الفصل الثاني

أفاقت آسيا من ذكرياتها على صوت سندرا، فانطلقت إليها بلهفة مرددة:_ماذا قال لكِ، هل وافق على مقابلتي!
أومأت لها برأسها فتنفست بارتياح، أعطتها سندرا وشاح أسود كبير وهي تقول:_عند منتصف الليل سأمر عليكِ حتى نذهب ونلتقي بالملك، تجهزي وارتدي هذا الوشاح وانتظريني..
أومأت لها وجلست على فراشها تستعد لتلك المقابلة وهي على علم بأن الملك سيقتلها هذه المرة لا مُحال، فما كان يجب أن تُخبي نصف الحقيقة عنـهُ، الحقيقة التي ظنت أنها ستدفن إلى النهاية ولكن يبدو أن للحيـاة رأيًّا آخر، فماذا سيحدث يا تُرى؟
_____________________

من قال أن المال يـريح صاحبـهُ، أريد أن أُخبره بأن المال هو أكبر نُقمـة في الحياة، مُنذ أن دلف الميراث والمال الكثير إلى حياتي وأنا أقع في كل مصيبـة أكبر من غيرها يوميًا، أتمنى أن أعـود لحياتي البسيطة التي كنت فيها لا أُشيل همًا لشيء سوى دراستي ومناقراتي اليوميـة في زملائي في الدار وخاصـةً تلك المجنونة إيلين والتي ليس لي غيرها فهي حقًا عائلتي كلها، أم الآن اصبحت أحمل حِمل تلك الأمانة التي تركها لي جدي ويجب أن أُحامي عليها بكل ما أملك من قوة!
وكأنها أحد أشيائي الباهظة والتي لا يمكن التخلي عنها قط.. أفاقت لينا من شرودها على أصواتهم التي تحمل البغضاء لبعضهما كالعادة..

_هل يمكنكِ ترك بعض الخصوصية ليَّ أنا وابنة عمي؟
ارتشفت من كوب العصير بمنتهى البرود مرددة:_تفضل، تعامل وكأني غير موجودة لك كل الخصوصية..
أغمض عيناه خنقًا يحاول ضبط انفعالاته حتى لا ينقض على تلك التي تجعل دمه يفور ويخنقها، ثم نظر لـ لينا قائلًا بهدوء:
_ألم تُغيري رأيك بشأن الأرض، صدقيني لينا هذه الأرض مهمة جدًا للمشروع وستكوني شريكة فيه بالنسبة التي تريدينها، وبالطبع هذا خلاف ثمن الأرض...
شردت لينا في حديث جدها عندما كان على فراش المشفى يصارع التعب الذي كان قد تمكن منه كليًا، أردف وهو يعطيها بعض الأوراق هاتفًا:_لقد أخبرتك حقيقة عمك وابنه وهذا حتى لا يستطيعون خداعك يا صغيرتي، وهذه الأوراق حافظي عليها هذه أوراق ملكية لعدة أماكن كانت لوالدك، وأيضًا ملكية أرض على طريق (...)، هذه الأرض ثروة يا ابنتي سيحاول بُني أنا يأخذها بكل ما أوتي من قوة، حافظي عليها بكل قوتك، أعلم بأني أجعلك تشيل فوق طاقتك وأن هذا قد يعرضكِ للخطر كما حدث مع والدك سابقًا وكانت نتيجته أن فارق الحياة هو وأمك وأصبحتِ أنتِ وحيدة بل وتعيشين في عالم غير عالمكِ، ولكني هذه المرة أخذتُ احتياطاتي، حافظي على قطعة الأرض؛ إنها ثروة يا صغيرتي ولو امتلكها عمك سيصبح شيطانًا لا يمكن ردعهُ!
ظل يردد هذه الكلمات حتى فارق الحيـاة، فارق الحياة وارتاح من صراعات المال والسلطة، ارتاح من حياة الخداع والنفاق، وتركها هي تُعافر في هذه الحياة التي لم تكن تتخيل أن في ليلة وضحاها ستخوض كل هذه الصراعات..

وجدت يدهُ توضع على يدها عندما رأى شرودها، وقبل أن تعطي أي ردة فعل وجدت إيلين حارسها الشخصي كما تُلقبها انتفضت من مكانها نازعة يده من فوق يدها بغضب قائلة:_يدك يا هذا حتى لا أجعلك تغادر من دونها، وأيضًا هل أنت بطيء الفهم لقد قالت لك مرارًا أنها لن تعطيك تلك الأرض مهما حدث، ألا تفهم!!
أردف بغضب مكتوم:_أنا أتحدث مع ابنة عمي، لا دخل لكِ أنتِ في ذلك الحديث!
كادت إيلين أن تنفجر فيه؛ فهي تكره هذا الشاب الأحمق ولكن قاطعتها لينا وهي تمسك يدها قائلة له بصوتٍ جاد ونبرة حادة لا تقبل النقاش:_إيلين ليست شخص غريب هذا أولًا، ثانيًا حديثي لن يتغير بشأن هذه الأرض وإذا كنت ستتحدث عنها في كل مرة تأتي فيها إليَّ فالأفضل ألا تأتي مرة أخرى.
أنهت حديثها، وجذبت صديقتها التي نظرت له ببتسامة منتصرة وتحركا خارج المقهى بأكملهُ، تاركينـه يستشيط غضبًا فهذه العنيدة يبدو أنها لن تغير قرارها أبدًا "حسنًا، يكفي إسلوب اللين الذي لا يجدي نفعًا معكِ، يبدو أنكِ لن تغيري رأيك سوى بالعنف يا لينا هنام.."

أخذت إيلين تضحك بصخب وهي تتذكر حديث لينا تلك الرقيقة، والتي تخجل من أقل شيء مرددة:_حقًا كُنتِ مبهرة يا صديقتي، لقد أحسنتُ تربيتك يا فتاة..
ابتسمت لينا عليها وتعلقت في يدها قائلة بغرور مصطنع:_بالتأكيد معلمتي، وأيضًا كان يجب أن أنهى النقاش في ذلك الأمر فلقد أصابني بالصداع..
أردفت إيلين بتفكير:_ولكن أتعلمين ما يُشغل تفكير!
_ماذا يا تُرى؟
_لماذا عمك وابنه الغبي ذاك يصرون على تلك الأرض بالذات!
_بالتأكيد من أجل المشروع الذي يتحدث عنه حازم، وأنه سنقلهم نقلة أخرى في عالم الأعمال..
نظرة لها إيلين بغيظ مرددة:_حقًا أنتِ غبيـة يا صغيرتي، بالتأكيد هذه ليست الحقيقة لأنه لو كانت مثل ما تقولين، ما كان جدك يحافظ عليها كل هذه السنين ويطلب منك الحفاظ عليه وألا يحصل عليها عمك ذاك، وخاصةً أنه قال لكِ وقتها أن هذه الأرض هي كنز وإذا حصل عليها عمك سيصبح شيطانًا لا يمكن ردعـهُ..

أومأت برأسها بتفهم وهي تقول:_نعم عندك حق، ولكن ليس لنا شأن الأهم هو ألا يحصل عليها عمي وأحافظ على أمانة جدي..
المهم الآن ألن تذهبي لتُسلمي بحثك؟
أجابتها بشرود:_لقد سافر البروفيسور وأعطاني بعض المواضيع الإضافية حتى يعود من السفر..
_حسنًا هيا بنا نذهب لتناول الطعام؛ فأنا حقًا أشعر بالجوع الشديد..
ضحكت إيلين قائلة:_حبيبتي أنتِ دائمًا تشعُرين بالجوع الشديد..
رمقتها بغيظ وتركت يدها قائلة:
_ليس من شأنك، أعلم أنكِ تغارين من جسدي الذي يشبه عارضات الأزياء!
نظرت لها إيلين من أعلى لأسفل باستنكار، فـ لينا تتمتع بجسد متناسق ذات انحناءات أُنثوية ظاهرة، بخلاف إيلين التي تتمتع بجسدًا نحيل ليس بهِ أي إغراء ومع قصر قامتها تبدو حقًا كطفلة صغيرة..
_حسنًا يا عارضة الأزياء هيا بنا لأني أيضًا أشعر بالجوع!
اتسعت ابتسامة لينا ومسكت ذراعها مرةً أخرى وانطلق الإثنان ناحية مطعمهم المُفضل، وهو مطعم بسيط في منطقة هادئة..
وفي الخلفية كانت هناك عينان تتابع إحداهما ببتسامة شغوفـة، حتى اطمئن على دخولهم المطعم ثم وضع الكاب يُداري بها وجهه وانطلق في طريقـهُ.
________________

_ماذا!! كيف لم تقتنع؟
نفخ بضجر قائلًا من ثوران والده وهو أيضًا يشعر بالغضب الشديد:_أخبرتك أن هذه الفتاة لن ينفع معها اللين، اتركني أتعامل معها بطريقتي..
أردف والده بسخرية:_وهل نسيت وصية جدك، وأنه اشترط لو أصابها أي آذى ستتحول التركة بأكملها للأعمال والمستشفيات الخيرية، وأيضًا إذا حدث لها خدشًا واحدًا سنسجن أنا وأنت!

_جدي هذا حتى وهو ميت يُرهق راحتنا، ولكن لا تقلق لن أصيبها بمكروه هو فقط مجرد تهديد لا غير..
_كيف يا وحيدي الذكي؟
ابتسم بخبث هاتفًا:_سترى ماذا سأفعل وسأجعلها توقع على أوراق التنازل بنفسها..
أردف والده بقلة حيلة:_حسنًا أفعل ما تراه صائبًا الأهم هو حصولنا على تلك الأرض، ولكن أريدك أولًا أن تُسافر روما حتى تنهي بعض الأعمال المتراكمة هناك..
هز رأسـهُ له وهو شارد في مخططهُ لجعل تلك الغبية أن توقع على الأوراق وأيضًا ينال من صديقتها البلهاء هذه، فهو بالتأكيد سيأخذ ثأرهُ منها!! ولكن ماذا سيحدث يا تُـرى هل سينجح في مخططـهُ أم ماذا سيحـدث؟
_________________

في مكان مُظلم يقف إثنان في مقابلـة بعضهما، أحدهما شاب في منتصف العشرينات لا يتبين ملامحـهُ والآخر يبدو كهلًا في عقده الخامس تقريبًا، أردف الكهل بضيق مرددًا:
_ألم أخبرك مرارًا ألا تذهب إلى مكان دون علمي!
أجـابه بملامح يملأها الهدوء:_وأنا مللتُ من ذلك الوضع، أبي لقد أخبرتك أني أنتظر فقط الوقت المناسب الذي تتحدث عنه حتى أعرف الحقيقة وحتى ينتهى ذلك الوضع الذي يشبه السجن ولكن بأسلوب عصري قليلًا، فأتمنى ألا تجعلني أعلم كل شيء بمعرفتي وأنت على علم بأني لدي القدرة على ذلك وبمنتهى السهولة..

أنهى حديثه تاركًا إياه ينظر في طيفـهُ بخوف شديد ويتمنى في داخله ألا يفقد السيطرة عليه حتى يأتي الوقت المناسب!!

أم على الجهة الأخرى في منتصف الليل كانت تسير سندرا ومعها الأميرة متخفية في ذلك الوشاح الأسود الذي لا يظهر منها أي شيء حتى دلفوا إلى مخدع الملك، والذي لا يعرف عنه أحد، تركتها سندرا على الباب وذهبت بأمرًا من الملك وبمجرد دلوفها انغلق الباب، أخذت الأميرة آسيا نفسًا عميق وأخرجته على مراحل قبل أن تنزع الوشاح من على جسدها بأكمله واقعًا على الأرض ثم رفعت نظرها ببطء فوجدت الملك يجلس بإريحية على كرساه الملكي الضخم ينظر له بدقة وبمنتهى القوة والثبات وكأنه لا يقف أمام مدللته التي ظل لأكثر من خمسة وعشرون عامًا لم يراها أم هي كانت تنظر له باشتياق كبير فهذا أبيها التي كانت تتمنى أن تراهُ طوال هذه السنوات ولو مرة واحدة حتى تطلب منه المغفرة ولكنه كان دائمًا يرفض.. ظلت على صمتها وكأنها انعقدت لسانُها ولم تقوى على الحديث، حتى قطع هو نظراتها قائلًا بصوت قوي:
_ما هو الأمر الهام الذي تريدين البوح به؟

بللت شفتاها بتوتر وكان قلبها يدق بخوف وألم شديد وحاولت ان تُخرج الحديث حتى نجحت في ذلك فبدأت بحديث متلعثم وصوت يكاد يسمع:_بعد خمسة شهور سيتم حيدر الخامسـة والعشرون..
لم تقوى على التكملة عندما شعرت بنظراته الثاقبة عليها، فابتسم هو بتهكم مرددًا:_أعلم ما تريدين قوله؟
اتسعت صدمتها ونظرت لهُ وبدأ قلبها ينبض أكثر بخوف وهي تقول:_أ أنت تعلم ما سيحدث!
قهقة بقوة وهو يردد بسخرية:_وهل تظنين ملك العشيرة جاهلًا ولا يعرف كل شيء عن دينه وأيضًا أحكام ونتائج ما فعلته ابنته المصونة، أعلم أن حيدر بعد خمسة أشهر سيكون خطرًا على العشيرة وفريسة باهظة الثمن للعديد من الوحوش، وطوال هذه السنوات وأنا أبذل قصارى جُهدي حتى لا تحدث تلك الكارثة!
تنفست بعمق أكثر وهي تقول بانهيار:_ولكن ليس حيدر وحده يا أبي..
أنهت حديثها وهي تقع على الأرض تبكي بعنف بينما هب واقفًا وهو يقول مُتسائلًا:_ماذا تقصدين؟
رفعت عيناه التي تحولت للأحمر القانط قائلة:_يوجد تؤام له سمو الملك!!

"العالم يتصارع، وقوانين الطبيعة لا تستوعب ما تسمع؛ هل حقًا يوجد شيءٍ كهذا؟ هل حقًا قد يتغير العالم لشيء خيالي، بعد تلك الحقيقة المخفية أصبحت العشيرة منقلبة رأسًا على عقب ولا يعرف أحدًا شيء عن هذا الإنقلب سوى وجود غريب متجانس يجب الحصول عليه في أقرب وقت ممكن حتى لو نتج عن ذلك إنهيار العالم بأسرهُ!!.."

بعد مرور عدة أسابيع في صباح يوم جديد شرقت الشمس بنورها حتى تُنير العالم وتُعطي طاقة نور جديدة ولكنها سعيدة على البعض وحزين مليئة بالغموض والآسى على البعض الآخر..

كانت لينا تصرخ في تلك الكسولة إيلين حتى تستيقظ فقد تأخر الوقت وأوشكت المُحاضرة الأولى على البدأ..
أخذت تضربها بالوسادة بضيق مُرددة:_هيا أيتها الكسولة فالمُحاضرة ستفوتنا..
تقلبت للجانب الآخر بخمول مرددة بصوت يملأه النُعاس:_اذهبي أنتِ وسأتي على المحاضرة الثانية، فأنا لم أخُذ كافيتي من النوم بعد.

نفخت لينا بضجر وتركتها وهي تتمتم بغيظ:_تظل طيلت الليل في عالمها الذي سيقضي عليها يومًا، وتهمل في جامعتها، سوف أموت جلطًا من تلك المتهورة ذات يوم.
أمسكت حقيبتها وانطلقت ذاهبة خارج البيت ومنه إلى الجامعة مباشرةً والتي لا تبعد سوى بضع كيلوا مترات فقط بما يعادل عشر دقائق فهما يدرسان علم الفيزياء في جامعة العلوم..
أما عند الكسولة الأخرى فلم تشعر بالعالم حولها فهي نائمـة كأنها لم تنم منذ أعوام!

دلفت لينا من بوابة الجامعة وهي تركض حتى تلحق محاضرتها الأولى وتنظر في ساعـة يدها وأثناء تشتتها بين الركض والنظر في الساعـة اصدامت بأحدهم ولكنها أكملت ركضها وهي تتمتم مُعتـذرة، وفي الخلفيـة يعتدل ذاك الشاب في وقفتهُ بعد أن اللتقت نظاراتـهُ الشمسـية وابتسـامة غريبـة لا يمكن تفسيـرها مُرتسمـة بحرفيـة على ملامحـهُ الجذابـة بشكل خاطف للأنفس فمن يراهُ يظُـن أنه من مصاصين الدماء الخالدين والذين يتسمون بحُسـن الجمال والذي لا يكون في مثلهم قط، هل تتذكرون ذلك الفيـلم الاجنبـي الذي يحكي عن مصاصين الدماء المسمـى بـ"twilight"، وكيف كان جمال أبطالـهُ، فهذا الوسيـم حقًا جمالهُ أضعاف، وضع نظارتهُ حول عينـاه ليُخفيها عن الأنظـار وانطلق في طريقـهُ بثـقة وثبات وابتسامة مغرورة وهو يستمع إلى همسات الإعجاب ونظراتهم التي يراها بوضوح من خلف نظارته!

تنهدت لينا بقـوة وهي تجلس مكانها في المقدمة فأتت فتاة أخرى متوسطة الجمال ذات ابتسامة بشوشة وجلست بجانبها قائلة بترحيب:_مرحبًا لينا، كيف حالك؟
ابتسمت وهي تجيبـها بود:
_بخيـر سارة، كيف حالك أنتِ؟
_كما ترين في أفضل حال، ولكن أين إيلين؟

هزت لينا رأسها يائسة وهي تقول:_سـارة حبيبتي، ألا ترين أن ذلك السؤال يتردد منكِ كثيرًا والإجابة في كل مرة واحدة، فـ إيلين كالعادة نائمـة..
قهقهت سـارة بشدة فحقًا دائمًا تسأل نفس السؤال والإجابة واحدة لذلك هتفت باستنكار:_ما يجعلني أكاد أجن حقًا أن تلك الشقية برغم إهمالها في الحضـور وفي تواجـدها في الجامعـة بأكملها ألا أنها تكتسـح في الاختبارات النهائيـة وتبرز أفضل النتائج، وجميع الأساتذة يلقبوها بالعبقريـة، ما السر في ذلك لا أدري!
ضحكت لينا وهي تجيبها:_إيلين فتاة ذكية جدًا وسريعة الاستيعاب وهذا ما يميزها.
أومأت سارة موافقـة على حديثها فهي أكثر من شهد ذكاء تلك القصيـرة ولكنها التزمت الصمت وانتبه كلاهما لحديث استاذهما الذي دلف للتـو..

في مكان آخـر قريب من الجامعـة، كان يجتمع شبان وفتاتان وكل منهمـا حقًا غاية في الجمال والوسامـة، دلف إليهـم شاب آخر وعندما تسلط الضوء عليه، نراه هو ذات الشخص الذي اصتدمت بـه لينا، انحنى إليه الباقيـة احترامًا بينما جلس هو بكل غرور وتكبُر على كرسي فخـم وهو يردف بقـوة ونبـرة متعجرفـة:_مُنذ أسابيع وأنتـم لم تحرزوا تقدمًا واحدًا في المهـمة التي كلفكم بها الملك، وقد أرسلنـي لأُبلغكم بتحذيره الآخير فلم يعد أمامكم سوى إسبوعًا واحدًا حتى تصلون إليـه، المعـاد قد أوشك وإذا لم نصل إليـه قبله سيقتلع الملك أعناقكم جميعًا..

انتفضوا رُعبًا وهم يومأون رؤسـهم بتفهم وطاعـة، وتقدم واحدًا منهم قائلًا بهدوء:_نحنُ نفعل أقصى جُهدنا ولكنه محصنًا بشكل عاليًـا فيصعب تحديد مكانـه..
نظر له مُجيبًا بنبـرة غامضة تحمل بين طياتها الكثير من الأسرار:_ولكنه واحدًا منا يعني يسهـل التعرف عليه..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي