الفصل الثالث

"اللعنة"

"لا تسبي أيتها الأميرة، ألم يخبرك احد من قبل في قصرك ان السباب هو صفة العاهرات لا الأميرات"

التفتت ليليان إلى مصدر الصوت الأنثوي المزعج و وجدتها إمرأة فاتنة ترتدي ملابس ضيقة تصف انحناءاتها بسخاء مما زاد من غضبها فهي تكره حد اللعنة ان تعترف بجمال أخرى :"من انتي و كيف تجرئي علي تشبيهي بالعاهرات، فلا يوجد عاهر هنا غير الغبي الذي جلبني لتلك القمامة"

ضحكت الأخرى بصخب مما زادها فتنة ثم اجابتها بمكر بعد ان اسبلت اهدابها :" لا أعلم هل ستعجبك هويتي ام ماذا و لكن انا حبيبة الرجل الذي تصفينه بالعاهر و الذي جلبك لتلك القمامة"

فتحت ليليان عينيها علي اشدها فلم تتوقع ابدا ان يكون لدى الهمجي الذي اختطفها حبيبة بتلك الفتنة، هل يعقل ان يكون شابا يافعا، فقد رسمت له صورة في مخيلتها لرجل ضخم اصلع ذو انف كبير فهي منذ ان استيقظت من غيبوبتها و هي تحاول تذكر شكله و لكن بلا فائدة، تركت تخيلاتها عندما لاحظت ان الأخرى قامت بإلقاء بعض الملابس المتسخة امامها مما اثار جنونها فصاحت بيأس :"ما اللعنة التي تفعلينها الأن يا غبية، لقت كدت انتهي من الغسيل و ها انتي ذا تزيدي الطين بلة"

ابتسمت الأخرى مستفزة اياها :"ادعى كيرا"

ضمت ليليان شفتيها بقوة محاولة السيطرة علي غضبها :"حسنا يا انسة انا لن أقدر علي غسل ملابس اخرى حقا لقد تعبت كثيرا اليوم"

رفعت كيرا حاجبها بسخرية :"تعبتي من ماذا، عزيزتي ما يحدث الان هو مجرد مقبلات، الوجبة الرئيسية لم تأتي بعد" ثم غادرت بغنج تاركة الأخرى فاغرة فاها من الصدمة.



•قامت فزعة من النوم على أصوات طرق الخدم على باب غرفتها تخبرها بأن تسرع في استعدادها فأدركت ان غفوتها قد طالت، تطلعت على الساعة و تفاجأت بأن الحفل بعد اقل من نصف ساعة و هي لم تبدأ حتي في الإستعداد له.
اخذت نفسا عميقا مطمئنة نفسها انه ما زال هناك وقت كاف ثم قامت مسرعة من الفراش و اتجهت الي المرحاض و أخذت حماما سريعا ثم مشطت شعرها البني الطويل و ارتدت الثوب الموضوع فوق الفراش و الذي كان بفعل الصدفة ازرق كلون عينيها ضيق عند الصدر حتى الخصر غير كاشف و يتسع كلما اتجهنا الي الاسفل كعادة ملابس الأميرات، ثم قامت بوضع القليل من الحمرة و عطر الياسمين و أسدلت شعرها علي كتفيها ثم تأملت هيئتها النهائية في المرآة و تفاجأت بما هي عليه، فلم تتوقع ابدا ان تكون بتلك الهيئة في يوم من الايام فهي الآنة تبدو كأميرة ثرية من احدى الأسر المخملية.

"سيدتي سيدتي، لقد تأخرتي كثيرا و الملك في انتظارك"

افاقت ميرال من تأملاتها علي صوت طرق احدى الجواري مرة أخرى، و لكن لحظة واحدة ماذا تعني ان الملك في انتظارها، اتجهت كي تفتح الباب لتلك الجارية ثم سألتها
بإنفعال :"اين الملك اهو قادم ورائك؟، اجيبيني هيا"

"في جناحه سيدتي، و لكن اخبرني الحارس ان اتأكد من ان سموك جاهزة حتي يأتي سمو الملك لإصطحابك"

ابتلعت ميرال ريقها بتوتر :"ححسنا انا جاهزة، اخبري سموه بذلك"
اومأت الجارية بطاعة ثم انصرفت بعد ذلك .

لم تكد تمر عدة دقائق حتي فُتح الباب و وقع قلب ميرال في ارجلها فهي لم تتوقع ان يأتي بتلك السرعة فإلتفتت غير مستعدة للقائه، و لكن هدأت بعد ان اكتشفت ان القادم فتاة، أو بالأحرى انثى متفجرة الأنوثة ترتدي ثوب ناري جرئ يعكس بياض بشرتها المشع.

اقتربت منها تلك الفتاة ثم أردفت بأنف مرفوع :"اذن انتي هي مدللته الجديدة"
اخذت تلتف حولها كأنها تقيمها ثم تابعت :"لا بأس بك، يا ترى ما السبب تلك المرة"

فهمت ميرال ما ترمي اليه تلك الشمطاء و كأنه ينقصها، نظرت لها بحدة غير ابهة بهويتها فبالطبع هي احدى عاهراته :"ليس من شأنك"

انفجرت الأخرى ضحكا من وقاحة ميرال ثم رفعت سوارها كاشفة عن ختمها الملكي :"انا روز اخت الملك لذلك عزيزتي انتي مضطرة لإحترامي بل و تملقي احيانا"

لم تكترث للأمر فكونها عاهرته او شقيقته لا يهمها فالمهم انها لن تسمح بكونها ممسحة أقدام لقذارتهم الملكية، نظرت لها بلا مبالاة و اجابت بهدوء :"علي جثتي يا اميرة"

ضيقت روز عينيها من الصدمة ففي العادة تتملقها عاهرات اخيها تقربا منه :"تبا يا فتاه لقد اثرتي اعجابي حقا، ما اسمك "
تابعت كارمن بلا مبالاة : "اسمي الحقيقي هو ليليان و لكن يدعونني ميرال، و حقا انا لست بمزاج جيد لسخريتك تلك يا انسة لذا رجاء غادري"

روز بسخرية :"حسنا نتقابل في الحفل" ثم غادرت

زفرت ميرال بإرتياح بعد مغادرة الشمطاء المثيرة و مر عليها بعض الوقت بسلام حتى فُتح الباب مرة اخري و لكن تلك المرة كان هو.
ظهر بكامل اناقته و ثوبه الملكي الفاخر و ذقنه الحليقة و بنيته الضخمة، الان فقط قررت انها لن تلوم الفتيات على اللهاث ورائه.
اقترب منها بخطوات بطيئة خطوة تلو الأخري حتي باتت هناك خطوة واحدة فاصلة بينهم، بمجرد ان خطي الخطوة الاخيرة تراجعت هي خطوة فاقترب مرة اخري و تراجعت هي و ظل الوضع هاكذا حتي التصقت بالجدار ورائها.

"الأميرة ليليان اذن"

نظرت ميرال للأسفل و لم تجرأ علي رفع عينيها تجاهه و أجابت بتوتر :"أجل سموك"

اردف بتحذير :"لا تنظري للأسفل و أنتي أمامي"
رفع ذقنها بأنامله و تابع :"كانت أريانة سخية في وصفها و لكن غفلت عن ذكر عينيك التي تشبه أمواج البحر الثائرة"

إزداد توترها أضعافا مضاعفة فهي لم تكن على مقربة من رجل من قبل و ليس أي رجل، رغما عنها وجهت نظراتها إلى كل شبر في الغرفة كي تهرب من النظر لوجهه بعد كلماته الساحرة و لكن لفت انتباهها اخراجه لشئ لامع خطف انظارها للتو و شهقت بإعجاب عندما أمعنت النظر فيه، كانت قلادة ساحرة يظهر من لمعتها أنها مصنوعة من حجر باهظ الثمن.

"استديري"

إستجابت له بدون شعور ثم شعرت بأنامله حول عنقها و استغرق الأمر مدة طويلة نسبيا حتى قام بإحكامه حول رقبتها و تخلل الأمر لمسات تقسم أنها ليست بريئة رغم بساطتها، ادارت وجهها له فور انتهائه و أردفت بإحترام :"شكرا سيدي"
لاحظت اقترابه فعلمت ما هو على وشك افتعاله و هي ليس لديها الجرأة لمنعه فمستقبل مملكتها على المحك لذلك اغمضت عينها مستسلمة للأمر الواقع و لكن لحسن حظها قام احدهم بطرق الباب بعنف منقذا اياها من براثن هذا الوحش.

ألكسندروس غاضبا :"من الطارق"

"اعتذر سيدي و لكن الأمر طارئ، القائد ريموس يقوم الأن بضرب الأمير ريتشارد و لا يوجد احد قادر علي فصله عنه و الأمير قارب على لقاء حتفه"

لعن ألكسندروس :"حسنا انا قادم"
ثم وجه كلامه للماثلة امامه :"يبدو ان هناك عراك مشتعل لن يطفئه غيري، سأذهب الأن، لنا لقاء أخر ليليان"

انحنت له بإحترام و شاهدته يغادر الغرفة ثم زفرت الصعداء حينما أصبحت بمفردها مرة أخرى شاكرة لذلك العراك الذي لا تعرف أطرافه حتى.




•تأملت نفسها في المرآة ناظرة بإعجاب لمظهرها الأخاذ، فالرداء يظهر مفاتنها بسخاء فحدثت نفسها بغرورها المعتاد :"كم ابدو فاتنة، لا عجب ان وحشي الوسيم واقع لي حتى النخاع، يا ترى ماذا سيفعل حين يراني"
نظرت بمكر الي انعكاسها ثم تابعت :"اظن ان اللون الاحمر سيليق بي اكثر"
مسحت زينة شفتيها و استبدلتها بأخري قرمزية اللون مبرزة انتفاخ شفتيها و القت قبلة في الهواء الى نفسها ثم انصرفت راضية عن مظهرها متجهة الي الحفل عازمة على اثارة غضبه و أخذت تمشي بخيلاء كالمعتاد تلقي بنظراتها الساحرة على الملوك و الأمراء الحاضرين مشعلة قلوبهم فتنة بها و مثيرة للغضب في قلوب زوجاتهم.

"سمو الأميرة"

التفتت روز الي مصدر الصوت فوجدته رجلا وسيما و علمت على الفور كونه من مملكة الجبل الأزرق فأهلها مشهورين بتلك العينين الفيروزية و الشعر الأشقر و البشرة البيضاء :"نعم سيدي"

"هل تسمحين لي بتلك الرقصة"
نظرت له روز بصدمة فلم يتجرء احد قبل على طلبها للرقص فوحشها يسبب الرعب للجميع، بالتأكيد هذا النبيل لا يعرف وحشها و هي لا تمانع حقا في تعريفه اياه، همست بصوت خافت : " اخيرا بعض المتعة " ثم ابتسمت ابتسامتها المصطنعة البريئة :"بالطبع يشرفني ذلك سيدي"

فرح من كل قلبه، لا يصدق ان تلك الجميلة وافقت على ان تبادله الرقص جاهلا هويتها، أخذ يدها و قبلها ثم اتجه بها الي صالة الرقص :"انا ادعى ريتشارد و انا امير من مملكة الجبل الأرزق و ابن عم الملك زولان و انتي انستي الجميلة ما اسمك"

ابتسمت روز علي مجاملته تلك ليس خجلا فهي لا تعرف معنى تلك الكلمة و لكن سخرية منه فالغبي لا يعرف ما اقحم نفسه فيه :"ادعى روز و انا اخت الملك ألكسندروس"

ابتسم بافتتان ثم تابع :"اسف لجرئتي و لكن كيف يوجد اميرة بمثل جمالك و ليست متزوجة فعذرا لا اشاهد خاتما في يدك"

احسنتي روز لقد وقع الفأر في المصيدة في اقل من خمس دقائق، رقم قياسي جديد، هنأت نفسها علي انجازها هذا ثم لمحت بطرف عينيها وجود وحشها فقربت نفسها من ريتشارد هامسة له بغنج :"لم اجد بعد الشخص المناسب لي"

كم سحرته تلك الحورية، زاد من ضمه لها بعد ان اقتربت منه فقد اعتبرها اشارة له بأنها تبادله الاعجاب و اقترب منها اكثر عازما علي النيل من شفتيها القرمزية تلك.

فهمت روز من نظراته ما ينوي فعله و ياله من توقيت ممتاز، عدت في سرها واحد اثنان و لم تصل إلى ثلاث حتى حدث ما خططت له بالحرف الواحد.



•يسود المكان هرج و مرج و لكن صوت العظام و هي تكسر يكاد يكون اعلي من صياح الحاضرين، لم يقدر احد على ايقافه بل لم يتجرئوا علي المحاولة حتى، و كيف يفعلون ذلك و هم يعلمون ان مصيرهم سيكون الموت حال أن تدخلوا في الأمر.

فقد السيطرة علي نفسه، لا يعرف هل قتله بعد ام لا فقد وجد نفسه يبرحه ضربا بدون توقف و لا يرى امامه غير مشهد ذلك المخنث ضاما اللعينة خاصته بين زراعيه بل و أوشك علي تقبيلها لولا انه تدخل في الوقت المناسب، شياطين العالم الأن تتراقص امام عينيه و كم يرغب في قتل تلك اللعينة و سيفعل و لكن بعد انتهائه من ذلك المخنث الذي كست الدماء وجهه حتي اختفت معالمه.
قرر ان يوجه لكمة اخيرة قاضية تُذهب حياة ذلك الأحمق و رفع يديه عاليا عازما علي قتله و قبل ان تهوي يده على وجه ريتشارد امسك احدهم بها فاستدار ليرى من ذلك و بالطبع كان هو فلن يتجرأ احد اخر علي فعلها :"عذرا ايها الملك لإفساد حفلتك، اعدك اني سأصلح كل شئ فقط سأقتل ذلك المخنث ثم اقطع عنق تلك العاهرة و بعدها سنستأنف الاحتفال و نحتسي الجعة كأن شيئا لم يكن"

لكمه ألكسندروس بغضب ثم صاح :"كف عن بربريتك تلك ريموس، فانت لا تفسد حفلتي فقط بل تتعدى علي ضيوفي الآن"

لم تؤلمه اللكمة و لكن خط رفيع من الدماء تمرد و ظهر بجانب زاوية فمه فتمالك نفسه مذكرا اياها انه الملك كي لا يرد له اللكمة :"حسنا سيدي الملك عذرا " ثم قام برمي ريتشارد ارضا عازما على انهاء الامر في وقت لاحق و التفت كي يغادر.

غضب ألكسندروس حد الجحيم من طفولية اكبر قادته و لكن التمس له العذر فهو يعشق رووز حد النخاع و هو خير من يعرف بمهارة شقيقته في اثارة الغضب لذلك كان قلقا عليها فيظهر من نظرات ديفيد انه لن يمرر الأمر علي خير فجذبه من زراعه الي احدى الزوايا هامسا له :"لن اتدخل في تأديبك اياها فهي لك و لكن ان قمت بالمبالغة في ذلك اقسم اني سأقطع اطرافك حين اذ و اطعمها لأسودي"

التفت ريموس له مبادلا اياه نظراته الماكرة المعتادة :"لا تقلق سموك"
ثم ضحك ساخرا و تابع :"سأدللها كثيرا و أنا اعاقبها" ثم غادر تاركا الحفل باحثا عن لعنة حياته.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي