ميرمين

Basmaelgammal84`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2022-12-28ضع على الرف
  • 138.9K

    إكتمل التحديث (كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

الفصل الأول

أغلق آدم الرواية التي بين أنامله ببعض الملل، فقد كانت رواية مستهلكة عن مصاصين دماء ومستذئبين لا تصلح كمادةٍ يمكنه أن يستخدمها في إنتاج الفيلم القصير لمشروعه الدراسي، 

زفر بقوةٍ كبيرة ثم ارجع خصلاته البنية للخلف وهو يعدل نظارته الطبية فوق أنفه المستقيم، بعدها رفع بصره ينظر للساعة التي أمامه ببعض الكسل عندها وجدها مازالت التاسعة مساءً،

 وهذا يعني انه في بلدته الصغيرة كل السكان المحليين قد اتجهوا للنوم بالفعل، لكن لا تزال هناك ساعة أمام المكتبة حتى تغلق أبوابها العتيقة.

لهذا خلال لحظاتٍ معدودة، التقط سترته السوداء  وهو يهبط درجات السلم بسرعةٍ كي يستطيع اللحاق بموعد المكتبة، بطئ من سرعته عندما لمح والدته تشاهد التلفاز على احدى البرامج التليفزيونية الشهيرة،


ومن الواضح أنها تفعلها حتى تتمكن من انتظار قدوم والده من الخارج بعد غياب أيام في قيادة الشاحنة.

ألقى تحيةً عابرةً عليها وهو يخبرها عن خروجه الى المكتبة ولم تعترض كثيرًا 'من مميزات آدم بجانب وسامته أنه فتًا ذكيًا لا يقع في المشاكل بسهولة'،

خرج من داخل منزله ثم سار نحو باب المنزل يركب دراجته الهوائية فهي وسيلة مواصلته هنا وهو يتجه مسرعًا الى المكتبة والتي تبعد مسافة خمس دقائق لا أكثر.

وقف لحظاتٍ أمام باب المكتبة الزجاجي التي تزينت بلافتة بسيطة كتب عليها مفتوح بينما المقهى على يمينها مغلق والمطعم الصغير على. شك أن يغلق أبوابه، 

عدّل النظارة على عينيه قبل أن يدفع الباب ثم يدلف الى الداخل، ابتسم بهدوءٍ ثم وقف عندما وجد السيد ادوارد صاحب المكتبة يجلس على مقعده الوثير وقد وضع قدمًا فوق الاخرى،


بينما احنى رأسه يقرأ في كتابٍ قديم ويبدو عليه الاندماج  وقد وضع نظارته الطبية على طرف أنفه الطويل الحاد ليبدو مثل غراب المعرفة إن كان هذا حقيقي.

ما ان انتبه السيد ادوارد الى خطوات آدم حتى رفع عينيه ينظر الى القادم بعيونٍ متفحصة كالصقر،  عندها هنا ادرك أنه ادم مما جعله يبتسم له وهو يلقي نظرة عابرة للكتاب بين يديه قائلًا بمزاح:
-لم يحالفك الحظ مرة اخرى؟!.

حرك آدم رأسه نافيًا بإحباط كبير وهو يعدل نظارته قائلًا على عينيه:
-اريد شيئًا مميزًا وجديدًا، اريد ان اتحدث عن اسطورةٍ لم تستهلك فكرتها آلاف المرات.

حرك ادوارد رأسه بتفهمٍ وهو يبتسم بإعجاب من تفكيره وقد استوعب طلبه، صحيح انه عجوزٌ في السبعين من عمره!، إلا انه مازال يلهمه حماس الشباب وهو يلمح ادم يبحث بيأسٍ عن كتاب جديد،


لا يعلم ما خطبه حقًا يمكنه الذهاب الى المكتبة العامة للبحث عن ضالته ولكنه يفضل دائمًة الالتفاف في نفس الدائرة وكأن عقله يرفض فكرة مغادرته للمكان رغم انه سيضطر قريبًا لفعلها عند دخوله للجامعة.

كان هناك فكرةً تلح على ادوارد من فترة انه يجب ان يبحث عن حاملٌ جديدٍ للسر، وكان آدم هو خياره الاول والافضل ولكن سيظل هاجسه الوحيد هو ان يحوله الى فيلم التخرج حتى يتمكن من خلاله من دخول المعهد السينمائي.

حدج ادم بنظرةٌ أخيرة قبل ان يقترب منه بطريقة درامية وهو يقول:
-اقترب مني قليلًا وانصت اليّ جيدًا، حان الوقت كي اخبرك عن "ميرمين".

نظر إليه آدم بتعجبٍ من طريقة السيد ادوارد وخاصة عن الاسم الذي لم يستمع عنه من قبل، مما دعا الآخر أن يقوم باستنكارٍ واضح مصطنع:

-ماذا؟! ألم تسمع الاسم من قبل!.

هز آدم رأسه نافيًا بقوةٍ كبيرة، وها هو يسمعه لأول مرةٍ من السيد إدوارد، ابتسم السيد صاحب المكتبة العجوز قبل أن يكمل :
-بالطبع أعلم وأؤكد لكَ انكَ لن تسمعه إلا مني، وأنت المختار لتخبر به شخصًا مختارًا من بعدك.




نظر إليه آدم بإنصاتٍ واهتمام، مما جعله يجلس مرةً أخرى على المقعد من خلفه بينما قال بشرودٍ كبير وغموضٍ أكبر: 
"ميرمين" هي الأسطورة التي طمست لبشاعتها، الفتاة التي اجتمع البشر والسيرين والحوريين حتى المجنحين على كراهيتها، لدرجة أنهم نفوا وجودها من بينهم،



أعاد أنظاره نحو آدم الذي ينظر له بتعجبٍ وعدم تصديق:
وذلك بسبب انها السلاح الأكثر فتكًا في العالم والتي كادت أن تقضي على العالم بأجمعه، وكل هذا من أجل الحب يا ولدي.

حدجه ادم بنظرة متعجبة كان حدثه قد صدق وها هو السيد ادوارد قد فقد عقله بالكامل بسبب انهماكه في القراءة لوقتٍ طويل، ربما سيكون الامر رائعًا ان كان هناك كتاب عند قراءته سيجن جنونك.

لاحظ ادوارد النظرات الموجهة إليه مما جعله يشعر ببعض الاحباط، لقد ظن لوهلة ان مقدمته الرائعة ستخلب لب آدم هذا الفتى العجيب وتأسره،


ولكن كان الأمر عكسي بشكل سيء مما جعله يزفر بضيقٍ وهو يقول ببساطة:
-حسنًا هناك اسطورة تم طمسها وتحريفها حتى لا يصل احد اليها ولكنني بساطة املك كل تفاصيلها.

لن ينكر ادم ان الفضول كان يشتعل بداخله على الرغم من عدم تصديقه لمت يقول، كان الأمر مثل البحث عن جوهرة في مصرف  مياه احتمالية ايجادها شبة معدومة ولكن؛ من يعلم ربما سقطت من أحد الأثرياء!.

لهذا جمع شتاته وهو يجلس امام ادوارد ناظرًا الى الوقت فأخر ما يريده هو محاضرة عن كونه عديم المسؤولية للخروج في وقت مثل هذا، 


عندما اخذ الاخر نفسًا عميقًا وهو يقول بصوتٍ مرتعش درامي:
-استمع لي جيدًا ادم، هذه الاسطورة ليست للتداول ولا يمكنك تحويلها الى فيلم سينمائي او مشروعًا خاصًا  للتخرج على الرغم من انها مشوقة الا ان كل حرف كتب بها كان يقطر ألمًا.

حك ادم اذنه بعدم اهتمامٍ وهو يعده بكلمات مقتضبة بأنه لن يفعل، وهنا نظر ادوارد إليه يعلم انه ما ان يعلم الحقيقة لن يخبر احد على اي حال لهذا أخذ نفسًت عميقًا ثم تحدث بطريقة درامية بعد ان أخرج النفس الذي أخذه:
-كانت قد خسرت للتو كل شيء، وعصب الانتقام عينيها عندما خرجت لهم من وسط اللاشيء تبعث الرعب في قلوبهم نصف جسدها السفلي قد تحول الى ثعبان ضخم طرفه عبارة عن حلقات ما إن تلامس احدهم حتى يسري سم مميت في جسده ليخروا صرعى في خلال ثواني،


ابتلع ريقه من كثرة الحديث المتواصل، فأمسك بكوب الماء الموضوع بجانبه يرتشف منه القليل قبل أن يكمل:
-بينما نصفها العلوي عاريٍ من الملابس تمامًا، يظهر ضرعها وقد تساقطت الدماء عليه والتي أتت من عيونها الدامية وكأن عروقها انفجرت بالكامل وكل من تتلاقى معه النظرات يتحول الى حجر،



نظر اليه آدم وقد استحوذ ادوارد على انتباهه وهو يكمل:
-بينما شعرها الذي أصبح ثعابين رفيعة مثل خصلات صغيرة يصل الى خصرها تلدغ كل من تطالعه وتقوم بإحراقه ذاتيًا 

حدجه آدم بصدمةٍ شديدة يتأسف على الوقت الذي قضاه في الاستماع اليه من البداية، يبدو ان غراب المعرفة يخبره بأسطورة ميدوسا،
والتي يعلمها الجميع.


حتى أن الفتيات اللاتي تم الاعتداء عليهن يستخدمونها كعلامة تميزهن لتعرضهن للظلم ثم يتم عقباهن هن وكأنهم اجرمن.

نهض ادم ينفض ترابًا وهميًا من على ثيابه وهو يقول بلهجةٍ مهذبة:
-استأذنك سيد ادوارد، يجب ان أنام مبكرًا لأنني سأذهب الى المكتبة العامة في المدينة غدًا ان شاء الله.

ادرك ادوارد دون جهد ان ادم لا يصدقه لهذا قرر ان يتوقف عن المحاولة في جعله يصدق،  ولكنه قال كلمةً اخيرة بجديةٍ تامة:
-اعلم انك تظن أني أتحدث عن ميدوسا، ولكن لما لا تفكر انه تم اقتباسها منها كما اخبرتك من قبل، فـ نشر قصتها كاملة هو دمار للبشرية، ماذا لو اراد شخص ما البحث عنها وانقاذها؟.

حرك ادم برأسه يمثل الاهتمام بينما فركه لاذنه اكبر دليلٍ على أنه ملّ من حديثه ويريد انهاء الحوار، توجه نحو رف الكتب  ثم أخذ احدهم من على الرف وهو يقول لإدوارد ملفتًا له:
-شكرًا على اطلاعي على مثل هذه الأمور الرائعة واعدك انها ستظل سرنا.

غادر آدم المكان تحت نظرات ادوارد اليائسة ثم ركب دراجته، بدأ يقود دراجته الهوائية في طريق العودة الى منزله فقد تأخر الوقت.


للحظاتٍ قرر الذهاب الى الغابة قليلًا، سار بضعة خطوات بين اشجار يعلمها جيدًا حتى وصل الى صخرته المفضلة، صعد فوقها ثم جلس امام البحيرة التي بدت مثل فجوة سوداء ضخمة.

لحظات التقط بها أنفاسه يشعر انه يختنق من رؤيتها عندما انقشعت السحابة عن القمر المكتمل والذي لم يدرك ادم بوجوده من الاساس،


وهنا ظهرت طبقة الجليد المتجمد والذي غطى البحيرة بالكامل، ثم فجأة وبدون مقدمات وجد وميضًا خافتًا ظن في البداية انه يتخيل الأمر ولكن زاد الوميض حتى بدا ان البحيرة تلمع بالنجوم.

ضاعت أنفاسه بينما ينظر بانبهارٍ شديد للبحيرة التي امامه والتي أضاءت بلون ازرق مثل النيون، حرك رأسه بعدم تصديق يعلم أنه بالفعل هناك ظاهرة الشواطئ المضيئة ولكنها في المحيطات وبفعل ظواهر معينة ولي في البحيرات!.

لحظاتٍ مرت وهو مسحورٌ فيما يراه، وما أخرجه من تأمله وانبهارها هو سماع اسمه بصوتٍ نسائي هادئ ورتيب يأتيه من مكان بعيدٍ وبإصرارٍ لا حدود له. 


لم يخيفه هذا النداء ولكن ما أخافه هو أنه أراد تلبيته بكل طرق،  أراد الوصول إليه  زاحفًا ولكن؛ فقط يريد الوصول إليها بأي طريقة.

لا فكرة لديه كيف انتفض من مكانه مخرجًا الصوت من رأسه، ولكنه فعلًا فعلها  وهو يتجه نحو درجاته يركبها ثم يقودها بسرعة رهيبة كأن شياطين الجحيم تطارده.

ما ان وصل المنزل حتى وجد ان والده لم يحضر بعد ووالدته غفت على الاريكة مما جعله يتنفس الصعداء وهو يصعد الى غرفته،


ألقى نفسه فوق الفراش بإرهاقٍ كبير، يسترجع تفاصيل ما حدث يخالجه شعور بالحماس والشغف معًا، ولكن قطع تفكيره ارتفاع رنين هاتفه.

التقطه وهو يميز نغمة الرنين الذي اختارته له حبيبته بنفسها،  كاد ان يجيب ولكنه لم يكن في مزاج جيد لكل الهراء الذي ستتفوه به،


ستبدأ اولًا ببثه عبارات الغزل وعندما لن يتجاوب معها ستضع له عريضة عن أنه لم يعد يهتم وأنه قد تغير، لكنه سيؤكد لها من صمام قلبه انه مازال يحبها لكنه؛ أكثر من يعلم أنه لم يعد كذلك بالفعل.

لهذا نهض من فوق فراشه وقرر أن يأخذ حمامًا ساخنًا سريعًا، ولكنه ما ان دخل المرحاض وجد نفسه يملأ حوض الاستحمام بالمياه الساخنة والتي يمكنه احتمالها،


تجرد من ملابسه وهو يجلس بداخله، بدأ للحظاتٍ يتأمل الفراغ أمامه قبل ان يقرر الغطس به، عندها شعر بجسد ينام فوقه ملتصقًا به باعثا شعور ما بين الدفء وبرودة الأطراف.

حاول أن يفتح عينيه لكنه سمع داخل عقله تحذيرًا واضحًا وصريحًا بألا يفعل، شعورٌ غريب سكنه ما بين الخوف الشديد وراحة سرت في طرافه لملامسته ذلك الجسد، لا يعلم كيف اجتمع النقيضين بداخله،

شعر فجأة بالاختناق وهو أسفل المياه بسبب ثقل الجسد الذي فوقه، امسك طرف حوض الاستحمام مجبرًا نفسه على النهوض،

 خرج من أسفل المياه ثم جلس  محاولًا التقاط انفاسه وهو يسعل بقوةٍ يبدو انه غفا في المياه وكاد ان يموت غريقًا!، مما جعله يتأكد ان ما مر به كان مجرد حلم ليس أكثر.

ارتدى ملابسه بشق الانفس وهو يلقي نفسه على فراشه مرةً اخرى ثم غرق بعدها في نوم عميق،


وفجأة وجد أمامه قاعة يبدو ان هناك زفافٌ يقام به، ولكن كل شيء كان ضبابي لم يتمكن من تمييز التفاصيل،

 ولكن حزنٌ عميق اعتصر قلبه وكأن السعادة اختفت من الكون والآلام تتزايد وهو ينظر الى العريس والعروس بحسرة شديدة، وبداخله يتنامى شعورٌ بالغيرة والغضب والخيانة.

اندمجت مشاعره ليقرر حينها الانتقام، يجب ان يقتل كل من ظلمه وخانه وغدر به، كل شخص هنا سينال عاقبة ما فعلوه به،


سيحرقهم ويؤلمهم ويدمي قلوبهم قبل أجسادهم التي ستتلوى بناره، ووسط احساسه وتساقط الجميع من حوله وجد فتاةً امامه تشبه ميدوسا ولكنه ادرك انها فقط مرآة عندما تحول الى حجر.

استيقظ آدم فزعًا من نومه وقد جحظت عينيه يشعر ان نبضات قلبه أعلى من المعتاد، شتم ادوارد في سره لأنه السبب في الهلاوس والاحلام السخيفة التي يراها الان، 


 نظر الى الساعة عندما وجدها السادسة الا ربع تقريبًا، ابعد الغطاء عنه ثم نهض من فراشه وهو يعد نفسه للسفر الى المدينة ويجب ان يركب حافلة الساعة السابعة.

كاد آدم ان يفتح الباب عندما سمع صوت سعال والده وهو ينادي بإسمه، أجبر نفسه على الابتسام وهو يلتفت للخلف يلقي عليه تحية الصباح ويودعه قبل سفره، 


وهو يعلم أن الأمر لن يمر بهذه السهولة وبالفعل بدأ والده بتقليد دور الواعظ وهو ينصح ابنه الرياضي بأضرار الممنوعات والجنس على صحته.

ثم أخبره بضرورة اتخاذ حذره عند العلاقة والا سيفاجئ بطفلٍ يدمر مستقبله، كان يعلم انه يلمح لإنجابه، لم يكترث له وكل تفكيره انه سيتأخر هكذا،


وبعد الكثير من الكلام الغير مبرر أطلق اخيرًا سراحه، وهنا استطاع ان يتنفس الصعداء.

من الجيد ان موقف الحافلات قريبًا من منزله، ومن حسن حظه أيضًا ان الحافلة توقفت دقيقة لانتظاره ليركب على متنها بسرعةٌ يلحق بها، 


وما ان انطلقت به الحافلة حتى لاحظ انه قد نسى نظارته الطبية، اطلق سيل من الشتائم ولكنه قرر ان يتدبر امره بدونها وهو يفكر (ربما هي ليست بهذه الاهمية داخل مكتبة)، لم يتمالك نفسه حينها من الابتسام متهكمًا من تفكيره وهو يحاول ان يريح عينيه قليلًا.

تجمد في مكانه دون حراك عندما سمع صوت الهمسات مرةً اخرى، وحينها ايقن انها لفتاةٍ كانت تنادي بحميميةٍ وترجيٍ كأنها تنتظر منه ان يكون منقذها وكيف سيتمكن من انقاذ احدهم ان كان يشعر انه هو من يجب انقاذه؟.


 وقبل ان ينغمس في افكاره السوداوية عن مدى فشله وغضبه عن كل شيء حوله ارتفع رنين هاتفه،  فتح عينيه ينظر له حيث كانت حبيبته

كان يجب ان يجيب عليها لا مفر من الامر، وسيكون عليه أن يشرح لها انه كان نائم بالأمس ولم بسمع صوت الرنين وأنه بالتأكيد لم يخنها.

لا يعلم لمَ اعجب بها منذ البداية بفتاة مثلها!، كان يحب روحها المرحة وشعبيتها بين الجميع لم يكن لديه ادنى فكرة كم هي متسلطة، اجابها وبالفعل حدث ما توقع وكأنه نص تمثيلي يتم تنفيذه بالحرف.

وما ان أنهى المكالمة بعد الكثير من المحايلة أغلق عينيه بإجهاد شديد وقد سقط في سبات عميق،


تعجب من نفسه عندما رأى نفس القاعة التي كان بها في الحلم سابقًا  كانت الرؤية هذه المرة واضحة عن ذي قبل،


عندها لاحظ قاعة عملاقة شيدت بالكامل من الرخام يعلوها سقفًا على شكل قبةٍ وقد نحت بعناية حتى انك ترى من ظل الفتحات المفرغة اشكال لأطفالٍ مجنحين يحملون قوس وسهم،

وقد تدلت تماثيل نفس هيئة الاطفال المجنحين،  وقد تم استخدامها كمصابيح لإضاءة المكان.

وفوق مذبح، وقف كاهن ضخم الجثة للغاية لديه جناحين وقد وقف امامه اشخاص يرتدون ملابس الزفاف ليعلم أنه داخل زفاف احدهم.

ولكن أكثر ما لفت انتباهه هو شكل العروس والعريس،  كانت العروس تملك شعر نحاسي اللون زين بالكامل بالزهور وكانت جميلة رغم بشرتها الزرقاء الشاحبة وعينيها التي تقع على جانبي وجهها المدبب واصابعها الملتصقة بطبقة خفيفة من الجلد مثل الضفادع،


 أما العريس كان يبدو في عالمٍ اخر وقد ارتدى قميصًا ابيضًا وسترةً سوداء، مع ربطة عنق بنفس لون السترة ولكن لديه ذيل سمكة.

على الرغم من غرابة ملامحهم إلا ان آدم كان يعلم ان العروس من السيرين والعريس حور بحر، مما أثار تعجبه لأن من المعروف في كل الاساطير ان السيرين والحوريين أعداء؟!.

وقبل أن يكمل تساؤلاته التي تعصف بفكره وعقله مما يرى أمامه من غرائب ومناظر خرجت الميدوسا من بحيرة أمام المذبح لا يعلم آدم كيف لم ينتبه لها وكأنها ظهرت من العدم،

والتي بدأت بقتل الجميع كما اخبره ادوارد، وبدون مقدمات التفتت اليه ميدوسا مما جعله يرتجف بخوفٌ حقيقيٌ كم رأى موته، عندها حدث مالم يكن يتوقعه.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي