الفصل الرابع

أصبحت الأيام تعد بعضها..
فاليوم هو الثالث الذى لم ترى به كارين وجه رمزي، والذى كان يشعرها بأن لهذه الحياة معنى وطعم حلو لم تتذوقة من قبل.

لم يأتى رمزي اليوم أيضا يا له من إحساس صعب، لوعة الإنتظار تحرقنى بنار شوقى لرؤية نور وجهه، ماذا عساى أن أفعل سوى أن أجلس هنا واكتب مذكرتى وانتظر قدوم حبيبى مرة أخرى إلى لكى يجعلنى أستطيع أن أتنفس وارى الحياة مرة أخرى.

،وهذا هو اليوم الثالث على التوالى الذى لم تراه به كارين، إلى متى سوف أنتظر، وإذا كان رمزي بخير مثل ما أخبرتنى الآنسة نرمين، إذا لماذا لم يأتى اليا!
ألم يشتاق لرؤيتى، أم أن حبه لى ومشاعره تجاهى أحاسيس غير صادقة!!
أنا حقا مشوشه ولا أعرف كيف أتصرف أو ماذا أقول.

فمنذ أن ترك لى هذا الكتاب على تلك الطاولة ذلك اليوم، والذى لم أراه من بعده.
وذهب دون ما يقول لها أى شىء ولا حتى كلمة مع السلامة، وأنا لم أراه.
ولكن لماذا؟؟

لماذا علقنى به وجعلنى أحبه من كل قلبى وبعد ذلك يختفى ولا أستطيع رؤيته من بعد ذلك!!
لماذا أنا فى ماذا أخطئت فى حقه؟
هل يمكن أن يكون مريضاً والسيدة صافيناز والدته طلبت من نرمين أن لا تخبر أحد بهذا الأمر؟؟
حتما هو كذلك وإلا لماذا لم يأتى إلينا كل هذه المدة الطويلة؟..


لقد تركها وحيدة تسبح فى بحر الحيرة والقلق والأسئلة الكثيرة والتى لا تعرف لأى سؤال إجابة عليها.
لا تعرف حتى كيف تطمئن عليه؛، ولا حتى تجرأ على فعل هذا الأمر، وفكرت هل أرسل له مرسال؟
ولكن أرسله مع من! من الممكن إذا كان هو مريضاً حقا أن تستلمه والدته عنه، ووقتها سوف أقع فى مشكلة لن أستطيع أن أنهض منها مرة أخرى.

إذا ماذا أفعل؟
هل اذهب إلى المنزل، وكأننى أريد شيئاً ما!!
ماذا سوف اريد منهم!! هذا الأمر غير معقول بالمرة.

نعم معها حق، فبأى صفة تذهب إليهم وتطرق باب منزلهم؟
هى حقا كارين تعرف والدته معرفة شخصية، ولكن هذه المعرفة تقتصر على المقهى فقط، ولا تعرف ماذا سوف تكون ردت فعلها إذا ذهبت كارين لزيارة رمزي والأطمئنان عليه، خاصة وأنها سيدة شديدة جدا فى طبعها وبالتأكيد سوف تحرج كارين جدا إذا ذهبت إلى هناك بهذه الطريقة.


حسنا هى لا تعرف ماذا تفعل، لقد ضاق صدرها من كثرة التفكير ومرارة الإنتظار.
ولكنها تريد أن ترى رمزي وتطمئن عليه، بأى طريقة أيا كانت ولكن كيف لها ذلك؟.

ففكرت فى شيئاً من الممكن أن يساعدها الى حدا ما، وهذا الشئ هو أخبار والدها السيد هنري بالأمر، ربما تجد طريقة وتذهب بها معه إلى حيث زيارة رمزي..

عله يمكنه يكون سببا فى أن تستطيع كارين أن ترى رمزي وتطمئن عليه.
ولكن كل هذا بطريق غير مباشر، ربنا يحتاج الأمر بعض التفكير والتخطيط.

بطريق غير مباشر لا تلفت نظر والدها لأى شيء..
ففكرت فى موضوعا يمكنه من خلاله أن تفتح له السيرة، فقالت لنفسها سوف أفعل وكأننى اسأل عن جميع الزبائن الذين يأتوا إلينا بشكل دائم، إلى أن يأتى دور رمزي فى الحديث، ثم أترك الحديث يأتى بنفسه..

فذهبت إلى والدها فى المطبخ، وحاولت أن تنفذ الخطة التى فكرت بها منذ قليل، فقررت أن تخبره بإمر رمزي ولكن أيضا بطريق غير مباشر.

فقالت له..
"يا والدى ما الذى تفعل اليوم؟ أقصد ما هو نوع الكيك الذى تقوم بطهيه اليوم لكى أخبر الزبائن به، وهذا لأن الجميع يسألنى ذلك السؤال بإستمرار.
أنت تعلم بحال زبائنك أكثر منى يا أبى أليس كذلك..

ضحك والدها وقال لها..
_نعم نعم معك حق وهذه هو سر مهنتى يا أبنتى، أننى أضع فى الكيك الذى أفعل كل الحب والسعادة التى أستطيع أن أوفرها وهذا بعيدا عن أحزانى.

،وهذا ما يجعل الزبائن يتهافتون على المكان هنا ويأتون إليه بشكل يومى، وذلك لأننى أصنع تلك المعجنات بحب.
وهذا هو سر النجاح ويجب أن نشكر الله عليه.

ولكن سوف أخبرك مع انك من المفترض عليك أن تعرفين من الرائحة.
اليوم أنا أعمل كيك الروانى، هذا يومها فأنتى تعرفين أننى كل يوم أعمل نوع غير الآخر، إلى أن تنتهى أفكارى والتى أدعو الله أن لا تنتهى أبدا، لأن هذا مصدر رزقنا يا أبنتى.

(فقالت كارين هذه هى فرصة الوحيدة لكى أخبر فسها والدى بالشئ الذى أريد، من دون أن أدخل فى أى تفاصيل أخرى..
نعم فإن رمزى لم يأتى إلى هنا منذ أن تناول هذا النوع من الكيك وهذا الأمر كان الأسبوع الماضى)

فقالت لوالدها..
نعم يا أبى فهذا النوع من الكيك يفضله أكثر زبائنا ومنهم السيد رمزي أيضا، هل تذكر ذلك اليوم لقد كان يسألنى كيف تقوم بعمل هذا النوع من الكيك.
ولكنى أخبرته وقتها أن هذا سر مهنتك ولا تعطيه لأى شخص مهما كان معزته لديك.

_وبناءا على أن كارين قد لفتت أنتباه والدها لسيرة السيد رمزي، ولهذا السبب قال لها والدها..
حقا فلماذا توقف السيد رمزي عن المجيء إلى المقهى الخاص بنا؟
هل حدث شيء ما لا أعرفه جعله يتوقف عن المجيء إلى المقهى الخاص بنا!
هل لديك معلومات عن هذا الشيء؟

أم يا ترى ما هو سبب إختفائه هذا عنا طوال هذه الفترة، فأنا لم أراه منذ أكثر من يومان أو ثلاث أيام لا أتذكر بشكل جيد.

فقالت له كارين بعد أن ظنت بأنها نجحت فى مخططها الصغير..
ااه أنت لا تعرف يا أبى ما الذى حدث مع السيد رمزي؟
،لقد فعل حادث ذلك اليوم وتحطمت سيارته، ولكنه هو بخير انا متأكدة من ذلك ولكن فقد سيارته، فلقد فدى نفسه بها.

نظر لها والدها نظرة بها الكثير من التعجب والأستغراب وقال لها..
من أين عرفتى بكل هذه المعلومات يا كارين، هل أنتى على تواصل مع ذلك الشاب؟

(لقد شك هنري فى أمر أبنته بعد أن أخبرته عن أخبار رمزي هكذا بشكل مفصل وكأنها كانت حاضرة معه.
بكل سهولة وكأنها كانت جالسة معهم وتعرف وترى كل ما حدث، وتعرف كل شيء عنهم)

فردت عليه متعجلة فى أمرها ومتوترة أيضا فى نفس ذات الوقت وقالت له..
لا، لا يا أبى أى تواصل هذا الذى تقول عنه!
أنا لم أتواصل مع ذلك الشاب أبدا فهو مجرد زبون لدينا ويأتى بشكل دائم.
وأنا علمت بهذا الأمر بشكل غير مباشر عن طريق بعض الأحاديث الذى أستمع إليها من الزبائن.

لقد كانت فتيات الحى متجمعين لدينا فى المقهى يوم أمس، وأستمعت إلى حديثهم عن السيد رمزي عن طريق الخطأ، كانوا يتحدثوا فى هذا الأمر، وهذا كل ما فى الأمر.

قال لها..
_يا اللهى كيف حدث معه هذا الأمر، ولما لم تخبرينى به يا أبنتى حينما عرفتى به؟
أنا يجب على أن أذهب لزيارته، يا له من شاب مسكين بالتأكيد لقد أصيب بالحسد من أحدهم.

نعم فمن حقه علينا كجيران أن نسأل عنه عند مرضه وحاجته لكى يقف الأصدقاء من حوله، حسنا سوف أذهب إلى زيارته اليوم بمفردى وسوف أتركك أنتى يا كارين هنا فى المقهى لكى تنتبهين عليه إلى أن أعود إليه، ولا تخافين لن أطيل الغيبة عليك.

(لقد ضاع مجهود كارين وتخطيطها فى أنها كانت تريد أن يقول لها والدها أنهم يذهبون معا فى زيارة إلى رمزي، فمن الواضح أن أبيها لم يضع هذا الأمر فى حسبانه أبدا، وبما أنه سألها فى البداية من أين عرفت أخبار رمزي، وإذا كانت على تواصل معه أم لا.

فإذا الآن لن تجروء على أن تقول له أنها تريد أن تذهب معه لزيارة رمزي فى منزله، فبهذا الأمر سوف تثبت لوالدها حقيقة أنه شك بها فى البداية أو أنه لديه الحق كان فى محله، ومن الممكن أن يظن أنها فعلا بينها وبين رمزي شيئاً ما ولا يعرف أحد عنه شيئا، وفى هذا الوقت أيضاً سوف يغضب منها والدها جدا، وذلك لأنه معتاد منها على الصراحة ولا يحب أبدا أن تكذب عليه أبنته تحت أى ظرف من الظروف.

ولكن بماذا سوف تخبره كارين؟
ما زال الأمر غامضا لديها ولا تستطيع أن تأخذ فيه قرار به بشكل واضح، حتى أنها هى نفسها لا تتوقف عن التفكير والحيرة، ولكنها تنوى أن تخبر والدها بكل شيء ؛ولكن هذا حينما تعلم إذا كانت ما هى ملامح علاقتها بذلك الشاب رمزي أم أن هذا الأمر برمته لن يحدث)

فأكمل السيد هنري حديثه وقال لأبنته كارين..
_هيا ذكرينى اليوم يا أبنتى أن أذهب لزيارة السيد رمزي فى منزله عند حلول المساء، وهيا الآن قومى بأخذ تلك الطلبات إلى الزبائن لقد جعلناهم ينتظرون كثيراً من كثرة ما تحدثنا معا أنا وأنتى، يا لنا من أشخاص ثرثاره.

"وإذا بكارين تحمل بين يديها الطلب للزبون وذاهبة لكى تعطيه له لكى يتناولة بالهناء والشفاء، إذا بها ترى أمام عينيها مفاجأة لم تكن تخطر أبدا على بالها وخاصة فى هذا الوقت.
نعم مثل ما توقعتم لقد رأت رمزي وكان واقفا أمامها وكأنه يقول لها،
كفى عن التفكير يا حبيبتى فأنا هنا إلى جانبك ولن أتركك أبدا.

نظرت له كارين وكأن الكون بجميع ما به من أشياء قد توقف أمامها وتكاد أن تكون فقدت إحساسها بالأرض ومن عليها، ودون ما تشعر سقطت تلك الأطباق التى تحملها بين يديها وعليها الطعام جميعاً على الأرض، وكل ما بها قد تحطم وتحطم معها مفاجأة كارين برؤية رمزي أمامها.

لقد أدركت الواقع حينما أستمعت إلى تلك الضجة.
وأيضا تداركت الموقف، ولكن كل ذلك الشئ وهى تشعر بالتوتر الشديد، فهى حينما رأت رمزي أمام عينيها فقدت صوابها، ومن شدة ما تفاجأت وقع كل شيء كانت ممسكة بها فى يديها.

وجاء السيد هنري من الداخل مسرعا إلى إتجاه أبنته وسألها وقال لها..
_كارين، كارين هل أنتى بخير؟ هل تأذيتى يا أبنتى؟
ارينى يدك هكذا، اووه يا حبيبتى لقد تأذيتى ما الذى حدث معك! كنتى فى أفضل حال.
هل كان حادث؟

هى تعالى معى إلى الداخل لكى أضمض لك هذا الجرح، اووه أنه جرح عميق.
ثم نظر هنري هكذا ووجد أمامه السيد رمزي، لم يستطيع أن يمسك نفسه فقال لكارين..

أنظرى أنظرى يا كارين من الذى أتى إلينا هناك، يظهر أن ذلك المثل الذى يطلقة المصريون حقيقى فعلا، فالبفعل ومثل ما يقولون.
(إبن الحلال عند ذكره بيبان)

هيا يا أبنتى أذهبى أنتى إلى الدخل إلى غرفتك أرتاحى قليلا وأنا سوف أتى لك على الفور ولكن فى البداية سوف أرسل من ينظف تلك الفوضى، ثم وجه حديثه إلى رمزي وقال له..

_.وين هذه الغيبة يا سيد رمزي، ليست عادتك لقد شعرنا بالقلق عليك أنا وإبنتى كارين، حتى أننا كنا الآن فى سيرتك وأتفقت معها أننى كنت سوف أذهب لكى أزورك فى بيتك اليوم لكى أطمئن على حالك،
فلقد سمعت أنك فعلت حادث هل هذا صحيح،؟
أتمنى أن تكن تلك إشاعة وأن لا يكون هذا الأمر صحيح، والآن طمئنى عنك.

(كارين ما زالت واقفة خلف الباب تستمع لحديث والدها مع رمزي، لم تذهب إلى غرفتها مثل ما طلب منها والدها، ولم يهمها جرح يديها العميق.
وكان أهم شيء هو أن ترى رمزي وأن تعلم عنه أي خبر.
فكل ما حدث معها توا هو بسبب أنها رأته أمامها، وهذا مع إنشغالها الكبير به.)

_فرد عليه رمزي قائلا..
نعم يا سيد هنري لقد فعلت حادث بسيط بينما كنت عائد من العمل، ولكنى أنا بخير الآن كانت كدخات بسيطة جدا
وأنا الآن مثل ما ترانى فى أفضل حال لم يحدث لى أى مكروه، ولكن الطبيب أخبرنى أن أستريح قليلا فى المنزل، وانا وجدت أن هذه فرصة جيدا لكى أرتاح قليلا وذلك بسبب إجهاد فى العمل.
ووجدتها فرصه لكى أخذ إجازة من العمل لفترة،
شكرا على إهتمامك لحالى أنت والآنسة كارين.

فقال له السيد هنري..
_ولأجل أنك محظوظا اليوم لقد فعلت لك الكيك الذى تفضل، وهو كيك الروانى وذلك دون ما أعلم بأنك قادم إلينا اليوم، ولكنى كنت أنوى أن أخذ لك منه حينما كنت سوف أتى لزيارتك، وها أنت أتيت لتتناوله هنا ومعه مشروبك المفضل.

ولكن أنا أريد منك شيئا، أتمنى أن تلتمس لى العذر، فأنا يجب على أن أذهب لكى أطمئن على حال أبنتى كارين، فلقد قامت بجرح يديها منذ قليل دون قصدا منها، ويجب عليا أن أذهب مسرعاً لكى أقدم لها الإسعافات الأولية، والآن عن أذنك.

فقال له رمزي،
"حسنا يا سيد هنري أنا بإمكانى أن أساعد الآنسة كارين، هل نسيت أننى طبيب!
ضحك هنري وقال له..
لا بالطبع لم أنسى ولكنى لا أريد أن أعذبك معنا، فأنت بالتأكيد متعب من ذلك الحادث الذى حدث معك.

رد عليه رمزي وقال له..
_صدقنى أنا بخير، وإذا سمحت أريد منك إحضار بعض الشاش والقطن ومطهر، وهذا لكى أفعل الآنسة كارين إسعافات أولية،
وبعد هذا سوف تصبح بخير أن شاء الله.

قال له هنري...
حسنا حسنا سوف أحضر لك كل ما تريد، كل شيء لدى وأنا أفعل حسابى دائما وأحتفظ بتلك الاشياء دائما لأننى أعلم أننى بالتأكيد سوف أحتاج إليهم ذات يوم، حسنا سوف أذهب..

(وحينما أستمعت كارين لكل هذا الحديث الذى ختمة والدها ورمزي بأنه سوف يأتى إليها رمزي إلى غرفتها وهذا لكى يضمض لها جرح يديها العميق، دق قلبها بسرعة كبيرة المسكينة لا تستطيع أن تتمالك نفسها أمام ذلك الشاب الوسيم الذى تعشقه وهو أيضا يعشقها.

فذهبت مسرعة إلى غرفتها قبل أن يكتشف والدها أمرها، وأنها كانت تتسمع على الحديث الذى دار بين والدها ورمزي، ومثلت وكأنها مستلقاه على السرير وكأنها مريضة.)

يتبع
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي