الفصل السادس

الفصل السادس



تنهدت اصالة ومن ثم مسحت أدمعها بيديها ثم أجابت  : بص يا يوسف ، أنا مشيت معاك المشوار من أوله  لأخره، شوفت معاك إللي محدش قدر يتحمله ولا مره قولت ليك مليت أو تعبت .
في كل مره كنت بتخانق معاك بسبب الموضوع ده هو كان خوف عليك أنت لكن في كل مره برده كنت برجع و أدور معاك من تان .
صمتت للحظات محاوله استجماع قواها واكملت : لـ أول وآخر مره يا يوسف بخيَّرك ، يـ أنا يا السرداب ده  !!

يوسف بصدمه : إيه إللي إنتِ بتقوليه ده يا اصاله إيه ده ؟!
إنتِ أكتر حد عارف تعبت في الموضوع ده قد إيه ، عايزه افرط فيه بالسهوله دي ؟!
اصالة : يبقى إنت كده اخترت الطريق ،  إنت في طريق وأنا في طريق يا صاحبي ، الواضح إن لعنه السرداب سيطرت عليك قبل ما تدخله ،
بعد إذن حضرتك .
يوسف : راحه فين يا اصالة !!
اصالة : راحه مكان ما أروح وعشان تطمن أنا راحه لِ  ليلي ، بعد إذن حضرتك يا فندم .
فور أن أنهت حديثها سحبت يديها من يد يوسف مغادره المكان ، مغادره المكان بشئ من الأسف والحزن الذي ملأ قلبها ، لا تعلم أي حظ ذاك الذي أصاب قلبها وحالها ، لا تعلم ممن تتوقع الضربه القادمه ، الأمور أصبحت تسوء من سيء إلى أسوأ .
أما عن ذاك الذي وقف في موضعه  لا يعلم إلى أين يتجه أيعود إلى ذاك العجوز مقرر خساره اصاله إلى الأبد مقرر استكمال حلمه وتنفيذه  أم الذهاب خلف تلك التي ضحت بالكثير والكثير من أجله تارك حلمه خلفه مُنهي ذاك الأمر الذي طال البحث عنه كثيرًا .
ضرب بيده على جبينه وكأنه يحاول أن يضرب عقله ليعود للحركه والعمل من جديد .
وكأنه يحاول أن يعيد عمل ذاك الذي توقف بشكل كبير لا يعلم أين يذهب و إلى أي أمر يهتدي.

  ~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~


عاد زين إلى منزله سريعًا يُحضر بين طيات قلبه خبر على يقين أنه سوف يُسعد والدته لا شك في ذلك  ، دلف إلى المنزل دون مقدمات ليجد عبير جالسه في الصالون تتابع أحد قنوات التلفزيون  ، انتبهت لعودته مبكرًا من عمله ، ليست عادته  تلك التي يعود في مثل هذا الوقت .
عبير بقلق : زين ؟!
إيه جابك بدري كده ؟!
حصل حاجه معاك ؟!
فـ أجاب بفرحه : اه يا ماما حصل ، حصل كل خير وسعاده .
عبير : خير يا حبيبي  إيه حصل ، باين الفرحه على وشك أهو ، فرحني معاك .
تنهد زين بحالته الفرحه تلك ثم أجاب :  بصي ومن غير أي مقدمات كتير أنا لقيت شغل كمان فوق شغلي في الشركه ، شغل في صيدليه كده قريبه من الشركه ،حد من صحابي في الشغل دلني عليها وبعد ما أخلص شغل الشركه هستلم في الصيدليه .
عبير بفرحه عارمه : ألف حمد وشكر ليك يارب ألف حمد وشكر ليك ، ألف مبروك يا قلبي ، ألف مليون مبروك ، ربنا مش ناسينا وبكرمك أهو  ، وعرفت هتستلم الشغل امتى أو المرتب كام ؟!
أجاب : اه يا أمي ، هستلم شغل من بكره إن شاء الله ، والمرتب صدمه ، مُغري بشكل رهيب ، هاخد خمس آلاف جنيه في الشهر  و إن الدكتور صاحب الصيدليه حبني جدًا وشكله محترم أوي  .
نظرت له بعينين صادمتين ثم تحدثت : بتقول كام في الشهر ؟!
ده تلت أضعاف مرتبك في الشركه ، أنت بتتكلم بجد ؟!
زين : والله بجد ، الحمد لله ربنا كرمني عشان خاطر ليلى ، أنا دلوقت هطلع عليها و أبلغها الخبر الجميل ده  وكمان أبلغها إنها هانت جدًا .

تنهدت عبير بقلق ، شئ ما بقلبها يشعر بالخوف ، ما كل ذاك المرتب المغري حقًا ؟!
شعرت لوهله وكأن هناك شئ ما خطاء  ، شئ ما يثير القلق في هذا الأمر إلا أنها لم تحب أن تفسد فرحه فلذه قلبها فأجابت ببتسامه : ألف مليون مبروك يا قلبي ، ربنا يوفقك يارب ويكرمك .
روح يا حبيبي بلغها ، ربنا يخليكم لبعض يارب .
زين : اللهم آمين يا ست الكل ، إنتِ الخير والبركه و إنتِ كل حاجه حلوه بتحصل ليا ، يلا سلام لأجل .
عبير : سلام لأجل .

… … … … … … … … … … … … … … … … … …… … … … … … … … … … .

  وصلت أصالة على منزل ليلى بحالتها التي يُرثى لها القلب تلك ، طرقت الباب فـ أجابت ليلى : مين على الباب ؟؟
:. أنا اصالة .
تحركت ليلى جهه الباب  مُرحبة ب صديقتها : أهلًا يا أصالة تعالي إتفضلي .
دلفت بهدوء خلفها ومن ثم اتجها إلى أحد المقاعد المتواجدة في المكان وجلسا .
قبل أن تتحدث ليلى في شيء ، الأمر الذي لأجله طلبت أصالة ، حزنها وقلة حيلتها .
قبل أن تتحدث في أي شيء لاحظت تلك الحالة التي عليها صديقتها فـ تحدثت : في إيه يا أصالة مالك ؟
لم تتحمل هذا السؤال وكأنها كانت تنتظره حتى تستفيض في البكاء فـ سقطت دموعها كـ شلالات تنهمر من أعلى مرتفع شاهق .
تحركت ليلى بسرعه جهتها محاولة تهدئتها ، ضمتها إلى صدرها بحنان ثم تحدثت : في إيه يا حبيبتي ؟؟
ليه العياط ده طيب إيه إللي حصل ؟
حصل مشكله مع والدك ولا مع يوسف ؟؟
أجابت باكيه : هو ليه بيحصل معايا كل ده يا ليلى ليه ؟
ليه حياتي بقت بالشكل الكئيب والمُحزن ده ليه ؟؟
ليه كل لم أحب حد أو أتعلق بحد يا هو إللي يسيبني ويمشي يا الظروف تجبرني على كده؟
ليه إللي بحبهم مش بيفضلوا معايا ؟؟
هو أنا وحشه ؟
أنا مش أتحب يعني أو أستاهل إن حد يفضل معايا؟؟
أجابت ليلى بحنان : لا يا حبيبيتي مش تقولي كده ، إنتِ قمر والله وكلنا بنحبك ، مين بس زعلك أو حصل إيه فهميني ؟
اصالة : إنتِ بتجامليني يا ليلى، إنتِ بتجامليني ، أنا فعلًا مش أتحب ولا أستاهل إن حد يفضل معايا دي الحقيقه .
ليلى  : ليه الكلام ده طيب ، أنا مش فاهمه في إيه ؟!
حصل إيه طيب ، اتخانقتي مع يوسف ولا مع والدك ولا إيه فهميني عشان أقدر أتكلم !!
أصالة : بابا عايز يسافر ويسيب مصر كلها ومش ناوي يرجع هنا خالص وعايز ياخدني معاه ، وماما ولا في دماغها أي حاجه ، من اللحظه إللي انفصلت فيها عن والدي و اتجوزت وهي نسيت إن ليها بنت أصلًا .
حتى يوسف ، يوسف إللي قولت إنه هيكون ليا العوض والأمان والكرم من ربنا عن كل اللي شوفته في حياتي ، إللي شوفت فيه ومعاه سنيني الجايه هو كمان مش بيفكر إلا في نفسه وبس .
مش بيفكر إلا في المخروب إللي اسمه سرداب الموتى وبس ، ده كل شئ بيفكر فيه ، أما أنا ؟!
فـ أنا مش على بال أي حد خالص ، لا أب ولا أم ولا حبيب ولا أي حد يا ليلى ولا أي حد .
أعمل إيه قولي ليا أعمل إيه ؟!
تنهدت ليلى بقوه محاوله إعاده تنظيم أنفاسها ليس بسبب حزم أصالة ولكن فقط لذكر ذاك الاسم ، فـ من أين لهم لمعرفته من أين!
هي على علم أن الكتاب الذي كان بين يدي يوسف لم يذكر اسم السرداب لكن من أين علمت بإسمه ، تحدثت بهدوء : كل حاجه هتبقى بخير صدقيني ، كل حاجه هتكون بأفضل حال  ، لكن بس إنتِ قولتي سرداب الموتى ، يعني إيه مش فاهمه ؟!
إنتوا وصلتوا لمعلومات جديده عن السرداب ولا إيه؟!
أصالة : ده موضوع كبير هحكيلك عنه بعدين ، لكن دلوقت أنا في مصيبتي أنا ، أنا اتخانقت مع يوسف من شويه ، و والدي هيسافر الصبح والمفروض إنه هياخدني معاه ، إيه إللي مفروض أعلمه ، أعمل إيه عشان مش أسافر أعمل إيه؟!
مش عايزه أمشي ،  مش عايزه أبعد عن يوسف ، مش عايزه أبعد عنكم .

ليلى : اهدى بس والله كل حاجه هتبقى زي ما إنتِ عايزه بس المهم تهدي .

قبل أن تجيب أصالة أتى صوت طرقات الباب ، تحدثت ليلى : لحظه بس هشوف مين على الباب وأرجع .
أصالة : اتفضلي .

تحركت ليلى جهه الباب لتجد زين ابتسمت بهدوء ثم تحدثت :  اهلًا يا زين تعالى ، كنت لسه هكلمك حالًا .
زين : تكلميني ؟!
ليه  في حاجه ولا إيه؟!
ليلى : اه أصالة عندي وتقريبًا متخانقه مع يوسف .
زين : تان ؟!
هما مش هيبطلوا ؟!
ليلى : المره دي الموضوع شكله  كبير ، تعالى  ادخل لم نشوف هنعمل إيه .
زين بإحباط ، كان قد أتى إلى هنا يحمل بين طيات قلبه شئ مفُرح لكن يبدو أنه سيتم تأجيله إلى بضع الوقت حتى يرى ما الخطب ، تحدثت : حاضر .

بالفعل دلفا حيث تتواجد اصالة  ، زين : السلام عليكم ورحمه الله وبركاته ، ازيك يا اصالة عامله ايه؟!
مسحت أصالة ادمعها  سريعًا ثم تحدثت : أنا بخير الحمد لله ، انت عامل ايه يا زين ؟!
زين : أكيد مش هكون بخير طول ما أنت ويوسف على الحال ده .
امتى بقى هتعقلوا وتبطلوا الخناق وتصرفات العيال دي ؟!
أصالة : بس المره دي غير يا زين ، المره دي أنا مش غلطت لكن هو إللي باع .
ليلى بصدمه من اللفظ : هو إللي باع ؟!
باع إيه يا اصالة ، يوسف عمره ما يستغني عنك وإنتِ عارفه ده كويس .
أصالة : هو استغنى يا ليلى استغني .
زين بهدوء : طيب اهدي كده وفهمينا في إيه أو إيه إللي حصل عشان نعرف نتصرف .
أصالة : حاضر ، اليوم روحنا لسور الازبكيه عشان ندور برده عن حاجه ممكن تفيد في موضوع السرداب ده .
نظر زين إلى ليلى وكأنه يخبرها عن الكتاب أو عن أنها إذ أخبرت أصالة بشئ عن الموضوع او لا ، تلك الأخرى التي تفهمت مقصده فهزت برأسها نافيه بهدوء .
زين : يعني روحتوا اليوم هناك ؟!
طب محدش قال ليه ، وعملتوا إيه هناك ؟!
أصالة : هو أنا اقترحت عليه الموضوع امبارح وقولت ليه نروح هناك يمكن نلاقي حاجه ، هو وافق الرأي وقولنا نروح ولو لقينا حاجه نقول ليكم ولو مش لاقينا يبقى الموضوع مش له لزمه يعني .
المهم لم روحنا فضلنا ندور لكن مش وصلنا لحاجه لحد ما يوسف قرر نروح ، بس كان في مكتبه قديمة جدًا اقترحت عليه إننا ندور فيها بالمره قال ماشي .
روحنا  المكتبه دي وياريت ما روحنا ، لو رجع بيا الزمن تان عمري ما كنت هقول ليه نروح .
ليلى بقلق  : ليه ، حصل إيه هناك ؟!
أصالة مكمله : لقينا فيه هناك عجوز ، العجوز ده كان معاه نسخه مكبره من الكتاب فيها كل التفاصيل عن السرداب ، حكى لينا كل حاجه عن  السرداب وعن العالم التان وعن كل شئ له علاقه بالموضوع ، وكمان قال إن السرداب ده مش موجود إلا في تلت نسخ من كتب العالم ، نسخه مع يوسف والنسخه اللي مع العجوز ونسخه تانيه مخفيه .

هذه المره زاد القلق في قلب ليلى ناظره إلى زين بتوتر ، أما عن الأخير فـ لم يطل تفكيرها فـ تحدث : إيه وصف العجوز ده يا أصالة ؟!
هو سؤال لم تتفهمه لا أصالة ولا ليلى ، لكنها تحدثت : رجل كبير في السن حوالي تمانين سنه أو حاجه زي كده ، عنده لحيه بيضه طويله ، ماشي بعكاز  .
وشه باين عليه تأثير الزمن جدًا  ، دي كل مواصفاته ، بس ليه ؟!
تنهد زين بقلق في نفسه ليست هي المواصفات الخاصه بذاك العجوز الذي رآه مرتين قبل ذلك .
أما عنه فهو دون لحيه ، لا يتحرك على عكازات ، رغم كبر سنه إلا أن أثر الزمن لا يظهر بقوه عليه ، تنهد ثم تحدث : لا مفيش بسأل عادي ، المهم العجوز ده قال ليكم إيه عن السرداب ؟!
بدأت اصالة تقص عليهم ما حدث منذ لحظه دخولهم المكتبة حتى غادرت المكان تاركه يوسف هُناك .

أما عن ليلى فـ في كل حرف وكلمه تتفوه بها اصاله يزداد القلب رعبًا مما تسمع ، رغم أنها كانت لديها خلفيه عن الموضوع بسبب الكتاب الذي وجدته إلا أن تلك المعلومات التي تسمعها أكثر خطوره ورعب .

أما عن زين فـ ظل بهدوءه ثم تحدث : طب ومش تعرفي يوسف رجع للعجوز يعرف مكان السرداب  ولا إيه ؟!
أصالة : لا أنا مشيت مش استنيت .
زين : معنى الكلام ده  إن يوسف مش هيسكت لحد كده ، وهيحاول تان يحضر اجاويد ، وده في حد ذاته كارثه ومصيبه.
أكيد مش ناسيين إللي حصل قبل كده ،  ده بالنسبه للتحضير وإذا فعلًا قدر يحضره فـ كده بقت كارثه أكبر وأكبر.
إن قدر يحضره مش هيتردد للحظه ينزل السرداب ويروح عالم ارنغل ده !!

أصالة بحزن : أنا خيرته بين أنه يكمل في موضوعه أو أنه يرجع لينا .
ليلى : بس مش كان ينفع الخيار ده يا أصالة ، كان ممكن تقولي أي حاجه غير إنك تخيريه بينك وبين الموضوع إللي فضل يدور وراه شهور .
كان ممكن تمنعيه بأي شكل .
أصالة : اهو ده إللي حصل يا ليلى ده إللي حصل .
زين : خير إن شاء الله ، كل خير ، المهم قومي إنتِ روحي ارتاحي شويه وأنا هشوف يوسف .
اصالة ببتسامه حزينه : أرتاح ؟!
ارتاح من فين يا زين ، أنا والدي مقرر أنه يسافر بكره على امريكا وياخدني معاه دون رجعه .
زين بصدمه : إنتِ بتهزري ؟!
طب ويوسف ، هتمشي وتسيبي يوسف ؟!
أكيد بتهزري .
أصالة : لا مش بهزر للأسف ، دي حقيقه ومش عارفه أنا أعمل إيه ، مش عارفه .
زين بهدوء : طيب اهدي برده ، قومي روحي عشان الوقت اتأخر و لو وصلت أن آجي أنا وليلى الصبح لوالدك نتكلم معاه بس إن شاء الله مش هتسافري إن شاء الله .
ليلى بحنان : زين عنده حق ، قومي روحي وإن شاء الله هنشوف الموضوع ده ومش هيحصل إلا كل خير ، لكن بس الأول هو أنت كنت جاي ليه يا زين ؟!
زين بتذكر : يااااه ، أنا كنت  نسيت ، مش مهم بقى  لم نشوف الموضوع بتاع يوسف الأول .
اصالة : إن شاء الله مش يحصل إلا الخير ، قول بجد كنت جاي ليه ، فيه حاجه حصلت؟!
زين : لا بس أنا لقيت شغل جديد في صيدليه كده جنب الشركه إللي شغال فيها .
ليلى فرحه : إيه ده بجد ، ألف مليون مبروك يارب ، ألف مليون مبروك .
أصالة : ألف مبروك يا زين  والمرتب كويس هيساعدك ؟!
زين : الله يبارك في أعماركم ، اه المرتب كويس جدًا ، خمس آلاف جنيه في الشهر .
ليلى بصدمه : كام ؟!
زين : خمس آلاف في الشهر؟!
إيه كل لم أقول لحد على المرتب يتصدم كده ليه ؟!
الحمد لله يمكن ربنا بيعوضني عن كل إللي فات يا جماعه .
اصالة : لا مش مصدومين ولا حاجه ، بس الرقم كبير بس مش أكتر ، المهم ربنا يوفقك يارب العالمين  وتحقق كل أحلامك ونفرح بيكم بقى .
بعد تلك الجمله الاخيره نظرت ليلى إلى زين بعينين لامعتين  وكأنها تتمنى ما يقال ، تتمنى أن يأتي الوقت سريعًا حتى يضمهما منزل واحد .
يا الله ليت ذاك العمل الجديد يقرب الأمور أكثر .

زين : إن شاء الله بس إنتِ بس خليكي مع يوسف بس ومش تبعدي .
أصالة : إن شاء الله ،  خير على ربنا ، أنا هقوم أروح .
زين : وخديني معاكي ونسيب ليلى ترتاح ، وإن شاء الله مش هيحصل إلا كل الخير .
أصالة : إن شاء الله  ، يلا سلام .
زين : سلام .

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

بعد أن غادرت أصالة منزل ليلى اتجهت بسيارتها مباشره إلى منزلها ، قبل الدلوف إلى الداخل وقفت للحظات محاوله استجماع قواها ، محاوله ترتيب بعض الكلمات التي ستخبر بها والدها كـ محاوله اخيره منها كـ ترجي له بـ ألا يصطحبها معه إلى سفره .
محاوله اخيره لإقناعه بـ البقاء هُنا في مصر دون المغادره إلى أي مكان آخر .
لكنها للحظه تذكرت ذاك الذي لم يغب عن  بالها للحظه من الأساس .
لكنه حتى لم يكلف خاطره  بالاتصال ولو للحظه عليها من بعد مغادرتها المكان في سور الازبكيه في القاهره وعودتها وحدها إلى الاسكندريه .
لم يبالي بالأمر ، لم يهتم إذا ما كانت قد عادت سليمه أو لا .
تنهدت بهدوء ثم فتحت الباب ومن ثم دلفت إلى المنزل .

تحركت إلى الصالون حيث يتواجد والدها لتتحدث معه عما أعدته  لكنها توقفت في مكانها متحجره من صدمه وهول ما رأته ، للحظه تبخر كل شئ كانت تُعده .
جُل الكلمات التي كانت تُعدها للحديث تبخرت ، كل شي لم يعد له وجود
وكأن على رأسها يقف الطير .

تحدثت بصدمه : يوسف ؟؟
أنت بتعمل إيه هنا ؟!
ابتسم يوسف لشريف مُحركًا قطعه الشطرنج قائلًا : كش ملك يا عمي .
شريف بغضب مصطنع : إيه يا ابني الحظ ده ؟؟
جمين تكسبهم كده ؟؟
أنا عمر ما حد قدر يكسبني في اللعبه دي ، يجي واحد يطحني كده ؟!
يوسف بمكر : الشطرنج عمره ما كان حظ ، دي دماغ بتفكر وذكاء .
أما عن تلك التي تستشاط غضبًا  ، فلا يعيرها أي  منهم انتباه .
تحدثت بغضب : ياااا يوسف ، أنا مش بكلمك ؟؟
انتبه يوسف إليها فتحدث: أهلًا يا أصالة ، اتأخرتي ليه أنا هنا من زمان ؟!
شريف : طيب أنا هدخل أخلص شويه حاجات في المكتب وأسيبكم مع بعض شويه  ، البيت بيتك يا يوسف .
يوسف : اتفضل يا عمي ، ربنا يخليك .

اقتربت أصالة منه ثم تحدثت : أنت إيه جابك هنا ؟!
وجيت من امتى ؟!
يوسف بمكر : طب اتفضلي اقعدي طيب ده البيت زي بيتكم برده .
اصاله بغضب : أنا مش بهزر ، أنت جيت امتى وبتعمل إيه؟!
يوسف : جيت من ساعه تقريبًا ، بعمل إيه فـ أنا جيت عشانك أكيد .
اصالة : عشاني أنا؟!
وتيجي عشاني ليه ، هو أنت مش اخترت السرداب وأنك تمشي في الطريق ده ؟!
يوسف : مين قال إني أخترت حاجه ، أنا هنا عشانك إنتِ .
أصالة : يعني إيه مش فاهمه؟!
يوسف بهدوء : أقعدي وأنا هفهمك حاضر .
بالفعل جلست بقلق ، لا تفهم ما يحدث : فهمني في إيه بقى !!
يوسف : أنا عارف أن ممكن أكون تقلت عليكي  الفتره إللي فاتت ، وعارف أن الموضوع مش كان حد هيقدر يتحمله ، حقك عليا .
أصالة : هو بعيد عن حقك عليا أو عن أي حاجه أنا برده لسه مش فاهمه حاجه .
واحده واحده كده وفهمني أنت هنا من امتى وكنت بتعمل إيه مع بابا ؟!
يوسف : أنا هنا من ساعه تقريبًا ، بعد ما حضرتك خدتي العربيه ومشيتي وأنا رجعت متبهدل في المواصلات ، بعمل إيه مع بابا ؟؟
هو أنا مش قولت ليكي الصبح إن هحل الموضوع ومش هتسافري ؟!
نظرت له بعدم فهم ثم أجابت : أه قولت كده ، بس برده مش فاهمه حاجه ، بلاش تلعب بـ أعصابي بالله عشان أنا واصله حاله صعبه ، أنت عايز تفهمني إنك أقنعت والدي إن أفضل هنا ومش أسافر ؟!
يوسف بغرور مصطنع : ايوووه بالظبط كده ، أنا أقنعت والدك إنك تفضلي هنا ومش تسافري .
صمتت للحظات تحاول فهم ما يقوله ثم تحدثت بجديه : يوسف ده موضوع مش متحمل هزار .
انت بتتكلم جد؟؟
و إزاي يعني أقنعته وبحجه إيه ؟!
يوسف : والله العظيم مش بهزر إنتِ مش هتسافري ، مش هتسافري لا اليوم ولا بكره ولا بعده ولا بعد ألف سنه ، أنا خلاص طلبت أيدك من والدك وهو وافق ، وهيأجل سفره بكره عشان بكره كتب كتابنا .
تسمرت موضعها من هول ما تسمع ، لا تكاد تستوعب ذاك الذي يقال ، هي تمنت مثل هذا منذ زمن بعيد ، تمنت أن يكون لها وحدها وأن تكون له ، لكنـ لكن بهذا الشكل السريع !!؟

يوسف : إيه يا بنتي روحتي فين ؟؟
بقولك بكره كتب كتابنا هاااااي إنتِ وصلتي لفين بخيالك ؟!
أصالة بحالتها الغير مستوعبه ما يحدث : قول ليا أنك بتهزر ، قول إني بحلم وأن ده مجرد حلم حلو هفوق منه ، قول ليا أي حاجه غير أن إللي بتقوله ده حقيقه وهيكون واقع؟!
يوسف ضاحكًا : لا إله إلا الله وحده ، البنت اتجننت يا جدعان .
لا يا ست البنات ده واقع ومش حلم ، أجهزي بقى عشان بكره كتب كتابنا ، بس هيكون كده على الديق ، بسبب الظروف والدي مش كان موجود معايا لكن كان موجود على التلفون وسامع وحضر كل شي دار بيني وبين والدك ، إن شاء الله بكره اخر اليوم هاجي أنا ووالدي  وزين والشيخ ونكتب الكتاب .
اصالة : أنا مش عارفه أقول إيه ، أنا حاسه إن وقع عليا ميه متلجه جمدتني مكاني ، هو أنا مش  قادره أستوعب حاجه ؟!
يوسف : لو فضلنا كده كتير يبقى أنا هبات هنا ، أنا مروح وإنت زي ما فهمتك بقى ، يلا سلام يا قلب .
أصالة : سلام يا قلب القلب .

بالفعل غادر يوسف المكان عائدًا إلى منزله ، شئ ما في قلبه يخبره أن كل شئ سيكون على ما يرام ، كل الأمور ستكون بالشكل الذي يريده ، وجود أصالة بجانبه ، سعيه المستمر خلف السرداب ، إحضار اجاويد ، كل شئ سيكون كما خُطط له ولكن مع التحلى بالصبر وعدم التعجل أو التسرع .

أما عن تلك التي تركها هائمه فيما قاله ، ذاك الخبر الذي لم تكن تتخيله أبدًا في هذا التوقيت تحديدًا ، منذ دقائق قليله كانت تُعد بعض الكلمات كـ محاوله اخيره لها مع والدها كي تقنعه بأن تبقى هُنا بمصر ، في لحظات تحول الأمر عن بكره أبيه ، ستبقى هُنا .
لن تغادر البلاد ليس ذاك فقط ، بل أن كتب كتابها على ذاك الذي ظلت تحلم به لسنوات بعد ساعات معدوده .
يا الله على تلك الحاله المغايره تمامًا .
فقالت لنفسها
"لا تنتظر شيئاً بلهفة فالأقدار كتبت أن يأتيك كل شيء في وقته" .
هكذا أتت الفرحة دون إنتظار ، هكذا أتت سعاده القلب دون سابق إنذار ، هكذا يرسل الله إلى القلوب ما يشاء وقتما يريد .

تحركت بهدوء عائده إلى غرفتها لولا أوقفها صوت والدها متحدث : فرحانه؟!
توقفت أصالة ثم استدارت إليه مهروله وملقيه نفسها بين أحضانه متحدثه : جدًا جدًا يا بابا ، ربنا ما يحرمني منك أبدًا ويديمك نعمه في حياتي .
شريف بحنان : ويديمك نعمه في حياتي يا ست البنات ، يوسف بيحبك ، بيحبك جدًا .
أنا لو مش كنت عارف كده عمري ما كنت هوافق على الموضوع ده وبالسرعه دي ، أنا اب زيي زي أي اب نفسه يعمل فرح لبنته ويفرح بيها ، لكن الظروف كانت أقوى ، وأنا واثق أن يوسف عمره ما هيقصر معاكي في حاجه كمان عامر هيعاملك زي بنته بالظبط ، وأنا اكيد في اقرب وقت هنزل عشان اكون معاكي وجنبك .
اصالة. : أنت معايا وجنبي في كل وقت وكل مكان ، ربنا ما يحرمني منك يارب العالمين.
شريف : يارب ، يلا روحي ارتاحي إنتِ بقى عشان عندك بكره يوم متعب جدًا .
أصالة : حاضر .
وضعت قبله حانيه على جبينه ومن ثم غادرت المكان متجهه إلى غرفتها .

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~


إيه رأيك في الناس دي ؟!
:- البنت شكلها خايفه من الموضوع جدًا ، مش عندي إحساس  خالص أنهم قادرين يعملوا حاجه .
العجوز ببتسامه ماكره  : تبقى غلطان  آسر  ، أنت مش شوفت وشهم أول ما سمعوا إسم ملكنا الأعظم اجاويد قلب ألوان إزاي ؟!
حالهم وكلامهم اتغير تمامًا .
آسر  : مش عارف ، لكن الموضوع مش متحمل تضحيات جديده ، الوقت مبقاش يسمح خالص .
العجوز ببتسامه : دي مش هتكون تضحيه يا عزيزي آسر ، أنا  على يقين  إن الشخصين دول  هما إللي هيكونوا سبب رجوعنا ، إحنا متابعين من زمان ، من اللحظه إللي الولد قرر يحضر ملكنا الأعظم  .
  .
آسر   :  لكنه فشل ومش قدر يحضره والوقت مش بقى محتمل أي محاولات فاشله تان .
وبعدين بقى أخرج من شكل العجوز إللي أنت عليه ده  شكلك وحش جدًا .
ارجع لهيئه الجن ، شكلك الحقيقي ، ولا أنت حبيت شكل البشر يا سديم  ؟!

للحظات تغيرت ملامح العجوز وهيئته جسمه المنكمش بظهره المنحني ذاك بدء يتضخم ويزداد قوه حتى أن تلك الملابس التي كان يرتديها قد تمزقت من كبر حجمه  تحول إلى هيئه جن قوى شبيه قليلًا بالبشر ، تمزقت ملابسه من أعلى صدره حتى ظهر ذاك الوشم باللون الازرق على طول ظهره تمامًا كـ ذاك الأسر الذي يحدثه   ، كلاهما جن  يزين صدورهم بشكل طولي وشم باللون الأزرق وكذلك متواجد على ظهورهم .
أبتسم سديم  بمكر ثم تحدث : هحبه على إيه يا أسر ، أحنا مرغمين على كده ، سنين وسنين بندور على الملك اجاويد من غير أي فايده ، سنين من تعب وحزن على إيه؟!
ولا وصلنا لأي حاجه .
آسر بتنهيده : عندك حق ، عندك حق يا سديم  ، هربنا من السرداب بأمر من ملك ملوك الجان المائي الملك هتان  عشان ندور على الملك اجاويد ، هربنا سنين ندور من غير أي نتيجه وفي الاخر إيه ؟!
ولا حاجه ، لا قدرنا نوصل لـ الملك اجاويد ولا بقينا قادرين نرجع تان للعالم إللي إحنا في الأساس منه .

سديم  بحزن : من لحظه سيطره الجن الناري على باب السرداب وأحنا مش قادرين نرجع ، إللي كان يشوف الكتيبه اللي خارجه من الجن المائي يدوروا على الملك المفقود عمره ما كان يتخيل أنه مش فضل منهم حد عايش غيري انا وانت .
كل جن منهم لما استسلم وقرر يرجع للعالم بتاعنا كان بيسيطر على انسان ويدخل بيه السرداب .
آسر ضاحكًا بمكر : وللاسف لا كان بيرجع ولا بيعيش ، الرصد الناري الموجود على باب السرداب كان بقتله  ، ده غير مجموعه الجن الناري اللي خرجت من السرداب هي كمان بتحاول توصل للملك اجاويد وتقتله قبل ما يعرف قوته بأمر من الملعون دواني .

أملنا الوحيد في الرجوع تان هو أننا نلاقي الملك اجاويد قبل ما يوصل ليه حد من الجن الناري ، هو الشخص الوحيد إللي قادر أنه يقتل الرصد الموجود على السرداب .
وانا من الأساس فقدت الأمل في إننا نلاقيه يا سديم  .

سديم  : بالعكس ، أنا بدأت أحس انه قرب ، قرب جدًا عن أي وقت فات ، الولد إللي كان موجود هنا هو إللي قادر أنه يرجعه عشان كده لازم نحميه ونحافظ عليه ، لازم نحميه بأي شكل من الأشكال حتى لو بأرواحنا يا أسر .
آسر  : حتى لو  هو القادر على ده    ، هو مشي ومش هيرجع تان .
سديم  : غلطان ، الشغف والإصرار إللي كانوا موجودين في كلامه وعينه بيأكدوا انه مش هيستسلم لحد كده ، وأنه هيرجع تان سواء دلوقت أو بعدين هيرجع .
أنت مش شوفت كان بيسأل بلهفه إزاي عن مكان السرداب ؟!
آسر : اه شوفت ، لكن مش عارف ، بتمنى يرجع ، بتمنى قبل ما يرجع أصلًا يكون هو الشخص المنتظر ، الشخص إللي يقدر يحضر الملك الأعظم ، الملك ( اجاويد ) .
ابلج : مفيش حل في إيدنا غير الانتظار ، نستنى و الوقت هيبين كل شئ ، لكن برده لازم نحميه ونفضل محافظين عليه
آسر : وهو كذلك .
… … … … … … … … … …   … … … … … … … …  … … … … … … … …
يتبع.....

… … … … … … … … … …   … … … … … … … …  … … … … …
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي