الفصل الثالث

وعندما دق جرس الباب، ومسحت يديها
وذهبت سلمى لفتحه، كانت داليا جارتها.

- مساء الخير يا سلمى، هل من الممكن أن
تقرضيني بعضا من الصمغ, لأن جنى لديها
نشاط يجب أن تنتهي منه،

وأنا أيضا أعمل معها فيه, فقالت كما تعلمين
أنها في الصف الرابع الأبتدائي الذي يعتبر الأن وكأنه ثانويه عامة.

- أبتسمت سلمى وقالت: أعتقد أنه لدي
في درج المطبخ، دقيقة سأحضره لك.

-أين مهند?
- نائم في السرير، كان لديه يوم طويل وسيئ
في الحضانة.

- أعتقدت أنه يحب هذه الحضانة.


- هو يحبها فعلا بسبب أميرة، لكن أميرة الآن في
المستشفى، وشقيقها هو من يعتني بالحضانة
لمدة بضعة أسابيع، وأنا لا أخفي عنك شيئا أنا
لا أطيقه، أنه متحذلق ومتعالي كباقي المحامين.


- وماذا سوف تفعلي؟


- قالت وهي تقوم بهز كتفيها: لقد أتصلت بحضنات أخرى لكن لم يكن هناك مكان.


ثم أخذت الصمغ من الدرج وأعطته لداليا وقالت:
يمكنك إعادته لي غدا.


- قالت داليا: شكرا لك، إذا كنت لا ترغبي في
إصطحابه إلى الحضانة غدا، يمكنك ترك مهند معي حتى تعود اميره الى العمل.


- أبتسمت لها سلمى وقالت: شكرا جزيلا لك، لكني
أعلم أنه سيكون من المتعب لك،
أن تراعي أربعة من أبنائك ثم تراعي طفلا أخر
فسيكون هذا ضربا من المستحيل،


فأنا أعلم إنه
عندما يجتمع الأطفال مع طفل أصغر منهما،
فإنهم يتسارعون على حمله واللعب معه، وبالتأكيد سيكون هذا متعبا لك.




- لا أنني حقا غدا سأذهب في مشوار، مهم في
الساعة الثانية، لكن ساهر سيكون في المنزل بعد
المدرسة مباشرة وسيقوم بمراعاة أخوته الصغار.
نظرت إليها سلمي بتعجب وقالت:

- ما هو هذا المشوار هل هو مشوار بعيد حتى أراعي أنا، الأولاد في ذلك الوقت؟

- سأذهب إلى المحامي.

- لماذا لا تقولي أنكي تواجهي مشاكل في الرؤية،
والنفقة مع طليقك مرة اخرى؟

- نعم أنه يهددني، لانه يعلم انني قد حصلت
على علاوة في العمل،
ويريد أن يوقف النفقة التي يرسلها لإعالة الأطفال
فضلا على ذلك، فإنه قد رفع دعوى رؤية،
ليشاهد الأطفال في إحدى دور الشباب،


كما يتم مع الجميع، حاولت مرارا وتكرارا أن أقول
له، أن هذا خطأ شديدا على نفسية الأطفال، ومن
الممكن أن يأتي يوم الجمعه ليجلس معهم هنا،
لكنه رفض بالتأكيد،

أعتقد أنه يريد مضايقتي فقط، كما هو الحال دائما،
المحامي يقول لي: حتى لو رفع القضيه فأنه لن
يحظى بفرصة مع هذا السجل الطويل من القضايا،
والمشاكل التي يسببها للجميع، لأنه أيضا قد رفع
دعوى ضم حضانه للأولاد،


فكري جيدا يا سلمى، من الممكن أن نأخذ مهند غدا ليجلس مع الاطفال.


وعلى الرغم من إغراء هذا العرض، إلا أن سلمى عرفت أنها لا تستطيع قبوله.

- يا داليا بالفعل الكثير من المشاكل لتتعاملي معها فشكرا لك على أي حال، لكن أريد منك أن تقدمي لي معروفا صغير،

إذا لم يكن لدى ساهر أي شيء ليفعله الليلة،
اود أن يبقى بعض الوقت مع مهند، كي أستطيع
أن أذهب الى المستشفى لرؤية أميرة.


- أنتي تعلمين أن إخواته سيقومون بالمجيء معهم ،وسيحتلون منزلك، فلذلك من الأفضل أعطيني
مهند الأن، وأنا سأخذه ليجلس مع الأطفال.

- شكرا كثيرا لك يا داليا، لن أطيل وقت زيارتها في
المستشفى، فأنها أولا وأخيرا ما زالت في مرحلة
النقاهة.


ثم أعطت مهند وهو نائم لداليا، وأغلقت الباب
خلفهما ودخلت وأرتدت ملابسها، ثم ذهبت مباشرة
إلى المستشفى، وفي الطريق أشترت باقة من الورود و علبه من الشوكولاته الصغيرة.

- وعندما دخلت إلى المستشفى، صادفت عز أمام
حجرة أخته.

- هل أميرة بخير؟

نعم لكنها نائمة الآن.


بالفعل توقعت سلمى منه أن يقول شيئا هكذا،
عن الوقت تماما، كما ذكرها بأنها ذهبت لأصحاب
أبنها، من الحضانة بعد وقت الخروج
المقرر له، لكنها لم تقل أي شيء، بل حدقت فيه
فقط، وبدأت تشرح بعصبيه.


- جئت لأطمئن عليها، ولأحضر لها هذه الورود.


إلا أنه نظر إليها نظرة متشككة وقال: أجئت فقط
من أجل ذلك.

- بالتأكيد، أتيت للأطمئنان عليها فقط.


- أنا أعلم جيدا، أنك بالتأكيد تقومين بالبحث عن
حضانة أخرى، وأنك لا توافقين على وجودي
في الحضانة.


- أو تعتقد أنني جئت إلى هنا، لكي أشكي إلى أختك منك، لا بالتأكيد!

أنت مخطئ في تفكيرك، أختك ما زالت تتعافى
من الجراحة، وبالتأكيد لن أشغلها بمثل هذه الأمور.


-هل تقولي أنك أتيت لزياراتها كصديقه فقط!


- بالتاكيد، لكن بما أني أراك متشكك من
سبب الزيارة، سأترك تلك الورود وهذه الهدية
الصغيره هنا لكي تعطيها الممرضه لأميرة
عندما تستيقظ.


ثم بعد ذلك، أتجهت إلى مكتب الأستقبال لكي تخبر الممرضه بالأمر، وكان خديها مصبوغان
باللون الاحمر، من شده غضبها من هذا الرجل الذي لا يطاق.


وأصرت أن في طريق عودتها لى المنزل
غدا من العمل، ستبحث لمهند عن حضانه
أخرى، ستفعل كل ما يتطلبه الأمر، حتى لا يرى
عز الدين أبنها مره أخرى، فلن تتحمل مثل هذه
المواقف السمجة منه، لأنه رجل لا يعرف شيئا
عن الأطفال.



وفي صباح اليوم التالي، لم تستطيع سلمى
فتح عينيها، حتى ضوء الفجر الخافت أزعجها،
وشعرت أن رأسها على وشك الأنفجار،

كان أخر شيء تحب أن يحدث لها، هو هذا الصداع
الشديد، الذي ألم بها وهي تتقلب على السرير مرارا وتكرارا، لذلك لقد أضطرت إلى الأتصال بداليا جارتها.


- همست في سماعه التليفون داليا.
- هل أنتي بخير يا سلمى?


- رأسي يؤلمني بشده، هل يمكنك البقاء مع مهند
لبضع ساعات، حتى أتناول مسكن من الممكن
أن يجعلني أنام، ولن أستطيع أن أراعيه لو أستيقظ
الأن، وأتمنى أن أستيقظ وأن يكون هذا
الصداع منتهي.


- أنا أتيه الأن أفتحي باب الشقه.


- ثم نهضت وفتحت باب الشقه، وجدت داليا تنتظرها عند الباب، وكانت سلمى تحتضن مهند بين ذراعيها
الذي كان نائما فأخذته داليا وقالت:

- هل تريدي شيئا اخر؟


- نعم هل من الممكن ان تتصلي صباحا بالحضانه،
وتخبريهم أن مهند لن ياتي اليوم، وأنا سأنام بعد
ما أبعث برساله إلى هيام، لكي تحاول أن تأخذ لي
أجازه مرضيه اليوم، شكرا يا داليا لا أعلم ماذا
أفعل لك؟ لكي ارد لك المعروف.


- حبيبتي لا تقلقي فقد سبق ومررت
بمثل ما تمري به.

عندما أستيقظت سلمى، أختفى الألم إلا أنه
ترك ما كأنه إحساسا بالدوار، لكن عندما نظرت إلى ساعتها، شعرت بالخوف، فكانت الساعه الخامسه
مساء، كيف لها ان تنام طوال اليوم! فقامت
سريعا واتصلت بدليا.


– اجابها ساهر: أمي لم تعد إلى البيت بعد.

- كيف حال مهند معك، ومع أخواتك.


– جيد نحن نأكل البطاطس المحمره وأصابع السجق.

- لا شكرا إذا كان مهند بخير لا تقلق، سأنزل بسرعه
للسوبر ماركت، حتى أشتري بعض الأغراض
والأطعمه، هل بعض البسكويتات والشيبسي
أحضرها لكم وانا اتيه؟


- نعم نعم أحضري لنا كعكه هوهوز، إننا نحبها
كثيرا.

- لا تقلقوا سأذهب بسرعه.

قامت سلمى سريعا، وأبدلت ملابسها بأقصى سرعه
ونزلت سريعا لإحضار بعض الأطعمه، لأنها بدأت
تشعر ببعض الدوار، بسبب عدم تناولها أي اطعمه
من امس، لأنها أرادت العوده إلى مهند في أقرب
وقت ممكن.


- وعندما خرجت من الماركت تحمل بضعه أكياس،
لم تنتبه إلى تلك الحفره التي على الرصيف، فلم يكن لدى ساقيها القوة لحملها، فتشبست بأول شخص
وجدته بجانبها.

رفعت عينيها، ولم تكن تتوقع أن تشاهده هو!

-وكان أول ما سمعته، لم أكن أتوقع رؤيتك
هذا اليوم!

عند سماع صوته، إزداد وجهها ذهولا،
لقد كان هو لم تكن تتخيل.

- مساء الخير.

- لقد قالت من أتصلت اليوم أن لديك صداع، فأنا
أشاهدك الأن وأنتي تحضرين الطلبات من الماركت.


- أتعتقد أنني لم أخذ مهند إلى الحضانه اليوم
بسببك.
- نعم!

- لا ليس صحيح، ثم إنني لم أكن لأترك الحضانه، دون إختاريكم أولا، وكيف سأبحث عن حضانة أخرى،
وأميرة ما زالت مريضة، كما أن مهند متعلق بها.


سأحضر غدا مهند للحضانة، لم يعد لدي مثل هذا
الصداع، ولا يمكنني أن أقدم على أجازه ليوم أخر في عملي.

-ماذا تعملين?

- أنا أعمل محاسبه في احد البنوك.
- نعم نعم ،هذا يبين كل شيء الأن.

- ما الذي يبينه،?

- تبدين دائما متوتره جدا.

- أنا لست متوتره!

- لا أنتي دائما متوترة.

فضلت سلمى بعدها عدم مجادلته، في الواقع مكان عليها فعله هو الأبتعاد عنه بأسرع وقت ممكن، لكن لا يبدو أن ساقيها ،أستجابت لما تفكر فيه، فعندما
بدأت في التحرك، تعثرت لمرة ثانية ،ومسكت به ثم حاول أن يقوم بإسنادها وقال:

- من الأفضل أن أمشي معك حتى منزلك.

حاولت أن تحتج، إلا أنها سكتت لأنها ،أحست بنفس
الدوار يأتيها مرة ثانية، ثم وصل إلى العمارة.

فقال لها: سأقوم بتوصيلك إلى الشقه، وأصر بالفعل على الصعود معها، وعندما فتحت باب الشقه،
لم تشعر بنفسها إلا وهي تسقط،


إلا أنه تلقفها سريعا على يديه وحملها إلى الأريكة
القريبة، ووضعها عليها وقال: أين مهند؟


- عند الجيران الذين أمامنا، سأحضره الأن لأنه
كان هناك طوال اليوم.


لكن عز أوقفها.
وقال لها :لا تنهضي ستقعين مره أخرى، هل أكلت?
فقالت له: لا لم أتناول أيه أطعمه من الامس.


- حسنا أجلسي، وسأقوم بتحضير شيء لك لتأكليه.

- ارتعبت من وجوده بالمنزل .

فقالت له: بدون أن تغضب أو تعتقد انني، أفكر بك
تفكيرا سيء ،هل من الممكن أن تقوم، بفتح باب
الشقه قليلا.


- لا لن أغضب، وسأقوم بفتح باب الشقة، أن لديك كل الحق في ذلك.


قالت لنفسها: وهي تستمع إليه بعد ذلك عندما فتح باب الشقه ،ودخل إلى المطبخ وفتح الثلاجه،


كان يجب أن أتناول شيئا قبل أن أذهب للماركت، إلا
أنها لم تكن قادرة على التوقف عن التفكير في
منذ اليوم السابق، ورؤيته في تلك الظروف
جعلها تشعر بعدم الارتياح ،هي لم تكن مريضه
وما كان عليها أن تصاب بالدوار، وتقع أمامه، إلا أن
ما باليد حيلة.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي