الفصل الخامس

وقف أليكسندر يُحدق بالذي يقف امامه متعجبا من اختلاف لون عينه، ولٍما ليست زرقاء مثل خاصته. افاق من شروده عندما تحدث سكوت كى يغادرون.

غادر أليكسندر برفقة سكوت الذي ذهب لإحضاره بامر من قائد القطيع. تتبعه أليكسندر دون أن ينطق بحرف، أو يتساءل عن اذا كان هو فرد من عائلته أم لاء. فقط تتبعه بصمت برغم تفكيره الشاغل عن سبب انضمامه الآن لقِطاع وحوش التنغوسرام الذي لم يخطيه يومًا.

اثناء ذهابه قلب عينه في الأرجاء، لأول مرة استطاع الخروج من الحاجز الذي صنعه دانييل كى لا يستطيع الهرب.

مرت دقائق إلى أن وصل للقطاع الخاص بأمثاله. استخدم سكوت الطريق السري الذي يؤدي الى غرفة ماريان القديم، التي لم يخطيها احد منذ وفاتها.

دلف سكوت اولا ثم ورائه اليكسندر، وقف يحدق بأرجاء الغرفة يشعر كما لو أنه كان هنا من قبل، استطاع جسده الشعور بتضائل قدرٌ من الطاقة كما أن احد غريب كان يسكن هذه الغرفة.

اَحب كيف تتميز الغرفة بطابع العصر الفيكتوري من حيث الاثاث والرسومات التي زينت الحائط، يشعر بالذهول فهو أقضى حياته وحيدا، في غابة باردة، متوحشة ومليئة بالحيوانات الأسطورية التي تحقد عليه يومًا بعد الأخر؛ لإمتلاكه مثل هذه الطاقة المهولة.

حمحم سكوت بخفة يُقاطع تامله الذي طال:
-سيأتي القائد لرؤيتك. لا تغادر الغرفة من دون اذنه

هز اليكسندر  رأسه ليبدا في التجول متفحصًا ارجاء الغرفة بحاجبين معقودين. يُطغي على قلبه شعور التعجب.

رفع يده يضعها على ايسره الذي عاد للنبض عاليا بعد مرور الكثير من الوقت.

تحمس لفكرة لقاؤه بالقائد متناسيًُا حقيقة انه ربما يكون والده.

مرت سنوات على انتظاره لهذا اللقاء، فرغبته لرؤية والديه كانت اكثر ما يريده. انضمامه الآن لهذا القطاع ينفي شعوره أنه كالمشرد التائه وسط جبال شاهقة.

في النهاية يستحقق هذا، دقائق ويقابل والده الذي لا يعلم اسمه، هيئته، مكانته الحقيقة في هذا القطاع.

مرّ وقتٌ طويل على بقاء أليكسندر بمفرده في الغرفة. نهض من على الأريكة مهندمًا ملابسه بالاضافة إلى إرجاع خُصل شعره الطويلة للوراء وتثبيتها خلف اذنه.

تسلل الملل إلى ابدانه ليخرج من الغرفة مُتجاوزا قرار القائد بشأن عدم ذهابه الى مكان دون اذنه.

خرج من طريق اخر غير الذي دخل منه، وخاصة الذي يُؤدي الى مركز القِطاع، يمشي بثقة في هذه الخنادق الضيقة غير مُدركا أن ما يفعله قد يتسبب في قتله من بني جنسه الذي سيظنون انه ينتمي إلى مجلس السحرة بسبب لون عينه المختلف عنهم.

صعد إلى الأعلى لكن لم يجد احد؛ فهذا وقت تجمع الوحوش في ساحة القتال لتأدية تدريباتهم المُعتادة.

رأى مجموعة من الأطفال تلعب بالكرة امامه، أحب هذا ورغب بالإنضمام غير مُكترثا لفرق العمر بينهم هو فقط أحب ان يرى شيء غير الحيوانات الأسطورية والاستماع الدائم لزمجراتهم.

بخطوات متزنة بدأ يتقدم منهم إلى أن تم سحبه بعنف من أحدهم يبعده عن الأطفال.

اصتدم ظهر أليكسندر بعنف في الحائط الذي ورائه، يُقابل الذي امامه بنظرات مُنزعجة بسبب سحبه بهذه الطريقة.

رفع أليكسندر يده مُحاولا ابعاد ذارع الأخر التي تُثبت جسده على الحائط نابثا بصوته الخشن:
-اتركني

لحظات حتى ابعد الأخر ذراعه عن جسد أليكسند الذي اعتدل في وقوفه. حل الصمت في المكان فقط نظرات غير مفهومة يتبادلها الاثنين.

جهل الصغير هوية من يقف امامه، والتي تعود لوالده القائد موريس.

لاحظ موريس اعين أليكسندر وملامح وجهه الذي يراها لأول مرة، شرد في ملامح صغيره التي تشبه ملامح ماريان الى حد كبير.

افاق موريس من شروده وحملقته على صوت أليكسندر المنزعج بسبب سحبه الى هنا ومنعه من التجول:
-لماذا سحبتني هكذا؟

حمحم موريس راسمًا ملامح جامدة على وجهه فها هو يتصرف كطبيعته المتحكمة، كونه قائد القطيع.

فرض القائد سيطرته على أليكسندر الذي وجد نفسه ينصاع له، ويركع على احدى ركبتيه:
-ماذا يحدث لي؟

كان الأمر جديد له ليجعله يتساءل عن ما يحدث ولِما لا يستطيع النهوض من على الأرض.

نطق موريس بنبرة رسمية:
-انت تقف امام قائد القطيع، يجب أن تعلم القواعد وهى ألا ترفع صوتك عندما تكون امامي فهمت؟

هز أليكسندر رأسه على مضض فها هو يعود لكونه احد الحيوانات الأليفة التي يتم التحكم بها.

ازال موريس سيطرته رامقًا أليكسندر بنظرات جانبية، لايريده في هذا القطاع خاصة عندما لاحظ الشبه بينه وبين زوجته وأليس هذا طبيعيا ففي النهاية هو طفلهما الذي كبر بعيدا عن مكانه الأصلى!

اكمل القائد بذات النبرة:
-اتبعني

امتثل أليكسندر لكلامه وأخذ يتبع القائد الذي لا يعلم الى هذه اللحظة انه والده.

عادوا الى الغرفة مرة اخرى ليُغلق موريس الباب ورائه بعدما تأكد من دخول أليكسندر، وكعادته اتخذ القرار باخفاء حقيقة انه والده، وانه يجب ان يخبر القابع امام بهذا.

شعر أليكسندر انه الوحيد المختلف هنا فهذا ثاني شخص يُقابله حاملا ذات العيون الأرجوانية، كان هذا اكثر ما اثار عقله فلما هو الوحيد الذي يمتلك أعين زرقاء دونًا عن الكل.

شابك موريس يديه ببعضهما مردفا بنبرة ثابتة:
-لن يمكنك الخروج من هذه الغرفة قبل ان اخبرك بهذا فهمت

انزعج المعنى بالحديث من هذا هاتفا بنفاذ صبر فلقد سئم من أن يتم حبسه:
-لماذا؟ هل احضرتني لهنا كى تحبسني مرة اخرى؟

-لا يُمكنك التجول براحة في القِطاع على الأقل ليس الآن، يجب ان ابرر سبب امتلاكك لأعين زرقاء بالرغم من كونك وحش تنغوسرام.

قاطعه أليكسندر بنفاذ صبر:
-اذ كنت تعرف السبب اخبرني! لماذا امتلك مثل هذه الأعين؟ ايضا بالنظر اليك يبدو أنك تعلم جيدا انني مختلف عنكم.

جاء بذكر طاقته؛ موريس لمس نواه طاقته منذ قليل ولم يتفاجئ كيف لأحد مثل امتلاك مثل هذه الطاقة المقبوعة بداخله.

ثبت أليكسندر عينه على خاصة موريس الذي لم يتفاجئ:
-انت تعلم من أنا، تعلم عن الطاقة التي امتلكها فانت لم تتفاجئ لوهلة عندما اتيت بذكر هذه الطاقة. هل ربما تعرف عائلتي؟

تجاهل موريس السؤال مُديرا ظهره للمغادرة فيجب ان يذهب لمُتابعة المستجدات بشأن قِطاع البشر.

تحرك للمغادرة لكن أليكسندر تمسك بيده يمنعه من المغادرة:
-ماذا اكون؟ ولِما تمتلك عين مختفلة عن التي املكها!

اكتفى القائد بإخباره أن الوقت لم يحن بعد لمعرفة هذا وفي المستقبل سيُدرك جيدا ما يكون.

-لا يُمكنك مغادرة هذه الغرفة من دون اذني، اذا رأك احد في القطيع سيقتلك لذلك افعل ما اخبرك به للآن.

تأكد موريس من إغلاق الباب هذه المرة ورائه تاركا أليكسندر بمفرده للمرة المئة، مشاعر انزعاج،غضب راودته كما لو انه صفحة بالية في كتابٌ منسيًا يُهجر من الجميع.

اولا عائلته التي تركته ليتربى مع مشغوذ يؤدي تعاويذا مُحرمة في قانون الطبيعة. والآن يشعر حقا بأنه غير مرغوب به بالرغم من حقيقة كونه وحش تنغوسرام ألا عينه التي تفضح امره بكونه يمتلك جزء من طاقة اعظم السحرة.

تأفف أليكسندر مرارا د يتمدد على الفراش بتملل. فهو لا يملك شيء لفعله في هذا الوقت سوى الانتظار، كأن حياته بأكملها تعتمد على الانتظار

توقع ان خروجه من الغابة سيكون مختلفا عما يشعر به الآن فلقد ضاقت به حدوده في غرفة ذات مظهر راقي ورائحة جيدة.

لاحظ أليكسندر مجموعة من الكتب الموجودة بجانبه، اخذها وبدأ يتفحصها لكن الغريب ان استطاعة قرأتها بطلاقة.

قرأ كتاب والدته الخاص بمجلس السحرة، وهذا شئ لا يفعله سوى ساحر.

صعد موريس للأعلى يجتمع بمساعده المخلص لينطق بثبات:
-راقب أليكسندر جيدا، لا تدعه يُغادر قبل أن اسمح بهذا!

-سأفعل هذا.

انحنى سكوت وغادر يُلبي طلبات قائده، ذهب موريس ليحضر اجتماع المجلس الذي يتضمن حضور جميع قائدوا القِطاعات.

وصل الى المكان المعهود حيث تُقام الاجتماعات، تقدم بتعابير خالية من الرحمة.

دلف لداخل القاعة الواسعة، ذات الأثاث العتيق في اجواء مشحونة بينه وبين قائد البشر منذ اخر حادثة بينهم وقتل بشرى على يد وحش تنغوسرام انتقاما لإشعالهم النيران في جزء من قِطاعهم.


يُتبع.






























يُتبع
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي