الفصل الثاني

شرط غريب.

شعر فارس بالدهشة. واتسعتا حدقتاه.
فمن أين لذلك الرجل أن يعرف ما يكنه لصديقته لمار
وهو اغلق قلبه على ذلك الحب منذ زمن طويل؟
اغلق النافذة على الفور.
ثم جلس في فراشه وظل مستيقظا حتى الصباح يفكر في ما رآه وعينيه لا تفارق النافذة.
وهو يتساءل ما الذي يحدث معهو ؟
وما السبب وراء تغير الجو فالمفترض أننا في شهر يوليو والجو حار.
إذا ماذا عن تلك العاصفة والأصوات المرعبة؟
ظل عقله يدور في جميع الاتجاهات حتى اقنع نفسه أخيرا بأن هذه ما هي إلا ظواهر طبيعية لا أكثر.
وثب سريعا وبدل ملابسه عازما على الذهاب إلى العمل.
علما بأن الوقت مبكرا جدا.
وصل إلى الشركة ولم يجد أحدا بها.
فاتجه إلى مكتبه وصنع كوبا من القهوة.
ذهب باتجاه النافذة المطلة على الممر الرئيسي للشركة وفتحها، فأبصرها تتهادى في حلة رسمية مكونة من بنطال أسود وقميص أبيض يعلوه سترة سوداء.
وتركت لخصلاتها الشقراء العنان لتنسدل فوق ظهرها وكتفيها.
ظل يسترق النظرات إليها حتى اختفت عن مرمى عينيه.
فغمغم في نفسه بعد أن أخذ نفس عميق: اعلم أن الطريق إليك مستحيل يا لماري.
اغلق النافذة بقوة وعاد إلى مكتبه يجر أذيال الخيبة .


استيقظت جوري.
ومن ثم ذهبت لتوقظ والدها.
فهي غير مستعدة بأن يتكرر معها ما حدث بالأمس من ذلك الأستاذ البغيض.
طبعت قبلة صغيرة فوق جبين والدها الذي احتضنها بحنو شديد كعادته منذ كانت صغيرة.
وما هي إلا دقائق قليلة حتى جلسا على مائدة الإفطار يتناولان فطورهما في صمت.
قطعه والدها بسؤاله المباغت: أخبريني حبيبتي ماذا فعلت بالأمس؟
أطرقت رأسها بحزن عندما تذكرت طريقة المعيد الفظة معها ودمعت عينيها رغما عنها.
مما أصيب والدها بالهلع فمسد على يدها التي كانت تضعها فوق الطاولة بمؤازرة.
فتحدثت بغصة بكاء: حدث معي شيئا سيئا للغاية يا ابي .
رمقها بقلق.
فتابعت: لا تقلق يا ابي ان كل شيء سيكون على ما يرام.
أومأ موافقا على حديثها.
ومن ثم سألها: أخبريني ما الذي حدث يا جوري؟
تنهدت بقوة وقصت عليه ما حدث من ذلك المعيد المغرور.
رفعت أحد حاجبيها المنمقين في دهشة عندما لم تجد رد فعل من والدها على ما قصته عليه منذ ثواني.
فسألته باهتمام: لماذا أنت صامت يا أبي؟
أتعلم فكرت كثيرا بالا اذهب إلى تلك الجامعة مرة أخرى.
لكنني تراجعت على آخر لحظة.
خرج والدها عن صمته على تلك الصغيرة مرهفة المشاعر قليلة الخبرة مغمغما بجدية حازمة: اسمعيني يا ابنتي ما فعله أستاذك اليوم طبيعي جدا.
فإن لم يفعل ذلك فتعم الفوضى والتسيب في محاضرته.
لذا عليه أن يكون حازما مع الطلاب كي يضمن التزامهم.
وأنت عليك أن تذهبي في مواعيد محاضراتك مفهوم؟
مطت شفتيها كالأطفال ومن ثم أومأت على مد وهي تدعو الله بداخلها ألا يتكرر ما حدث معها مرة أخرى.


كسا الغضب ملامح وجهه الوسيم وهو يتصفح موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك.
فقط كانت تضع صور لها بثوب عاري والأدهى من ذلك التحرش اللفظي الذي تتعرض له من المتابعين لها.
ألقى الهاتف بعنف فوق الفراش ودلف كالإعصار إلى غرفتها.
دق الباب عدة مرات ولم يجد ردا.
على الرغم من أنه يعلم أن نومها ثقيل جدا لكنه كرر طرقاته العالية فوق بابها بحدة.
ومن ثم فتح الباب وولج.
أبصرها تنام بفوضوية فوق فراشها وخصلاتها تتناثر حولها بجنون.
تأمل جمالها الخاطف للأنفاس قليلا ومن ثم هز رأسه ليزيل تلك الأفكار من رأسه الآن.
فعليه أن يتخذ موقفا حازما تجاه تلك المتمردة.
مد يده وهزها بقوة أفزعتها.
فاستقامت جالسة فوق الفراش تحاول فتح عينيها بصعوبة.
أجفلت عندما أبصرته يقف بقامته الطويلة أمام فراشها.
يرمقها بعينين زمرديتين غاضبتان.
صاحت بغضب حارق بعد أن أطلقت سبة نبية لم تصل إلى مسامعه: أنت كيف لك أن تدخل إلى هنا؟
كم مرة أقول لك ألا تدخل إلى غرفتي.
هل أنت لا تفهم العربية أم ماذا؟
تطاير الشرر من مقلتيه فقبض على كتفيها بكلتا يديه هادرا بعنف: من أين لك بذلك اللسان الصليت سأقصه لك يوما ما يا أروى أعدك بذلك.
رمقته باستخفاف أشعله أكثر فأكثر.
فاستطرد حديثه بصوت مرتفع: كيف تتجرئين وتنشري صور لك على الفيسبوك؟
ليس من شأنك يا آدم أفهمت؟
أنت لست بولي أمري.
لذا لا تتدخل في شؤوني مرة أخرى.
قلتها لك سابقا، يبدو أنك لم تفهم.
لم يتمالك أعصابه وصفعها بقوة فوق وجنتها الناعمة ومن ثم دلف للخارج كالإعصار وهو لا يشعر بالندم عما اقترفه في حقها.
تاركا إياها بالداخل ترمقه بنظرات كارهة حاقدة.
وتتوعد له بداخلها فهو تمادى معها كثيرا.


في منتصف النهار.
اقتحم حسن فوزي مكتب فارس وهو يحمل في يده باقة من الورود الحمراء.
رمقه فارس بدهشة سائلا إياه: لمن هذه الباقة يا حسن، لا تقل انها لحبيبتك؟
هزة رأسه: أجل أنها لحبيبتي يا فارس.
تابع وهو يثبت عينيه في عيني فارس مستطردا حديثه: عيد ميلاد لمار اليوم.
والسيد عادل قرر أن يعد لها مفاجأة ويحتفل بعيد ميلادها مع الموظفين.
لذا أحضرت لها هذه الورود فما رأيك هل ستعجبها؟
رغم الحزن الذي اعتلاه في تلك اللحظة لكنه حاول رسم ابتسامة مغتصبة فوق شفتيه مؤكدا له: بالطبع ستعجبها يا حسن فهي تحب الورد الجوري كثيرا.
سأله بمكر: وهل أحضرت لها هدية يا فارس؟
هز رأسه نفيا.
فابتسم حسن باتساع ومن ثم دلف للخارج وابتسامة نصر تزين شفتيه.
فهو استطاع أن يبعد فارس عن احتفال لمار فهو ليس بساذج كي يغفل عن تلك المشاعر التي يكنها فارس لها.
ومن لا يحب لمار تلك الفتاة الجميلة من الداخل والخارج.



حسن فوزي مهندس كهرباء.
شخصية متحفزة قليلا.
خبيث بعض الشيء، محب للحياة.
جسده معتدل، شعره أسود مموج.
بشرته حنطية.
اتجه إلى غرفة الاجتماعات فوجد الجميع ملتفون حول لمار يقدمون لها الهدايا ففضل أن يذهب إلى مكتبها وينتظرها هناك ريثما تعود.
دقائق وعادت لمار تحمل الكثير من الهدايا.
ابتسمت باتساع عندما أبصرت حسن يجلس ينتظرها.
أما عنه فقد هب واقفا ودنا منها مقدما لها باقة الورد.
تناولتها بسعادة وراحت تشتم عبيره بقوة.
وضعتها جانبا وهي تشكره بامتنان فهي تعشق الورد كثيرا.
تجرأ وامسك يدها ومن ثم دنا منها على حين غرة محاولا تقبيلها.
دفعته بكلتا يديها ورفعت يدها لتصفعه بقوة هادرة به: أنت من تظن نفسك؟
وكيف تتجرأ وتفعل ذلك؟
قلتها لك آلاف المرات أنا أحبك يا لمار.
على الرغم من تفاجئها باعترافه هذا لكنها هتفت بشراسة: وأنا لا أحبك وان فكرت في الحب لن تكون ضمن اختياراتي فهمت؟
التقطت باقة الورود من فوق المكتب وألقتها في وجهه بعنف.
ومن ثم دلفت للخارج تاركة إياه يستشيط غضبا.


ولجت إلى غرفة ابنتها لتوقظها د فقد تأخرت على الجامعة كعادتها.
أبصرتها تجلس فوق الفراش تنظر إلى الفراغ بشرود.
شهقت بقوة عندما أبصرت أثر أصابع مطبوعة فوق وجنتها.
سألتها بلهفة وهي تتفحص وجهها: ماذا بك يا أروى؟
ومن فعل بك هذا؟
صكت على أسنانها بحدة: ابن زوجك يا أمي هو من فعل بي هذا.
آدم. وكيف يتجرأ ويرفع يده عليك؟
أقسم أنني لن أدعه يفلت بفعلته تلك.
وسأخبر إيهاب كي يتصرف معه. فماذا يظن نفسه؟
صمتت قليلا ومن ثم تساءلت بريبة: أخبريني يا أروى هل فعلت شيئا احمقا من أفعالك الصبيانية تلك؟
هزت رأسها نفيا.
فهبت واقفة عازمة على أن تحضر قطعا من الثلج لتضعها فوق وجنة ابنتها وبعدها ستذهب للحديث مع زوجها.
فعليه أن يضع حدا لابنه.



ماذا تقولين يا لمار هل حسن حاول تقبيلك؟
ابتسمت بحالمية وأطلقت تنهيدة عميقة هامسة بهيام: يا إلاهي كم تمنيت أن أكون هناك وارى.
قاطعتها لمار بحدة: ماذا تقولين يا لك من تافهة وسخيفة.
كادت أن تتركها وتذهب لكن يارا تشبثت بيدها هاتفة برجاء: حسنا أقسم أنني لن أسخر منك مجددا.
لكن اجلسي
ظفرت بقوة ومن ثم انصاعت لرغبتها.
فتحدثت بجدية على غير عادتها: اسمعيني يا صديقتي يبدو أن حسن معجبا بك كثيرا.
ومن وجهة نظري أنه شخصا مناسبا فلماذا لا تعطيه فرصة؟
أخبرتها بأنها لا تطيقه فهو شخص كثير الغموض ووقح ناهيك عن نظراته الغير مريحة.
*
انتهى الدوام في العمل.
وعاد الجميع إلى منازلهم ما عدا فارس.
فقد بقي في مكتبه حتى أذان المغرب.
وأخيرا قرر الذهاب إلى منزله بعد أن أنهكها التعب.


تجلس في ردهة منزلها الكبير تقلب في قنوات التلفاز.
فاستمعت إلى رنين هاتفها الذي التقطته على الفور.
قطبت حاجبيها بدهشة عندما أبصرت رقم والدتها يزين شاشة هاتفها.
فهي هاتفتها منذ قليلا.
حسمت أمرها وضغطت زر الإيجاب.
اتسعت حدقتاها في دهشة وهي تستمع إلى الطرف الآخر يخبرها بان والدتها في المشفى.
بعد تعرضها لاعتداء شديد.
غشيت الدموع عينيها وبصعوبة تساءلت عن اسم وعنوان المشفى التي تقبع بها والدتها.
أغلقت الخط وصعدت إلى غرفتها كي تبدل ملابسها وتنطلق إلى حيث تكون والدتها الحبيبة.


وفي إحدى المقاهي الشعبية.
يجلس فوق أحد المقاعد وبيده خرطوم أرجيلته.
فهو اتخذ من الأرجيلة وسيلة كي ينفث عن غضبه.
ثواني واستمع صوت رجلا يجلس برفقة صديقه على إحدى الطاولات القريبة منه هاتفا باستنكار: أتعلم يا فاروق لقد طلقت زوجتي اليوم.
اتسعت عينين صديقه في دهشة.
زوجتي تذهب الى ساحل كي يصنع لي سحر يجعلني لا أرى امرأة سواها.
ترك حسن خرطوم الأرجيلة من يده وانتبه لحديث ذلك الرجل الذي أكمله بغضب.
وبالفعل السحر هذا أثر كثيرا بي لقد أصبحت متقلب المزاج أشعر بالم شديد في رأسي.
سأله صديقه بهلع: وكيف عرفت ذلك يا محمد؟
أجابه وهو يشعل إحدى سجائره : بعد انتهاء عملي عدت إلى منزلي فوجدت والدتها عندنا استمعت لحديثهما بالصدفة ووالدتها تحدثها عن ذلك الساحر وقدرته الفائقة على حل أي مشكلة.
أعجب حسن بالحديث.
فلم يشعر بنفسه الا وهو يدنو من طاولة هذان الرجلين ساحبا أحد المقاعد ليجلس فوقه.
وتساءل باهتمام: ومن أين تأكدت كيف تأكدت مما سمعت من آل بيتك؟
أجابه الرجل بفخره: تتبعتها هي ووالدتها حتى عرفت مكان ذلك الساحر.
واين يسكن ذلك الساحر؟
أعطاه الرجل العنوان بسرعة.
لكنه ثواني واستدرك ما يحدث.
فسأله بفظاظة: من أنت؟ ولماذا تدخلت في حديثنا؟
ارتبك حسن كثيرا واعتذر بلباقة.
ثم ذهب مسرعا دالفا للخارج بعد أن دفع المال نظير جلوسه في القهوة.


حلى الليل.
وفارس يجلس فوق الكرسي أمام النافذة يحتسي كوبا من الشاي. يمني نفسه بعودة ذلك الصوت مرة أخرى.
ثواني واستمع إلى صوت هطول المطر.
قطبة حاجبيه بدهشة مغمغما بخفوت: مل الذي يحدث، فالطقس في هذا العام غريب جدا.
ثواني وأنهى كوب الشاي على آخره.
فهب واقفا ليضعه في حوض المطبخ.
ومن ثم ولجا إلى الغرفة التي يوجد بها مكتبته الضخمة التي تحتوي على الكثير من الكتب الخاصة بكل المجالات.
كاد أن يلتقط كتابا خاصا بالتنمية البشرية لكنه تراجع وعاد إلى غرفته.
جلس فوق مكتبه ثم اخرج قلم ومفكرته الصغيرة.
أخذا نفسا عميقا ومن ثم بدأ بالكتابة بتركيز شديد:
كل يوم يمر علي بدون لمار.
يذوب قلبي كما يذوب الثلج في النار.
وتنفصل روحي عن جسدي وتنقطع أنفاسي وأشعر بالوحدة والانكسار.
ويتوقف القلب عن النبض ويتشوش العقل بدون سابق إنذار.
فمن نظرتك تخجل الشمس وتطفئ نورها.
وتذبل الورود وتجف البحار.
فكوني معي حبيبتي أتوسل إليك.
أعيدي إلى الحياة فقد مللت الانتظار.
انتهى من الكتابة ثم اغلق المفكرة ووضعها في أحد الأدراج.


رفع بصره فوجد نفس الغيوم التي رآها بالأمس لكن تلك المرة يصاحبها دخان كثيف ذو رائحة نفاذة.
اغلق عينيه لوهلة.
وعندما فتحهما اتسعت حدقتاه في فزع وهو يرى شخصا يشبهه بشكل كبير يقف أمامه.
لوهلة ظن بأنه يقف أمام المرآة.
لكن مهلا فتلك البقعة من منزله لا يوجد بها أي مرآة.
رغما عنه راح يتفحصه بفضول.
بدءا من خصلاته الفحمية الكثيفة وعينيه شديدة السواد اللتان تشبهان سواد الليل.
بها غموض وكأنها بحر عميق ليس له قرار.
أنفه المستقيم وشفتيه الغليظتين.
يا الله كيف لهذا الرجل أن يشبهه بتلك الطريقة!
نظر إلى نفسه فوجد أنه يرتدي ثوبا بيتيا مريحا.
بينما الآخر يرتدي حلة سوداء وكأنه ذاهبا إلى أحد المناسبات الرسمية.
شعر بالفزع وفكر في الهرب.
لكن أحس وكأنه التصق بذلك الكرسي الذي يجلس فوقه.
خفق قلبه بقوة وهو يرى ذلك الشخص يدنو منه بخطوات بطيئة مثيرة للأعصاب.
فهب واقفا عائدا للخلف وهو يتابع تقدم ذلك الشخص المريب منه.
اصدرد ريقه بصعوبة عندما اصطدم ظهره بالحائط.
فأيقن أنه لا مفر من ذلك الرجل نهائيا.
أجفل بقوة عندما وضع ذلك الرجل يده على منكبه.
فشعر وكأن شحنة كهرباء اجتاحت جسده بأكمله.
ابتسم ذلك الرجل وهو يربط بخفة فوق منكبه: لا تخف يا فارس لقد جئت لمساعدتك لا لأذيتك.
تساءل بكلمات متقطعة وصوت يخرج بصعوبة: ماذا تقصد بمساعدتي؟
أجابه باختصار: أقصد لمار.
رمقه بفضول واهتمام مغمغما: هل أنت جاد؟
حقا تستطيع أن تجعلها تحبني؟
ابتعد عنه جالسا فوق ذلك المقعد الذي كان يجلس فوقه فارس منذ قليل مجيبا إياه بثقة: بالطبع أستطيع.
لكن لدي شرط.
دنا منه فارس بتردد: وما هو هذا الشرط؟
رمقه بنظرة حادة جعلت فارس يتراجع خطوتين للخلف.
وهو يهز رأسه بعنف: حسنا حسنا لا أريد أن اعلم شيئا
فقط اذهب ودعني وشأني.
أردف وكأنه لم يستمع إلى كلماته الأخيرة: الشرط أن كل شيء يحدث في الليل لا تتحدث معها عنه في النهار أبدا.
وإذا أخليت بهذا الشرط يعود كل شيء كما كان بل أسوأ.
ولن تكون لمار لك أبدا.
تجاهلها تماما وكأنك لا تعرفها. فهمت؟
هز فارس رأسه موافق وارتفعت خفقات قلبه بجنون. لمجرد تصور الفكرة.
فحبيبته ستكون معه طوال الليل يعلمها أبجدية عشقه.
يا الله كم ذلك الشيء رائع.
لكن مهلا لماذا هذا الشرط الغريب؟
أجابه الرجل: لأنني أنا ساحر الليل.
للمرة الثانية يشعر بالذعر حيال ذلك الرجل المريب.
فكيف له أن يجيب على سؤال لم يسأله؟
هو متأكد بأنه لم يتساءل بصوت مرتفع.
فكيف له أن يعرف ما يدور بخلده قبل أن يتفوه به.
كاد أن يسأله لكنه لم يستطع بسبب ظهور تلك العاصفة القوية التي ملأت الغرفة بأكملها.
أغمض عينيه تلقائيا لبضع ثواني وعندما فتحهما لم يجد أحدا بالغرفة وعاد كل شيء كما كان.
راحة ينادي بصوت مرتفع وهو يتلفت يمينا ويسارا: أيها الشخص، أيها الرجل، أيها الساحر، أين ذهبت؟
ظل يكرر تلك الكلمات لكن دون جدوى.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي