الفصل الرابع

توقفت عربة ملكية فى طريق الغابة لتخرج منها الأميرة مارية، التفتت إلى السائق: انتظرنى هنا ريثما اقطف بعض الأعشاب من الغابة

-ولكن يا سيدتى قد يكون ذهابكِ لوحدك خطراً عليكِ
-لا داعى للقلق، فلا يستطيع أياً كان النيل منى في الغابة
رفعت طرف فستانها وهى تتوغل بسرعة بين الأشجار نحو

جدول الماء العذب، لم يكن جمع الأعشاب سوى حجةٍ اختلقتها كى تتمكن من لقاء الضابط يعقوب فلا تريد أن يشك أحد بأمر خروجها وقد كانت هذه الحجة مثالية فهى معتادة على جمع

الأعشاب بنفسها من الغابة، عندما اقتربت من الجدول رأته منحنيا يسقى حصانه ويربت عليه، إنها تشفق على هذا الرجل كثيراً خدم المملكة كما لم يفعل أحد من قبل ولكن لم يقدره أحد

حق قدره، رموه في النهاية كخرقة بالية ووصموا تاريخه المشرف بالعار، وعلى الرغم من كل هذا ما زال يتأمل في غد أفضل يسعى من أجل الجميع و ينسى نفسه أحياناً: صباح الخير يا حضرة الضابط

-صباح الخير سمو الأميرة
-هل توصلت لشئ
-للأسف الشبهات تتجه لأحد حراس الأميرة كوثر، عندما رأى

الدهشة على ملامحها تابع: بالتأكيد لا اتهم شقيقة سموكم لكن الحارس لا يمكن أن يخطط هكذا من تلقاء نفسه
-ما اسمه؟

-إنه ضرغام سموك
-أختي طردته قبل شهر من الآن
-هل مكانه معروف؟

-لن تستطيعوا أن تجدوه بعد الآن
-كيف! أم أنه هرب خارج البلاد؟
-وجدوه مقتولاً في بيته فجر اليوم، قالوا أن درجة تعفن الجثة

تثبت موته قبل أسبوع من الآن
-هذا يعني أن هناك من هو أعلى منه وتم قتله بعد أن انتهى الغرض منه

تنهدت بضيق: أظن أن هذه القضية ستطول لذا سأحاول تأجيل محاكمة زاهر باشا بكل ما بوسعى

-نعم سموك، لا يمكن التوصل إلى الفاعل بين ليلةٍ و ضحاها
-أنت تدرك أن هذه القضية أكبر بكثير من مجرد سرقة عادية
-بالتأكيد سموك ما حدث يكشف مدى ضعف مؤسسات الدولة

-عائلتي في خطر الآن، أحتاج مساعدتك أكثر من أي وقت مضى
-أنا أخدمك سيدتى ولكن لست سوى ضابط معفى من ممارسة المهنة، قرار إبعادى كان قطعياً

-و هذا سيخدمنا كثيراً لأننا سنحقق عن الجميع بخفية
-خلاصة القول أننا سنعمل ضد القانون
-نعم يا حضرة الضابط يعقوب، إذا كان الجميع متآمرون على هذا الوطن وعائلتى فيجب أن نفعل ذلك

-تعلمين سموك أننى لا اتأخر عن وطنى وابنائه، افعل ما يتطلبه الأمر
-و أنا أثق بك لذا أريد منك أن تشكل الفريق بنفسك

-هل تريدين مواصفات خاصة
-كما قلت لك يا سيد يعقوب، أثق بك تمام الثقة ولكن ليكون أعضاء هذا الفريق غير معروفين بأى شكل

-تقولين ليكون من الصعب الامساك بهم
-نعم ستكون هناك حياة مزودجة لهم، وجههم الغير مهم أمام المجتمع و عملهم للوطن فى الخفاء

-لحسن حظك أيتها الأميرة لدى الأشخاص الملائمين، عندما أرتب هذا الأمر سأعلمك بالتفاصيل.
-حسناً فليوفقك الله


عدل ملابسه وهو يخرج من باب المسكن متذمراً تابعاً ظافر: لماذا يستدعوننا فى هذا الوقت من الليل ألا يكفى ساعات النهار التى قضيناها فى التدريب والعمل الشاق، العبيد يعاملون بشكل أفضل منا

كان ظافر يشعر بالصداع وغير راغب فى سماع المزيد من الشكوى، حيث من وجهة نظره لن تقدم أو تؤخر شيئاً فأجابه بعصبية: أنا متعب مثلك تماماً يا جابر بل وأكثر منك، لذا لا أريد سماع نواح النساء خاصتك

وقفا أمام المعاون الذى طلب منهما تجهيز ثلاثة خيول دون أن يوضح السبب، بدأا فى سرج الخيول حينما تساءل ظافر: ألديك فكرة عن مكان ذهابنا

أجابه جابر وهو يداعب حصاناً أسوداً وقد شقت وجهه ابتسامة عريضة عجب لها ظافر الذى لم يره بهذه السعادة من قبل: لا فكرة لدى و لكن يبدو أننا سنستمع

-يبدو أننا سنستمع على الأغلب فلم أرك متفائلاً هكذا منذ رأيتك
امتطى جابر الحصان الأسود وسرعان ما عادت له ذكرياته مع حصانه برق، وشعر مع تلك الذكريات بالكثير من النشوة

والسعادة التى افتقدها مذ جاء إلى عيلم، نبههم الضابط إلى ضرورة إسراع كل منهم بخيله خلفه و أنه لا يهتم إن تأخر أحدهم وضاع فى هذه الصحراء، وأقسم بالأيمان المغلظة أن لا

يحرك شعرة للبحث عنه، غير أنهم لم يستطيعوا أن يخمنوا المهمة سيوكلون بها بالضبط
قررا رفع الاستمتاع لأقصى درجة فبدأوا بالتسابق بينهم ولكن

بدرجة معقولة بحيث لا يسبقوا الضابط فى المقدمة، علق ظافر على مهارة جابر الملحوظة فى امتطاء الخيل: أنت بارع فى هذا حقاً، كدت أجزم أنك عالة على الحياة

اجابه بغيظ: لولا نكاتك التى تلقيها على مسامعى بين الفينة والأخرى، ما كنت أعرف كيف سأعيش فى هذا المعسكر
-على الرحب والسعة، لدينا كل ما تحتاجه

توقفوا عن الحديث عندما وجدوا نفسهم أمام أسلاك شائكة فأدركوا أنهم وصلوا إلى الحدود، توجهوا نحو بضعة جنود من حرس الحدود فهموا من حديثهم مع القائد أن هناك إخبارية عن

مجموعة من أهل فيفاة ينوون عبور الحدود بكمية لا يستهان بها من الحشيش لذا فقد طلبوا الدعم منهم بسبب جهلهم بعددهم وما إذا كانوا مسلحين أو لا .

حمل كل من ظافر وسراج بندقيته وتبعوا قائدهم لتمشيط الطرف الغربى، رأى ظافر على ضوء القمر وجه سراج المكفهر: ماذا يحدث معك! كنت تضحك منذ قليل

-لا أنا بخير، الجو أصبح بارداً فجأة ربما بسبب هذا
-دلالك يصيبنى بالغثيان حقاً
توقفوا عن السير عندما رأوا على مد البصر رجالاً قد عبروا

الحدود ببضعة أمتار، وجه القائد فوهة بندقيته نحوهم وما إن رأوها حتى بدأوا بإطلاق النار بشكل عشوائى، اتخذ كل من الفريقين أحد الصخور كدرع لهم وبدأوا فى تبادل الطلقات بينهم،

امسك جابر ببندقيته يوجه فوهتها ناحيتهم لكن يداه ترتعشان فى الواقع، التفت إليه ظافر وهو يعيد حشو بندقيته: ماذا تفعل يا جابر تابع الاطلاق ريثما انتهى

نظر إليهم القائد ماذا تفعلون أيها الحمقى فليطلق أحدكم
فى حركة سريعة أخذ ظافر بندقية سراج وأطلق بدلاً عنه بينما اسرع سراج بحشو الأخرى ليستمر الأمر على هذا المنوال ظافر

يطلق وسراج يحشو ما يفرغ، إلى أن تمكنوا أخيراً من النيل من الهربين ومصادرة البضاعة ومن ثم عادوا إلى النقطة الرئيسية للمراقبة حينها انشغل الضابط بالحديث مع بقية الجنود فاستغل ظافر الفرصة: ماذا كان ما حدث لك تواً!

-لا أجيد إطلاق النار كما أنه تسوء حالتى عندما أحمل سلاحاً
-لا بد أن هناك سبب لهذه العقدة
كان يكره الأسلحة والحرب وبعد موت أخيه اصابته عقدة من

الاسلحة وأصبح يكرهها أضعافاً مضافعة وفشلت كل محاولات الاساتذة فى تعليمه وفاز بلقب الجبان من والده : لا أعلم فقط لم استطع تقبلها

-ستتعذب كثيراً فى هذا المعسكر إن نفذت كل ما يجيئ على هواك وتركت ما لا يستهويك، الأمر أمر هذا ما يجب أن تعلمه.


سارت فى الغرفة ذهاباً وإياباً عقلها يعمل بلا توقف تحاول إيجاد طريقة لتأجيل محاكمة الغد، والدها صلد سيقيم المحاكمة غداً مهما حدث، هل يجب أن تحدث معجزة كى تتمكن من اقناعه؟،

شعرت بمزيد من الضيق حينما دخلت عليها خادمتها تخبرها بأن الملكة تريد رؤيتها، ارتدت ملابسها وهى تتمتم: هذا ما كان ينقصنى، ماذا تريد منى هذه المرأة فى الليل! اتمنى أن لا يكون

عريساً آخر وإلا فإنى هذه المرة سأقتلها ومن ثم ألقى بنفسى من الشرفة إنها خطة جيدة للخلاص فى الواقع
كانت جالسة بين بضعة جاريات إحداهن تدلك كتفيها والأخرى

تصب لها شاى ميلسيا بينما الثالثة تغنى بصوت عذب، انحنت لها الأميرة مارية كما هى العادات: مساء الخير سموك
سمحت لها بالجلوس وأشارت للجاريات بالرحيل: ضعى لنفسك

الشاى أيتها الأميرة
-لا يفيدنى الشاى فى المساء.
-حسناً إذا لأدخل فى الموضوع على الفور، وجدت لك عريساً آخر غير الذى رفضته الأسبوع الفائت

-هناك ما اتساءل كثيراً حوله يا حضرة الملكة
-تساءلى أيتها الأميرة كما يحلو لك
-ألا ينتهى هؤلاء المتقدمون أبداً

-لا ينتهون يا عزيزتى مارية، فلن يهدأ لى بال قبل أن تغادرى هذا القصر
-لماذا تريدين مغادرتى للقصر بهذه الحماسة؟

-لأن القصر ليس مكانك، مكانك الطبيعى بجانب زوجك فى بيته
امسكت مارية نفسها بصعوبة وفى أثناء ذلك برقة فى عينيها الفكرة التى كانت تبحث عنها: حسناً سأخطر أبى بوافقتى على العريس الذى أحضرته ولكن بشرط

-لنسمع شرطك أولاً و من ثم نحكم
نظرت إليها مارية بدقة لترى وقع الكلمات التى ستقولها عليها:
لا بد أن أبى أخبرك بأمر الخزينة

تمكنت من قراءة بعض من دهشة على ملامح وجهها سرعان ما أخفتها سريعاً: من أخبرك؟
-هذا ليس موضوعنا الآن، أريدك أن تقنعى والدى كى يؤجل

محاكمة زاهر باشا بضعة أشهر
-لما تريدين التأجيل؟
-تعلمين جيد مكانة الوزير عندى وقد كان معلماً جيداً لى لذا أود

كثيراً أن تظهر براءته خلال الأشهر القادمة، أخاف من أن يصدروا إعداماً فى حقه إن تمت المحاكمة غدا

-جيد اتحدث مع والدك وتوافقين على الرجل الذى أحضرته لكِ بالمقابل
-حسناً، يكفى أن يكون زاهر باشا بخير


جلس سراج على إحدى الطاولات يشاهد غناء زينب عندما أتى يعقوب وجلس بجانبه: ماذا فعلت؟
-وجدت بيتاً جيداً من طابقين و دكاناً على بعد شارعين منه

-جيد أحسنت
-هل سنشرك زينب معاً فى هذه المهمة؟
-سنخيرها يا سراج بالتأكيد لن نجبرها ولكن على ما يبدو أن المهمة ستحتاج امرأة بين الفينة والأخرى

-أخاف فقط أن يصيبها أذى
-لا تقلق نفعل ما بوسعنا و لا نعرضها للخطر
اقبلت زينب نحوهم وعندما رأت وجههم جادةً عابسة تسائلت

بمرح: يبدو أن غنائى لم يعجب المتفرجين
-لدينا مهمة يا زينب ونحتاج لك فيها
-حقاً يا أخى يعقوب، أخيراً ستشركونى فى خططكم لا بد أنه يوم حظى

-الآن يا شباب أريدكما أن تبحثا عن همام و تحضراه معكما فى الغد سيكون أول اجتماع لنا فى البيت
اعترض سراج على إحضار همام: دعنا لا نشركه يا أخى، ليس لديه أعصاب

-المهمة التى سنقبل عليها ليست كسابقاتها نحتاج حشد جميع امكانياتنا لنتمكن من النجاح
نظرت له زينب بفراسة: برأيى يا أخى سراج يغار من ذكاء همام

-هيا من هنا يا هذه، لما أغار من دودة الكتب تلك
-ها قد بدأت غيرتك بالظهور على العلن
راقبهم وهم يتجادلون باستمتاع لا يبالغ إن قال أنهم مثل أولاده،

ربما تجادل مع سراج وسعد فى السنوات الأخيرة وقاطعهم بسبب طيشهم وأحياناً مع زينب ولكنه فى الآخر لا يستطيع أن يتخيل حياة بدونهم، مضت عشر سنوات منذ أن تعرف بهم لأول مرة

فى قسم الشرطة، وقد اتهموا بالاحتيال على الناس فى الشارع، يجمعون أحجاراً ذات أشكال من الساحل و يسوقونها إلى المارة على أنها أحجار تمنع الحسد والعين، لا يكذب إن قال أنه أصيب

بالعجب و الإعجاب بمستوى الاحتيال لدى هؤلاء الأولاد وكطريقة لاصلاحهم جندهم بشكل خفى فى التحقيقات معه فكانوا فى وقت ما الجند المجهول للقضايا التى يتولاها الضابط يعقوب،

ومع أنهم افترقوا لخمس سنوات كاملة منذ أن تم ابعاده من البوليس إلا أنه لا يزال يذكر تلك الأيام بتفاصيلها الجيدة و السيئة.

انشغلت الأميرة مارية فى حديقة القصر تقلم الشجيرات الصغيرة و تتخلص من الأعشاب الضارة هذا كان دأبها عندما تتوتر و يرهقها التفكير، يديها تعملان ولكن عقلها حيث المحكمة التى من المفترض أنها بدأت منذ وقت تتساءل فيما إذا كانت الملكة نفذت لها طلبها مهما حدث لا تستطيع الثقة بهذه المرأة فالألاعيب و المؤامرات تسرى في دمائها، ثعلب ماكر على هيئة انسان تفعل ما لا يتخيل العقل من أجل مصلحتها، لم ترى خيراً منها منذ أن تزوجت والدها ولا تعلم أين كان عقل الملك حين اقترن بامرأة مثلها، رأت عمتها هدى مقبلة نحوها: ماذا تفعلين أيتها الأميرة الصغيرة! لا تتوقفين عن هذه الأعمال القذرة
-تركنا لك جلسات العناية يا عمتى كل يقوم بما يريحه
-جيد أنا ذاهبة، إنه لمضيعة للوقت الحديث معكِ من البداية
بدأت فى قص بضعة أزهار وهى تتمتم: منافقة تهرول الآن لتلقى على مسامع الملكة بعض كلمات الاطراء و المديح، لا أستطيع حقاً إيجاد شخص ذو عقل في هذه العائلة، فقط مجموعة من البلهاء يظنون أن الشعب خدمة تحت أرجلهم والملك ترك لهم الحبل على الغارب بينما هم يضعونه على فوهة المدفع دون أن يدرى
حملت حزمة من الأزهار خليط من اللونين الأبيض و الأحمر حيث تحرص دائماً على وجود الأزهار المتفتحة فى مزهريات غرفتها، تقابلت مع خادمتها مليكة وقد كانت أرسلتها للاستقصاء عن المحاكمة وعندما رأت وجهها المستبشر أدركت أن المحاكمة مضت على خير إلا أنها لم تملك إلا أن تسألها: ماذا حدث يا مليكة؟
-تم تأجيل المحاكمة سيدتى
-كيف عرفتِ؟
تظاهرت بكونى بائعة ماء و تسمعت على أقوال بعض العاملين هناك بالطبع انتظرت انتهاء المحاكمة بوقت و من حسن حظى أنهم كانوا ما يزالون يتحدثون فى الأمر عندما بعت لهم الماء
-رائع يا مليكة سأعطيكِ مكافأة مجزية على هذه العمل


تحلقوا حاول الطاولة فى الطابق الثانى من البيت الذى استأجروه حينما هتف سراج: ما رأيك فى البيت يا أخى كما أن الجيران هنا لا صوت لهم و فى حالهم
نظر يعقوب حوله باستحسان: إنه جيد لا يُعد سيئاً فقط يجب أن نموه على أنفسانا بشكل جيد، أنا الوالد و أنتم ابنائى ونعمل طيلة الوقت فى الدكان بهذا القدر
تساءلت زينب عن ما إن كانت ستستمر بارتداء البرقع ولف الملاءة فوق عباءتها فأكد عليها يعقوب أن عليها أن تظهر هكذا أمام الحى دائماً وفى وقت العمليات
بدا همام قلقاً تتزاحم التوقعات السوداوية فى عقله: ما احتمال أن يُمسك بنا ونزج فى السجن يا أخى ؟
-همام دعنا لا نتحدث بالشر
-حسناً اسحب كلامى
فى تلك الأثناء كان سعد منشغلاً بتناول شطيرة لحم بالبصل أخرجها من جيبه فنظر إليه البقون بضيق خصوصاً أن رائحة البصل بدأت تفوح فى الأرجاء وتصيبهم بالغثيان بينما لا يزالون فى الصباح
تساءل يعقوب باشمئزاز: لا لعنك الله يا سعد، من أين أحضرت هذه الشطائر منذ الصباح
-إنها بائتة فى جيبى منذ غداء الأمس
فقد سراج صوابه حينما سمع هذه الكلمات وتحدث بصبر نافذ: بالله عليك يا أخى يعقوب كيف سنعيش مع هذا الرجل تحت سقفواحد
-نتحمل يا سراج ماذا عسانا نفعل
توقفوا عن الحديث حينما صدر صوت طرق على النافذة فنهض سراج ليستطلع: لا يعقل أن أولاد الحى استلمونا من الآن ، لا أنه تفاجئ عندما وجده رجلاً كبيراً : ماذا تريد يا أفندينا
-هل هذا بيت السيد يعقوب
كاد يجيبه لولا أن يعقوب قاطعه طالباً منه أن يفتح له فهو ضيفه
تكونت علامات الاستفهام فوق رؤسهم فلم يخبرهم يعقوب بأنه سيحضر آخرين إلى الفريق ، عرفه لهم بكونه السيد جيهان رجل ثرى من عائلة إقطاعية تملك الكثير من الأراضى والأملاك، تسائل سراج بعذ ذكر الأملاك والثروة: إذا كان هكذا فلما يشارك فى مهمتنا
نظر له جيهان بحدة: ماذا تقصد؟
-ما اقصده واضح يا أخ ولدت وفى فمك ملعقة من ذهب لم تجابه أى منغصات طوال حياتك، وألا أبالغ إن قلت أنك مستفيد من أوضاع البلاد كبقية الاقطاعيين
قاطعه يعقوب: يكفى يا سراج لم نأتى هنا لنتشاجر كما أن جيهان
-أرجوك يا أخى يعقوب لا تبرر له، لا أدين له بتبرير.
صمت الجميع قبل أن يعاود يعقوب الحديث: حسناً يا أولاد استقروا الآن فى غرفكم وغداً يبدأ العمل
كان البيت مقسماً إلى ثلاث غرف وحمام فى الطابق السفلى بينما فى الأعلى صالة الجلوس و غرفة نوم ومطبخ ، فاستقر همام وسعد فى غرفة بينما جيهان وسراج فى غرفة وما كانا ليرغبا بالبقاء معاً لولا أن يعقوب هو من وزعهم على الغرف، فأخذت زينب غرفة الطابق العلوى ليستقر يعقوب فى الغرفة الثالثة بالطابق الأرضى
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي