الفصل الاول

بغرفة ما بمشفي خاص كانت تجلس تلك الفتاة علي مقعدها المتحرك أمام نافذة الغرفة فتاة تتميز بجمالها الشرقي الطبيعي سمراء البشرة وخصلاتها طويلة غجرية سوداء كالليل وعيناها بنيتان واسعتين قصيرة القامة ونحيفة بعض الشئ
دلفت إليها الممرضة التي تشرف عليها وتهتم بها
_ صباح النور يا آنسة أهِلة
ابتسمت الفتاة وهتفت
_ صباح الورد يا سناء عاملة ايه النهاردة؟
ابتسمت سناء قائلة
_ الحمد لله كويسة انت عاملة ايه دلوقتي الالم اللي حسيتي بيه امبارح راح؟
نظرت اهِلة الي قدميها العاجزة عن الحركة وهتفت بسرود حزين
_ الحمد لله يا سناء كله بيروح مش حبة وجع هما اللي هيخلصوا عليا
وضعت سناء يدها علي كتف اهِلة قائلة
_ أن شاء الله تطلعي من هنا علي رجليكي بدعيلك دايما والله ربنا يعلم انت عندي ايه
ربتت اهِلة علي يدها وهتفت تسألها
_ بردو لسه معرفتيش مين اللي جابني هنا؟
هزت سناء رأسها نفيا بعجز قائلة
_ مع الاسف لا الإدارة هنا مشددين علي اي حاجه تخصك انت بقالك سنة بحالها هنا ولسه الادارة مشددة بردو انا مش عارفة مين اللي جابك هنا ونقلك من المستشفي اللي كنت فيها
تنهدت أهِلة واردفت
_ ولا انا معرفش مين اللي جابني هنا بعد م كنت ف مستشفي حكومي مرمية علي سرير ف أوضة مليانة عيانين للمستشفي ديه من غير حتى م اعرف بقالي سنه هنا مبشوفش غيرك انا مش عارفة انا بيحصلي كده ليه!
نظرت اليها سناء قائلة بحذر
_ انت لسه بردو مش عاوزة تحكيلي حكايتك؟
هتفت أهِلة مغيرة الحديث تماما
_ هاتيلي الاكل يا سوسو لحسن انا جعانة اوي
تقبلت سناء تغييرها للموضوع ببساطة فهي دائما ما تفعل ذلك عندما تسألها عن قصتها أو حتي سبب مرضها
وضعت سناء الطعام أمام أهلة وقالت
_ الاكل اهو جبتلك النهاردة بقي شوكولاته انما ايه طعمها تحفة بس اوعي تقولي اني جبتهالك انت عارفة دكتور عبدالله ممكن يعمل ايه
ابتسمت اهِلة واردفت
_ متقلقيش ده انت بتجبيلي الحاجة اللي بعمر بيها الطاسة مش هقول على اسمك يا سناء
ضحكت سناء وشاركتها الضحك وبدأت بتناول طعامه
...................
بمنزل ما راقي الي حد ما دخل ذلك الشاب من الباب وهو يجر زوجته خلفه بغضب شديد والفتاة تبكي بين يديه بحرقة والم
هتفت والدته ما أن شاهدتهم تسأله بلهفة
_ فيه ايه يا ابني ماسك مراتك كده ليه؟ وايه اللي عمل ف وشك كده؟
لفظها الشاب من يده وهتف بغضب وهو ينظر لها
_ كل يوم والتاني اروح اجبها من عند اخواتها وحد فيهم ضاربها بطريقة شكل انا زهقت ومليت منها ومن قرفها اهي عندك يمكن تعقل
تلقفتها المرأة بين ذراعيه واحتضنتها حتي تواسيها فهي تعلم قصتها جيدا وتتعاطف معها للغاية
_ طب ادخل اوضتك يا حبيبي وانا هتكلم معاها وسلمي هتسمعلي هي اكيد ميهمهاش غيرك
نظرت سلمي الي زوجها بعيني الاتهام التي أصبحت تلازم نظراتها له وهتفت بصوت حاد
_ انا مش هسمع لحد انا عاوزة اختي انت مجبتهاش وممنعتهمش اللي عملوه انت مش راجل معرفتش تحافظ علي حق مراتك ولا حتي اختها
غلي الدم بعروقه بغضب عارم واقترب منها حتى يشدها من خصلاتها فلا طاقة له بسماع حديثها الذي يثير غضبه بكافة الأشكال
سليمان بعصبية
_ تعالي بقي عشان انا زهقت منك ومن غبائك يا افهمك يا هموتك من الضرب والله م ليكي عندي الا كده يا حيوانة
حالت بينهم والدته التي وقفت هي بوجه ابنها وارجعت سلمي خلفها حتي لا تطولها يدي زوجها
_ بس خلاص يا سليمان هتضربها قدامي كمان امشي ادخل جوة وسيبها ملكش دعوه بيها
شتم سليمان بألفاظ نابية توضح مدي غضبه من زوجته فيما صاحت والدته بغضب تعنفه
_ يا سافل يا قليل الادب
التفتت ميرڤت الي زوجة ابنها واخذتها ودلفت الي غرفتها حتي تتحدث معها
جلست سلمي علي الفراش أمام حماتها وهي تبكي على حالها وحال شقيقتها ربتت ميرڤت علي كتف سلمي بمواساة واردفت بلطف
_ وبعدين يا بنتي ؟ كل يوم والتاني كده يروح يجيبك من عند اخواتك وهما ضاربينك! جاي عليكي بإيه بس؟
هتفت سلمي من بين شهقاتها
_ انا عاوزة اختي عاوزاها وبس لو لاقيتها هختفي من حياتكم خالص
جارتها ميرڤت بالحديث وهتفت
_ طب لو ملقتيهاش يا بنتي هتفضلي كده! افرضي ماتت فعلا
زاد بكاء سلمي وهي تردف
_ هفضل كده علطول كل يوم والتاني اروح لاخواتي أن شالله حتي يموتوني زيها بس انا مش هسكت زي ابنك م عمل قالي هيدور عليها وهيجبلي حقي منهم بس معملش حاجةسابهم لحد م ضيعوها مني
هتفت ميرڤت بأسي
_ يا بنتي احنا اد اهلك بس! م انت عارفة كل حاجة وعملوا ايه ف سليمان لما جه طلبك منهم فهميني هيقف قدامهم ازاي بس ؟
زاد بكاء سلمي وهتفت ببكاء حار
_ انا مش عاوزة حاجة الا اختي انا قولتله يطلقني مش راضي خليه يطلقني ويسبني وانا هدور عليها
اغمضت ميرڤت عيناها بتعب وارهاق من نقاشها الغير مجدي مع زوجه ابنها وهتفت
_ طب قومي ريحي شوية في اوضتك يا بنتي ويحلها ربنا
.........................
بڤيلا كبيرة للغاية كان يجلس ذلك الشاب "ريان" يتناول طعامه مع ابن عمه " ادريس" وشقيقته"ليلة"
نظر ريان الي ليلة المتوترة ويظهر علي وجهها امارات الخوف من شقيقها كالعادة واردف
_ فيه ايه النهاردة كمان!عملتي ايه يا ليلة سودة؟
ردت ليلة بخفوت قائلة
_ معملتش حاجة
ريان بتهكم
_ معملتيش! ده اخوكي ناقص يطلع نار من ودانه انطقي عملتي ايه؟
رد عنها هذه المرة إدريس شقيقها الأكبر وهو ينظر إلي الطعام أمامه حتي يرعبها أكثر واردف
_ الأستاذة المتربية اوي خرجت من ورايا امبارح رغم اني محذرها لا وخلت الخدامة الزفت اللي عندي تساعدها وكمان راحت للست اللي بتقول عليها امها من غباءها كانت مفكرة اني مش هجبها تاني بس غلطانه لاني سايبها بمزاجي
حاولت الدفاع عن نفسها فمهمًا يكن تلك المرأة شاء هو ام ابي والدتهم مهما فعلت تظل والدتهم
_ انا كنت عاوزة ازور ماما يا أبيه حتي لو هي ست مش كويسة زي م حضرتك بتقول بس انا مقدرش اتخلي عنها
صرخ بها ادريس هذه المرة وقد خرج عن سيطرته علي نفسه وهتف
_ اخرسي..اخرسي خالص انت سامعة؟ الست دي مش امك ولا امي الست ديه خاينة رمتني انا وانت لابوكي عشان تروح تعيش حياتها بعيد عن قرف ومسؤولية عيالها الست دي كل يوم مع راجل شكل
نظر ريان الي ابن عمه محاولا تهدأته فتلك الصغيرة لا تعلم شيئا عن والدتها
_ ادريس اهدي فيه ايه مش كده
ضغط ادريس بيده علي كوب الماء أمامه حتي تهشم زجاجه الرقيق واردف بصوت حاد ارعب شقيقته
_ لو عرفت بس انك خرجتي من البيت روحتي ف حته هكسرلك رجلك والزبالة اللي بتساعدك ف البيت انا هعرفها مقامها كويس اوي انا رايح الشركة
أومأ ريان برأسه وانصرف ادريس فيما تنفست شقيقته براحة فقد أوشك ادريس أن يعنفها جسديا
_ اووووف ده كان هيضربني خلاص وانا مش حمل قلم واحد بس منه
نظر إليها ريان بغضب عارم واردف
_ ولما انت خايفة اوي كده منه بتعملي تصرفاتك الزفت دي ليه!عارفة يا ليلة انت مش هترتاحي الا لما يمد أيده عليكي ولو حصلت انا مش هحوشه عنك ده انا هضربك معاه كمان
ليلة بتوتر
_ قلبك ابيض يا ريان هو انا عملت ايه بس ده انا روحت لماما أشوفها هو مشدد عليا اوي مخرجش ولا اروح ولا اجي خنقني يا ريان خنقني
صفعها ريان علي يدها وهتف بغضب
_ احترمي نفسك وانت بتتكلمي عن اخوكي يا حيوانة
ليله انا بتكلم بجد ادريس لو عدهالك المرادي المرة الجاية مش هيسيبك هو كل ده صابر عليكي وبيقول صغيرة وطايشة اتقي شره احسنلك
ظهر علي محياها علامات الاعتراض وعدم الاقتناع بما يقوله ريان لكنها هتفت بعد اهتمام مع تمسكها بحقها في رؤية والدتها
_ طيب هتقي شره ممكن بقي توديني الجامعة عشان انا اتأخرت اوي ؟
صدمها ريان برده التالي وهو يقول بصرامة
_ مش هتروحي الجامعة ولا زفت لحد م تتدعلي ديه أوامر اخوكي انا ماشي
........................
بڤيلا ادريس الشامي
انبعثت الاغاني من المطبخ وصوت التصفيق الحار لتلك الواقفه ترقص علي الطاولة المستديرة بحرارة غريبه وحولها زميلاتها وشقيقتها الصغري يصفقون لما تفعله من حركات رشيقة بجسدها المرسوم وخصلاتها الطويلة الغجريه
كانت تدندن مع صوت الاغنيه المنبعثه من مكبر الصوت
هتفت صديقتها المقربة تقول
_ بدور تليفونك بيرن ليله هانم
ردت بدور وهي ترقص قائلة
_ سيبك منها لما اخلص الاغنيه ابقي ارد عليها هو الواحد ميعرفش يشوف نفسه شويه ف البيت ده!! حاجة تجنن
ضحكت صفاء علي حديثها واردفت قائلة
_ والله عندك حق كملي رقص يا بت
أكملت بدور رقصتها غير عابئه بليله التي تحاول الاتصال بها لتحذرها من شقيقها
هتفت بدور لشقيقتها الصغري ملك قائلة بتشجيع
_ يلا يا لوكا أيوة اعملي زيي ولفي كده
دقائق وصرخت بها صفاء وركضت نحو مكبر الصوت واغلقته بسرعة قائلة
_ ادريس باشا جه انزلي بسرعة ويارب م يكون سمع صوت الاغاني دي هينفخنا
نزلت بدور عن الطاوله واسرعت تشغل نفسها بأي شئ حتي لا يشك بها
لكنه سمع الاغاني المنبعثة من الداخل وانتهي الأمر!
دخل ادريس الي المطبخ حتي يعنف بدور علي مساعدتها لشقيقته وتلك الاغاني التي اشعلتها وخرج صوتها الي الخارج ببوابه الڤيلا
وقف أمامها ينظر لها بغضب عارم وصرخ بها
_ ايه اللي انت عملاه ده؟
انتفضت بدور من مكانها بذعر وهتفت تقول لصديقتها
_صفاء خدي ملك برة
كان ادريس يراقب ما تفعله باستنكار وسخريه غاضبه وما أن خرجت صفاء حتي هتف بغضب عارم
_ وكمان بتتأمري يا روح امك وبتقوللها خديها الاوضه! كان بيت اللي جابوكي هو اسمعي يا بت انت ف ظرف ساعة تلمي حاجتك من هنا وتاخدي اختك وتغوروا من هنا انت سامعه ولا لا !
لم تتوقع في اسوأ أحلامها أن يتم طردها من هذا المنزل الذي يأويها هي وشقيقتها الصغري من أهل والدها ومن شرور الدنيا بالخارج
وجدت نفسها تبكي بدون اراده منها وهتفت تتوسله بصوت ضعيف مترجي
_ الله يخليك يا بيه انا معنديش مكان اروحه
لم يتأثر ادريس بدموعها اطلاقا فكل النساء عنده خائنات يُجدن اختلاق الدموع كالتماسيح تماما حتي يحصلن علي ما يريدن
هتف بجمود قاسي
_شغل الصعبانيات ده مبياكلش معايا يا بت انت وكلامي يتنفذ تلمي حاجتك من هنا وتمشي انت واختك
وخرج وتركها تنعي حظها وتلعن غباءها الف مرة وتدخلها فيما لا يعنيها
ليتها لم تفعل ليتها لم تساعد ليلة حتي تري والدتها ما شأنها هي بهذه الأمور العائليه المعقدة!
....................
دلفت سلمي الي غرفتها بمنزل حماتها مقررة تجاهل زوجها تماما فهي لم تخطئ بحقه بل هو من فعل تخلي عن شقيقتها ولم يحمها كما وعدها سبقه أشقائها إليها ليس هو المذنب
كانت الغرفة مظلمة تماما فلم ترد ازعاجه ومالت علي الفراش تأخذ وسادة صغيرة وغطاء حتي تدثر نفسها به ولم تنتبه لذلك الذي يراقب ما تفعله بوجه أصبح كالدماء من شدة غضبه
بمجرد ان وضعت ما بيدها علي الارض حتي اجفلت من صوته المكتوم بغضب عارم تعلمه جيدا
_ سيبي الحاجه اللي ف ايدك دي واطلعي نامي على السرير شغل العيال ده مبحبوش
لم ترد عليه وتجاهلته تماما وهمت بوضع رأسها علي الوسادة عندما جذبها سليمان من مكانها حتي يجبرها علي النظر له وقد نجح
هتفت سلمي بحدة
_ هات المخدة يا سليمان عاوزة انام
هتف الآخر دون أن يعطيها ما تريده قائلا بلامبالاه
_ اطلعي نامي ع السرير وانا اديهالك غير كده لا
نفخت سلمي بضيق وهتفت بغضب
_ مش هطلع ع السرير ولا طايقاك اصلا ف لو سمحت سبني ف حالي وياريت تطلقني انا مبقتش عارفه اعيش معاك
أظلمت عيني سليمان بغضب مكتوم واردف ببرود
_ الكلمه دي قولتيها مرتين النهاردة المرة التالته مش هتلاقي صحة عشان تقوليها اطلعي نامي علي السرير واحترمي نفسك
تجاهلته سلمي تماما مما ضاعف غضبه ونهض من مكانه وجذبها من ذراعها حتي أجبرها علي الوقوف أمامه وهتف وهو يدفعها نحو الفراش
_ اتفضلي نامي على السرير انا ماسك نفسي بالعافيه عنك
ضحكت سلمي بسخرية وهتفت
_ ايه هتعملي ايه يعني ؟ هتمد ايدك عليا زي م كنت عاوز تعمل من شويه ؟ م انت خلاص مبقتش راجل أو انت اصلا مكنتش راجل من ساعه م اتجوزت...ااااه
لم تكمل حديثها المهين له فقد امسك بخصلاتها بشئ من القوة
رفع إصبعه بوجهها قائلا بملامح جليديه غاضبه..
_انا بقي هوريكي اللي مش راجل ده هيعمل فيكي ايه
قالها ثم أشرف عليها بطوله الفاره فخافت سلمي وتراجعت الي الخلف ظنا منها أنه سيتعدي عليها ليؤدبها
امسكها سليمان من خصلاتها وجذبها إليه وهمس بفحيح
_ تعتذري دلوقتي حااالا يا سلمي احسنلك واا..
الان فقط انتبه الي تلك التي بين يديه تنتفض كأرنب مذعور وقد امتلأ جبينها بحبات العرق كعادتها عندما تصاب بالخوف أو التوتر
توقف سليمان عن الحديث تماما وقربها منه وهبط علي شفتيها يقبلهما بقوة مشاعره نحوها وغضبه منها الان وبنفس اللحظة
الأمر كان مختلفا للغايه عند سلمي التي كانت تحاول كتم أنفاسها بقوة حتي لا يؤذيها سليمان كما تظن
وانتهي بهما الأمر علي الفراش يحاول اطفاء نار شوقه إليها التي اشعلتها هي بدون أن تدري
ولم تبادله هي شغفه أو حتي تبادر لتقبيله بل تركته يفعل ما يشاء وقد قررت التحلي بالصمت حتي تخرج من هنا وتبحث عن شقيقتها فهل سيسمح لها زوجها
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي