الفصل الثالث

فجر اليوم التالي. ترك اليكسندر ماكسيموس في الكهف الخاص به وغادر الى اعلى وادي الحيوانات الاسطورية. وصل الى هناك في لحظات باستخدام سرعته.

بالرغم من تحذير دانييل له بالذهاب الى هناك الا انه يشعر بالملل. صعد للأعلى كي يرى المكان بشكل افضل ورؤية الحواجز السحرية بالقطاعات الخاصة بالجميع متمنيا بداخله تجاوز الحاجز الذي فعله دانييل لإبقائه بالداخل.

هدوء غريب بالمكان. نسمات هواء تُبعثر خصلات شعره الكثيفة. طال بقاءه الى ان شعر بوجود متسلل داخل الغابة. تتبع صوت خطوات من يركض محاولا الهرب من الحيوانات الاسطورية التي تلاحقه.

استطاع اليكسندر تحديد مكان المتسلل والوصول اليه قبل الحيوانات. استند خلف احدى الاشجار يراقب تشتت وذعر الطفل الصغير.

تعرف على الصغير كونه ينتمي الى مجلس السحرة عندما رأى عينه والملابس التي تحمل شعارهم.

تعثر الطفل وجلس يفترش الارض منتحبا بصوت عالي يهتف باسم والديه كي يساعدوه. لا يعلم كيف وصل الى هنا، كيف ضل طريقه الى ان انتهى به خارج حدودهم بالإضافة الى وجوده على ارض قائد المشعوذين الذي يمقت السحرة حد الجحيم.

قرر اليكسندر الاقتراب ومساعدته فالبقاء وراء الاشجار لن يفيد بشيء سوى جذب انتباه المزيد من الحيوانات الاسطورية لتعالي صوت انتحاب الصغير.

بخطى متمهلة بدا يخطو تجاه الاخر الى ان تحولت هذه الخطوات الى اخرى سريعة عندما حاول حيوان اسطوري الانقضاض على الصغير.

استخدم اليكسندر سحره يبعد الحيوان بدفعه على احدى اغصان الاشجار بعنف. وقف امام الصغير مظهرا انيابه و مخالبه مع تحول عينه للأزرق القاتم مُعلنًا عن هويته الحقيقة وهي انه ينتمي لوحوش التنغوسرام.

التفت برأسه للذي يفترش الأرض في حالة من الصدمة لا يُصدق ما يراه فطالما اخبروه في قِطاعه ان لا وجود لهجين على هذه الارض ولن يكون.

اعاد راسه للأمام يستخدم التخاطر مع الحيوان ويأمره بالابتعاد عن الصغير.

زمجر الحيوان بصوت عالي غير مُكترثا بحديث اليكسندر يُجهز نفسه للانقضاض على الاثنين.

علا صوت زمجرتهم وصراعهم في ارجاء الغابة متسببين في حالة من الفوضى والهياج لدى جميع الحيوانات الاسطورية

بمخالبه الحادة اصاب الحيوان الذي لم يتأثر فهو من اقوى الحيوانات الاسطورية بهذه الغابة بالإضافة الى انه حيوان دانييل المفضل.

لم يرغب اليكسندر ان يصل الأمر لهذا؛ كان يريد انقاذ الصغير ففي رأيه انه لا يستحق ان يموت بهذه الطريقة الشنيعة.

فقد اليكسندر انتباهه ليصيبه الحيوان بمخالبه في صدره مسببا جرح عميق.

تمردت زمجرة متألمة من وحش التنغوسرام الذي فقد اتزانه عائدا للخلف بخطوات مترنحة.

رفع يده ببطيء يدها على صدره يتلمس جرحه بأنامله التي تلونت باللون الأرجواني القاتم.

عادت عينه للونها الطبيعي وبدأ يعود الى طبيعته، مرت للحظات وشعر بأيسره يحرقه حد الجحيم.

سقط على احدى ركبتيه مع تجعد ملامح وجهه بألم ضاغطا على قبضتيه بكل قوته.

حاول النهوض لكن قواه لا تساعده، لحظات وتذكر حديث دانييل عن حيوانات الراكوليس والسموم القاتلة التي تُفرز من مخالبها عند اصابة احد.

رفع يده كي يستخدم سحره لكن هذا بلا فائدة فالسم اعاق جميع قدراته.

لم ينتظر حيوان الراكوليس وركض تجاه اليكسندر بغضب فطالما اراد قتله وها هي الفرصة.

ظهر دانييل في لحظات وبحركة واحدة قتل حيوان الراكوليس قبل ان يقتل اليكسندر.

بملامح متهجمة اكثر منها غاضبة التفت تجاه اليكسندر المستمر بالأنين والتعرق كون السُم يُهلك جسده.

اقترب منه دانييل واستخدم الشعوذة في امتصاص السُم من جسد اليكسندر تدريجيا.

التئم جرح اليكسندر بمساعدة شعوذة دانييل الذي لاحظ وجود ساحر صغير على ارضه.

اقترب دانييل من حيوان الراكوليس. انخفض بمستواه يمسح على شعر حيوانه الأليف الذي قتله كي ينقذ اليكسندر.

نهض من الأرض راسما ملامح متقززة على وجهه بينما يخطو تجاه الصغير الذي التصق بالشجرة التي ورائه اثناء زحفه:
-ماذا يفعل كائن ينتمي لمجلس السحرة على ارضي؟

تلعثم الصغير بأحرفه المتقطعة محاولا التحدث بشكل ثابت لكن القابع امامه لا يساعده بتاتا فهو مستمرا التحديق به بطريقة مرعبة.

اعتدل اليكسندر يقف عن قدميه مقتربا من دانييل الذي يصدر بأصابعه دوائر وهمية.

امسكه اليكسندر من ذراعه ليجذب انتباهه مثبتا عينه على الأخر مردفا بهدوء:
-لم اقصد هذه المرة، راكوليس هو من هاجمني اولا، أخبرته ان يبتعد عن الصغير لكنه لم يفعل

علت ضحكت دانييل المريبة في ارجاء الغابة من سذاجة تفكير هذا الوحش الغبي في نظره، فهو لازال يُدافع عن صغير ذو دماء قذرة تنتمي للسحرة متناسيا حقيقة لا يعلمها ان والدته ابنة قائد مجلس السحرة.

علم دانييل من صميمه ان خروج هذا الصغير من الغابة تُعني انكشاف حقيقة أليكسندر وهذا اخر شيء يريده. فتعرض اليكسندر للخطر قبل ان يتحكم ببوابة طاقته بالشكل الكامل يُعني نقض الصفقة التي عقدها مع موريس بشأن نصف طاقته ايضا اعلان الحرب بين المشعوذين ووحوش التنغوسرام.

بنبرة غاضبة صاح:
-ايها الأحمق الصغير هل تعي ما فعلته؟ لقد سمحت لساحر برؤية سحرك!

-دانييل انا فقط اردت مساعدته لا اكثر

رفع دانييل يده:
-هذا ما يجب ان يحدث لمن يقتحم ارضي بدون علمي اليكسندر وهذا ما سيحدث

-لاا

علا صوت صراخ اليكسندر عندما بدأ دانييل في تحضير تعويذة لقتل الصغير.

اسرع في الركض من مكانه لكن الاخر جمد حركته. اقترب المشعوذ منه يرفع رأسه عندما تمسك بخصلات شعره كي يجعله يرى ما يحدث، فهذه هي حقيقة جميع العوالم القتل شعارهم وامتيازهم الأول.

-انظر جيدا اليه. انت وحش تنغوسرام اليكسندر لا يجب ان تشعر بالأسى لأجله، هم يبيدون من مثلك بلا رحمة

انهى حديثه والقى بتعويذة على الطفل الصغيرة تحوله الى جثة هامدة.

انصدم اليكسندر مما حدث فهو لم يشهد دانييل يقتل احد من قبل خاصة اذا كان طفل صغير لم يتجاوز العاشرة من عمره.

اتسعت عينه بذهول يحدق بالأخر متسائلا عن سبب فعله هذا فهو مجرد طفل، يريد معرفة لما قتله وهولم يؤذهم.

على الأقل كان بإمكانهم ابقاءه هنا ويصبح صديق لأليكسندر لكن الأخر اختار الطريقة التي تُريح عقله من أي مشاكل في هذا الوقت.

تصرف دانييل كما لم يفعل شئ:
-هذا جزاء من يخطو الى ارضي اليكسندر، انا لا احمي او اساعد احد، لذلك كن مُتأكدا انني سأقتل كل من يخطو الى غابتي

-لكن هو لم يفعل شيء كان بإمكاننا ابقاءه

-يا للسخرية! هل تعي ما تقوله اليكسندر؟ تريد ابقاء ساحر مع وحش تنغوسرام ومشعوذ! هذه احلام اليقظة ايها الصغير لذلك لا تتأمل كثير

رفع كتفيه بلا مُبالاة مستخدما قدراته في التنقل خلال لحظات.

تحرر جسد اليكسندر ليذهب الى جسد الصغير يُلقي نظر عليه، يعلم انه لا يجب ان يشعر بشيء داخله لكن فقط هذه المشاعر الغريبة التي تراوده تجعله يتساءل عن حقيقة ما يكون!

غادر الى غرفته يعيد التدرب على التحكم في بوابة طاقته عن طريق التأمل والبقاء داخل الحاجز الذي صنعه دانييل كي يُخمد جزء من الطاقة المهولة التي لديه.

في هذه الاثناء اجتمع موريس مع دانييل متحدثا بهدوء:
-هل انتهى اليكسندر من التحكم ببوابة طاقته؟

-يمكنك ان تقول هذا، اعتقد انه يمكنه الانضمام اليكم قريبا

شعر موريس بالسعادة ان انتظاره وانتظار زوجته لن يطول اكثر من هذا، فقط يريد ان يُفكر في طريقة لإدخال اليكسندر القطاع وتعريفه للجميع انه ابن القائد

منذ البداية لم يكن يريد اليكسندر لكنه فعل هذا من أجل ماريان. اراد تلبية جميع رغباتها التي كانت الحصول على طفل منه.

لم تكترث للعواقب التي ستحدث وفرصة موتها لحملها وحش تنغوسرام داخل احشاءها.

احتدت ملامح موريس عندما استطاع الشعور بوجود شيء خاطئ يحدث.

وضع يده على مقدمة رأسه يستخدم التخاطر بينه وبين مساعده الذي ابقاه مع ماريان.

-سكوت ماذا يحدث؟

-قائد موريس يجب ان تأتي حالا!

ادرك ان هناك شيء سيء حدث مع ماريان ليترك دانييل في لحظات مُتجها الى الغرفة القابعة اسفل القطاع.

دخل الى الغرفة ليجد ماريان تفترش السرير بجسد مُهلك وملامح وجهها المُتعبة.

جلس بجانبها يمسك يديها هاتفا برفق:
- ماريان هل انتِ بخير؟

قابلته الاخرى بفتح عينها بخمول تحيط يد موريس التي احاطت وجهها:
-لا اعتقد انني سأنجو موريس لهذا ارجوك اريد رؤية اليكسندر وعناقه للمرة الاخيرة

لم يتقبل الاخر فكرة حديثها عن الموت وتركه بهذه السهولة ليقاطعها:
-ستكونين بخير ماريان، سنتجاوز هذا سويا كما اعتدنا

نهض من جوارها يعدل الغطاء فوقها يراقب استلقائها وشعوره باستنفاذ نواة الطاقة الخاصة بها.

في حيرة من امره لا يعلم ماذا يفعل وهي لا يستطيع اعطاءه جزء من طاقته وهي في هذه الحالة، لن يستقبلها جسدها وستموت حالا.

فكرة موتها كان اخر ما يريده موريس ان يحدث، الآن يلوم نفسه فهو من وافق على فكرة الانجاب بالرغم من معرفته انه سيعرض حياة ماريان للخطر.

اصبحت الأيام تمر بشكل سيء على الجميع، مشاكل القطاع التي بدأت تتزايد بالإضافة الى تدهور الحالة الصحية لماريان و ضعف نواة طاقتها بل بالكاد لازالت على هذه الأرض.

الكثير من الضغوطات التي يُعاني منها موريس، استمر الشكوك حوله ودوريات المجلس التي تتزايد يوما بعد يوم كان شيء اخر لإهلاكه.

ترك موريس ماريان وغادر لمقابلة دانييل الذي قابله بطبيعته الساخرة:
-ما شرف زيارتك هذه المرة اخي الصغير؟

-دانييل انت تعلم بتعب ماريان

تنهد المعنى بالحديث يهز رأسه:
-اجل يمكنني الشعور بضعف نواة طاقتها

يستطيع دانييل الشعور بكل ما يحدث داخل الغرفة التي تبقى بها ماريان لأنه شارك في تكوين حاجز يمنع اكتشاف المجلس بوجود ساحر في قِطاع الوحوش.

-ماذا افعل؟ لا اريد خسارتها

-تقبل الحقيقة موريس، ماريان يجب ان تموت

غضب لما سمعه لينقض على دانييل يمسكه من لياقة ملابسه مهسهسا بصوته الخشن:
-هل تعي ما تقوله؟ اذا لم ترغب بمساعدتي لا تفعل لكن لا تقول هذا

ابتسامة جانبية نمت على ثغر دانييل قبل ان يرفع يده ويبعد ذراع موريس عنه مردفا باستنكار:
-ماذا افعل اذا كانت الحقيقة مؤلمة اخي الصغير؟

بالرغم من كون دانييل الاكبر عُمرا الا انه دائما ما يتصرف بسخرية وغير اكتراث لحياة احد عكس حقيقته المرعبة وغضبه المتناهي.

توقف عن اللهو واضعا يده اسفل ذقنه ناطقا بتفكير:
-اعتقد ان هناك فرصة لها كي تعيش

اسرع موريس بالتساؤل:
-وما هي؟

صمت لحظات قبل ان يُجيب
-يجب ان تعود الى قِطاعها، ذهابها الى المجلس هو الحل الوحيد لنجاتها

يُتبع.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي