الفصل الأول

حب مع إيقاف التنفيذ.

في صباح يوم الأحد كانت الشمس مشرقة.
درجة الحرارة عالية جدا.
والشوارع ممتلئة بالناس يبدو أن بها تكدس مروري كالعادة.
الغضب على كل الوجوه.
والجميع في عجلة من أمرهم. بسبب تأخرهم عن أعمالهم الأصوات مرتفعة من الأشخاص وأبواق السيارات.
كما أن الوجوه مبللة من شدة العرق.
وصل فارس إلى الشركة التي يعمل بها وهو يلتقط أنفاسه بصعوبة.
ففارس الآن في الثانية والثلاثين من عمره. يعمل في شركة الخطيب للإلكترونيات.
المعروف عنه بأنه ماهر جدا في عمله.
نشيط شخصيته جادة إلى أبعد الحدود.
منطويا على نفسه جدا.
مما جعل الجميع يبتعدون عنه لذلك ليس لديه أصدقاء مقربين.
جلس فوق كرسي مكتبه.
ثواني واستمع إلى رنين الهاتف الداخلي للمكتب.
رفع السماعة فاستمع إلى صوت سكرتيرة المدير على الطرف الآخر، تخبره بان المدير الآن في مكتبه.
اغلق الخط بعد أن أخبرها بأنه قادم الآن.
دقائق قليلة وكان أمام مكتب المدير...
ولج بخطى ثابتة فأبصرها تجلس خلف مكتبها منكبة على أوراق كثيرة يبدو أن لديها الكثير من العمل اليوم.
فتارة تنظر إلى الأوراق وتارة أخرى تعبث في أزرار لوحتىة المفاتيح الخاصة بالحاسوب الذي أمامها.
تنحنح بخشونة كي تلتفت له.
وبالفعل رفعت عسليتيها لتواجه سودويتاه.
فغمغمت بجدية: أستاذ فارس، تفضل السيد عادل بانتظارك.
لكنه غاضب قليلا لأنه يبحث عنك منذ الصباح وأنت تأخرت جدا اليوم.
أوما متفهما وشكرها.
ثم اتجه إلى مكتب السيد عادل الخطيب.
طرق الباب بخفة وولج بعد أن استمع صوته يأذن له بالولوج.
ولجا واغلق الباب من خلفه.
تقدم للداخل بخطوات بطيئة،
فاستمع إلى صوت المدير الغاضب يسأله بحدة: لماذا تأخرت يا فارس؟
أجابه بارتباك ملحوظ: أسف يا سيد عادل.
فالشوارع كان بها تكدس مروري.
كلنا نمشي في تلك الشوارع ونأتي في ميعادنا وهذه ليست المرة الأولى لك.
لذ سأقوم بالخصم من مرتبك.
اخفض فارس بصره أرضا مغمغما بخفوت: كما ترى يا سيد عادل.
سأله باقتدار : ماذا فعلت في الحاسوب النقال الخاص بي يوجد عليه الكثير من الأعمال؟
أجابه باحترام: لا تقلق يا سيدي سأذهب وأحضره لك.
رمقه بإعجاب شديد هاتفا باستغراب: وهل قمت بتصليحه؟
أجل انتهيت من تصليحه بالأمس.
ابتسم بخفة مغمغما: يبدو أنك مهندس ممتاز كما يقال عنك، إذا عد إلى مكتبك وأنسا أمر الخصم.
شكره كثيرا واتجه للخارج وابتسامة جميلة تزين محياه.
أبصرها وما زالت على وضعها الذي كانت عليه منذ قليل فناداها بصوته الرخيم: آنسة لمار هل يمكنك أن تأتي معي لتأخذي حاسوب السيد عادل.
بالطبع.
قالتها وهي تستقيم واقفة.
رمقها بإعجاب شديد وأشار لها كي تتقدمه.
بادلته الابتسامة ودلفت بصحبته باتجاه مكتبه.

وفي نفس التوقيت.
في منزل السيد إيهاب صبري.
تقف امرأة أربعينية أمام المرآة تتأمل جمالها بانبهار شديد.
إذ خصلاتها السوداء التي تصل إلى أسفل ظهرها وعينيها الخضراوتين التي تغطيها أهداب كسيفه وبشرتها الحليبية .
ألقت قبلة على المرآة واستدارت لتنظر في الساعة المعلقة فوق أحد جدران الحائط.
فشهقت بقوة وهرولت باتجاه غرفة ابنتها فتحتها وولجت صائحة بحدة: أروى هيا استيقظي يا ابنتي.
لقد تأخرت على جامعتك وآدم ينتظرك في الخارج منذ مدة.
ألقت الغطاء بعصبية وقفزت من فوق الفراش عندما استمعت إلى اسم ذلك الشخص الذي تبغضه كثيرا.
فصاحت بحنق: لماذا ينتظرني هذا الغبي؟
اذهبي وأخبريه بان يذهب بمفرده، لن أذهب مع ذلك الأبله.
نهرتها بحدة: لماذا يا أروى أنه يحبك ويخاف عليك كثيرا.
ضحكت بلا مرح: يحبني. أجل أجل أنا أعلم ذلك.
إنه يتحكم بي وبكل تصرفاتي.
أنا أكرهه يا أمي.
أتعلمين لو لم أنني أحب بابا إيهاب لطلبته منك الرحيل بعيدا عن ذلك الشخص.
شعرت والدتها بالحزن.
فأدركت أروى ما تفوهت به.
فدنت محتضنة والدتها بقوة: آسفة يا أمي لم أقصد أبدا ما فهمت لكنني كنت غاضبة.
آدم يفعل تصرفات سيئة معي. يضايقني أمام أصدقائي.
ويهينني في بعض الأحيان عندما أتصرف تصرف لا يعجبه.
أبعدتها والدتها ومسدت فوق وجهها الناعم ثم نظرت إلى عينيها اللتان تشبهان حبة الزيتون وغمغمت بخفوت: لا تحزني يا أروى أعدك بأنني سأتحدث مع آدم بشأن ذلك الموضوع اتفقنا؟
اومائت موافقة.
فاستردت : إذا بدلي ثيابك لتذهبي معه.
هزت رأسها باستسلام وذهبت تنفذ أوامر والدتها.
بينما السيدة غادة تنهدت بعمق.
فرغم فترة زواجها التي تعدت العشر سنوات لم تستطع أن تؤلف بين قلبين آدم وأروى.
حاول أكثر من مرة هي وزوجها أن يجعلوهما كشقيقين لكنهما فشلا فشل زريع.
فكل منهما لا يطيق الآخر.

توقف بسيارته أمام الجامعة ومن ثم ترجل والتف حول السيارة ليفتح باب ابنته.
ثواني ومد لها يده فتمسكت بها وهبطت من السيارة.
منحته ابتسامة جميلة.
فطبع قبلة عميقة فوق جبينها مغمغما: أتمنى لك يوما جميلا مثلك يا جوري.
وأنا أيضا يا ابي .
هل لديك عمل اليوم؟
أجل يا جوري فاليوم هو يوم عرض برنامج (اسأل مسؤول) هل نسيت؟
أومأت له بالإيجاب.
فاستطرد: إذا هيا إلى محاضراتك وهاتفيني بعد أن ينتهي يومك الدراسي.
أومأت موافقة ومن ثم وقفت على أصابعها طابعة قبلة طويلة فوق وجنته وهرولت للداخل.
تابعها بنظره حتى اختفت وسط الحشود.
ومن شم استقل سيارته عازما على الذهاب للمحطة الفضائية التي يعمل بها.
إنه السيد مراد حامد.
مخرج برنامج (اسأل مسؤول) الخاص بمقدمة البرامج ملك يوسف.
توفيت زوجته منذ خمس سنوات واهتم هو بابنته الوحيدة جوري.
يعاملها كملكة متوجة.
حاول بشتى الطرق أن يعوضها عن غياب والدتها الحبيبة.
فقد كان ذلك الرجل على قدر عالي من الوسامة.
يمتلك شعرا بلون القهوة يتخلله بعض الخصلات البيضاء مما زادته جاذبية ووقار.
وعينان بلون الزمرد. وشارب ولحية زادته جمالا فوق جماله.

عودة إلى شركة الخطيب.
طرقت لامار طرقات خفيفة فوق باب مكتب المدير الذي سمح لها بالدخول.
ثواني وكانت أمامه.
تضع حاسوبه فوق مكتبه.
استقامت بجزعها فباغتها وامسك بيدها وهو ينهض من فوق الكرسي الخاص به.
حاولت سحب يدها لكنها لم تفلح.
جذبها لتدنو منه وراح يغازلها بوقاحة شديدة.
مردفا بخفوت: أنت فتاة جميلة الوجه، حسنة المظهر.
عندما أنظر إلى عسليتيك الجميلتين أشعر بأنني مراهقا صغير.
رفع يده يتلمس خصلات شعرها واستطرد حديثه غير عابئا بنظراتها المذهولة: وشعرك الأشقر المسترسل فوق كتفيك يثيرني للمسه دائما.
أما شفتيك وااه من شفتيك.
قاطعته بحدة وهي تسحب يدها بعنف من بين يديه: لن أسمح لك بالحديث معي بتلك الطريقة مرة أخرى.
أنا أعتبرك مثل والدي لا تتمادى معي مرة أخرى وإلا ساترك هذا العمل على الفور
هل سمعت ما أقوله؟
ألقت كلماتها دفعة واحدة واندفعت للخارج وبداخلها بركان عظيم.
السيد عادل الخطيب مالك تلك الشركة.
شخصية قاسية متعجرفة.
شديد الثراء وعاشق للنساء.
بإمكانه أن ينفق أموالا طائلة للحصول على أي امرأة تعجبه.
ورغم عمره الذي تجاوز الخمسون إلا أنه لم يتزوج بعد.
فضل أن يعيش حرا طليقا يتذوق من كل طبق يعجبه.
حاول جاهدا الحفاظ على جسده المتناسق كي يبدو أصغر من عمره.
لذلك كانت الكثير من النساء يتوددن إليه دائما.


شهقت بقوة عندما أبصرت قاعة المحاضرات الخاصة بها مغلقة.
أخذت نفس عميق وترقت فوق الباب وولدت.
أوقفها صوت المعيد الحاد: أنت يا آنسة إلى أين تذهبين؟
استدارت إليه وإجابته بخفوت: أنا آسفة على التأخير أرجوك اسمح لي بالدخول.
أسف يا آنسة عودي كما كنت.
فلا أحد يدخل القاعة من بعدي.
استطرد حديثه وهو ينظر إلى الجميع: وهذا الحديث موجه للجميع، من اليوم فصاعدا لا أحد سيدخل القاعة من بعدي.
هل هذا مفهوم؟
غمغم الطلبة بالموافقة.
يجب عليكم احترام المواعيد.
رمقته بعتاب ودلفت للخارج ودموعها تنسكب فوق وجنتيها بغزارة .
تسير بخطوات واسعة بالكاد ترى أمامها من كثرة دموعها فاصطدمت بإحداهن كادت أن تعتذر لكنها التزمت الصمت عندما تعرفت على هوية هذه الفتاة.
فما كانت سوى أروى صديقتها التي شهقت بقوة سائلة إياها: لماذا تبكين هل حدث لك مكروه؟
هزت رأسها نفيا وإجابتها بصوت متقطع: الدكتور حازم طردني من المحاضرة.
ولهذا السبب تبكين!
يا لك من بلهاء.
هيا تعالي نتناول مشروبا في الكافيتريا ودعكي من هذا الأمر.
جذبتها من يدها واتجهت بها إلى الكافيتريا والأخرى دموعها تأبى التوقف.
وعلى الرغم من أن جوري وأروى صديقتين متقاربتين إلا أنهما مختلفتان تماما عن بعضهما من حيث الشكل والمضمون.
جوري فتاة هادئة خجولة جمالها هادئ بريء تملك عينين بلون القهوة وشعرها يماثل لون عينيها بشرتها خمرية، وهي صغيرة الحجم.
بينما أروى شخصية عنيدة متهورة منفتحة جدا جمالها جمال صارخ عينيها زيتونيتين وخصلاتها سوداء تصل إلى آخر ظهرها، بشرتها بيضاء حليبية تشبه والدتها بشكل كبير.


صضحت ضحكات يارا في أنحاء المكتب مما جعل لامار ترمقها باغتياظ شديد: كفي عن الضحك يا يارا ألا ترين أنني غاضبة جدا؟
حاولت كبت ضحكاتها ومن ثم سألتها بسخرية: ولماذا أنت غاضبة يا صديقتي؟
تعلمين جيدا أن ذلك الرجل العجوز مهووس بالنساء.
لذا عليك أن تصديه باستمرار.
ومرة تلو الأخرى سيمل ويكف عن التحرش بك.
هل فهمتني؟
وإن لم يفعل يا يارا.
لوت شفتيها بعدم رضا: وقتها نقوم بضربه أو نجري له عملية صغيرة.
رمقتها لمار باستغراب: عملية. ماذا تقصدين؟
قهقهت يارا بصخب: عملية تجعله مثلي ومثلك.
هل فهمتني؟
انفجرت لمار بالضحك وشاركتها يارا.
ثواني ومر فارس من أمام المكتب فلمحته يارا التي هتفت: اترين ذلك الشاب الوسيم يا لمار؟
أنه شاب مثالي لكنه للأسف ثقيل الدم وكئيب بشكل لا يوصف.
ومثير للشفقة.
أومأت لمار مصدقة على حديثها غافلين عن الذي استمع إلى حديثهما.
وانصرف وهو يشعر بالحزن الشديد.


بعد أن ساعدته في ارتداء قميصه.
أجلسته فوق المقعد المقابل لطاولة الزينة وراحت تمشط خصلاته السوداء الممزوجة بخصلات بيضاء.
ومن ثم وضعت ذقنها فوق كتفه الأيمن تتأمل صورتهما المنعكسة في المرآة وابتسامة جميلة تزين محياها الحسن.
استدار طابعا قبلة سطحية فوق شفتيها مغمغما بأنفاسه الحارة التي تسكرها: يوما بعد يوم تزدادين جمال وبهاء يا غادة.
أتعلمين أنا أحمد الله كل يوم لأنه وضعك في طريقي. لا أعلم إن لم تكوني في حياتي ماذا كان سيحدث.
جلست فوق ساقه وطوقت عنقه بيديها: إنه القدر يا إيهاب.
منذ أن دخلت حياتنا أنا وأروى وتحولت حياتنا إلى جنة.
أتعلم؟
رمقها باهتمام.
فاسترسلت حديثها وهي تضع رأسها فوق صدره تستشعر دقات قلبها تستشعر دقات قلبه: أنا أحبك فوق حب المحبين حبا.
قهقه بصخب وضمها أكثر إلى صدره: وأنا أعشقك فوق عشق العاشقين عشقا.
صوت ضحكاتهما لتملأ أركان الغرفة التي لطالما شهدت على الكثير من مشاعرهما الجياشة.


انتهى الدوام وعاد الجميع إلى منازلهم.
وقف فارس أمام منزله ووضع المفتاح في الباب
فاستمع إلى صوت جارته الحاجة أمينة تهتف بلوهاث : فارس حمدا لله أنني وجدتك يا بني، هيا تعال تناول وجبة الغداء معنا فابنتي زيزي أعدت طعاما شهيا من أجلك.
ظفر بنفاد صبر فيوميا يحدث هذا الموشح وكالعادة قوبل طلبها بالرفض: أسف يا حاجة أمينة لكنني لست في مزاج جيد لتناول الطعام.
فتحت فمها لتعترض لكن ابنتها ظهرت من خلفها ودنت من فارس جاذبة مرفقه بقوة هادرة بصوتها الرفيع: يا قمر تعال شاركنا الطعام كي تنفتح شهيتنا.
ابتسم رغما عنه وفي أقل من الثانية سحب يده من يدها وفتح الباب بسرعة وولج واغلقه خلفه وهو يظفر بقوة: الحمد لله استطعت الهروب
هذه المرة.
اتجه إلى المرحاض ينعش جسده بالماء البارد كي يزيل عنه تعب العمل.
دقائق قليلة وخرج من المرحاض يلف جسده بمنشفة كبيرة.
ارتدى بنطال قطني مريح.
وقميص دون أكمام.
وألقى بجسده فوق الفراش.
فهو معت النوم في ذلك الوقت كل يوم.
ثواني وتذكر حديث صديقة لمار عنه وضحكهما وسخريتهما منه.
كسا الحزن ملامحه وظل يتقلب يمينا ويسارا حتى أتاه النوم أخيرا بعد شقاء.


قبل قليل صاحت.
بقوة: يا الله ماذا افعل يا أمي كي ينظر ذلك الوسيم إلي ؟
هو لا ياراني من الأساس هل أنا قبيحة يا أمي؟
شعرت والدتها بالشفقة عليها مسدت فوق رأسها بحنو: كلا يا ابنتي أنك جميلة جدا من الداخل والخارج.
إذا لماذا لا ينظر إلى وجهي؟
صمتت والدتها فهي ليس لديها ما تقوله لها لتواسي قلبها الملتاع.
هيا أجيبيني. هل أنا قبيحة؟
وقفت تتفقد شكلها أمام المرآة بتفحص.
فأجابتها والدتها أخيرا: أنت لست قبيحة يا ابنتي.
لكن أعدك بأنني سأفعل قصارى جهدي كي يقع ذلك الوسيم في حبك.
هرولت إليها وجلست بجوارها فوق أحد المقاعد المتواجدة في غرفة المعيشة: كيف ستجعلينه يحبني وماذا ستفعلين؟
رسمت ابتسامة كبيرة فوق وجهها البشوش: سآخذك إلى أحد مراكز التجميل الكبرى في الغد.
ومن ثم سندعوه لتناول العشاء عندنا.
صفقت بحماس وراحت تقفظ كالأرنب في مكانها. حقا يا أمي؟
أجل يا ابنتي.
أنا أحب ذلك الفتى مذ كان صغيرا.
فهو مثال للأخلاق الحميدة والرجولة الطاغية والوسامة يا أمي لا تنسي هذا.
قهقهت العجوز بصخب: والوسامة يا ابنتي.
فقط لا تغضبي أنت وكل شيء سيكون على ما يرام.


ما كل هذا الجمال يا أمي؟
تبدين في الثلاثين من عمرك.
تلك الكلمات هتفت بها لمار التي كانت تعدل من هندام والدتها.
منحتها السيدة ملك ابتسامة عزبة: أصبحت كثيرة المجاملات في هذه الأيام يا لمار.
كلا يا أمي. أنت جميلة جدا ألا تستمعين إلى المعجبات والمعجبين عنك على مواقع التواصل الاجتماعي فأنت لديك الكثير والكثير من المتابعين.
سواء على الفيسبوك أو انستجرام وحتى تويتر.
اسم ملك يوسف أصبح ماركة.
أطلقت السيدة ملك ضحكة مجلجلة ومن ثم قبلت جبينها بعمق: تناولي عشاءك وشاهدي البرنامج قبل أن تنامي.
أومأت: موافقة بالطبع يا أمي. إن لم أدعمك فمن سيدعمك إذا؟
ضربت رأسها بخفة: ألم تقولي منذ قليل ان لدي الكثير من المتابعين؟
هذا صحيح يا أمي.
إذا علي الذهاب الآن.
ألقت نظرة أخيرة على الساعة الذهبية التي تزين معصمها الأيسر ومن ثم ألقت لابنتها قبلة في الهواء ودلفت للخارج وابنتها تتابعها بنظرات فخر وإعجاب شديد.
السيدة ملك يوسف.
تعمل مقدمه برامج في أكبر المحطات الفضائية.
تبلغ من العمر خمسة وأربعين ربيعا.
لم تنجب سوى ابنتها لمار.
عينيها مزيج بين اللونين العسلي والأخضر.
وشعرها أشقر قصير بالكاد يصل إلى كتفيها.
وبشرتها حليبية ناعمة كبشرة الأطفال.
توفي زوجها السيد يوسف مختار منذ خمسة عشر عاما.
وأصبحت هي لابنتها بمثابة الأب والأم معا.


في منتصف الليل.
استيقظ فارس وهو يشعر بضيق في صدره.
نهض من فوق فراشه وهو يلتقط أنفاسه بصعوبة.
رفع يده يمسح حبات العرق التي تناثرت فوق جبينه ومن ثم أزال بعض خصلاته التي تمردت فوق جبينه للخلف.
اتجه إلى النافذة وفتحها.
فإذا بغيوم كثيف تقترب منه بأصوات صاخبة كأنها عاصفة ترابية جاءت من أمشير.
بدلت هواء الليل النقي إلى موجة حارة محملة بالأتربة في الصحراء.
شعر بالفزع وكاد أن يغلق النافذة.
لكنه تجمد في مكانه كما اتسعت حدقتاه رعبا عندما استمع إلى صوت يناديه بخفوت: اسبت مكانك يا فارس ولا تتحرك.
فأنا الذي سأساعدك كي تحصل على حبيبتك لمار.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي