ما وراء السرداب

ديانا محمود الظاهر بيبرس`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2023-04-28ضع على الرف
  • 90.2K

    جارِ التحديث(كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

الفصل الأول

أشرقت شمس يوم جديد، في مكان كان مجهولاََ لا يعلم عنه أحد شيئاً، كانت تلك الفتاة ذات الشعر الأحمر تقول في قرارة نفسها:

"ها أنا قد أتيت إلى هذا المكان العجيب الأشبه بالزنزانة ترى ما الذي سيحدث بعد ذلك؟ أسأظل هنا إلى الأبد كما قالوا؟ أم أنني سأستطيع الهرب من تلك القيود التي قيدتها لنفسي بنفسي!"

نهضت بعد ذلك من مكانها وهي تنظر إلى ذلك الشاب بجوارها و قالت له:

  -أيها الشاب الغريب أستظل فاقداََ للوعي هكذا كثيراً؟ يبدو أنك ستكون شريكاََ لي في تلك المرحلة الغريبة في المستقبل رغماََ عنا جميعاً.

تابعت حديثها قائلة:

-عد إلى وعيك بسرعة أريد أن أعرف من أنت وما هو سبب وجودك هنا؟ هنالك العديد والعديد من الأسئلة في ذهني التي أود أن أطرحها عليك!

بالفعل وكأنه قد استجاب إلى ندائها، فتح ذلك الشاب عيناه الزرقاوتين، كان ينظر بهما في ذهول بينمت تملكت الصدمة كل مشاعره حين صاح:

-يا إلهي أين أنا؟ ما هذا المكان العجيب؟

قطعت تلك الفتاة صمتها وبدأت تجيبه وهي تمد يدها لمصافحته وقالت بهدوء استنكره:

-أنا أدعى صوفيا، وأنت ما اسمك؟

حينها فقط نظر الشاب إليها وقال متجاهلاََ تساؤلاتها:

  -لم أكن أعلم أن هنالك شخص آخر في هذا الجحر الغريب معي! على أي حال أتركيني وشأني فأنت آخر ما قد أبالي به الآن.

  ثم دفع يدها الممدودة إليه وبدأ يسير مهرولاََ باحثاََ عن أي شيء قد يجيب تساؤلاته التي لم يجد لها أي إجابةٍ بعد!

-ألا تعرف لم أنت هنا حقاً؟

تسائلت صوفيا وهي ترفع حاجبيها مندهشة و قالت:

-على الأقل أنا أعلم سبب وجودي هنا وكنت أظنك كذلك تعلم، يبدو أن أياماََ صعبة ستكون بإنتظاري معك إن استمريت بتجاهلي هكذا، فأنا لم أعرف لك اسماََ حتى!

رد عليها و هو يصرخ بصوت حازم:

-توقفي عن الثرثرة أيتها الغريبة، قلت لك دعيني وشأني، أبحث عن ما أريد ألا تفهمين!

أنا لا أملك وقتاً لثرثرتك التافهة تلك، يجب علي أن أخرج من هذا المكان وبأقصى سرعة ممكنة، فأنا حتى لا أعلم كيف أتيت إلى هنا؟ وما الذي يمكن أن يحل علي رأسي إن لم أرحل!

سكت ذلك الشاب بعد كلماته القاسية تلك ووقف في منتصف الحجرة واضعا يديه على رأسه، لقد بدأ يسترجع ذاكرته شيئاً فشيئاً، وقال:

  -إن أخر ما أتذكره لا يعد إجابة أيضاً عما يحدث هنا، فقد كنت جالسا في مكتب مدير دار الإصلاحية التي كنت أعيش بها، فكيف حدث ما حدث دون أن أشعر؟

-لا فائدة من كل ما تحاول فعله صدقني، لست أدري كيف لا تملك إجابة لتساؤلاتك، ولكني أستطيع مساعدتك بكل تأكيد، أخبرني على الأقل ما اسمك؟

بدأت كلماتها تلفت إنتباهه إليها، فعاد أدراجه ومد يده لمصافحتها وقال:

-أنا أدعى ألبرت، قلت اسمك صوفيا أليس كذلك، أعتذر لوقاحتي معك، ولكن صدقيني أنا مشوش التفكير تماماً الآن فاعذريني.

-لا عليك أظنني لو كنت مكانك لما تصرفت بطريقة مختلفة كثيراً، ولكن أود أن تهدأ قليلاً حتى نستطيع إيجاد حل معاً.

قاطع ألبرت حديث صوفيا بعجلةٍ وقال متوسلاً:

-قلت أنك تعرفين سبب تواجدنا هنا أخبريني أرجوك.

-كل ما أعلمه أنها ستكون مرحلة عصيبة في حياتنا علينا أن نتحلى بروح التعاون لنستطيع تجاوزها، فهنالك من قصدوا تواجدنا نحن بالتحديد هنا، لماذا؟ أنا لا أدري ولكن إختيارهم لنا لن يكون بمحض الصدفة بالتأكيد.

تابعت حديثها قائلة وهي مستغرقة في التفكير:

-هنالك أمر  ما يجمع بيننا بالتأكيد، بل أظن أننا لن لسنا وحدنا من سنتشارك هذا المصير المجهول.

-ولكن كيف أحضروني إلى هنا و أنا لم أشعر!

هزت صوفيا رأسها نافية وهي ترفع كتفيها وتضم شفتيها ثم قالت:

-أنا عن نفسي لقد أتيت بمحض إرادتي، فقد دخلت من ذلك الباب، الذي قاموا بإيصاده بعدها ولم يقوموا بفتحه مجددا حتى الآن.

تعجب ألبرت في قرارة نفسه من تلك الإجابة الغريبة، فكيف لفتاة جميلة مثلها أن تتواجد في مكان ناءٍ كهذا بمحض إرادتها!

لكنه ما لبث أن تجاهل ذلك التساؤل تماماً، فمثل تلك التساؤلات هي في المرتبة الأخيرة الآن بالنسبة إليه.

سألها ألبرت عن طريقة دخوله هو الآخر فتابعت حديثها:

  -أما أنت فقد دخل بعض الرجال من ذلك المدخل الموصد أسفل قدميك، لقد كنت فاقداً للوعي آن ذاك تركوك هنا كما استيقظت ورحلوا، حاولت أن أسألهم ولكنهم لم يعيروني إنتباهاً حتى!

بدأ ألبرت يصول ويجول في الحجرة ذهاباً وإياباً بغضب، متى سيعلم شيئا جديداً عن سبب وجوده هنا، فما قالته صوفيا لم يجب عن كل تساؤلاته بالتأكيد، شعور بالعجز يمتلك نفسه ولا يملك منه مفراً.

بينما كان ألبرت في تلك الحال، صوفيا حاولت تهدأته بكلماتها:

-إنتظر قليلاً فقط أراهن أن أحدهم سيجيبنا بعد قليل عن كل تلك التساؤلات فلا تقلق.

صوت أزيز قد نبع عن فتح ذلك السرداب القديم  مجدداً، دلف منه ذات الرجلان اللذان أحضرا ألبرت، ولكن من قيدوه كان شاباً في وعيه تلك المرة، كان ذلك الشاب يحاول دفعهم للخروج من هذا المكان!

-أتركوني قلت لكم لا أريد، لا يحق لكم إرغامي على التواجد في مكان لا أريده سوف أبلغ السلطات عنكم حال خروجي من هنا بالتأكيد، إبتعدوا واتركوني!

كان ذلك الشاب مستمراً في مقاومته، حتى قام أحدهما بدفعه بقوةٍ شديدةٍ أسقطته أرضاً، وقاما بإغلاق السرداب مجدداً!

استمر ذلك الشاب في محاولاته لفتح السرداب، إلا أن كل محاولاته قد باءت بالفشل!

تبادل ألبرت وصوفيا النظرات مشفقين على هذا الشاب الذي يحاول المقاومة عبثاً، إقترب ألبرت منه وقال:

-توقف عن محاولاتك البائسة تلك فهي لن تجدي نفعاً أبداً لقد حاولت قبلك، يبدو أنه لا مجال لنا للهرب من هذا المكان إلا عندما يسمحون لنا بذلك.

إلتفت ذلك الشاب إليه و أمسك بكتفيه و بدأ بهزهما بعنف ثم قال بملامح متجهمة للغاية:

-لابد أنك تعرف شيئا أجبني أيها الغريب، ما هو طريق الهروب من هنا؟

قاطعتهم صوفيا مهدئة إياهم:

-يجب عليكما التحلي بالهدوء و الصبر الآن، يجب علينا أن نتحد معا حتى نخرج من هذا المكان.

رد عليها الشاب الجديد بصوت عال:

-إن كنت تعرفين شيئا عن طريق الخروج من هنا فقوليه،أما إن كنت تجهلينه فاصمتي تماماً.

تعجبت صوفيا و قالت لنفسها:

"لماذا يحاول الجميع إسكاتي هنا؟"

ثم أرادت أن تنبههم لأمرٍ يبدو أنهم قد غفلوا عنه، فرفعت ذراعها الأيمن وأشارت إليه بيدها الأخرى و صاحت:

-يا صديقاي، ألم يلحظ أحدكم تلك العلامة على ذراعه؟

كان هنالك بضع خيوط على الذراع الأيمن لكل منهم، هذا أمر أدعى للتساؤل بالتأكيد!

نظر كل منهما إلى ذراعها ثم إلى ذراعه حيث وجدا ذات العلامة في نفس المكان!

قال ألبرت متعجبا:

-يا إلهي كيف إستطاع أحد أن يخيط شيئاً في ذراعي بدون أن أشعر! ولم لم يندهش أحد منكما مثلي!

قاطعت صوفيا تساؤلاته وقالت مجيبة عنها:

-سأجيبك أنا فقد رأيت كل ما حدث بأم عيني، لقد قاموا بزراعة شريحة إلكترونية غريبة الشكل في ذراع كل منا، لست أدري لماذا ولكن بالتأكيد هي سبب تواجدنا هنا.

أنصت كل من ماثيو و ألبرت إلى كلمات صوفيا، ثم تسائل ماثيو فجأة بصوت غاضب:

-كيف لك أن تعرفي عن كل تلك الأشياء التي لم نعلم عنها شيئاً! أتراك واحدة من أولئك الأوغاد ونحن لا نعلم؟

حاولت صوفيا تشتيت إنتباههما عنها فقالت موجهة تساؤلها إلى ذلك الشاب الجديد:

-بالتأكيد لا،  ما هذه التراهات! دعك من ذلك أنت لم تخبرنا عن اسمك بعد؟

-نعم أخبرنا كيف أتيت أنت إلى هنا؟ أتعرف من هؤلاء؟ لماذا أنا الوحيد الذي أحضروني إلى هنا فاقداً للوعي؟

وجه ألبرت تلك الكلمات إلى الشاب الذي جاوره، والذي بدأ يجيبه:

-أنا أدعى ماثيو وكنت.

قاطعته صوفيا إذ فجأة بصياحها:

-يا إلهي ما الذي يحدث هنا؟

نظر كليهما للمكان الذي كانت تشير إليه، كان هنالك ضوء أخضر غريب على ذراعها، بل وعلى ذراع كل منهما أيضا!

كان ذراع كل منهم يحمل أرقاماً محددة تشير إلى شيء مجهول، ولكن على ما يبدو تلك الأرقام لها دلالة تربطها ببعضها البعض بصورة أو بأخرى.

ضوضاء عمت المكان، فكل منهم كان يحاول إيجاد سبب لكل ما يحدث عندما قاطعهم ذلك الصوت الأجش:

-مرحبا بكم أيها الصغار في تلك المرحلة الجديدة في حياة كل منكم.

بدأ كل منهم يحاول البحث عن مصدر ذلك الصوت الغريب، ولكن صاحب الصوت قد قاطع بحثهم هذا بقهقهة ساخرة تبعها ذات الصوت الأجش و هو يقول:

-لا تبحثوا كثيراً فلن تجدوني، لا أحد منكم يستطيع رؤيتي فقط تستطيعون سماع صوتي هذا، حيث سأقوم بإخباركم عن المراحل القادمة من خلاله.

-من أنت أيها الحقير، أنت تحتجزنا بصورة غير قانونية وسوف تنال عقابك بكل تأكيد لن تنجو بفعلتك أبداً.

صرخ ماثيو بتلك الكلمات مهدداً و متوعداً لصاحب ذلك الصوت الذي رد عليه سريعاً بصوت وقع صداه في قلوبهم كالرعد:

-إهدأ أيها الشاب المتسرع، سأعذرك على حماسك هذا فقط لصغر سنك وقلة خبرتك، ولكنك إذا استمريت في تراهاتك تلك فلن يكتب لك الخروج من هذا الجحر أبداً مهما حاولت.

أثارت كلماته الرعب في قلوبهم، فوضع ألبرت يده على كتف ماثيو محاولاً أن يهدئ من روعه قليلا، فقد كان صراخه يهدد مصائرهم كلهم معاً ليس هو وحده!

استكمل ذلك الصوت تعليماته وقال:

-أنا أستطيع سماعكم و كذلك رؤية كل ما تقومون به بكل وضوح ولكن أنتم لا تستطيعون إلا سماعي، التعليمات ستأتي إليكم دائما من خلالي أنا فقط، أي محاولة منكم لمخالفة تلك التعليمات فأنا غير مسئول أبداً عما سيحل بكم.

صمت قد ساد الأرجاء، فقد حاول كل منهم أن يحافظ على هدوءه ظاهرياً على الأقل،بينما كانت أوصالهم ترتجف رعباً من كلمات ذلك الشخص الذي لم يتوقف عن إثارة الرعب في قلوبهم منذ أن نطق!

قطع ألبرت ذلك الصمت الذي ساد المكان بتساؤله:

-ما هي تلك الشريحة التي زرعت في أجسادنا ولماذا؟

ظهر ذلك الصوت مجدداََ من وراء المكبر ليجيب على تلك التساؤلات التي طرحها ألبرت فقال:

-إنها شريحة إلكترونية تم تطويرها حديثاً، سوف تزيد من قدراتكم الشخصية، وتضيف ذكاءاً على ذكائكم كي تستطيعوا تخطي المراحل القادمة.

وضع ماثيو يده على صدره في محاولة بائسة ليمنع قلبه الفزع من الإرتجاف و قال بصوت قلق:

-كيف ستكون تلك المراحل التي يتحدث عنها هذا الصوت يا ترى، لعلها تمر على خير!

لم يكن حال زميليه يختلف عنه كثيراً، فلم يعد أحدهم يملك مهدئاً لدقات قلبه بعد الآن!
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي