الفصل الثاني

"ميرااال،ميراااال"

"ماذا تريد دارك، فهذا ليس الوقت المناسب لمحاولة تبجحك معي، فهناك شبه زفاف علينا التحضير له" تسائلت بنفاذ صبر.

"اهدئي يا جميلة ،الملك فقط يريدك و هو موجود في جناح الملكة" أجابها و نظراته اللعوب تغمرها.

"ماذا تقول، لما يريدني"

"لا اعرف ،لقد أمرني بالاسراع و جلبك ،هيا كي لا تتأخري"

و بالفعل اسرعت الي جناح الملكة و وجدت الباب مفتوحا فقامت بالاستئذان للدخول و إنحنت لتحية كلاهما :"مولاي ،مولاتي لقد اخبرني دارك انك تريدني"

تنهد رودلف و أردف :"اجلسي ميرال"

شعرت بغرابة الوضع و لكن بالفعل جلست و تعلوها ملامح الدهشة ،فهذا المشهد هو اخر ما توقعت عيشه.

"ميرال ،انا اعرف انك تكرهيني"

"بالطبع لا مولا.."

قاطعها مصرا :"لا تقاطعيني أرجوكي، لم آتي لمعاتبتك فأنتي يحق لكي كرهي بعد ان تخليت عن والدتك و عنك و لكن صدقيني كنت مجبرا علي ذلك بسبب والدي، و حتي بعد وفاته لم يكن يصح ان اخبر الناس ان لدي ابنة من العدم" أردف بندم واضح

"لا تقلق مولاي ،لقد نسيت هذا منذ سنوات و لم و لن اطالبك بشئ" اجابت محاولة تمالك اعصابها فها هو بكل تبجح يعيد فتح جراجها كي يصب عليها الملح.

اومأ لها بتفهم ثم اردف بضعف :"اعلم عزيزتي و لكن في الواقع انا الذي في حاجة اليك يا ابنتي ،بل المملكة بأكملها كذلك"

فتحت عينيها على أشدهم من نبرة صوته المتوسلة و من دعوته اياها بإبنته بعد أن نبذها كونها قادمة من جارية و ليس اميرة فتسائلت بتوجس :"ماذا تريد مولاي"

"لقد هربت ليليان" اجاب بخذي و ضعف تبعه صدمة من الماثلة امامه فهي علي يقين بالمستقبل الاسود الذي سينتظرهم فور معرفة الطاغية بهذا فتسائلت بريبة :"انا اسفة و لكن كيف اساعد في هذا الوضع يا مولاي"

" ستذهبين انتي مع ماتياس بصفتك ابنتي ،فلحسن الحظ اصرت والدتك علي وضع الوشم الملكي علي يديكي يوم ولادتك كطلب أخير لها قبل أن تلقى حتفها و لعشقي لها لم أستطع الرفض و أقسم لكي اني اردتك و إلا لما وافقت على منحك هذا الوشم"

حاول تبرير فعلته الشنعاء بكافة الطرق و لكنه لم يدري ان اذنها قامت فقط بإلتقاط اول جملة من حديثه ،ماذا يعني انها ستذهب مع وزير الطاغية ،هل سوف تكرر مصير والدتها و تكون عشيقة منبوذة و ربما تنجب طفلاً منبوذاً مثلها، رفضت رفضا قاطعا و أردفت بإصرار :"لا يحق لك ابدا ان تفعل بي هذا ،انت رفضتني و هجرت والدتي التي ماتت حزينة إثر معرفتها بنواياك و لم أنعم بدفئ زراعيها يوما بسببك ،لا تطلب مني الآن أن اضحي من اجلك و انت لم تتكبد العناء لفعل هذا" صاحت بإنفعال.

"و هل تظنين انه اذا رفضتي ستكوني سعيدة، ألكسندروس سيهجم علي مملكتنا فور علمه بالأمر، و جيشه سيقوم بقتل الرجال و إغتصاب النساء و تيتيم الاطفال، اهذا ما تريدينه، أستكونين سعيدا بمشاهدة بحر من الدماء رغم قدرتكي على منع حدوثه؟!"

إستمات محاولا إقناعها و بالفعل هي تعلم ان هذا هو مصير مملكتهم اذا عرف الطاغية بهروب الأميرة و بالفعل باتت تلعنها الآن في سرها عن المصائب التي تسببت بها تلك المدللة.

"ارجوكي وافقي ،فمملكتنا غير مستعدة ابدا لتخوض حربا مع بعض المتمردين فما بالك بحرب مع الطاغية الذي لا يستطيع احد حصر اعداد جيوشه" اردفت الملكة باستعطاف.

ثم اضاف الملك: "و صدقيني سيعاملك افضل معاملة فهو كريم مع نسائه، اقسم لكي ان هذا هو حلم جميع نساء الممالك و حتي اذا مل منكي ستعودي سالمة الي ارضنا محملة بالجواهر"

اطرقت تفكر قليلا و نظرات التوسل تظهر بوضوح علي وجه الملك و الملكة، فبالرغم من كل شئ سئ حدث لها في هذا القصر الا انه يعد بيتها و بالرغم من ان الخدم و الجواري بعضهم سئ و الاخر عابث الا انهم اهلها ،صمتت قليلا ثم رفعت رأسها مسلطة نظرها علي وجه الملك ثم قالت :"موافقة ،ليس من اجلك و لكن من اجل سكان المملكة المساكين"

تهللت أساريره فور نطقها بتلك الكلمات و اسرع إلى ماتياس كي يعتذر له عن تأخره متحججا بأن ابنته لم تنهي تبرجها بعد و انها تريد ان تظهر امامه بأبهي حلة.


•لا تصدق انها وافقت على تلك الكارثة و لكن لم يكن امامها خيارا اخر، نظرت الي المرآة متأملة فستانها الحريري ضيق الخصر مبرزا لقدها المنحوت و قد انتهى الخدم من وضع القليل من الحمرة علي وجهها فإكتفت بذلك ثم أسدلت الساتر علي وجهها إتباعا للعادات الملكية كي لا يراها الملك الا في قصره ثم هبطت الي المجلس حيث يتواجد الوزير.

رودلف بتوتر :" ماتياس، ها هي ابنتي الأميرة ميرال"

"ميرال؟!" ارتفع حاجب ماتياس بتساؤل و علامات الشك ظهرت علي محياه فسارع رودلف مجيبا إياه محاولا السيطرة علي تلعثمه :"اسمها الحقيقي ليليان و لكن المقربون يدعونها بميرال"

لم يقتنع الاخر فإقترب من ميرال حتي سمع صوت دقات قلبها و انفاسها و قام برفع يدها ثم ظهرت علي وجهه علامات الرضا حينما شاهد الختم الملكي فنادى علي حراسه لتجهيز العربة حتي يتسنى له العودة مع تلك الفاتنة التي ألقت رئيسة الجواري شعرا عن حسنها و قوامها المنحوت الذي يخطف القلوب.



اخذ يلمع سيفه العزيز رفيق دربه المخلص الذي لم يخذله قط، فهو القائد العظيم المعروف بسطوة سيفه و قوة قبضته، كم من روح فاجرة أُُزهِقت علي يديه، سفاح الخونة كما يطلق عليه و لكن تظل هي نقطة ضعفه الوحيدة، حبيبة قلبه التي لم يتمنى شيئا في حياته بقدر رغبته في إمتلاكها بين زراعيه و بثها اشواقه، فاللعينة تؤرق منامه منذ سنين.

"ايها القائد، ايها القائد"

قطع شروده صوت أحد الجنود مناديا إياه بصوت عالٍ و تبا كم يزعجه الصوت العالي، قطب حاجبيه و التفت الى الجندي و ملامح الإنزعاج بادية علي محياه :"ماذا تريد يا هذا"

"سيدي الملك ألكسندروس علي وشك الوصول، هل ستقوم حضرتك بإستقباله ام ماذا"

تبا كم يزعجه أن يقطع أحدا خلوته بدون سبب قوي :"هل لديك اطفال؟"

"نعم سيدي"

صاح ريموس في غضب :"حسنا سأعتبرها هفوة منك و لن اقوم بإدخال سيفي في مؤخرتك، انصرف الان"

"حسسسنا سيدي" اجاب بتلعثم ثم انصرف و بمجرد ان انصرف الحارس اكمل هو تلميع سيفه و كأن شئ لم يكن.




•"يستحييييييل ان ارتدي ذلك زيندا"
صاحت في تأفف مما جعل الاخرى تحاول اقناعها :"سيدة روز القائد سيغضب كثيرا ان ارتديتي شئ غير ذلك في حفل إستقبال الأميرة"

ضحكت في سخرية و اخذت تمشطت شعرها متجاهلة الاخرى :"و كأن القائد يهمني اصلا، بالإضافة الى ما هو الداعي لاقامة حفل من الأساس ، حبًا بالآلهة انها ليست زوجة بل مجرد عشيقة جديدة ستنضم الي سربه من الحثالة، منذ متى تقام الاحتفالات للجواري"

زيلدا بهدوء تام :"سيدتي انتي تكررين تلك الخطبة في كل مرة يأتي بها الملك بأميرة جديدة إلى القصر، و انا دائما علي تذكيرك بأن الملك لا يختار جواري بل اميرات و بالتالي يجب اقامة احتفال ترحيب يليق بأميرة"

نفخت روز بإنزعاج و تركت تمشيط شعرها و قد بدأت تشعر بالملل :"حسنا حسنا، لن اتحدث مرة اخرى بخصوص اقامة الحفلات لألعاب أخي الجديدة و لكن إصدقيني القول هل هذا رداء يصلح لأميرة فاتنة مثلي لم تتجاوز العشرين من عمرها ام لإمرأة عجوز شمطاء مثلك؟"

فتحت زيلدا عينيها على اشدها فكل مرة تتفنن الأميرة بإبهارها بوقاحتها التي لا مثيل لها و بالفعل الان عليها إلقاء محاضرة عن الأخلاق الحميدة ككل مرة تجلس بها مع الأميرة المدللة و لكن و لحسن الحظ انقذها احدهم من بدأ تلك المحاضرة.

"اعلم عزيزتي انك تفضلين الظهور بمظهر العاهرات و لذلك حرصت علي اختيار ردائك بنفسي"

التفتت روز إلى مصدر الصوت الرجولي المزعج المحبب الى قلبها : "سيدة زيلدا، اتركيني مع رجلي المستقبلي رجاءً" حاولت استعمال اشد نبراتها فتنة و كم كان تأثير كلمة رجلي قوية علي الماثل امامها الذي سرعان ما أماء بالموافقة معطيا الاذن للسيدة بالخروج.

تسائل ريموس و مزيج من النظرات الوقحة و الخبيثة ظهر على محياه :"رجلك ها؟"

تقدمت اليه بغنج حتي بات الفاصل بينهم لا يتجاوز الإنش و قامت بوضع يدها موضع قلبه النابض بإسمها ثم اخذت تقوم بحركات دائرية كأنها تقوم بكتابة شئ ما و اردفت بنبرة مغوية :"نعم ريموس انت رجلي و..."

لم تستطع إكمال جملتها لأنه قام بإبتلاع حروفها بين شفتيه القاسية و أستمر في تقبيلها مستمتعا بمبادلتها إياه حتى لاحظ مقامتها له فعلم ان الهواء في رئتيها علي وشك النفاذ ففصل القبلة الملتهبة واضعا جبينه علي جبينها هامسا بطلبه المعتاد الذي لن و لم يسأم من تكراره :"تزوجيني روزي"

نظرت له بضياع دام لعدة ثوان ثم عادت اليها نظراتها الماكرة المعتادة :"ليس بعد يا وحش روز"

ظهر الغضب جليا عليه من تأجيلها المعتاد و تسائل في صوت جاهد الا يفزعها به و لكن هيهات ظهر كفحيح افعى :"لما عليك اللعنة"

مطت شفتيها مجيبة ببراءة مصطنعة :"لم استمتع بعد بفترة خطبة كافية"

حسنا لقد ضاق ذرعا من تبجحها هذا فاتخذ قراره في المغادرة قبل ان يجعلها تبات في قبرها تلك الليلة :"انا ذاهب لإستقبال أخاكي العاهر يا عاهرة و أمامك خمس دقائق ترتدين فيهم الرداء اللعين الذي جلبته لكي و لا تتصرفي بعهر و تحاولي التشبه بالعاهرات مرتدية مثلهم و الا جعلت جمجمتك العزيزة اليوم معلقة علي جداري، الوداع يا عاهرة والديك"

غادر غاضبا صافعا الباب تاركا خلفه روز متسمرة ،كم يبهرها تقلب مزاج هذا الضخم، و اللعنة كيف قام بإهانتها بكل هذه البذائة في جملة واحدة بل و اهان الملك ايضا، فهي تعلم كم ان الأهوج لا يخاف من احد في هذه المملكة حتى و لو كان الملك بنفسه فلو لم تشاهد نزالهم الذي انتهي بالتعادل مما جعل اخاها يعينه نائبا له لقالت انه انتحاري لعين، فالأحمق يحق له التباهي بقوتة فهي شاهدة علي صلابة جسده و عضلاته التي تتمنى الغوص داخلها و لكن ليس الآن.
ذهبت الى خزانتها و قامت بفتحها متأملة جميع الملابس التي تمتلكها حتى وقع نظرها علي رداء احمر ضيق مطعم بقليل من الفضة عند منطقة الصدر كاشفا عن جزء لا بأس به من المنطقة هناك :"حسنا روز، بناء علي رغبة خطيبك الغيور الآن حان وقت التصرف بقليل قليل جدا من العهر"




•تشعر و كأنها مقيدة لا تستطيع الحراك في ساحة مظلمة واسعة و اخر ما تتذكره هو وضع احدهم لشئ على أنفها :" ااااه" خرج تأوه خفيف من بين شفتيها تبع استعادتها لاحداث امس.

"مهلا مهلا هل استيقظت الأميرة النائمة اخيرا"

" من أنتي و أين انا و كيف تجرأتم علي اختطافي من القصر، لا تمتلكون ادنى فكرة عما اقحمتم نفسكم فيه أيها الرعاع، والدي سيجهز جيشا أوله عند الصخرة السوداء و اخره عند التل العظيم حتي يستعيدني يا حثالة"
صرخت غاضبة فور استعادتها جزء من قوتها و زادها غضبا فوق غضبها برود الواقفة امامها

"بإمكانك تنضيف الغرفة يا سمو الأميرة أولا ثم تذهبين الى الحظيرة لمساعدة الفتيات في التنظيف هناك ثم تشاركيهم في تجهيز الطعام"

حملقت ليليان بها و كأنها القت عليها تعويزة للتو فهي تجاهلت كل كلمة قالتها بل و تأمرها بأعمال الخدم و هي لا تعرف شكل ادوات النظافة حتى فهي مدللة اباها أقصى عقاب لها كان حرمانها من حذائها المفضل.

تركت ليليان الفراش الرث و أردفت بجدية :"اريد ان اتحدث الي سيدك، الي الرجل الهمجي الذي قام باختطافي"

"سيدي ذهب الي الصيد و سيعود مساء و صدقيني انه اخر شخص انتي بحاجة الي رؤيته، هيا نفذي ما أمرتك به و كفي عن التدلل فأنتي لم تعودي في قصرك يا اميرة"
اجابتها باستهزاء ثم غادرت تاركة خلفها ليليان تحترق من الغضب و الخوف في ان واحد فالمملكة في خطر ماحق فهي علي علم ببحر الدماء الذي سيحدث نتيجة لإختفائها.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي