ظلال المختار

yasmin92480`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2022-12-25ضع على الرف
  • 52.8K

    جارِ التحديث(كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

الفصل الأول

انا كاتب و يشاع أنني مشهور بعض الشيء لأن قصصي و رواياتي تعد مميزة و لي الكثير و الكثير من المتابعين، ليس لأنني الأفضل أو الأكثر شهرة عالمياً، و لا لأنني ذا خيال خصب و كتاباتي لا يوجد مثلها..

و لكن لأن أغلب كتاباتي ليست من خيالي كأي كاتب، و إنما لأنني اكتب كل ما أراه و حدث معي سواء بزمن ماضي او بزمن حالي و بأماكن مختلفة و متنوعة، بحثت كثيراً عن سبب الرؤى التي اراها و أشعر بها و لم أجد من رآها و شعر بها مثلي..

انا لست "مخاوياً" للجن كما جال بخاطركم الآن و كما يظن البعض، او بمعني أدق الكثير، و لم أسلك هذا الطريق الشائك و الذى يحيطه الشرك و العياذ بالله، و رغم ذلك لستُ ملتزم دينياً كما يقول الكتاب، بمعني انه حتي الصلاة أؤديها على سطر و اترك سطر كما يقولون..

بدأت حكايتي منذ كنت طفلا صغيراً و كان عمرى حينها سبع سنوات فقط، كنت أرى خيالات مبهمة و أناس لا اعرفهم و لم أرهم من قبل، و كنت استمع لحواراتهم و مواقفهم وكأنه شريط سينمائي يعرض امام عيني بتتابع دقيق و متلاحق..

قضيت طفولتي بين الفزع و الخوف، و أهلي تعذبوا معي كثيراً، لم يتركوا طبيب نفسي ولا مخ واعصاب إلا و عرضوني عليه، و خضعت للكثير من الأشعة، وتناولت العديد من الأدوية ولكن دون فائدة..

لم تكن تلك الخيالات دائمة، ولكنني عند زيارة اي مكان جديد يتصادف أن ارى تلك الظلال، و كأن لكل مكان قصة وعليّ مشاهدتها و الاستماع إليها، و مؤخراً بتُ أحلها..

أتذكر جيداً أن أهلي استشاروا الشيوخ، ظناً منهم انني يتلبسني جن أو ما شابه، و لكن بعضهم أكد أنني قد انكشف عني الحجاب و اصبحت أرى المستور، و أن قريبني هو من يساعدني بذلك، و يريني عوالم و أزمان و كائنات أخرى غيرنا كبني البشر، غير مسموح لنا برؤيتها ..

و لكنني خُصصت برؤيتها و التعامل معها..

سحبت نفساً طويلاً و أنا أتابع السحاب من نافذة الطائرة الصغيرة، يبدو مريحاً لعيني و لروحي المنهكة، فأنا أعشق اللون الأبيض و اجد مساحة للراحة من حياتي الغريبة..

مال عليّ صديقي و مدير اعمالي سامح وسألني بتعجب من شرودي:
_ ما بك يا رامي و ما سبب شرودك المريب هذا؟!

عدت برأسي ناحيته و اعتدلت بجلستي و اجبته بهدوء ساخر:
_ اي شيء مني صار مريب بالنسبة لك، فقط اطالع السحب من حولنا هل هناك شئ مريب بذلك؟!

ضحك سامح ضحكة عالية، و قال بهمس خافت كي لا يسمعنا أحد:
_ عندما طالعت شرودك الهادئ، قلت بداخلي ربما قد حدث بتلك الطائرة حادث ما، او لربما يسكنها الجن و أنت تتواصل معهم كعادتك.

مررت اناملي بشعراتي و انا اجيبه ببرود:
_ حادث و نحن بالطائرة، فأل خير يا وش الخير .

تعالت ضحكات سامح من جديد عليّ، بينما عدت انا بعيني للتطلع خارج الطائرة مجدداً بملل، سامح صديق عمرى الوحيد منذ كنا اطفال صغار، عندما رفض أهلي تصديق ما كنت أقصه عليهم كان سامح الوحيد الذى صدقني و لم يتركني، او خاف من نوبات فزعي،

علي العكس تماما، تحملني وظل الي جوارى حتي الآن، و كأنه مسئول عني..

عدتُ بذاكرتي لأول مرة ائتمنته علي سري الصغير حينها، عن المنزل المحروق و القابع بأول طريق بلدتنا القديمة، وأنني لطالما رأيت امرأة كبيرة كهلة ترتدي عباءة سوداء، و كانت كلما رأتني تضحك لي بود، و كان لها سن بفمها من الذهب، و كلما ابتسمت لمع السن الذهبي ببريق عالي..

ورغم أنه بكل مرة رأيتها كان معي و لم يرها أبداً، و لكنه كان يصدقني انني أراها، و يبعدني عن المنزل مسرعاً خشية ان يصيبني مكروه منها..

عندما حكيت لأهلي بأمر تلك المرأة و التي لم يراها سامح و رأيتها أنا كالعادة، لم يصدقوني و ظنوا أنني أكذب أو اختلق قصصاً للفت انتباههم لي، بما أني ابنهم الصغير، و لكن جدي رحمه الله حينها صدم الجميع..

فقد أكد على روايتي، بأنه بهذا المنزل المهجور كانت تحيا امرأة عجوز كانت بشبابها تعمل كراقصة بالحانات، و أنها كانت ذات سن ذهبي بفمها، و اخبرهم بأنها قد تابت من الرقص و عادت لطريق الله و عاشت بهذا المنزل الصغير، و تنازلت عن بيوتها و أموالها و بقيت زاهدة لكل شئ، تعيش على المعونات من أهل البلد و الذين ساعدوها كي لا تعود لسابق عهدها..

انتشرت شائعات بآخر أيامها أنها تدفن كل ذهبها القديم تحت بيتها الصغير الرث لأنها تخشي اللصوص، الحاجة وقلة الضمير جعلت بعضاً منهم يصدقون، واقتحموا منزلها و قتلوها بدون رحمة و لا شفقة، خنقوها بحجابها و عندما بحثوا بكل مكان لم يجدوا شيئاً كما كان يخيل لهم، فاضطروا لان يحرقوا البيت؛ كي تطمس جريمتهم معها للأبد..

كنت يومها أشعر بانتصار كبير على والدى، وجلست بجوار جدى اطالعهم بغرور، فقد اظهر صدق رؤيتي و أنصفني، و مع ذلك قال والدى حينها انه ربما سمعت تلك القصة من قبل، و شخص آخر قصها لي و انا اخدعهم كعادتي..

شعُرت بغبطة كبيرة و إحباط شديد حينها و لكن سامح كان داعماً لي و مؤكداً على صحة ما اقوله طوال الوقت، و كان يرافقني بكل مغامراتي، و يشاركني جميع قصصي المثيرة، حتي قررت تدوين ما امر به و كتبته كقصص قصيرة ..

بعدما تمكنت من حبكة الروايات و انتشرت بسرعة هائلة و تحول سامح من مجرد صديق و داعم لى، الى مدير اعمالي و مسئول التسويق لكتبي..

لن أنكر أن ارتباطي القوى بسامح، آثار غيرة زوجتي ايناس التي دائما ما كانت تطلب مني أن اجلس معها نصف الوقت الذي أقضيه مع سامح قائلة:
_ أنا اول امرأة بالكوكب يصبح لها ضرة رجل، و نعم انا اغار منه يا رامي .

اجبتها بترفق ف أنا بالنهاية مقصر معها :
_ نحن نعمل سويا، و انا بدون سامح يا ايناس لن أستطيع التقدم، فأنا مشغول بكتاباتي، و لن اجد وقت لفكرة التسويق و الاعلان لأعمالي و هذا تخصص دراسته و يقوم به علي أكمل وقت.

تأففت إيناس و قالت بضيق:
_ و أنا أحتمل كل تقلباتك و حالاتك النفسية المتخبطة و الكثيرة للأسف، الا يحق لي بعض الوقت مع زوجي حبيبي بمكان هادئ لأيام قليلة فقط.

اجبتها بهدوء لا ادرى عواقبه:
_ يحق لكِ طبعا، بأول فرصة اجد بها وقت متاح سنخرج سويا، فأنا سأسافر مع سامح الي اوكرانيا لمهمة ما.

ابتسمت وانا اتذكرها وقد وقفت محتدة و قالت بتذمر غاضب:
_ لا تجد وقت لي، و قد وجدت وقتا لسفرتك انت وسامح!! بات الأمر كله سخيف يا رامي، و لقد سأمت من ذلك الوضع.

هدأتها قائلا:
_ اعدك بعد عودتي سآخذكِ لمكان هادئ بمنطقة بعيدة انا و أنتِ وسجدة، وسنستمتع بوقتنا كثيرا، و انا لن اخلف وعدى.

اجابتني بنبرة بها القليل من السخرية:
_ انت دائما ما تخلف كل وعودك معي يا رامي، و انا اعتدت واصبح الامر عاديا يا حبيبي.

قلت لها بدهاء مستغلا حبها لي:
_ ولكنني وفيت بأهم وعد بحياتي و تزوجتك يا اغلي و اجمل نعمة من ربي.

كانت ابتسامتها الخجلة مصدر لدقات قلبي التي وصمت باسمها وفقط، استفقت علي وخزة سامح لذراعي و غمز لي بعينه و قال مداعباً:
_ ما سبب تلك الابتسامة الحالمة يا صديقي؟!

تصنعت الجدية و قلت بهدوء:
_ لا شأن لك يا عود البقدونس الاخضر، و الذي يزاحم نفسه بكل انواع الاكل و الامور.

تعالت ضحكات سامح و قال لي و هو يشير علي حزام الطائرة بعينيه:
_ اربط حزامك فالطائرة قاربت علي الهبوط يا روميو، فأنا اعلم انك تذكرت ايناس زوجتك، و هي من كانت سبب ابتسامتك، فتلك الابتسامة انا اعرفها جيدا منذ كنا بالجامعة .

ابتسمت ابتسامة متسعة و ربطت حزامي حول خصري بقوة و تنفست مطولا لتهدئة نفسي من ذعري عند هبوط الطائرة..

لا انكر دور سامح القوى بحياتي، حتي انه هو سبب سفرتنا الغريبة تلك، فقد تواصل معه علي صفحتي الشخصية، رجلا مصريا يدعي سيف، حكي له قصة غريبة و اراد ان نذهب اليه، ربما اكتشف عن طريق قدرتي سبباً لمشكلته، و تكفل بكل مصاريف الزيارة بالكامل..

قد أوضح انني سأزور مكان معروف هناك و وجدت انه من أشهر الاماكن بالعالم، لبلدة مهجورة اسمها "تشرنوبل" قد وقع بها حادث نووي إشعاعي في أحد المفاعلات النووية في محطة تشرنوبل للطاقة النووية بعام ٦٨

هذا المكان يقع بشمال اوكرانيا، وهذا المفاعل قوته تعادل اربعمائة قنبلة نووية، و قد مات في هذا الحادث ما يقارب من احدى وثلاثين شخصاً وقتياً، ولكن عندما انتشر الإشعاع و مع وصوله لبلدة تشرنوبل، و التي كان يقطنها عمال محطة تشرنوبل و أسرهم بدأت حالات الاختناق تأثر على الآلاف بالمدى الطويل..

وظهرت حالات كثيرة قد أصيبوا بسرطان الغدة الدرقية المؤلم، وبالتبعية الموت، ومن أكثر المدن التي تأثرت هي مدينة بريبيات و التي هجرها سكانها سريعاً بأعداد كبيرة و هائلة، وبوقت قصير تحولت لمدينة الأشباح، خالية لا يوجد بها أي مظهر من مظاهر الحياة..

بعد فترة طويلة استطاعوا الأوكرانيين بمساعدة الاتحاد السوفيتي في بناء و تدشين جدار خرساني قوى و سميك؛ كعازل للمفاعل النووي لمنع تسرب الإشعاعات منه، و مع مرور الوقت اكتشفوا ان هذا الجدار بد بدأ في التصدع، فشكلوا لجان جديدة لبحث كيفية العمل علي ترميمه، وعمل غلاف جديد متطور أكثر وعملي، وأكثر سماكة للحد من خطورة الموقف وانتشار تلك الاشعاعات مجددا..

تحولت تلك البلدة المهجورة لمزار يقصده الشغوفين لالتقاط الصور الفوتوغرافية العجيبة لها، ولكي يقترن أسمائهم بتلك المدينة المشهورة رغم الالم الكبير خلف قصتها..

بلدة كاملة كساها الخراب و الدمار واصبحت خالية و مهجورة ومقبضة، فالبيوت جميعها قد كستها افرع الاشجار الخضراء ملتفة عليها بشكل مبهر، و السيارات التي أصابها الصدأ و قد دفن اغلبها بالرمال و الأتربة، و بقي الجزء العلوى منها شاهد علي اندفاع تلك السيارات للهرب من الموت المحقق، او الاصابة بأمراض قاتلة..

المستفاد الوحيد من تلك الحادثة المؤلمة، هم الحيوانات البرية، فالمكان تحول الى محمية طبيعية رائعة، حيث تزايد بها بشكل ملفت للنظر أعداد الذئاب وانواعها، وأيضا الغزلان وانواع كثيرة و متنوعة من الحيوانات، أزيد بكثير من أي محمية طبيعية اعدت لهم سابقاً كي يحيوا بها بآمان و حرية..

اراه طبيعيا لمكان ابتعدت عنه ايدي البشر، وحظت به الحيوانات علي حرية بالغة دون تدخل من بشري بشئونهم..

كنت أتنقل بين الصور الحالية للمكان علي هاتفي، لتقليل نسبة رهابي من الطائرة قبل هبوطها، الصور ملئه بالخراب والدمار ولكنها جميلة رغم ذلك، و بينما أنا اتنقل بين الصور كانت نبضات قلبي تتزايد بشكل بات يؤلمني ..

و انا أرى ظلال لناس يركضون، وبعضهم يصرخ وبعضهم يستجدى غيره لإغاثته هو و أسرته..

صورة مؤلمة و كأنني كنت هناك سابقاً، ورأيت آثار هذا الانفجار علي اهل البلدة، فتلك فاجعة مفاجأة لم تكن بالحسبان..

اغلقت الملف و انا احاول ان اضبط انفاسي المتلاحقة، كونك قد خرجت للتو من حادثة بهذه البشاعة كنت تتنقل بين ضحاياها دون ارادة منك جعلته يلهث كمن خرج من سباق ..

بكل مرة ومع كل تجربة جديدة لكتاب جديد، يأخذ من روحي وطاقتي الكثير، اصبحت مستنزف بشكل مرهق، حتي آثاره امتدت لصحتي التي اصبحت هشة وتستقبل اي عدوى بصدر رحب، وبمنتهي اليسر ..

ومع ذلك ابدو متأقلماً مع ظروفي و ما اخترته بيدى وما لم أختره سابقاً منذ البداية، سيبقي شغفي هو دافعي الاكبر يليه ان هناك الكثير ممن يحتاجون مساعدتي ..

هبطت الطائرة، وانهينا معاملات المطار وخرجنا، وجدنا سيف المستضيف لنا وصاحب الدعوة بانتظارنا، وجدته شاحب البشرة بملامح متجهمة و يكسوها حزناً واضحاً ..

اقترب مني وصافحني قائلا بتلهف :
_ حمد لله علي سلامتك يا استاذي العزيز، انا من اشد المعجبين بما تكتبه .

صافحته قائلا :
_ شكرا جزيلا لك، تشرفت بدعوتك .

صافح سامح أيضا واشار لنا علي سيارته، وحمل حقائبنا و وضعها في حقيبة السيارة، ثم صعدت الى جواره، لينطلق هو بسيارته في الطريق ..

كنت اطالع جمال البلد و بشاشة اهلها، وانا افكر عن سبب دعوة سيف لنا، وعن ذلك الحزن المرتسم علي وجهه وهو يقود بشرود، حتي انه كان سيعرضنا لحادثي اصطدام بسبب شروده ..

وصلنا لمنطقة غاية بالجمال، قرية قريبة من مدينة تشيرنوبل، تحيطها غابة كبيرة جدا، كتلك التي نراها بالأفلام الاجنبية وخاصة الامريكية، جذبني سحر المكان و لم استطع التوقف عن قول سبحان الله في جمال خلقه ..

توقفت السيارة امام بيت هادئ وجميل، مكون من طابقين، تحيطه نباتات جافة كانت في يوماً ما تعطي الحياة لهذا البيت الحزين ..

ترجلنا من السيارة و سيف يشير الينا بأن نتقدم للدخول للبيت، البيت فعلا هادئ، للغاية، انيق و مرتب بشكل دقيق، الدول الاول عبارة عن غرفة استقبال ضيوف، وغرفة معيشة كبيرة بها الكثير من العاب الاطفال، و شاشة عرض كبيرة ومدفأة تبدو عتيقة و الكثير من اللوح القيمة ..

وبالجهة المقابلة غرفة طعام كلاسيكية وقديمة، تحفة فنية نادرة، و بجوارها مطبخ لم يستطع رؤيته بالكامل، بعد ان خرجت سيدة في عقدها الخامس تطالعنا بود مبتسمة بهدوء ..

اشار عليها سيف وقال :
_ انها أولغا، العاملة بالبيت و المسئولة عنكما طوال فترة اقامتكما هنا .

قلت لها بالإنجليزية :
_ مرحبا .

اعتقد انها لم تفهمني، لكنها هززت رأسها و قد اتسعت ابتسامتها، حدثها سيف ببعض الكلمات وهي اجابته، ثم التفت الينا وقال :
_ تفضلا معي للأعلى من المؤكد انكما بحاجة للراحة .

اسرع سامح قائلا تلهف :
_ نعم، معك حق .

اشار علي درج جانبي للبيت وقال :
_ تفضلا من هنا .

تبعته وانا اطالع تلك الصور المتراصة علي الحائط خلال صعودنا للاعلى، صور سيف مع زوجته و طفلتين غاية بالجمال، الصور تملأها السعادة و الفرحة و الراحة ..

حتي ملامحه كانت اكثر اشراقة وانطلاق و حياة .
سألته بتعجب وانا اواصل صعودي :
_ أين اسرتك ؟! هل تركوا البيت بسبب قدومنا الي هنا ؟

توقف امام احدى الصور وهو يطالعها بوجه متهدل و عينين زائغتين و اجابني بتنهيدة تحمل الكثير :
_ انهما في بيت والدة زوجتي منذ اسبوعين، قبل ان افكر في ان ادعوك الى هنا لا تقلق .

ثم تابع صعوده و سامح يحمل الحقائب معه ويطالعني بتعجب، توقف امام غرفة و قال لسامح :
_ هذه غرفتك تفضل .

ناولني سامح حقيبتي، و دلف اليها بينما سرت الي اخر الرواق مرورا علي ثلاث غرف آخري، بابين منهما يدلان علي انهما غرف الطفلتين، الغريب ان سيف فتح باب غرفة منهما وهو يشير الي قائلا بحزن متحاشي النظر للداخل :
_ تفضل هذه غرفتك .

وتركني وابتعد، طالعت انصرافه بتعجب، ثم دخلت الي الغرفة وجدت بها فراشاً كبيرا يصلح لي، و الكثير من الالعاب، و كل شىء حولي باللون الوردي ..

تركت الحقيبة علي الفراش و انا اطالعها بابتسامة هادئة، وقد تذكرت غرفة سجدة ابنتي التي تشبهها الى حد كبير، تركت الغرفة وخرجت سرت قليلا حتي نهاية الرواق والذي احتوى علي مقاعد متجاورة و بجوارهم مكتبة تبدو غنية ..

طالعت بعض الكتب و وقفت في الشرفة اطالع تلك البيوت المتراصة في خطين متقابلين، البلدة نظيفة بشكل جعله يشعر انه جزء من لوحة مرسومة بإبداع تحيطها تلك الغابة الكبيرة ..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي