الفصل الثاني سحر الترياق

الفصل الثاني: سحر الترياق

شعر (إيليان) بالخوف والرهبة من حديث (نيل) لم يكن يتصور أنه سيحيا في عهد التنانين.
تعجب (نيل) من رد فعل (إيليان) فالدهشة بادية على ملامح وجهه كوضوح الشمس قائلًا:
-  جاء دوري الآن لأسألك، من أين جئت؟ أقصد من أي مملكة تنتمي؟

فكر (إيليان) بأنه إذا قال لهم الحقيقة لن يصدقوه، وقد يعتقدوا بأنه شخص مجنون، ولذا قال لهم:
-  لا أعلم فأنا لا أتذكر شيئًا.. ربما قد تعرضت لحادث ما تسبب في فقداني لذاكرتي.

نظرت له (يارا) نظرة تدل على عدم تصديقه، ثم ضحكت ساخرة قائلة:
-  لكنتك غريبة علينا، ثم أنك قلت بأنك يتيم الأبوين، كيف تذكرت ذلك وأنت فاقد للذاكرة؟
توتر (إيليان) وشعر بأنه في مأزق شديد، وكاد أن يتحدث لولا أن قاطعه صوت مخيف يتردد صداه في الخارج، تأهب الجميع بسلاحه، تعجب (إيليان) من حداثة السلاح فهو لم يراه من قبل في زمنه قائلًا:
-  ما هذا السلاح الغريب؟ وكيف يتم استعماله؟
تأفف ( نيل) وضاق به ذرعًا قائلًا:
-  هذا ليس بوقته، خذ هذا السلاح واضغط على هذا الزر لحماية نفسك.

أخذ (إيليان) السلاح بيد مرتعشة، فهو لم يعتد على حمل سلاح من قبل، خرج (نيل) من الكهف وتبعه (إيليان) وهو يشعر بأن نهايته قد كتبت، عقل الخوف لسانه وارتعدت أوصاله خوفًا عندما رأى تنينان يتقاتلان بالقرب من الكهف، يا له من مشهد يشيب له الرأس! ولكن مهلًا ماذا يحدث؟! أنه يفهم لغة التنانين!
كان يتساءل (إيليان) في عقله، لماذا تتقاتلان؟
ولكنه صعق عندما أجابه أحدهم قائلًا:
-  لقد أكل طعامي وطعام أطفالي.
ظل (إيليان) يتلفت حوله في ذهول، أيعقل ما يحدث؟! هل يتحدث معهم عن طريق التخاطر؟ أراد أن يجرب مرة أخرى حتى يتأكد، قائلًا في عقله:
-  لماذا أكلت طعامه أنه ليس لك؟
أجابه التنين الأخر وهو في وسط معركته مع التنين الأول:
-  لقد كنت اشعر بالجوع الشديد.

وفجأة سمع صياح (نيل) قائلًا:
- ماذا تنتظر؟! أطلق الرصاص الآن، فالتنين في مرماك.

لم يستطع (إيليان) فعل ذلك، كيف يقتل كائن حي؟! ولكنه صدم عندما سمع صرخت التنين وسقوطه غارقًا في دماءه، وهيجان التنين الآخر، ومحاولته الفتك ب (نيل) صاح (إيليان) قائلًا:
- ادخل يا (نيل) إلى الكهف بسرعة، لا وقت للتفكير.

وقف (إيليان) حائلًا بين (نيل) والتنين قائلًا للتنين وهو ينظر لعينه عبر التخاطر:
- ارجوك لا تؤذيه.. لم يكن يقصد إيذاء أحد منكما، لقد كان يشعر بالخوف فقط.

تعجب (نيل) عندما رأى التنين يغادر بعيدًا عنهم في هدوء كأن شيئًا لم يكن قائلًا:
- ماذا حدث؟ ماذا فعلت له لكي يرحل؟!

صمت (إيليان) فلقد كان شاردًا فيما حدث، ثم دلف للكهف وجلس دون أن يتفوه بكلمة واحدة، اقتربت (ساندرا) منه ثم ربتت على كتفه قائلة:
- هل أنت بخير يا بني؟

نظر لها (إيليان) مطولًا ثم قال:
- لن تصدقوا ما حدث، لقد تحدثت معهما.

للحظة أصاب الجميع الذهول ما بين مصدق ومكذب، قالت له (يارا) وهى تحاول أن تستشف صدقه:
- كيف تحدثت لهما؟ فنحن لم نسمعك تتحدث معهما بأي لغة كان؟!

اردف (إيليان) وهو مازال في حالة من الصدمة والاندهاش قائلًا:
- لا أعلم.. ربما عبر التخاطر، فأنا أفهم ما يقولون وهما يسمعون أفكاري ويفهمونها.

قفز (نيل) من مجلسه قائلًا:
- هناك عراف قريب من هنا، هيا بنا نذهب إليه، بالتأكيد لديه إجابة تفسر لنا ما يحدث.

لم يكن (إيليان) قادرًا على أخبارهم حقيقة قصته، ربما لأنه لم يثق بهم تمام الثقة بعد، أو ربما لن يصدقوه وسينعتوه بالمجنون، أومأ (إيليان) برأسه قائلًا:
- هيا بنا لنذهب، ولكن هل تثق به؟

أجابه (نيل) مسرعًا:
- بالطبع.. سترى بنفسك.

اردفت (ساندرا) وهى تعطي السلاح لابنها قائلة:
- تصحبكما السلامة يا ابنائي، احذرا الوحوش الضارية التي بالخارج.

وصلا إلى كهف العراف (آرسلان) بعد معاناة في محاولة تجنب الوحوش، جلسا أم العراف (آرسلان) فقال (نيل) وهو ينظر تجاه العراف:
- لقد حضرنا من أجل شيء مهم للغاية لا يحتمل التأجيل ولو ليوم واحد.

لفت نظر العراف تلفت (إيليان) حوله، كأنه يحاول حل معضلة ما، ثم اعاد نظره تجاه (نيل) وظل يومأ برأسه، حتى يكمل حديثه قائلًا:
- تحت أمركما.. ما الأمر الذي جئتما لي فيه لكي أتنبأ بما سيحدث معه في المستقبل..

قاطعه (إيليان) قائلًا:
- أنني أستطيع ترجمة لغة التنانين، وليس هذا فقط بل يستطيعوا هم بالمقابل سماع أفكاري ويفهمونها جيدًا.

ذهل العراف (آرسلان) بما قاله (إيليان) ثم قال:
- هل لي بكف يدك؟

مد (إيليان) يده تجاه العراف، وأخذ يتأمل تعابير العراف وهو يقرأ كف يده، فكانت تعابيره ما بين مندهش ومتفاجئ قائلًا:
- كيف لهذا أن يحدث؟! أنا أرى أمامي كف يد لشخص انتهى خط العُمر لديه! وأنا أراك أمامي حي ترزق، ربما الخطأ عندي أنا، بضع ثواني أحضر الرمل والطالع، والآن يا بني خذ الطالع واخبره بما تريد.

أخذ (إيليان) الطالع وأخبرها بصوت هامس بمحنته وبمخاوفه، ثم أمره العراف (آرسلان) برميها على الرمل الذي يفترشه أمامه، ظل العراف يرسم الخطوط وبعض الرسومات الغريبة على الرمل، وفجأة صعق (إيليان) و(نيل) عندما شاهدا الخطوط التي قام العراف برسمها تتشكل مكونة رسمة فارس بجوار تنين قائلًا:
- أنت فارس التنانين المنتظر، لقد تحققت النبوءة، لديك الكثير من القدرات الذي يعجز عن فعلها غيرك من البشر، حان وقت رجوع هيبة البشر بين المخلوقات.

نظر (إيليان) حوله كأنه يبحث عن الشخص الذي يتحدث عنه العراف (آرسلان) وفجأة وضع العراف يده على رأس (إيليان) متمتمًا ببعض الكلمات الغير مفهومة قائلًا:
- والآن اذهب، وأعد مجرى الأمور مرة أخرى إلى وضعها الطبيعي.

خرج (إيليان) و(نيل) من كهف العراف وهم في حالة صدمة مما تفوه به العراف، ثم نظرا لبعضهما البعض في دهشة، ثم قال (نيل) وهو في حالة من عدم التصديق:
- فارس التنانين!!

ضحك (إيليان) بشدة حتى ظهرت نواجذه قائلًا:
- لقد ذهبنا إلى دجال بالتأكيد، أنه شخص قد أصابه الخرف والعته.

غضب (نيل) قائلًا:
- أنت لا تعلم شيئًا عن العراف (آرسلان) فهو شخص يعرف عنه بصحة تنبؤاته، وحكمته سترى ذلك....

قطع حديث (نيل) علامات الخوف البادية على وجه (إيليان) فنظر خلفه ليرى ماذا يحدث، فصعق عندما رأى السباع تحيط بهما، ويبدو عليهم الجوع الشديد، علا وجههما الشحوب واصفر لونها واشتد فزعهما، رجعا بعض الخطوات للخلف وهما ينظرا حولهما، لربما ينقذهما أي شخص ما، وفجأة هجم جميع السباع في وقت واحد عليهما، جحظت عين (نيل) عندما رأى السباع ترقد تحت قدم (إيليان) كالكلب الأليف، قائلًا بصوت مندهش:
- كيف فعلت ذلك؟ لقد كنت اعتقد بأننا هالكون لا محالة.

ابتسم (إيليان) وهو ينظر لكف يده قائلًا:
- لا أعلم.. كل ما فعلته أنني وضعت يدي على رأسي متخذ وضع الحماية، وعندما لم أشعر بأنيابهم وهى تمزق أحشائي قمت بفتح جفناي لأرى ماذا يحدث حولي، صعقت عندما وجدتهم يجلسون حول قدمي كالقطط!

ظل (نيل) يقفز من الفرحة قائلًا:
- لقد صدق حديث العراف، أنت فارس التنانين.

دلفا لداخل الكهف والابتسامة لم تفارق ثغرهما، فلقد نجيا من موت محقق لا محالة، وقاما بسرد ما حدث لهما منذ خروجهما من الكهف إلى وقت عودتهما، علامات التعجب والأعجاب تعلو وجه (ساندرا) و زوجة ابنها (يارا) قائلين:
- لابد من أنك تمتلك قدرات خارقة، يجب عليك اكتشافها واستخدمها.

ارتسمت علامات الحيرة على محيا (إيليان)
يذرع المكان جيئة وذهابا، كان يغوص في بحر من الأفكار قائلًا:
- ما العمل الآن؟! كيف سأكتشف تلك القدرات الخارقة بدون مساعدة؟

سمعا صوت اقتحم جدران الكهف قائلًا:
- أنا من سيساعدك..

.. يتبع
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي