3

الفوز هذه المرة للشريرة.

الفصل الثالث: رد إعتبار ومبارزة شرف، رؤية الأرشيدوق زاد بها خفقات القلب..
...



بعد أن عَلمت هيدرا كل ما حدث مع سولي اثناء قطفها للورود، لقد سألتها إذا كان هناك أحد ما قد علم أو اتخذ ردة فعل لتصرف الحارس، لكن لا، هذا هو الجواب، لا أحد يهتم لا من قبل ولا الآن.. و خاصة إذا كان الآمر يتعلق بخادمة تابعة لآميرة منبوذة!



لقد شعرت هيدرا بالغضب و لم تستخدم عقلها لتفكر مرتين، بل اتخذت قرارها بمعاقبة الجاني على ما فعل.


كانت تنظر أمامها و على وجهها ملامح الاستياء واضحة جداً، وكمن ينظر لها لا يمكنه معرفة ما تخفي من مشاعر غضب خلف هذا الوجه الجميل الذي لديها:


خاطبت نفسها: لا يمكنني السيطرة على هدوء أعصابي، كنت قد أرسلت سولي لتقطف الورود من تلك الحديقة لأجل أن تلفت الإنتباه لي، ولكن ذلك عاد عليها بالسوء، لا يمكن أن ادع هذا يمضي، هذه فرصة جيدة للفت الإنتباه واخذ حق سولي.



ثم توجهت هيدرا نحو الباب قائلةً : "سوف القنهم درساً، انهضِ ودليني على ذلك الوغد"

لحقت سولي بها تتوسلها أن لا تذهب : "سمو الأميرة، إلى أين تذهبين ؟ لا تفعلي شيء أنا أرجوك"

هيدرا: "لاتخافي. "

وقفسولي أمامها: " كيف لا أخاف؟ هل نسيتي؟ أنت ممنوعة من الدخول للقصر..."

نظرت هيدرا إليها دون رد، فخافت سولي من أن هيدرا ستغضب لتجاوزها حدودها فقالت في ندم: "لا أقصد أن أذكرك... سامحيني أميرتي."


فابتسمت هيدرا مطمئنة لها: " لا تقلقي، أنا ممنوعة من دخول القصر الرئيسي ومقابلة الإمبراطور، لكن لست ممنوعة من الدخول للحديقة المجاورة."

"لكن يا أميرتي، منذ ذلك اليوم أنت لم تخرجي.. "

(كانت سولي تعني: منذ أن تم معاقبتها بالمكوث في قصر مهجور هي لم تخرج مطلقا .)


هيدرا: "من أجلك هذه المرة سوف أخرج، في هذا القصر أنت رفيقتي الوحيدة، ومن أهانك يهينني."



قبل أن تخرج ارتدت فستاناً بسيطاً كان ملكاً لسولي وخاطبت نفسها : وهكذا لن يعرف أحد الحراس أنني (الاميرة هيدرا نفسها ) بينما ارتدي ملابس متواضعة كهذه.





كما لو كانت غزالة مُطاردة كانت هيدرا تمسك بفستانها وتمشي على عجل وفي داخلها بركان يستعر، بينما سولي ذات الشعر البني القصير تجاريها وهي خائفة من النتائج.




وصلت هيدرا الى الحديقة التي تكون على مسافة بعيدة عن القصر الرئيسي، بعيدة كفاية حتى لا يرى من بداخل القصر ما يجري، وكل ما شاهدته في طريقها وأمام عينيها اذهل عقلها: الحديقة جميلة جداً، كل شيء جميل جداً.




ثم نظرت إلى القصر الإمبراطوري والذي يبعد مائتي متر عن الحديقة: إذاً هكذا يكون القصر الامبراطوري في هذا الزمن، الحقيقة أجمل بكثير من الصور التي كنت أشاهدها، ياترى هل سيراني أحد من افراد الاسرة الحاكمة؟ والدي الامبراطور او أخي القرد او حتى ولي العهد؟ ... أدعوا الله أن يحدث ذلك.



صرفت ذهنها عن القصر و كانت تدعو أن ينتبه لها احد ما من أسرتها، ويسألها عن حالها إلا أنها صرفت ذهنها عن هذه المسألة أيضاً ثم وقفت على الرصيف قرب الحديقة الرئيسية.

مر بعض الجنود فصرخ أحدهم منزعجاً : "هي أنتن، ابتعدن عن الطريق لا أفهم لماذا تقفن هنا ."

وضعت سولي يديها على فمها بينما هيدرا بقيت بملامح جامدة على وجهها، وعلقت على تصرفه في نفسها: يا للوقاحة، إما لا يوجد إحترام لكل الخدم وإما يتم معاملة خادمة هيدرا فقط هكذا.




نزلت هيدرا مع سولي من الرصيف إلى أرض الحديقة، وشاهدت ما تبقى من الفرسان يمرون من قربها: يبدو عليهم أنهم قد انتهوا من التدريب للتو.


تنفست هيدرا مهدئة نفسها، وقالت: "هيا لنقطف المزيد من الورود يا سولي."

بدأت سولي مع الأميرة في قطف الورود بعيدًا عن الأمام حتى لا تفسد مظهرها: يجب أن لا أخرب مظهر الحديقة وألا عادت النتيجة علي بالعكس.



وبمجرد أن امتلأت السلة بالوورود سمعت هيدرا صوت فارس الحرس الذي تحدثت عنه سولي في السابق.

خاطب الحارس سولي: "هل عدتي مجدداً، يا لك من إمرأة."

ردت عليه سولي بعد أن اومأت لها هيدرا بالسماح:
"لا تزعجنا، نحن هنا لأجل سمو الأميرة هيدرا فقط، نأخذ ما جئنا لأجله ونرحل"

"أجل أعلم، غير ذلك لكان رأسك قد قطع، لكن لا تنكري أنك عدتي لكي نكمل حديثنا!"

ضحك الفارس المتعجرف في نهاية كلامه

قالت هيدرا وتقصدت رفع صوتها: "ااه.. يا للوقاحة."

بعد أن سمع ما قالته هيدرا اقترب الرجل مسرعاً بغضب شديد: "أنت، ماذا قلت؟"

نهضت هيدرا لتقف أمامه و بكل عنفوان خاطبته: "كما سمعت.. هل يجب أن أكررها؟ "

شعر فارس الحرس بـ الإحراج، تلفت يميناً و شمالاً، كان قلقاً بشأنه زملائه اللذين كانوا يشاهدونه من بعيد.

ثم رفع يده لكي يصفعها لكنه توقف قائلاً بينما ينظر لها بطريقة سيئة : "أنت جميلة جداً، من السيء أن يشوه وجهك، مارأيك أن نعقد صفقة."

هيدرا: "وما هي؟"

"أن أسمح لك بقطف الورود لكي تأخذينها لأميرتك متى شئت وبالمقابل أنا وأنت نمرح سوياً."

علقت هيدرا: "أميرتي؟."

رد عليها متعجرفاً : "بالطبع، فأميرة منبوذة ليست بأميرتي."

قالت سولي بغضب: "كيف تجرؤ على إهانة سمو الأميرة؟"


حنت هيدرا رأسها وهي تفكر بكمية الإهانات التي كانت تتلقاها هيدرا السابقة، مهما كانت سيئة لا يحق لشخص لا يمد لها بصلة أو لا يعرفها بأن يقوم بإحتقارها، ففي النهاية هي نبيلة وأميرة، وبعد أن أصبحت في جسدها كل ما يحصل الآن مرتبط بها.


بعد أن فكرت هيدرا مع نفسها، رفعت رأسها تنظر إليه: "ستحصل على ما تريد، لكن على شرط..."

"ما هو شرطك؟" قال واضعاً يده حول خصره

"أن نتبارز ..." قالت هيدرا ببساطة.

بعد دهشة اعترت وجهه قهقه فارس الحرس وكانت يده على معدته من شدة صدمته: "أنت ظريفة جداً.. لا بد وأنك تمزحين."


"هل تخشى أن تهزمك فتاة مثلي؟"


رد الحارس وعلى وجهه ماتزال السخرية واضحة: "هذا لن يحدث، ولكن أنت لم تستعملي سوى سكين المطبخ، السيف ليس شيء يمكن لك أن تلوحي به."

"فلتجربني." ثم إبتسمت بغموض

ضحك الفرسان من بعيد فصاح أحدهم :

"هل أنت خائف؟.."

قال الثاني: "هيا، سيكون عرضاً ممتعاً."


..


بعد قليل..

وقف جميع من كان حاضراً في ساحة التدريب.

ربطت هيدرا شعرها بالوشاح الذي كان يغطي نصف رأسها، وفستانها معقود لخصرها يظهر أسفله بنطال.


مهما فكرت هيدرا بالأمر، هي تعلم أن ما تفعله تصرف مبالغ به، ولكن بحكم أنها أميرة ليس لها أهمية ،سيئة السمعة ولن يدافع عنها أحد؛ كان عليها أن ترد اعتبار نفسها بنفسها وتحمي من تهتم لأمرهم.



قال الجندي بينما ينظر إليها كقطعة حلوى: "يسعدني أن اجعلك تخلعينه فيما بعد."


كلامه جعلها تشعر بالقرف والحنق، لكنها جمعت هذه المشاعر في قلبها لتصبح قوة بدنية لها.


قالت لنفسها بينما تتقدم نحوه: الشيء الوحيد المشترك بيني وبين هيدرا السابقة، أن كلانا في الصغر تعلمنا فنون السيف، سوف اسحقه.



ثم وقفت على بعد ذراعان منه، وفي الطرف الآخر كان هناك إثنان يشاهدان من بعيد.

أحدهما شعره أسود (ريكاردو ڤان راي)، والآخر شعره فضي اللون (سايريس لوفين باير).

قال سايرس مضيقاً عينيه الأرجوانية: "هل لديك فكرة عما يجري؟"



"لا، انا مجرد ضيف هنا أنت من يجب أن تخبرني" قال ريكارد ذلك وهو يعقد ذراعيه حول صدره، دون أن يبعد نظره عنها.


سايرس سخر من الأخر : "آه صحيح، أنت تنحدر من مملكة إيرزار، وقد غلبتك للتو في مبارزة."

ريكاردو: "مملكة إيرزار تابعة للإمبراطورية، أم أنك نسيت؟ ومبارزتنا تم قطعها انت لم تغلبني، دعنا نشاهد هذا العرض الآن، مما يبدوا لي هناك اشياء كثيرة مسلية تدور في القصر الامبراطوري."


اختفت الإبتسامة من وجه سايرس: "هل أنت متأكد اننا سنشاهد فقط؟! إنها مجرد..... آنسة."


ضيق ريكارد عينيه بينما ينظر لهيدرا التي كانت تقف كفارسة حقيقية: "أنظر إلى وقفتها، هي ليست مجرد آنسة عادية."


هز ساي رأسه بخفة مبتسماً: " كدت أنسى أنك صاحب نظرة ثاقبة، ولكن مايزال..."




لم يكمل سايرس كلامه حتى وصل صوت تلاحم السيوف إلى آذانهم، كان جسد الفارس الذي يبارزها ضخماً بالنسبة لها، ولكن مع ذلك، كان المشهد رائعاً جداً.

في النهاية تمكنت هيدرا من هزيمته وجعل سيفه يطير في الهواء.

لاحظت الرعب في وجهه، ونظرت إلى أصدقائه وهم يطلقون أصوات الإحباط من خلفه، ثم قالت: "هل مازلت تسمي نفسك فارساً؟"




ومن بعيد، إبتسامة متكلفة ظهرت على شفتي ريكاردو ذو الشعر الأسود، ومن الواضح أن هذه الإبتسامة شقت طريقها رغماً عنه.


قال سايرس منزعجاً: " أرشيدوق ريكاردو، مالذي يجعلك تبتسم بشأنه؟ لقد تمت إهانة أحد فرسان الحرس من قبل خادمة للتو."


رفع ريكاردو كتفيه: "حسناً، من تهزمه خادمة اذاً هو ليس بفارس، سيكون منصفاً جداً أن ترى الأمر من هذا المنظور. أم أن لك رأي مختلف؟"

كان رده مُفحماً لدرجة أن الآخر لم يستطع الرد.



ثم تمتم سايرس :"الآن أنت لا تعجبني ياصديقي، هيا لنرى مالذي يحدث، لقد إنتهت المبارزة."





كانت هيدرا توجه السيف نحو عنق الفارس الذي رفع يديه بمساواة كتفه.



سولي: " آميـ... لقد جاء أحدهم." تحدثت سولي بعد أن منعت نفسها من كشف هوية هيدرا كأميرة.



نظرت هيدرا إلى رجلان يتقدمان نحوها، كانت ملابسهما عادية جداً، لا توحي لأي رتبة أو تميز، فقط ملابس تدريب.


بدا سايرس غاضباً رغم محاولته إخفاء ذلك: "آنستي، انزلي سيفك الآن."


"ولماذا قد أفعل ذلك ؟" ردت عليه دون أن تنظر نحوه.


"لأنني قائد الحرس الخاص، والآن أنا أمرك بأن تبعدي هذا السيف جانباً."




علمت هيدرا أنه رغم ذلك هي أعلى مرتبة منه ، لكن كونها منبوذة لن يعطيها الأولوية لمعارضته، فخاطبت نفسها: (سايريس لوفين باير) شخصية ثانوية وداعمة لكريستي.

يكون سايريس الماركيز الأصغر، ذو خمسة وعشرون عاماً، قائد الحرس الخاص الإمبراطوري في إمبراطورية غاردل، شعره فضي ولون عينيه أرجواني، تماماً يشبه والده الماركيز السابق فقد تم الذكر في الرواية أن عائلته وحدها من تتمتع بهذه المواصفات.

تنهدت هيدرا بارتياح و اكملت حوارها مع نفسها : يبدو أنه لم يتعرف عليّ؛ لقد قضى سايرس وقته في المعسكر خارج الإمبراطورية لسنتين وعندما عاد لم يرى هيدرا القديمة قط.. الحمد لله.




أومأت هيدرا برأسها في استجابة لطلب الماركيز سايرس و بإحترام قالت : " لك ذلك إذاً. " ثم خفضت سيفها للأسفل.. تفمر في ما يمكن أن تستخدمه لصالحها في هذه اللحظة.





كان الآخر ذو العيون الداكنة ينظر إلى شعرها الملتصق في وجهها بسبب عرق جبينها، فسأل بشكل سريع، مما جعل سايرس يشعر بالإحراج فقد بدا مهتماً بإنجازها أكثر من إهتمامه بالعار الذي شعر به سايرس: "آنستي، أخبريني، لماذا قمتِ بخوض مبارزة مع هذا الحارس ....."


نطق الحارس قبل أن يكمل ريكاردو:

"لقد كانت تريد أخذ الورود من الحديقة عنوة، لم تجلب معها أي تصريح للسماح لها بفعل ذلك ، فتحدتني بالمبارزة من اجل ان تأخذ الورد ، في النهاية ظهر أنها فارسة متدربة للأميرة المنبوذة... "


قال سايرس: "لماذا وافقت على المبارزة أيها الأحمق ؟ "

الحارس: "قائدي.. انا كنت قد وافقت على المبارزة حتى لا يظن أحدهم أنني خائف من فتاة"


قال ريكاردو في نفسه بينما يستمع: أميرة منبوذة!

شعر سايريس بالقرف من الحارس ، فما قاله لا يغير نتيجة أن فتاة تغلبت عليه.


ثم قالت سولي بانفعال و كان صوتها مختنقاً : " هذا الكلام كذب.. هذا الحارس لا يقول الحقيقة"


قال الحارس بينما يدس التهديد بين كلماته آمل منها أن تصمت: "أنا لا أكذب أيتها الخادمة الوضيعة، هل تريدين أن أعيدك باكية بعد إحضار الشهود ؟ عليكما أنت وهي أن ترحلا دون عودة...ةهذا إلا أردتما التعرض لإهانة تليق بكليكما"



وكسرعة البرق أعادت هيدرا توجيه السيف إلى عنق الفارس ولكنها في هذه اللحظة كانت تريد قتله لا محالة، وعوضاً عن تدحرج رأسه على الأرض حدث أن ريكاردو أمسك بطرف السيف الحاد بيده العارية.


في تلك اللحظة القصيرة اختفى صوت الحارس الذي أدرك أنه لو لا يَد ريكاردو التي منعت تقدم السيف لكان الآن ميتاً، ثم تراجع للخلف وسقط على مؤخرته.


عم الصمت في المكان بينما ريكاردو وهيدرا تلاقت أعينهما في دهشة، وفي لحظة صمت طغت على كل من في المكان استمر الإثنان بلغة العيون المبهمة.


كانت ردة فعل ريكاردو غريزية، لكنها جعلت هيدرا تشعر برهبة شديدة من مجرد النظر في عينيه القاتمة و التي تعطي شعوراً غامضاً من الجاذبية.



لقد علمت هيدرا من هذا الذي يقف أمامها أخيراً وانقبض قلبها دون معرفتها للسبب.

فقد همست في نفسها بإسمه دون ان تنطق: ريكاردو ڤان راي! ذلك الأرشيدوق الشرير.

مالذي يفعله هنا.. ؟ وبرفقة سايرس أيضاً؟!

لابد و أنني أخطأت بحساب الوقت..

لا،.. لا يمكن ..!


هل ربما وصل اليوم! ؟ ..





كانت هيدرا خائفة من أن تنكشف كذبتها و من معرفة سايرس لها اذ لم تشأ ان ينتهي بها الأمر متهمة بالكذب والإستعراض


وما جعلها تتعرض لصدمة أكبر رؤية ريكاردو يقف أمامها.


خاطبت هيدرا نفسها بينما تفكر بتركيز : في القصة الأصلية لم يظهر ريكاردو الإ بعد مرور إسبوع من عودة ولي العهد وكريستي. . ياإلهي، مالذي يحدث ؟ هل نسيت الأحداث أم تغيرت أم أنه لم يظهر الا في مشهده؟.





يُتبع ..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي