1

نهضت من مكانها غاضبة، ثم اخذت مفاتيح سيارتها وخرجت من المختبر بعد أن نظرت للساعة:

 "لقد تأخر الوقت."

بعد أن أقفلت باب المختبر خلفها وقفت أسفل السقف أمام الباب الخارجي:

"إنها تمطر مجدداً" 

ملامح وجهها اظهرت مدى كرهها للمطر والشتاء، لم تبالي بالبلل الذي سيصيب ملابسها وهرعت إلى سيارتها، ثم أخذت نفساً عميقاً وشغلت المحرك.



في هذا اليوم الممطر والعادي جداً، لم تعلم فاي أن هذا اليوم آخر يوم لها هنا.


وعلى فجأة بينما تقود اصطدمت بسيارتها شاحنة كبيرة وأصبح كل شيء ظلاماً.



(بعد إسبوع من الحادثة)




....



فتحت (هيدرا) عينيها الخضراء بملامح عابسة، ثم تمتمت بحزن: "أنا هنا منذ إسبوع، متى سينتهي هذا الكابوس اللعين."



ثم نهضت من فراشها، تنظر في غرفتها التي تبدو كقصر بحاله، كانت تتمنى لو أنها تستيقظ لتجد نفسها في عالمها السابق.

خاطبت نفسها: سأراجع ما كتبته مجدداً، أنا أحتاج لدراسة كل شيء من جديد."


فتحت دفترها الذي كان أسفل وسادتها وبدأت بقراءة ما كتبته سابقاً:

أنا اسمي فاي و كنت صانعة ألعاب في عالمي الحقيقي، منذ أسبوع استيقظتُ لأجد نفسي هنا.. في عالم الرواية، والتي بعد أن قرأتها بدأت استعد لتصميم لعبة أتومي إلكترونية منها مع فريقي، كنت أصنع ذلك النوع من الألعاب الذي يحتوي مغامرات، رومنسية وغموض، ويُشعر اللاعب أنه في رواية تماماً، وكان الهدف منها تسلية المراهقين على هواتفهم مقابل المال.


اسم هذه الرواية (الفوز للبطلة)، تم ذكر ثلاث دول فيها، أولها وأهمها إمبراطورية غاردل، ثم مملكة إيرزار، واخرها مملكة هيرون التي لم تدم طويلاً.


والأبطال الرئيسين فيها:

لوغان هايتريس: البطل، عمره ستةٌ وعشرون عاماً، ولي عهد إمبراطورية غاردل، الأمير الأول والمفضل لدى الإمبراطور.

كريستي: البطلة، عمرها تسعة عشر عاماً، أميرة مملكة هيرون المنهارة، التي هربت من الأعداء بعد أن اسقطوا مملكتها.


ريكاردو ڤان راي: الشرير الأول في الرواية، عمره خمسة وعشرون عاماً، يكون الأرشيدوق في مملكة (إيرزار).

..


وانا هنا أكون هيدرا هايتريس: الشريرة الثانية، أميرة منبوذة، عمرها قصير حيث سيتم إعدامها من قبل اخيها ولي العهد؛ بعد أن تسبب أذى كبير لحبيبته كريستي.


وضعت هيدرا يدها على عنقها وأكملت تفكيرها: و إذا ما فعلت شيء حيال وضعي سوف أموت لا محالة، إذ بالفعل أنا دخلت الرواية بعد أن ساءت سمعة صاحبة الجسد السابقة بشكل كبير.


لقد جربت في السابق نغز الإبره في يدي، وقد آلمتني كثيراً وحتى أن الدم سال منها، وهذا ما يجعلني أخاف من الإعدام أو التعذيب في حال اخطأت بشيء في وضعي المأساوي هذا.



فكرت هيدرا بأبطال الرواية: طبقاً للضجة التي حدثت في القصر لقد عاد لوغان ولي العهد ليلة البارحة..، لكن لم يخبر أحداً بعد بشأن حقيقة كريستي ولم يظهرها، وبالنسبة لما قرأته في السابق، لقد قام بوضعها في غرفته.

...



كانت عينا كريستي حمراوتان تجلس على الأرض في غرفة ولي العهد لوغان، حاولت كثيراً أن تفتح الباب لكنه كان مقفلاً.

رفعت رأسها عندما سمعت الباب يُفتح، ثم نهضت من مكانها لتجري نحوه بينما ولي العهد دخل وأغلق الباب خلفه مانعاً لها من التقدم.

قالت كريستي: "أين أنا؟ لقد كذبت علي يا لوغان، أنت لست مجرد فارس عادي، لماذا كذبت ولماذا جئت بي إلى هنا ومن أنت؟

كان لوغان ينظر بشغف إلى ملامح وجهها الأسرة، شعرها الأحمر جعل منها وردة متفتحة للتو، وعيناها الزرقاوتان بدت كمحيط يحتوي قلبه وكل ما في الكون.

مد يده وبدأ بمسح دموعها:" لا تخافي ، أنا هنا، سوف أحميك.. لن أسمح لمكروه أن يصيبك.."

أبعدت يده:" من أنت ؟"

لوغان: " أنا الأمير الأول للإمبراطورية، لوغان هايتريس"

كريستي: " يا ألهي.. كيف إستطعت أن تخدعني كل ذلك الوقت، لقد بقيت معك شهراً كاملاً في الغابات، عالجت جراحك في النهاية أكتشف انك في صف من قتل عائلتي والآن يريد رقبتي؟!"


لوغان:" مملكة إيرزار تابعة لإمبراطوريتنا غاردل في السياسة فقط، عندما خططو للهجوم عليكم لم يسعنا فعل شيء، ثم أنني لم أكن أعلم أنني سوف أقابلك.. و..."


كريستي: " وماذا؟ لم تكن تعلم أنك سوف تقبلني و تجعلني متعلقة بك؟ مالذي تريده مني؟ هل تريدني جارية ؟."

لوغان:" حتى الوقت الحالي فقط.. لن أستطيع اقناع الإمبراطور بسهولة..."

قاطعته كريستي: " توقف، أنا أفضل أن ينال ذلك المتوحش ريكارد مني ويقتلني على أن أسلم لك نفسي فقط لكي أبقى على قيد الحياة."


استدارت كريستي لكنه أحتضنها من الخلف وطوقها مانعاً لها من الإبتعاد: " ارجوك.. لا تقولي هذا... لقد وهبنا بعضنا ليلتنا الأولى، هل ستنسين ذلك؟ كيف يمكنك أن تعيشي بعيداً عني بعد ما مررنا به مع بعضنا؟

سقطت الدموع على وجه كريستي، شعر لوغان ب إستسلامها لكلماته ف جعلها تنظر إليه ثم أغدق عليها بقبلة عاشق مجنون، يمسك بذقنها ويتذوق حلاوة شفتيها المختلطة بملح دموعها.



العودة للحاضر..

وبالعودة إلى هيدرا كانت الأخرى تضع يديها أسفل ذقنها وتبتسم بخجل: اه ماذا أفعل؟ لقد قرأت كل الأجزاء البذيئة المتعلقة بولي العهد وكريستي، (تنهدت) لابد وأنها الأن تعيش معه لحظات حميمية.

تذكرت كريستي واقعها: تباً مالذي أنا خجلة وسعيدة لأجله، سوف يتم إعدامي بسببهما في المستقبل، اللعنة، يجب أن أخرج من هذا القصر القذر وأبتعد قدر الإمكان عن هذه العائلة المختلة.

لا بد وأن لوغان الأن يحاول إقناع والدته الإمبراطورة، والتي ستكره كريستي كثيراً في البداية.


...




قامت الخادمة بطرق الباب وبعد أن سمحت لها هيدرا بالدخول، قالت بملامح هادئة ودون أن تنظر لها: " أيتها الأميرة، أنا ذاهبة لأقطف لك الزهور مجدداً، هل هناك أوامر أخرى؟"

هيدرا: "لا سولي ، فقط إحرصي على أن تقطفيها من حديقة القصر الرئيسي، يجب أن يشاهدك الجميع وأنت تفعلين ذلك، لا نريد أن يتم إتهامنا بالسرقة."

الخادمة: "على هذا المنوال سوف أخذ الإذن من رئيسة الخدم حتى تأخذ الإذن من الإمبراطورة."

فكرت هيدرا قليلاً: الإمبراطورة، والدة ولي العهد الشرسة، رغم أنها لن تبالي لكن ستكون خطوة جيدة لتجنب المشاكل.

أنهت هيدرا تفكيرها ثم قالت :" حسناً سولي، افعلي ذلك."

انحنت باحترام: "حاضرة سموك."

اختفت الخادمة سولي وبقيت هيدرا لوحدها مجدداً.


ثم مالبثت حتى سمعت أصوات ضحكات سعيدة فنظرت من النافذة بعد أن تركت دفترها جانباً، لقد رأت من خلالها بعض الأطفال الموجودين في القصر الملكي يقطفون الورود من حديقتها المهملة.

"إنهم أطفال الخدم والمزارعين، لا بد وأنهم يحظون بتقدير أفضل مني هنا."



كانت نظرات هيدرا غامضة جداً حيث نطقت بصوت خافت: "وصل المجنون ولي العهد لوغان -والذي يفترض أن يكون أخي- برفقة كريستي ليلة البارحة، وبالنسبة لما قرأته في الرواية سابقاً، أن كريستي بالأساس يجب أن تكون غنيمة حرب للأرشيدوق ريكاردو."




ثم تابعت حوارها في قلبها: وعلى هذا الحال سوف يصل ريكاردو بعد فترة قصيرة لكي يطالب بغنيمته الحربية كريستي؛ فهو من قام بغزو مملكتها وتحقيق الإنتصار.


فتحت هيدرا صفحة أخرى وعنوانها (تاريخ إيرزار مملكة ريكاردو):

ريكاردو يقطن في مملكة إيرزار، لذلك هو ليس على علاقة جيدة بولي العهد والنبلاء في الإمبراطورية، سوف يرفض ولي العهد تسليم كريستي له، وهكذا سوف يصبح الإثنان أعداء حتى النخاع.

يجب أن أستعد جيداً لقدومه، احتاج أن أتدخل حينما يرفض ولي العهد اعطائه كريستي، وهكذا سأخبره أن يرسلني كعروس لريكارد عوضاً عن كريستي التي يحبها كثيراً، فإذا فعلت ذلك سوف يكون ولي العهد المجنون ممتناً لي وفي صفي، وسوف يرفض إرسالي


قهقهت هيدرا بسبب خطتها المتقنة ثم نظرت في الفراغ واكملت:

لهذه القصة جذور، والأحقاد بين ريكارد ولوغان يتخطى الحاضر بكثير..

فمنذ زمن طويل جداً.. كانت مملكة إيرزار إمبراطورية صغيرة، وكان يحكمها ملك غبي وطماع كان اسمه (هارلي) والذي فشل في خوض نقاش السلام مع (هايترس) إمبراطور غاردل، وبعدها تم إرسال انذار أخير له.


بسبب الخوف من فقدان الرفاهية والمنصب قام (جايكوب) الابن الأول للملك هارلي بخيانة والده، حيث قام بقتله بواسطة قاتل مأجور ثم استلم الحكم كخليفة له.


بعد أن استلم جايكوب الحُكم، قام بإرسال بردية سلام إلى (هايترس) الإمبراطور لإمبراطورية (غاردل).

وهكذا تم تخفيض لقب إيرزار من إمبراطورية لمملكة تابعة لإمبراطورية غاردل، وبينهما منافع كثيرة، وعندما حدث ذلك كان أبطال الرواية والشخصيات الثانوية مجرد أطفال ، كبر كلاً منهم في طريقة مختلفة.



...

في مكان أخر ولدى الإمبراطورة التي كانت تستمتع بشربها للشاي تحت أشعة الشمس في دفيئتها قالت دون أن تلتفت: " هل تلك الحمقاء فقدت عقلها؟ لماذا تريد أن تقطف الورود (ثم ضحكت لتكمل) لا بد وأنها فقدت عقلها بسبب ما حدث لها، (هزت الإمبراطورة رأسها) حسناً دعيها تأخذ ما تشاء فقط عليها أن تظل مختفية و لا تسبب المشاكل.

إنحنت رئيسة الخدم مارثا قائلة: "أمرك جلالة الإمبراطورة، الخادمة الخاصة بها تطلب منك أن تمنحيها ورقة إثبات لأجل الحراس"


ضحكت الإمبراطورة: " دعيها تذهب و الا غيرت رأيي، لن يتعرض لها أحد والأمر صدر مني."

..

وبالعودة للقصر المهجور:

أمسكت هيدرا دفترها مرة أخرى و بدأت بقراءة قائمة المهام :

اولاً - اكتساب الخادمة بما أنها الشخص الوحيد بقربي.

ثانيا - صنع عصير وشاي الورد لوالدي الإمبراطور وإكتساب ثقته من جديد.

ثالثاً - الإنتقال من هذا القصر القذر .

رابعاً - إيجاد عريس مناسب

خامساً - اثناء الحفاظ على عنقي علي أن أخرج من هذا القصر المهجور لكي أجد طريقة الخروج من هذه الرواية والعودة لعالمي، فلطالما أنا سجينة هذا المكان لن أحرز شيئاً.

سادساّ- عدم التعرض لكريستي ومساعدتها.

سابعاً - عدم الظهور أمام أخي ولي العهد مطلقاً .

ثامناً - عدم التسبب بأي مشكلة لأي شخصية مهما كانت.

تاسعاً - أن أكل جيداً وأنام جيداً واعيش بصحة جيدة، فربما تكون أيامي على وشك الإنتهاء لذلك يجب أن أعيش جيداً.

عاشراً - ....


لم تكمل هيدرا قراءة القائمة ثم شطبت على المهمة الأولى وخاطبت نفسها: منذ البداية وخادمتي سولي لطيفة لكنها لم تطقني إلا بعد أن تقربت منها، لقد بدت لي شخصاً مثيراً للإهتمام ويعتمد عليه، لكن مازال علي أن أضمن ولائها لي أكثر.



صنعت هيدرا دائرة حول كلمة الورد في المهمة الثانية و قالت بسعادة غامرة دون تحفظ: " لقد ذهبت سولي لتقطف الورود لأجلي من حديقة القصر الرئيسي بالفعل، ولا بد وأن هذا كفيل للفت الإنتباه حتى يعلموا أنني أفعل شيء مهماً، هكذا لن يطول الأمر حتى يرسل الإمبراطور في طلبي "


ثم نهضت من مكانها وبدأت تمشي في غرفتها مع إبتسامة سعيدة تمتد على شفتيها .


اثناء انغماسها في تفكيرها الوردي ابتسمت بلطف وبدأت تدور بهدوء في انحاء الغرفة حول نفسها وتدندن : من الجيد أنني قرأت الرواية هكذا أستطيع الفوز وتجنب كل المشاكل .



بينما كانت هيدرا مشغولة في تفكيرها الإيجابي قام أحدهم بإقتحام غرفتها والصراخ كالمجنون .


"هيدراااااا اا..."

ونادى إسمها بغضب.


يُتبع.."
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي