الفصل الأول
في هويد احدي ليالي الشتاء الحزينة ووسط الظلام الكاحل تسللت أقدام خفية لتعسكر امام المسجد بينما يؤدي المصلين صلاة الفجر
دارت بعينيها يمنة ويسرة حتي تطمئنت أن لا أحد يراها ثم وضعت ما بيدها وركضت هاربة وتخفت في احدي الزوايا تراقب الوضع بعيون غير مفهومة أ هي خائفة ام حزينة أم مكلومة
دقائق مرت وسط بكاء الطفل الموضوع امام باب المسجد، سمع المصلون البكاء فأكملوا صلاتهم ثم ركضوا للخارج ظنا منهم أن ثمة أحد ما يحتاج مساعدة وما أصعب ما رأوه انها طفلة صغيرة يبدو أنها حديثة الولادة لا حول لها ولا قوة ملفوفة بعدة ثياب وبجانبها رسالة
تحرك الشيخ حسن ( امام المسجد) تجاهها وحملها بين يديه علها تكف عن البكاء وعندما رأي الورقة أعطاها لجاره ليقرأها عليه وكان مضمونها كالتالي
" الي من يجد صغيرتي .. لقد شاءت الاقدار أن أضحي بصغيرتي بيدي هاتين ولكنها ظروف أصعب مني وتفوق احتمالي، أتوسل اليكم لا تؤذوها وأتلمس قلوبكم الرحيمة لأن تكون أرحم عليها مني "
تنهد الشيخ حسن بضيق وقبل رأس الصغيرة بحنان قائلا: منا من يضجر ان ابتلي في دنياه وانت يا صغيرتي ولدت مبتلية
تحدث جاره: يخوضون ويلعبون ثم يأت هؤلاء الصغار ليدفعوا ثمن غلطة آبائهم
الشيخ حسن : لا نعلم ما هي الظروف التي جعلتهم يتخلون عنها
الجار: ماذا سنفعل بها ؟
الشيخ حسن : سأخذها معي وغدا أري ما أنا فاعل بخصوصها
الجار: كيف ستسهر بجانبها إنها طفلة حديثة الولادة لن تسكت ستمرض هكذا لا سمح الله نحن لم نصدق انك تعافيت وعدت للمسجد لا نريد أن تبتعد مرة أخرى يجب أن تأخذها لقسم الشرطة أو لميتم هيا هيا
الشيخ حسن : لا تقلق بخصوصي فربي هو المعين الحمد لله أنا بخير بخير جدا وصحتي جيدة ثم كيف سأسخى بطفلة صغيرة مثلها
الجار: حسنا يا صديقي ليعينك ربي وان احتجت شيء اتصل بي وسأكون امامك في الحال
الشيخ حسن: جزاك الله خيرا يا صديقي وجعله في ميزان حسناتك بوركت اتمنى ان نجد حلا مع الصغيرة المسكينة اخخ ماذنبها انظر لوجهها الجميل انظر
الجار:هذه هي حال الدنيا عن اذنك اخي.
تحرك الشيخ حسن بالفتاة نحو بيته والصغيرة نائمة فقظ كنت عن البكاء أخيرا بعد أن تعبت وأمها لا تزال تراقب من بعيد ولم تغادر مكانها حتى تأكدت ان صغيرتها بأيد أمينة.
دلف الشيح حسن بيته لينادي:خديجة أين انت؟ تعالي لحظة
تحركت من الغرفة اليه سريعا وهي تردد:خير خير ماذا هناك لم تنادي بصوت مرتفع على غير عادتك خير.
الشيخ حسن:انظري ماذا أحضرت؟
طالعت تلك السلة الصغيرة وقالت:ماهذه منذ الفجر؟
الشيخ حسن:فتاة
خديجة:فتاة؟! من أين أحضرتها أو علك تزوجت وأنجبت أخبري الحقيقة حسن هل فعلتها لن الومك وبن انصدم فقط أخبرني بالحقيقة
ضحك الشيخ حسن حتى ظهرت نواجذه ثم أردف:على مهلك يازوجتي العزيزة خذي نفسا أولا اي زواج وأي إنجاب ماذا تهذين أنت هل صليت الفجر؟
خديجة:نعم فعلت دعني أر الفتاة هذه.
الشيخ حسن:لقد وجدتها على بابا المسجد منذ قليل يبدو أن احدهم تركها وول عنها حرام والله كيف ترمى فتاة بعمرها.
خديجة:يييه يييه ما أجملها قطنة هي لكنها صغيرة جدا لا نعرف ظروف من تركها بباب الجامع لكن لا يمكنها ابقاؤها هنا معنا لم أحضرتها؟
الشيخ حسن وهو يتحرك ليجلس:وهل تظنين أنني ساتركها للبرد بباب الجامع هناك.
خديجة:لربما تولى أمرها غيرك
الشيخ حسن:طفلة هي خديجة لم أعهدك إلا حليمة رحيمة ما بالك الآن
خديجة:أخاف عليك اعرف الطفلة صغيرة وانفطر قلبي على حالها لكن أنا أخاف عليك لا اريدك ان تتورط بشيء هو اكبر منك
الشيخ حسن:لا كبير إلا الله على العموم سنهتم بها حتى يحل الصباح جيدا نحن فيه أصلا بعض الوقت فقط ثم اتصرف في أمر الصغيرة.
خديجة:ان شاء الله
هنا استفاقت الصغيرة وفتحت تلك العيون التي رغم صغرها كانت واسعة لتشرع في البكاء بقوة فنظر اليها الشيخ حسن وشرع يتحدث معها قائلا:اهدئي صغيرتي اهدئي خديجة لم تبك.
اقتربت خديحة منها وحملت الفتاة وطالعتها بحب لتردف:سبحان الذي خلقك وصورك في أحسن صورة لا بأس صغيرتي اهدئي أنا هنا
الشيخ حسن:خير خير اهي مريضة؟
خديجة:لا طبعا يبدو أنها تحتاج لتغيير حفاظ وحليب ألم يتركوا من وضعوها أمام المسجد اغراضها؟
الشيخ حسن:لا فقط السلة وما العمل الآن هي لا تسكت.
خديجة:إذا عزيزي اذهب سريعا للصيدلية وأحضر ما يلزم هيا هيا وأنا ساحاول التهويد لها وإسكاتها الى أن تعود.
تحرك من مكانه على عجل ليردد:حسنا سأعود سريعا عزيزتي لكن ما إن وصل للباب حتى عاد سريعا ليردد:لكن ماذا يحتاج الرضع؟
ابتسمت لترد:حفاظات لحديثي الولادة وببرونة وحليبا ومناديل مبللة خالية من الكحول وأيضا أحضر مقياسا للحرارة ولهاية لحديثي الولادة أيضا هذا مبدئيا وإن احتجنا لشيء أخبرك
تحرك مبتهجا ليقول:حسنا لن أتأخر فطالعته بحزن وقالت:الطفلة فتحت جروحه آه أيتها الصغيرة آه أحدهم يرمي أطفاله وغيرهم يشتهي ظفرهم لكن ما عسانا نقول هذه هي حال الدنيا الحمد لله على كل شيء.
يقيت تهزها حتى هدأت الصغيرة ليعود الشيخ حسن بعد مدة من الصيدلية وقد أحضر معه الأغراض التي طلبت.
دخل البيت وأسرع إلى الغرفة ناحيتها وهو يردد:لقد أحضرت ما طلبت.
خديحة:بهدوء حسن نامت لتوها حتى تستفيق أطعمها.
طالعها قليلا بحزن ثم تنهد واردف:ليحميك رب البرية يا صغيرة.
مر بعض الوقت ليس بالكثير لتستفيق الفتاة من جديد باكية فأسرع هو إليها بعد أن كان بجانبها يراقبها فحاول حملها لكنه تردد وخاف لصغر حجمها،هنا أتت خديجة مهرولة نحوه ليقول:تعالي لقد استفاقت
خديجة:لم لم تحملها؟!
الشيخ حسن:خفت
فضحكت خديجة مقهقهة لتقول:تخاف من طفلة عمرها يومين غريب أمرك يا شيخ حسن.
الشيخ حسن:اضحكي اضحكي إنها صغيرة جدا كيف سأحملها؟
خديجة:هكذا بهدوء وبتريث ثم نضعها هكذا في حجرنا ونجلس ثم نأخذ ببرونتها ونشرع في إطعامها بتريث أيضا كي لا تتشردق وحين تنهي شربها للحليب نعدلها قليلا كي تتجشأ كي لا تستفرغ الحليب هذا مهم قبل أن نعيدها لموضعها بسم الله ثم شرعت في إطعام الصغيرة.
طالعها بحب ليردف:يليق عليك أن تكوني أما.
خديجة:الحمد لله على كل حال.
مر وقت وأتى الضحى ونامت الصغيرة لينام معها حسن قليلا أما خديجة فلم تفعل فموضوع الصغيرة شغلها لتستغل وقتها بالاهتمام ببيتها بدل النوم بينما تروح وتجيء كل حين تتفقد الصغيرة تلك.
استفاق الشيخ حسن من نومه وجهز نفسه وأفطر وحين أكمل ذكرته خديجة بأن يسلم الفتاة لقسم الشرطة أو عله يأخذها لميتم لتضيف:رغم أنه يعز علي تركها تذهب حرام لاتزال صغيرة جدا اف كيف استطاعوا رميها كيف.
زفر الشيخ حسن بحنق ليردف:لقد فكرت لن أسلمها اليوم.
خديجة مستفهمة:كيف؟ لماذا؟
الشيخ حسن:أنت ترين صغرها ما أدرانا قد يؤذونها قد تجوع قد تبرد حتى أنا خفت حملها وهي بهذا الحجم أتتوقعين أن يستطيع الكل الاهتمام بها؟!
خديجة:مع حق في ذلك لكن أنت تعرف وضعنا ثم أخاف أن أتعلق بها ولا أستطيع فراقها وحينها يستحيل أن افرط بها أصلا بالكاد أستوعب أنهم فرطوا في هذا الوجه الملائكي أي قلب استطاع فراقك يا جميلتي
فكر قليلا يطالع زوجته بتمعن ثم زفر بحنق وأردف:سأفعل لكن ليس اليوم.
خديجة:والمعنى حبيبي؟!
الشيخ حسن:ليمر بضعة أيام نتأكد من عافية الفتاة ثم بيدي سآخذها إلى جهة مسؤولة لتهتم بها.
سكتت قليلا تفكر ثم قالت:أنت أدرى لكن
الشيخ حسن:انظري فقط اليها لقد تخلوا عنها وهي بعمر أيام لقد وأدوها،تذكرت قصة أعرفها شهرت عن سيدنا عمر رضي الله عنه فقيل انه كان متعصبا أيام الجاهلية أيام شبابه يعني فقد عرف عنه ايضا أنه كان جبارا في الجاهيلة.
خديجة:لكنه كان حليما رحيما أيام الإسلام
الشيخ حسن:لأن الإسلام يعالج القلوب من كل عصبية وشوائب تدعو للكراهية يا خديجة المهم قيل أنه حين هم بدفنها بحركة عفوية منها تعفرت لحيته بالتراب فرفعت طفلته يدها ومسحت التراب عن لحيته لكن حركتها تلك البريئة العفوية التي أتت هكذا ولم يشفع لها بأن يكف عن ما يفعل.
خديجة:أصحيحة هذه القصة؟
الشيخ حسن:لا طبعا انها باطلة
خديجة:ولم ذكرتها اذا
الشيخ حسن:ترك فتاة بعمرها الى أناس لا نعرف إن كانوا طيبين أو لا سيعاملومها معاملة حسنة أو لا هو مثل الوأد لا فرق بينهما.
خديجة:رضي الله عن الصحابة أجمعين فهمت
الشيخ حسن: لنكرم مثواها ونحسن إليها يا عائشة لا أريد أن افرط بها على عجلة وأندم وايضا علها تنفعنا وتكون لنا عزوة تأتينا بحسنات يوم نلقى الله لك أن تتخيلي أن امرأة بغي من نساء بني اسرائيل بغيا يا خديجة أن تعمل في الزنا والدعارة وتأكل منها وتعيل نفسها بالشيء الي بغضه الله وقبحه ودخلت الجنة وغفر الله لها بشيء بسيط فهي قد سقت كلبا عطشا بنعالها حين وجدته بالطريق يلهث يكاد يموت فغفر الله لها فدخلت الجنة فكيف إذا رعيت طفلة،صحيح لن نتخذها ولدا لكن يكفي أن تكون بخير وحين نسلمها للمعيين نتأكد أنها بأيد أمينة لا أن نضعها بايديهم ونولي الأدبار كما فعلوا معها الذين وضعوها أمام باب الجامع
خديجة:طوال عمرك للخير تسعى وسيكرمك الله بما يرضي قلبك لكن انت تعرف ظروفنا حسن اريدها لكن لا أريد أن تعاني هذه الملاك
الشيخ حسن:إن شاء الله خديجة لا تقلقي الرزق على رب العالمين
خديجة:ماذا لو لم تجدها أنت؟
الشيخ حسن:لربما وجدها غيري وسلمها مباشرة أصلا جارنا طلب مني أن لا آخذها لكنني رفضت.
ليكملا حديثهم الجميل والشيخ حسن يروي لخديجة قصصا جميلة من السيرة عن فضائل الإحسان للغير.
مر اليوم والليل وأتى الغد.
استفاق الشيخ حسن من نومه قبل طلوع الفجر حتى على صوت بكائها وللحظة تعجب من قرب الصوت الطفولي منه ولكن سرعان ما استدرك انها الصغيرة فابتسم محياه وطالع موضع الصوت
ليجد زوجته تحمل الصغيرة وتهود لها لكن الأخرى تأبى السكوت، ركض نحوها متلهفا يسأل زوجته: لماذا تبكي ؟ هل هي مريضة ؟ هل أخذها للطبيب ؟
ابتسمت زوجته مستوقفة إياه: اهدأ حبيبي اهدأ، هذا طبيعي فحديثي الولادة هكذا ليلهم نهار ونهارهم ليل تجدهم ينامون طوال النهار قررين العين وطوال الليل صوت بكائهم كقرع الطبول
قبل يد الصغيرة التي احاطت اصبعه قائلا: قرع الطبول ؟ سامحك الله يا خديجة والله انها اجمل نغمة سمعتها بحياتي انظري الي لطف ربك شاء ان اعيش هذه المشاعر ولو مرة قبل أن اموت
خديجة بلهفة: ليطل الله بعمرك ... لا تقل هذا الهراء مرة أخرى
الشيخ باسما: هراء ؟
الموت علينا حق ولكن لا أخفيك سرا فلقد تدلل لساني وانا ادعو ربي أن أعيش الابوة ولو يوم واحد
ثم تحرك ليجلس واشار إليها لتعطيه الطفلة التي هدأت بين يديه
كثير من البشر لو استفاق على صوت بكاء الرضيع تذمر لكن هو اخذ يهدهدها ويلاعبها حتي هدأت تماما
جلست زوجته جواره وتحدثت دامعة: لو انك رضيت بالزواج منذ سنوات لكنت رزقت بولد
الشيخ: اتزوج غيرك و تكون لي إمرأة اسكن إليها غيرك ؟
هل تظنين الأمر بهذه السهولة ؟
لو كان حلم الإنجاب يراودني والأطفال غالية علي قلبي فأنت كل قلبي يا خديجة
ابتسمت بخجل ولم تنطق بشئ فاستكمل هو: انت حلم الصبا وسكن الشباب ولطف المشيب، هااا انظري فلقد شاب رأسي ولكن قلبي شاب بحبك
قاااطع حديثهم الملئ بالمشاعر اللطيفة والحب التقديري صوت الصغيرة تستكمل وصلة بكائها فتحركت خديجة لتحضر ببرونتها وبدأوا يطعموها ويداعبونها بلطف مرارا وتكرارا لم يكلوا ولم يملوا حتي غفت ساكنة بين أيديهم الرحيمة فسبحان من عمر هذه القلوب بالرحمة
الرحمة قد تكون مجرد كلمة من حروف بسيطة لكنها في قاموس الشيخ حسن وزوجته قد شملت كل معاني الانسانية والطيبة والحلم والحنان والعفو
ان تكون رحيما معناه ان قلبك حي طيب
ان تكون رحيما معناه ان الله رزقك التسامح مع نفسك فجعلك انسانا مسالما مسامحا للرفق بالغير خلق
رغم الفقر وصعوبة العيش ولكن لطفهم مع هذه الصغيرة يدل علي أن ضمائرهم يَقِظة دائماً مَهما جارَت عليهم الأيّام ، ليسوا كمثل من تخلوا عنها بدم بارد وقلوبُهم خاوية على عُروشِها مَنزوعَة مِنَ الرَحمِة والعَطف ، فالرحمة لاتستلزم أن تكون غنياً أو فقيراً أو متعلماً أو جاهلاً ، إنما أن تكون إنساناً فقط .
اتى اليوم الذي يليه والذي يليه ومرت الأيام عليهما من بالكاد ياكلون امتلأت حياتهم بهجة رغم فقرهم ومرض الشيخ حسن.
كانت كل فينة وفينة تأخذ خديجة شيء من فساتينها وتخيط للصغيرة ألبسة بسيطة تغير لها بها فلم يكن بمقدورهم شراء
ثياب جديدة للفتاة فقط كان بمقدورهم أن يوفروا لها الحليب الاصطناعي لا أكثر لكنهم رغم ذلك لم يحسوا باي نقص ولم يتذمروا ليلة واحدة، ليال سهرا معا حين كانت الصغيرة تبكي متألمة بسبب الغازات التي تصيب أي طفل.
كان الشيخ حسن يكمل مهامه بالمسجد ويعود سريعا الى بيته بالكاد يتحمل فراقها هكذا حتى الفها ليقررا أيضا أطلاق اسم جنة عليها راجين من رب العزة أن تنال من إسمها نصيبا.
مر شهران وأتى اليوم الذي قررا فيه أخذ جنة إلى ميتم رغم مرارة ما هما به لكنه الأصح لها فهي ستكبر مع الأيام وستتطلب ضروريات يجب ان يوفروها لها لكن الحال من صعب لأصعب ولم يشاءا أن يذيقاها مرارة الحاجة التي تذوقاها في حياتهما.
جهزت خديجة جنة بعد أن نظفتها وغيرت لها ثيابها وأطعمتها حليبها لياتي الشيخ حسن إليها ويقول:حان الوقت خديجة.
طالعته حزينة بعيون اغرورقت دمعا واردفت بحنق:يعز علي والله.
الشيخ حسن بحزن:وأنا يعز والله لكن الأفضل لها ستكفلها عائلة بالتأكيد فالصغار دائما يكفلونهم سريعا ثم إننا سنزورها دائما أعدك.
نظرت لجنة قليلا ثم قبلت جبينها ثم خدها القطني لتقول:ليرعاك الله بعينه التي لاتنام يا قرة عيني دائما تأكدي أن حضني خلق لأجلك لن أنساك يوما ساتذكر كل ليلة سهرنا معا وأنت لربما لن تتذكريني أو تتذكري تهويداتي لك لكن أنا أحبك أحبك جدا.
امسك الشيخ حشن دمعته بصعوبة ثم حمل سلة الصغيرة وتحرك بها للميتم.
وبقي فؤاد خديجة فرغا بعد أن ملأه حب جنة ذهبت جنة وبقيت وحيدة بل وعادت وحيدة كما كانت لتحتضن بعضا من ثيابها تشمشم رائحتها التي الفتها وتشرع بالبكاء بمرارة.
دارت بعينيها يمنة ويسرة حتي تطمئنت أن لا أحد يراها ثم وضعت ما بيدها وركضت هاربة وتخفت في احدي الزوايا تراقب الوضع بعيون غير مفهومة أ هي خائفة ام حزينة أم مكلومة
دقائق مرت وسط بكاء الطفل الموضوع امام باب المسجد، سمع المصلون البكاء فأكملوا صلاتهم ثم ركضوا للخارج ظنا منهم أن ثمة أحد ما يحتاج مساعدة وما أصعب ما رأوه انها طفلة صغيرة يبدو أنها حديثة الولادة لا حول لها ولا قوة ملفوفة بعدة ثياب وبجانبها رسالة
تحرك الشيخ حسن ( امام المسجد) تجاهها وحملها بين يديه علها تكف عن البكاء وعندما رأي الورقة أعطاها لجاره ليقرأها عليه وكان مضمونها كالتالي
" الي من يجد صغيرتي .. لقد شاءت الاقدار أن أضحي بصغيرتي بيدي هاتين ولكنها ظروف أصعب مني وتفوق احتمالي، أتوسل اليكم لا تؤذوها وأتلمس قلوبكم الرحيمة لأن تكون أرحم عليها مني "
تنهد الشيخ حسن بضيق وقبل رأس الصغيرة بحنان قائلا: منا من يضجر ان ابتلي في دنياه وانت يا صغيرتي ولدت مبتلية
تحدث جاره: يخوضون ويلعبون ثم يأت هؤلاء الصغار ليدفعوا ثمن غلطة آبائهم
الشيخ حسن : لا نعلم ما هي الظروف التي جعلتهم يتخلون عنها
الجار: ماذا سنفعل بها ؟
الشيخ حسن : سأخذها معي وغدا أري ما أنا فاعل بخصوصها
الجار: كيف ستسهر بجانبها إنها طفلة حديثة الولادة لن تسكت ستمرض هكذا لا سمح الله نحن لم نصدق انك تعافيت وعدت للمسجد لا نريد أن تبتعد مرة أخرى يجب أن تأخذها لقسم الشرطة أو لميتم هيا هيا
الشيخ حسن : لا تقلق بخصوصي فربي هو المعين الحمد لله أنا بخير بخير جدا وصحتي جيدة ثم كيف سأسخى بطفلة صغيرة مثلها
الجار: حسنا يا صديقي ليعينك ربي وان احتجت شيء اتصل بي وسأكون امامك في الحال
الشيخ حسن: جزاك الله خيرا يا صديقي وجعله في ميزان حسناتك بوركت اتمنى ان نجد حلا مع الصغيرة المسكينة اخخ ماذنبها انظر لوجهها الجميل انظر
الجار:هذه هي حال الدنيا عن اذنك اخي.
تحرك الشيخ حسن بالفتاة نحو بيته والصغيرة نائمة فقظ كنت عن البكاء أخيرا بعد أن تعبت وأمها لا تزال تراقب من بعيد ولم تغادر مكانها حتى تأكدت ان صغيرتها بأيد أمينة.
دلف الشيح حسن بيته لينادي:خديجة أين انت؟ تعالي لحظة
تحركت من الغرفة اليه سريعا وهي تردد:خير خير ماذا هناك لم تنادي بصوت مرتفع على غير عادتك خير.
الشيخ حسن:انظري ماذا أحضرت؟
طالعت تلك السلة الصغيرة وقالت:ماهذه منذ الفجر؟
الشيخ حسن:فتاة
خديجة:فتاة؟! من أين أحضرتها أو علك تزوجت وأنجبت أخبري الحقيقة حسن هل فعلتها لن الومك وبن انصدم فقط أخبرني بالحقيقة
ضحك الشيخ حسن حتى ظهرت نواجذه ثم أردف:على مهلك يازوجتي العزيزة خذي نفسا أولا اي زواج وأي إنجاب ماذا تهذين أنت هل صليت الفجر؟
خديجة:نعم فعلت دعني أر الفتاة هذه.
الشيخ حسن:لقد وجدتها على بابا المسجد منذ قليل يبدو أن احدهم تركها وول عنها حرام والله كيف ترمى فتاة بعمرها.
خديجة:يييه يييه ما أجملها قطنة هي لكنها صغيرة جدا لا نعرف ظروف من تركها بباب الجامع لكن لا يمكنها ابقاؤها هنا معنا لم أحضرتها؟
الشيخ حسن وهو يتحرك ليجلس:وهل تظنين أنني ساتركها للبرد بباب الجامع هناك.
خديجة:لربما تولى أمرها غيرك
الشيخ حسن:طفلة هي خديجة لم أعهدك إلا حليمة رحيمة ما بالك الآن
خديجة:أخاف عليك اعرف الطفلة صغيرة وانفطر قلبي على حالها لكن أنا أخاف عليك لا اريدك ان تتورط بشيء هو اكبر منك
الشيخ حسن:لا كبير إلا الله على العموم سنهتم بها حتى يحل الصباح جيدا نحن فيه أصلا بعض الوقت فقط ثم اتصرف في أمر الصغيرة.
خديجة:ان شاء الله
هنا استفاقت الصغيرة وفتحت تلك العيون التي رغم صغرها كانت واسعة لتشرع في البكاء بقوة فنظر اليها الشيخ حسن وشرع يتحدث معها قائلا:اهدئي صغيرتي اهدئي خديجة لم تبك.
اقتربت خديحة منها وحملت الفتاة وطالعتها بحب لتردف:سبحان الذي خلقك وصورك في أحسن صورة لا بأس صغيرتي اهدئي أنا هنا
الشيخ حسن:خير خير اهي مريضة؟
خديجة:لا طبعا يبدو أنها تحتاج لتغيير حفاظ وحليب ألم يتركوا من وضعوها أمام المسجد اغراضها؟
الشيخ حسن:لا فقط السلة وما العمل الآن هي لا تسكت.
خديجة:إذا عزيزي اذهب سريعا للصيدلية وأحضر ما يلزم هيا هيا وأنا ساحاول التهويد لها وإسكاتها الى أن تعود.
تحرك من مكانه على عجل ليردد:حسنا سأعود سريعا عزيزتي لكن ما إن وصل للباب حتى عاد سريعا ليردد:لكن ماذا يحتاج الرضع؟
ابتسمت لترد:حفاظات لحديثي الولادة وببرونة وحليبا ومناديل مبللة خالية من الكحول وأيضا أحضر مقياسا للحرارة ولهاية لحديثي الولادة أيضا هذا مبدئيا وإن احتجنا لشيء أخبرك
تحرك مبتهجا ليقول:حسنا لن أتأخر فطالعته بحزن وقالت:الطفلة فتحت جروحه آه أيتها الصغيرة آه أحدهم يرمي أطفاله وغيرهم يشتهي ظفرهم لكن ما عسانا نقول هذه هي حال الدنيا الحمد لله على كل شيء.
يقيت تهزها حتى هدأت الصغيرة ليعود الشيخ حسن بعد مدة من الصيدلية وقد أحضر معه الأغراض التي طلبت.
دخل البيت وأسرع إلى الغرفة ناحيتها وهو يردد:لقد أحضرت ما طلبت.
خديحة:بهدوء حسن نامت لتوها حتى تستفيق أطعمها.
طالعها قليلا بحزن ثم تنهد واردف:ليحميك رب البرية يا صغيرة.
مر بعض الوقت ليس بالكثير لتستفيق الفتاة من جديد باكية فأسرع هو إليها بعد أن كان بجانبها يراقبها فحاول حملها لكنه تردد وخاف لصغر حجمها،هنا أتت خديجة مهرولة نحوه ليقول:تعالي لقد استفاقت
خديجة:لم لم تحملها؟!
الشيخ حسن:خفت
فضحكت خديجة مقهقهة لتقول:تخاف من طفلة عمرها يومين غريب أمرك يا شيخ حسن.
الشيخ حسن:اضحكي اضحكي إنها صغيرة جدا كيف سأحملها؟
خديجة:هكذا بهدوء وبتريث ثم نضعها هكذا في حجرنا ونجلس ثم نأخذ ببرونتها ونشرع في إطعامها بتريث أيضا كي لا تتشردق وحين تنهي شربها للحليب نعدلها قليلا كي تتجشأ كي لا تستفرغ الحليب هذا مهم قبل أن نعيدها لموضعها بسم الله ثم شرعت في إطعام الصغيرة.
طالعها بحب ليردف:يليق عليك أن تكوني أما.
خديجة:الحمد لله على كل حال.
مر وقت وأتى الضحى ونامت الصغيرة لينام معها حسن قليلا أما خديجة فلم تفعل فموضوع الصغيرة شغلها لتستغل وقتها بالاهتمام ببيتها بدل النوم بينما تروح وتجيء كل حين تتفقد الصغيرة تلك.
استفاق الشيخ حسن من نومه وجهز نفسه وأفطر وحين أكمل ذكرته خديجة بأن يسلم الفتاة لقسم الشرطة أو عله يأخذها لميتم لتضيف:رغم أنه يعز علي تركها تذهب حرام لاتزال صغيرة جدا اف كيف استطاعوا رميها كيف.
زفر الشيخ حسن بحنق ليردف:لقد فكرت لن أسلمها اليوم.
خديجة مستفهمة:كيف؟ لماذا؟
الشيخ حسن:أنت ترين صغرها ما أدرانا قد يؤذونها قد تجوع قد تبرد حتى أنا خفت حملها وهي بهذا الحجم أتتوقعين أن يستطيع الكل الاهتمام بها؟!
خديجة:مع حق في ذلك لكن أنت تعرف وضعنا ثم أخاف أن أتعلق بها ولا أستطيع فراقها وحينها يستحيل أن افرط بها أصلا بالكاد أستوعب أنهم فرطوا في هذا الوجه الملائكي أي قلب استطاع فراقك يا جميلتي
فكر قليلا يطالع زوجته بتمعن ثم زفر بحنق وأردف:سأفعل لكن ليس اليوم.
خديجة:والمعنى حبيبي؟!
الشيخ حسن:ليمر بضعة أيام نتأكد من عافية الفتاة ثم بيدي سآخذها إلى جهة مسؤولة لتهتم بها.
سكتت قليلا تفكر ثم قالت:أنت أدرى لكن
الشيخ حسن:انظري فقط اليها لقد تخلوا عنها وهي بعمر أيام لقد وأدوها،تذكرت قصة أعرفها شهرت عن سيدنا عمر رضي الله عنه فقيل انه كان متعصبا أيام الجاهلية أيام شبابه يعني فقد عرف عنه ايضا أنه كان جبارا في الجاهيلة.
خديجة:لكنه كان حليما رحيما أيام الإسلام
الشيخ حسن:لأن الإسلام يعالج القلوب من كل عصبية وشوائب تدعو للكراهية يا خديجة المهم قيل أنه حين هم بدفنها بحركة عفوية منها تعفرت لحيته بالتراب فرفعت طفلته يدها ومسحت التراب عن لحيته لكن حركتها تلك البريئة العفوية التي أتت هكذا ولم يشفع لها بأن يكف عن ما يفعل.
خديجة:أصحيحة هذه القصة؟
الشيخ حسن:لا طبعا انها باطلة
خديجة:ولم ذكرتها اذا
الشيخ حسن:ترك فتاة بعمرها الى أناس لا نعرف إن كانوا طيبين أو لا سيعاملومها معاملة حسنة أو لا هو مثل الوأد لا فرق بينهما.
خديجة:رضي الله عن الصحابة أجمعين فهمت
الشيخ حسن: لنكرم مثواها ونحسن إليها يا عائشة لا أريد أن افرط بها على عجلة وأندم وايضا علها تنفعنا وتكون لنا عزوة تأتينا بحسنات يوم نلقى الله لك أن تتخيلي أن امرأة بغي من نساء بني اسرائيل بغيا يا خديجة أن تعمل في الزنا والدعارة وتأكل منها وتعيل نفسها بالشيء الي بغضه الله وقبحه ودخلت الجنة وغفر الله لها بشيء بسيط فهي قد سقت كلبا عطشا بنعالها حين وجدته بالطريق يلهث يكاد يموت فغفر الله لها فدخلت الجنة فكيف إذا رعيت طفلة،صحيح لن نتخذها ولدا لكن يكفي أن تكون بخير وحين نسلمها للمعيين نتأكد أنها بأيد أمينة لا أن نضعها بايديهم ونولي الأدبار كما فعلوا معها الذين وضعوها أمام باب الجامع
خديجة:طوال عمرك للخير تسعى وسيكرمك الله بما يرضي قلبك لكن انت تعرف ظروفنا حسن اريدها لكن لا أريد أن تعاني هذه الملاك
الشيخ حسن:إن شاء الله خديجة لا تقلقي الرزق على رب العالمين
خديجة:ماذا لو لم تجدها أنت؟
الشيخ حسن:لربما وجدها غيري وسلمها مباشرة أصلا جارنا طلب مني أن لا آخذها لكنني رفضت.
ليكملا حديثهم الجميل والشيخ حسن يروي لخديجة قصصا جميلة من السيرة عن فضائل الإحسان للغير.
مر اليوم والليل وأتى الغد.
استفاق الشيخ حسن من نومه قبل طلوع الفجر حتى على صوت بكائها وللحظة تعجب من قرب الصوت الطفولي منه ولكن سرعان ما استدرك انها الصغيرة فابتسم محياه وطالع موضع الصوت
ليجد زوجته تحمل الصغيرة وتهود لها لكن الأخرى تأبى السكوت، ركض نحوها متلهفا يسأل زوجته: لماذا تبكي ؟ هل هي مريضة ؟ هل أخذها للطبيب ؟
ابتسمت زوجته مستوقفة إياه: اهدأ حبيبي اهدأ، هذا طبيعي فحديثي الولادة هكذا ليلهم نهار ونهارهم ليل تجدهم ينامون طوال النهار قررين العين وطوال الليل صوت بكائهم كقرع الطبول
قبل يد الصغيرة التي احاطت اصبعه قائلا: قرع الطبول ؟ سامحك الله يا خديجة والله انها اجمل نغمة سمعتها بحياتي انظري الي لطف ربك شاء ان اعيش هذه المشاعر ولو مرة قبل أن اموت
خديجة بلهفة: ليطل الله بعمرك ... لا تقل هذا الهراء مرة أخرى
الشيخ باسما: هراء ؟
الموت علينا حق ولكن لا أخفيك سرا فلقد تدلل لساني وانا ادعو ربي أن أعيش الابوة ولو يوم واحد
ثم تحرك ليجلس واشار إليها لتعطيه الطفلة التي هدأت بين يديه
كثير من البشر لو استفاق على صوت بكاء الرضيع تذمر لكن هو اخذ يهدهدها ويلاعبها حتي هدأت تماما
جلست زوجته جواره وتحدثت دامعة: لو انك رضيت بالزواج منذ سنوات لكنت رزقت بولد
الشيخ: اتزوج غيرك و تكون لي إمرأة اسكن إليها غيرك ؟
هل تظنين الأمر بهذه السهولة ؟
لو كان حلم الإنجاب يراودني والأطفال غالية علي قلبي فأنت كل قلبي يا خديجة
ابتسمت بخجل ولم تنطق بشئ فاستكمل هو: انت حلم الصبا وسكن الشباب ولطف المشيب، هااا انظري فلقد شاب رأسي ولكن قلبي شاب بحبك
قاااطع حديثهم الملئ بالمشاعر اللطيفة والحب التقديري صوت الصغيرة تستكمل وصلة بكائها فتحركت خديجة لتحضر ببرونتها وبدأوا يطعموها ويداعبونها بلطف مرارا وتكرارا لم يكلوا ولم يملوا حتي غفت ساكنة بين أيديهم الرحيمة فسبحان من عمر هذه القلوب بالرحمة
الرحمة قد تكون مجرد كلمة من حروف بسيطة لكنها في قاموس الشيخ حسن وزوجته قد شملت كل معاني الانسانية والطيبة والحلم والحنان والعفو
ان تكون رحيما معناه ان قلبك حي طيب
ان تكون رحيما معناه ان الله رزقك التسامح مع نفسك فجعلك انسانا مسالما مسامحا للرفق بالغير خلق
رغم الفقر وصعوبة العيش ولكن لطفهم مع هذه الصغيرة يدل علي أن ضمائرهم يَقِظة دائماً مَهما جارَت عليهم الأيّام ، ليسوا كمثل من تخلوا عنها بدم بارد وقلوبُهم خاوية على عُروشِها مَنزوعَة مِنَ الرَحمِة والعَطف ، فالرحمة لاتستلزم أن تكون غنياً أو فقيراً أو متعلماً أو جاهلاً ، إنما أن تكون إنساناً فقط .
اتى اليوم الذي يليه والذي يليه ومرت الأيام عليهما من بالكاد ياكلون امتلأت حياتهم بهجة رغم فقرهم ومرض الشيخ حسن.
كانت كل فينة وفينة تأخذ خديجة شيء من فساتينها وتخيط للصغيرة ألبسة بسيطة تغير لها بها فلم يكن بمقدورهم شراء
ثياب جديدة للفتاة فقط كان بمقدورهم أن يوفروا لها الحليب الاصطناعي لا أكثر لكنهم رغم ذلك لم يحسوا باي نقص ولم يتذمروا ليلة واحدة، ليال سهرا معا حين كانت الصغيرة تبكي متألمة بسبب الغازات التي تصيب أي طفل.
كان الشيخ حسن يكمل مهامه بالمسجد ويعود سريعا الى بيته بالكاد يتحمل فراقها هكذا حتى الفها ليقررا أيضا أطلاق اسم جنة عليها راجين من رب العزة أن تنال من إسمها نصيبا.
مر شهران وأتى اليوم الذي قررا فيه أخذ جنة إلى ميتم رغم مرارة ما هما به لكنه الأصح لها فهي ستكبر مع الأيام وستتطلب ضروريات يجب ان يوفروها لها لكن الحال من صعب لأصعب ولم يشاءا أن يذيقاها مرارة الحاجة التي تذوقاها في حياتهما.
جهزت خديجة جنة بعد أن نظفتها وغيرت لها ثيابها وأطعمتها حليبها لياتي الشيخ حسن إليها ويقول:حان الوقت خديجة.
طالعته حزينة بعيون اغرورقت دمعا واردفت بحنق:يعز علي والله.
الشيخ حسن بحزن:وأنا يعز والله لكن الأفضل لها ستكفلها عائلة بالتأكيد فالصغار دائما يكفلونهم سريعا ثم إننا سنزورها دائما أعدك.
نظرت لجنة قليلا ثم قبلت جبينها ثم خدها القطني لتقول:ليرعاك الله بعينه التي لاتنام يا قرة عيني دائما تأكدي أن حضني خلق لأجلك لن أنساك يوما ساتذكر كل ليلة سهرنا معا وأنت لربما لن تتذكريني أو تتذكري تهويداتي لك لكن أنا أحبك أحبك جدا.
امسك الشيخ حشن دمعته بصعوبة ثم حمل سلة الصغيرة وتحرك بها للميتم.
وبقي فؤاد خديجة فرغا بعد أن ملأه حب جنة ذهبت جنة وبقيت وحيدة بل وعادت وحيدة كما كانت لتحتضن بعضا من ثيابها تشمشم رائحتها التي الفتها وتشرع بالبكاء بمرارة.