أصدقاء وأن تقضي بعض الوقت بعيداً عن الهم والتعب.
صعدنا إلى بيت غفران الذي كان فوق منزلنا بطابق واحد فقط.
ولجنا إلى بيتهم كان بيتهم فاخر الأثاث يتكون من خمسة غرف، فقد كانت عائلتهم كبيرة، بالإضافة إلى أخٍ متزوجٍ في بيتهم.
كان منزلهم أجمل من بيتنا المهترئ فقد كان يوجد عندهم مكتبة صغيرة مرسوم عليها العديد من الزخرفات الجميلة تحتوي على عدد من الكتب في شتى المجالات فقد كانت غفران شغوفةً ومحبةً للقراءة والكتابة، أما غرفة المعيشة فهي أوسع غرفة في البيت يوجد فيها أثاث فاخر ومريح وتلفاز كبير في صدر الغرفة.
كما أن مطبخهم كبير يحتوي على كل أدوات المطبخ الحديثة.
ذهبنا أنا وأخي أحمد لنلعب مع رغد، كنا في ذروة السعادة وقلبنا يرقص فرحاً.
ناهد فتاة جميلة طويلة القامة، شعرها أسود اللون، فقد كانت معتدلة القوام لا نقص فيها ولا زيادة قدّها كأنه غصن البان.
شعرها الأسود ينسدلُ فوق كتفيها، خفيفة رشيقة، لون العسل في عينيها.
أمّا أم غفران فقد كانت امرأة كبيرة فهي لا تخرج من منزلها إلاّ من حين لآخر، لها شعر قصير يخالط الشعر الأبيض والأسود، أعتقد أننها كانت في الستين من عمرها لأن وجهها محفور بالزمن وضرب الطقس، قد يبدو عليها أحياناً أن الحياة والشيخوخة قد تغلبان عليها، خاصة في عيشيها مع زوج حاد الطباع وقليل الدلال كما ذكرت لأمي.
وقد كانت أميّةٌ لا تجيد القراءة ولا الكتابة، أظنها لذلك هي مصرّة على تدريس ابنتيها غفران وناهد وحصولهما على الشهادة الجامعية، في تريد تحقيق أحلامها عن طريق أبنائها.
وعلى الرغم من أنها أميّةٌ لكن يبدو عليها من حديثها أن معرفتها واسعة.
شعرنا بالراحة في منزلهم، ولم نشعر كيف مضى الوقت بهذه السرعة، كانت أم غفران تطبخ " المحشي "، قامت أمي بمساعدتهم، وكان واضح عليهم أنهم أحبونا وأحبوا زيارتنا.
كان عندهم كنةً في البيت، إنها صغيرة في العمر لا تملك الأولاد، كان واضع عليها أنها مكسورة وحزينة.
سمعتها تتكلم مع أمي وغفران تشكوا همها كيف أن زوجها قاسي معها ولا يملك شيئاً من الحنية، وغير ذلك كله اكتشفت مؤخراً أنها لا تجنب الأطفال!
مشاعرها حطمت قلبي، صحيح أني كنت ألعب مع رغد وأخي لكن أذانيَ وتفكيري كله مندمجُ داخل كلامها.
تصف شعورها قائلةً لهم: تموتين في العمر مئةَ مرة لا أحد ينصت لاحتضارك، يخبئون أطفالهم عنكِ خشية الحسد والعين فتموتين، يرغموك على حملهم والمسح فوق رؤوسهم فتموتين، يعرضون على زوجك مشروع الزواج بامرأة أخرى فتموتين، يلقبونكِ بالمسكينة، يدثرون وجعك بعبارات الشفقة بالأسئلة التي لا معنى لها فتموتين.
هم لا يعملون عطشك لبكاء طفل، لسهرك معه ليلاً، أنا التي تركتُ جميع محلات بيع ملابس الأطفال، أنا المرأة التي كنت أتحسس بعيني بطون الأخريات، وأتحسرُ على نفسي.
لقد كان كلامها موجعاً لنا جميعاً، كيف لامرأة ألا تعيش شعور الأمومةِ ولا تحضن طفلها بيدها!
أما من ناحية رغد التي أصبحت صديقتنا، لقد كانت يتيمة وتعيش عند عمتها " التي تكون أم غفران "
كانت مدللة كثيراً لديهم فالكبير والصغير يطلب منها أن ترضى عليه، لكن وما أدراكم ماهي حياة اليتيم!
كل يوم تعيش مأساةً قبل نومها ولا بدَّ أن تتبلل وسادتها قبل أن تنام بدموع الشوق.
أبكي عندما أرى فتاة تمكس بيد والدتها في إحدى الشوارع، أبكي عندهما تناديها " يا ماما "
أبكي عندما أتخيل في يقظتي قبل نومي أنني أحضنها وأشم رائحتها، أتمنى أن أتأمل ملامحها لبرهة من الزمن، أبكي لعدم سماع صوتها، لكن للأسف الشديد ليس كل ما نحلم به أو نتمناه نحصل عليه.

أنا متأكدة أنّ ما حصل معي هو بلاء من الله، وعندي القناعة أنّ الله عزّ وجل لن يحرمني منها في الآخرة، حينها سيكون أجمل لقاءٍ لنا في أحسن مكان، لكن أعدكٍ يا أمي قبل لقائنا فـأنا سأحقق كل أحلامك التي كنت ستحلمين بها لو أنك كنت معي، فأحلامكِ هي أحلامي قولاً واحداً، رحيلك يا أمي علمني الصبر.
أنهت رغد حيثها وعيناها تفيض من الدموع، لقد كان كلامها محزناً كثيراً، وأثر بنا أنا وأخي أحمد، أصبحت أحمد الله على نعمة أمي وأبي فأنا في خير كثير غيري يبكي عليه.
بعد زيارتنا الطويلة عندهم فقد تأخر الوقت ولم نشعر في ذلك، استأذنت أمي من غفران وأهلها لذهاب إلى البيت.
ولجنا إلى بيتنا وكان النعاس قد غلب علينا جميعاً، فقد أمضينا وقتاً طويلاً عندهم.
استسلمنا للنوم واستلقينا جمعياً في غرفة أبي وأمي ونمنا بجانبها أنا وأخوتي في حضن أمي ننام نوماً عميقاً فلا نشعر إلاّ بالحنان والحب وننسى كل مخاوف الحياة.
ناموا الأولاد جميعهم وبقيت أم أحمد لم يغلب عليها النعاس، فهي تفكر وتشتاق، وتندم، وتشعر بالأسى والحزن على أيامها التي تمر خاليةً من الفرح.
هل ستعود يا زوجي!
هل ستعودُ حياتنا كما كانت سابقاً!
وهي تفكر وتغوص في ذكرياتها وأفكارها غطت في نوم عميق بدون سابق إنذار.

في منتصف الليل حوالي الساعة الثالثة قبل الفجر تستيقظ أم أحمد على صوت طرق باب المنزل، يرتعد قلبها خوفاً، يا تُرى من في الباب؟
من سيطرق الباب علينا في منتصف الليل!
نهضت من سريريها، تمشي نحو الباب وقلبها ينبضُ بسرعة رهيبة.
وقفت أمام الباب وصاحت بصوت يرجف من الخوف: من في الباب؟
وإذ بصوت زوجها، ظنت أنها تخيلت ولم تتمالك أعصابها، هل أتخيل صوته!
يا إلهي هل جُننت!
مرةً أخرى من في الباب؟
صوت زوجها ثانيةً فتحت الباب وإذ بزوجها واقفٌ خلفه، لم تستطيع تمالك نفسها حضنته بكل ما أوتيت من قوة، نظرت بعينيه نظرات شوق وحب، اشتقتُ لكَ كثيراً، وهي تبكي وتضمه إلى داخل أعماقه بقوة شديدة.
تمسكُ رأسه بيديها وتتحسس لحيته بيديها الناعمتين، تتحسس عيناه، يا الله كم اشتاق لك، كم اشتاقُ إلى ملمس يديك على جسدي، كم اشتاق إلى سندٍ يقف معي ويساندني في عتمة الحياة.
أخذَ يُقبلُ يديها، أنا آسف حبيبتي كان ذلك رغماً عني فقد انفطر قلبي على غيابكم، لم استطع النوم يوماً واحداً وأنا بعيدٌ عن حضنك الدافئ.
دخلا على غرفة الجلوس وما زالت أم أحمد تبكي وتذرف الدموع لم تصدق أنها رأته مجدداً.
ظننتُ أني سأظلُ وحيدةً بقيت حياتي، شعرتُ أنني بحاجة شديدةٍ إلى حنانك، بحاجةٍ إلى عطفك عليّ.
في عتمة الليل ووحشته أفتقدُ لمسات يديك، أفتقدُ حضنك الذي يضمني، تركتني وحيدةً، لا أحدَ يقفُ بجانبي ويهوّنُ عليّ متاعب الحياة القاسية، أرجوك لا تتركني وحيدةً مجدداً، لا أقوى على فراقك مطلقاً.
حضنها بقوةٍ وهو يهون عليها ويخفف عنها حتى هدأت في حضنه الدافئ وغطت في نوم عميق.
وفي الصباح الباكر استيقظوا وداع وأحمد ومحمد ولم يجدوا أمهم بجانبهم، نظروا لبعضهم البعض نظرات تعجب واستغراب!
أين ذهبت أمي؟
نظروا في غرفة الجلوس وإذ بهم يرون أباهم وأمهم نائمين.
ركضوا واحتضنوا أباهم وقلبهم يرقص رقصاً فرحاً لعودة أباهم سالماً.
استيقظا كل من ءئأم أحمد وأبو أحمد واحتضنوا أطفالهم، عاشوا لحظات سعيدة فرحين بعودة أباهم بخير.
كان أجمل يوم في حياتهم منذ خروجهم من بيتهم إلى الآن، قاموا ليجهزوا الفطور سويةً، فقد كانت وداع " تفرم السلطة" أمّا أبو أحمد فقد كان يحضر " إبريق الشاي " أمّا أم أحمد فقد كانت تجهز بقية الطعام، وأحمد ومحمد يلعبون ويمرحون.
جلسوا جميعاً على مائدة الإفطار كانوا يأكلون بحب والبسمة تغمر وجوههم، فرحين بلم شمل العائلة جميعها.
فقد مضى وقت طويل على عدم اجتماع العائلة على سفرة طعام واحدة.

فسرعان ما عاد الأمل إلى حياتنا، وعدنا أفضل مما كنا عليه، السعادة تغمرنا كل شيء على ما يرام.
عدنا للنوم ليلاً مطمئنين، لم نعد نخاف إذا طُرقَ البابُ ليلاً، عادت حياتنا إلى طبيعتها.
وبعد عدة أيام قال أبي لي أ وأخي أن نستعد لكي نذهب ونسجل أسماءنا في المدرسة القريبة من بيتنا.
يا إلهي سنعود للذهاب إلى المدرسة، سنشتري الدفار والأقلام، سيكون عندنا أصدقاء، أنا ممتنةٌ جداً، أظن أن الحياة بدأت تبتسم لنا من جديد لكي نعود إلى حياتنا الطبيعة.
في اليوم التالي، استيقظ جميع أفراد العائلة مبكراً، تناولنا فطورنا، وأخذنا أبي لكي نذهب إلى المدرسة.
ركبنا في السيارة والحماس يسيطر علينا، لا نعلم من هم الأساتذة؟
كيف شكل المدرسة!
لقد كنتُ أنا في الصف السابع الإعداديّ، أما أخي كان في الصف الخامس.
لقد كان مدير هذه المدرسة التي تقع قريبةً من منزلنا هو صديق أبي، وقضينا أول يوم لنا في المدرسة.
كانت المدرسة عبارة عن مبنى ضخمٍ، تضم صفوفاً حجمها متناسبٌ نوعاً ما، جدرانها مزينة بالرسوم الدراسية لكنها تكادُ تظهرُ لنا فهي قديمة ولا يوجد سوى آثارها الخفيفة، كانت ساحة المدرسة واسعةٌ، ويوجد فيها حديقةٌ صغيرة، ويقف على بابها الكبير حارس يحميها.
وهكذا مضت الأيام كنا نحفظ القرآن ونتعلم بحب وبحماس ونذهب إلى المدرسة، وفجأةً في يومٍ من الأيام بدأ القصف يزادُ على منطقتنا، أصبح الخطر محاطٌ بنا من كل مكان، أصبحنا لا ننام الليل، الموت يلاحقنا ويركض خلفنا.
لكن ما زلت مصرّة على الذهاب إلى المدرسة، ولن يقف شيء في وجه العلم، كنت استيقظ يومياً وأذهب صباحاً مع أصوات القصف والبراميل التي تهبط فوقنا كهطول المطر.
لكن كان هناك يومٌ فاصل فقد حدث شيء لم يكن بالحسبان، فقد هُدمت المدرسة!
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي