لن أكون مثلها

Dalia Said`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2022-10-20ضع على الرف
  • 58K

    جارِ التحديث(كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

الفصل الأول

الفصل الأول

وقف ينظر للمنزل البسيط، لم يتغير أى شئ، ألوان الجدران الباهتة وصوت العصافير المحلقة فى السماء الصافية، البائع المتجول وهو يهتف لجذب الانتباه له وشراء بضاعته ويلتف حوله بعض الأشخاص منهم من يتفحص ما يعرض وآخرون بصحبتهم.

النساء الواقفات يتسامرون مع بعضهن البعض ويتدخلون فى شئون الجميع وإصدار الأحكام على الآخرين، أطفال صغار يمرحون سويا وملابسهم متسخة ولكن تتميز ملامح وجوههم بالبراءة والسعادة ورجل عجوز جالس أمام منزله يتأمل مستندا على المسند الموجود بالأريكة الخشبية المتهالكة وبجانبه كوب من المشروب الساخن، كل شئ بالخارج كما هو كأن الطبيعة تتحدث وتقول أنا كما أنا ولكن النفوس هى التى تختلف.

فتح باب المنزل الذى أصدر صريرا عاليا يدل على مرور السنوات، وبدأ فى الصعود إلى الأعلى ببطء على السلم المتهالك، ممسكا بيده طفلته الصغيرة ومع كل خطوة كانت أحداث الماضى تمر أمامه ببطء وهو يلعن غبائه ألف مرة على إختياره لها، أحس بألم قلبه الذى لم يستطع السيطرة عليه وبدون وعى شدد على يدها فأفاق من شروده على تذمر إبنته الوحيدة وحديثها الموجه له تزامنا مع  محاولتها الضعيفة لتخليص يدها منه:

فرح : انتظر أبى، لقد ألمتنى يدى بشدة.

فتحى: أعتذر صغيرتى، لم أكن أقصد إيذائك، لاتحزنى.

ابتسمت له فرح ببراءة ووضحت غمازات وجهها ، فإنقلبت ملامح وجهه للضيق فهى تشبهها كثيرا وتذكره بها، فسحبها للأعلى سريعا ولم يبالي بألمها وصغر سنها وما أن وصلا وفتح الباب تركها واتجه إلى إحدى الغرف يجلس بها وأغلق باب الغرفة بقوة، أما هى فظلت مكانها تنظر لأرجاء المنزل الذى تراه لأول مرة باستغراب، اقتربت من إحدى الارائك تجلس عليها بهدوء وتلعب بلعبتها التى تحملها حتى غلبها النوم واستسلمت له بهدوء.

رفع بصره ونظر إلى البرواز الموضوع بجانب السرير، حمله وتأمل صورتها وبسمتها التى طالما عشقها وكانت تسعده، تحدث معها وكأنها تقف أمامه

فتحى: لما فعلت ذلك؟، كيف لم أستطع أن اكتشف حقيقتك القذرة وخداعك لى بهذا الشكل؟، هل كنت أنا مجرد لعبة فى يديك تستغليها فقط لتحقيق مرادك؟، حتى صغيرتك لم ترحميها وتخليتى عنها بمنتهى السهولة، ليتنى لم أستمع إلى كلامك ولم أضحى بالحياة السعيدة التى جمعتنا هنا لإرضائك وتنفيذ رغبتك.

رجوع للماضى

فتحى:  كفى لقد مللت من هذا الحديث الذى اسمعه يوميا منك، انا لم أعد أفهمك، لما كل هذا الإصرار على الرحيل من هنا والعودة إلى القاهرة مرة أخرى.

منى: أنا التى لا تفهم تمسكك بالمكوث هنا وعدم رغبتك فى السفر، أنظر لحال أخيك فهو منذ سنوات يقيم بالقاهرة ولديه تجارته وأحواله مستقرة.

فتحى: ماذا عن عملى هنا وأرضى التى أتولى رعايتها؟، ألم يكن طلبك فى البداية هو الابتعاد عن الحياة الصاخبة المزدحمة وكل المشاكل التى عانيتى منها هناك، لماذا غيرتى رأيك وتريدين العودة الآن؟.

منى: الحياة هنا مملة للغاية وأصبحت روتينية لا جديد فيها، يمكنك أن توكل رعاية الأرض إلى أحد العاملين بها وتأتى على فترات تتابع العمل ونستقر نحن هناك.

فتحى:  حسنا أعطنى مهلة لبعض الوقت، سأفكر بالأمر وأتحدث مع أخى فريد لمشاورته فى هذا الأمر وليفعل الله ما يريد.

قررت أن تستخدم أسلحتها الأنثوية للضغط عليه وجعله يخضع ويستسلم لرغبتها، فتقدمت منه بدلال وأحاطت عنقه بيدها وبدأت تتحدث بهمس بجانب أذنه وهى تقبل وجنته بين الكلمة والأخرى.

منى: أرجوك حبيبى، أطلب من أخيك أن يبحث لنا على منزل قريب منه وننتقل إلى هناك فى أقرب وقت، إذا لم يكن من أجلى فليكن من أجل ذلك الصغير الذى ينمو فى أحشائى، الوضع هناك بالتأكيد سيكون أفضل له وستتوفر جميع الإمكانيات لتعليمه مقارنة بالوضع السيئ هنا.

فتحى: حسنا عزيزتي سأوافق لأجلك ولأجل صغيرنا القادم، ولكن بشرط عليك أن تعدينى ألا تتواصلى مع الأشخاص الذين كنتى تعملى معهم بالسابق ولا حتى يعرفون بخبر عودتك.

منى: إطمئن حبيبى، لقد قطعت علاقتى بهم جميعا منذ زواجنا ولم أتواصل مع أى منهم حتى أقاربى وقريبا سأصبح أم وكل وقتى وحياتى ستكون ملكا لك أنت وصغيرى فقط.

فتحى:  من أجل عيونك الجميلة غدا سأتحدث مع أخى فريد ليبحث لنا عن مكان مناسب وسنتتقل إلى هناك فى القريب العاجل.

عودة للحاضر

فتحى: ليتنى رفضت ولم أستمع إلى حديثك وأوافق عليه وأترك أرضى وعملى هنا، هدمت بيتى بيدى دون أن أشعر، أعطيتهم الفرصة للتدخل فى حياتنا وتدميرها بكل سهولة،حسبى الله ونعم الوكيل.

ألقى بالبرواز أرضاً بقوة فتهشم إلى قطع صغيرة، فتناول صورتها من بين الزجاج ومزقها إلى قطع صغيرة ودهسها برجله، تمنى لو أنها هى وأمكنه تحطيم عنقها كما فعلت وحطمت رجولته.

خرج ليبحث عن إبنته الصغيرة، وجدها نائمة كما هى، حملها ووضعها بالسرير بغرفة أخرى ودثرها جيدا بالغطاء وإتجه لغرفته مرة أخرى يجمع بقايا الزجاج وأثناء ذلك قاطعه رنين هاتفه، نظر لشاشته المضيئة وجد أن المتصل هو أخوه الذى كان يلومه على ما فعله

فريد: لم تستمع إلى كلامى ورحلت أنت وفرح دون أن تبلغنى قبل سفرك.

فتحى: سامحنى أخى، لا استطيع البقاء هناك أكثر من ذلك أخى، أشعر بالاختناق بين جدران هذا المنزل و خيالها يحاوطنى فى كل ركن منه، سأصاب بالجنون إذا بقيت أكثر من ذلك.

فريد: حفظك الله يا أخى ولكن ماذا عن فرح، هى مازالت صغيرة وتحتاج إلى رعاية لن تستطيع وحدك توفير لها ما تحتاجه وستكون عبء كبير على عاتقك ولكن هنا زوجتى ستقوم برعايتها مع أولادى.

فتحى: إبنتى يجب أن تبتعد عن هذا المكان، سيتم تربيتها هنا لن أتركها تعيش هناك وتصبح فى يوم من الأيام مثلها، يكفينى أن ملامحها تشبهها وتذكرنى بها كلما أنظر إليها.

فريد: حسنا كما تريد أخى، سأتركك يومين حتى تهدأ أعصابك ونتحدث مرة أخرى، ولكن حاول أن تفكر جيدا فى حديثك قبل أن تتخذ قرارا تندم عليه لاحقا.

اغلق الهاتف وهو حزين على الحال الذى وصل له أخيه وفوجئ بزوجته تقف خلفه وتستمع إلى المكالمة فنظر لها بتأفف وهو يتحدث بضيق:

فريد: لن تتغيرى أبدا، دعك من تلك التصرفات، إذا سألتينى كنت سأخبرك دون وقوفك هكذا والتجسس على حديثى معه.

غادة: لا تحاول تضليلى بهذا الحديث، هل ترجوه أن يعود هنا مرة أخرى وأن تحملنى رعاية ابنته أيضا، انا بالكاد أراعى أولادى ولن أتحمل مشقة تلبية متطلباتها وإحتياجاتها هى الأخرى.

فريد: الصغيرة تعتبر يتيمة ووحيدة، والدها لن يستطيع التصرف معها هى بحاجة إلى إمرأة مثلك، فأمها هى من كانت تخدمها وهو لا يعلم عن هذه الأمور.
 
غادة: لا عزيزى، إنها ليست يتيمة أمها ما زالت على قيد الحياة، كما أن والدها يستطيع الزواج من أخرى بسهولة وزوجته  تقوم بهذا الدور وتتولى رعايتها، لكن أنا لن أتحمل أخطاء والدتها.

فريد: وهل تظنين أنه سيستطيع الزواج بعد ما حدث مرة أخرى؟، فهو قد كره النساء جميعا حتى إبنته رغم إنها من دمه إلا أنى أشعر بكرهه لها لأنها ابنتها وتذكره بها.

غادة: يفعل ما يريد والقرار يعود إليه، هى كانت اختياره وتحدى الجميع من أجلها يجب عليه الآن تحمل عواقب إختياره الخاطئ، لقد تحملنا وقاحتها ولسانها السليط من أجله وفى النهاية اكتشفنا أنها لا تستحق.

فريد: كفى حديثا عنها، أخرجى إلى الأولاد فأصواتهم عالية ويبدو أنهم يتشاجرون مع بعضهم البعض.

تركته وخرجت لأولادها أما هو فعاد بذكرياته إلى ذلك اليوم الذى طلب من والدته السفر معه إلى القاهرة وذهبوا بصحبته لرؤية تلك المرأة التى يريد الزواج منها ويتحدث عنها ليلا ونهارا، أتخذ أخيه فى هذا اليوم قرارا، انقلبت حياته رأسا على عقب بسببه.

رجوع للماضى

حدد فتحى ميعاد لمقابلتهم وعندما وصلوا استقبلهم رجل من المفترض أنه خالها ولكن شكله غريب ويرتدى ملابس غير مناسبة لإستقبال ضيوف لأول مرة يلتقون به، كان يجلس بأريحية على الأريكة بلامبالاة ولم يظهر الإحترام لتلك العجوز التى تجلس أمامه بكل وقار.

تحدث عن إبنة أخته التى تقيم معه منذ وفاة والديها وانها تمثل مدخل الرزق له حيث أنها تجنى الكثير من الأموال فى عملها فى إحدى الكوافيرات النسائية.

بعد مرور بعض الوقت خرجت وهى تحمل بعض المشروبات وضعتها أمامهم بهدوء، كانت ترتدى فستان بسيط ولكنه أبرز منحنيات جسدها الرائعة فهى جميلة للغاية بل ساحرة تجذب الأنظار لها، تحدثوا قليلا وبعدها استأذنوا للإنصراف.

وصلوا إلى منزل فريد فهو قد تزوج فى القاهرة منذ فترة واستقر بها، اتجهت والدته لأحد الغرف لتبديل ملابسها، فجلس فتحى بجانب أخيه يتحدث معه عن هذا اللقاء:

فتحى: ما رأيك يا فريد، إنها جميلة ورائعة، لم أصادف فى جمالها طوال حياتى.

فريد: إنها جميلة حقا ولكنها غير مناسبة لك ومختلفة عنك تماما، ألم ترى طريقة حديثها وذلك المدعو خالها أيضا شكله غريب ومثير للشبهات، أشعر أنه يخفى حقيقته عنا.

فتحى: سأتزوجها هى وليس هو، ألم ترى كم هى جميلة وعيونها تشبه موج البحر، عندما أراها أشعر بالغرق فى بحور عيونها ولن ينقذنى من هذا الغرق سوا الزواج.

فريد: تعقل يا أخى، يبدو إنها تخدعك والتعامل معها لن يكون بالسهولة التى تتخيلها، لقد أخبرتنى أنها كانت تعمل  مع خالها وبالطبع اختلطت مع الكثير من الأشخاص الغريبة بحكم عملها وتستطيع بخبرتها خداعك والتحكم بك.

فتحى: لقد اتخذت قرارى ولن أتزوج غيرها، ولا تتحدث أمام امك عنها بهذا الشكل حتى لا ترفض، فأنا أشعر بأنه لم يعجبها هذا الرجل أيضاً.

توجهت إليهم والدتهم وهى تستند على عكازها فركض فتحى إليها ليساعدها على الجلوس ونظرت له وحدثته وهى تلومه:

الأم: هل جعلتنا  نأتى هنا بهذه السرعة من أجل هذه الفتاة؟، كنت اعتقد أن إختيارك سيكون أفضل من ذلك.

فتحى: ماذا بها يا أمى؟، إنها يتيمة وطيبة القلب وعانت الكثير فى حياتها، وإن شاء الله ستكون زوجة جيدة.

الأم:إنها مخادعة للغاية وتتلاعب بالكلمات والألفاظ، لن تكون زوجة صالحة لك، وأيضا تأثير ذلك الرجل عليها غريب وهو يتحدث بكل بجاحة ويخبرنا أنه يعيش بأموالها ومصدر رزقه هى ولا يستطيع الإستغناء عنها، يتبجح ويعترف إنها هى التى تطعمه، أى رجل هذا؟.

فتحى: لا عيب فى العمل مادام شريف، فهى طيبة القلب وهو استغل طيبتها وعانت بسببه كثيرا، ثم إننى مصر على الزواج منها ولن أتزوج غيرها.

الأم: حتى إذا لم أوافق على ذلك الزواج، هل ستتحدانى وتتزوجها ضد رغبتى.

فتحى: أرجوكى أمى وافقى على زواجى منها، لقد وعدتها فلا ترغمينى على عدم تنفيذ هذا الوعد، وقد إتفقت معها أنه بعد إتمام الزواج نسافر معك ونعيش فى بلدتنا ولن تعود إلى هنا مرة أخرى، وسترى بنفسك نها ستصبح زوجة جيدة ومخلصة، فقط أعطيها الفرصة للتقرب منك فهى تستحق عطفك عليها.

الأم: هل تحبها لهذه الدرجة يا ولدى؟.

فتحى: نعم أنا لن أخفى عليك أمى، لا أحبها فقط بل أعشقها ولا أتخيل غيرها زوجة لى.

الأم: حسنا سأجعلك تتزوجها، ولكن إعلم أنه لن يدفع ثمن إختيارك غيرك، وادعو الله ان يخيب ظنى وأن تكون زوجة صالحة.

فتحى: بارك الله لنا فيكى يا أمى، وأنا أعدك أنك ستدركين أنه اختيار موفق بمرور الأيام.

عودة للحاضر

تذكر والدته الراحلة، فقد تحدثت معه قبل وفاتها وأخبرته أن نهاية هذا الزواج مؤكدة وإنها تخشى على فتحى مما سيحدث له وقتها، وصته عليه وان يظل بجانبه فهى تعلم أنه مندفع ومتسرع فى تصرفاته وقد يتسبب فى الضرر لنفسه.

نظر أمامه وهو يتحدث مع نفسه بأنها كانت على حق وقد رحمها الله من حضور هذه الاحداث المزرية:

فريد : هل كنت ستستطيع مواجهة أمك الآن وإخبارها أنها كانت على حق عندما حذرتك من هذه الزيجة، كان معك كل الحق يا أمى رحمك الله.


بعد مرور بعض الوقت إستيقظت الصغيرة وذهبت للبحث عن والدها وجدته فى المطبخ يجهز لهم بعض الطعام، إقتربت منه بخطوات حذرة تخشى أن يكون مازال غاضبا منها، التفت لها عندما استمع إلى أصوات خطواتها قادمة إليه وتحدث إليها بحب وهو ينزل إلى مستواها ويملس على شعرها بحنان:

فتحى : إستيقظتى حبيبتى، هل نمتى جيدا؟.

فرح: أجل أبى، هل ما زلت غاضب؟.

فتحى: لا حبيبتي، أنا لست غاضب أنا سعيد، ولكن لماذا تظنينى غاضبا؟.

فرح : دائما تتحدث معى بإنفعال وتفقد أعصابك، وعندما وصلنا لهنا تركتنى وحيدة وخشيت أن أدخل لك.

فتحى : أنا اسف، لا تخافى حبيبتي، لن أتحدث إليك هكذا مرة أخرى، هل تريدين الطعام الآن؟.

فرح: أجل، أنا أشعر بالجوع للغاية، فلم أتناول الطعام منذ الصباح.

فتحى: حسنا لقد أعددت لك الكثير من الطعام اللذيذ هيا نتناوله بالخارج.

واتجها للخارج وبدأوا فى تناول الطعام وبعد مرور لحظات بدأت الصغيرة توجه حديثها له ببراءة:

فرح: أبى، لمن هذا المنزل؟.

فتحى: إنه لى ،كنت أعيش به مسبقا والآن سنعيش به أنا وانتى.

فرح: هل سنقيم هنا؟ ولن نعود إلى منزلنا مرة أخرى.

فتحى: أجل، سنعيش هنا بمفردنا، انظرى كم هو واسع للغاية وجميل.

فرح: لكنه ممتلئ بالأتربة ويحتاج إلى تنظيف حتى يمكننا العيش به.

فتحى:  أعلم ذلك حبيبتي، لا تقلقى، غدا سأحضر من يقوم بتنظيفه وجعله مناسب لأميرتى الصغيرة.

فرح: وماما ألن تأتى هى أيضا لتعيش معنا هنا؟.

فتحى : لا، لن تأتى و لن نراها مرة أخرى أبدا.

فرح: لماذا أبى؟!، هل لأنها لا تحب هذا المنزل؟، من الممكن أن نعود إلى منزلنا القديم ونقيم هناك، هل هى مازالت غاضبة منك لما فعلته بها؟.
 
ضرب المنضدة بقوة جعلت الأطباق تهتز، وتحدث بصراخ وهو يقف ويقترب منها ويمسكها من ذراعيها يهزها بعنف:

فتحى: اصمتى، من الآن تنسيها و لا تتحدثى عنها أبدا أو تذكريها أمامى مرة أخرى، حتى إسمها لا تنطقى حروفه على لسانك، أتفهمين؟.

اومأت له والدموع تنهمر من عينيها، ظل ينظر لملامحها وشرد قليلا، لها نفس نظرتها وتبكى مثلها، تذكر عندما كانت تريد تنفيذ شئ، تقف أمامه هكذا تنتحب وتبكى وكان بالنهاية يخضع لها ولا يقدر على تحمل بكاءها.

فاق من شروده على صوت شهقات إبنته دفعها للخلف وأمرها بالذهاب للداخل مشيرا إلى إحدى الغرف، فركضت خوفا منه وأخذت لعبتها الصغيرة تضمها إليها وتبكى على السرير.

فى الخارج جلس بوجع على المقعد مرة أخرى، تمنى لو انها لم تكن تشبهها إلى هذا الحد، إذا كانت وهى صغيرة تذكره بها هكذا، ماذا سيفعل بعد ذلك؟، هل من الممكن أن تصبح مثلها؟، ولما لا؟، أليست ابنتها وتحمل نفس الجينات، ولكن لا لن يدعها تصبح مثلها سيضيق عليها الخناق ويشدد فى تربيتها، يحبها لأنها ابنته ولكن بداخله يكره كونها ابنتها فهو كرهها وكره كل النساء.

ماذا يفعل؟، ماذا يخبئ له القادم؟!، سؤال تردد صداه فى أذنه ووجدانه، أخذته خطواته إلى السرير وتمدد عليه ينظر لسقف الغرفة يفكر وتهاجمه ذكرياته معها حتى غلبه النوم من كثرة التعب وهروبا مما هو فيه.

يتبع.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي