الفصل الثالث

الفصل الثالث

نظر أواب بذهول إلى الكلمات التي توصل لها من خلال المخطوطة، فهو الآن توصل لأول خطوة للرجوع إلى زمنه، إلتقط المخطوطة ثم وضعها بحوزته مرة ثانية، نظر إلى المياة التي أمامه، كانت المياه شكلها جذاب؛ لذا قرر الاستحمام بها.

فهو يشعر أنه منذ زمن بعيد لم يستحم، لذا خلع عنه الملابس الواسعة الخاصة بهذه البلدة، ثم ظل برداء داخلي من الأسفل، ووضع الملابس على الأرضية الرميلة، ثم وضع عليها حجرة صغيرة؛ وذلك حتى لا تطير الملابس بفعل الرياح إذا هبت، كيف ستهب رياح في مثل هذا الجو المشمس؟ هذا التساؤل راوده.

ليجيب على نفسه بسخرية:
-المستحيل لدي هو العادي هنا، لذا أتوقع أي شيء في أي وقت.

ثم بعد ذلك نزل المياه، كانت معتدلة، ومريحة للأعصاب، إسترخى أواب بشكل كبير، فهو يعيش في توتر منذ أن أتى هذه المملكة، الآن يشعر أنه نسى كل شيء، نسى جودي التي بسببها هو هنا، ونسى الرجوع لبلدته، ونسى هذه المملكة الغربية بكل ما فيها.

أخذ يسبح بمهارة، إلى أن أراد تجربة الغوص؛ فهو كان يحب هذه الرياضة، لينزل بجسده ورأسه تحت المياه، وإستمر على هذا الحال إلى أن قطع صفو لحظات السعادة هذه،سماعه صوت كسقوط أحد داخل البحيرة، ليخرج رأسه على الفور؛ ليرى ماذا حدث.

رأى فتاة ألقت بنفسها داخل البحيرة، كان يظهر عليها أنها صغيرة بالعمر، أخذت تصارع المياه، ولا تستطع إلتقاط أنفاسها، فهي تبدو أنها لا تعرف السباحة.

إيقترب منها أواب على الفور، ثم قام برفعها، ثم خرج بها من المياه بصعوبة، فهي كانت طويلة القامة وممتلئة بعض الشيء، لاحظ وقتها فقدانها للوعي، وضعها جانب الصخرة التي كان يجلس عليها، ثم أخذ يضرب على وجهها بخفة:
-يا فتاة إستيقظِ، هل تسمعيني؟

أخذ أواب يضغط بيديه الإثنين على صدرها؛ عندما طالت مدة فقدانها للوعي، وبعد العديد من الضغطات أخذت تسعل المياه من فمها، إلى أن فتحت عينها ببطء وأخذت تنظر إليه، ثم أردفت:
-من أنت!

أواب بإبتسامة بعد أن نجح في إنقاذها:
-أنا أواب، وما إسمك، أنتِ يبدو عليكِ أنكِ لا تتمكنين من القيام بالسباحة، لماذا إذا ألقيتي بنفسك في المياه؟ هل كنتِ تحاولى الإنتحار؟

أخذت الفتاة تتأمل عينيه الزرقاء، التي لا أحد داخل هذه المملكة يمتلك نفس هذا اللون سوى روز، أما باقي المملكة فيمتلكوا أعين بنية اللون، وخصلات شعره الحريرية السوداء، وهي مبعثرة هكذا تعطي له هذا المظهر الجذاب، فكيف إذن وهي مصففة، هذا ما جال في خاطر الفتاة.

ثم أخذت تتأمل عضلات ذراعيه، وعضلاته السداسية بإنبهار، فهي لم ترى من قبل مثل هذه العضلات، جال في خاطرها أنه من ممكن أن يكون من العائلة المالكة، فشكله يدل على ذلك.

إستدركت الفتاة الموقف، ثم أومأت رأسها في إيجاب، ثم أردفت:
-أنا "ميلي"، نعم، كنت أحاول الإنتحار.

أخذت الفتاه تبك بشدة، ثم أردف أواب محاولًا تهدئتها:
-لماذا فتاه جميلة مثلك تريد الإنتحار؟

بالفعل نعته لها بالجملية جعلها تشرد وعلى وجهها إبتسامة، لم يتمكن أواب من تحديد هل هي إبتسامة حزن أم سعادة، ولكنه على الأقل إستطاع إلهائها بعض الوقت عن البكاء.

بدأت تبكِ مرة أخرى، ثم أردفت:
-أخي يود تزويجي لرجل ضعف عمري، وذلك لأجل المال.

أخذت تبكِ بقوة، ليتذكر أواب جودي التي بسببها هو هنا، أردف بصوت منخفض:
-يبدو أن المال مشكلة كل العصور، أتمنى في المستقبل التعامل يكون بشيء أخر غير الأموال.

إنتفض أواب من مكانه، عندما سمع صوت صراخ رجولي قوي، نظر خلفه وجد شخصين، أحداهما في بداية عقده الثالث، والثاني في بداية عقده الخامس، أردف الشاب الثلاثيني الذي يدعى"سنمار":
-ماذا تفعلوا هنا بهذا الشكل يا أوغاد؟

إتجه سنمار إلى أواب، ثم أخذ يسدد له الضربات واللكمات، لم يستطع أواب الدفاع عن نفسه من الصدمة، إقترب الرجل الخمسيني من الفتاة ثم صفعها على وجهها بقوة، ثم أردف وهو ينظر إلى سنمار:
-لن أتزوج شقيقتك.

قال ذلك بعد أن نعتها بثباب لازع، ثم تركهم وغادر، ليزيد سنمار في ضرب أواب.

أردفت ميلي وهي خائفة على أواب:
-إترك أواب! فهو ليس لديه ذنب، سوف يموت بيدك.

أخذ سنمار يزيد في ضرب أواب، ثم تركه بعد ذلك، وإقترب من شقيقته وسدد لها صفعة على وجهها، ثم تلتها العديد من الصفعات، ثم أردف بغضب:
-هذا الذي كنتِ على علاقة به؟

لتردف ميلي بصراخ، وبكاء:
-نعم هو، وسأتزوجه.

كان أواب بين الوعي واللاوعي؛ ذلك بسبب كثرة ضرب سنمار له، عندما سمعها تقول هذا الحديث؛ جحظت عينيه، فهو سيقتل الآن حتمًا، أراد التبرير والنفي، ولكن لم يستطع، ثم إنعدمت الرؤية لدى أواب؛ بعد أن أخذ ضربة قوية على رأسه.

ميلي ليست شريرة إلى هذا الحد ولكنها وجدت أنها لن تجد شخص بجمال أواب، ولا بنبله، فهو يتحدث معها بإحترام، لذا قررت المجازفة وقول ذلك؛ لكي يزوجها شقيقها إليه، ولكنها كانت أنانية ولم تفكر إلا بنفسها، لم يخطر على بالها أن أواب لا يريد التزوج منها.

بعد حوالى مرور ساعة من الزمن، فتح أواب عينيه ببطء، ثم أخذ يتأوه بصوت منخفض:
-اللعنة على هذة المملكة، واللعنة على جودي، واللعنة على من أراد مساعدة الغرباء، واللعنة على ميلي، واللعنة على ماسة.

أردفت روز بعد أن إنتهى أواب:
-أتلعن المملكة وأنت على أراضيها؟ وأمام الأميرة؟

أواب بغضب:
-نعم ألعن حظي العثر أيضًا الذي أوقعني هنا، وإذا كان لدي إختيار كنت فضلت الموت على المجيء هنا.

أواب كان يقصد أن يموت منتحرًا على العيش في هذه الممكلة، نظرت له روز لفترة من الزمن ثم أردفت:
-ستقام بعد غد محكمة؛ بسبب الذي فعلتة بشقيقة سنمار.

ليصرخ أواب بغضب أكبر:
-ما فعلته أنا؟! ألا ترين ماذا فعل هو بي؟ وغير ذلك كيف أتيت إلى هنا؟

الأميرة بغضب طفيف:
-هل تعلم أنك الوحيد الذي تجرأت ورفعت صوتك أمامي بهذا الشكل؟ ولم أقتلك، هل تعلم أيضًا أنك أمام الأميرة ويجب أن تنحني عندما تتحدث معها؟

اردف أواب بغضب كبير، فهو بعد ضرب سنمار له بهذا الشكل لم يعد يقوى على مسايرة أموره، فهو شعر بالقهر الشديد، فهو كان يساعد الفتاه:
-فلتذهبِ إلى الجحيم، إذا أردتِ قتلي إفعلي! فأنا منذ البداية وأريد الموت.

عندما لمحت رزو الدموع داخل أعين أواب تيقنت أن خلفه قصة كبيرة، لذا ستعرفها قريبًا، أردفت روز:
-سأعتبر أني لم أسمع هذا الهذيان، وسأعتبر أيضًا أنها لحظة غضب بسبب ضربك بهذا الشكل.

لم يخف على الأميرة تعابير الهدوء التي راودت أواب في بداية حديثها، ثم تغيرها إلى غضب بعد أن ذكرته بضربه، كان أواب متسطح على فراش، كانت حالته أحسن بكثير من الفراش الذي كان ينام عليه في الكوخ، وموضوع على وجهه قطع من القطن مكان الجروح.

وبعض قطع الثلج موضوعة على رأسة، لا يعلم كيف لديهم في هذه المملكة هذا الثلج، ويده اليسري وقدمه اليمنى يشعر أنه لا يستطع تحريكهم جيدًا.


بعد مرور يومين على هذه الأحداث، تحسن أواب بشكل كبير، كان متسطح على الفراش، يتأمل سقف الغرفة، المطلي باللون الأبيض، ومنحوت عليه شكل جذاب باللون الذهبي، ليقطع هدوء أفكاره دلوف الحارس.

الحارس بنبرة الصارمة:
-أواب! أنت مطلوب بالأسفل في المحكمة.

تركه الحارس وإنتظره أمام الغرفة، ليزفر أواب أنفاسه بضيق، ثم نهض وإرتدي الملابس الموضوعة على الفراش، كانت من الزي الخاص بسكان هذه الممكلة بالطبع، بعد أن تجهز، خرج ثم أخذ يسير ببطء برفقته.

إصطحبه الحارس إلى المحكة المقامة، كانت عبارة عن غرفة كبيرة، وبها عمدان على جانبي الغرفة ومرسوم عليها أشكال باللون الأصفر المختلط مع اللون الأخضر، موضوع في المنتصف الغرفة مقعد وثير تجلس عليه الأميرة، يجلس بجوارها شاب بعقده الثالث يدعى"أريب".

وعلى الجهة الأخرى تجلس سيدة بعقدها الخامس، يقف سنمار برفقة ميلي التي تبكِ وترجف بقوة في منتصف هذه المقاعد، حيث كانت المساحة بين المقاعد كبيرة، ثم إقترب أواب من مكان وقوف ميلي وبرفقته الحارس، ثم بعد ذلك إنصرف هذا الحارس بعد أن أخبر الأميرة بعض الكلمات داخل أذنها.

بعد صمت دام في الغرفة لمدة خمسة دقائق أردفت الأميرة:
-أريد تفسير يا سنمار على ضربك لأواب بهذا الشكل.

سنمار وهو ينظر إلى الأسفل:
-لقد شاهدته وهو يجلس عاري برفقة شقيقتي، وعندما سألت شقيقيتي هل كنتِ ترفضين الزواج من أجل هذا! أخبرتني أنه عشيقها، لذا لم أستطع تمالك أعصابي وأنا أرى شقيقتي برفقة عشيقها بهذا الشكل، وبعد ذلك أتى الحرس ورأنا هكذا.

كاد أواب أن يعترض ولكن عندما نظرت له الأميرة نظرة تحذرية صمت، ثم بعد أن إنتهى سنمار أردفت الأميرة بتساؤل:
-منذ متى وأنتِ على علاقة بأواب يا ميلي؟

توترت نظرات ميلي، ثم نظرت إلى أواب بتوتر، ثم أردفت:
-لا أتذكر المدة.

الأميرة بصوت حازم:
-كاذبة، فأواب ليس من هذه المملكة، فكيف كنتِ على علاقة به!

أخذت الفتاة تبكِ بقوة، ثم أردفت:
-أعتذر أواب، فأنت أنقذتني من الغرق وأنا كذبت وسببت لك الأذى، ولكن ذلك كان بسبب شقيقي الذي يريد تزوجي إلى شخص كبير بالعمر؛ لذا كذبت حتى أتزوجك أنت، فلا يلومني أحد فهو من يجذب الأشخاص إليه بوسامته المفرطة.

كل هذا الحديث وتعابير وجه أواب كانت جامدة، فهو حقًا غير مبالي بكل هذا؛ فهو يشعر أنه بمسرحية وينتظر بفارغ الصبر للإنتهاء، فالحياة هنا رتيبة وممله في وجهة نظر أواب، والحياة بدون تكنولوجيا صعبة للغاية.

أردفت روز:
-ما تبريرك على رؤية سنمار لك بهذا الشكل العاري يا أواب؟ ألا تعلم أنه محرم هنا السير بهذا الشكل.

أردف أواب:
-كنت أستحم داخل البحيرة وتركت ملابسي في الخارج، وعندما سقطت هذه أخرجتها وجلسها أحاول إفقاتها، ولم أنتبه أني كنت بهذا الشكل، ثم أنا لم أكن أعلم شيء عن هذا القانون.

أردفت الأميرة ببرود دون الإجابة على حديث أواب:
-سوف تعملين بنقل الأحجار الموجودة على حافة البحيرة إلى الجهة الأخرى لمدة ثلاثون يومًا يا ميلي، أما أنت يا سنمار سيتم جلدك عشر جلدات؛ وذلك بسبب إختراقك لقواعد المملكة.

حتي لو أواب أخطأ فأنت لست بغابة لتأخذ حقك بهذه الطريقة الهمجية، وسوف تنقل الأحجار مع شقيقتك، إنتهت المحكمة، إتبعني أواب!

سار خلفها أواب بنفاذ صبر، أردف أريب إلى والدته بغيظ بعد مغادرتهم:
-هل يعجبك هذا الأسلوب يا أمي؟ هي لم تعتبرنا متواجدين، وأخذت تحكم وتنفذ دون مشاورتنا، ولماذا تريد الخادم الذي يدعى أواب على إنفراد؟ لماذا لم تتحدث أمامنا؟

أردفت السيدة "إيفا":
-إهدء إبني! فالأمر لا يحل بالغضب، بل يجب عليك أنت تكون هادئ إلى أن تتمكن منها، وسوف نطردها بعدها خارج المملكة.

قال أريب:
-لا أمي، فأنا أحبها.

زفرت إيفا بضيق:
-لينحل الأمر وتقنعها بالزواج، ثم نفكر بعدها ماذا سنفعل بها!

داخل الحديقة الخاصة بالقصر، يقف أواب خلف روز التي تنظر إلى الورود بعمق، ثم بعد مدة من الوقت أردف أواب:
-يبدو أن سيادتك تحبي "زهور الثالوث" كثيرًا.

أومأت روز رأسها بإبتسامة.

إستكمل أواب بتساؤل:
-هل أنا مميز لديكِ إلى هذا الحد لتشاركيني لحظة خاصة كهذه؟!

نظرت له روز بتفاجأ، فهو حقًا يتسم بالجرئة، وهذا ما جذبها إليه، لتردف روز بعد أن أخفت تفاجأها بمهارة:
-ليس تمامًا! أعتقد أني شعرت بالشفقة لأجلك.

ليس هذا ما تشعر به روز بالتأكيد؛ ولكنها قالت ذلك لحماية مكانتها أمامه، فهي شعرت لوهلة أنه يكشف ما بداخلها من إعجابها به، أما أواب بعد قول روز نظر لها بنظرات خاوية ثم هم بالمغادرة.


أردفت روز لإيقافه:
-إنتظر! أردت أن أعرض عليك العمل بالنحت داخل القصر، سوف أعطيك عشر قطع ذهبية نظير ذلك، وسوف أوفر لك سكن داخل القصر، فكر جيدًا الوظيفة بإنتظارك.

كانت تعابير وجه أواب مازالت غير مقروءه، ثم أومأ رأسه، ثم غادر القصر قاصدًا الكوخ، أخذ يبحث عن طريق الكوخ ولكن لم يتمكن من إيجاده، فهو رغم إنكساره من كل ما حوله، إبتدءًا من سنمار إلى روز، فهو قرر التغلب على هذا الإنكسار، ويبحث في الكتاب فهو به سر البلورة التي نقلته إلى هذا الزمن.

بعد بحثه عن الكوخ لمدة طويلة تعب من السير فجلس أسفل شجرة مثمرة، بجوارها مجرى مائي صغير، ثم خلع عنه الحزام الخاص بخصره، ثم أخذ يطبقه على بعضه، ثم تمدد ووضع رأسه على هذا الحزام، فهو كان من الكتان السميك، وكان طوله وعرضه كبيران.

باليوم التالي، إستيقظ أواب وهو يشعر بألم في كافة أعضاء جسده، فنهض من مكانه بتكاسل، ثم إتجه إلى المجرى المائي وغسل وجهه، ثم بعد ذلك إتجه مرة ثانية إلى الشجرة، كانت بها ثمرات باللون الأسود، إلتقط منها العديد من الثمرات.

كانت الثمرات من الخارج صلبة، فتحها بصعوبة، فهي تشبه إلى حد كبير ثمرات "جوز الهند"، ومن الداخل كانت بداخلها شيء مطاطي باللون الأبيض يشبه العلكة، أكل منه أواب، فكان مذاقه رائع، لم يستطع تحديد طعمه، فهو ليس بحلو المذاق أو مالح، وبالطبع لم يأكل مثله من قبل.

أكل من هذه الثمرات بكمية كبيرة إلى أن إمتلئت معدته، ثم أردف بسخرية:
-الآن سيخرج لي ذئب وبه روح جودي ليلتهمني بعد أكلي لثمرات جوز الهند المسحورة، فكل شيء مستحيل في هذه المملكة يتحقق بمنتهى البساطة.

بعد مدة من الزمن، ذهب أواب إلى العمل(النحت)، ذهب أواب إلى المكان الذي كان يتواجد به النامي ثم دخل المكان فرأه فارغًا، خالي تمامًا من كل ما شاهده منذ أيام، من أدوات للنحت وغيرها، لينادي أواب بصوت مرتفع، أخذ المارة ينظرون له بإستغراب.

عندما لاحظ أواب إستغراب المارة، إقترب من أحدهم ثم أردف:
-أين يسكن النامي؟

لينظر له الرجل بإستغراب، ثم أردف:
-من النامي؟!

أواب وهو يشعر أنه يومًا سيصاب بجنون في هذه المملكة:
-الرجل الطويل القامة، الذي يعمل بالنحت.

الرجل بإستغراب شديد:
-هذا الرجل متوفي منذ زمن.

تركه الرجل ثم غادر، وقف في مكانه وأخذ ينظر بصدمة للمكان، ثم أخذ يسير مبتعدًا، أخذ يفكر فيما سوف يفعل في الأيام المقبلة، فهو لن يستطع العيش وإستكمال الباقي من حياته هنا، لذا عزم على إيجاد الكوخ مرة ثانية مهما كلفه الأمر.

بعد بحث دام ساعتين لم يتوصل لشيء يأس أواب أن يجد الكوخ، لذا إقترب من أقرب شجرة ثم جلس أسفلها، ثم من التعب نام.

داخل القصر تقف السيدة إيفا برفقة إحدى الخادمات في المطبخ، ثم أعطتها مادة بيديها خفية، ثم أخبرتها أن تضع منه في الطعام الخاص بروز، وأن تتأكد جيدًا أنها أكلت منه، ثم أعطتها بعض العملات الذهبية نظير ذلك، كل ذلك وأريب لا يعرف ما تخطط له والدته.

فهو إبن عم الأميرة الغير شرعي؛ لذا لم يتوارث الحكم، أما السيدة إيفا كانت تطمع في تولي الحكم منذ أن كانت جارية، لذا سوف تفعل المستحيل طامعة أن تتولى هي وإبنها الحكم.

إستيقظ أواب من نومه وهو متعرق للغاية، ثم نهض على الفور، فهو غير معتاد على نوم في منتصف اليوم، وأخذ يسير في الطرقات بسرعة عالية، وأخذ يسأل الناس عن الطريق الصحيح للقصر، بعد مدة ليست بطويلة وصل أواب القصر.

الحارس وهو يمنعه من الدخول:
-ماذا تريد؟

أواب وهو يلتقط أنفاسه نتيجة لسيره بسرعة:
-كان لدي معاد لمقابلة الأميرة روز، والأمر عاجل جدًا ولا يستطع الإنتظار.

فأومأ الحارس برأسه، ثم دخل لتأكد من الأميرة على حديث أواب، ولكن أواب لم ينتظر ودخل على الفور إلى أقرب غرفة وجدها أمامه، ثم وجد الأميرة على وشك وضع معلقة من الحساء في فمها، فدفعها أواب بعيدًا، ليقف كل من كان يجلس على الطعام الملكي، مستنكرين فعلة أواب.

أردف أواب بتبرير:
-الطعام به سم قاتل.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي