الفصل الثالث

صدق وعده.

وصلت بصعوبة إلى المشفى ودموعها تهطل فوق وجنتيها الناعمة.
هرولت إلى الداخل بعد أن دلتها موظفة الاستقبال عن رقم الغرفة التي تقبع بها والدتها.
دقائق قليلة وفتحت باب الغرفة بقوة فأبصرت والدتها ترقد فوق الفراش ورأسها مغطى بضمادات بيضاء.
دنت منها بسرعة وأمسكت بيدها تقبلها هاتفة بتوسل: أمي استفيقي أتوسل إليك. لا تتركيني مثل ما فعل أبي.
أرجوك يا أمي هيا استفيقي لا تفعلي بي هذا أتوسل إليك.
جاهدت كي تفتح عينيها الجميلتين هاتفة بصعوبة: هيا كفي عن الدراما يا لمار.
تعرفين أن والدتك كالقطط بسبع أرواح، هيا ساعديني كي أجلس.
ابتسمت من وسط دموعها مغمغمة: الحمد لله أشكرك يا الله.
بعد أن ساعدتها في الجلوس، فتحت لها والدتها زراعها فعلى الفور استجابت لنداء والدتها وألقت بجسدها الصغير بين أحضانها.
تتشبث بثيابها كالغريق الذي تعلق بقشة.
حمدت الله بداخلها آلاف المرات لأنه أعاد إليها والدتها سالمة.


اغلق الباب من خلفه عندما ولج للداخل.
كاد أن يتجه إلى غرفته لكنه تجمد مكانه عندما استمع إلى صوت والده غاضب: آدم تعال إلى هنا.
على الفور استشفى أن تلك العنيدة أخبرت والده عما حدث منه في الصباح.
ظفر بقوة كي يستعيد رباط اجاشه ومن ثم دنا صوب والده الذي كان يجلس في غرفة الجلوس المفتوحة على ردهة المنزل.
ألقى بجسده العضلي فوق الأريكة المقابلة للكرسي الذي يجلس عليه والده.
ران الصمت بينهما وكل منهما يرمق الآخر بنظرات مختلفة.
فوالده يحدجه بنظرات ثاقبة.
والآخر يرمقه بنظرات مستفهمة.
قطع الصمت الذي استمر لبضع ثواني والده الذي هتف متسائلا: لماذا رفعت يدك على أختك يا آدم؟
أجابه بفظاظة: هي تستحق ذلك يا ابي لا تستمع إلى أي كلمة أقولها لها، دائما تعاند وتكابر دون أن تفكر في العواقب التي ستترتب على تصرفاتها تلك.
رمقه والده باستفهام؟
فاستطرد حديثه: حظرتها منذ فترة بالا تنشر اي من صورها على مواقع التواصل الاجتماعي.
فكلنا نعلم ان تلك المواقع تسبب الكثير من المشاكل والفضائح لصاحبها لذا حذرتها مرارا وتكرارا لكنها كالعادة ضربت بكلامي عرض الحائط.
وجدت لها العديد من الصور على موقع الفيسبوك والإنستجرام وكل التعليقات تحتوي على الغزل والتحرش اللفظي.
هل يرضيك هذا يا ابي؟
هز رأسه نافيا.
فظفر ادم بارتياح لكنه اجفل عندما استمع الى حديث والده اللاذع: لكن كل هذا لا يعطيك الحق بأن تضربها يا بني.
هي اخطأت نعم لكن كان امامك اكثر من شيء لحل تلك المشكلة لكنك اتخذت الطريق الاسهل.
لذا انا اطلب منك ان تعتذر اليها والآن.
هذا مستحيل يا ابي لن افعلها ابدا.
بل ستفعلها يا ادم والا.
ماذا ستفعل يا ابي؟
ستضربني ام ستناديها لترد لي الصاع صاعين.
فتح فمه ليوبخه لكنه اغلقه على الفور عندما استمع الى صوت زوجته الحبيبة: اهدئا قليلا.
استرسلت حديثها مخاطبة ادم: لا اريد منك اعتذارا يا ادم بل اريد ان ااخذ منك تعهدا امام والدك الا تتدخل بشؤون اروى مرة اخرى.
هزة رأسه نفيا وتحدث مغلقا الحديث نهائيا: لا لن افعل يا امي واروى عليها ان تسمع كل كلمة اقولها لها والا ساكسر رأسها اليابس هذا في المرة القادمة.
اخبريها بذلك وتصبحون على خير.
دلف للخارج وزوجين من الاعين تتابعانه بذهول تام.
تذكر شيئا فاستدار مخاطبا زوجة ابيه: اه لقد نسيت اخبريها بانني سانتظرها في الصباح كي اوصلها الى جامعتها.
تابع سيره بخطوات
متزنة غير عابيء بالعاصفة التي خلفها منذ قليل.


استيقظ من نومه على أصوات مزعجة.
فعندما فتح عينيه وجد الشمس تملأ أركان الغرفة وجرس الباب يدق بشكل مستمر.
هب مسرعا ليفتح الباب.
ثواني وأبصر الحاجة أمينة جارته تسأله باهتمام وهي تتفحص ملامح وجهه: لماذا أنت نائم حتى الآن؟
ولماذا لم تذهب إلى العمل؟
هل اليوم عطلة؟
أجابها بصوت أجش من النعاس: نمت متأخرا ولم استمع إلى المنبه.
قاطعته زيزي التي ظهرت فجأة من خلف والدتها: لماذا لم تذهب إلى العمل هل أنت مريض؟
قالتها وهي تتفحص جبينه بلهفة.
شعر بالضيق من نبرة صوتها المرتفعة والرفيعة
فأبعد يدها بخفة وأخبرها بأنه بخير.
واعتذر منهما بلباقة متعللا بأنه يريد الراحة قليلا.
أومأت له السيدة أمينة موافقة
بينما زيزي حاولت الاعتراض لكن والدتها جذبتها من يدها مغمومة بخفوت: دعيه كي يرتاح يا زيزي واذهبي لتعدي له حسائا دافئا وخذيه إليه.
فأنا أحب ذلك الفتى كثيرا أشعر بالشفقة عليه فهو وحيد وليس لديه أحد.
قفزت زيزي بحماس.
واتجهت إلى منزلهم لتنفذ ما طلبته منها والدتها وابتسامة سعيدة تزين وجهها.


انتشر خبر حادث المذيعة الشهيرة ملك يوسف في سائر أنحاء البلاد.
ولما لا؟
فهي المذيعة الأشهر والأقدم من بين زملائها.
ناهيك عن ذلك حب الناس لها.
فهي منذ أن عملت بتلك المهنة وهي تحمل مشاكل الناس فوق ظهرها.
صاحبة قضية.
سليطة اللسان أحيانا.
عملها الشاغل رجوع الحق لأصحابه ومعاقبة المتهم مهما كان اسمه أو مهنته أو منصبه.
فهي غير باقي المذيعين أصحاب المصالح الشخصية الذين يعملون بأوامر يتلقوها من رؤساء المحطات أو أصحاب المناصب الرفيعة.
وبالطبع لا أقصد الجميع فلكل قاعدة شواذ.
فهناك أناس شرفاء أيضا لكنهم قليلون.
انتهت زيارة من عمل إجازة لصديقتها لمار وإذن شخصي لها.
فأصر المدير عادل الخطيب أن يذهب برفقتها للاطمئنان على صغيرته العنيدة ووالدتها الحسناء.
وها هما يقفان في المشفى أمام باب غرفة السيدة ملك التي ترقها السيد عادل الخطيب.
ثواني ووجد لمار أمامه ترمقه بابتسامة صافية.
أعطاها باقة الورود الحمراء التي يحملها بين يديه وهو يلج للغرفة تبعته سارة التي كانت تحمل علبة من الشوكولاتة الفاخرة ووضعتها فوق المنضدة الصغيرة التي توجد بجوار الفراش.
رحبت بهما كل من لمار ووالدتها بابتسامة سعيدة وممتنة.
أجفلت السيدة ملك على صوت يارا التي قفزت بين أحضانها تعانقها بقوة مردفه بصوت مرتفع: الحمد لله على سلامتك يا سيدة ملك.
هل لي أن التقط صوره برفقتك بالضماد الملتف حول رأسك هذا.
أبعدتها السيدة ملك ولكزتها في مرفقها بقوة: لا يا إبنة نادية لن أسمح لك أن تأخذي سبقا على حسابي.
بالطبع ستاخذيها وتضعيها على جميع مواقع التواصل الاجتماعي خاصتك أليس كذلك؟
أومأت موافقة: بالطبع فالصورة برفقتك في حد ذاتها شهره له.
آه لو تعلمين كم أحصل على إعجابات وتعليقات كلما وضعت صورة معك.
قهقهت السيدة ملك وكذلك لمار.
أما عن السيد عادل فكان يرمق المرأة الأربعينية بإعجاب شديد.
فهو الآن أيقن أن لمار أخذت كل هذا الجمال من المرأة التي تقبع فوق الفراش.
دنا منها وهو يبعد يارا عنها وانحنى ملتقطه يدها طابعا قبله انيقه فوق ظهر يدها.
مما جعل السيدة ملك ترمقه بابتسامة خفيفة.
بادلها الابتسام وترك يدها بهدوء.
ومن ثم جلس فوق أحد المقاعد القريبة من الفراش.
كاد أن يتكلم ويسأل عما حدث لكن قاطعه ولوج السيد مراد حامد مخرج التلفاز وفي يده باقة من الورود البيضاء.
ألقى التحية بصوته الرخيم.
ومن ثم دنا منها ليتفحصها بعينيه ملتقطا كلتا يديها وقبلهما بالتناوب.
سألها بلهفة وهو يجلس في المكان الفارغ المجاور لها على الفراش: كيف أصبحت الآن؟
الحمد لله أنا يخير شكرا لك يا مراد.
وما الذي حدث معك؟
وكيف؟
هتف بها باهتمام شديد.
أجابته ببساطة: كنت عائدة إلى المنزل لكن قطع الطريق علي اثنان من المرتزقة وأوسعوني ضربا كما ترى.
شعر بالحزن عليها وهو يتخيل مدى الرعب الذي تعرضت له في تلك اللحظات.
صك على أسنانه بقوة ومن ثم ربط على يدها بحنو شديد: لا تقلقي سيكون كل شيء على ما يرام.
أومأت له موافقة بابتسامة عذبة.
تساءلت بلهفة: أخبرني.
ماذا فعلوا متابعيني ؟
أجابها بابتسامة: الجميع سيموتون قلقا.
وينتظرون عودتك بفارغ الصبر من أجل الاطمئنان عليك.
ابتسمت بوداعة.
بادلها الابتسام وأعينهما متعلقتان ببعضهم.
وكأنهما بمفردهما في تلك الغرفة.
اتسعت حدقتاه في دهشة عندما أخبرته بكل بساطة أنها ستخرج من المشفى اليوم والأدهى من ذلك بأنها ستقدم برنامجها غدا.
صاحت لمار بحدة: كيف يا أمي وأنت ما زلت مريضة.
لمار معها كل الحق يا سيدتي
تلك الكلمات هتف بها السيد عادل الذي كان يتابع ما يحدث في صمت.
قل شيئا يا عمو مراد.
كاد أن يتحدث لكن السيدة ملك قاطعته بصرامة: صدقوني أنا بخير وسأكون أفضل عندما أقف أمام الكاميرات.
خاطبت السيد مراد بحزم سأكون غدا في مكان التصوير يا مراد.


بعد ما انتهت من ارتداء ثيابها المكونة من بنطال من خامة الجينز وكنزه بيضاء وحذاء رياضي بنفس اللون.
واعدت حقيبة الكتب التي ستأخذها معها إلى الجامعة.
ها هي تقف تنتظر ذلك البغيض بعدما أخبرتها والدتها بأنه سيصطحبها معه إلى الجامعة.
أحيانا تشعر بالغضب حيال والدتها لأنها تزوجت بعد وفاة والدها.
وأجبرتها التعايش مع ذلك التافه المدعو آدم.
لكن سرعان ما تنهر ذاتها .
فلطالما كان السيد إيهاب يعاملها برفق كابنته.
لم يفرق قط بينها وبين ابنه آدم.
طوال الوقت يغدقها بالحنان التي حرمت منه منذ الصغر.
لا تنسى اليوم الذي جلست أمامها والدتها تفرك يدها بتوتر كطفل صغير مذنب يعترف بخطأ وهي تخبرها بخجل وتلعثم أنها تريد الزواج من أجل توفير جميع سبل الراحة لها.
وأيضا كي لا يرموها الناس بالباطل.
فجميعنا نعلم أن حال المطلقة مختلفة.
معرضة دائما للحديث اللاذع والشكوك الباطلة.
لذا عندما تقدم لها السيد إيهاب الرجل الرائع بما تحمل الكلمة من معنى لم تستطع الرفض.
خاصة وأنها كانت في هذا الوقت تحتاج إلى سند حقيقي بعد وفاة زوجها الحبيب.
أجفلت من شرودها على صوته الذي باتت تكرهه يخاطبها بأمر: هيا لنذهب.
صكت على أسنانها بقوة ومن ثم رمقته باشمئزاز وتقدمته للخارج بخطى سريعة وغاضبة في نفس الوقت.
ابتسم رغما عنه ومن ثم تبعها للخارج.
فتح لها باب السيارة لكنه ثواني وصرخ بها هادرا: ما الذي ترتدينه يا أروى؟
تأملت ثيابها بتفحص مجيبة إياه بعدم اكتراث: ثياب عادية.
كاد أن يحطم رأسها بكلتا يديه لكنه تراجع.
فلا يجوز أن تكون هذه سياسته معها.
جذبها برفق من يدها وهو يشير إلى البنطال الذي ترتديه.
فقد كان به بعض الفتحات من عند الركبتين وما فوقها: اذهبي وغيري ذلك البنطال يا أروى وإلا لن تذهبي إلى الجامعة.
رمقته بحدة صارخة بعند : لا لن أفعل وسأذهب إلى الجامعة بك أو بدونك.
هل فهمتني؟
وكم مرة أخبرتك بالا تتدخل في حياتي بأكملها؟
قبض على يديه بقوة ومن ثم اغلق السيارة ووقف أمامها عاقدا ساعديه أمام صدره: إذا فلنبقى واقفين فالجو هذا اليوم رائع.
رمقته بنظرة نارية ومن ثم ضربت الأرض بساقها واتجهت للداخل عازمة على تغيير ذلك البنطال فهي لديها بعض المحاضرات المهمة اليوم.
ولن تستطيع الغياب.
لولا ذلك السبب فكانت ستبقى في المنزل ضاربة بكل أوامره عرض الحائط.
شيعها بنظرات حانية وهي تولد للداخل.
ومن ثم ظفر بقوة.
فهو يخف عليها كثيرا.
فمنذ أن دخلت حياته وهو يشعر بالمسؤولية تجاهها رغم أنه يكبرها بثلاث سنوات فقط.
لكنه يراها طفلته المدللة الصغيرة.
وعلى الرغم من أن مواعيد محاضراته تختلف عن مواعيدها إلا أنه دائما ما يسر على إيصالها بنفسه.
حتى لو كلفه الأمر الاستيقاظ مبكرا.
دقائق قليلة وأبصرها تقف أمامه عاقدة ساعديها أمام صدرها ترمقه بشراسة: لنذهب. فأنا تأخرت.
رمقها بتقييم ومن ثم ابتعد عن باب السيارة الذي كان يستند عليه وفتحه لها.
ومن ثم استدار ليجلس أمام عجلة القيادة وهو يشعر بالرضا لأنها نفذت ما طلبه منها


استيقظ من نومه على اصوات مزعجة.
فعندما فتح عينيه وجد الشمس تملأ اركان الغرفة وجرس الباب يدق بشكل مستمر.
هب مسرعا ليفتح الباب.
ثواني وابصر الحاجة امينة جارته تسأله باهتمام وهي تتفحص ملامح وجهه: لماذا انت نائم حتى الان?
ولماذا لم تذهب الى العمل?
هل اليوم عطلة?
اجابها بصوت اجش من النعاس: نمت متأخرا ولم استمع الى المنبه.
قاطعته زيزي التي ظهرت فجأة من خلف والدتها: لماذا لم تذهب الى العمل هل انت مريض?
قالتها وهي تتفحص جبينه بلهفة.
شعر بالضيق من نبرة صوتها المرتفعة والرفيعة
فابعد يدها بخفة واخبرها بانه بخير.
واعتذر منهما بلباقة متعللا بانه يريد الراحة قليلا.
اومأت له السيدة امينة موافقة
بينما زيزي حاولت الاعتراض لكن والدتها جذبتها من يدها مغمرمة بخفوت: دعيه كي يرتاح يا زيزي واذهبي لتعدي له حسائا دافئا وخذيه اليه.
فانا احب ذلك الفتى كثيرا اشعر بالشفقة عليه فهو وحيد وليس لديه احد.
قفزت زيزي بحماس.
واتجهت الى منزلهم لتنفذ ما طلبته منها والدتها وابتسامة سعيدة تزين وجهها.


انتشر خبر حادث المزيعة الشهيرة ملك يوسف في سائر انحاء البلاد.
ولما لا?
فهي المذيعة الاشهر والاقدم من بين زملائها.
ناهيك عن ذلك حب الناس لها.
فهي منذ ان عملت بتلك المهنة وهي تحمل مشاكل الناس فوق ضهرها.
صاحبة قضية.
سليطة اللسان احيانا.
عملها الشاغل رجوع الحق لاصحابه ومعاقبة المتهم مهما كان اسمه او مهنته او منصبه.
فهي غير باقي المذيعين اصحاب المصالح الشخصية الذين يعملون باوامر يتلقوها من رؤساء المحطات او اصحاب المناصب الرفيعة.
وبالطبع لا اقصد الجميع فلكل قاعدة شواذ.
فهناك اناس شرفاء ايضا لكنهم قليلون.
انتهت يارة من عمل اجازة لصديقتها لمار واذن شخصي لها.
فاصر المدير عادل الخطيب ان يذهب برفقتها للاطمئنان على صغيرته العنيدة ووالدتها الحسناء.
وها هما يقفان في المشفى امام باب غرفة السيدة ملك التي ترقها السيد عادل الخطيب.
ثواني ووجد لمار امامه ترمقه بابتسامة صافية.
اعطاها باقة الورود الحمراء التي يحملها بين يديه وهو يلج للغرفة تبعته يارة التي كانت تحمل علبة من الشوكولاتة الفاخرة ووضعتها فوق المنضدة الصغيرة التي توجد بجوار الفراش.
رحبت بهما كل من لمار ووالدتها بابتسامة سعيدة وممتنة.
اجفلت السيدة ملك على صوت يارا التي قفزت بين احضانها تعانقها بقوة مردفة بصوت مرتفع: الحمد لله على سلامتك يا سيدة ملك.
هل لي ان التقط صوره برفقتك بالضماد الملتف حول رأسك هذا.
ابعدتها السيدة ملك ولكزتها في مرفقها بقوة: لا يا ابت نادية لن اسمح لك ان تأخذي سبقا على حسابي.
بالطبع ستاخذيها وتضعيها على جميع مواقع التواصل الاجتماعي خاصتك اليس كذلك؟
اومأت موافقه: بالطبع فالصوره برفقتك في حد زاتها شهره له.
اه لو تعلمين كم احصل على اعجابات وتعليقات كلما وضعت صوره معك.
قهقهت السيده ملك وكذلك لمار.
اما عن السيد عادل فكان يرمق المراه الاربعين باعجاب شديد.
فهو الان ايقن ان لمار اخذت كل هذا الجمال من المراه التي تقبع فوق الفراش.
دنا منها وهو يبعد يارا عنها وانحنى ملتقطه يدها طابعا قبله انيقه فوق ظهر يدها.
مما جعل السيده ملك ترمقه بابتسامه خفيفه.
بادلها الابتسام وجلس فوق الكرسي المجاور لها.

وترك يدها بهدوء.
ومن ثم جلس فوق احد المقاعد القريبة من الفراش.
كاد ان يتكلم ويسأل عما حدث لكن قاطععه ولوج السيد مراد حامد مخرج التلفاز وفي يده باقة من الورود البيضاء.
القى التحية بصوته الرخيم.
ومن ثم دنا منها ليتفحصها بعينيه ملتقطا كلتا يديها وقبلهما بالتناوب.
سألها بلهفة وهو يجلس في المكان الفارغ المجاور لها على الفراش: كيف اصبحت الان?
الحمد لله انا يخير شكرا لك يا مراد.
وما الذي حدث معك?
وكيف?
هتف بها باهتمام شديد.
اجابته ببساطة: كنت عائدة الى المنزل لكن قطع الطريق علي اثنان من المرتزقة واوسعوني ضربا كما ترى.
شعر بالحزن عليها وهو يتخيل مدى الرعب الذي تعرضت له في تلك اللحظات.
صك على اسنانه بقوة ومن ثم ربط على يدها بحنو شديد: لا تقلقي سيكون كل شيء على ما يرام.
اومأت لهم موافقة بابتسامة عذبة.
تساءلت بلهفة: اخبرني.
ماذا فعلوا متابعيني?
اجابها ببتسامة: الجميع سيموتون قلقا.
وينتظرون عودتك بفارغ الصبر من اجل الاطمئنان عليك.
ابتسمت بوداعة.
بادلها الابتسام واعينهما متعلقتان ببعضهم.
وكأنهما بمفردهما في تلك الغرفة.
اتسعت حدقتاه في دهشة عندما اخبرته بكل بساطة انها ستخرج من المشفى اليوم والادهى من ذلك بانها ستقدم برنامجها غدا.
صاحت لمار بحدة: كيف يا امي وانت ما زلت مريضة.
لمار معها كل الحق يا سيدتي
تلك الكلمات هتف بها السيد عادل الذي كان يتابع ما يحدث في صمت.
قل شيئا يا عمو مراد.
كاد ان يتحدث لكن السيدة ملك قاطعته بصرامة: صدقوني انا بخير وساكون افضل عندما اقف امام الكاميرات.
خاطبت السيد مراد بحزم ساكون غدا في مكان التصوير يا مراد.


بعد ما انتهت من ارتداء ثيابها المكونة من بنطال من خامة الجينز وكنزة بيضاء وحزاء رياضي بنفس اللون.
واعدت حقيبة الكتب التي ستأخذها معها الى الجامعة.
ها هي تقف تنتظر ذلك البغيض بعدما اخبرتها والدتها بانه سيصطحبها معه الى الجامعة.
احيانا تشعر بالغضب حيال والدتها لانها تزوجت بعد وفاة والدها.
واجبرتها التعايش مع زلك التافه المدعو ادم.
لكن سرعان ما تنهر زاتها.
فلطالما كان السيد ايهاب يعاملها برفق كابنته.
لم يفرق قط بينها وبين ابنه ادم.
طوال الوقت يغدقها بالحنان التي حرمت منه منذ الصغر.
لا تنسى اليوم الذي جلست امامها والدتها تفرك يدها بتوتر كطفل صغير مزنب يعترف بخطأ وهي تخبرها بخجل وتلعثم انها تريد الزواج من اجل توفير جميع سبل الراحة لها.
وايضا كي لا يرموها الناس بالباطل.
فجميعنا نعلم ان حال المطلقة مختلفة.
معرضة دائما للحديث اللاذع والشكوك الباطلة.
لذا عندما تقدم لها السيد ايهاب الرجل الرائع بما تحمل الكلمة من معنى لم تستطع الرفض.
خاصة وانها كانت في هذا الوقت تحتاج الى سند حقيقي بعد وفاة زوجها الحبيب.
اجفلت من شرودها على صوته الذي باتت تكرهه يخاطبها بامر: هيا لنذهب.
صكت على اسنانها بقوة ومن ثم رمقته باشمئزاز وتقدمته للخارج بخطى سريعة وغاضبة في نفس الوقت.
ابتسم رغما عنه ومن ثم تبعها للخارج.
فتح لها باب السيارة لكنه ثواني وصرخ بها هادرا: ما الذي ترتدينه يا اروى؟
تأملت ثيابها بتفحص مجيبة اياه بعدم اكتراث: ثياب عادية.
كاد ان يحطم رأسها بكلتا يديه لكنه تراجع.
فلا يجوز ان تكون هذه سياسته معها.
جزبها برفق من يدها وهو يشير الى البنطال الذي ترتديه.
فقد كان به بعض الفتحات من عند الركبتين وما فوقها: اذهبي وغيري ذلك البنطال يا اروى والا لن تذهبي الى الجامعة.
رمقته بحدة صارخة بعتد: لا لن افعل وساذهب الى الجامعة بك او بدونك.
هل فهمتني?
وكم مرة اخبرتك بالا تتدخل في حياتي باكملها؟
قبض على يديه بقوة ومن ثم اغلق السيارة ووقف امامها عاقدا ساعديه امام صدره: اذا فلنبقى واقفين فالجو هذا اليوم رائع.
رمقته بنظرة نارية ومن ثم ضربت الارض بساقها واتجهت للداخل عازمة على تغيير ذلك البنطال فهي لديها بعض المحاضرات المهمة اليوم.
ولن تستطيع الغياب.
لولا ذلك السبب فكانت ستبقى في المنزل ضاربة بكل اوامره عرض الحائط.
شيعها بنظرات حانية وهي تولد للداخل.
ومن ثم ظفر بقوة.
فهو يخف عليها كثيرا.
فمنذ ان دخلت حياته وهو يشعر بالمسؤولية تجاهها رغم انه يكبرها بثلاث سنوات فقط.
لكنه يراها طفلته المدللة الصغيرة.
وعلى الرغم من ان مواعيد محاضراته تختلف عن مواعيدها الا انه دائما ما يسر على ايصالها بنفسه.
حتى لو كلفه الامر الاستيقاظ مبكرا.
دقائق قليلة وابصرها تقف امامه عاقدة ساعديها امام صدرها ترمقه بشراسة: لنذهب. فانا تأخرت.
رمقها بتقييم ومن ثم ابتعد عن باب السيارة الذي كان يستند عليه وفتحه لها.
ومن ثم استدار ليجلس امام عجلة القيادة وهو يشعر بالرضا لانها نفذت ما طلبه منها.


صدح صوت ضحكاتها الناعمة في جميع انحاء غرفة المعيشة. .
مردفة بصوت متقطع من فرط الضحك وهي تضع امامه فنجان القهوة: اقسم كما قلت لك يا ايهاب
اروى انصاعت لحديث ادم وبدلت ذلك البنطال الذي كانت ترتديه.
رمقها بتعجب ومن ثم سحبها لتستقر فوق ساقيه مقبلا احدى وجنتيها الشهيتين: كيف ذلك وابنتك عنيدة جدا!
احمد الله كثيرا انك لم تملكي تلك الصفة ابدا.
فانت مسالمة ومطيعة.
طوقت عنقه بكلتا يديها مغمغمة بدلال زائد: وانت ايضا يا حبيبي لا تشبه ادم.
فادم مزاجه سيء طوال الوقت.
جاد لا يبتسم الا قليلا.
تلمس ظهرها بيديه بحميمية شديدة مما اثار القشعريرة في سائر جسدها فغمغمت بصوت متقطع: كف عن حركاتك تلك فنحن سنتأخر على العمل.
هيا انهض.
كادت ان تنهض من فوق ساقيه لكنه جذبها مرة اخرى لتستقر بين احضانه ومن ثم ضم شفتيها بخاصته بنعومة زائدة يعبر لها عن رغبته وعشقه الكبير لها طوال الوقت.


ولجت الى منزلها وهي تدندن بصوت مزعج اعنية المهرجانات الشهيرة بنت الجيران.
توقفت عن الغناء بغتة عندما ابصرت اخيها حازم يقف عاقدا ساعديه امام صدره يرمقها بنظرات مشتعلة بعد ان تفحص ثيابها بعدم رضا.
وقبل ان تسأله لماذا هو غاضب صاح بها بحدة: ما الذي ترتدينه يا يارا؟
الم اخبرك اكثر من مرة ان ترتدي ثوبا محتشما.
ضيقت عينيها ترمقه بتفحص هاتفة بعند: ليس لك شأن بي ولا بثوبي يا حازم.
دنا منها على حين غرة يجذبها من يدها ويهزها بعنف: اعيدي ما قلتيه مرة اخرى.
اقسم لك ان لم تحسني.
قاطعته بصراخ: لا تحلف علي فوالدتك لا زالت على قيد الحياة.
هي فقط من يحق لها ان تأمرني هل فهمت?
كاد ان يصفعها لكنه توقف على صوت صراخ والدته التي دلفت من غرفتها بعد ان استمعت الى صوت صراخهما.
هاتفة بحزم: حازم هل جننت?
تريد ان ترفع يدك على اختك?
انزل يده وابتعد عنها بعدة خطوات مبررا لوالدته بصوته المرتفع: انظري الى ثيابها وماذا.
قاطعته بصرامة: اذا اردت نصيحتها فاخبرها بادب وليس بتلك الطريقة يا حازم.
هل فهمت?
اطرق برأسه ارضا ولم يعقب.
فاردت والدتهما تلطيف الاجواء.
فدنت منهما تحتضن كل منهما بيد هاتفة بحنو: دعونا نتناول الغداء وبعدها نتحدث.
اومأ حازم متفهما وكذلك يارا وانصاعا لاوامر والدتهما.


قرعت باب منزله بيدها الحرة وانتظرت.
ثواني وابصرته يقف امامها يرتدي ثوبا منزليا مكون من بنطال رياضي اسود وتيشيرت رمادي باكمام قصيرة.
فغرت شفتيها بابتسامة بالهاء وراحت تتأمله بوقاحة جعلته ينفر منها.
فهدر بها: ماذا تريدين يا زينب؟
تنهدت بوله هاتفة بهيام: كم اعشق سماع اسمي منك يا فارس.
لكن قل لي زيزي فكل من احبهم ينادوني بذلك الاسم.
زفر بنفاذ صبر مغمغما بهدوء وصل الى مسامعها: الصبر من عندك يا رب.
تحدثت وهي تناوله طبق كبير: تفضل. هذا من صنع يدي.
فعندما شعرت انك مريض احضرت لك حساء دافئ.
اشربه وستكون بخير.
ومن قال لك انني مريض يا زينب?
اجابته بخفوت وهي تضع يدها على قلبها بعد ان تناول منها الحساء: قلبي اخبرني بذلك يا فارس.
اغتاظ من سذاجتها تلك فهتف وهو يناولها طبق الحساء: خذيه انا لا اريد شكرا.
كلا اقسم انني صنعته لك بيدي هاتين.
ارجوك خذه ولا تحرجني.
ظفر مطولا ومن ثم شكرها على مد واستأذن منها بلباقة.
تأملته مطولا ثم استدارت ذاهبة الى منزلها تاركة اياه يرمقها بتعجب.
اغلق الباب وولج واضعا ذلك الطبق فوق المنضدة وهو يغمغم بخفوت: الصبر من عندك يا رب.


وفي المساء خرجت السيدة ملك من المشفى بعد ان تعهدت للطبيب بانها ستحافظ على نفسها وستتناول ادويتها في مواعيدها.
وعلى الرغم من توسلات لمار لها بان تبقى اليوم ايضا في المشفى لكنها رفضت رفضا قاطعا.
فهي ستقدم برنامجها في الغد حتى لو انها ستطل على الناس بتلك الضمادة البيضاء لا يهمها
ما يهمها هو الحقيقة والمستندات التي لديها ستفضح رجالا مهمين في الدولة.
لذا عليها ان تقدم واجبها على اكمل وجه ولو كان هذا هو اخر شيء ستفعله في حياتها.


بعد ما انتهى من صنع كوبا من عصير الجوافة الطاظج.
حمله وذهب به باتجاه الكرسي الهزاز الذي يوجد امام نافذة غرفة نومه.
اراح ظهره عليه بعد ان ارتشف رشفة كبيرة منه هاتفا بإستمتاع: يا الله كم انا ماهر في صنع ذلك العصير.
ابتسم ببلاهة عندما قفزت صورتها امام عينيه ترمقه بابتسامة ساحرة.
اغمض عينيه مستمتعا بتلك اللحظات.
ثواني واستمع الى صوت قرع جرس منزله.
وضع كوب العصير فوق منضدة صغيرة توجد بجانب الفراش ودلف للخارج ليرى من الطارق السئيل الذي قطع عليه لحظته الجميلة.
فتح الباب فتجمدت اوصاله واتسعت حدقتاه في دهشة حتى كادتا ان يخرجن من محجرهما وهو يراها تقف امامه بكامل زينتها.
ترتدي فستانا من اللون النبيذي ينساب بنعومة فوق قوامها المثير.
تاركة خصلاتها الشقراء تنساب خلفها بنعومة.
اغلق عينيه وفتحهما عدة مرات عله يستفيق من حلمه هذا.
الهذه الدرجة اصبح مجنونا بها.
لكن مهلا انها هنا تقف امامه ترمقا بنظرات متفحصة وابتسامة جميلة تزين محياها الحسن.
كاد ان يجن عندما استمع الى صوتها الرقيق تقول: ما بك يا فارس!
هل ستتركني على الباب
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي