سادة الجحيم

Yasminaaat`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2022-09-15ضع على الرف
  • 7.5K

    جارِ التحديث(كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

الفصل الأول

تشعر بخناجر مسمومة داخل قلبها، فها هو اباها المصون يتخلى عنها للمرة الثانية و يقوم بذبحها و معاملتها كالقمامة، لا تصدق انها تساق الان الي مصيرها الاسود، الي رجل يغشاه الكبير قبل الصغير، الي مالكها الجديد الذي دفع مقابلها بسخاء.

"قبل سبع ساعات"

انتهت من غسل الأحصنة و هي وظيفتها المحببة الي قلبها ثم انطلقت الي المطبخ كي تساعد باقي الخدم في انجاز المهام العالقة، فاليوم ستغادر أميرتهم المدلّلَة الي قصر الطاغية ألكسندروس بعد ان قبض ملكهم الثمن، شعرت بالشفقة علي الأميرة رغم كونها ليست بريئة بالكامل، فهي بالفعل تقوم بإهانتهم من حين لآخر و ربما تتحدث بعنجهية و أنف مرفوع و لكن نحيبها الذي يملأ القصر الآن قد اثر بها كثيراً، و كيف لا تندب الأميرة حظها و هي تُساق الي مصير مجهول كشاهٍ تنتظر التضحية بها.

"أين ذهب عقلك يا ميرال ،هذا ليس الوقت الصحيح حتي يتركك و يهرب فأمامنا أعمال شاقة ينقسم لها الظهر"

إلتفتت ميرال الي مصدر الصوت و أجابت بفتور: "اعلم يا سيدة ريانة و انا بالفعل في طريقي الى المطبخ و لكن كنت فقط أنظف الخيول أولا و أطعمهم، و بالمناسبة نحتاج طعام لهم لأن خاصتهم بدأ في النفاذ "

نظرت لها ريانة بإشتعال ثم صاحت بنفاذ صبر: "ماذا أقول أنا و ماذا تقولي انتي، أُُخبرك أن الملك ألكسندروس قادم لأخذ سمو الاميرة و يجب علينا الإستعداد و تخبريني بأمر الخيول اللعينة! ،اذهبي فورا الي المطبخ و قومي بتحضير شراب ساخن إلي الاميرة "

"حسنا سيدتي"
أجابت ميرال بيأس ثم أسرعت إلى المطبخ و قامت بخلط بعض الأعشاب ذات النكهات القوية و المريحة للأعصاب ثم إتجهت الي غرفة الاميرة و لم تكد تنهي الدرج حتي وصل إليها صراخ الأميرة، شعرت بوغزة في قلبها فهي الآن علي وشك ان ترى الأميرة المدللة متألمة لاول مرة في حياتها، طرقت الباب فوصل لها صوت الملكة الأم المدعوة سيلفيا تدعوها للدخول فإستجابت لها و دخلت إلى الغرفة ثم إنحنت بإحترام مردفة: "سمو الملكة، سمو الاميرة ،هذا مشروب دافئ سيساعدكي يا أميرتي علي الإسترخاء، عسى ان تصبح جميع أيامك القادمة سعادة و هناء"

"و من اين تأتي الراحة و أنا علي وشك ان أساق كالبهيمة" صرخت الأميرة بيأس و الحزن جلي علي ملامحها و شلالات من الدموع تخرج من عينيها الساحرة.

"ميرال ، غادري الان" أردفت الملكة بحدة و بالفعل غادرت ميرال تاركة لهم المجال لإكمال نحيبهم.

خرجت الكلمات غير واضحة بين شهقات الأميرة: "لا أريده يا امي لا أريده ،لا أصدق ان ابي يفعل بي هذا"

أخذت الملكة نفسا عميقا ثم أردفت بإقناع مستميت كي تخفف عن إبنتها :"حبيبيتي ليليان، انتي الآن ذاهبة لواحد من الجبابرة الثلاث كما أنه معروف بوسامته و تدليله لنسائه، ليس بكهل تجاوز الستين حتي تصيحي مثل هذا الصياح بل هو شاب قوي يافع تتمناه أكثر النساء فتنة علي وجه الأرض"

لم يفلح الأمر و إستمرت الأميرة في النحيب فضمتها الملكة إلى صدرها محاولة تهدئتها و لكن قابلتها الأخرى بإبتسامة ساخرة و هدرت في حقد :"هذا في حال كوني ذاهبة له بصفتي زوجته، و لكن الواقع المرير هو أني ذاهبة كمجرد عشيقة له يلهو معها عدة ليال دفع ثمنها مسبقا ثم يتخلص منها عندما يجد بديلا افضل، و السماء شاهدة على عهره و دنسه الذي إفتعله في حق أميرات أعلى شأنا و أكثر حُسنا"

أحنت الملكة رأسها أسفلا فهي تعرف تمام المعرفة أن إبنتها علي حق فهو طلبها كعشيقة لا زوجة و لولا وضع مملكتهم المتأذم لما وافق زوجها او هي علي هذه العلاقة المهينة و لكن ما يحفظ ماء وجهها قليلا هو ان تلك هي العلاقة المتعارف عليها لديه مع جميع نسائه و كان من ضمنهم الكثير من الأميرات قبلها و دائما يغدقهم و ذويهم بأموال و جواهر لا حصر لها ،لذلك لن يكون وضعهم مخجل بين الممالك المجاورة فقد سبقها أميرات من باقي الممالك و لربما تستطيع حسنائها إستمالة قلبه اليها و تحقيق ما فشلت به الأخريات فتظفر به زوجا لها.
همست الملكة بإبتسامة ودودة في أذن إبنتها لعلها تخفف عنها قليلا :"حبيبتي و نور قلبي، لن يمسك الملك بسوء ،و انا أثق أنه فور ان يري حسنك و بهائك سيخر صريعا طالبا الزواج منك كي يحصل علي وريث يملك بعضا من جمالك الخلاب"
ظنت أنها كانت محاولة جيدة و لكن لم تكن بكافية، و لم تهدأ ليليان بل إستمرت في أخذ حظها الوافر من البكاء المرير.



•في الاسفل أخذت ميرال تصنع الحلوى مع باقي الخدم حتي يقدمها ملكهم كهدية للملك ألكسندروس و كان الأمر مملاً في البداية و لكن سرعان ما تحول إلى نقاش عنيف حول وجهات نظر مختلفة.

"لا اعلم سبب حزن تلك الاميرة المدلّلَة الحمقاء، أقسم اني إذا كنت مكانها لكنت الآن أطير فرحا و انا أجهز نفسي لقضاء ليلة لا مثيل لها في أحضان الملك المثير"
أردفت إحدى الخادمات بهيام ملحوظ.

ثم سرعان ما تبعها صوت مؤيد :"معك حق يا لين، مجرد تخيل زراعيه القويتين و صدره المنحوت يجعلني أتمنى ان أكون جارية خاضعة لرغباته ،حظنا العثر اننا جوارٍ في مملكة ضعيفة "

أومأت لها لين مؤكدة على رأيها و تابعت في حقد :"كم أتمنى ان تعذب عاهرة أبيها و تتجرع الذل و الهوان في كأس حامية كي تشعر ببعض مما تجعلنا نعانيه هنا"

ضيقت ميرال عينيها و أطلقت نظرات ساخرة على الهائمتين أمامها ثم أردفت بإستهزاء :"أسفة لمقاطعة تخيلكم المنحرف و اتمنى ان اكون تدخلت قبل ان تقوموا بإغتصاب الملك في خيالاتكم المريضة و لكن أحتاج مساعدة في صنع الحلوى حتي ننتهي قبل مجئ فارسكم المغوار"

قابلتها نظرات حانقة منهن و أردفت لين :" انتي دائما هكذا ، مفسدة اللحظات السعيدة"

تجاهلتها ميرال و إستمرت في صنع الحلوى داعية في سرها بإنتهاء هذا اليوم بسرعة و خير.



•في منتصف الصحراء الخاوية يقف هو متأملا القصر الذي أمامه بإبتسامة ساخرة متوعدة، فها هو الآن على وشك توجيه صفعة قوية للملك رودلف ردا علي ما اقترفه في حقه من سنة فائتة ، فبالطبع ظن الملك انه نسي او تغاضي و لكن هيهات فهو صبر فقط حتي تصبح الصفعة اكثر لذة فهو شاتاي اخطر رجل في الممالك السبع، رجل المهمات القذرة، لم يقدر اي ملك علي معاقبته حتى الجبابرة الثلاث لم يحاولوا قد لأنهم يعرفون حق المعرفة انهم سيحتاجونه يوما ما.
و ها قد تجرأ الملك رودلف علي سلبه حقه فمنذ سنة كاملة قام ببعض الاعمال القذرة لصالح هذا الملك و اتفق معه علي مبلغ معين ثم بعد اتمام مهامه رفض الملك الدفع متحججا بوضع المملكة الاقتصادي و لكن ليس شاتاي من تُسرق امواله امام ناظريه و يظل مكتوف الايدي، فها هي لحظة انتقامه قد حانت و جائت الان لحظة تنفيذ خطته الماكرة.

"شاتاي ،لقد قمنا بجميع التجهيزات و حان الآن وقت التنفيذ"

إبتسامة لعوب ارتمست علي وجهه ثم أردف بهسيس أفعة: "هيا بنا إيفان فقد حان وقت تقديم الهدية لوالد العروس"



•هرج ومرج يملأ القصر فها هو المنادي يعلن وصول موكب السلطان
"يا فتيات هيا هلموا لقد وصل موكب الملك ألكسندروس" صاحت احدى الخادمات بحماس.

"اريد رؤيته بشدة ، هيا يا فتيات نصعد إلى الشرفة الخلفية حتى لا يرانا احد و كي يتسني لنا رؤية وسامته بأريحية" أردفت لين هائمة ثم وضعت يدها علي قلبها كحركة مسرحية.

بادلتها ميرال بضحكة مستهزئة عالية :" اذهبي يا لين و لكن حاولي الا تقومي بأكله بعينيك"

"يا شمطاء القصر لا تتدخلي، هيا يا فتيات" و بالفعل ذهبوا لعلهم يروا هذا الوسيم حلم اميرات الممالك السبع.

و كما ان المنادي اثار الحماس في قلوب بعضهن فإنه ايضا اشعل فتيل الفزع في قلب الاميرة، فها هو مصيرها الأسود اقترب و اوشك علي سحبها، ترفض التصديق أنها على وشك ان تصبح بين احضان رجل غريب عنها و هي التي لم تحصل علي قبلتها الاولى بعد، تعلم انه وسيم و تعلم رجولته الطاغية وربما لو كان طلبها كزوجة لكانت الآن طائرة بين طيات السحاب و لكن الإذلال الذي يصاحبها الان سببه كونها مجرد عاهرة له، فهو عازف عن الزواج منذ بلغ أشده، و لِما يتزوج و هو مُصَرح له بإنتقاء ما يشاء من من الأميرات مقابل أمواله الطائلة و التي يصعب ردها مع الوضع المادي المزري الذي تمر به الممالك عدا خاصته و مملكتين أخرتين ،و من تعجبه يبقيها في جناح مفضلاته و من يمل منها يبعثها الي مملكتها مرة اخري و بحوزتها هدية الوداع، أي أنها على وشك أن تنال معاملة جارية في ثوب أميرة.



•توقع رودلف أن يأتي الملك لإصطحاب إبنته إلى قصره و لكن خاب أمله عندما رأى الوزير ماتياس أمامه و لكن لم يشأ إظهار الأمر و أردف ببهجة و احترام: "تفضل أيها الوزير، انرت قصري و شرفته بمجيئك المهيب"

" شكرا أيها الملك رودلف الشرف لي، اتمنى ان تكون الهدايا اعجبتك و نالت إستحسان الأميرة"

أومأ رودلف بالإيجاب :" بالطبع ماتياس، فذوق ملكك رفيع دائما ،تفضل بالجلوس و سأبعث بأحدهم لجلب الأميرة الأن كي لا نجعل ألكسندروس ينتظر طويلا"
و بالفعل قام الملك بمنادات احدى الخادمات حتي تبعث للملكة و ابنته بالمجئ.

إبتسم ماتياس بتهكم لم يلاحظه الملك فالعاهر لا يستحيي من إظهار حقيقة أنه سيببع ابنته بل هو على عجلة من أمره لتسليمها كي تدفئ فراش ملكه، أخرج ورقة من جيبه ثم أردف بعدم إكتراث :"لقد قام الملك ببعث تلك الورقة معي كي تقرأها سيدي ،و طلب مني أن توقع عليها بختم الممالك السبع لذلك تفضل كي تطلع عليها"

إرتسمت علامات الإستفهام على رودلف و قابلها الأخر ببرود تام، إلتقط الورقة من يديه ثم بدأ في الإطلاع عليها و سرعان ما تفاجأ بانها صك ملكية إبنته و ان بنودها تفضي بإستحالة تواصله معها الا بإذن ألكسندروس طيلة فترة مكوثها معه و بأنها ملكية خاصة له حتى يقرر العكس و بأنه لا يريد وريث منها و إن حدث بالخطئ سيقتله قبل مهده و ليس لها الحق بالإعتراض ،وفي المقابل سيكون هناك لها جناح خاص بها و خدم قائمون علي رعايتها و أموال لا حصر لها ستغدق على المملكة.
شعر رودلف بالإذلال التام في تلك اللحظة و لكن لأجل مملكته هو مستعد للتضحية بأي شئ حتى و لو كانت إبنته الحبيبة ،قام بإخراج ختمه بتردد ثم وقع علي الورقة.

ماتياس بإستمتاع :"أحسنت سيدي، بإمكانك جلب الأميرة الآن"

رودلف بخذي :"في طريقها الآن ماتياس"



•و في نفس الوقت كانت لين تجري بأقصى سرعتها الى الملكة"مولاتي، مولاتي"صاحت و هي غير قادرة على اخذ انفاسها.

هدرت الملكة بحدة :"ماذا هناك ،و كيف تجرئتي علي إقتحام جناحي بتلك الهمجية"

"مولاتي هناك مصيبة حلت علي رؤوسنا" اردفت لين ببكاء مما افزع الملكة التي بدورها طالبتها بالهدوء و التحدث.

تابعت لين بتلعثم :"لقد لقد لقد هربت الاميرة" انهت جملتها بتوتر بالغ سرعان ما انقلب لفزع و هي تري تحول نظرات الماثلة امامها اللتي سرعان ما صرخت عليها "ما الذي تهزين به يا هذه، من التي هربت، ابنتي انا؟! ،ابنتي انا تجلب لنا العار ،أنتي كاذبة و ستحاسبي على إتهامك البذئ هذا"

لين بخوف :"سيدتي أقسم لكي أنا لست بكاذبة ،لقد وجدت تلك الورقة في غرفة الاميرة و عليه ختمها و بحثت عن سموها في كامل الجناح و لم أجد لها ظلا" ثم اعطت الورقة للملكة و هي تعي حجم الكارثة التي ستقع علي رؤوسهم الان.

سارعت الملكة بفتح الورقة و أخذت تقرأ فحواها بصدمة، فها هي ابنتها الوحيدة تخبرها عن هروبها و عن كونها كارهة لهم و لتلك الصفقة و عن رفضها تلك الحياة المقيتة، بل و تطلب منهم ألا يبحثوا عنها و انها ستكون سعيدة من دونهم، طعنة غائرة في الظهر هي كل ما تشعر به الملكة الان ،ففلذة كبدها ستتسبب الآن في انهيار المملكة.
"نادي الملك فورا ،و لا اريد لاي احد في القصر ان يعلم بما حدث و إلا ستكون تلك أول ليلة لك في القبر، انصرفي هيا" صاحت الملكة بغضب موقعة قلب الأخرى التي هرولت إلى الأخر كي تنفذ أوامرها.

و بالفعل لم تمر دقائق إلا و صعد الملك الي جناح زوجته ظنا ان ابنته المدللة ترفض النزول من دون صحبته :"اين مدللتي الصغيرة ،الم تجهز بعد" أردف في محبة و لكن كان الجواب الذي تلقاه هو ورقة اعطتها له زوجته و عندما قام بفتحها ابيض سواد عينيه من الغضب.

"العاهرة ، كيف تفعل هذا بنا ،ألكسندروس لن يرحمنا و لن يرحم مملكتنا و سيكون رأسي على مأدبة عشائه الليلة" صاح بغضب من تصرف ابنته الطائش.

"لا اعلم ماذا اقول لك ، لقد وضعت ابنتنا رأسنا في الوحل " أردفت سيلفيا ببكاء مرير ثم تابعت "سوف نخبر السلطان بهروبها و بأنها خائفة و نعده اننا سنبحث عنها و نعطيها له في اقل من يومين"

" أجننتي يا إمرأة ،و حين اذ سيظن أنها هربت مع عشيق لها و لن يرغب بها ،بل و سيتهمني بأني من هربتها و يستولي علي مملكتنا بحجة اني لم التزم بجزئي من الاتفاق " صاح و الغضب يتصاعد منه و اخذ يفكر بحل يخرجه من ذلك المأزق الان و بعدها يتفرغ الي تلك العاهرة التي هربت منه كي يلقنها درسا قاسيا.

" داااارك " صاح رودلف مناديا علي الحارس الذي سرعان ما دخل الي الجناح.

"اجل يا سيدي" اجاب الحارس بإحترام.

"أحضر لي ميرال الآن" أمره رودلف و عينيه تفيض بالتوعد و الغضب.

"امرك سيدي "ثم انصرف الحارس مسرعا لتنفيذ امر سيده.

" ماذا تريد من ابنة العاهرة ، و ما نفعها الآن في المأذق الذي وضعتنا فيه ليليان" صاحت سيلفيا بغضب و الغيرة تنهشها.

"ابنة العاهرة تلك هي التي ستنقذنا"

"و كيف هذا؟! " تسائلت سيلفيا بإستهجان.

"سأسلمها له فهي إبنتي على أية حال" و كأنه قام بتفجير قنبلة في وجهها فملامحها لا تدل علي غير ذلك.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي