الفصل الثالث الثمل

دفع شهاب سفيان وهو يسخر منه:

-ربما أنت مغرور بذاتك كثيرًا، من الأفضل أن تبقى منتبهًا على نفسك وعلى كل شخص تحبه.

تركه وذهب بينما سفيان كان يشعر بالضيق الشديد يملأه، هل يعتبر حديث شهاب تهديد صريح له بالقتل؟

-لا أصدق هذا، لو كان هو القاتل لم يكٌ ليتحدث بتلك الطريقة الغريبة، أنا أشعر بأن هناك سر خطير مخبى.

تلقى هاتف من رقم غريب بعد يوم واحد من كل شيء حدث، لكن ما إن تحدث على الهاتف حتى اتسعت عينيه بإنتباه شديد:

-لم أكٌ أتخيل أنكِ ستتصلين بي بهذه السرعة، بالأخص بعد أن قولتي كل شيء حدث بيننا لأبناء عائلتكِ.

أخذت نفس عميق بضيق وهي تشعر أن العالم بأكمله يضيق بها:

-أنا لم أتحدث في شيء مع أي أحد، كل ما في الأمر أنني قولت أنك عرضت عليّ أن أكون المساعدة لك في هذا المنزل وأنا رفضت هذا.

تحدث سفيان ببروده المعتاد:

-قولي لي لماذا تتصلين بي ألستي خائفة من عائلتكِ يا حنان؟ أظن أنهم يتحكمون كثيرًا بكِ أليس كذلك؟

تحدثت حنان بصوت جدي لا يحتمل السخرية:

-أنا أشعر بالخوف، هناك شيء غريب يحدث في هذا المنزل، أظن أن أبي لا يشعر ولا أثق في أحد الأن، قولت ان أحدهم حاول قتلك وهذا بعد مجيئك إلى هنا، في المساء أنا أسمع خطوات أقدام، شيء يجعل روحي على وشك أن تغادرني.

شعر سفيان بخوفها وجلس على سريره يستمع لها بإنتباه:

-ماذا يكون هذا الصوت؟

حركت حنان رأسها بقلق:

-لا أعلم، ليس لدي أي فكرة، أنا قررت أنني سوف أقوم بمراقبة الجميع في حذر، ربما لا أفهم شيئًا، لكن أنت سوف تفهم أليس كذلك؟

تحدث سفيان وهو يشعر بالتعجب:

-ما الغريب في خطوات الأقدام يا حنان هذا شيء طبيعي! من الممكن أن يكون أحد أبناء هذا القصر وربما يكون والدكِ.

حركت حنان رأسها بنفي:

-لا يا سفيان أحدهم يقترب من غرفتي وفي بعض الأوقات يحاول أن يقوم بفتحها بحذرك ظنًا منه أنني نائمة.

أومأ سفيان وهو يتفهمها:

-فهمتكِ يا حنان، لكن الأن أريد أن أتأكد إن كنتِ مستعدة لمساعدتي حقًا هل أنتِ مستعدة لوضع كاميرات خاصة في القصر؟

وقفت حنان في انفعال:

-تقصد أنك سوف تراقب الجميع؟ سوف تشاهدهم دون علمهم؟

ضحك سفيان على نبرة صوتها، تبدو تلك الفتاة أكثر براءة مما يعتقد:

-من المفترض أنه منزل عائلة يا حنان وليس منزل خاص، أظن أنكم لا تجلسون بشيء مكشوف أو شيء لا أستطيع رؤيته، على كل حال هذا للأمان فقط لا تقلقي لن يحدث أي شيء سيء.

ابتلعت حنان ما بحلقها بتردد شديد:

-لن يعرف أحد بهذا صحيح؟

ابتسم سفيان وهو يتحدث بثقة:

-أنتِ تتحدثين مع المارد يا حنان توقفي عن القلق، يمكنكي أن تخبريني متى يكون المنزل أكثر هدوءً ومن الأفضل أن يكون فارغًا وأنا سوف أهتم بكل شيء، لا داعي للقلق.

فكرت حنان طوال الليل هل تقبل بما يقوله سفيان أم ستكون خيانة لعائلتها وشيء غير مقبول بالمرة؟!

سمعت خطوات الأقدام وقلبها يرتجف بقوة، جلست على السرير، كانت تشعر بالتعجب الشديد من اقتراب هذا الشخص، حاولت أن تكون أكثر شجاعة حتى رأت أن أحدهم يحاول فتح الباب عليها فقامت بفتح الباب لتنتفض إلى الخلف..

كان يشعر بالملل من كل شيء حوله، عدم وجود والدته معه في المنزل يشعره بالضيق والحزن، قرر أنه سوف يذهب ليسير بمفرده، أخذ سلاحه وهو يستعد لأي شيء من الممكن أن يحدث:

-من الجيد أنني لا أشعر بالخوف، على كل حال لست ذلك الضعيف، أمي كم اشتقت لكِ أظن أنها نقطة ضعفي الوحيدة، القادرة على جعلي أبتسم.

قاطع همساته صرخات فتاة تعجب لكنه ذهب بسرعة تجاه الصوت ليرى رجل قوي البنية يمسك بزراع فتاة ويبدو أنه يحاول سحبها لسيارته قائلًا:

-قولت لكِ اصعدي لا تدعيني أفقد عقلي، اخبريني ما الذي يدور بعقلكِ يا فتاة قولت لكِ كل شيء سوف يتحسن.

كانت تبكي وهي تصرخ:

-النجدة أريد من يساعدني أرجوكم.

تدخل سفيان على الفور قائلًا:

-ما الذي يحدث هنا؟ من تكون أنت اتركها.

ابتسم الرجل ساخرًا ليكشف عن أسنانه الصفراء:

-وهل سوف أستمع لك؟ أذهب من هنا قبل أن أكسر عظامك واحدة تلو الأخرى، أنا أحذرك من الأن.

لم يترك سفيان له أي فرصة ليستعمل قبضته ويلقنه درسًا لن ينساه في حياته:

-ما الأمر؟ هل لديك شيء لتقوله؟

كان يردد عليه أسئلته المتكررة وهو يسدد له الكثير من اللكمات حتى أدمى وجهه، بينما الفتاة كانت تبتسم وهي تزيل دموعها:

-تستحق أنت شخص حقير وغير سوي وإياك أن تظهر أمامي مرة أخرى، سوف أجعل كل شخص يفعل بك هذا.

دفعه سفيان بعد أن وجده على وشك الموت:

-هيا أذهب قبل أن أقضي عليك الأن ولا تكررها، مزاجي معكر لذلك سوف أدعك وشأنك اليوم ولن أتسلى عليك.

أخذ الرجل سيارته وفر هاربًا بينما سفيان أخرج منديل بإنزعاج شديد ليمسح بها يده:

-كلما قولت أنني لن أتلطخ بالدماء مرة أخرى يحدث شيء يجعلني على وشك أن أجن.

كانت الفتاة تنظر له بإعجاب شديد، شعره البني، أنفه المستقيم، عينيه التي لا تعرف ما لونهما لكنها جذبتها بسرعة شديدة! لحيته التي أعطته المظهر الجذاب، نظر سفيان لها ووجدها تحدق به:

-من تكوني؟ ما الذي تفعليه في هذا الوقت؟ تجاوزت الساعة الثانية عشر بعد منتصف الليل؟

اجابته بتلقائية شديدة:

-وما الذي تفعله أنت أيضًا هنا؟

ابتسم سفيان بسخرية، تركها وابتعد ليجدها تلحق به، التفت لها ولاحظ أنها ترتجف بعض الشيء:

-يبدو أن الدرس كان قاسيًا عليكِ أليس كذلك؟ حسنًا من الجيد أن يتعلم المرء من أخطائه، لا تعيديها وتخرجي لتتسكعي في الشواع في هذا الوقت.

اجابته في إنفعال واضح:

-أنا خرجت مع خطيبي ولم أكٌ أعلم أنه شخص سيء إلى هذا الحد، لم تكٌ لدي فكرة أنه سوف يأتي بي إلى مدينة أخرى في هذا الوقت، قال أنه يحضر مفاجأة و..

قطعت حديثها ودموعها تتساقط بينما سفيان عقد حاجبيه بحيرة:

-قولي لي أين عائلتكِ؟ وكيف يكون هذا الرجل خطيبكِ هو في عمر والدكِ تقريبًا؟!

حركت رأسها بنفي وهي تمسح دموعها:

-أنا يتيمة ليس لدي عائلة، أعيش في بيت مشترك في الأسكندرية وأعمل هناك، لا أعلم كيف حدث وأتيت إلى القاهرة وهو كان يقول الكثير من الكلمات، ظننت أنني وجدت من أثق به لكنه جعلني أتألم.

كان سفيان ينظر لها وهو يريد أن يرحل، هو آخر شخص مهتم بسماع هذه القصة المأساوية، ابتسمت فجأة وهي تغير الحديث:

-لكن دعك من هذا، كيف فعلتها واستطعت أن تهزم هذا الضخم؟ لم يكٌ هذا سهل أبدًا أليس كذلك؟ يبدو أنك تألمت، هذا أكيد.

ضحك سفيان وهو يحرك رأسه مستنكرًا:

-هو ضخم بالنسبة لكِ وليس بالنسبة لي أنا، هيا فالتذهبي من هنا.

سار ليرحل ليجدها تلحق به من جديد، عقد حاجبيه بتعجب شديد:

-ماذا بكِ؟ أنا سوف أذهب إلى منزلي الأن هل تودين أن تأتي؟!

كان يتحدث بإنفعال شديد لكن لاحظ نظراتها وهي تحدقه بعسليتيها:

-هذا منطقي وأنا ليس لدي أي مكان لأذهب إليه الأن!

انفعل ساجد وهو يضع يده على فم حنان:

-توقفي عن الصراخ ورفع صوتكِ لا تجعليني أفقد عقلي، لن أفعل لكِ شيء، أنا أحاول الوصول إلى غرفتي وهذا كل شيء، لن أفعل أي شيء لكِ.

كانت حنان ترتجف وهي تراه ليس على مايرام، ليس على حالته الطبيعية بل كان يفتح عينيه بصعوبة بالغة من أثر الكحول:

-سوف أزيل يدي وأنتِ لن تصرخي؛ حتى لا يستيقظون وتحدث مشكلة كبيرة، لا أريد هذا.

أبعد يده عنها في هدوء بينما هي كانت على وشك أن تفقد وعيها، كانت تظن أنها تعلم الجميع جيدًا لكنها الأن تصدم بالوجه الآخر لساجد:

-كيف تفعل شيء كهذا؟ كيف تتجرأ على فعل شيء محرم كهذا يا ساجد؟ ألا تفكر بربك أو عائلتك، ألا تفكر بنهايتك كيف ستكون؟

ابتسم وكأنه يسخر من حديثها:

-إنها مأساوية، لا تقولي لسليم شيء كهذا، تعلمين أن أخوتي غريبين الأطوار ولا أريد أن أدخل في نقاش سخيف معهم، سليم وسيف حتى سلوى هم غريبين للغاية.

ضحك وخرج من غرفتها، قررت أنها لن تتبعه وسوف تبقى بغرفتها، اغلقت الباب عليها مرة أخرى وهي تضع يدها على قلبها:

-كدت أن أموت من الخوف.

تذكرت هيئة حياة أختها، كيف كان جسدها يطفو على الماء في مشهد قاسي لن تنساه باقي حياتها، لن تنساه أبدًا:

-أدعو الله أن يرحمكي يا حياة، لا أريد أن أفكر في هذا الأن والا سوف أفقد عقلي، لا أريد لأبي أن يراني في هذه الحالة.

كان هناك من يسير في هدوء بالممر على وجهه تعلو إبتسامة مستلذة هامسًا:

-الجميع كالأغبياء تمامًا، لو كانوا يعلمون كيف يتصرفوا لعلموا أن هناك من بينهم شيطان يستمتع بعذابهم جميعًا، أنا لست غبي ولست السخيف الذي يظنه الجميع.

كان يستمتع بالإستخفاف بهم جميعّا وهو يشعر بالسعادة تضغى عليه، لا يدرك ما الذي من الممكن أن يحدث بسبب أفعاله، حتى أنه لم يندم على كل ما فعله!

في شقة سفيان
فتح سفيان باب شقته والتفت لها بعد أن انتظر لبعض الوقت ولم تدخل:

-ما الأمر لا تنوين الدخول؟

كانت تشعر بالتردد الشديد وهي تنظر له:

-أنا سوف أدخل، أريد أن أرتاح ولكن هل أنت شخص جيد؟

ضحك سفيان متهكمًا:

-ما الذي تريديه؟ وماذا لو لم أكٌ شخص جيد سوف أقول لكِ؟ بالطبع لا هذا موضع كذب الجميع، مع ذلك أنا سوف أخبركي أنا شخص سيء وأفعل الكثير من الأخطاء وربما لا أعترف بها في الكثير من الأوقات لكن أنا لن أفعل شيء لكِ، لن أفكر بكِ بشكل شيء، اطمأني لست من هذا النوع.

كانت تنظر إلى وجهه، هي قد ارتاحت له منذ اللحظة الأولى، لكن ما مرت به لم يكٌ سهل أبدًا، تقدمت وهو أغلق الباب:

-لا أريدكي أن تفكري في شيء من كل ما حدث في الماضي، هذا الشخص قد انتهى ولا أظن أنه سوف يتعرض لكِ.

تحدثت متجاهلة حديثه:

-أنا لا أفهم ما الذي حدث بتلك الشقة؟

رأها تنظر إلى أثار الرصاص الذي من الصعب التخلص منها بسرعة:

-دعكِ من هذا الشيء هو لا يهمكي واخبريني ما هو اسمكِ؟

ترددت أن تخبره لكنها قررت أنها ستفعل وهي متحمسة لمعرفة اسمه هو الآخر:

-أنا أدعى وعد وأنت؟

اجابها سفيان وهو يخرج هاتفه:

-سفيان السويسي.

ابتسمت وعد وقد راق لها اسمه كثيرًا، كانت تتأمل كل شيء من حولها، يبدو أن هذا المنزل فاخر، يبدو أنه شخص يمتلك الكثير من الأموال أيضًا، تحدثت إلى نفسها:

-أنا لا أعلم ما الذي من الممكن أن يحدث، لكنه وحيد على كل حال، هو يمتلك الكثير من الأموال وربما ليس لديه عائلة، لماذا لا أدعه يتعلق بي، من الممكن أن يكون هذا الشخص هو نصيبي في النهاية!

كان سفيان يلاحظ كيف تنظر للشقة وهو يمنع ضحكاته، يبدو أنها أعجبت بها كثيرًا، تحدق بها كما لو أنها ستشتريها:

-قولي لي ما الذي ترغبين في تناوله؟

التفتت وعد لتواجهه وعينيها تتأمل عينيه:

-لا أخفي عليك سرًا أشعر أن الجوع على وشك أن يلتهمني، أي شيء من الممكن أن آكله، هو لم يطعمني وكان يقول اقتربنا اقتربنا حتى فقدت عقلي واجبرته على إيقاف السيارة.

تتبدل ملامحها كلما تذكرت ما حدث وكيف كان يختطفها وهي تجلس بجواره مرحبة، تتذكر أنه أخبرها أن لديه شقة في القاهرة لا أحد يعلم شيء عنها، مع ذلك لم تنتبه، قاطعها سفيان:

-لا أصدق أنه أتى بكِ من الأسكندرية إلى القاهرة دون علمكِ! هذا الشيء ليس منطقي ألم تري الطريق ولم تشعري بكل شيء يحدث؟

حركت وعد رأسها بأسف:

-أنا أنام في الطريق بشكل شبه دائم وعندما استيقظت كنا على وشك الدخول إلى هنا ولم أكٌ مدركة لكل هذا الوقت، عندما أدركت صرخت به بعد أن اخافني بإصراره على القيادة رغم طلبي المتكرر بالتوقف.

حرك سفيان رأسه:

-لا أظن أن هذا الأمر طبيعي، أنتِ لستي طبيعية على كل حال.

حدقت وعد به وهي تسأله:

-لا أفهم ما الذي تقصده بحديثك؟ تتحدث معي كما لو أنني كائن من الفضاء أمامك!

ضحك سفيان وهو يعلم ما الذي ترمي إليه، يشعر بالتعجب الشديد من تفكيرها وأفعالها، لا يبدو أن تلك الفتاة نالت القسط الكافي من التربية وأداب التعامل:

-وجودكي هنا ليس جيد لأن في كل الأحوال أنتِ مع رجل بمفردكِ لكن ما باليد حيلة على كل حال.

كانت ترمقه بضيق هامسة بداخلها:

-لا تعلم ما الذي مررت به على كل حال أنت ولدت وفي فمك معلقة من ذهب، هذا الشيء واضح للغاية.

أتى اليوم التالي استيقظوا عائلة المنصوري واجتمعوا حول المائدة لتناول وجبة الإفطار، كانت حنان ترمق ساجد بنظرات غاضبة من وقت لآخر بينما هو كلما التقت عينيه بأعينها يبتسم، تحدثت الجدة بضيق:

-ما الأمر يا ساجد؟ لماذا تبتسم بتلك الطريقة؟!

حمحم ساجد وهو ينظر إلى جدته بإحراج:

-أنا آسف يا جدتي، تذكرت شيء فقط آسف.

تعالى صوت هاتف حنان لتقف مبتعدة عن المائدة، سألها والدها بتعجب:

-ما الأمر يا حنان من الذي يتصل بكِ في هذا الوقت الباكر؟!

حاولت حنان أن تبدو طبيعية:

-مؤكد صديقتي تريد أن تطمأن عليّ، أجل إنها صديقتي سلمى سوف أجيبها ولن أتأخر.

خرجت للڤرندا وهي منفعلة واجابت سفيان:

-ما الذي تريده يا سفيان؟ لماذا تتحدث في هذا الوقت الباكر؟ إما أنني نائمة أو مجتمعة مع عائلتي.

تحدث سفيان وهو يحضر قهوته:

-هل حدث شيء ليلة أمس لا أعرفه يا حنان؟

حركت حنان رأسها بنفي وهي تحاول ان تتذكر:

-كل شيء كان طبيعي للغاية.. لا لا حدث شيء لا أعلم إن كان سيفيدك، في الحقيقة الخطوات كانت خطوات ساجد، أنا تجرأت وفتحت الباب وهو كان ثمل وقد أخطأ بين غرفتي وغرفته.

انتبه سفيان إلى حديثها تاركًا قهوته:

-تقصدين أنه اعتاد على هذا؟

فكرت حنان وهي تشعر بالقلق الشديد من  سماع عائلتها لها:

-لا أعلم يا حضرة الظابط، كل شيء كان على مايرام حتى موت حياة وبدأت حياتنا تنقلب رأس على عقب.

اجابها سفيان بهدوء شديد:

-لم يتغير شيء أنتم فقط بدأتوا في ملاحظة كل شيء منذ موت حياة، لست متأكد لكن لماذا لا يكون هو الفاعل برأيك يا حنان؟

حركت حنان رأسها بنفي وهي تقطع الڤرندا ذهابًا وإيابًا:

-لا أظن هذا، ساجد لا يفعلها ولماذا سيفعل هذا؟ لا يوجد داعي يا مارد.

ابتسم سفيان لمناداتها لهذا اللقب وتحدث معها في هدوء شديد:

-ببساطة لأنه ثمل، ألا تعلمين أنه غير واعي يا حنان؟ لماذا لا يكون هو الفاعل؟ عاد ثملًا إلى المنزل، قام بطرق غرفة حياة بعد إرتدائها لهذا الفستان المكشوف، فتحت له وحاول اسكاتها ومن ثم هبط معها للأسفل وبعد مشاداة بينهم انتهى به الأمر قاتلًا إياها.

اجتمعت الدموع في أعينها بمجرد تخيلها للمشهد:

-لا يمكنني أن أعرف، أنا حقًا أشعر بالكثير من التشتت وعاجزة عن فهم كل شيء يحدث بداخلي يا سفيان باشا.

اجابها سفيان في هدوء:

-كل شيء سوف سنكشف أنا لن اترك تلك القضية مهما حدث.

تحدثت حنان بقلق:

-ماذا لو حاولوا قتلك يا سفيان؟ ما الذي سوف يحدث وقتها؟

حرك سفيان رأسه بنفي:

-العمر واحد على كل حال، لكن لا أظن أن القاتل سوف يهاجمني بتلك السرعة مرة أخرى، هو متأكد أنني أنتظره وأستعد جيدًا فلن يفعلها يا حنان، سوف أغلق الأن حتى لا يشكوا بالأمر وسوف نتحدث فيما بعد.

أغلق ورأى بجواره وعد ليعقد حاجبيه بحيرة:

-ما الذي يحدث؟!

ابتسمت وعد وهي تنظر له:

-تتحدث مع حبيبتك أليس كذلك؟ وجهك يكشف كل شيء.

ابتسم سفيان بتهكم:

-حقًا؟ تقولين شيء ينفيه الجميع على كل حال، يمكنكي أن تتناولي كل شيء تريدينه من الثلاجة، سوف أذهب أنا الأن للعمل هاا.

سألته بفضول شديد:

-ماذا تعمل يا ترى؟

نظر لها وعلى وجهه تعلوا إبتسامة ثقة:

-أنا الرائد سفيان السويسي، لا أحتاج لأن أعرف نفسي أكثر من هذا أليس كذلك؟

ابتسمت بإعجاب:

-أوه لم أكٌ أتخيل هذا أبدًا، لكن هيئتك تعطي شيء كهذا.

غادرها وعلى وجهه تعلو إبتسامة إعجاب، شخص مثله يحب أن يمدحه كل من حوله، على كل حال هو يدرك أنه أكثر من رائع ومن يبقى بجواره هو شخص محظوظ للغاية.

في مكان آخر
كانت حنان تقف وهي تشعر بأنفاسها تضيق حتى سمعت صوت ساجد من خلفها فتنتفض:

-حنان أردت أن أشكركي، أنا مدين لكِ لأنكِ لم تخبري أحد بما حدث، أنا لم أكٌ هكذا لكن أشعر في أوقات كثيرة أنني على وشك أن أفقد عقلي يا حنان صدقيني.

ابتلعت حنان ما بحلقها وهي تنظر له:

-أنت عليك أن تفكر جيدًا يا ساجد، ما تفعله هو شيء بشع ومن الممكن أن تفعل الكثير من الجرائم وأنت لا تشعر.

حدقها بغموض وهو يحرك رأسه بإيجاب بطريقة جعلت قلبها يرتاب كثيرًا، كالعادة قاطعهم سليم بضيق شديد:

-حنان تعالي إلى هنا علينا التحدث لأنني سأمت من هذا الوضع كثيرًا..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي