الفصل الرابع الشك

تحدثت حنان بتعجب شديد بعد خروج ساجد:

-خرج أخاك قل لي ما الذي تريده يا سليم؟ لماذا اصبحت أكثر غضبًا بتلك الطريقة، تتحدث بإنفعال طوال الوقت و..

قاطعها سليم بغضب شديد:

-لا يمكنني أن أتحمل كل هذا يا حنان، أشعر بالجنون كلما رأيت أحد يقترب منكِ، دعينا نتزوج في أقرب وقت ونكون عائلة واحدة، أريد أن ينتهي كل هذا، أريد أن أنتهي من هذا الكابوس.

كانت تلاحظ أنه في الأونة الأخيرة أكثر غضبًا، يتعمد الإقتراب منها بطريقة غير مقبولة أيضًا، قلبها لا يشعر بالأمان في وجوده كالسابق، يداهما الشك وتحاول أن تتجاهل هذا الشعور:

-أنت ما الذي تقوله، حياة لم يمضي عليها سنة حتى وأنت تقول زواج يا سليم؟ لا أظن أن هذا الوقت مناسب أبدًا.

صرخ في وجهها بغضب:

-متى الوقت المناسب إذًا بالنسبة لكِ يا حياة؟ انظري في وجهي واخبريني.

ابتعد حنان عنه خطوة وهي تشعر بقلبها يرتجف:

-أنا لست حياة، أنا حنان يا سليم.

ابتسم سليم بتهكم وهو يحدقها بسخرية:

-أنا أفهم رجفة شفتيكِ، أفهم قلقكِ وعينيكِ الحائرتين، أنا أفهم أن قلبكِ مضطرب كثيرًا أليس كذلك؟

حاولت حنان أن تتمالك أعصابها كثيرًا، حاولت أن تفكر بشكل جيد ولكن عقلها قد توقف عن العمل، لا تدري ما الذي يحدث لها:

-سليم إذا سمحت دعنا نؤجل التحدث في هذا الأمر، انا لست بخير الأن، أشعر بالتشتت ورأسي يؤلمني، إذا سمحت ابتعد لأخرج.

أتت لتخرج من الڤرندا لكنه قام بسحبها بقوة وهو ينظر إلى عينيها محدقًا بها بنفاذ صبر:

-لا يمكنني أن أترككي يا حنان، أشعر بشيء فظيع على وشك الحدوث، أشعر أنني سوف أفقدكي وهذا الأمر أنا لا يمكنني تحمله أبدًا.

نظرت إلى يده التي تعتصر زراعها بقلق:

-أنت ما الذي تفعله؟ سوف يرانا أحد يا سليم هل فقدت عقلك؟!

ابتسم وهو يومأ لها بغضب شديد:

-ليكن هذا الأمر صحيح يا حنان، أنا فقدت عقلي ولا يمكنني أن أصمت، سوف توافقين عندما يأتي أبيكِ ليأخذ رأيكِ وانتهينا.

دفعته حنان بقوة وهي على وشك البكاء:

-أنت تقوم بتهديدي ومستحيل أن أتقبل شيء كهذا يا سليم هل تفهم؟ لا يمكنني أن أتقبل تصرفاتك تلك.

تركته وخرجت من الڤرندا وهي على وشك الإنهيار، لاحظ هذا سيف وهو ساكن تمامًا، كان يتابعها حتى صعدت على الدرج ومن ثم تناول طعامه في هدوء شديد.

في مكان آخر
تحدث اللواء رأفت بضيق شديد:

-إلى الأن لم تعثر على القاتل، لكن من حظك أنك على قيد الحياة، توقعت هذا لكن لم أتوقع أن تكون على مايرام بهذا الشكل يا سفيان.

ضحك سفيان وهو يرفع حاجبه الأيمن ليظهر وسيم أكثر من قبل:

-تشعر بالضيق لأنني لم أقبض على الفاعل بعد أم لأنني مازلت على قيد الحياة؟ أيهما الأسوأ بالنسبة لك يا ترى؟

ضحك اللواء رأفت وهو يومأ له:

-من الجيد أنك تفهم الأمر سريعًا يا سفيان، لكن دعني أخبرك أن تلك القضية أخذت وقت أكثر من اللازم، القاتل من المنزل وهذا يسهل الكثير.

حدقه سفيان بنظراته الثاقبة:

-قل لي لو كانت بتلك السهولة لماذا لم يعثروا رجالك على القاتل؟ لقد اهدرت الكثير من الوقت معهم ألا توافقني الرأي؟ أنا لا أعبث في تلك القضية ولا أحب تضييع الوقت، سوف أعثر على القاتل مهما كلف الأمر، لكن في الوقت المناسب ولن يطول.

وقف من بعدها وهو يغلق الزر في منتصف سترته:

-سوف أذهب الأن ولو أردت أي شيء أو هناك شيء جديد ظهرت فالتتصل بي.

ابتسم رأفت ساخرًا:

-أظن أن هذا الحديث من حقي أن أوجهه أنا لك وليس العكس!

ضحك سفيان وهو يغمز إلى رأفت:

-دعها عليك هذه المرة يا سيادة اللواء.

غادر سفيان مكتب رأفت الذي ابتسم وهو يحرك رأسه بفقدان أمل:

-لن يتغير سفيان مهما حدث لن يعقل، ربما أنت رائد ماهر، لكن هذه القضية ليست سهلة أبدًا، لا أعلم ولكن لدي الثقة أنك ستستطيع فعلها وسوف تحل لغز هذه القضية ومازال البحث عن الظباط المفقودين مستمر.

تلقى سفيان هاتف من حنان وهو في سيارته في طريقه إلى شقته:

-ما الأمر هل هناك شيء جديد؟

اجابته حنان بتردد شديد:

-عرض سليم عليّ الزواج منذ قليل وأنا لا أعلم كيف يمكنني التصرف.

سمعت ضحكاته الباردة عبر الخط وهو يتحدث إليها قائلًا:

-حنان يبدو أن الأمور اختلطت ببعضها البعض، هذا الشيء لا يعنيني، أنا حتى لا أعرفه لأعطيكي رأيي وعندما رأيته لم أحبه أبدًا وأثار شكوكي.

اجابته حنان بإنفعال واضح:

-هذا بالضبط ما أعنيه يا مارد، سليم يتصرف بطريقة غريبة لم يكٌ يتصرف بها من قبل، طريقة تثير شكوكي رغم استبعاد عقلي له، لكن لا يمكنني أن أفكر في كل ما يجب عليّ فعله، أنا أشعر بالكثير من التشتت.

كان يقود بهدوء واضعًا السماعة في أذنه:

-ظلي راقبي كل شيء ولو حدث أي شيء جديد اخبريني، أنا جاهز بالكاميرات وكل ما عليكِ أن تساعديني في جعلهم يخرجون من المنزل لأستطيع وضعهم بالشكل المناسب، لا داعي للقلق وسوف يتم حل كل شيء.

سألته حنان بصوت يشوبه الحزن:

-هل من الممكن أن يحدث ويكون سليم القاتل يا مارد؟

علم سفيان أنها تحمل الكثير من المشاعر لهذا الشخص، تجاهلت كل شيء فقط لتسأل عليه، ابتسم هو بخبث:

-ليس ببعيد لكن عليكِ أن تجعلي هذا القلب يتوقف عن التصرف كمراهق.

ابتعدت حنان الهاتف عن أذنها بإنزعاج شديد ومن ثم اغلقت الهاتف في وجهه.

نظر سفيان في الهاتف وفمه مفتوح في صدمه:

-لا يمكنني أن أتخيل، هل اغلقت الهاتف في وجهي للتو؟ حسنًا يا حنان أنا سوف أريكي، أنتِ حقًا تشبهين عائلتكِ في قلة الزوق تلك، لا يمكنني أن أتحمل أي شخص منكم، حتى سليم هذا الشخص يبدو عليه كما لو كان مجرمًا.

وصل إلى منزله ووجد منزله في حالة من الفوضى اتسعت عينيه وهو يرى المنزل مكسر بأكمله، أخرج سلاحه وبدأ في فتح غرفة غرفة وهو يستعد للهجوم، وجد وعد ساقطة في إحدى الغرف فاقدة للوعي ورأسها تنزف الدماء، ركض تجاهها وهو يحاوط وجهها:

-وعد ما الذي حدث؟ ما الذي تشعرين به، لا تقلقي سوف تكوني بخير.

قام بحملها وأتجه إلى الأسفل ليضعها في السيارة بجواره:

-سوف نذهب إلى أقرب مستشفى، لا تخافي لن يحدث لكِ أي شيء سيء.

أتاه صوتها الخافت:

-لا تفعل يا سفيان، أنا أريد النوم، أعيدني للفراش أرجوك ولا تذهب، هناك من اقتحموا المنزل فجأة ولا أعلم ما الذي حدث، حاولت الصراخ وقاموا بتكميم فمي وانهالوا عليّ بالضرب و..

صمتت فجأة ليجدها فاقدة للوعي وهو يشعر بالضيق الشديد، لقد ظن أنهم لن يجرأو على فعل هذا مجددًا لكنهم خالفوا توقعاته وها هم قد اقتحموا منزله مرة أخرى، وصل إلى المستشفى وهو يحملها للداخل:

-هناك حالة طارئة أحتاج إلى المساعدة بسرعة إذا سمحتوا، رأسها تنزف حتى فقدت الوعي.

ساعدوه لنقلها في غرفة الطوارئ وقامت الطبيبة بالتحدث معه:

-اطمأن هي لم تنزف كثيرًا، حتى أنها لا تحتاج لنقل الدماء، لكن عليك أن ترعاها جيدًا وأن تبقى في الفراش بضعة أيام حتى تشفى لأن جسدها عليه الكثير من الكدمات، قل لي ماذا تقرب لها؟

تحدث سفيان وهو ينظر تجاه غرفتها بالمستشفى:

-أنا الرائد سفيان السويسي، سوف أعثر على الفاعل ومؤكد سوف ينول عقابه.

ذهب لينهي باقي الإجراءات ومن ثم دلف إلى غرفتها ليراها مغمضة الأعين وقامت بفتحها ما إن شعرت به:

-لا تتحركي، على كل حال قالت الطبيبة أنكِ بخير، لكن تحتاجين إلى الراحة.

تساقطت دموعها وهي تضع يدها على رأسها بألم:

-أنا شعرت أنني على وشك الموت، لا يمكنني أن أذهب إلى الأسكندرية هكذا أليس كذلك؟

حرك سفيان رأسه بإيجاب وهو هادئ للغاية:

-أجل سوف تبقين هنا لبعض الوقت، سوف نذهب إلى مكان آخر أكثر أمانًا، هو أقل حال من تلك الشقة لكنه أمان، لا داعي للقلق سوف تكونين على مايرام حتى أترككي.

نظرت وعد له بأعين دامعة ونظرات تجعله يشفق عليها:

-هل يحاول أحد التخلص منك؟ كان أحدهم على وشك أن يقتلني لكن الرجل المرافق له قال أنك المقصود وأنني لا شأن لي.

أومأ سفيان لها ومازال يحافظ على إتزانه:

-أنا أتفهم كل هذا، أنا هو المقصود وهذا طبيعي أنتِ تعرفين جيدًا طبيعة عملي وعندما نذهب إلى هذا المكان لن يقترب أحد منه لأنه سري للغاية.

ابتلعت وعد ما بحلقها وهي تنظر له:

-أنا أشعر بالخوف الشديد، لا أعلم السبب ولا أعلم كيف يمكنني أن أسيطر على نفسي، لكن سوف أستمع لك وكل شيء سوف يكون بخير.

كان سفيان يفكر في كل شيء من الممكن أن يحدث، هو يعلم في أي وقت من الممكن أن يخسر حياته.
__________
كانت حنان في الصالون، تعبث بهاتفها بلا هدف، تفكر كيف ستجعل الجميع يخرج من المنزل والجميع اصبحوا مشتتين وفي مزاج سيء، قاطع شرودها صوت شهاب:

-الجميل عليه أن يذهب إلى غرفته، من الجيد أنكِ لم تذهبي إلى النادي بعد كل شيء حدث.

نظرت حنان له وهي تومأ:

-استمعت لحديثك ولكن يا شهاب أنا أشعر بالإختناق من كل شيء يحدث و..

قاطعها شهاب دون أن يدعها تكمل:

-عليكِ أن تتحملي كما نتحمل نحن، أنا لست مقتنع بحديث الشرطة وأن القاتل فرد منّا يا حنان، هذا الأمر شبه مستحيل، ربما هناك أشخاص من بيننا ممتلئين مالعيوب لكن لا تصل إلى القتل أبدًا.

نظرت حنان له وقد كانت على وشك أن تبكي، تابع شهاب بضيق شديد:

-أنا أحاول أن أجعلكي بحال أفضل، لا تتأثري أرجوكِ وفكري في الأمر، سفيان طلب مني مساعدته ولكن لا يمكنني أن أفعل، لا يمكنني أن أتحمل رؤية عائلتي تعاني بسبب شيء أنا واثق أنهم لم يفعلون، أنا أكثر الأشخاص حبًا لحياة يا حنان فصدقيني.

نظر حنان إلى عينيه وهي تحرك رأسها بنفي:

-لم يدخل أحد إلى القصر يا شهاب، هذا دليل كافي على أن القاتل هو فرد من تلك العائلة.

تحدث شهاب وهو يبتسم بتهكم:

-قاتل ومن المؤكد أنه محترف ليتجرأ على شيء كهذا وفي مثل هذا القصر، من المؤكد أنه عبث بكاميرا المراقبة بطريقة ما يا حنان، ألا يبدو الأمر مقنع؟

نظرت له حنان وهي تشعر بالتشتت يزداد بينما شهاب قرر أن يغير الحديث في تلك النقطة:

-لا يوجد في يدنا شيء نستطيع أن نفعله، لكت دعينا نبتعد عن أي قلق، عن أي شيء من الممكن أن يجعلنا نخسر بعضنا يا حنان، لقد اكتفيت من كل شيء.

رحل من أمامها بينما حنان وضعت يدها على رأسها وهي تعتصرها بألم شديد:

-لقد سأمت كل شيء، أنا لا يمكنني أن أتخذ قرار من القاتل؟ ساجد؟ سليم؟ أم سيف هذا الغامض وشهاب الذي لا أعلم إن كان هناك شيء بينه وبين حياة ام لا.

سمعت صوت من خلفها لتنتفض:

-حنان! ما الأمر يا حبيبتي هل حدث شيء ما؟

حركت حنان رأسها بنفي وهي تنظر إلى خالد:

-لا يا عمي لم يحدث شيء، أنا فقط أشعر بالإرهاق وموت حياة لا يمكنني أن اتخطاه، أشعر أنني بكابوس.

تدخل أشرف عمها وهو يحاول أن يواسيها:

-سوف يكون كل شيء على مايرام يا حنان، حياة في مكان أفضل ومن فعل هذا سوف يأخذ عقابه.

أومأ خالد وهو ينظر لها:

-سوف يكون كل شيء على مايرام، عليكِ أن تكوني قوية لتستطيعي أن تقاومي كوابيسكِ وتدعمين والدكِ في مثل هذا الوقت يا حياة.

تحدثت وهي تنظر إليهم بإرتياب:

-هل تعتقدون أن من قتل حياة في هذا المنزل حقًا؟

عقد أشرف حاجبيه وهو ينظر لها:

-من تظنين إذًا؟ لا أريد تصديق هذا يا حنان، من الممكن أن يكون أحدهم يحاول العبث بعقولنا، ليس لدي شك في أي شخص.

أومأ خالد وهو يشعر بالحزن:

-حنان أنا لا أعلم ما الذي سوف يحدث لو سرنا خلف هذا الرأي، لا يمكننا أن نعيش لو بقينا نترقب أفعال بعضنا البعض أليس كذلك؟

تساقطت دموع حياة وهي تومأ لهم:

-لا يمكنني أن أكمل حياتي في هدوء، لا أستطيع أن أفعل شيء كهذا، حياة كانت نصفي الآخر وأنا بدونها لا شيء.

تدخلت عمتها في هذا الوقت عتدما استمعت إلى حديثهم:

-حبيبتي حياة كانت تعني الكثير لنا ولن ننساها، لكننا نحاول أن نتأقلم وتعلمين أن جدتكِ مريضة وبشدة منذ هذا اليوم وبصعوبة تندمج معنا أثناء وجبات الطعام، اذهبي واستريحي يا قلب عمتكِ ولا تفكري في أي شيء.

اومأت حنان وصعدت إلى غرفتها وهي تحاول أن تجفف دموعها:

-سوف أتحدث مع المارد، هو الوحيد القادر على ترتيب أفكاري على كل حال.

في هذا الوقت وصل سفيان إلى شقة بسيطة للغاية في أحد الأماكن المهجورة، تحدثت إليه وعد:

-ما الذي نفعله في مثل هذا المكان يا سفيان؟

أغلق سيارته وأخذ سلاحه واضعًا إياه في جيب بنطاله:

-نحن بحاجة إلى البقاء هنا يا وعد؛ حتى تستعيدي صحتكِ ولا يقترب أحد منكِ ويتمكن من الإضرار بكِ بأي شكل.

اومأت وعد وقد كان يبدو عليها القلق الشديد، سارت معه وعندما دلفت إلى تلك الشقة تفاجأت بها مرتبة، منظمة رغم صغر حجمها:

-إنها جميلة رغم بساطتها، هل كنت تأتي هنا كثيرًا؟

أومأ سفيان لها وهو يضع حقائب الطعام جانبًا:

-أجل عندما كانت تسافر أمي وأريد قضاء بعض الوقت مع ذاتي، هذا المكان يريحني؛ لأن هنا كان يمكث أبي رحمه الله.

اومأت وعد له بتفهم:

-أجل لقد فهمتك يا سفيان، رحم الله والدك.

دلفت وجلست على اول أريكة قابلتها وهي تحاوط رأسها بألم:

-من يكونوا هؤلاء يا سفيان؟ كانوا غاضبين وعلى استعداد لقتلك، اخبرني كيف تعيش في مثل تلك الأجواء وحياتك في خطر، أنت مهدد بالموت في أي وقت هل يعقل هذا؟!

نظر لها سفيان لبعض الوقت فيجد هاتفه يرن والغريب أن حنان تتصل به فيديو!
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي