الفصل الثاني

دمعة وابتسامة

الابتلاءات التي يضعها الله في طريقك دائما هي خير لك،ربما تراها عكس ذلك ولكن لو انك تعمقت ودققت ورايت الشيء الذي ينتج بعد الذي يحصل ستعلم انها خير لك وفيها صلاح لحياتك وايامك
هذا اليوم هو يوم الجمعه،ذهب جدي لصلاه الجمعه وبعد ذلك رجع الى البيت الصغير ليستريح،جاء حماه ليتكلم معه بموضوع مهم،ادخله الى المنزل الصغير وبدا يتحدث معه
حماه ذاهب الى العمره،وقبل ان يذهب اراد ان يخطب جدي ابنته،طلب منه ان يحضر شيخ الجامع وشاهدين معه وان ياتي لخطبه ابنته
وافق جدي على هذا الامر بكل طيب خاطر لانه يود ان يتزوج من ابنته،فهذا هدفه وامنيته ورجاءه الذي ينتظر تحقيقه بفارغ الصبر
بعد صلاه العصر تكلم مع شيخ الجامع واخذ شاهدين وذهب جدي الى المنزل ليخطبها
كان في غايه السعاده والفرحه،لقد اتى اربه من الاقجار ونال مراده من حلاوة الايام، انه الحلم الهارب من مملكة احلمه الى واقع ايامه
فعلا تمت خطبه جدتي وجدي (عصفورا الحب)
بحكم ان وليه غير موافق فقد سقط حضور الولي لان الوليه ليس من ملة الابن،فهو على غير دين ابنه
تمت الخطبه في ظروف جد وحميميه وجد رائعه واجواء سعيده جدا
كان جدي مسؤولا عن العائله في غياب حماه
وحين رجوعه من العمره،ولشدة سعادته بامانة جدي وحسن سيرته وتدبره للامور في غيابه قرر بعد سبعه ايام قرروا ان يعملوا الخطبة الرسمية
وفعلا جهزوا لهذا الامر وعمل الخطبه الشرعيه
واصبحت جدتي زوجته شرعا،ويحق له ان يراها دون ان يخاف ان يقع في حرام ما
وبعد مرور بعض من الوقت،عرفه عائله جدي بالامر،فلم يعجبهم ذلك
وجاء ابناء اعمامه الى منزله الصغير،بينما كان جدي في عمله،واحرقوا منزله بالكامل،لم يعلم الجميع من هو المتسبب في هذا الحريق لكن جدي عرف انهم اعمامه وعائلته،فقد وجد قلاده الامازيغ مرميه على الارض،هذه القلاده التي ارتديها الان
بعد هذه الحادثه تشاور الجميع وقرروا ان يباشروا في مراسم الزواج
وفعلا بعد اسبوع او اكثر بقليل تزوج جدي من جدتي،لقد كان عرسا جميلا جدا،حضر فيه الجميع من كل مكان
لقد كان سيره على كل لسان في القريه
بعدها باسبوع قرروا جميعا ان يغادر جدي وجدتي المنطقه كلها،ويرحل بعيدا الى مكان لا يعلمه احد من عائلة جدي،كان قرارا قاسين جدا على عائلتي جدتي كلها وايضا على جدي وجدتي ولكنه الحل الانسب لكلاهما
شدا الرحال في الصباح الباكر وركبا سيارة جدي الصغيرة ولم يعرف اين يتجهان،يسيران فقط
كان الصمت يخيم على السياره،يسير جدي وينظر الى الامام لم يلتفت قط،وكانه يعلم انه يجب عليه المضي قدما ونسيانه كل شيء وراءه
قالت له جدتي: «اتذكر اول يوم تعرفت عليك فيه؟ » نظر اليها جدي وابتسم وقال: «كيف انسى ذلك» لقد عرف انها تريد ان يفك ذلك الصمت المرسوم على شفته
وبدا يسمعني للاغاني الجميله ويتبادلان اطراف الحديث،وفك الصمت عن شفتهما
الله يتبادلان الذكريات معا ويسترجعان ما مضى من حياتهما،هذه الحياه المليئه بالذكريات الجميله والمحزنه على سواء،مهما كانت يستوجب منا ان نعيشها كما هي،بتفاصيلها وابتلاءاتها ومشاكلها ومطبات القدر فيها،نعطي كل وقت قدره وقت الحزن نحن نحزن،ونبكي وقت السعاده نحن نضحك ونبتسم، ووقت الغضب نبدي ولا نكتب مشاعرنا ابدا
ضل جدي وجدتي يسيران في طريقهما المجهول،عندما يحل الظلام يدخلان الى فندق لقضاء تلك الليله ثم حين يحل الصباح يغادراني الفندق باكرا
مرت ثلاث ايام على هذه الحال واخيرا استقر في الناحيه الشرقيه من البلد،اختارها لانها قليله المشاكل،وايضا اناسها طيبون ومتحضرون جدا،ولا يفرقون بين عربي ولا امازيغي ولا ابيض ولا اسود،اختارها بعيدا عن شوشره العادات والتقاليد والاعراف،وبعيدا عن قوانين العشائريه
استقر في منزل صغير اشتراه جدي حين وصوله الى هذه المنطقه،كان منزلا محاذيا للغابه ومحاذيا للبحر في نفس الوقت،لم يكن هناك جيران كثيرون،ولكنه مكان هادئ جدا وجميل ايضا
واصبح لجدي وجدتي منزل يخصهما،انه قفص ذهبي، العش الذي يجمع قصه حبهما،القصه التي فيها الكثير من الاسى ويطبع تفاصيلها الكثيره الكثير من الاحساس والحب
دائما لا ناخذ الشيء الذي نريده كله هناك دائما ونقائص،ومع ذلك يتحقق لك هدفك مع الاصرار والمثابره،وعدم الخوف والكثير الكثير من الشجاعه،فهذه الدنيا تريد قلبا مقداما مصرا على تحقيق احلامه،ولا مكان للجبناء في عالم تحقيق الاحلام
عاش جدي وجدي في هذه المنطقه وتعرفوا على اناس،وجيران ايضا، و استقر في شغله اذ انه فتح مشروعا له
وادخل هاتفا ارضي الى المنزل ايضا،واصبح بمقدور جدتي الاتصال باهلها،واخبارهم بتفاصيل حياتهم الجديده
كان ابواها راضيا جدا على هذا الزواج وايضا ساعدان جدا بما وصلوا اليه
في كل بضعه اشهر كان ابواها يزورانها،كانت الأمور جد طيبه
واستمروا على هذه الحال،ورزق جدي وجدتي باطفال ايضا،ثلاث اولاد واربع فتيات
عاش جدي وجدتي والاولاد السبع في سعاده وهناء،كان يتخلل اجواء العائله سعاده عارمه،وتفاهم يظهر للعيان جيدا
وفي يوم من الايام اتصل ابن عمي جدي به،وهو الشخص الوحيد الذي يعرف مكان جدي ويعرف كل اسراره وكل حياته،انه شاب متفتح جدا ولا علاقه له بالعادات ولا التقاليد،مع انه يعلم تماما انه اذا كشف امره سيتخذ فيه اجراء قاس جدا،من الممكن ان يطرد خارج القريه،ولكنه اصر ان يحكي مع جدي لانه صديقه من الطفوله ليس فقط ابن عمه
لقد حمل له هذه المره اخبارا سيئه جدا،لم يستطع جدي ان يتمالك نفسه واجهش بالبكاء
لقد اخبره ان ابوه يحتضر،حالته الصحيه حرجه جدا،لقد اخبره ان الطبيب قال لهم انه من الممكن ان لا يكمل هذا الاسبوع وتنتهي حياته
فقد اصيب فجاه بوعكه صحيه واخذوه الى المستشفى، منذ ايام وهو على هذه الحال
وطلب منه ان ياتي لزيارته للمره الاخيره
وتناقش جدي وجدتي مليا وقرر ان يذهب لرؤيه ابيه غدا
في صباح الباكر ركب جدي سيارته الصغيره وانطلق الى قريته السابقه،كان باله مشغول جدا،وتهافت الافكار على دماغه،طول طريقي وهو يفكر ماذا سيقول لابيه ؟
تساؤلات كثيره اعترضت افكاره ، هل من الممكن ان يسامحهم على ما فعله ؟ وهل يستقبله اصلا ؟ بعد الذي حصل في المره الاخيره كان جدي فاقدا للامل من رجوع المياه الى مجاريها بعلاقته مع ابيه
وصل جدي الى منزل والده مساء اي انه ظل من الفجر الى المساء وهو يسوق السياره بدون توقف،دخل الى المنزل فصادف في الممر،اقبلت عليه وحضنته بقوه،وهو وهي تردد ابوك يا ابني،ابوك يا ابني !
فسالها عن مكانه فقالت له:« انه في غرفته»
وطلبت منه ان ينتظر قليلا احد تدخل وتستاذن منه
باقيه جدي في الممر ينتظر ردة فعلي ابيه حينما يسمع انه موجود في المنزل
واقبل اخوانه واخواته الواحده والاخر يقبلوه ويحضنوه، فقد مر زمن طويل جدا على غيابه عن المنزل
بقي يا اخوانه يتحدثون معه عن الحاله الصحيه لابيه
جاءت امه هو هي تحمل اخبارا جميله،بعد حديث مطول جدا مع والده ومناقشات هذا استسلم لامر الواقع،لقد قرر رؤيه ابنه للمره الاخيره
ما اقسى قلوب البشر،نحمل انفسنا طاقه تضاعف الحمل الذي نستطيع تحمله
ماذا لو تنازل قليلا ؟ هل سينقص منه شيء ؟ ابدا لا انما سيزيد غلاءه وقدره وقيمته في عيني ابنه
لقد اعترض على رؤيه ابنه في حياته،والان وهو على شفير الموت يقبل ان يراه،اننا نضع انفسنا في اماكن تخنقنا،وتزيد مواجع قلوبنا،الظروف اليست من الدنيا او من الحياه او من القدر وانما نخلقها نحن ونضع فيها انفسناو المقربين منا ايضا.
ربنا سبحانه وتعالى قال لنبيه : «لو كنت فضا غليظا القلب لانفضوا من حولك» هذه دلاله واضحه على انه يجب علينا ان نلين قلوبنا بعض الاحيان على عباد هذه الدنيا وعلى انفسنا ايضا
دخل جدي الى غرفه والده بعد مرور سنوات عديده،الوحشه تعم ارجاء الغرفه،وبرود يخيم على المكان اتجه الى السرير الذي كان والده يتمدد عليه،لقد امر والده ان يوضع بينه وبين ابنه ستارا،كان جدي يكلم والده من خلف الستار،بكل حب و بحنيه وبرفق يسلم على والده،جدي يحمل قلبا طيبا حقا،لقد كان الجو في غايه الحزن،الكلمات المتناثره من كليهما قاتله،لم يقدر احد على الصمود والاستماع الى ما كان يدور حولهما،لقد مسك جدي قلبه وحلف على ان يصالح ابوه قبل ان يودعه،اعترض ابوه مرارا وتكرارا،لقد اصر على الموت دون مصالحته
بدا جدي يحكي لوالده عن صغره وكيف كان يرافقه الى الصيد،وكيف انه كان ينتظر الخيول و يدربه على ركوبها،وكيف هو انه اصطاد اول ارنب بفضل والده،وعن اليوم الذي وقع فيه في البئر،وكيف ان والده احضر كل القريه لمساعدتهم في اخراجه،قال جدي هنا: «لو كنت اعلم ماذا سيحصل في هذه الايام لاغرقت نفسي عمدا في ذلك البئر»
كان ابوه يبكي بصوت منخفض،اشار الاب الى الستار فنزعته زوجته
اخيرا لقد استسلم للامر الواقع،فمن المستحيل ان يصير الدم ماء،ومن تابع مستحيلات ان ينسلخ الغصن عن الشجره،ولا اليدين عن الجسد،فالابن من ذاك الاب،ومهما قصت الظروف،واشتدت المحن ،وقص القلب فانه سيحن
امسك جدي ابو ابيه وبدا يقبلها ويطلب منه المسامحه،فرفع الاب يده الاخرى وضعها على راس ابنه،وهز راسه واغمض عيونه وقال:« اسامحك يا ابني»
وبعد مضي نصف ساعه من مسامحته لابنه،مات الأب،انها الفاجعه،لقد توفي ابو جدي،لقد عم الحزن على كل القريه،فابو جدي رجل معروف وسمعته جيده جدا بين الناس في المجتمع،لقد كان عزاءا كبيرا جدا،حضر دنيا اصحابه واصدقائه ورفاقه ومقربيه والناس التي تعرفه من قريب ومن بعيد ايضا،ديما العزاء سبعه ايام،كانت مراره هذه الايام على راسي جدي،فهو ارتاح لانه اخذ سماح والده،ولكنه حزينه كثيرا على فراقه،لم يتوقف لحظه عن البكاء،حتى انه اغمى عليه ثلاث مرات او اكثر،لانه لا ينام ولا ياكل ولا يشرب ايضا
جاء اليوم الذي سيدفن فيه ابو جدي،بعد مرور ليله كامله لتوديع جدي من اصدقائه واهله واصحابه،حان الوقت لوداع جسده،في الصباح الباكر اخذوه الى كنيسه القريه،ثم الى المحرقه،جدي لم يحبذ هذه الفكره واراد اقناع كل العائله ان لا يحرقوا جسد ابيه،فش عندي رجل مسلم وعند المسلمين لا يحرقون جثث ذويهم عند الموت،لقد لقى فشلا في ذلك،لما يوافقه الراي ولا احد في القريه على امه ولا اخوانه ولا اعمامه ولا كبار العشيره ولا حتى صغارهم،الا ابن عمه،ولكن راي واحد وسط جمهور غفير لا يؤثر بشيء ابدا،كان الرد عنيفا جدا عليهما،لدراجة انهم قالوا لهما:«ان لم تعجبكم عاداتنا وتقاليدنا ومقدساتنا فيمكنكم مغادرته هذا المكان فورا،نحن نشبه انفسنا ولا نتشبه باحد مطلقا،هذه عاداتنا ومقدساتنا واحترامها واجب ولا يناقش فيه ابدا،ان لم تؤمنوا بها فلا انتم منا ولا نحن نعرفكم»
ذهب جدي وراء قلبه الى المحرقه،وضع جثمان والده امام عينيه واضرب فيه النار،كان يصيح قلبها الله اكبر لا اله الا الله،ربي ان والدي كان رجلا صالح فاغفر له وتقبله بين عبادك،كان يدعو له ويبكي من كل الجوارحه،فهو يعلم جيدا ماذا سيحصل لابيه،ولكن اقتناعه بان رحمه الله تسع كل الكون،فقد دعا من كل قلبه،وهو على اقتناع تام بان والده سيكون بخير
بعض الانتهاء من حرق جثمان الوالد،اخذوا بقايا الجسد المحروق،وذهبوا بها الى المقبره،مقبره الامازيغ جد جميله،عندما تراها من بعيد كانها سكانها يعيشون راحه تامه سعداء،يزينها ورود من كل الالوان،وايضا بناؤها جميل جدا ورائع،الرائحه فيها كانها مسك،تود لو انك لا تغادر هذا المكان
انها اقتناعات ولكل منا اقتناعاته،الاشياء الجميله للعينين يسرح بها سواء كانت على صح او على خطا
وضع تراب الاب في القبر،ورما كل افراد العائله ورده على قبري ابيهم،وجاءت الام ايضا ورمت ورده والاعمام ايضا ولمسوا قبر الوالدين وهذا هو الوداع الاخير
رجعت كل العائله الى البيت ورجع كل واحد الى منزله،جلس جدي مع اخوانه واخواته وامه،وبداوا يحكون عن التفاصيل التي مرت،وعرفت امه ان لديه اطفالا ايضا،فرحت كثيرا وطلبت منه ان يحضرهم ويحضر زوجته ايضا،مع ان الفراق صعب جدا،وموجعا ومؤلم لقلوبهم،الا ان شمل العائله قد اجتمع مره اخرى بهذا الفراق
في اليوم الثالث من وفاه الاب،جاء كبير القريه الى المنزل،السبب كان انه يطبق وصيه ابيهم،لقد قسم كل املاكه وثرواته على اولاده وزوجته،لقد تفاجا الجميع،لان جدي كانت له حصه ايضا مثل اخوانه،وكانه يعلم ان ابنه سيعود وسيسامحه ،نعم انه حنان الاب في كل قسوة لين،ومع كل لين نبضه حب،لم يفرح جدي مطلقا بما ترك له والده ولكن فرحته كانت كبيره لانه فكر فيه ايضا مثله مثل اخوانه،اعطى كبير العشيره ورقه صغيره لجدي قائلا: «هذه لك يا عبد الله» استلم جدي الورقه وهو مستغرب
ماذا كتب فيها !
تردد جديد كثيرا قبل فتح الرساله،لا يعلم ما سبب تاخره ولكن هذا التردد والتفكير زادها من توتره
خرج جدي بعد انتهاء جلستي توزيع الورث ،الى شجره الزيتون الكبيره،هذه الشجره طالما جلس فيها جدي مع ابيه،حينما يكون هناك نقاش بينهما
اخذ جدي فنجان قهوته من يدي امه،وبداها يرتشف القهوه،وفي راسه الف سؤال يدور
فتح الورقه الصغيره ببطء،بعد ان سم بسم الله
«ابني الحبيب وقره عيني» هذه الجمله هي مطلع الرساله
كان قلب جدي يخفق بشده،وازداد خفقان وتسارع نفسه عند قراءته السطر الاول من الورقة
كان فحوى الرساله بين عتاب وبين حب وبين قسوه شديد
لقد قال: «لم تترك لي يا ابني الخيار،تع عشيرتي البدويه لديهم قوانين حاسمه،لا يمكنني تخطي هذه الاعراف،فقد اوقعتني بين نارين،وقد اخترت الزواج بتلك العربيه،فلم يكن بوسعه الا فعل هذا رغما عني،انا لا انسلخ عن امازيغيتي ابدا،قلبي لم يستطع تحمل قرارك هذا،قسوة على نفسي اولا وعليك ايضا،وانا طالما الذي كنت تحت جناحه،الين عليك،واطبطب واشجعك واحن عليك،لم يكن بوسعي غير هذا،ربما كنت مخطئا بعض الشيء،واجل ندمت على كل ما فعلت،ولكني احبك ولا يمكنني كرهك ابدا،فانت ابني» تنهد جدي تنهيده طويله وقال: «والله كنت اعلم يا ابي» ورفع عينيه للسماء،ثم اخذ الورقه مره ثانيه واكمل القراءه «عندما تقرا هذه الاسطر اكون قد فارقته هذه الدنيا،فقط اعلم اني احبك يا ابني،وكل شيء حصل رغما عني » كانت هذه الاسطر الاخيره من تلك الورقه،هذه الرساله الصغيره التي طمانت قلب جدي،واروحت باله ايضا
رجع جدي الى البيت،وجد امه جالسه تشرب قهوتها،جلسه بجانبها،وضع راسه على حجرها،رفعت يداها ووضعتهما على راسه،وبدات تلعب بشعره،قالت له: «لقد كبرت يا عبد الله وشاب شعرك» صباحك جدي وقال لها :«حتى انتي كبرتي يا امي،فيداكي اصبحتا خشنتان» وضحكا ضحكه من القلب
ثم قالت له امه اريد ان اتكلم مع زوجتك،تفاجا جدي بهذا الطلب
ذهب جدي وامه الى مكان الهاتف الارضي الموجود بالمنزل،وضع الرقم ورن لجدتي،كانت قلقه جدا،فاخبرها ان والده قد توفي،حزنت كثيرا وقالت له: هل سامحك ؟ هل استطعت ان تتكلم معه ؟
سمعتها امه فهزت براسها وابتسمت، ووضعت يدها على كتف ابنها واخذت السماعه من يديه
بدات امه في الكلام،واخبرت جدتي انها حماتها،انتظمت جدتي وتفاجئت،ودار حوار شيق بينهما،استرسلا في الكلام كانهما يعرفان بعضهما من زمن بعيد،حتى انا جدي خرج من الغرفه دون ان تنتبه له امه
لقد كان سعيدا جدا بسماعه لامه وهي تحكي مع زوجته
احيانا بعض الامور تكون سيئه للغايه ويتخلل هذه الامور بعضا من التفاصيل التي تجعلك مرتاحا وسعيدا،السيء لا يبدو سيئا كليا،فبين احداثه طبع من السعاده والراحه
هذه حال الحياه،ففي بعض الاحيان في العزاء يحدث حدث يجعل من بالعزاء يضحكون
انها ام الدنيا ومشيئه الاقدار،ورحمه الاهيه خفية.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي