الفصل الثاني إنتهاك

الفصل الثاني (إنتهاك)


نظرت إيلي حولها بحزن شديد، وهى تقول بنبرة خافتة:
-كلمات "راشيل" غير صحيحة. حقيقة إنني لازالت حتى الآن عذراء، ولم أقم بعلاقة عاطفية، ولا حميمة مع أحد، لكن ليس معنى ذلك إنه لا يوجد شاب حاول لفت نظري.

صمتت لثواني قبل أن تكمل:
-هناك "ريتشارد " زميلي حاول بجهد أن يلفت نظري، فهو معجب بي بشدة منذ عامين وحتى الآن، ولكنه خجول بعض الشيء فقط لا غير.

لكن قوة الحقيقة في كلمات "راشيل"، وهى ترسم مستقبلها، جعلها تكاد تبكي على نفسها، وسط كل الضيوف وأصدقاء جدتها، وزملائها منذ أيام المدرسة الثانوية.

وفجأة صمت مهيب حل على الحفل، ولكنها لم تهتم. وكان الجميع من حولها ينظر إلى باب المنزل المفتوح.

كان على الباب، يقف رجل يبدو في الثلاثين تقريبًا من عمره، طويل القامة، عريض المنكبين، ذو شعر أسود، أطول من المعتاد قليلاً بحيث يلامس عنقه، وملابسه سوداء بالكامل.

وعندما نظرت اليه إيلي، شعرت كما لو كان به شيء خطير، لا تعرف ما هو، ثم اتجهت إلى السيدة "مارجريت"، وقالت لها:
- سيدة "مارجريت" سوف أرحل الآن، أنت تعلمي أن جدتي تحتاج دائمًا إلى رعايتي، وأريد أن أشكرك على حفلتك.

لم تلتفت إليها السيدة "مارجريت"، كما العادة. هي فقط أومأت لها برأسها بلا مبالاة، وقالت لها:
-مع السلامة.

فتنهدت إيلي، وبدأت تتحرك لتخرج.

قال لها الرجل الغريب والوسيم:
- لماذا الرحيل مبكراً هكذا؟ هل الحفل مضجر إلى تلك الدرجة؟!

توقفت "إيلي"، عن الحركة، ثم التفتت إلى الصوت الذي يتحدث، لأنها بشكل ما شعرت كما لو كان موجه إليها أو إلى روحها، وكم كانت محقة.

قالت له إيلي بحدة:
-هذا ليس من شأنك.

هتفت السيدة مارجريت قائلة:
-إيلي كوني مهذبة مع الضيف.

ردت إيلي بنبرة معتذرة:
-آسفة سيدة مارجريت، آسفة سيدي.

ابتسم لها ابتسامة ساحرة، ثم قال:
-لا داعي للأسف، فبعد ثواني لن أستحق هذا الأسف الصادر منك.

نظرت له بحيرة وهي تقول:
-ماذا تقصد بكلامك هذا؟ أنا لا أفهم شيء من كلامك.

قال لها بنبرة رنانة ساحرة:
-أقصد هذا.

ثم أمسك يديها ونظر إلى عينيها.

نظرت إلى عيناه فقط، وعندما نظرت إليه شعرت؛ شعرت إنها مرئية، إنها موجودة، إن هناك أحد يراها، ويراها بشكل مختلف. فحبست أنفاسها وعيناها حبيسة عيناه.

وانذهلت حين أقترب منها، وخلع النظارة الطبية من فوق عيناها، وبلحظة وجدت نفسها في احضانه، استولى على شفتيها بقوة، وإصرار، وتملك، كما لو كان له كل الحق بذلك.

صوت شهقات من حولها جعلتها تعود للواقع وتبتعد، رغمًا عن هذا الرجل، فهو أوسم وأجمل رجل رأته في حياتها. فأبعدت شفتاها لتنظر إلى بحر عيونه، وهمست بصوت شاحب الأنفاس:
- اتركني من فضلك، دعني أذهب.

بصوت حازم، وأعينه تلمع بلون أزرق قوي، قال آمرًا:
_لا، لن أبتعد، إبقِ بالقرب مني صغيرتي.

قالت له بغضب:
-أنت رجل مريض، ويجب أن تعاقب على فعلتك تلك.

ضحك ساخرًا وهو يقول:
-لديك كل الحق في كلمة مريض، ولكن أعاقب على قبلتي لك شيء مستحيل.

أصوات الاستهجان الصادرة ممن حولها، جعلتها تشعر بالغضب أكثر، فابتعدت عنه بحدة ورجعت للوراء، وخطفت من أنامله نظراتها الطبية، وركضت خارج الحفل.

بخطى سريعة شقت الطريق، سارت "إيلي" بسرعة، وكان الغضب هو الذي يقود تلك الأقدام.

وقالت منفعلة غير مبالية لأي شخص قد يسمعها:
-ما حدث مع ذلك الرجل الغريب، والإذلال الذي تعرضت إليه منذ قليل، وما حدث في الحفل، كان أكثر الأشياء إذلالاً في حياتي.

زادت الدموع في مجرى عينيها، وهي تزيد خطوتها سرعة، ولكن صوت بين الشجيرات على ضفتي الطريق استرعى انتباه "إيلي".

شعرت حينها بالخوف؛ وأخذت تنظر بقوة وتركيز، وقالت بنبرة خائفة:
-من هناك؟ قد يكون أي شيء إيلي، لا تخافي، وقد يكون أحدهم يحاول إخافتك، ولكنه قد يكون مغتصب أو مجرم.

إلتفتت حولها برعب، ونبضاتها تنبض بسرعة، وهي ترتعش من الخوف.
وفجأة قفز شيء ما من بين شجيرات الغابة أمامها مباشرة، كان يقف شيء بشع ضخم، ومرعب.

صرخت "إيلي"، بأعلى صوتها:
-النجدة، انقذوني، هناك وحش يريد قتلي.

ورأت ذلك الشيء ذو الأعين الصفراء، يقفز بسرعة تجاهها.

ركضت إيلي بشكل جانبي، وتركت الطريق الأسفلتي، ودخلت الى الجهة الأخرى من الغابة، مخترقة الشجيرات؛ في محاولة للهرب من هذا الشيء الضخم المرعب.

وأخذت تركض وهي تسمع صوت خطوات هذا الشيء الضخم يركض خلفها، كان أشبه بالـغوريلا.

فجأة قفز شيء ما من الظلام، قبل سنتيمترات فقط من إمساك ذلك الشيء بها، قفز رجل ما من الظلام بقوة، ودفع ذلك الشيء الضخم الذى طار بعيداً، ثم قام بقتله.

فأبصرت "إيلي"، المرعوبة من هو هذا الرجل. جاء شعاع القمر على وجهه، فبدا يشبه الرجل الذي قبلها بالحفل، منذ قليل.

لكنه لم يكن وسيمًا أبدًا كما كان في الحفل، بل كانت عيناه زرقاء منثور بها نثرات رمادية، وقد أصبحت كلها رمادية، كانت عيناه بلا لون.

قالت له بخوف:
-من أنت؟ ولماذا بشرتك تحولت وأصبح شاحبة كالأموات؟ ولماذا وجنتاك غائرة هكذا، دخلت إلى داخل وجهك كما لو كنت مصاب بالهزال؟

ابتسم لها ابتسامة مرعبة وهو يقول:
-هل هذا كل ما يهم؟ أين ذهبت وسامتي؟

كانت تشعر بالصدمة وهي تكمل قائلة:
-شفتاك كانت نابضة بالحياة منذ قليل، والآن لا لون لها ولا حياة.

واتسعت عيناها من الخوف وهي ترى أنياب له. فقالت بصدمة:
-أنت لك أنياب تبرز من فمك، أنياب كما أنياب الوحوش ذات الفك المفترس، أكيد أنا أحلم وسوف أستيقظ قريبًا.

قال لها بصوت عميق:
-هذا ليس حلم، صغيرتي إيلي.

قالت له وهي ترتعش من الخوف:
-إذًا هذه خدعة جديدة من ساندي، اتفقت معك على ذلك وكل ما حدث مجرد مسرحية، تم إعدادها للسخرية مني.

رد عليها بنبرة باردة:
-خطأ، لا أعتقد أنك بهذه السذاجة.

التقت عيناها المرعوبتان به، وهزت رأسها برعب وخوف وهي ترى الحقيقة المخيفة بعينيه، وهو يأسر عيناها، ونبض قلبها بشكل مرعب.

وتراجعت عدة خطوات إلى الخلف، تحاول الهرب. وفجأة ظهر أمامها ضوء ساطع، ودون إرادة منها قامت باختراقه، لم تكن إيلي تعلم أن هذا الضوء هو بوابة زمنية، قامت بفتحها نتيجة قواها، التي لم تكن تعلم عنها شيء.

هذه البوابة لم يكن مقدر لها فتحها، إلا قبل بلوغ سن الحادية والعشرين، ولكن خوفها هو من عجل من ظهور قواها.

انذهل الوحش الوسيم عندما رأى ما حدث، وقال لنفسه:
-الوقت لم يحن بعد، لا يجب أن تعرف شيء عن قواها السحرية الآن. وبسرعة الرياح التي يمتلكها، قام هو الآخر بعبور هذا الحاجز الزمني.

وعندما عبر الحاجز، وجدها ملقاة على الأرض فاقدة الوعي؛ فهذا الجسد لم يكن مستعد لذلك. وما أن فتحت عيناها، وتحركت خطوة، حتى كان هو أمامه بسرعته الخارقة فوقها مباشرة.

بمجرد أن فتحت عينيها صرخت مرعوبة؛ بسبب الأحداث التي مرت بها، وحدقت بوجهه المرعب الجاثم على بعد إنشات من وجهها.

فتحت فمها لتصرخ بأعلى صوتها، فما به إلا أن انحنى فوقها، وكتم صراخها بفمه، ثم قال هو يبتسم:
-لن يسمعك أحد جبنة.

بمجرد أن سمعت هذا الاسم، نسيت خوفها، وقالت له:
-إياك ونطق هذا الاسم مرة أخرى على لسانك هذا.

انطلقت منه ضحكة رنانة وهو يقول:
-ماذا؟ أريد رؤيتك تفعلي هذا بي.

ثم أنقض على شفتيها مقبلاً إياها، وضمها إليه ليمنعها من الهرب، وإنشاء ممر زمني آخر.
طريق الخوف يبدأ بقبلة، فلو علمت ماذا يخبئ القدر لها، لفضلت لو أن هذا الوحش المقتول كان أتم عمله، وقتلها.

وعندما تركها، نظرت إليه بأعين بنية واسعة، ومع كل ثانية تزداد اتساعاً من الخوف، نظرت "إيلي" إلى ذلك الرجل برعب أكبر، ثم قالت له:
-أرجوك ابتعد عني، أكيد أنت لست رجل، بل أنت شيء ما ، شيء لا أعرف ما اسمه؟.

قال لها بهدوء:
-أسئلتك كثيرة وأصبحت بلا معنى. نعم لست رجل، أنا لست من البشر.

شعرت أن أنفاسها تتلاحق مع قلبها المتسارع الخفقان، وهي تنظر إليه مجدداً، وإلى هذا المكان الغريب.

منذ لحظات، كانت بالغابة وبعدها بثواني وجدت نفسها في مكان غريب، وبين أحضان هذا الوحش.

حاول عقل "إيلي" استيعاب الواقع وما حدث، لكنها فشلت؛ فقالت له بصوت باكي:
-لست رجل، لماذا أوسم رجل قابلته في حياتي ليس برجل؟ ولماذا أول قبلة حصلت عليها في حياتي ليست من رجل بل من وحش ما؟

قال لها بصوت عميق:
-لست وحش، بل تستطيعين، أن تقولي أني نوع آخر من الشياطين.

تلك الكلمات التي خرجت من ذلك الصوت الأجش المثير، أثارت الرجفة داخلها.
رجفة من نوع آخر، نوع لم تعرفه من قبل. فعادت بسرعة إلى كلماته المرعبة التي كانت مغلفة بصوته الرائع.

قالت له إيلي:
-شياطين، ماذا تعني بكلامك هذا؟

شعرت بالخوف يزداد داخلها؛ لتكمل حديثها قائلة:
-لا، لا أريد إجابة على تساؤلاتي تلك، فقط دعني أعود لمنزلي.

نظر لها بتمعن وهو يقول:
-منزلك هو منزلي منذ اللحظة التي رأيتك فيها.

وفي لمح البصر، حملها بين يديه، وبسرعة أسرع من الرياح وجدت نفسها في بيت ما.

أقترب منها بخطى رشيقة، حيث كانت جالسة تضم قدميها برعب، وترتجف على الأريكة العتيقة، حيث وضعها منذ لحظات.

مال تجاهها، وتلك الابتسامة الجذابة الملونة بالشر على ملامحه الوسيمة، وبأعين مرعبة همس لها:
-خائفة إيلي؟

هزت رأسها وقالت بنبرة حاولت جعلها هادئة:
-لست خائفة منك، أنا لا أخاف من شيء أبدًا.

وفي ثانية أصبح وجهه، يبعد عن وجهها إنشات فقط، وقال:
-ألا تعرفين أن لك أكثر وجه معبر قد يقرأه المرء؟

ردت هامسة:
-نعم، أعلم ذلك جيدًا.

نظر إلى عينيها بتركيز وقال:
-حتى الآن الوضع جيد، وليس هناك خطر في الوقت الحالي.

إيلي باستفسار:
-ماذا تقول؟

صمتت فجأة عن الكلام، وضاعت في جمال وجهه الوسيم، ونسيت أن تتنفس كما لو كانت تقلده، فهو لا يتنفس كما يبدو؛ لأن وجهه الوسيم يبدو شاحب جداً.

فقالت له هامسة:
- لم تقل لي من أنت؟ وماذا تقصد بالشياطين تلك؟

لم يجبها، وفي تلك اللحظة ظهرت في باب الغرفة، سيدة في منتصف العمر، سمينة بعض الشيء، وشعرها الأسود مربوط على شكل كعكة.

نظرت إلى السيدة وقالت لها بصراخ:
-انقذيني سيدتي، لقد تم اختطافي.

لم تجيبها السيدة بتاتًا، كما لو كانت لا تسمع ولا ترى.

فقالت لها:
-هل أنت بخير سيدتي؟ ما بك؟ لماذا لا تتحدثين؟ هل هذا الوحش أذاكِ؟

وعندما لم ترد، نهضت من مكانها متناسية رعبها منه وهي تصرخ به قائلة:
-أيها المجرم، ماذا فعلت بتلك السيدة الطيبة؟ أنت حيوان حقير.

ثم قذفته بكوب العصير الذي وضع أمامها منذ قليل، وحاولت إصابته، ولكن يا للعجب فقد إلتقط كوب العصير بخفة، وسرعة، كما لو كانت قذفته بطابة تنس، مما أدهشها من رد فعله الغير عادي.

فسمعته وهو يقول بسخرية لها:
- أنا لم أفعل لها شيء بتاتًا، لقد احتجت إلى الطعام، والمأوى، لذلك أحضرتك هنا، وهي ببعض الإقناع قدمت كلاهما لنا.

قالت بغضب:
-إحضاري إلى هنا!

وقف أمامها تماماً، وهو يقول:
-نعم إحضارك إلى هنا يا "إيلي"، وكما ترين أنت لست بأمان و"الماينوتور" الذي حاول قتلك اليوم، لن يكون الأخير بل الأول وسوف يرسلون المزيد، ولذلك عليَّ التصرف قبلهم.

قالت بحيرة:
-" الماينوتور"، عن أي شيء تتحدث؟ فذلك الكائن أسطورة لا وجود له، بالتأكيد أن ما قتلته أنت بالغابة، ما هو إلا غوريلا هاربة من مكان ما، لا أكثر ولا أقل.

بابتسامة ساخرة جدًا، لم تزده إلا وسامة، جعلت قلبها يخفق وهو يقول:
-عزيزتي، أنت لا تصدقين هذا الهراء أليس كذلك ؟! كما أنك لا تصدقين أنني رجل عادي مار من هنا.

حدقت بعينيه بقوة، رافضة أن تسمح للخوف أن يسيطر عليها. وهي تشعر بقلبها يسارع للنبض بقوة شديدة، وهى تجيبه بعزم متسائلة:
- نعم، لا أصدق أي شيء مما تقول، والآن فقل لي من أنت؟ وماذا فعلت بالسيدة؟

فجأة كان يقف قرب السيدة، التي كما لو كانت بغيبوبة وليست مستيقظة، ثم نظر إلى إيلي وقال:
- أنا سوف أقول لك من أنا بالتحديد عزيزتي.

وفجأة ظهرت تلك الأنياب مجددًا بين أسنانه، وتغير لون عيناه إلى تلك لدرجة المخيفة، من اللون المرعب، وأصبح جلده أكثر رمادية وشحوبًا، ودخلت وجنتاه إلى الداخل أكثر.

شهقت إيلي بخوف، وهي تراه ينقض على رقبة السيدة، مفترساً إياها، وغرز أنيابه في عروقها ليخرج منها الدماء بغزارة.

دماء أخذ يشربها هو بمتعة وجوع، كما لو كانت نبيذ.
مما أرعبها وجعلها تتراجع بخوف للخلف؛ فسقطت على الأريكة خلفها، وقلبها يتراقص من الخفقان خلف صدرها.

إتسعت عيناها خلف نظارتها الطبية، برعب أشد وهي تراقب ذلك المشهد المخيف، والذي كانت الضحية فيه السيدة، التي لا يبدو منها أي رغبة في الهروب، أو الابتعاد عن هذا الشيطان الذي يتغذى عليها.

صرخت والرعب هو الإحساس الوحيد الذي يسكنها وقالت:
-توقف، توقف عن إيذائها أيها الوحش.

رفع عيناه المرعبتان إليها، وهو يبعد أنيابه عن عنق تلك السيدة المستسلمة تماماً، فأدركت حينها "إيلي" من هو، وأن تلك السيدة تخضع لسيطرته بشكل ما.

قالت بلهجة مرعوبة:
- أنت مصاص دماء، ولكن مصاصين الدماء مجرد أساطير، ليست موجودة.

بسرعته الخارقة والتي عرفت تفسيرها الآن، مصاصين الدماء يمتازون بالقوة، والسرعة الخارقة، حسب ما قرأته وشاهدته بالأفلام دوماً.

بسرعته الخارقة كان أمامها وقال:
-الرعب يجعل نبضات قلبك تتسارع بقوة، تؤكد أن قلبك يعرف ماذا يرى، لدرجة أن قلبك يرقص من الخوف على صوت إيقاعه المتسارع يا عزيزتي بصعوبة.

ابتلعت لعابها، الذي لم تعرف كيف حتى تبتلعه من شدة هلعها، وهي تنظر إلى السيدة من خلفه، حيث تقف مكانها والدماء تسيل من عنقها.

قالت إيلي بصوت مرتعب:
-حسناً سيد مصاص الدماء، ماذا سوف تفعل بي ؟ هل سوف تحولني الى تمثال خاضع لطعامك، مثل تلك المسكينة؟

نظر إليها بدقة مراقب الدماء التي تجري بعروقها، دماء يعلم أنها خطيرة، لا يستطع الاقتراب منها وتذوقها؛ وإلا هلك تماماً.

فرفع أنامله ولمس عنقها، الذي ينفر فيه النبض، قال لها:
-لطالما استمتعت برؤية الرعب في ملامح فرائسي.

همست برعب:
-أرجوك لا تأكلني.

لمس جلدها بخفة، وشعر بنعومة بشرتها الحريرية. واشتم تلك الرائحة اللذيذة، التي تصدر من جسدها، رائحة ميزتها حواسه الخارقة بسهولة.

لكن لا يستطيع أي رجل عادي أن يشمها، لأنها حتى الآن كانت مسجونة داخلها.

فاقترب أكثر منها وهو يخلع نظارتها الطبية ويقول بصوت ساحر:
-اسمي هو قدرك، وتلك السيدة تطيعني، لأنها تخضع لسيطرتي الذهنية، كما سوف تفعلين أنت الآن.

حبست "إيلي" أنفاسها، وهي تستوعب تلك المعلومة ثم قالت:
-إذن لذلك تتصرف تلك المرأة كالرجل الآلي، لأنك تسيطر عليها ذهنياً، هل لذلك تنظر إليَّ بتلك القوة والتركيز؟ يا إلهي أنا لا أريد أن اصبح عبدة لأحد ليس بعد الآن.

تشتت تفكيرها وهي تنظر إلى عينيه، فقالت له هامسة:
-اللون الرمادي الممزوج بالأزرق داخل عيناك رائع جداً، كم انت وسيم!

ركز كل طاقته الذهنية، وهو ينظر إلى عينيها البنيتين الواسعتين، الشبيهتان بعيون قطة أليفة رقيقة.

وعمل بكل قوته على إخضاعها له، وبعد لحظات همس قائلًا:
-بالعادة تتسع حدقة أعين من أريد إخضاعه، ويتغير لون العين، اي كان لونها، وتصبح داكنة أكثر. ولكن عيونك ظلت كما هي، لا حركة في حدقتيها.

قالت له:
-أرجوك لا تقتلني.

شعر بغضب شديد وهو يقول لنفسه:
- أول مرة يحدث لي هذا. أنا لا أستطيع إخضاعك إلى سيطرتي الذهنية، كان ذلك سوف يسهل الموضوع عليَّ اكثر.

قالت له "إيلي" بصوت مرتجف، من كثرة تحديقه المرعب بها:
-أرجوك لا تؤذيني، أرجوك دعني أذهب من هنا، ولن أبلغ الشرطة عنك.

أقترب منها وهو يراقب تلك الدمعة، التي جرت فارة برعب من بين عيونها الجميلة، ثم قال لها:
-تلك الرائحة المثيرة التي تخرج من جسدك، أكثر رائحة رغبات محرقة ألهبت أحاسيسي.

زاد اقترابه، ولثم تلك الدمعة الفارة على بشرتها بشفتيه وهمس قائلا:
-مذاق بشرتك كما العسل. وأخذ يلتقط تلك الدمعة من فوق وجنتاها برغبة ملتهبة من الحاجة.

قالت له متوسلة:
-ابتعد عني، ودعني أعود إلى المنزل، جدتي تحتاجني.

لم يبالي بما قالت له، وهمس بالقرب من أذنها:
-للأسف، لا أستطيع أن أسيطر على ذهنك لسبب ما.

تنهدت "إيلي" براحة، فخرجت تلك الأنفاس الملتهبة منها لتصل إليه، وتستحوذ على كل أحاسيسه ورغباته.

فعاد ليقول وهو يحملها بقوة، جعلتها تشهق:
-ونتيجة لذلك؛ فسوف تتألمي أكثر.

وبلمح البصر كانت داخل غرفة ما، وهو يضعها على فراش عتيق بقوة وسرعة مددها فوق الفراش.

وأخذ يمر بعينيه الرائعتين عليها، بأعين راغبة ومتوحشة، ولكن كرجل وليس كصياد. هي لم تعرف نظرات مماثلة ولكن بحدسها الأنثوي قرأت تلك الكلمات داخل عينيه.

فارتبكت أكثر واقوى من أي لحظة رعب اخرى، عاصرتها منذ أن قابلته، فقالت وهي تبتعد لطرف الفراش، والدموع تغلف بريق عيناها الخائفتان، وقالت له بخوف:
- ماذا سوف تفعل بي حباً بالله؟

صعد على الفراش، وهو يأسر عيناها برقة وتصميم، وهو يمرر انامله على بشرتها الرائعة، وتلك الرائحة المسكرة تسيطر عليه بطريقة لم يعهدها.

فجذبها بقوة ومددها على الفراش، وبدأ في فتح ياقة ثوبها، وقال بصوت متوحش:
-سوف أمتلكك هذا ما سوف أفعله.

بتصميم رجل راغب في جسد إمرأه، انحنى ليلتقط شفتيها المرتجفتين بتصميم، وأخذ يقبلها وهي تحاول يائسة إبعاده.

قالت بصراخ:
-ابتعد عني ولا تلمسني.

ولكنه قوي جدًا، قوي بشدة فلم تستطع فعل أي شيء، وهو ترى عينيه تصبح زرقاء، والغيوم الرمادية أزداد بريقها.

قال لها بصوت راغب:
-سوف أمتلكك الان.

فصرخت مرعوبة ولكنه لم يهتم وهو يقترب اكثر، يكتشفها أكثر، يستمتع بكل شيء فيها، بجسدها الغض الشاب، بروحها الخائفة برائحتها المسكرة، بعذريتها التي سلبها منها بالنهاية.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي