الفصل الثالث

رفيق الدرب

الفصل الثالث

بعد ان انصاعت ايناس لكلام والديها وما امرها به وما ذنبها هى انها غدرت من قبل وحشين لا ينتمو لجنس البشر من الاساس وتحكمهم الشهوة والاخلاق الوضيعة واكملت الحكاية بعد دخول ادهم لغرفة إيناس و سماع كل ما قصته عليه و انها لن تستطيع ان تتزوج منه وانها لا تعتبره اكثر من اخ وانها تناشد رجولته لكي يساعدها في الهروب من عمه لكي تكمل تعليمها وحياتها كيفما تريد و ناشدت حبه لها لكي تستطيع إقناعه فى تنفيذ ما طلبته منه

.. ‏لوحت إيناس بتو قيف أو ل عربة أجرة مرت من أمامها و ذهل السائق من ما ترتديه فقد كانت ترتدي فستان زفافها الأبيض و ثم طلبها ان يقو م بإيصالها الى مصر بهذا الشكل ..
و لكنه وافق و أنزلها في العاصمة..  و عندما رأي حالتها و هي تبكي فاشفق عليها و لم يأخذ منها فلوس كبيرة..

ما فاض من النقو د لدي إيناس لم يكن بكافي لإيجار شهر للبيت التى تقطن به و بعض الطعام  .. فكانت قد أجرت شقة صغيرة و دفعت كل ما تملك و لم يبقى معها الا مبلغ قليل للطعام و سلسال والدتها التي اخذتها منها هدية زفافها ..
ف قررت إيناس ان تكتب حكايتها فقد أخذت الو رقة و القلم الصديق الو في لها .. و بدأت بكتابة هذه السطو ر ..

.. تخيلت انك يا أمي من سيقف جواري و تمنعي جو ازي من شخص انا مبحبو ش .. بس للاسف زيك زي اي حد مش بتقفي في و ش التجبر و الكره تحت مسمى الخو ف و العفه و الشرف .. العالم اللي رابطة شرف البنت بحتة لون وتمزيق غشل.. هما بالنسبالي ناس متاخرة و غبية و .. شرف البنت باحترامها لنفسها و للناس و امانتها و صدقها و علاقتها بربنا .. مش بإيدي اني إتتدخدت غدر من رجلين ميعرفو ش ربنا و لا دين و لا اخلاق و لا اي حاجة !

انا ايه ذنبي علشان اتعامل كأني لعبة و قت ما تحبو ا ترمو ها .. ترمو ها ! انا مش هييأس و حياتي انا هرسمها من إنهاردة و كل اللي جاي لازم يكون احسن من اللي فات و مش هسيب عقولكم و عاداتكم المقرفة دي تسيطر عليا و على احلامي اللي لسه بيتكو ن ..
و أخر حاجة أحب اقو لها و عمري ما كنت اتخيل اني اقو لها في يو م من الايام ..
أنا مش بحبك يا بابا .. و لا انتي يا ماما
كل حاجه و حشه في حياتي حصلت كانت بسببكم انتم للأسف ..
الاهل بيخافو ا على بناتهم و بيحمو هم مش بيمنعو هم من مستقبلهم وتقدمهم و بيرمو هم !
كلكم شو ية جهلة ..
ليه اتجو ز و احد انا مبحبو ش بس عشان تلمو ا الفضيحه ! فضيحة إيه ؟! فين الفضيحه في كده !!
طب انتو ا حتى متعرفو ش شخصية أدهم عامله ازاي ! و لا ليكم بي صله مباشرة ! كل اللي تعرفو ه عنه إنه إبن عمي وخلاص ولا ايه اخلاقه ولا طباعه ولا كيفية تصرفاته ..
يو م ما حبيتو ا تجو زو ني فكرتو ا في أي حد حتى لو انتو ا مش عارفينه او علاقتكم مقطو عه بي من زمان ..!
فين مو اصفات الشخص اللي في دماغي ..
انا فين من ده كله !!
و أغلقت دفترها و اعدة نفسها بالعو دة للكتابة فيه كلما مرت بيها أحداث جديدة ..

بعد مرور‏ الأيام و السنين و قد صارت إيناس دكتورة مشهورة .. و بعد مرور حوالى التسع سنو ات .. أصبحت  طبيبة ة كبيرة في علم النفس في القاهرة .. و على الرغم من المحاو لات الكبيره من الشباب للتعرف عليها و الزو اج منها و لكنها كانت ترفضهم جميعاً .. قضت كل سنو ات غربتها عن مسقط رأسها  بلا أصدقاء بلا أقارب بلا زو ج ..  فقد عاشت و حيدة هي و دفترها و قلمها ..
أصبحت فتاة يافعة تبلغ من العمر سبعة وعشرون عاما .. حققت ما لم تحققه أي بنت في قريتها أو في الريف بشكل عام .. لقد اكملت تعليمها و صارت طبيبة مشهو رة و لها إسم مميز .. و هربت من حكم أهلها و قريتها عليها بالفشل .. و الغريب في هذا المو ضو ع أن و الديها لم يتو صلو ا إليها حتى الآن برغم بحثهم الكثير عليها و فشلهم بأخذ أي معلو مة من أدهم ..
أما هي قد نسيتهم  منذ أن هجرتهم من تسع سنو ات و ظلت على اتصال بأدهم ابن عمها فقط.. لتو اصله معها من فترة لأخرى .. هو الو حيد الذي يعرف مكانها و تابع كل خطو اتها و مشو ارها الذي نجحت فيه بمفردها و كم كان فخو را بها .. و هو أكمل حياته و تزو ج أدهم و انجب طفلة صغيرة..

.. اختيرت إيناس  من قبل نقابة الأطباء لادارة ندو ة كبيرة بالقاهرة تتكلم عن مو اصفات الشخص السو ي نفسيا الذي يمكنه تكملة الحياة مع شخص آخر و الحديث ايضاً عن أكثر من مو ضو ع كان من ضمنهم اعراض الاكتئاب و زيادة الحركة للأطفال و الفو بيا بأنو اعها ..

‏فتشجعت أن تحكي تجربتها أمام كل من يحضر الندوه و لا تبالي بما سيحدث من رد الفعل .. أدارت الندو ة بشكل علمي سليم .. و لكي تكو ن عبرة لكل شخص في مصر أو بالريف مثلها ..  و قدو ة و مصدر أمل لكل فتاة لا تأخذ حقها بالكامل في بلدها و لا تعرف ما هي حقو قها و و اجباتها أمام الأشخاص الأخرين و تجاه أهلها و البلد و الأهم تجاه نفسها ..

‏كانت اول كلمات إيناس بقو ل " بسم الله الرحمن الرحيم و به نستعين " اليو م جئت  لطرح عليكم مشكلة فتاة كانت بعمر الثامنة عشر  في قرية أشمو ن بمحافظة المنو فية .. ‏كان كل حلمها و طمو حاتها  أن تصبح طبيبة كبيرة و أن تكمل دراستها و أن تتزو ج من فتى احلامها و لكن ‏أهلها و قريتها سرعان ما سلبو ا منها  هذا الحلم ..
.. لقد أجبرو ها على البقاء بالمنزل رغما عنها و زرعو ا في ذهنها أن الفتاة ليست أكثر من شخص مخلو ق يخدم الآخرين مثل زو جها و و الديها و أخيها و أي رجل في حياتها ..

وافقت على كلامهم لكي لا تكسر أو امرهم ..
غُدر بها من قبل و حشين ليس عندهم ضمير سلبو ا منها عذرية بكارتها " أو كما يقو ل المجتمع الشرف "  فهجم عليها شخصين ‏و قامو ا باغتصابها و تحو يل حياتها لجحيم من قبل أهلها و قريتها بالكامل .. 

و حاو ل و الدها تزو يجها لإبن عمها لو أد الفضيحة  و التستر على هذه المصيبة و لكنها فرت من الزفاف إلي القاهرة  و قد حاو لت الإنتحار قبلها بثلاث  ساعات و قام إبن العم بمساعدتها على الهرب برغم حبه الشديد لها .. و بدأت حياتها بالعمل في المطاعم و الكافيهات و محلات الملابس و الخدمه بالبيو ت .. و انفقت كل ما لديها ‏على دراستها حتى أصبحت طبيبة كبيرة تقف أمامكم  اليو م لكي تلقي عليكم ندو ة عن أسس الشخص السليم لتكملة الحياة مع شخص آخر و لبناء مجتمع جديد سو ي نفسيا و خلو ق و متعلم خالِ من العادات و التقاليد المجتمعية الخاطئه و التي ليس لها اساس في العلم أو الدين ..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي