الفصل الثالث

"الفصل الثالث"

كان رحيل يقف بجانب حورية منبهر منما فعلته بداخل القاعة من أجل الإحتفال بشقيقه
تطلع حوله بانبهار ثم هتف مبتسما: حقا رائع، سلمت يداكِ مدام حورية
أبتسمت له بود ثم قالت: حمدا لله أن عملي أعجبك
-بالطبع أعجبني وسوف أخبر جميع رفاقي بالتعامل معكِ، ساعطيهم عنوانك
وساقوم بعمل دعاية لكِ بالوسط المحيط بي

-وهذا شيء يشرفني بني، فانا أعشق عملي وأفعله بأدقان وتفاني
أعطها النقود المتفق عليها ثم همت بالمغادرة ولكن عيناها تبحث هنا وهناك
عن وجود ابنتها.
أما عن أمان فامسك به صديقه حاتم قبل دلوفه للقاعة
- لماذا تقف هكذا يا رجل؟
دار بجسده لصديقه ثم هز راسا نافيا، لا شيىء سوا ظهور جنية وأختفت في لمح البصر

قهقه حاتم بصخب ظن منه بأن صديقه يمزح معه وبعد أن استرد أنفاسه
هتف رحيل بصوت عالِ يدعوهم لدخول
- لماذا تقفون هكذا، دَعكم من كل شيئ، عليكم فقط التوجه لداخل الحفل
نظر أمان للورود التي أسفل قدميه ثم عاد ينظر خلفه دون جدوى فحقا
تبخرت، ثم سار بجانب شقيقه وصديقه يدلفون لكي يحتفلو بنجاح عمله

ولكن عقله شاردًا بما رأته عيناه ويتسأل داخله عن وجودها فقد سرقت
تفكيره دون مجهودا منها
فتلك هي الشرارة التي تُضيء القلب وسط عكمتة، سحابة صافية في سماء مبلدة بالغيوم تحجب عنه هطول الغيث، نسمة هواء باردة تداعبه وتضمه برفق ك صغير يتودد لعناق أحبته

**
بعدما غادرت حورية القاعة تطلعت حولها بترقب تبحث عن ابنتها، لمحتها
علي مرمة بصرها تقف وامامها شاب يعطيها ظهره ظنت بأن ابنتها تتعرض
لمضايقة من ذلك الشاب، فأسرعت في خطواتها لتلحق بابنتها وتبعد ذلك
المتطفل عنها، وعندما اقتربت منهم تسمرت مكانها عندما أستمعت لصوت
ابنتها الباكي وهي تصرخ منفعلة:

- اترك يدي نادر ، فمهما حاولت أن تعتذر عن ما بدر منك لن يمحي وجعي،
أنا لا أنتظر شفقة ولا عطف منك أو من أحد علي وجه الأرض، ولا أريد أعتذارك.
وقفت حورية بينهم ثم رمقت نادر بنظرات غاضبة وعلي صوتها بانفعال
قائله بتسأل:
-ماذا يحدث هنا؟ ثم اقتربت منه قائله بضيق:

ماذا فعلت لابنة خالتك؟ لما اغضبتها؟
كفكفت "وتين" دموعها ثم سحبت والدتها من يدها قائله بثبات:
-لا يوجد شيئ أمي، هيا لنعود إلي المنزل فالوقت تأخر
هتفت حورية معترضة: لم أتحرك من مكاني هذا دون أن أعلم بماذا يحدث
وما سبب ذلك الشجار القائم بينكم؟
هتف نادر بتوتر: ليس بشجار وانما هو سوء تفاهم، قابلت "وتين"
صدفة، فأنا كنت بعملي قريب من هنا ثم أردف قائلا:
- دعوني اصلكم للمنزل فسيارتي مصفوفة بجانب الطريق

هتفت حورية بسأم بعدما استشعرت بقلبها سبب حزن ابنتها، سارت بجانب
صغيرتها قائله: لا عليك نادر، معي سيارتي
تأفف نادر بضيق بعدما غادرت خالته وابنتها وشعر بمدا واقحتة بالتصرف
وتطاول علي تلك البريئة وسخر من مرضها وهذا ليس ذنبها.

**
انبهر "أمان" بما فعله شقيقه من أجله وجلسوا ثلاثتهم يحتفلون بنجاح
امان في عمله، ولكن قطع حاتم عليهم تلك اللحظة وهم واقفا وهو يقول لصديقه :
- حان موعد تغريدي والذهاب الي غصن الهوى
رمقه امان بغضب ثم قال: متي تكف عن أفعالك يا رجل، متي ستسترد
عقلك؟ فانت شاب علي مشارف الأربعون ولم تتزوج بعد، أذهب وتزوج وكف عن تلك القذارة

أبتسم حاتم وقال وهو يهندم خصلاته: ويحك لم اقترب من الأربعون، فأنا مازلت في الثلاثون
هتف أمان بضجر: بلا اقتربت من عامك الخامس والثلاثون
قهقه بصوت عالِ ثم قال: مازل العمر أمامي يا رجل ولن أُقيد نفسي بقيود الزواج، أنا مثل الفريك لا أحب الشريك وأنا مبسوط بحياتي هكذا

ضحك رحيل بعدما غادر حاتم المكان ونظر لشقيقه قائلا: دعك منه فهو لا
يتغير مهما حدث؛ ثم أرسل غمزة مشاكسة وهتف قائلا:
- تزوج أنت
ضيق ما بين حاجبيه ثم قال بجدية: زواج !
هز راسه نافياً ثم استطرد قائلا: لدي أحلام أريد تحقيقها أولا
- اليس الزواج من ضمن أحلامك المستقبلية؟

زفر أنفاسه بضيق ثم أخرج سيجارته من علبة التبغ وبدأ في أشعالها
وهمس بصوت حزين، ليس لدي إستعداد بأن اقحم نفسي داخل صفقات فاشلة
هتف رحيل بدهشة: وهل الزواج أصبح صفقة؟
- نعم وينتج عنه الفشل أيضا، إلا ترا العلاقه بين والديك؟

قال كلماته وهو يسحب دخان سيجارته ليعبئ رئته بالدخان الضار بصحتة
يعلم انها تضر بصحتة ولكن يتمسك بها فهي من اختياراته ولم تفرض عليه
كما فُرضت عليه أشياء عديدة بحياته.
تبدلت ملامح وجه رحيل أيضا عندما ذكره شقيقه بالحياة التي يعشونها
داخل المنزل وعن تسلط والدتهم الدائم الذي زرع داخلهم خوف من الإقدام
علي الزواج.

**
داخل منزل حورية.
بعدما عادت من الخارج توجهت إلي حيث غرفتها لكي تبدل ملابسها،
تفاجئت بوجود والدتها خلفها
تطلعت إليها حورية بألم يغزو قلبها ثم همست بصوت حزين قائلة وهي
تربت علي كتفي ابنتها:
-لماذا لا تخبريني بأن نادر ومريم يضايقونكي بالكلام
أبتسمت بالم قائلة: تقصدين يسخرو مني ويتنمرو علي وضعي الصحي.

جذبتها لصدرها تحاوطها بقوة تخشي ابتعادها عن أحضانها وهمست من
بين دموعها قائلة: لا أعلم أنكِ تتعرضين للتنمر من أقرب الناس إلينا، كنت أظن بأنها فقط اقتصرت علي مرحلة طفولتك ولم أعلم أنها تلاحقك في شبابك ايضا
ابتعدت عن أحضان والدتها وعيناها تزفر الدموع قالت بقلب مكلوم:

- لم أعش طفولتي كاي فتاة مثلي ولا مراهقتي وأيضا شبابي، حُرمت من
اشياًء كتيرة، تعرضت للخذلان من أبناء شقيقتكِ الجرح يدمي بقلبي يا أمي
هتفت حورية بحزن: لن أسمح لأحد أي كان صلة قرابتي به بأن يأذيكي يا روحي
فاطعت والدتها قائلة بصراخ: لما لم تتخلي عني أنتي أيضا؟ لماذا لم
تفعلي بي مثل ما فعل بنا، لماذا؟

أنا أيضا ابنته مع ذلك تخلي عني وعنكِ
- أنتي ابنتي، قطعة من قلبي وروحي لا أشعر بخفقان قلبي إلا بقربك
لاحضاني، روحي تحي بيكِ، هو أختار البعد بإرادته وأنا اختارتك أنتي،
ساظل احميكي لآخر نفس في عمري، ولن أسمح لأي مخلوق علي وجه
الارض بأن يهد كل ما بنيته وزرعته بكِ طوال عمركِ، واياكي يا وتين كلام
نادر يضعفك ويهز ثقتك بنفسك وقوتك تضعف بسبب تلك الترهات،

ابنتي أقوي منهم جميعاً، فإنتي نعمة رزقني الله سبحانه وتعالي بها وساظل
أحافظ عليكي من أي شيء يوذيكي، حقا أنا أخاف عليكِ وحجبتك عن
أشعة الشمس الضارة بصحتك لأجلك لتظلي بأمان، تمارسي حياتك مثل أي
فتاة بعمرك، منعتكِ عن الخروج من منزلك نهارًا ولكنكِ درستي
وتخرجتي وفعلتي كل ما تحلمين به، تعشقي الكتابة وتهَويها وتمارسي
شغفك أمام حاسوبك وداخل غرفتك ولكن إذا اتتك الفرصة للعمل خارجاً
لما لا؟

صرخت بانفعال: -ولكن حياتي عبارة عن سجن داخل غرفتي، وإذا قبلت
بأي عمل، ماذا عن وضح النهار؟ نسيتي بأني كائن ليلي، سوف أقضي
الباقي من حياتي سجينة داخل عالمي الخاص.
ازدادت حورية في نوبة بكاء ثم هتفت قائله: هل كان بوسعي أن أفعل لكِ
شيئا ولم أفعله، أنا علي إستعداد اسافر بكِِ لآخر الدنيا إذا علمت بوجود
علاج لحالتك، أخبريني ما أفعله لكي تمارسي حياتك الطبيعية، هل أنا
مذنبة بحقك لما تشعرنيني بالتقصير الآن؟

ارتمت باحضان والدتها لتشدد الأخيرة علي ضمها لداخلها بقوة وكل منهما
تحاول تهدئه الأخرى من ثورة البكاء التي اجتاحت كل منهما.
فهي ليس لديها إلا حصنها المنيع وامانها في الدنيا، فكل منهما لم تستطيع
أن تعيش حياتها دون الأخرى.
الأم دائما هي الحضن الدافئ والكتف الحاني الذي نستند عليه من عثراتنا
وتخبطنا بالحياة، الشمس المشرقة التي تضي حياتهم، منبع الحنان وبئر
الأمان، النظرة من عينيها تحينا وذراعيها تطوقنا بحنانها، صوتها يغدقنا
بالسكون والهدوء فهي العالم بالنسبة إلينا.

**
عاد أمان برفقة شقيقه بعد أن احتفلوا سويا ثم توجه كل منهما لغرفتة.
كان يشعر بالارهاق والتعب دلف إلي المرحاض ليزيل عن جسده تعب اليوم
تحت المياه الباردة ثم أحاط خصره بالمنشفة وغادر المرحاض ليتفاجئ
بوجودها خلفه.

شلت الصدمة حواسه عندما وجدها أمامه ترتدي ملابس مثيرة، اقتربت منه بعطش تلامس جسده العاري، ليقبض علي ذراعيها بعنف وأبعدها عنه،
لتسقط أرضا أسفل قدميه، تشبثت به وتحاملت عليه لتستقيم واقفة تلفحه
بانفاسها المشتعلة، تقبل صدره العاري برقة، اشمئز من محاولاتها الفاشلة
وصرخ بها بصوته الرخيم:

- أبعدي عني أيتها الوقحة
استمعوا لطراقات أعلي باب غرفتة ، ارتبك أمان بسبب وجودها علي تلك
الهيئة أما هي فابتسمت بانتصار ووجدتها فرصة لكي تنتقم منه
احتضنته بقوة وهي تجذبه اليها ثم ارتمت أعلي الفراش ليكون هو أعلاها،
انفتح الباب في تلك اللحظة ودلفت أشرقت مناديه باسمه

- أمان هل نمت؟
شهقت بصدمة عندما راءته أمام أعينها بهذا الوضع، فابنها عاري الجسد
ويمارس علاقة خاصة مع الخادمة داخل غرفتة.

بعدما رأت ابنها في ذلك الوضع، هتفت بصوت جلي
- لم تجد سوا الخادمة لتمارس معها الرزيلة، أنت والخادمة بفراش واحد
أمان بيك.
انتفض أمان مبتعدا عن زيزي التي حاولت أن تجذب الغطاء حولها

اقتربت منها اشرقت بانفعال: أنتي اتركي القصر حالا، لا أريد أن أرء وجهك هذا
هتفت زيزي بكذب: سامحيني يا هانم، أنا لم امتلك حق الرفض
صرخ أمان منفعلا ليسكت كذبها : اخرصي، لولا أنكِ فتاة كنت تصرفت
معكِ تصرف تندمين عليه
جذبتها اشرقت بعنف من الفراش وسارت بها تغادر الغرفة وهي تهتف بصوت غاضب: غادري حالا
ثم رمقت أمان باشمئزاز قائله:

- ارتدي ملابسك، سانتظرك بغرفة المكتب
غادرت غرفته وصفعت الباب خلفها بقوة ثم هبطت الدرج لتدلف لداخل
غرفة المكتب تنتظره بالداخل ريثما يرتدي ملابسه ويلحق بها.

أما عن أمان فكان داخله حمم بركانية من الغضب والموقف الذي تعرض له
قبل لحظات وتاكيد ما شاهدته والدته من تلك الخادمة الحقيرة التي
استغلت صدمته لتجعل والدته تظن به السوء.
ارتدي ملابسه وهو يتأفف بغضب ثم سار بخطوات واسعة ليهبط الدرج
متوجها لغرفة المكتب، طرق الباب ثم دلف لداخل بثبات ، رمقته والدته بلامبالاة قائله:

- ترفض الزواج وتتودد للخادمات أمان بيك، جلبت لك فتايات من أرقي
العائلات وسيادتك تصمم علي الرفض، لهذا السبب ترفض الزواج؟
نظر لها بشموخ ثم هتف قائلا: وحضرتك صدقتي أن اقبل علي هذا الفعل؟ أنها كبيرة من الكبائر وأنا أخاف الله، تلك الفتاة ليست منضبطة منذ أن
خطت بقدميها هذا القصر ، وهي تحاول ان تتقرب منِ وانا اتجاهلها وكنت
اظن انها سوف تكف عن تلك الافعال

هتفت باستهزاء: ماذا حدث الان تحركت غريزتك ؟
ضرب المكتب بقبضة وهتف غاضباً: لم أقترب منها
دلف خالد علي صوت شجارهم العالِ هتف بتسال: ماذا يحدث هنا؟ لما صوتكم مرتفع لهذا الحد؟
رمقتة زوجته وقالت بغضب شديد: اسئله ماذا كان يفعل مع الخادمة بغرفة نومه وعلي فراشه

نظر خالد لامان بعدم فهم ليهتف أمان:
- أنا لم أفعل شيءٍ وليس بمذنب ولم أقبل أن أكون بموضع إتهام، لكِ
مطلق الحرية في تصديقي أم لا
هتفت بغضب وصوت حاد: أنا أصدق عيناي
-اخبرتك مراراً أنا لم المسها، أنتِ لا تريدين تصديقي فهذا شيء يعود لكِ

غادر الغرفة كالاعصار ومن ثم غادر القصر باكمله ليتوجه إلي الغرفة
الملحقة بالحديقة، فداخله طاقة غضب واراد إخراجها، فتلك الغرفة هي
عالمة الذي يفضله، فهي مثابة حلبة للملاكمة يفرغ بها طاقته السلبية، غرفة
توجد بها حلبة صغيرة يمارس بها البوكس، أرتدي القفازات وبدأ في لكم
كيس الملاكمة بكل قوة ليخرج غضبه الساكن داخله.
_
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي