الفصل الثاني

الفصل الثاني

فى مكان آخر، فى شقة فى غاية الفخامة، نجد إمرأة فائقة الجمال بيضاء البشرة ولها عيون زرقاء مثل السماء الصافية وخصلات شعر طويل بنى اللون تتقلب فى سريرها و تأخذ الوسادة تغطى بها رأسها لتمنع وصول الضوء إليها.

تقلبت على جانبيها كثيرا وفى النهاية عندما لم تستطع النوم مجددا جلست نصف جلسة وأمسكت بسيجارة تشعلها وتنفث دخانها أمامها وتتحدث بضيق لتلك الواقفة أمامها وهى تعقد ذراعيها وتنتظر استيقاظها:

منى: ألم اخبرك بالأمس ألا توقظينى ابدا، وأتركينى أنام وأستيقظ بمفردى.

ناهد: إلى متى ستظلين نائمة؟، ألن تذهبى لمتابعة أمورك وتقررى ماذا ستفعلين فى القادم؟، لقد ضاع الكثير من الوقت وفرصتك بإنتظارك لا تهدريها.

منى: عن أى أمور تتحدثين، ألم تتسببى فى خراب حياتى، ماذا تريدين الآن منى؟.

ناهد: كما قولتى، انتهت حياتك القديمة، إذا يجب أن تفكرى فى الجديدة ولا تهملى نفسك بهذا الشكل.

منى: حسنا، لقد استيقظت ارتحتى الآن، دعينى أبدل ملابسى وانتظري بالخارج.

ناهد: لقد إتصل عليك سمير أكثر من مرة اليوم ويريدك فى أمر ضرورى، أريد أن أحذرك انه إذا ابتعد عنك ستندمين بشدة.

تركتها وإتجهت للخارج وأغلقت الباب بعد خروجها، نظرت فى أثرها بضيق، فهى كانت تعمل معها فى السابق فى نفس المحل ولكنهما مختلفان ولايتشابهان ونصحها الكثير بالابتعاد عنها وبالرغم من ذلك استطاعت ناهد أن تتقرب منها وأصبحت صديقتها المقربة.

ابتعدت منى عنها بعد أن تزوجت وسافرت بصحبة زوجها. ولكن بعد مرور فترة من الوقت وجدتها تتصل بها وتسأل عنها من جديد وحاولت بشتى الطرق إقناعها بالرجوع إلى القاهرة رفضت فى البداية ولكن مع تكرار مكالماتها معها باستمرار ومقارنتها الدائمة بين الحياة هنا وهناك بدأت تقتنع بنصيحتها.

أدمعت عيناها عندما تذكرت صغيرتها التى تركتها خلفها وحدثت نفسها:

منى: ليتنى لم أنجبك من البداية ونفذت ما اقترحته ناهد فى السابق.

رجوع للماضى

وضعت أمامها كوب من العصير ثم جلست بجانبها ليتحدثان قليلا قبل عودة زوجها، هو قد اشترط عليها عدم التواصل مع أى شخص ولكنها كانت تتحدث معها دون علمه بل وسمحت لها بالحضور أثناء تواجده بالعمل، نظرت لها ناهد بصدمة وهى تتأكد مما أخبرته به الأخرى منذ لحظات

ناهد: هل تقصدين أنك حامل؟.

منى: ما هذا السؤال الغبى؟، ألا ترين بطنى المنتفخة، الأمر واضح.

ناهد: إذا ستنجبين له وتبقى فى المنزل لرعاية الطفل وتخسرين جمالك، أنصحك بالتخلص من هذا الجنين قبل فوات الأوان.

منى: أنه اقتراح سخيف، لقد قاربت فترة حملى على الإنتهاء والتخلص من الجنين الآن يمثل خطر كبير على حياتى، وتذكرى أن موافقة زوجى على العودة إلى هنا وحصولى على حريتى من جديد كانت بسبب هذا الجنين.

ناهد: عن أى حرية تتحدثين؟!، منذ رجوعك وهو يسجنك بهذا المنزل ولا يتركك تذهبين إلى أى مكان بدونه.

منى: ما يضايقنى أكثر أن أخيه يسكن معنا بنفس المنزل وأشعر أن زوجته البغيضة تراقب كل تحركاتى وتخبره بها.

ناهد: إنها تشعر بالغيرة منك بالطبع، وخصوصا إنك جميلة وتلفتين الأنظار لك بينما هى لا تتمتع ولو بقدر قليل من الجمال.

منى: معك حق ، لا أعلم كيف اختارها فريد فهو يستحق أفضل منها، يجب أن تنصرفى الآن، لقد إقترب موعد رجوع فتحى من العمل واحترسى جيدا حتى لا تراكى تلك العقربة أثناء نزولك.

غادرت صديقتها واتجهت للمطبخ لتنتهى من إعداد الطعام قبل عودته، بعد مرور القليل من الوقت استمعت إلى صوت فتح الباب تزامنا مع دخول زوجها وصياحه بإسمها وهو يغلق الباب بقوة، إتجهت إليه وهى مندهشة من صوته العالى بينما تقدم هو منها وأمسك ذراعها بقوة ووجهه لا يبشر بالخير

فتحى : هل أتى أحد هنا أثناء غيابى؟.

منى: لا لم يأتى أحد، لما تتحدث معى بهذه الطريقة؟.

فتحى: لقد أخبرتنى زوجة أخى أن إمرأة ما كانت تزورك اليوم وقد رأتها وهى تغادر قبل عودتى من العمل.

منى: لقد مللت من تلك المرأة، فهى تجعلني شغلها الشاغل وتراقبنى ليلا ونهارا وأنت تستمع إليها.

فتحى: لا تغيرى الموضوع، من تلك المرأة التى كانت هنا؟.

أبعدت يده عنها وبدأت تمثل البكاء لتستعطفه وهى تضع نفسها بين أحضانه ورأسها على صدره وتتمسك بقميصه بأطراف أصابعها:

منى: انها امرأة كانت تطلب المساعدة وأعطيتها القليل من المال وإنصرفت، لكن زوجة أخيك تحاول ان تستغل أى فرصة للإيقاع بيننا وتدمير حياتنا وأنت تساعدها على ذلك بالاستماع إليها والشجار معى، أنظر ماذا فعلت بذراعى.

فتحى :  أعتذر حبيبتي لم أقصد أن أؤذيك ولكنك تعلمين جيدا مقدار حبى لك وغيرتى وخوفى عليك.

منى: اتركنى، أنا غاضبة منك ولن أتحدث معك مرة أخرى.

فتحى: لا تكون قاسية القلب يا حبيبتي، فلقد إعتذرت لك ومستعد أن أفعل أى شئ لمصالحتك وإرضائك، اطلبى ما تريدين.

منى: إذا كنت تريد إرضائى أعطينى بعض النقود لشراء بعض الأغراض لى ولصغيرى القادم، إقترب ميعاد ولادتى وينقصنى الكثير.

فتحى: حسنا، أعدك أن أصطحبك يوم أجازتى ونشترى كل ما تريدين.

منى: ولما لا أذهب بمفردى؟، بالتأكيد لأنك لا تثق بى وقد تأثرت بحديث زوجة أخيك غادة، أشعر أنها تكرهنى ولا أعلم ماذا فعلت لها.

فتحى: بالطبع أثق بك حبيبتي، ولكنى أخشى ان تجهدى نفسك أو تشعرى بالتعب وانتى بمفردك، ما رأيك ان تصطحبى غادة معك فهى تحبك وتعاملك معاملة طيبة.

منى : هل تريد ان أذهب بصحبة تلك البغيضة، بالطبع لا، أرجوك حبيبى دعنى أذهب بمفردى وأعدك اننى لن أتأخر ولن أجهد نفسى.

فتحى: حسنا، ها هى النقود التى تريديها ولكن أخبرينى قبل ذهابك ولا تتأخرى كما وعدتينى، اتفقنا.

منى: دمت لى دائما حبيبي، هيا لنتناول الطعام سويا لقد أعددت لك كل ما تحب.

عودة للحاضر

مدت يدها تزيل دموعها وهى تزيح الغطاء من عليها، وإرتدت ملابسها وهى تحدث نفسها أنه لا فائدة الآن من التفكير في الماضى، فهى تعلم جيدا أنه كان يحبها ولكن انفعاله الدائم وغضبه السريع وغيرته الشديدة عليها قد تسببوا فى تدمير حياتهم سويا، استعدت للخروج وامسكت هاتفها وقامت بالإتصال عليه:

سمير: الآن أستطيع أن أقول أن يومى أصبح أفضل بعد هذا الإتصال.

منى: كيف يكون أفضل وأنا حزينة بسبب عدم تنفيذ ما وعدتنى به.

سمير: سأفعل كل ما تريدين حبيبتي، ولكن يجب أن تنفذى انتى أيضا ما اتفقنا عليه.

منى: أنا بالفعل بدأت أولى خطوات اتفاقنا ولكنك انت لم تفعل شئ وكل وعودك سراب ولم أرى منها أى شئ على أرض الواقع.

سمير: لقد جهزت لك مفاجأة رائعة وأنا متأكد انها ستنال إعجابك، سأمر عليك بعد قليل ونذهب سويا.

منى: حسنا، أنا فى انتظارك.

أغلقت الهاتف ونظرت أمامها وهى تتلاعب بخصلاتها وتلفها حول إصبعها وتحدث نفسها أنها سننتظر لترى نهاية تلك اللعبة، لم تضحى بحياتها وخسرت إبنتها من أجل وعود كاذبة، يجب أن تحقق ما كانت تسعى له منذ البداية.


أخذ مفاتيحه واندفع خارج مكتبه ليذهب إليها، استغرب الموظفين خروجه فى هذا الوقت، فهو قد أتى منذ قليل، بعد وفاة والده وتسلمه ميراثه كان يقضى معظم أوقاته كأنه يقيم بهذه الشركة محاولا فهم سير العمل بها، فهو كان دائما على خلاف مع والده ولم يسمح له بدخولها فى حياته.

ولكن منذ بضعة شهور اختلفت تصرفاته ولم يعد يهتم كثيراً بأمور الشركة وترك إدارتها لنائبه بعد أن وثق به فهو أيضاً كان نائبا لوالده، وعندما رآهم يتبادلون النظرات وازداد الهمس بينهم أمرهم باستكمال عملهم وهو يخرج فى طريقه لسيارته.

ركب سيارته الحديثة وإنطلق وهو يتذكرها، فقد تعرف عليها منذ سنوات بواسطة صديقتها، وعند سؤاله عنها أخبرته أنها ليست من نوعه المفضل وليست مثل البنات اللاتى تحضرهم له، توالت مقابلته معها بعد ذلك لرغبته فى الحصول عليها واعتقاده أنها ستخضع له وسينالها عن قريب، ولكن لم يحدث ذلك.

أحبها بشدة وتعلق بها قلبه وبدأت تحكى له عن ظروفها العائلية وحلمها بافتتاح مركز تجميل تديره هى، وعدها بتحقيق حلمها، طلب من والده أن يوافق على زواجهم ويعطيه المال، رفض والده فهو إبنه الوحيد ولكن أخلاقه سيئة وعلاقاته النسائية كثيرة.

غضب سمير وتشاجر معه فطرده والده وهو يهدده إن لم ينصلح حاله سيحرمه من الميراث، لم يستطع مواجهتها وابتعد عنها وانقطعت أخبارها عنه.

بعد وفاة والده وإستلامه الميراث انشغل قليلا بهذا الأمر، ثروة والده كانت كبيرة للغاية وهو وريثه الوحيد، استقرت أموره وبحث عنها من جديد فأخبرته صديقتها بزواجها وسفرها بعيداً، حزن كثيراً فهو لم يستطع نسيانها ولم يحب غيرها طوال هذه السنوات، استغلت صديقتها الفرصة وهى تخبره أنها ستساعده لتعود له مرة أخرى.

وصل أسفل منزلها واتصل عليها ليخبرها انه بانتظارها، استقلت معه السيارة وبعد مرور قليل من الوقت وصلا إلى إحدى المناطق السكنية الراقية، أوقف السيارة بجانب إحدى العمارات الفخمة وأشار لها لكى تهم بالنزول.

ترجلا من السيارة سويا وتوجها إلى إحدى المداخل، تفحصت المكان بعينيها فكان مكون من طابقين وكامل التشطيب له واجهة أمامية زجاجية تطل على الشارع الرئيسي ومجهز بجميع المعدات اللازمة لتشغيل المكان.

صعدت إلى الطابق العلوي باستخدام مصعد داخلى من الزجاج وملتف حوله درج رائع يتناسب مع التصميم الحديث ليعطى الاختيار باستقلال المصعد أو الدرج للصعود إلى الاعلى، وجدت الدور العلوى لا يختلف كثيرا عن السفلى فكان أيضا مجهز على نفس الطراز.

اقترب منها مادا يده بالمفاتيح، التقطت منه المفاتيح بفرحة هائلة وضمتهم لصدرها وهى تدور حول نفسها ببطئ تتأمل كل ركن من أركان مركز التجميل التى طالما حلمت أن تمتلك مثله، توجه إليها:

سمير: ما رأيك حبيبتي؟، أتمنى أن يكون المكان قد نال إعجابك.

منى: انه أكثر من رائع، ما زلت لا أصدق ما تراه عيناى وأشعر اننى أحلم.

سمير: كما ترين لقد اشتريته فى أفضل موقع فى البلد، نفذت وعدى والان يجب أن تكملى انتى الإتفاق ويتم كتب الكتاب قبل انشغالك بالافتتاح وإدارة المركز.

منى: اريد أن أرى العقود الخاصة بالمكان واتأكد أنه بإسمى ولى وحدى.

سمير: لا يهم من هو المالك، أنتى ستفعلى به ما تشائين دون أى تدخل من أحد.

منى: لقد وعدتنى أن أمتلك هذا المكان وليس مجرد عاملة به.

سمير: لقد كلفنى كثيرا حبيبتي وسأترك لكى إدارته وليس هناك فرق بينى وبينك، قريبا سأكون زوجك وما املكه سيكون تحت أمرك.

اقتربت منه بدلال تستعرض جمالها الرائع وهى تلف يدها حول عنقه وتداعب أذنه بهمسها المثير:

منى: لقد تركت بيتى وابنتى الصغيرة من أجل البقاء معك وانت ترفض ان تعطيني هذا المكان فقط مقابل لما فعلته، كنت أظن أنك تحبنى حقا ولكن يبدو أن هذا ليس صحيح.

سمير: انتى تعلمين انى اعشقك بجنون، وسأكتبه بإسمك بعد إتمام زواجنا حبيبتى، انتى أغلى عندى من كل ما أملك.

منى: ولما الانتظار؟، اتصل بالمحامى الآن واتفق معه أن نذهب للشهر العقارى غداً ونسجل العقود.

سمير: حسنا حبيبتى، لقد تركت هاتفى فى السيارة سأذهب لاحضاره والتحدث مع المحامى حتى تنتهى من مشاهدة المكان.

تركها واتجه للأسفل سريعا بينما تغيرت ملامحها للضيق والكره التى تشعر به تجاهه، وقفت تنظر من الواجهة الزجاجية للمكان تتأمل المناظر الخارجية التى يطل عليها الموقع المميز، لمحت مقهى صغير يقع امامها جعلها تتذكر ما حدث فى هذا اللقاء مع صديقتها:

رجوع للماضى

اتفقت على مقابلة صديقتها بعد موافقة زوجها على الخروج بمفردها أخيرا، جلست أمامها تتلفت حولها بقلق خوفا من أن يراها أحد ويتعرف عليها ويقوم بإخباره بينما الأخرى كانت تجلس أمامها بلا مبالاة تحتسى مشروبها بتلذذ وهى ترى هيئتها الخائفة.

وجهت لها اللوم على إختيارها له و موافقتها على الزواج من ذلك الفلاح الذى اشترط عليها البعد عن الجميع و أجبرها على السفر معه بينما رفضت هى الكثيرون رغم محاولتهم المستميتة فى التقرب منها.

حاولت منى الدفاع عنه و إثبات حبه لها ورغبته الدائمة فى إرضائها وسعادتها وأن من تتحدث عنهم لم يريدوا الزواج منها بل كانت كل غايتهم أن تصبح مجرد عشيقة لهم يستمتعون بها.

تابعت صديقتها حديثها بخبث وهى تذكرها بحب ذلك المدعو سمير لها، وأنه كان يريد تحقيق لها ما تريد ولكن والده كان يقف عقبة فى طريقه وأنه انتظر رحيله بفارغ الصبر والحصول على ميراثه ووضعه كله تحت تصرفها، لاحظت الطمع فى نظراتها فحاولت استغلال ذلك وأردفت بخبث تحكى لها عن لقائه معها:

ناهد: لقد قابلت سمير مصادفة منذ بضعة أشهر وسألنى عنك، وأخبرنى بوفاة والده وأنه استلم ميراثه وبحث عنك كثيرا ليحقق لكى حلمك فى شراء مركز تجميل، لم ترى حزنه عندما علم بأمر زواجك .

منى: لقد نسيت ذلك الحلم ولن أستطيع تحقيقه أبداً.

ناهد: مازالت الفرصة أمامك لا تضيعها من يديك، أن سمير يحبك ويتمنى أن ينول رضاك، اتركى ذلك الفلاح وحققى حلمك القديم.

منى: هل فقدتى عقلك؟!، ماذا تريدين أن أفعل وأنا بهذا الوضع وقد اقترب موعد ولادتي وسأصبح أما قريباً.

ناهد: اطلبى من زوجك أن يشتريه لك وإذا رفض اطلبى الطلاق.

منى: الطلاق!، لقد جننتى حقا، تنصحيني أن أترك بيتى وأطلب الطلاق وأعود للشارع من جديد.

ناهد: بالطبع لا، تعودين لسمير الذى ينتظر رجوعك له، وسينفذ لكى ما تأمرين به، وسأثبت لكى ذلك الآن.

أمسكت هاتفها واتصلت على ذلك المدعو سمير وحاولت أن تمثل أمامها أنها لم تتفق معه على شئ، رد عليها الآخر بملل بينما هى كانت تنظر لها بتوتر:

سمير: ماذا تريدين الان، لقد أخبرتك ألا تقومى بمهاتفتى إلا إذا كان لديك اخبار جديدة منها، دائما تعطينى وعوداً ولا تنفذى أى منها.

ناهد: كيف حالك يا سمير، هل تتذكرنى؟!، أنا ناهد صديقة منى.

سمير: ما هذا الهراء، ألم تعدينى انك ستضغطين عليها لتوافق على الطلاق من ذلك الأحمق.

ناهد: جيد أنك تذكرتنى، هل تعلم من بصحبتى الان؟، إنها من تتمنى أن تسمع صوتها.

سمير: حسنا لقد فهمت، هى معك الآن وتدعى أمامها بأننا لم نتحدث مسبقا.

ناهد: بالضبط، ستتحدث معك بنفسها.

أعطتها الهاتف لتحدثه بينما نظرت لها الأخرى بضيق وهى تأخذه منها، تحدثت معه قليلا وهو طوال المكالمة يحاول أن يعبر عن اشتياقه لها وحبها الذى ما زال يسكن قلبه وحزنه الشديد عند معرفته بزواجها من آخر غيره وتمسكه بها بالرغم من ذلك واعتقاده أنها نصيبه الذى سيعود له فى يوم ما.

طلب مقابلتها وهو يخبرها أنه سيكون صديقا لها وعلى إستعداد بأن يقدم لها يد العون فى أى وقت تحتاجه، تعالت رنات هاتفها أثناء حديثهم وكان المتصل هو زوجها فتحى فاعتذرت منه وأعطت الهاتف مرة أخرى لصديقتها.

إبتعدت قليلا لكى تستقبل اتصال زوجها بينما اكملت ناهد مكالمتها مع سمير

ناهد: لقد بدأت فى تنفيذ الخطة كما ترى.

سمير: يبدو انك ضغطى عليها كثيراً وإجبارك على وضعها فى هذا الموقف، كما أنه مجرد حديث صغير على الهاتف لا يثبت قبولها، إنك تحلمين عزيزتى.

ناهد: أول الغيث قطرة، ستكون لك قريبا ولكن لا تنسى المبلغ الذى اتفقنا عليه.

سمير: لكى ما تريدين وزيادة عندما تصبح ملكى وزوجتى.

أغلقت الهاتف ورفعت بصرها تنظر لصديقتها التى كانت تتقدم عائدة إليها، وبعد لحظات إستأذنت منى لتغادر بسبب اقتراب موعد عودة زوجها من العمل، فودعتها ناهد وهى تمثل الحزن على حال صديقتها وأن هذا الزوج يتحكم بها ويضيق عليها الخناق واتفقتا أن يتقابلا سويا لاحقا.

عودة للحاضر

رأته يشير لها من الاسفل ليلفت نظرها له، كانت تتذكر ما خسرته بسببهم وتوعدت لهم أن تجعلهم يدفعون ثمن تلك الخسارة أضعاف.

أغلقت أبواب المكان و لحقت به للأسفل وجدته مازال يتحدث مع المحامى الخاص به على التليفون، وعندما رآها فتح لها باب السيارة وهو ينظر لها بعشق وبسمة تعلو شفتيه، أغلق الباب وإلتف ليركب بجانبها وأمسك يدها يطبع عليه قبلة وانطلق بالسيارة وهو يسألها عن القادم فأجابته بنظرة لم يفهمها:

منى: لا تقلق عزيزى، أعدك أنك لن تنتظر كثيراً.

يتبع.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي