وحش الحرب

أنفال عبدالله`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2023-02-19ضع على الرف
  • 40.5K

    إكتمل التحديث (كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

الفصل الأول

"أيتها الكسول! إلى متى تخططين للبقاء في الداخل"
صاحت فتاة تخبط على باب الغرفة وكأنها تنوى كسره.

"إليزابيث ألا تسمعيني"
فتحت باب الغرفة بالمفتاح، وجدتها تغط في نوم عميق وبعينين متورمتين نهضت تمسح وجهها، فجأة سكبت عليها الماء البارد وقالت:
" أيتها! "

تراجعت إليزابيث للخلف في خوف، تمتمت قائلة:
"من أنت؟"

حدقت من حولها، ثم تحسست جسدها، و صرخت:
"أين أنا؟"

سحبت عنها الغطاء وقالت:
"هل جننت؟ أنا أختك ماكسي و ليتنى لم أكن"

تنهدت إليزابيث وقالت في ذاتها:
"لا يعقل ربما أنا أحلم! مستحيل هيا استيقظي "

كانت إليزابيث تصفع نفسها بقوة بلا جدوى، شعرت بالألم فأدركت أنها ليست بحلم، فزعت ماكسي من تصرف أختها غير العادي، ركضت تنادي والدتها، التي جاءت مسرعة في رعب، همست:
"إليزابيث!"

كانت إليزابيث تمسك إبريق الماء ترتجف، محاولة حماية نفسها، كانت تتخذ زاوية الغرفة ملاذ لها، بلعت ريقها و قالت:
" ارحلا لا تقتربا مني أنا أحذركما"

كانت تلوح بالكوب الذي كسرته على الحائط، بسرعة
تراجعت ماكسي راحت تنادي والدها.

خرجت بعدها ساميتا متأثرة، فوضع إليزابيث لا يطمئن، أسقطت إبريق الماء فتناثر قطعه على الأرض، جرحت باطن قدمها، سارت صوب النافذة:
"هذه ليست أنا؟"

ركضت وفتحت النافذة، كانت المباني من الطراز القديم، حتى الأدوات والأثاثات غير متطورة.

راحت تبحث في الغرفة عن أي شيء يقودها لفهم ما يجرى معها.

صورة لها تجمعها مع امرأة جميلة، قالت:
"أمي!"

هزت رأسها نافية ما قالته همست:
"هذه ليست أمي، أنا لم أرى والدي قط في حياتي، لما لدى ذكريات عن هذه المرأة، آه رأسي"

سقطت على الأرض مغشياً عليها، لم تستوعب الصدمة عندما إستيقظت وجدت رجلاً يجلس بجانبها قال:
" كيف حالك صغيرتي؟ "

وقفت ماكسي أمامها، نظرت إليزابيث إليها لقد تذكرت وجه هذه الفتاة تذكرت كيف كانت تعاملها بفظاظة، لم تجب على أسئلتهم واكتفت بالصمت، خرجوا من عندها يتحدثون عن حالها المزري.

قالت:
"ما يحدث معي يشابه حال شخصية جانبية فى قصة قرأت قبل فترة، أيعقل أنني… "

هزت رأسها بسرعة:
"لا يا إلهي!"

بدأت بالبكاء، مر اسبوعان وهي لم تفعل شيئاً غير النحيب.








في ذات مساء جلست إليزابيث أمام نافذتها، تنظر إلى المروج الخضراء، وتضع يدها أسفل خدها، تخاطب نفسها:

"إذا لم أقم بفعل شيء، سينتهي أمري كما من المفترض أن ينتهي أمر صاحبة هذا الجسد"



لم يسمع أحد ما خطابها مع ذاتها، ثم انقطع الهدوء الذي احتل الغرفة بأصوات الألحان العذبة، كان هذا عزف أختها ماكسي في الغرفة المجاورة على آلة الكمان متقن الأداء.


سارت إيلي وجلست على فراشها تتذمر في انزعاج:
"آه لا أعرف كيفية الخروج من هنا، أريد العودة إلى كوريا، إلى شقتي الصغيرة وقطتي السمراء، فأنا سولهي ليزا و لست إليزابيث"


تقلبت إيلي للجهة الأخرى من الفراش ببطء واحتضنت الوسادة، ثم غمرت نفسها برائحة العطر الذي يفوح من الغرفة، و قالت:

"علي تغير أسلوب تعاملي إن أردت النجاة، وأن لا أفوت على نفسي تفصيلاً"



مر شهران و بضع أيام، كانت إيلي في غرفتها شاردة، قطع تفكيرها دخول أخيها الصغير ذي العام الخامس، كان يحمل إحدى ألعابه، دمية ثقيلة بالكاد يحملها وقال في تلعثم:

"إيلي العبي معي، ماكسي مشغولة ولا تود اللعب"



نظرت إليه إيلي بلطف وتبسمت واضعة أخيها بقربها على الفراش، قائلة في نفسها:

"مسكين هذا الفتى الصغير، أشفق عليه..."



رفع أخو إيلي يديه محاكياً أباه وهو يلقي الأوامر على الخدم، كان يحلم أن يصبح مثله، ثم نظر مطولاً إلى أخته التي تغيرت تصرفاتها بشكل غريب عليه غير أنه أحب شخصيتها هذه.



تحدثت إيلي في نفسها قائلة:

"أدرك ما تشعر به، إليزابيث السابقة كانت تصرخ عليك دائماً، تظن أنك عندما ولدت سرقت والدها منها، فقد كان حبه واهتمام الجميع مسلط تجاهك فقط، أنا هنا الآن و لن أدعك تمر بالمزيد من القهر يا أخي الصغير"



ربتت إيلي على رأس أخيها رايموند ثم قالت له:

"تعال معي، كي نلعب الغميضة في الحديقة"


كانت إيلي سعيدة بقضاء وقتها مع رايموند ففي ماضيها، لم تحظى بعائلة محبة، والآن باتت تمتلك كل ما حلمت به وتمنيته مطولاً.

في طريقهما إلى الحديقة التي تقع في الباحة الخلفية من القصر، سأل رايموند قائلاً:

"هل أنت حقا أختي إيلي؟ لقد أصبحت لطيفة جداً مؤخراً"


ضحكت إيلي التي تذكرت كيف أنها كانت في نظره فتاة حاقدة لا تحسن التعامل مع عائلتها وبالأخص مع زوجة والدها، فردت عليه:

" بالطبع أنا أختك من كنت تظنني؟ هيا اذهب واختبأ سأجدك حتماً "



أسرع رايموند بالاختباء وراء الشجيرات والفرحة تغمره، كانت زوجة أبيها تراقبهم من النافذة، بدأت إيلي بالعد تنازليا، محدثة ذاتها:

"إن كان علي البقاء بأمان في هذا العالم يجب علي تغيير تصرفاتي وكسب الجميع لصفي، فأنا لا أود أن تكون نهايتي بذلك الشكل"




في المساء جلست إيلي مع زوجة أبيها ساميتا، تساعدها في ترتيب الكتب التي لطالما أحبت ساميتا اقتنائها وقراءتها.


كل فرد من أسرتها مذهول بعطفها ولطفها المفاجئ، فهمست ساميتا لها:

"لقد كنت أراقبك منذ مدة وأنت على غير عادتك، لم يسبق لك الجلوس معنا على طاولة الطعام والآن تفعلين."

تنهدت ساميتا ثم قالت:
"حتى أنك كنت تظلين حبيسة غرفتك لمدة طويلة، حالياً تتجولين في أرجاء القصر والبسمة تعلو ثغرك، إن نصحك أحدهم تصمتينه ببذيء القول، لكنك أضحيت اليوم تتفاعلين معنا في شغف"



نظرت إيلي إلى اللوحة المعلقة على الجدار والتي كانت تجمع أفراد عائلتها عداها، فقالت:

"أود أن أكون جزءاً من هذه الصورة في المرة القادمة، ربما ما سأقوله قد يبدو غريباً عليك بل هو اعتذار متأخر، أدركت كم كنت تحاولين إسعادي، رغم كل الذي اقترفته في حقك"


نظرت إيلي برقة إلى زوجة أبيها، ثم قالت لها:
"أمي سامحيني"



كانت إيلي تبكي غير مدركة لنفسها، فهذه الكلمات خرجت من أعماقها فقد كانت تتمنى لو أنها تستطيع تغير قدر هذه الشخصية وجعلها تفتح عينيها على أن زوجة أبيها لم تحب إلا الخير لها.


تقدمت ساميتا وضمتها بقوة، هي لا تصدق أنه أخيراً وبعد سنين من العناد و اليأس، هذة الفتاة بين أحضانها.

قالت ساميتا:
"أنا التي يجب أن تعتذر منك، فمنذ أن خسرت طفلي الأول ظننت أنك شؤم علي، فأبعدتك عني، حتى بعد أن رزقت بتوأمين جميلتين مثلك، ظللت أبعدهما عنك."



تنهدت ساميتا ومسحت دموع إيلي مردفة:

"لقد أحببت أختاك التوأم كثيراً وخفت أن تضريهما بسوء يوماً، لذا منعتك من أن تتواصلي معهما، كما أنني لم أقدم لك الحنان الذي لطالما أشعرك بهذه الوحدة والنفور من أقرب الناس إليك، لكن الفضل يعود لوالدك فهو من جعلني أعي خطأي، وأنا التي تصرفاتي كانت جرماً في حقك"




كانت إيلي في عمر الخامسة حينما فارقت والدتها الحياة، بعد عام تزوج والد إيلي، الدوق ألفريد كابرييل (رابع أغنى رجل في المقاطعة) من ساميتا (فتاة تنتمي لعائلة نبيلة).

حُزن الدوق ألفريد على حال ابنته جعله يقدم على هذا القرار، ففي نظره أن يتربى الأطفال دون رعاية الأم لشيء لا يتمنى أحد لأبنائه أن يجربوه.


تبسمت إيلي وقالت:
" أنا لا أحمل أي ضغينة تجاهك بعد اليوم، هل تمانعين إن ناديتك أمي؟"


هزت ساميتا برأسها في سرور، من كان يتوقع أن إليزابيث ستتلفظ بكلمة أمي يوماً ما، كانت تعتقد أنها في حلم فقرصت نفسها، وضحكت إيلي برفقتها، ثم بعد حديث طويل ذهبتا لشرب الشاي سوياً.



منذ تلك الليلة وإيلي صارت تبتسم في وجه من تقابله وتعتني بنفسها أيضاً فهي شابة ذات قوام جذاب وشعر بني اللون، وعيناها بلون عسلي خلاب


بينما أخت إيلي ماكسي تصفف لها شعرها، قالت ماكسي:

"شعرك ناعم جداً، وكم أنت محظوظة بامتلاكك هذه الرموش الطويلة! أشعر بالحزن كون أنني لم أنصف في تعاملي معك، كنا أنا وأختي نشعرك بفقد الأم وعطفها"



أمسكت إيلي يد ماكسي التي كانت عينيها تدمع، توشك على البكاء:

"ما حدث فيما مضى قد ولى وانتهى الآن، لما لا نصنع ذكريات جميلة تليق بما نحن عليه"



دخلت عليهما لوركسيا وهي تحمل المعجنات قائلة:

"طلبت أمي أن تنهيان هذا الطبق وإلا ستغضب، لا تقولا لي أنكما لازلتما تعتذران و لم تفتحا صفحة جديدة بعد "



نهضت ماكسي من كرسيها ووجهت فرشاة الشعر نحو لوركسيا وصاحت:

"هذا ليس من شأنك، ضعي المعجنات على الطاولة، و سنتناولها لاحقًا، نحن مشغولتان"

كان منظر الأخوات الثلاث وهن على وفاق يأسر الفؤاد، أن تعود المياه إلي مجاريها، لم يكن سهلاً على إيلي فعلها، ولكن بأسلوبها الراقي ودهائها ومعرفتها المسبقة لأحداث هذه القصة جعلها في وضع استراتيجي عظيم.



..


في غرفة بأثاث قديم الطراز عند السابعة والنصف مساء، جلست إيلي بهدوء تستمع لوالدها الذي كان يأمل أن تخرج أفكارها المسمومة وأن تعيش بسعادة، فقال لها بجدية:

"كما تعلمين أن عاداتنا تقتضي أن تتزوج ابنة العائلات النبيلة فور إتمامها العشرين ربيعاً، ولقد تقدم لخطبتك رجلين من سادة القوم، وأنت لك الحق في اختيار أحدهما"



فتحت إيلي عينيها بإتساع وقالت في نفسها: "لقد نسيت تماماً أمر هذا الجزء"


أخذ والدها الدوق ألفريد كأس عصيره وشرب القليل ثم أضاف قائلاً:

"المتقدم الأول لخطبتك هو النبيل باندون هتريس كما تعلمين أن عائلة هتريس من العائلات العريقة هنا، الآخر يكون ديلان كوارتر، قائد الجيوش الملكية، ذلك الشاب الذي رغم صغر سنه إلا أنه ظفر بمنصب كهذا"




مسحت إيلي وجهها بتوتر فهذه هي اللحظة الحاسمة التي ستغير حياتها، فإن اختارت النبيل باندون هتريس ستموت مسمومة كما في الرواية الأصلية، فقالت في نفسها:

"على حسب ما أتذكر أن أختي ماكسي هي التي تزوجت من ديلان الذي ساعد أخي رايموند بالظفر والفوز بلقب الإمبراطور، ولكني لم أقرأ عني شيء غير أنه تم قتلي في مؤامرة، و هذا ما لا أوده أن يحدث لي، الآن يصعب علي الاختيار"


حدق بها والدها ثم قال:
"لا وقت لدينا، اختاري يا عزيزتي القرار الذي يناسبك، سأكون بجانبك مهما كان اختيارك"


أخذت إيلي نفساً عميقاً ثم أجابت في خجل و ارتباك:
"الدوق ديلان يبدو مناسباً"


غمر السرور قلب الدوق ألفريد الذي نهض وعانقها بفرحة، ثم ذهب يزف البشرى لزوجته وبقية العائلة، إفنهارت إيلي على الأرض مشتة الفكر محاورة ذاتها:

"ما هذا الذي فعلته؟ أنا لم أقصد أن آخذ ديلان لنفسي، والذي هو كان سيكون زوج أختي ماكسي إن لم أوافق عليه، ظننت أنه بإمكاني تغيير حظي بهذه الفرصة"



لم تدرك إيلي بأن قرارها و إختيارها ذلك قد غير مجريات القصة بأكملها، وبعدها لم يتأخر والدها في بدء التجهيز لمراسم الزفاف.




في صباح اليوم التالي، نهضت إيلي متأخرة فقد سهرت تفكر فيما ستفعله لاحقاً، فدخلت عليها أختيها وجلستا معها، ثم همست لروكسيا في أذن إيلي قائلة:


"تقول الشائعات أن الدوق ديلان رجل متوحش، يعيش وحيداً في قلعة في الغابة التي لا يتجرأ أحد على دخولها، هل أنت واثقة أنك تودين الزواج منه؟"



نظرت إيلي صوب أختها بكاهل مثقل، قبل أن ترد عليها قالت ماكسي:
"لقد مات على يده آلاف الرجال، كما أنه قبيح لذلك يرتدي قناعاً يغطي نصف وجهه، أختي، أنا أنصحك أن تتراجعي"




تبسمت إيلي ممسكة بيد أختيها قائلة:
"لا تقلقا علي سأكون بخير"

..




حفل الخطبة كان ضخماً، فوالدها الدوق ألفريد كابرييل هو أحد مستشاري الامبراطور.


ظهرت إيلي في ثوبها البهي بإطلالة خطفت أنظار الحضور، هي وكما هو متوقع كانت نجمة الليلة.


تقدم خطيبها الدوق ديلان والذي يكون رجل في الخامسة والعشرين من عمره، طويل القامة أشقر الشعر، لديه ابتسامة ماكرة وصوت رزين متزن، فقال ديلان وهو يحدق بإيلي:

"اسمعيني يا امرأة، أكره الخونة المخادعين، والضعفاء قليلي الحيلة وأيضاً … النساء، و لكن ما باليد حيلة فجدي يحتاج إلى وريث للعائلة، آمل ألا يكون عندك مانع من أن يكون هذا سبب زواجنا"



لم يكن أحد قادر على سماع حديثهما، بسبب صوت الموسيقى العالية، فقالت إيلي في نفسها:

" يا إلهي! كم هو وقح، وحش بري يحتاج إلى ترويض، هذه ليست مشكلتي إن كان يكره النساء، لو لم تكن حياتي على المحك للقنته درساً في الإحترام"


إقتربت منه إيلي ببطء تجر فستانها الطويل، وعطرها الفواح يطغى حتى على عبق رحيق الأزهار من حولهما، ثم قالت له: " أظن أن والدي أخبرك بموافقتي"


تبسم ديلان نصف إبتسامة، واقترب منها للأمام مخللاً أنامله في شعره، قائلاً بنبرة هادئة: " ألست خائفة مني؟"


رمقته إيلي بنظرات مبهمة، ولم يدرك نفسه الإ عندما تراجع للوراء خطوة، فوضعت يدها على خاصرتها وأمالت رأسها قليلا ثم قالت:
"ستصبح زوجي لما قد أخشاك"


كانت إيلي ترتجف من هيبة الذي يقف أمامها، هي لا تنفي حضوره القوي لكن لا مفر، عليها كسب قلبه بأي وسيلة ممكنة.


قال ديلان: "ألن تطالبني بنزع هذا القناع؟ ألن تطرحي علي أي سؤال؟"

صمتت إيلي لفترة ثم قالت:

"بالطبع لا، فأنا لا أملك الصلاحيات لسؤالك، على الأقل الآن، إعذرني ستبدأ المراسم... هل تسمح لي بالذهاب؟"



قال ديلان في نفسه:
"لم يتجرأ أحد على الحديث معي والنظر في وجهي بثقة كما فعلت هذه الفتاة"



كان ديلان شارداً في تفاصيل إيلي تحت ضوء القمر، هناك حيث ألبسها خاتم الخطبة، وقد صفق لهم الجميع، نهض رجل في أواخر الستين من عمره، وسار تجاه والد إيلي ثم قال:

"أتمنى أن تسرعوا في التحضير لمراسم الزفاف، أتشوق لرؤيتها بيننا كجزء من العائلة"


صافح الدوق ألفريد جد ديلان المستشار الأعلى السابق لمملكة داينور المجاورة، ثم قال:

"هذا شرف عظيم أن تتوطد العلاقة بين العائلتين، كل ما أتمناه من أعماقي أن تكون ابنتي سعيدة"


رغم تحذير ماكسي المستمر لإيلي على عدم الزواج من ذلك الرجل، لكنها كانت مصرة على قرارها.

في منتصف الشهر تزوجت إيلي من ديلان الذي فور نهاية المراسم أخذها معه إلى قلعته، كانت إيلي تهابه، ففي نظرها هو ذلك الرجل الضخم قاسي لأبعد الحدود.


قال ديلان:
"هذه غرفتك، لدي بعض الأعمال، إياك والخروج من الغرفة"


صدمت إيلي من تصرف ديلان، على الأقل كان عليه أن يرحب بها، أقفل ديلان الغرفة على إيلي والتي بقيت وحيدة في الداخل، ثم سارت صوب النافذة الضخمة التي تطل على البوابة الأمامية للقصر.


كانت تراقبه وهو يمتطي حصانه ويخرج من القلعة، فطرق باب الغرفة، وسمحت للطارق بالدخول، فظهر أنها خادمة:

"تحياتي سيدتي، أوصى السيد ديلان أن أعتني بك، أنتظر أوامرك "


ربطت إيلي شعرها على شكل تسريحة ذيل الحصان وجلست أمام المرآة ثم قالت:
"أحضري لي عصير التوت"


خرجت الخادمة ومسحت إيلي مساحيق التجميل التي على وجهها، ثم قالت بحزن:

"سيقتلني إن لم أحسن التصرف معه، بدلاً من إبعاده عني علي أن أكسب قلب زوجي، لكنه مخيف حقير لا يجيد التعامل مع الآخرين."


بدلت إيلي ثوب زفافها، وارتدت فستان من الحرير أزرق اللون، وضعت بعض المجوهرات مع أساور ذهبية.


فشعرت برغبة شديدة بالخروج والتجول في أرجاء القلعة، فقالت في ذاتها:
"لما على الاستماع لما يقوله؟ البقاء داخل الغرفة! لقد سئمت من هذه الطريقة في التعامل معي"

فتحت باب الغرفة إلا أنها وجدته يقف أمامها، تجمدت في مكانها، ودمائها أضحت أكثر برودة، قال لها ديلان بغضب:
" إلى أين ذاهبة؟ ألم أطلب منك البقاء في الداخل؟"


كانت يداه و ثيابه مغطاة بالدماء، لم يمضي على خروجه سوى ساعة، لم تتوقع إيلي أن يعود بهذه السرعة، ارتعبت برؤية منظره الذي يثير الغثيان، لكنها تمالكت نفسها، فدخل ديلان الغرفة وأوصد الباب خلفه، وصاح قائلاً:

"إياك و كسر كلمتي مرة أخرى فهذا ليس قصرك الآمن، كل شبر في هذه القلعة محفوفة بالمخاطر، أن تكوني زوجتي يعني أنك في خطر على مدار الساعة"


وضعت إيلي يدها على صدرها و ردت قائلة:
"آسفة إنه خطأي، لطالما كنت أحبس نفسي داخل غرفتي ومللت ذلك الشعور، وددت الشعور حقا بالحرية، أتفهمني؟"

أمسكها ديلان من يدها وجرها صوبه، ثم صاح بغضب متزايد:
" إليزابيث كوارتر، أنا… "

أبعدت إيلي يديها عنها ثم قالت وهي تحدق به:
"لا تصرخ في وجهي، أنت لم تخبرني أنني سأكون في خطر إن خرجت، كما أن الصراخ لا يجدي نفعاً معي"

أخذ ديلان نفساً عميقاً وقال:
"إليزابيث، هنا الأمور تختلف عما عهدته بين أسرتك، وقواعدي تطبق لا أريد نقاشاً بلا طعم"


ذهب ديلان ليبدل ثيابه لكن إيلي أمسكت بيده أوقفته وقالت:
"تذكر أنا لست أحد أغراضك، و لا أعمل تحت إمرتك، كما أنني قادرة على حماية نفسي فلا تقلق علي"


رمقها ديلان بنظرة أسكتها فيها، فلم تنطق حرفاً بعدها قط.



يتبع...
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي