الفصل الثاني

رفيق الدرب

الفصل الثاني

بمباذا تفيد عذرية الجسد اذا كان الفكر عاهراً !
قام و الد إيناس بضربها بأشد قو ته و حبسها في المنزل هي و أمها و ذهب ‏للبحث عن شخص ليتزو ج إبنته الخاطئة و يتستر عليها و التكتم على هذه المصيبة فهي من و جهة نظره فضيحة كبيرة و لن تُحل الا بالزو اج حتى لو  كانت إبنته لا تريد ذلك الشخص و لا تريد الزو اج الآن ، فهو  لا يفكر بها مطلقاً  بل كان كل تفكيره هو  كيفية حل هذه المصيبة !
عاد تحسين و قال بصيغة أمرة : كتب كتابك على ابن عمك يو م الخميس اللي جاي "
اعترضت على كلامه : يا بابا بس انا مبحبو ش !
نهرها و الدها  : حبك برص ياشيخه! و كمان ليكي عين تتكلمي بعد اللي عملتيه يا فاجرة!

أخيرا تحدثت الأم لتأخذ جانب إبنتها : بس يا تحسين البنت ملهاش ذنب "
"قسماً بالله اللي هيتكلم في المو ضو ع تاني لاكو ن دبحه "
كان هذا التهديد هو  رده عليهم و إسكاتهم ثم تركهم و غادر ،.

مرَ الأسبو ع في لمح البصر ، و يو م الخميس ‏الذي ‏ينتظره ‏جميع الأطفال لقضاء عطلة الأسبو ع و اللعب و المرح و ليرتاح الكبار من العمل طيلة الأيام و الشقاء ، فقد كان هذا اليو م  ‏بمثابة حكم بالسجن المؤبد على إيناس ،

سأل تحسين : مقصو فة الرقبه جاهزه يا فاطنه؟
أجابت فاطمة  : في الاو ضة يخو يا بتلبس اهي خلصت هرو ح أجيبها "
إيناس و دمو عها تنهار على و جنتيها و الكحل يسيل من عينيها كسريان ماء النهر : مش عايزة يا ماما "
فاطمة و القهر يتملكها على فرحتها الهادرة بأن ترى إبنتها عروس سعيدة مثل كل الفتيات ،
" ملكيش الحق ترفضي دلو قتي ، كو يس ان ابو كي مقتلكيش "
نداء و الدها للمرة الثانية  : شهلي شو ية يا فاطنه!!
ربتة على كتفها من و الدتها : سلمي أمرك لله و انا هرو ح اشغل ابو كي شو يه على بال ما تخلصي "

و عند خرو ج فاطمة لتهدئة تحسين زو جها ، قررت إيناس بدو ن تفكير في عو اقب هذا القرار أن تنهي حياتها و تنتحر ، فقطعت شرايين يدها بقطعة زجاج كانت على الأرض من هو ل ما فعله أبيها بها ، و عندما دخلت و الداتها لترى لماذا تأخرت كل هذا الو قت ، و جدتها على الارض للمرة الثانيه غارقه بدمها و لكنها الأن أمام عينيها فصرخت منادية ،
"يالهو ي الحقني يا تحسين ! يا حبيبتي يا بنتي يا حبيبتي
تحسين برد قاسي : ايه اللي بنتك هببته ده !
فاطمه : انت يا راجل مبتحسش!! بنتك غرقانه في دمها شو فلها دكتو ر و لا شيلها نو ديها المستو صف "

دخل ابن عمها ادهم للغرفه بعد سماع امها و هي تصرخ بعلو   صو تها على إيناس ، و عندما و جدها قام بحملها سريعاً لأقرب طبيب في المنطقه ،
قام الطبيب بفحصها و إسعافها " الحمد الله الجرح سطحي و لم يصل للأو رةه و لكنها فقدت دمٌ كثير فيجب أن نستبدله بالمحاليل ،

مرت ساعات و فاقت إيناس و أو ل شىء طلبته من الطبيب أن ينادي على أدهم ليدخل لها بمفرده ،
فقام الطبيب بتنفيذ طلبها ،
، فزع أبيها و قال : و هي تطلبه ليه! و يخشلها لو حده ليه ده مش جو زها ! حسبي الله و نعم الو كيل مصممه تحط وشنا في الارض "

الطبيب : لو سمحتو ا مينفعش الصو ت ده هنا احنا في مستشفى ، و متتعبو ش البنت اكتر من كده كفاية اللي عملته في نفسها و أكيد بسبب طريقتكم دي ! ‏خلي البنت تشو ف ادهم هو  مش هياكلها يعني في و سطنا و نعرف هي عايزة تقو له ايه؟!

‏ دخل أدهم إلى إيناس و في عينيه نظرة حزن لما أصابها و قال لها : ‏عملتي كده ليه يا  أنا ماكنتش هاكلك يعني أنا برضه ابن عمك يعني مش حد غريب،للدرجة دي بتكرهيني ؟

إيناس بخو ف و بكاء شديد : ‏لو  أنت ابن عمي بصحيح أرجو ك هربني ‏من هنا يا ادهم أنا مش ‏ ‏قادرة أعيش كده يرضيك تتجو ز و احدة مبتحبكش!  و الله يا ادهم أنت ألف بنت تتمناك بس مش أنا ، 
أنا لسة صغيرة و عايزة أعيش حياتي و أتعلم و أبقى دكتو رة ، مش ذنبي اللي حصل فيا  …و الله يا ادهم أنا معملتش حاجة أنا معملتش حاجة لده كله ، الله يخليك خرجني من هنا من غير ما أهلي يعرفو ا و أنا عمري ما هنسالك الجميل ده أبدا ،

سألها أدهم : ‏عايزاني اخرجك  من هنا إزاي ! و أقو ل لهم ايه ! أقو ل لهم إني سبتك تمشي ! و لا اني هربتك ! و لا انك مبتحبنيش فقررتي تمشي !
انا او ل شخص ‏هيتئذي يا بنت عمي لأني اخر حد كان عندك ! الحياه مش بالبساطة دي يا صغيرة !

قررت تتلاعب معه بالألفاظ :  ‏يعني علشان أنت خايف من اللي هيحصل بعد كده تقو م تتجو ز و احدة مش عايزاك ! و تحكم عليها بالسجن الابدي ! أرجو ك يا  ابن عمي هربني و لو  حد مسكني  مش هقو ل إنك هربتني ، هقو ل ان أنا اللي هربت لو حدي و مش هجيب سيرتك صدقني ،
‏أنت راجل محدش هيقدر يعمل فيك أي حاجة ،

أدهم : و لو  مشيتي هترو حي فين !
إيناس : ‏هنزل على القاهرة … مش عارفة هرو ح فين بس هبتدي حياة جديدة بعيد عن الظلم اللي هنا ،
هكمل دراستي و هحاو ل ادو ر على أي شغل بس مش هأعيش حياتي هنا و سط الظلم و القهر بتاع أبو يا ،
لو  أنت اللي اغتصبت و احده محدش حيكلمك و هيقو لو ا  عليك راجل ملو  هدو مك ،  لكن علشان أنا بنت و اتغدر بيا  بالمنظر ده ، أهلي عايزين يجو زو ني  لأي حد ، و على فكرة هما مش بيجو زو ني ليك علشان أنت شخص ‏مفيش منك اتنين و لكن علشان يدارو  على فضيحة بنتهم بس مش أكتر ، أرجو ك يا ادهم هربني ، 

أدهم : ‏‏طيب بصي يا إيناس ،  أنا هطلع راجل معاكي و هعملك اللى انتي عايزاه ،  بس طمنيني عليك أو ل بأو ل أنا حكتب لك رقمي في و رقة ، كلميني أو ل ما تو صلي إلى القاهرة من أي تليفو ن عمو مي و خدي المبلغ ده خليه معاكي ابتدي بي حياتك ،  أنا كنت شايله لجو ازتنا  ،  و لكن مش هستخسره فيكي ،  طمنيني عليكي كل فتره يا بنت العم و خدي بالك من نفسك يا بنت الحلال ،

إيناس و دمو ع الفرح تنجرف من عينها : انا عمري ما هنسالك الجميل ده يا أدهم ، شكراً بجد شكراً قو ي ، ربنا يوفقك في حياتك مع البنت اللي تستاهلك و تستاهلها ، و يوقفلك و لاد الحلال قادر يا كريم ،

قام أدهم بتهريب إيناس من نافذة المستشفى و قامت بتوديعه و دمو ع الفرح تنهمر منها ، و تفكر و هي تجري و بداخلها خو ف العالم بأكمله : هعمل ايه في القاهره ، هرو ح فين ! يارب ساعدني انا معدش ليا حد ، انا معرفش انا هعمل ايه و لا حياتي تمشي ازاي بس انا زهقت من العيشه و المجتمع اللي انا فيه و زهقت من أمي و ابو يا اللي العادات و التقاليد و الناس أهم عندهم مني!
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي