أمارديا البارت الثاني

"أمارديا" "البارت الثاني"

ليس سهلاً على المرء أن يتبدل كل شيء من حوله!، في وهلة يجد الحياة أشبه بقطعة من الجنة ولا يمكن أن يشقى فيها، وعلى حين غِرة تداهمه الحياة ببراثنها لتبرهن له بأن الجنة لا ينعم بها سوى من ذاق مُر الحياة وواجهها بكل ما أوتي من قوة!.

صاح يوسف في وجه بكر قائلاً:
_لن أمكث في بيتهم بعد اليوم، دعني وشأني.
كاد بكر أن يمسك برأس يوسف ويكسر رقبته ولكن أوقفه الحاكم حينما دلف إلى غرفة يوسف ورآهم يتشاجران معاً.

فسرعان ما صاح قائلاً:
_بكر.. دعه وشأنه.
فنظر بكر نحو والده وقال بغضب:
_حقا!! لقد تحدث عنك بكلمات بذيئة.. عليّ أن أقتله الآن لكي يصبح عبرة لجميع الأهالي في القرية.

زفر الخاكن بغضب قائلاً:
_أنا ما زلت على قيد الحياة.. لذا فليس لك الحق في أن تطلق العقوبة على أي من رعيتي.. خاصةً يوسف، آمل أن تكون قد فهمت.
أطال بكر النظر إلى والده ومن ثَم دفع يوسف بعيداً عنه وغادر الغرفة والبيت.

أوصد الحاكم الباب جيداً ومن ثَم اتجه نحو يوسف قائلاً:
_أخبرني يا بني.. ما الذي أصابك؟!.
كان الحاكم يتحدث بقلب منفطر لأنه قتل تواً المرأة التي لطالما أحبها وحلم أن تكون ملك يمينه.. ولكنها لم تزعن لطلبه لذلك اضطر لقتلها.

قال يوسف وهو يبتعد عن الحاكم بخوف:
_دعني وشاني.. لا أريد أن أمكث في بيتك من الآن فصاعداً.
فقال الحاكم بصوت متهدج:
_إلى أين ستذهب إذاً!!؟.

فقال يوسف وهو ينظر إلى عيني الحاكم ويود لو يقتلع أحشاؤه:
_هذا شيء لا يعنيك.

انتبه يوسف من شروده حينما سالت دموعه، فأزالها سريعاً وظل يراقب بيت الحاكم قائلاً:
_تُرى أين الحاكم الآن؟! ما الذي فعله بكر بشقيقتي!! آمل ألا أكون قد تأخرت!.

***

في جزيرة "ماردنيس"

كانت جويرية قد لملمت أمتعتها وتحدثت عبر الهاتف مع زيد وقالت له:
_هل يمكنك أن تأتي إليّ؟!.
فقال زيد بصوت يملؤه النعاس:
_متى؟!.

فصاحت جويرية قائلة بغضب:
_الآن يا زيد.
فقال زيد بدهشة وهو ينهض من فراشه:
_ماذا!! الآن؟! لمَ؟!.

زفرت جويرية بضيق قائلة:
_أذكر أنك قطعت لي عهداً بأن تساعدني متى شئت أليس كذلك؟! هل تنوي أن تنكل عهدك يا زيد؟!.
فقال زيد وهو يمسح فوق وجهه بضيق:
_بالطبع لا أنوي ذلك.. حسناً سآتي إليكِ في الحال.

جلست جويرية وأسندت ظهرها إلى الشجرة وهي تقول:
_ما زلت لا أصدق أنه تبدل حالي فجأة!، لقد مرت بضعة أيام فقط ولكنها كالدهر الذي يمحق المرء ويفتق بفؤاده!.
تنهدت جويرية وتذكرت ما حدث قبل أيام.

حينما كان بكر يصوب بسهمه نحو جويرية وأنقذها صديقيها بكر وعمار وهرعوا جميعاً إلى خارج القرية، قال عمار حينها:
_إلى أين سنذهب؟!.

فقال بشار:
_لا يهم.. سنظل نركض حتى نصل إلى أي وِجهة أو لا نصل ونموت ونحن نحاول الفرار.. سيكفينا شرف المحاولة يا رجل.

ولكن فوجئوا جميعاً حينما أتى زيد بسيارة فخمة وقام بفتح أبوابها قائلاً:
_هل تودون أن أوصلكم إلى مكان ما؟!.
تبسموا عمار وبشار وسارعوا نحو السيارة ومن خلفهم جويرية التي لم تكن تستوعب ما يحدث.

قاد زيد السيارة بالسرعة القصوى ولكنه أبطأ من سرعته حينما رأى سيارة أخرى، فتوقف قائلاً:
_دعونا نتفقد هذه السيارة.
هبطوا جميعاً ما عدا جويرية التي كانت صامته تحدق في الفراغ.

لم تنتبه جويرية سوى حينما قال زيد بدهشة:
_يا إلهي!! هناك فتاة نائمة بداخل هذه السيارة.
نظرت جويرية نحوهم من خلال النافذة، صُعقت حينما رأت السيارة وسرعان ما علمت أنها سيارة بكر، فهبطت جويرية من السيارة وهرعت نحوهم ونظرت بداخل السيارة فقالت:
_هذه كلثوم!.

ظلت جويرية تطرق النافذة الزجاجية حتى استيقظت كلثوم وخرجت من السيارة وقالت وهي تحتضن جويرية:
_جويرية! حمداً لله أنكِ بخير، بكر..

صمتت كلثوم وهي تلتقط أنفاسها ومن ثَم تابعت بقولها:
_بكر كان ينوي أن يتخلص منكِ.. أراد مني مساعدته في ذلك ولكنني لم أرضخ لطلبه، لذلك.. لا أعلم ماذا فعل بي حتى فقدت الوعي.

تنهدت جويرية وقالت:
_لقد تمكنت من الفرار بمساعدة أصدقائي.
فقالت كلثوم سريعاً:
_ماذا تنتظرين إذاً؟! يجب أن تلوذي بالفرار.. لا بد وأنه يبحث عنكِ في كل حدب وصوب.

ضمت جويرية حاجبيها وقالت بغصب وبكاء مضمر بداخلها وهي تحدق أمامها بشرود:
_أريد أن أذهب إلى مكان لا يوجد فيه بشر.. أريد أن أبتعد عن الجميع.

فكرت كلثوم ومن ثَم قالت:
_حسناً.. ما رأيكِ في أن تمكثي في بيت جدتي والدة أمي!! أظنها ستحب ذلك كثيراً، بالإضافة إلى أن بكر لن يفكر في البحث عنكِ هناك.. ما رأيكِ؟!.

نظرت إليها جويرية وقالت بملامح جامدة:
_أريد أن أمكث بمفردي.. رجاءً.
فقالت كلثوم وهي تفكر:
_ولكن.. أين ستمكثي بمفردكِ في بلدة "آشميرال"؟!.

جحظت عيني جويرية وقالت بغضب:
_لا بد أنكِ تمازحينني؟! أنا لن أذهب إلى هذه البلدة ثانية، مهما حدث لا أريد أن أذهب إلى هناك.
قال زيد وهو ينظر نحو جويرية بنظرات ثاقبة:
_أظن أنكِ تبحثين عن مكانٍ برّي يا جويرية أليس كذلك؟!.

نظرت إليه جويرية باهتمام ليكمل حديثه.
فقال زيد وهو يتقدم نحوها بضع خطوات:
_"ماردنيس".. بلدة "ماردنيس" مميزة بكثرة غاباتها وجُزرها وأهمها جزيرة "ماردنيس" لا أحد يذهب هناك كثيراً على الرغم من أنها من إجمل الجزر على الإطلاق، ما رأيكِ في ذلك؟!.

لاحت ابتسامة باهتة أعلى شفتي جويرية وقالت:
_هل تعرف الطريق إلى هناك؟!.
تبسم زيد قائلاً بابتسامة:
_بالطبع آنستي.

فقالت جويرية وهي تتجه نحو سيارة زيد بعدما بصقت فوق زجاج سيارة بكر:
_هيا بنا إذاً.
أثناء الطريق قال بشار موجهاً حديثه إلى جويرية:
_لن أكون مطمئناً عليكِ هناك بمفردكِ.

فقالت جويرية بدون أن تلتفت إليه:
_لا تقلق.. فأنت تعرفني جيداً، لن أدع شيء يمسني بسوء.
زفر بشار بضيق وقال:
_سأمكث معكِ هناك يومين على الأكثر.. هذا لأنني أعرفكِ جيداً يا جويرية، فقط ليطمئن قلبي.

تنهدت جويرية ولم تزعن، بينما قال عمار وهو ينظر نحو كلثوم:
_حسناً إذاً.. وأنا سأذهب برفقة كلثوم لكي نجلب لكِ ثياب وأمتعه ستحتاجينها هناك.

انتبهت جويرية من شرودها حينما سمعت صوت أقدام تقترب من خلف الشجرة التي تستند بظهرها إليها.
أخرجت جويرية أحد أسلحتها البيضاء وصارت على أُهبة الإستعداد لكي تداهم ذلك الشخص إن كانت لا تعرفه.

تلاحقت أنفاس جويرية ولكنها حاولت ألا تُظهر خوفها، وما إن اقترب ذلك الشخص حتى همّت لكي تداهمه بسلاحها ولكنها تفادى السلاح بمهارة قائلاً بهلع:
_جويرية!! هذا أنا زيد! ما الذي دهاكِ؟!.

ابتعد جويرية عنه وأخفت سلاحها الأبيض بين ملابسها وقالت بتوتر:
_أجل هذا أنت!!.
جحظت عيني زيد وقال بدهشة:
_هل نسيتي أنكِ تحدثتِ إليّ قبل قليل لكي آتِ إلى هنا!!.

تذكرت جويرية وقالت:
_أجل.. بالضبط، هيا بنا إذاً.
ضم زيد حاجبيه وقال بتعجب:
_إلى أين؟!.
نظرت إليه جويرية بعينين ثاقبتين وقالت بغضب:
_إلى قرية أمارديا.

جحظت عيني زيد حتى شعر أنهما ستخرجان عن مقلتيه وقال:
_هل جننتي يا جويرية؟! لماذا تريدين الذهاب إلى هناك؟!.
زفرت جويرية بضيق وقالت:
_هل عليّ أن أذكرك دوماً بعهدك لي؟!.

مرر زيد يده بين خصيلات شعره وقال:
_أليس عليّ أيضاً أن أردعكِ من الأفعال الجنونية التي ستودي بنا جميعاً وأنتِ بالمقدمة؟!.

تحولت ملامح جويرية كلياًّ حتى صارت غاضبة، أمسكت بزيد من ياقة ثوبه وجذبته نحوها وقالت بنبرة هادئة على النقيض تماما من غضبها:
_ستفعل ما آمرك به يا زيد وإلا..

فاقتضب زيد حديثها بغضب مماثل وأبعد يديها عنه وقال بنبرة حادة:
_وإلا ماذا؟! لقد عهدت لكِ بأن أساعدكِ دوماً، وعهدي هذا لا يسمح لكِ باستعبادي، لقد اتحدنا سوياً لأننا أصدقاء، وليس عبد وسيدته، آمل أن تكوني قد فهمتِ ما أرمي إليه يا جويرية.

دمعت عيني جويرية لأن غضبها كاد أن ينهي علاقتها بزيد، تنهدت بحزن وقالت:
_زيد.. أنا حقاً آسفة.. آسفة جداً.
زفر زيد بغضب لأنه تحدث معها بهذه الطريقة، فربت فوق كتفها وقال بنبرة حانية:
_جويرية.. أنا حقاً آسف، لم أتحدث معكِ بهذه الطريقة سوى لأنني قلقٌ بشأنكِ.

أخفت جويرية دموعها وقالت:
_أعلم ذلك.
صمتت جويرية لبرهة ومن ثَم قالت:
_هل ستأخذني إذاً إلى قرية أمارديا؟!.

مط زيد شفتيه بقلة حيلة وقال:
_فقط أخبريني ماذا ستفعلي وأعدكِ إن لم تموني تنوين توريط ذاتكِ في المتاعب سآخذك إلى هناك، أظن أن هذا أقل ما يمكنكِ تقديمه لي كضمان لسلامتكِ.. أليس كذلك؟!.

أومأت جويرية بتفهم وقالت:
_حسناً.. قبل أن أخبرك بشيء عدني ألا تخبر البقية عن ذهابنا.
زفر زيد وقال بغضب بعدما تجلى حاجبه الأيمن عن مكانه:
_أعدكِ بذلك.

تنهدت جويرية وقالت:
_لقد رأيت حلم ما، كان يشير إلى شيء أجهله ولكنه يكمن في مكان ما في القرية يجب أن أكتشف الأمر.
نظر إليها زيد ببلاهة قائلاً:
_أحقاً؟! هل يجب عليّ أن أصدق ما تقولينه؟!.

زفرت جويرية بغضب وقالت:
_أقسم لك أن هذا ما حدث، ربما لا تعلم.. ولكنني كلما رأيت حلم ما كان في الخقيقة يشير إلى شيء غاية في الأهمية، لذلك يجب علي أن أتفقد الأمر قبل فوات الأوان.

صمتت جويرية وتمتمت بقولها:
_إن كنت تتبعت الأحلام التي رأيتها من قبل لما كنت هالكة الآن.
لم يُلقِ زيد بالا لما تمتمت به جويرية وقال وهو يضرب جبهته:
_لقد نسيت أن أخبركِ أن كلثوم وعمار أخبراني أنهما سيأتيان إلى هنا الليلة.

جحظت عيني جويرية وقالت بدهشة:
_لمَ.
فقال زيد:
_لكي يجلبان لكِ بعض الأمتعة كالثياب وهكذا.
ضربت جويرية الأرض بقدمها وقالت:
_سحقاً، حسنا.. فلتتحدث معها الآن وتجعلهما يؤجلان ذلك كله.

***
في بلدة آشميرال

في إحدى متاجر الملابس، كانت كلثوم تتجول برفقة عمار، قال عمار بينما كان يتفقد إحدى قطع الملابس:
_لا أظن أن الأمر سينتهي، جويرية لن تهدأ سوى حينما تريق دماء بكر ثأراً لما فعل.

قهقهت كلثوم بسخرية قائلة:
_لا أظن ذلك، إنهما عاشقان، ربما سيسعون للإنتقام ما داما بعيدين عن بعضهما البعض، ولكن.. إن التقيا ستتبخر آلامهما وستنبض قلوبهم بالعشق ثانية.

ضم عمار حاجبيه بعدم تصديق وقال:
_من المستحيل حدوث ذلك، وإلا لما كانت جويرية لتنعزل عن العالم بأكمله، إن كان ما تقولينه صحيح لكانت سعت إلى بكر حتى تجعل فؤاده ينبض بعشقها ثانية، ولكني أؤكد لكِ أنها تتأهب لحرب دامية، لن تنتهي سوى بقضاء نحب أحدهما.

دب الرعب في فؤاد كلثوم وقالت:
_هل تظن ذلك حقاً؟! أيعقل!!.
فقال عمار بأسى:
_بالتأكيد يا كلثوم، أنا حقاً تعجبت مما تفكرين به!!، ربما لا تعلمين ذلك أو لا تدركينه، ولكننا أنقذنا جويرية قبل لقاء حتفها بلحظاتٍ ليس إلا

لولا أن أتينا وفككنا وثاقها لكانت في خبر كان الآن، لا أظن أن جويرية من الممكن أن تسامح بكر، لقد خدعها وهي لا تخشى في حياتها شيء كالخداع، أنا أعرف جويرية جيداً، هي لن تصمت.. لن يهدأ لها بال سوى حينما تجعل بكر يندم ويأسى على ما فعل بها.

اغرورقت عيني كلثوم وقالت ببكاء:
_لم أكن أعرف أن بكر من الممكن أن يفعل شيء كهذا، هو لم يفقد جويرية فقط، لقد فقدني أنا أيضاً، حتى أنا لن أسامحه يوماً عما فعل بجويرية.

صمتت كلثوم وتنهدت بحزن وتابعت بابتسامة ساخرة:
_ربما ظننت أنهما لا يزالان عاشقان لأنني لم أرى ما حدث ذلك اليوم!.
همهم عمار قائلاً:
_ربما.

صمت عمار لبرهة، وما إن كاد أن يتحدث لولا أن دق هاتفه وكان زيد المتصل.
تبسم عمار قائلا:
_إنه زيد.. لا بد أنه يتعجل عودتي إلى المنزل.

تبسمت كلثوم في صمت، ثم ضغط عمار على زر قبول المكالمة قائلاً:
_زيد!! هل يعجبك جهاز المحمول لذلك تُكثر استخدامه؟! أرجوك دعه لتستخدمه في شيء مفيد بدلاً من مهاتفتي كل دقيقتين، لقد فكرت في أن أحطم هاتفي بسببك!.

قهقه زيد قائلاً:
_أقسم أن هذه المرة ليست سوى لشيء هام.
فقال عمار باهتمام:
_أعطني ما لديك!.

تنهد زيد قائلاً:
_لقد ذهبت لزيارة جويرية وأخبرتها أنكما أنت وكلثوم آتيان.. ولكنها لم ترحب بهذه الفكرة.
ضم عمار حاجبيه قائلاً:
_لماذا؟! ما الذي حدث؟!.

فقال زيد وهو ينظر إلى جويرية التي تشير إليه بماذا يقول:
_لقد قالت ولمَ العجلة؟! فقط اتَّئدوا قليلاً لكي لا يكون بكر يعمل على مراقبتكما، ماذا إن علم بمخبئها؟!.

فقال عمار وقد فكر في الأمر ووجد إنه من الجيد ألا يذهبا الآن:
_أجل.. هذا وارد جدا!! حسناً لن نأتي إذاً.
انهى عمار المكالمة ومن ثَم أخبر كلثوم عما قاله زيد، فقالت هي:
_أجل.. أظن أنه ليس من الجيد أن نذهب الآن

فعلى الرغم من أنني اشتقت إلى جويرية ولكنني لن أفعل شيء يهدد سلامتها.
تبسم عمار قائلاً:
_أجل.. هكذا أفضل.

أومأت كلثوم دون أن تتحدث، فقال عمار وهو يفكر بخبث:
_لقد خيم الليل، لن أترككِ تعودين إلى المنزل بمفردكِ، ما رأيكِ في أن أوصلكِ؟!.

نظرت إليه كلثوم وتبسمت بخبث هي الأخرى وقالت:
_ولكنك لا تعرف أين منزلي!!.
جحظت عينا عمار قائلاً:
_حسنا.. سنستقل سيارة أجرة ومن ثَم سأعود بالسيارة ذاتها إلى المنزل الذي استئجرناه أنا وصديقاي

ما رأيكِ إذاً!! لن أدعكِ تذهبين بمفردكِ، ماذا ستفعلين إن اعترض طريقكِ أشخاص سيئين؟! سيكون من الأفضل أن يكون برفقتكِ رجل أليس كذلك؟!.

تبسمت كلثوم ضاحكة ومن ثَم قالت:
_حسناً، ولكنني لا أمكث حالياً في بيت والدي.
ضم عمار حاجبيه قائلاً:
_أين إذاً؟!.

فقالت كلثوم بجدية:
_في بيت جدتي، لم أتمكن من العودة إلى منزل والدي فبالتأكيد سيبحث بكر عني هناك، لقد حذرت والدتي لكي لا تخبره أين مكمني.

انتهيا عمار وملثوم من حديثهما ومن ثَم استقلا سيارة أجرة أوصلت كلثوم إلى بيت جدتها وعادت لتوصل عمار.
دلفت كلثوم إلى بيت جدتها وهي تقول:
_جدتي؟! أين أنتِ؟!.

بحثت كلثوم عن جدتها في المطبخ وغرفة المعيشة فلم تجدها، فذهبت إلى غرفة جدتها ودلفت إليها قائلةً:
_جدتي!!.
نظرت كلثوم نحو الفراش فوجدت جدتها مغطاة ببطانيتها بطريقة غير معتادة.

فاقتربت كلثوم منها وأزاحت عنها الغطاء وهي تقول:
_ألم أقُل لكِ ألا تفعلي ذلك لأنكِ لن تتكمني من التنفس بشكل جيد؟!.
شهقت كلثوم فجأة ببكاء وصارت تصيح وهي تقول:
_جدتي!!!.

صغيرة_الكُتَّاب
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي