هجوم الماضي البارت الثالث

*(هجوم الماضي) "البارت الثالث"*
ازدادت اضطرابات فؤاد قُدس كيف لأخيها ان يكون مثل كافة شباب هذا الجيل، خرجت قُدس من غرفة أخيها على عجلة من أمرها، فقط لأنه هُيِّء لها أن وجودها في حياة أحمد كان فقط مجرد تعويض عن فقدانه لحبيبته.


عادت قُدس إلى غرفتها وأوصدت الباب جيدا وأسندت ظهرها إليه، ترقرقت الدموع بعينيها مع إزدحام الأفكار في رأسها، رفعت عينيها لأعلى ومعنت النظر في الفراغ بعدما سمحت لدموعها بالهطول، بعد أشهر من الثبات سمحت لــ حزنها بأن يخترق أسوارها،


سمحت لنحيبها أن يعلوا ولكنها وضعت يدها على فمها كي لا تثير اهتمام العائلة، حاولت أن تهدأ قليلا ولكن براثن الخيبات والذكرى لا تبرح مخيلتها دون أن تهاجمها


فلاش باك


لم يكن الفراق سهلا البته، لم تستطع أن تعتاد فراقه وعدم رؤيته، بل وعدم سماع صوته كلما شعرت بـ السوء وعدم الإرتياح، أصبحت الآن تشعر بالسوء دائما ليس من أجله بل بسببه، لم تكن تواظب على محاضراتها ولم تهتم بـ امتحاناتها التجريبية، كان كل تركيزها


وتفكيرها منصب عليه فقط، كادت أن تضعف وتستسلم كثيرا ولكنها استطاعت أن تتماسك في آخر لحظه.
ولكن بعد فترة وجيزة عاد أحمد ليخبرها أن أسمهان ذهبت ولن تعود ثانيةً، لقد تركته فــ هي لم تحتمل تلك الصدمة التي جابهها بها أحمد لذلك اتخذت


القرار في الابتعاد عنه ورحلت، بعد ما قص أحمد كل ما حدث على مسامع قُدس لم تتفاجأ هي بل كانت تتوقع ذلك بالرغم من حزنها الشديد استطاعت أن تخبيء كل ذرة حب كانت تكنها تجاه أحمد وأظهرت له مشاعر الكره فقط



قُدس: أتدري كم من الوقت مر على آخر حديث بيننا؟! أتدري كم عانيت بعد ما افترقنا؟! وعندما بدأت في تقبل الأمر أتيت كي تعيد حبل الوصال بيننا!! أنا بني آدمة، أنا بشر ولست دمية تتركها متى شئت وتعود إليها متى شئت، لقد خسرتني بالفعل أنا لم أعد أكِن


لك أيا من المشاعر إن كانت مشاعر صداقة أو عشق، لقد انتهى كل شيء بالفعل، يمكنك الرحيل .
بالفعل رحل أحمد ورحل شغفها تجاه الحياة، كانت تظن أنها قست عليه ولكن حينما فكرت بــ عقلها أيقنت أنها فعلت الصواب بل وكان ما قدمته أقل ما


يمكن، وبمرور الوقت لم تستطع قُدس تخطيه بــ أي شكل من الأشكال فقد حاولت جاهدة على فعل ذلك ولكن بائت كل محاولاتها بالفشل، كان يومها يمر بــ صعوبة لم تعهدها من قبل، وللأسف لم تستطع الصمود أكثر وذهبت للقاءه



التقيا في مقهى كانا في السابق عادة ما يلتقون فيه، بادرت قُدس بالحديث قائلة
قُدس: هل تتذكر كيف كانت علاقتنا ونحن أصدقاء!! كنا اصدقاء مقربين، صحيح أننا لم نكن نتحدث دائما ولكن عندما نتحدث يدور حديثنا وكأننا لم نبتعد عن


بعضنا البعض قط، الصداقة شيء جميل جدا أضعناه بالحب، لو أننا صنعنا بعض الخطوط التي لا يُسمح بتخطيها من المأكد أننا كنا سنظل أصدقاء ولكن هذا هو قدرنا، تنهد أحمد قائلا
أحمد: نحن ما زلنا أصدقاء رغم كل شيء وإن لم يكن


هذا بالنسبة لكِ شيء يؤخد في الإعتبار فــ بـ بالنسبة لي هو كذلك، تنفست قُدس الصعداء وكادت تبدي عما يكمن فيما بين أضلعها لولا أن داهمها أحمد بما لم تتوقع بالمره
أحمد: أعلم أنكِ ما زلت غير مقتنعه بفكرة أننا ما زلنا


أصدقاء أو أنا ما زلت أعتبركِ صديقتي المقربة ولكي أبرهن لكِ ذلك سأخبركِ بشيء عني، لقد حدث معي شيء غريب للغاية لدي صديق متيم بفتاة وهي تعتبره كأخٍ لها فـ إستعان بي كي أوطد علاقتهما وأقنعها به وأنه مناسب لها، ولكن ما حدث أنها أصبحت


متيمة حقا ولكن بي وليس به، ارتعد فؤاد قُدس وكاد أن يخرج من جوفها من شدة اضطرابه، فـ قالت وهي تستجمع الأحرف التي ستتفوه بها
قُدس: وماذا عنك!!! ، تبسم أحمد وقد بدا العشق واضحا على ملامحه



أحمد: بالطبع أحببتها، أنتِ لا تعرفين شيئا عنها إنها كـ الملاك رقيقة جدا كالبلور ويجب على من يحبها أن يعاملها برفق كي لا تنكسر أو يصيبها أي مكروه وصديقي لم يحسن معاملتها ، فقالت قُدس وهي تحدق بعينيه



قُدس: وهل تحسن أنت معاملتها؟!
أحمد: بالطبع أفعل فهي تستحق كل ذرة عشق وضعها الخالق في قلبي، أرجو منك أنت تدثريني بدعواتك لي بالتوفيق فـ أنا لا أود خسارتها، أرادت قُدس أن تبرهن لقلبها أنها ستتخلص من عشقه الذي يعذبها


وقالت بـ ابتسامه مرحه
قُدس : إذاً عليك أن تريني كيف يدور حديثكما لقد شوقتني حقا، لم يُرد أحمد أن يريها إياه ولكنها أصرت فاضطر لــِ تلبية طلبها وجعلها ترى محادثته مع تلك الفتاة، لم تكن صدمتها بالحديث الذي يدور بينهما


بقدر صدمتها حينما رأت إسم تلك الفتاة "إلهام" صديقتها المقربة فهي تضع صورتها الشخصية على تطبيق الواتس آب لذلك سرعان ما تعرفت عليها.


باك


ضحكت قُدس بسخرية قائلة
قُدس: صديقتي المقربة والشخص الذي أفنيت سنوات من عمري في عشقه، هذا هو القدر، لقد قُدِّر لي أن يحدث كل هذا اللهم إعتراض، هذا هو مصير العلاقات الغير رسمية عناء يدوم لــِ سنوات عدة ولا يعلم


المرء إلى متى سيستمر.
أمسكت قُدس بالمصحف وقبلته ومن ثَم أسندت جبينها عليه وهي ترتشف أدمعها التي ملأت مقلتيها، لم تكن تبكي لحزنها على فراق أحمد أو اشتياقها له أو حتى لأن حبيبها تزوج من صديقتها المقربة وعلى


الأحرى أصبح لديهم طفل الآن، بل كانت تبكي لأنها عصت ربها في تلك العلاقة التي انتهت منذ زمن، ذهب أحمد برفقة صديقتها وتزوجا وانقطعت أخبارهما وبقيت قُدس وإثمها الذي ما زال أثره يعذبها مرارا وتكرارا، تنهدت قُدس وقالت بصوت خافت



قُدس: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت عليك توكلت أنت ربّ العرش العظيم، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، أشهد أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علماً، اللهم إني أعوذ بك من شرّ نفسي ومن شرّ غيري، ومن شرّ كل دابة أخذ بناصيتها إن ربي



على صراط مستقيم، وصل الله على محمد وعلى آله الطاهرين، اللهم إن لك في سورة يس ألف شفاء وألف دواء وألف بركة، وسمّيتها على لسان نبيّك محمد {صل الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم}، المعممة المُنعمة لصاحبها خير الدنيا والآخرة، فادفع عنا كل سوء


وبليّة، إنك جواد كريم برحمتك يا أرحم الراحمين، سُبحان المُفَرّجُ عَن كُلّ مَحَزُونٍ، سُبحان المُخلَص عن كلّ مسجونٍ، سُبحان المُنفّس عن كلّ مدّيون، سُبحان العالُم عن كل مكنون، سبحان من جعل خزائنه بين الكافِ والنُّون، سبحان من إذا أراد شيئاً أن يقولَ له كن


فيكـون فسبحان الذي بيده مَلَكوتُ كُلّ شيء وإليه تُرجعون، اللهم افتح لي أبواب رحمتك وأبواب خزائنك بحقّ سورة يس وبفضلك وكَرَمك يا أرحم الرّاحمين، إلهي بحق كرمك الخفّي وبحق اسمك العظيم يا عالم السّر والخفيات، يا كافي المهمات يا مجيب


الدعوات، يا قاضي الحاجات اقضِ حاجتي بحق هذه الآيات، اللهم استجب دعاءنا يا سيدنا ومولانا بحق القرآن العظيم، والنبي الكريم وعترته الطاهرين برحمتك يا أرحم الراحمين.
انتهت قُدس من الدعاء وبدأت في تلاوة سورة


«يـس» وبعدما انتهت من قرائتها نهضت وصلت ركعتين لله بنية أن يشفي الله علتها ويرحمها من العذاب الذي تجابهه يوميا.
كادت أن تلتحف في فراشها لولا أن تذكرت ما حدث عقب وصولها للمنزل فضحكت بسخرية بينما كانت


تتذكر كل شيء حدث وكأنه كان منذ قليل وليس قبل سنه أو أكثر


فلاش باك


عادت قُدس إلى المنزل تجر أذيال خيبة أمل داهمتها ببراثن واقع لم تستطع بعد أن تصدقه، كان حزنها حينئذ أكبر من أن يخبأ بين ثناياها، دلفت إلى غرفتها وقبل أن تصل إلى الفراش خارت كل قواها واصطدم جسدها بالأض، علا نحيبها وتحشرجات صوتها التي


جعلت والدتها تأتي إلى الغرفة على عجلة من أمرها، هلعت حينما رأت حال ابنتها، فـ هي لم تراها في مثل هذا الإنهيار من قبل، فـ قالت وهي تجلس بجانبها وتحاول أن تضمها إلى صدرها
الأم منى: إهدأي يا صغيرتي، كل شيء سيكون على


ما يرام، فقط اهدأي وتنفسي، نهضت الأم كي تجلب كوب ماء لابنتها التي وجدت صعوبة في التنفس، أعطتها الكوب وحاولت أن تساعدها كي ترتشف القليل ومن ثم صارت تمسد على شعر ابنتها وتقول
الأم منى: كل شيء سيكون على ما يرام فقط


أخبريني ماذا حدث وأعدك أن أساعدك فقط إسترخي وأفصحي عما بداخلك وأعدك مهما كان ما حدث سنحاول معا أن تسير الأمور على ما يرام فقط أخبريني، التقطت قُدس أنفاسها وقد تمكنت الرعشة والحزن من صوتها وصارت تُتَهته



قُدس: لقد راهنت عليه يا أمي، لقد تحديت نفسي من أجله وأنه سيكون مصدر قوتي، ولكنه خذلني يا أمي، خذلني كما لم يُخذل إنسان من قبل، لقد؛ لقد جعل مني فتاة جدباء لا تحسن الإختيار، لقد خدعني في البداية ولكنني تمكنت من مسامحته وحينما إلتقيت به


كي نعود كما كنا أخبرني أنه هناك فتاة أخرى أصبحت تمتلك قلبه الآن، لقد وعدني مرارا وتكرارا أنه لن يحب أي فتاة غيري ولكنه نكث وعده، ليست أي فتاة إنها صديقتي المقربة، أشعر أن قلبي سيتجافى من أضلعي أشعر أنني سأموت، لا أستطيع التحمل يا


أمي ساعديني أرجوكي، أشعر بألم شديد في قلبي ، لم تجد الأم شيء أفضل من أن تحتضن ابنتها وتهمس في أذنها أن كل شيء سيكون بخير، وبعدما بدأت في الإسترخاء ساعدتها كي تنهض وتلتحف في الفراش، وضعت الأم الغطاء عليها وجلست بجانبها


تمسد على شعرها، لم تستطع قُدس أن تنام حينها أو حتى تغفو، كانت فقط مغمضة عينيها وتقول بصوت خافت «يا رب يا رب يا رب» بينما كان جسدها يرتجف بشده، ظلت الأم تربت على كتف ابنتها حتى استطاعت وأخيرا أن تنام، ولم تجف وسادتها من الدموع بعد.
كان مر من الوقت ساعتين وثلث حين استيقظت قُدس، كانت عيناها منتفختان وصوتها تغير قليلا وكأنها ترشح، دلفت منى إلى الغرفة بينما كانت قُدس تتثائب، اقتربت الأم من ابنتها بابتسامة حزينه
الأم منى: هيا أخبريني يا عزيزتي، من هذا الذي


تسبب في زرف دموع صغيرتي المدللة، طأطأت قُدس رأسها لأنه وقبل أي شيء فـ هي خانت ثقة ربها و عائلتها بفعلتها تلك، لقد استهانت بنفسها وجوهرها حتى وقعت في أيدي ليست أمينة عليها، ربتت الأم على رأس صغيرتها وقالت



الأم منى: لقد أخطأتِ بـ الفعل، ولكن لا تنسي أن كل بني آدم خطائون ولكن في النهاية هذا يسمى خطأ وخطأ فادح أيضا، هذا الشاب لم يكن خطيبك أو حتى زوجك ولم تكن علاقتكما رسمية بأي شكل من الأشكال، أعلم أنكِ أحببتيه من أعماق فؤادك ولكنكِ


عوقبتي بالفراق، هذه تجربة لكِ ويجب عليكِ أن تتعلمي منها دروس عِدة، والدرس الأهم هو أن مَن لم يدق باب بيتك لا يعنيكِ شيئا، فـ من لم يتحمل مسئولية محادثة عائلتك في شأن زواجك منه هذا ليس الشخص المناسب ولم يكن كذلك أبدا، لا تكترثي بـ أمر


إشتياقك له، حاولي جاهدة أن تستغفري ربك على ذلك وإن شاء الله سيغفر لكِ، جففت قُدس دموعها قائلة
قُدس: هل ستخبري أبي وأخي؟! ،تنهدت الأم بنفاد صبر وقالت



الأم منى: لقد علم من هو أهم من كلاهما فـ لا داعي لإخبارهم سيظل هذا سر بيننا اتفقنا!! ،حركت قُدس رأسها بالإيجاب وظلت تدعو ربها بأن يغفر لها


باك


ضحكت قُدس بسخرية وقالت بصوت خافت
قُدس: ترى لماذا عُدت لكي تقتحم حياتي ثانية؟! أيعقل أن يكونا افترقا هو وإلهام؟! لا يهم سأتخطاه وأهتم بشئون حياتي الخاصة، سيصبح في الماضي وأنا بدوري لن أنظر إليه.



جلبت قُدس جهاز اللاب توب خاصتها ووضعت سماعة الرأس حتى لا تشتتها أي أصوات في المنزل، كانت مسبقا تتصفح على وسائل التواصل الاجتماعي وصادفت إعلان على الــ Facebook يتحدث عن مبادرة أو شيء كهذا عن وزارة الإتصالات والشباب والشابات


الذين التحقوا بهذه المبادرة وإستطاعوا أن يجدوا عما حر في هذا المجال وبرواتب قيمة، تحدثت قُدس إلى الفتاة التي قامت بنشر هذا المنشور وسألتها عن التفاصيل حول هذا الموضوع، كان هذا قبل أشهر، وعندما تذكرت قُدس قامت بتسجيل الدخول إلى


حسابها على موقع الـ Facebook وذهبت إلى الرسائل وقامت بفتح المحادثة الخاصة بالفتاة التي قامت مسبقا بنشر هذا المنشور، ودار بينهما حديث طويل وتواصلتا هاتفيا وصارت تلك الفتاة التي تدعى "روفان" تشرح لــ قُدس حول هذا الموضوع وقد أعجبت قُدس


بهذه الفكرة جدا، أرسلت روفان ملفات bdf إلى قُدس على تطبيق Watsapp، قامت قُدس بتحميلهم وألقت عليهم نظرات سريعة ولم تفهم أي شيء، فـ عاودت الإتصال بـ روفان قائلة
قُدس: لقد قمت بالنظر على تلك الملفات ولم أفقه


أي شيء أبدا، أجد صعوبة في ترجمة كل هذا، ضحكت روفان قائلة
روفان: من المؤكد أنكِ لن تفهمي أي شيء الآن لأن كل شيء مدون في هذا الملفات باللغة الإنجليزية وسيتعين عليكِ أن تقومي بالترجمة الحرفية ولا تقلقي


أبدا بهذا الشأن، لقد كنت مثلك تماما في بداية الأمر، قبل أي شيء عليكِ أن تعلمي أنكِ فور تسجيلك في هذه المبادرة سيكون أمامك شهرين كاملين كي تذاكري هذه الملفات جيدا كي تخضعي للإمتحان، سيكون لديكِ فقط ثلاث محاولات وهذا إن رسبتِ في


المحاولة الأولى ستخضعين للإمتحان للمرة الثانية وإن لم تتفوقي ستخضعين للمحاولة الثالثة وأنا أتمنى لكِ أن تمتازي به وتجتازيه من المرحلة الأولى، هذه فرصة ممتازة كي تستفيدي من الوقت الذي تهدريه في أشياء لا قيمة لها حقا إنها فرصة لا يمكن


تفويتها، والأجمل أنكِ إن اجتزت الثلاث مراحل ستستطيعين أن تجدي عملا رائعا وتقومي به وأنتِ في المنزل، ما قرارك الآن!!
قُدس: يبدو أنني وجدت ما كنت أبحث عنه منذ زمن

#صغيرة_الكُتَّاب
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي