الفصل الثاني

وصل الشيخ حسن الميتم ودخل إلى مكتب مديرته والصغيرة بيده فقد اتصل بها مسبقا والتقاها أكثر من مرة وجهز كل الاوراق اللازمة لتسليم الفتاة مع توقيع الشهود بأنه وجدها على باب المسجد.

وضع الفتاة جانبا ثم جلس على الكرسي لكن عيونه تحدق بجنة وقلبه ينبض وينبض يكاد يشق صدره لا يقوى على فراقها لكنه يريد مصلحتها أكثر لا يريد أن يذيقها الفقر يوما.

تحدثت المديرة لتقول:خير ما فعلت يا شيخي بالتأكيد جنة ستجد عائلة ترعاها.

الشيخ حسن:اتمتى ذلك يعز علي فراقها انا وزوجتي لكن ظروفنا صعبة ولا يمكنني أن أذيق جنة ما ذقناه طفلتي جنة لا يليق بها إلا أن تعيش في حب وعز لا يليق لها إلا أن تكون حياتها كإسمها.

المديرة:كن هذه الناحية نحن لا نقبل أن نسلم طفلا من أطفال الميتم إلا إذا كانت العائلة ميسورة الحال.

الشيخ حسن بحزن:عندك كل الأوراق اللازمة والآن...

طالعها من جديد والصغيرة نائمة كالملاك كأول مرة وجدها 

اغمض عينيه يريد أن يستيقظ من هذا الكابوس 

نعم فلقد تأصل حب هذه الصغيرة من قلبه حتي أضحي فراقها كابوسا 

وأخذ يدعو بخفوت: اللهم اني استودعك “ابنتي جنة ” يامن لا تضيع ودائعك،اللهم  احفظها بعينك التي لاتنام، وعزك الذي لا يضام اللهم إني حصنت قلبها و نفسها و عافيتها بإسمك من كل شيء يؤذيها و يضرها " 

وتنهد بعد أن استودعها أمانة لخالقها ثم قام أخيرا وتحرك يتنفس بشق غصة في قلبه تمر على ذاكرته تلك الأيام التي عاشها مع جنة لكنه استدار حين وصل للباب وعاد إليها لينحني إليها ويقبلها بعمق على جبينها ثم وجنتها القطنية تلك فخانته دمعته التي حبسها داخل جفونه ونزلت  ما استطاع أن يستثيغ فراقها فأخذ يقبلها باكيا ويحدثها وكأنها تفهمه: لتعلمي صغيرتي اني تركتك هنا خوفا من ان تفزعي ولا يخوض الفقر عالمَكَ الجميلَ

وألا يعوث فيك ويروعك أو يهز تحليق الطيور ويدمعك، يعز علي أن تنطفئي في الظلام وتتمزقي، سأكونُ دومًا جانِبك سندا الي اخر عمري 

ورجائي فيك  ألا تبتئِسي ؛ فإنِّي معَك!

ولقَد أتيتُ لأسندك .... ثم أمسك يدها الصغيرة مقبلها وأردف : هذي يدِي تمسكي بها وامحي دمعي واسندي حزني ... 

ثم نظر للمديرة وقال:أسموها جنة رجاء اعتبيرها وصية من عجوز على وشك الموت.

المديرة بحزن:سأفعل

 و بالأخير كأي وداع حدث وانصرف الشيخ حسن يدعو لها أن تنال جنة في الدنيا والآخرة كما اسمها. 





خرج الشيخ من الملجأ تائها يتسائل حائرا:إلى أينَ تمضي الحياةُ بي ياألله؟ 

سبحانك ربي أشهدك اني مسلم بحكمك وقدرك ولكن قلبي مفطور علي هذه الصغيرة ما الذّي يصنَعه هذا القلب بنا؟ إنه يُفقِد الأيام بهجتها ويقودُني نحوَ الكآبة! ، أشعر إنّني بهذه اللحظة يتعمق وجع الفراق بقلبي وكأنني سأتعفن مللًا كما كنت قبل ايام لولا هذه الصغيرة التي حلت علي عالمي في هويد الليل أضاءته واعادت خلقَ الأشياءِ المبهجة حولي من جديد كما لو انها فنان امسك ريشته وألوانه ولون عالمي فحل عليه البهجة بعد ان غدت كل الأشياء بارِدة وباهتة بعدَما أطائها الزّمان، ارشدني ياألله ماذا أصنع ؟!


استند علي كورنيش النيل امامه وتنهد ثم رفع نظره للسماء داعيا ربه " أدعوك يا الله بحق اسمك الأعظم الأكبر أن ترزقني الرضا بقضائك وقدرك وأن تعينني على الصبر على البلاء، وشكر نعمِك إنك على ما تشاء قدير، يا الله استودعتك مستقبل جنتي يا من لا تضيع ودائعك" 


ثم تحرك متجها الي بيته حزينا مهموما وكأن هموم الدنيا اجتمعت بقلبه واثقلت كاهله

تحرك بالبيت يمنة ويسرة يبحث بنظره عن زوجته ولكن لا أثر لها أرشده قلبه الي مكانها فلقد تيقن انها هناك حيث مكثت جنة طوال الشهرين الماضيين، تمسك جوربها الصغير تشتم ريحته الاشبه بريح المسك وتغسله بدموع عينيها ولكن بمجرد أن احست بوجوده اسرعت تمسح دمعها حتي لا تزيد همه ووجعه ولكنه ابصر حزنها فجلس جوارها ليتشاركاه كما اعتادا طوال سنواتهم سويا يتشاركان الحزن قبل السعادة والترح قبل الفرح والضراء قبل السراء 

جلس جوارها والتقط احدي فردتي الجورب وتحدث باسما محاولا إخفاء حزنه: ااااه أراك وقد اخذتي جورب الصغيرة خفية، كيف ستتدفأ الآن؟ 

ناظرته بحزن واردفت: هذا الجورب الذي كانت ترتديه عندما أتت لقد بعثت معها جوارب كثيرة حكتها بيدي هاتين، لقد حكتها بخيوط مطرزة بكل ذرة حب نابعة من قلبي فهذا أقصي ما يمكنني اعطائها إياه

الشيخ: ولماذا احتفظت بهذا؟ 

خديجة دامعة: أردت أن أبتكرَ خطوطًا وألوانًا جديدة غيرَ تلكَ التي يتعثّر بَصرُنا بها كلّ يوم، كنت اتمني لو أن بإمكاننا كفالتها كلّ الألوانِ القديمةِ لها بريقٌ حَزينٌ في قَلبي وكنت اعتقد انها كذلكَ في الطّبيعة ولكن جنة اثبتت لي أنّ عيناي مريضتان؟ وان سمة خيوط من البهجة تنبع من رحم المأساة 

الشيخ: معك حق ففعلا جنة اثبتت انه في قلب المأساة ثمّة خُطوط مِن البَهجة تنتظر فقط الألوان المناسبة لترسمها فسبحان من وضعها بطريقي لتشبع حرماننا الذي عانينا منه لسنوات خلال شهرين فقط 

خديجة: أكاد اجن والله كيف يستطيعون التفريط بها كيف؟ 

قاطعها الشيخ: لا تخوضي في هذا السؤال فنحن لا نعلم احوال الخلق

خديجة بقهرة: عن أي احوال تتحدث مهما كانت الظروف فكيف لانسان عاقل أن يتخلي عن ضناه كيف ؟ 

{ ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّنۢ بَعْدِ ذَٰلِكَ فَهِىَ كَٱلْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ۚ وَإِنَّ مِنَ ٱلْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ ٱلْأَنْهَٰرُ ۚ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ ٱلْمَآءُ ۚ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ ٱللَّهِ ۗ وَمَا ٱللَّهُ بِغَٰفِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ }


الشيخ محاولا تغيير الموضوع علها تبتهج ولو قليلا فتحدث مشاكسها: والآن اخبريني زوجتي العزيزة كيف تعلمتي حياكة الصوف وأين؟ 

لم تبتسم حتي بل أجابت وهي علي نفس حالها: لن تصدقني لو قلت اني كنت  أعيدُ رسمَ أحلامي وكأنني اقدح النار الكامنة بقلبي علي هذا الصوف ولكن فجأة تبدل شعوري وكأني أحقق أحلامي واحيك الصوف لطفلتي فقررت أن تظهر الواني بين كل غرزة واختها 


ابتسم بحزن علي حديثها عن احلامها وعاد بذاكرته للماضي عندما علما باستحالة رزقهم بأطفال 


فلاش باك… 


كان الشيخ حسن شابا يافعا مفعم بالحيوية من عائلة ميسورة الحال يعمل مع والده الذي يمتلك اراض وأملاك طائلة في احدي قري الصعيد  تزوج عشق حياته منذ عامين ولكن لم يشأ ربه أن يرزق بأطفال 

فقرر بناءا علي رغبة زوجته ان يذهبا للطبيب ليروا ما المشكلة 

رفض كثيرا وكان يخشي أن تكون المشكلة عندها فينكسر خاطرها وتحزن واذا علمت عائلته سيجبرونه علي الزواج من غيرها، ولكنها أصرت عليه فانقاد لرغبتها وذهبا للطبيب الذي طلب منهما الفحوصات اللازمة وبعد أن اطلع علي كل الفحوصات اخبرهما آسفا: كل الفحوصات جيدة فكلاكما يمكنكما الانجاب دون عوائق 

تحدثت خديجة متلهفة: اذا وما العارض يادكتور؟ 

سكت الطبيب دقيقة ثم اكمل: انت يمكنك الانجاب وزوجك يمكنه الانجاب ولكن قد تصدف بعض الحالات النادرة كما في حالتكما 

حسن وقد نفذ صبره: تحدث مباشرة يا دكتور رجاءا 

الطبيب: انت يمكنك الانجاب من اي امرأة فيما عدي زوجتك وانت يمكنك الانجاب من اي رجل اخر فيما عدي زوجك 


وقعت هذه الكلمات علي كلاهما وقع الصاعقة وخصوصا حسن الذي يوقن ما سيحل بهم من عائلته التي لن تتنازل عن زواجه من اخري وكانت خديجة فتاة يتيمة لا أحد لها فكيف يستغني هو عنها بعد أن حارب الجميع من أجلها 

وبالفعل حدث ما كان يخافه ولكنه رفض ان يتزوج غيرها واقسم انه لن يكون لغيرها ما حيي وكان رد فعلهم غير متوقع فلقد طرد من العائلة واستغنوا عنه واصابه الجحود لدرجة ان أمره والده بترك القرية وان يعتمد علي نفسه ولاينتظر منه شئ بعد اليوم 

وبالفعل قرر حسن السفر بزوجته للقاهرة وأثناء هجرته لبلدته كان يودع حُقول ِالغربان و سنابِلُ القَمح بأعناقها الملوية، وحتى حذاء الفلاح  الذّي يَرشح بؤسًا ثمّة فرحٌ ما أريدُ أن أقبِضَ عليه بواسطة اللون والحركة ! للأشياء القبيحة خُصوصيّة فنيّة لا يجدها في الأشياء حوله الجَميلة 


ونزح هو وزوجته خاليين الوفاض الي القاهرة وتحولت حياته من النعيم الي البؤس ومن السعادة الي الشقاء وهو يعكف للبحث عن بيت للايجار وعن عمل يكفل له حياة كريمة مع زوجته 


في كلّ صباحٍ كان ينظُر إلى المرآة يقولُ لنفسه : أيّها الوَجه المُكرّر، يا وَجهي القبيح، لماذا لا تتَجدّد؟ 


ولكن بيوم قرر أن يشكل وجهه من جديد، لا كَما أرادَته الطّبيعة، بَل، كما يريدُه هو، وودع عيناه الذِئبيتان 

اللتان بلا قرار وَجهٌ شاحب ولحية كألسِنة النّار. 


ولكنه بهذا اليوم قرر البدء من جديد مع زوجته واستودع حلمه في الانجاب لله سبحانه وتعالي 


عودة للواقع…  


 عاد للواقع باسما حامدا ربه علي حاله ونعمه وجبر خاطره طوال الشهرين الماضيين بوجود جنة واستجابة دعائه ليشعر بالابوة ولو لأيام معدودة قبل أن يقابل وجه ربه الكريم 

جذب زوجته لحضنه وقبل رأسها قائلا: لا تحزني ياأم جنة فابنتنا في مكان أفضل واعدك أننا سنزورها كل يوم نطمئن عليها وسأخصص جزئا من راتبي لها صحيح لن يكفي ثمن حفاضاتها حتي ولكن كما تقولين دائما نواة تسند الزير 

ضحكت علي المثل ولكن عندما استوعبت ما قاله عانقته بحب وامتنان شاكرة إياه فضله وشاكرة ربها أن انعم عليها بهذا الزوج الحنون الذي لم يشقها يوما ولم يحزنها ابدا 


تحدثت بحب: شكرا شكرا 

الشيخ حسن: علي ماذا تشكريني يامن يتوجب اليك الشكر علي الصبر وتقبلك الحياة معي بهذا الوضع 

خديجة: هل تراني انسي تضحياتك من أجلي وترك اهلك وحياة الرفاهية والغنا من أجلي؟ 

الشيخ حسن: أنا لم أضحي من أجلك بل ضحيت من أجل حبيبة روحي، هل تتذكرين ما وعدتك به ليلة زفافنا؟ 


ابتسمت خجلا واجابت:  سَتكونين أول أهتماماتي، وبيتي الثاني وراحتي وهدوئي .. سَتكونين ملجأً لي وحضني الثابت، سَتكونين حبيبتي وصديقتي وركني البعيد الهادي، سَتكونين مِلكي وملكتي وإليكِ أنا آتي سَتكونين كوني وقلبي وذاتي، سَتكونين جُزئي المُضئ وراحة بالي، سَتكونين أوقاتي وأيامي، سَتكونين قريبةً جدًا كـخياليي سَتكونين سعادتي وفصاحتي وأحساسي، سَتكونين حُضني وأحتوائي، سَتكونين من الذين لن ينتهوا بداخلي إلا بإنتهائي .. وانت هل تتذكر وعدي لك ؟  


رد الشيخ مباشرة: وانت ستكون دهري وضلعي وعكازي، سَتكون زهرة عمري المدللة وبُستاني، سَتكون لي روحي وقلبي وعقلي الثاني، سَتكون أهلي وأحبابي وجيراني، سَتكون بطل روايتي وكُتبي واسراراي، سَتكون خزينةً تحمل ما يثبت وجودي ودليل حياتي .. والآن استكمل وعدي لك امام ربي: سَتكونين حنينَ قلبي إن رق، ونظراتي إن أتيتِ، سَتكونين كل الكون، وكل الكون لنْ يكن فيكِ شيئا ..


خديجة: وياتري هل تتذكر اول أيامنا سويا؟ 

الشيخ حسن: وهل يمكنني نسيانها؟ 

خديجة: اريدك ان تعيدها علي كما اعتدتك 

الشيخ حسن: أنا اقصها عليك أكثر من أي حديث لنا سويا ولا تملين 

خديجة: لا أمل هل تمل انت؟ 

الشيخ حسن: لا طبعا يستحيل أن أمل أو اضجر.. استمعي يا ست الحسن والجمال 


بيوم من الايام كان هناك رسامة ماهرة تقف في بيتها امام احدي الاراضي الزراعية تستمد الإلهام منها وترسم احد الفلاحين أثناء عمله وقد كان صدفة ليس فلاحا بل شابا وسيما واذ به صاحب الأرض ولكنه يستغل الفرص ليعمل بهذه الأرض حتي تراه سيدة الحسن والجمال ، كانت متعمقة برسمتها وكانت الأُذن في اللّوحة ناشِزة قليلا لا حاجَة إليها، فأمسَكتُ الرّيشة، أقصِد  موس الحلاقة كما كان يصف ريشتها كلما اراد استفزازها وأزالتها! 

يَظهَر أنّ الأمرَ اختَلطَ عليّها، بَين رأسه خارِج اللّوحة وداخلها.


اااه صحيح بكل مرة اندمج وانسي أن أسألك عن سبب جلوسك بذاك المكان تحديدا كل يوم  


خديجة: كنت أجلسُ هناك متأملة حزينة فبعد وفاة اهلي وعندما اضحيت وحيدة شعرت أن العالم شاخ  وكثُرَت تجاعيده، وكان وجهُ لوحاتي يسترخي أكثر!. آه. يا إلَهي، كنت اجلس هناك لا حول لي ولا قوة ماذا باستِطاعتيَ أن أفعل قبلَ أن يَهبِط اللّيلُ فوقَ بُرج الرّوح؟ الفُرشاة. الألوان. وَ… بسُرعَة أتدّاركه: ضَرباتٍ مُستقيمة وقَصيرة، حادّة ورشيقة.. ألواني واضِحة وبدائية، أصفَر أزرَق أحمَر!

أريدُ أن أعيدَ الأشياءَ إلى عفويَتها كما لو أنّ العالمَ قد خرج توًا من بيضَته الكونيّة الأولى!


لامس أثر الذكريات الحزينة علي قلبها فاستكمل حديثه  

:مازلتُ أذكر بدايات حبنا خصوصا اول ايام زواجنا 


كان الوقتُ غسقًا أو ما بعدَ الغسقِ وقبلَ الفجر؛ اللّون الليلكي يُبلل خطّ الأُفق. آهٍ من رعشَة الليلكي، عندما كنّا نخرجُ إلى البستان لنسرق التّوت البرّي. كنتُ مستقرًا في جوفِ الشّجرة أراقبُ دودةً خضراءَ وصفراء، بينما انت كنتي الأكثر شقاوة تقفزين بابتهاجٍ بينَ الأغصانِ، وفجأة، اختَلّ توازنك وسقطتي !

ارتعشَ صدري قبلَ أن تتعلقي بعُنقي مُستنجِدة،

 ضممتُك إليّ وانت 

 تتنفسين مثل ظبيٍ مذعور، وعندما ابتعدت عني كانت حبّة توتٍ قد ترَكَت رحيقها اللّيلكي على بياضِ قميصي. مُنذ ذلكَ اليوم، عندما كُنت في عقدي الثاني وانا أحسّ رحيقها الليلكي على بياضِ قميصي مُنذ ذلك اليوم، وأنا أحسّ بأن سعادةً ستغمِرني لو أنّ ثقبًا ليلكيًا انفتحَ في صدري ليتدفّق البياض. يا لرَعشَة الليلكي!

وظلت الفِكرة تلّح عليّ كثيرًا حتي جئنا الي هنا وعندما بلغ اليأس مني تساءلت: هَل أستطيعُ ألّا أفعل؟ 

كيف أحزن وانا بقلبك كامنٌ في زهرة عباد الشّمس خاصتي ذات اللّونِ الأصفرِ المبهج تمتصُ من شُعاعِ هذا الكوكَبِ البهيج. تحدّق وأحدّق انا في عين الشّمس حيثُ روحِ الكَون، حتى تحرقُني عيناي.

ولكن قلبي يقفز مرحا فقط لانه يحتضن قلبك ويسألك: إلي أين؟ 

فتجيبين بمرح:إلى الحُلمِ طبعًا!

وبالفعل ها أنا بالحلم وقد تحقق علي اكمل وجه بفضل ربي 


ومضي الوقت وهما علي هذا الحال هو يتحدث ويخرج كل ما بجوفه من ذكريات استطاعت بحكمتها أن تتيح له التحدث رغم انها لم تكن تريد ان تتذكر ولكنها تدرك رغبته في الحديث، وظل يتحدث وهي تستمع حتي غفت بين يديه كما اعتادت منذ شبابها فابتسم مقبلا جبينها ثم عدل وضعها بالفراش وتحرك ليصلي فرضه ويئم الناس بالمسجد عله يرتاح داخله بوقوفه بين يدي ربه وبالفعل ذال كل الحزن من قلبي ولكن ظل ألم الفراق سكينا يمزقه
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي