الوجه الثاني

وراء كل أبتسامة آلاف من الطعنات، الحزن، الخذلان، رُبما دائما صورة غير مكتملة، هناك جُزء مبتور من القلب يجعلك تشعر بإن حياتك مهددة  "

" في مملكة فينيسيا"  
شعرت بالألم في جميع أنحاء جسدها، ليست المرة الأولى، ولكن منذ الأمس، شعرت بذلك الألم الغريب الذي يراودها مثل وحش مخيف، ولا يكفي تلك العينان اللتان تخاف منهما، ولا تعرف صاحبهما أبدًا.

التفتت على الفراش في وضعية الجنين، أغمضت عينيها منهكة من كثرة الإرهاق، أمضت دقائق قضتهم ساكنة حتى شعرت أن هناك من يجلس بجانبها، ويتنفس بحرارة تُلفح وجنتيها ورقبتها.

نظرت حولها بخوف؛ لتجد الظلام حولها مرة أخرى، مع عدم وجود أحد حولها، حاولت أن تنهض أكثر من مرة، ولكنها تشعر بأن جسدها مسترخي وغير قادرة على تحريكه، كما لو كان مشلولاً.

أنهمرت دموعها قهراً وهي تحاول التفوه بأسم لورا، ولكن صوتها لم يُخرج، مر الكثير من الوقت على ذاك الوضع حتى دلفت لورا غاضبة وهي تصرخ بأمر:
_هيا يا صغيرة، أنهضي، ما زلتِ جالسة على الفراش، هذا ما طلبتهُ منكِ ليلة أمس، لقد وصل رسلان وهو غاضب حقًا لأنكِ لم تستقبليه أمام القصر.

زفرت بصعوبة وأكملت مرادفاة:
_لا تنسي فينيسيا أنه الملك الوحيد الذي وقف بجانبك بعد وفاة أسرتك، وهو الذي ساعدكٌ على فهم أمور الحكم، لولا رسلان؛ لكان ألف ملك وملك قد هاجموكِ من أجل المملكة، لذا لا تفعلِ حركات الاطفال معه.

صرخت "لورا" بشدة هاتفةً وهي تنظر لها بطرف مُقلتيها:
_فينيسيا، قولت لكِ أنهضي، هيا،لن أكرر حديثي ثانيةً.

اقتربت من الفراش، لتزيح من عليها الغطاء، وهي تجذبها من يدها، لكنها شعرت باسترخاء جسدها، دليل على فقدانها الوعي، شعرت بصدمة لمدة ثوانٍ لتجلس بجانبها في رعب، وهي تهتف بخوف وقلق على طفلتها:
_فينيسيا، صغيرتي ما بكِ؟ لم أقصد الغضب عليكِ، أرجوكِ أفتحي عينيك ياصغيرة.

صرخت عدة صرخات باسم إحدى الخادمات؛ حتى ذعرت الخادمة من صوتها المرتفع لأول مرة في غرفة الأميرة البُندقية:
_سيدتي، ماذا تريدينني أن أفعل الآن؟.

أجابت لورا وهي مازالت تقبض على يد "فينيسيا" شديدة البرودة؛ حتى تُشعرها بالدفء:
_أذهبِ وأخبري المرأة الحكيمة أنها يجب أن تكون في غرفة الأميرة الآن؛ الأميرة فاقدة للوعي وفي حالة سيئة للغاية.

رفعت الخادمة عينيها من الأرضية وهي تنظر للفراش بهلع لأميرتهم، فقبل أن تكون خادمتها؛ فهي صديقتها منذ الطفولة، ولكن علاقة صداقتهم لايعلم بها أحد؛ حرصًا من غضب لورا عليهم.

هتفت لورا بغضب لوقفها كالصنم هكذا:
_اللعنة عليك، "ڤيرولين" ما زالت متجمدة في مكانك حتى الآن، أخبرتك أن تذهبِ وتحضري تلك الحكيمة سريعًا.

ركضت فيرولين بسرعة فائقة، رافعةً طرف فستانها لتركُض بسرعة كبيرة، اصطدمت بجدار بشري؛ جعلها تتأوه بألم، رفعت عشبة عينيها تنظر له باستيحاء وقالت:
_آسفة، لم أقصد أن أضربك يا سيد چوزيف.

فأنزلت مقلة عينيها هاربًا من نظراتهُ، ليهتف "چوزيف" بنبرة خافةً حتى لا يُخيفها كما يفعل كُل مرة يراها بها:
_لا عليكِ، أعلم أنك لم تقصدي ذلك، فأنتِ تخافين من صوتي، هل سوف تقصدين الاصطدام بي؟!

بلعت لعابها بصعوبة بالغةٍ، إنها حقًا خائفة من صوته الحاد، إنه رجل صاحب بحة رجولية وخيمة؛ تجعلك تكاد تفقد الوعي أمامه، شهقت بصدمة وهي تهتف بضيق:
_اللعنة عليكِ"ڤيرولين"، تقفي تتحدثي ولم تخبري الحكيمة حتى الآن.

رفعت طرف ثوبها لتظهر قدميها البيضاء، وكادت تُركض ولكن أوقفها چوزيف وهو يقبض على ذراعيها بعنف:
_هيا أنزلي طرف ثوبك، ولا تُركضِ حتى لاتصطدمي بأحد الرجال وأنتِ راكضة كطفلة صغيرة هكذا.

بدت قريبة منه لدرجة؛ أن قلبها بدأ ينبض بعنف، بدأت في هز  رأسها لتنفض تلك المشاعر التي هاجمتها، اتخذت خطوة إلى الوراء، رفعت مقلة عينيها لتنظر إليه، وفي النهاية شقت طريقها إلى الجزء الشمالي من القصر؛ حيث تقبع الحكيمة.

لا يزال يتطلع إلى طيفها الذي يختفي أمامه، وهتف بيأسٍ:
_اللعنة على الأصول الملكية؛ التى تجعل قلبي يؤلمني كلما يصادفك يا "ڤيرولين"، ولكن كل شيء سيكون كما أريد، أعدك بذلك، ولكن بعد انتهاء مراسم تتويج الأميرة البندقية.

وصلت "ڤيرولين" إلى غرفة الحكيمة لتهتف:
_هيا يا سيدتي، الأميرة مريضة جدًا ويجب أن تذهبِ إلى غرفتها الآن.

نهضت الحكيمة سريعًا وهي تأخذ حقيبتها التي يوجد بها الكثير من الوصفات الطبيعية، وركضت بجوار " ڤيرولين".

في طريقهم للجناح الخاص بفينيسيا التقوا برسلان الذى عقد حاجباه بتعجب وهو يهتف:
_إلي أين أنتم ذاهبون؟ من مريض هنا؟

أجابت ڤيرولين سريعًا:
_إنها الأميرة فينيسيا فاقدة للوعي، وتبدو مريضة لغاية.

شعر بدلو ماء مُثلج سقط على رأسه في شهر ديسمبر؛ ليتنفس بسرعة وهو يهتف بلهفة:
_هيا، أسرعي أيتها الحكيمة.

دلفوا الجناح؛ ليقترب رسلان سريعاً من الفراش وهو ينظر لفينيسيا بحزن، وهتف للورا:
_لماذا لما تقولي لي بأن "فينيسيا "مريضة؟ هل يجب أن أعلم بمحض الصدفة؟ سوف أحاسبك على ذلك، ولكن صبرًا.

محت الحكيمة العرق المتصبب من جبينها وهي تنظر لفينيسيا بعجز، لا تعلم ما بها، ولا تشخيص لحالتها، ليس بها أي مرض.

أما هو يقف ك الجبل الشامخ بجوارها، يقبض على يدها بحنان طاغي لايظهره سوي لها صغيرة فينيسيا وملكة قلبه الأبدي، يشعر دائمًا بأنها جزء من قلبه، لايستطيع الاستغناء عنه، هتف بقلق للحكيمة من صمتها:
_ماذا بها سمو الأميرة؟ ماذا أصابها خلال ليلة واحدة فقط؟

هتفت الحكيمة بتوتر لعدم معرفتها ماذا بها:
_لا أعلم ياجلالة الملك، ولكن مرضها يبدو نفسي وليس جسدي، لا أجد تشخيص لحالتها حتى الآن.

هتف رُسلان بأمر:
_هيا، اغربي عن وجهي أيتها الشمطاء، أصابتك اللعنة.

وأكمل حديثه لڤيرولين بهدوء:
_أذهبي إلي چوزيف، وقولي له بأن الملك رُسلان يأمرك بأن تبعث الجنود لجلب الأطباء من مملكته، وأن يذهب أحد لديفنسيا يخبرها بضرورة وجودها بالقصر الآن.

هتفت "لورا" بأستياء:
_لماذا تريد تواجد ديفنسيا بالقصر الآن؟ إنها لا تفعل شيء سوى أن تصدر الأوامر فقط، وجودها ليس قرار صائب الآن.

_يبدو بأنك تعتقدي بأنني فينيسيا لتناقشيني في أوامري، وجود ديفنسيا في القصر في ذلك الوقت، سيجعل الجميع يهلع من الخوف؛ فهي صاحبة شخصية قوية ولا تسيطر مشاعرها عليها كما تفعل الأميرة.

حقًا، يكفي بعد، فهذا أكثر وقت ستكون فينيسيا محتاجة لها، وأنتٌ تأدبي مع ديفنسيا فهي أميرة لمملكة؛ ولا يحق لكِ بأن تغضبِ عليها كما فعلتي
المرة السابقة، حسنا لورا.

جلس رسلان بالقرب منها وهو يهتف بصدق:
_ماذا بكِ ياصغيرة؟ قولي لي، بماذا تشعرين؟

محى دموعها بأبهامه وهو يهتف بود :
_لا تبكي يا فينيسيا، لا استطيع أن أرى دموعك هذه وأنا هنا لا أستطيع فعل شيء لكِ، لابأس صغيرتي، كل شيء سيكون على ما يرام، أعدك بذلك.

نظرت لهم بضعف ومازال ذاك الصوت الذي يُناديها يتكرر بشكل مُريب؛ جعل دموعها تنهمر من عينيها.

ربت رسلان علي خُصلاتها البُرتقالية وهو يمحي خط دموع سائل من مُقلتيها التي وقع أسير لها منذ سنوات وهتف :
_بماذا تشعرين الآن يا فينيسيا؟ هل مازال جسدك يؤلمك؟ عزيزتي لاتُبكي أن بكاءك يقتلني.

رفعت بُندقية عينيها لهُ بنظرة ضائعة، وهي تحاول أخذ أنفاسها لاهثة أثر بكاءها مُنذ ساعات، وهي تُبث في نفسها الطمأنينة لوجود رسلان بجوارها هتفت بخفو :
_أريد أنا أغفو، لا تتركني وتذهب أبق بجواري، حسنًا!

شُعر بتوهان، من نظرات عينيها البُندقية له، وبحنان دفين، لضمها لصدره، ليقربها لقلبه؛ الذي ينبض بعنف لآجلها، ليربت على خصلاتها البُرتقالية، وتابع بخفوت:
_لا بأس صغيرتي، أخلدي لنوم، وأنا سظل بجوارك حتي تستيقظي.


فتحت مُقلتياها بصعوبة أثر ألم عينيها من
البُكاء وهي تُردد:
- شكرًا لك على كل شيء، رُسلان.



أنتهت من جملتها، وأغمضت عينيها، لتغفو في نوم عميق، وما زالت من فنية إلى أخرى، تصدر صوت نحيب صامت، يجعل قلبه يؤلمه عليها.

أجاب وهو ينظر إليها:
-كل هذا من أجلكِ يا فينيسيا، حتى يأتي اليوم، وأجد في عينيكِ لمعة من الحب تخصني، دون عن البقية، الوقت، سأحصد سعادتي، وفي مقابل ما فعلته وسأفعله دائماً معكِ.


تنهد بعشق وتابع حديثه:
حتى تخلد في فينيسيا قصة حب جديدة، بين الملك رسلان والملكه فينيسيا، وسأبق بجوارك حتى الموت، كما فعل الملك فيكتور مع والدتك.

هتفت لورا بحُزن:
جلاله الملك، اذهب للراحة، وأنا سوف ابق بجوارها، حتى تفيق.


شاور لها بابهامه نحو الباب، وهو يهتف بأمر:
- ارحلي الآن ولا أريد إزعاج من أحد،
حسنًا، يا لورا.

هزت رأسها، بالموافقة، وأتجهت إلى الخارج، وعلى وجهها ابتسامة، لحب رسلان للبندقية،
الذي لا يقل مع مرور العمر.

اقترب ببطء من فراشها، ليجلس على حافة السرير، بجانبها، وهو يمرر ابهامه على وجهها، بحب وحنان، ما زال يتذكرها منذ سنوات عندما بكت على موت عائلتها.

لقد خيم على المملكة حالة من الحزن لوفاتهم، فماذا ستكون حالتها هي، وهي من ربت على يديهم، وشعرت بحنانهم، الذي أغرق الشعب باكمله.

امحي دموعها برقة من حول عينيها المغلقتين وهتف بابتسامة بلاهة:

- مكتوب بأن أراكِ باكية دائما يا فينيسيا، في يوم من الأيام أريد أن أرى إبتسامتك تزين ثغرك أريد أن أرى ما يقولون أن إبتسامتك ساحرة و سأقع في حبك للمرة الألف يا عزيزتي.

أتجه إلى الفراش، وهو يتسطح بجانبها، وجذبها إليه، ليضع رأسها على صدره، ودفن أنفه في خصلاتها البرتقالية، وهو يتنهد بعشق حقيقي مرادفًا:

-عشق رسلان لأميرته البندقية؛ يتغلل في أعماق قلبه، وروحه، كلما مر العمر.


***
في المنزل المملوك لحمزة

إنه مبنى خشبي، عبارة عن ثلاثة طوابق، الطابق الأوّل، تحت الأرض، عبارة عن سواد حالك، لا يوجد غير إضاءة خافتة، تظهر قلوب المتجمدة وخناجر مملوءة بالدماء.

يقطع الغرفة ذهابًا وإيابًا، مثل ثور الهائج، جسده يشتعل بنيران، تكاد تحرق العالم بأسره، وهو يقف كالمقيد، ولا يريد أن يؤذيها بجوار أحد، حتى لا تطمئن، كما يحدث الآن، وجود ذلك المعتوه بجوارها جعلها تغفو بأريحاية، وكان ما فعله هبئا

هتف من بين أسنانه بحقد، ونيران الغل تحرقهُ:
أنتَ الآن، مخدوع، باسم الحب، النساء خائنات، يا عزيزي، هي سوف تخونك، وتحب شخصا آخر، كل شيء فعلته لها، في السنوات السابقة، سوف ينتهي عبثًا.


عاد برأسه لخلف، وهو ينظر إلى بلورته الزجاجية.
-جميلة هي يعلم ذلك، لا تشبه هدي، في جمالها، لكنها أفضل نسخة، من بينهُن ربما، لأن جمالها ملكي، يؤثر على العينين، وشعرها البرتقالي، وعيناها البندقية وبشرتها البيضاء، لعنة عليها وعلى جمالها.


نظر إلى صورة ميليسيا وهو يبتسم بجنون:
-مرت ثلاث سنوات، وعائلتك لم تُنسى بعد، هنيئا لك ميليسيا، عائلتك تحبك، ووجودك بينهم كان فرقاً، الضحايا الآخريات، تم نسيانهم في غضون أشهر قليلة من وفاتهم.


-حسنًا، أعلم أنهم يفتقدونك، وأنت تفتقديهم أيضًا، لكنني أعلم أنكِ في مكان أفضل بكثير من هنا، لا تحزني، أنا لا أريد أن أراكِ في كل مرة أنام، حسنًا.


شعر بعاصفة هوائية قوية، تضرب منزله، لتتسع ابتسامته، بينما رأى النوافذ الغرفة تفتح وتغلق بجنون، وشكل متكرر، ضحك بسخرية وهتف بترحيب زائف:

-أعلم بأن واحدة من بينكم، قد جاءت إلى عندي
مرة أخرى.

وضع ابهامه على رأسه في وضع التفكير وتابع قائًلا:
-ربما إفتقدتني ليّ يا ميليسيا و أتيت إليه لرؤيتي.

-إما أنتِ يا ليندا، أنتِ من كنتِ تقولي دائماً أنكِ ستنتقمين مني، أنا هنا أمامك، أفعلي ما تشائين بي، لكنك حمقاء لا تستطيعي فعل أي شيء.

أنطلقت ضحكاته بصخب وهو يردد:
-ها، لقد ظهرتي، لعنة عليكم جميعًا.

حدق نظرته في هذا القط الأسود، الذي ينظر إليه؛ بنظرات ثاقبة وثابتة، وعلى وجهه بعض الدماء المتناثرة بشكل يثير الرعب في النفوس، لكنه لم يتحرك ولا يرمش، وهتف وهو يقترب ببطء منها:


-اهلا ياعزيزتي، من أنتِ، ميليسيا لا لا أنتِ لم تريدي أنا تنظري في وجهي بعض لآن، إما ليندا، حسنًا، ولا واحدة من بينكم.

أتجه بأتجاه القطة، وهو ينظر لها بعيون ثاقبة، جعلها تصدر أصوات تتدل على رفضها لقربه، وقف أمامها مباشرة، لتعود القطة لخلف بعدة خطوات، وهتف:


-لا تخافي يا قطتي، أنا لا أؤذيكِ الآن، لكن من أنتِ، جوليان أوه، أنا أتذكرك، أنتِ من كنتِ ترددي لي لأخر أنفاسك، أنكِ كنتِ ستنتقمين مني، أنا أمامكِ
ماذا ستفعلين؟


نظر حوله، وهو يُشير عن مكان وجود قلبها، وتابع ببطء مريب:

لا تقلقي، أنظري إلى هناك، إنه قلبك أيتها الحمقاء، كما فعلت عائلتك معكِ، لم أنساكِ كما فعلت عائلتكِ معكِ، أعدكِ بذلك.

قطع الغرفة ذهابًا وأيابًا، وتابع مرادفًا:
-هل تعلمي؟ بإن موتك لم يفرق مع احد، فقد وجدوا جثتك بعد ايام قليلة من موتك، ولم تتأثر عائلتك، ولم تاتي الى جنازتك، افكر قليًلا؛ فيما فعلتي بهم جميعا؛ حتى لم يحبوكي.

صوت نحيب صامت يأتي من بعيد، ليبتسم، وهو يعرف صاحبته جيدًا، إنها جوليان الباكية، كما يدعوها، جلس على الأريكة، يستمع إلى بكائها بمتعة، صوت بكائها جعله يتذكر الليلة التي قتلت فيها.

مُنذ سبع سنوات من الآن؟

دلفت جوليان إلى غرفته وهي تبكي بحُزن قائلةً:
حمزة، انظر ماذا فعلت عائلتي بي، لماذا لا يحبني أحد سواك، حمزة.

اقتربت، لترتمي بين ذراعيه، وازداد بكائها بطريقة هستيرية؛ جعلت جسدها يرتعش، ليربت على ظهرها وهو يبتسم لبكائها:
- لا، تحزني جوليان، كل شيء سيكون على ما يرام،
لا تقلقي.

رفعت عينيها؛ لتنظر له، وتابعت:
-أشعر بأن حادث ما سيحدث، قلبي يؤلمني بشدة، وعائلتي لا تريد مقاطعة عملهم بالخارج، والعودة لرؤيتي لماذا لا يقدرون، بأنني ابنتهم، وأريد البقاء معهم، كما تفعل جميع العائلات مع ابنائها

-حسنًا، جوليان، ماذا لو ذهبنا؟ انا وأنتِ، في عطلة لغابة، لتغير بعض الهواء، وحتى تنسي تٍلك المشاعر السيئة، التي تشعري بها.

هزت رأسها بالموافقة وأجابت :
_ تبدو فكرةً جيدة لغاية وتناسبني كثيرًا، شكرًا لك حمزة على كل شئ تفعله الأجلي.

نهاية الفصل
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي