الفصل 8

أخذ الاسم يدور داخل ذهنها محاولة تذكر أين سمعته من قبل فهو يبدو مألوفا، استغرق الامر منها أقل من دقيقة قبل أن تتذكر فأطلقت شهقة عالية لم تستطع منعها وأخذت دقات قلبها تتصاعد بوتيرة لا تحسد عليها.

لاحظت روز اضطراب ميرال فأمالت رأسها للخلف مردفة بحنق: "بالله عليك ميرا لا تقولي لي أنك تشفقين عليها، اللعينة قادمة إلى هنا وهي تعلم علاقتي بالوغد لذلك هي تستحق القتل وأكثر"

حاولت السيطرة على توترها وأردفت في نبرة كالهمس من ضعفها: "متى ستأتي"

جعدت روز حاجبيه وأجابتها في ضيق: "مساء الغد، عسى أن تصاب بحادث في الطريق يودي بحياتها ويعجل من أجلها فهذا فقد ما سينقذها مني"

أخذت ميرال تتسائل داخل نفسها هل ستتذكرها سيلفيا، بالطبع ستفعل فلقائهم السابق كان كارثي حينما ألقت عليها العصير دون قصد وهاجت الأخرى وتوعدتها بعقاب عسير وقد كان فقد ظلت تعمل كالحمار ليل نهار وتقوم بأعمال اضافية كي تبرد نار الأميرة المدللة، وحتى لو حدثت معجزة ولم تتذكرها فهي بالطبع ستدرك أنها ليست ليليان فقد تقابل كلتاهما في مناسبات لا حصر لها، هي هالكة لا محالة.

لاحظت روز شرودها فلوحت بساعدها أمامها: "أين ذهب عقلك يا فتاة، أعيرني انتباهك فأنا أحتاج للمساندة هنا"

كادت ميرال أن تعتذر منها ولكن قاطع الأمر صوت قرع على الباب فأذنت ميرال للطارق بالولوج ودخلت احدى الجواري والتي أردفت بتهذيب بعد أن انحنت لهم: "أميرة ميرال، الملك يريدك في جناحه"

تنهدت ميرال وأومأت لها بالموافقة ثم التفتت الى روز: "اعتذر ولكن كما تعلمين لا يمكن أن أتأخر على سموه"

روز بتفهم: "لا بأس ميرا لقد ساعدتني حقا وكانت كلماتك البسيطة خير معين لي، شكرا لكي"

نظرت لها بتوجس: "هل ستكونين بخير حقا ام انك تطمئنيني؟"

ابتسمت روز ابتسامة صافية نادرا ما تستخدمها: "سأكون بخير رغم انف الجميع، هيا اذهبي فأخي سريع الغضب"

بادلتها ميرال الإبتسامة وعانقتها بحرارة وسط نظرات روز المندهشة ثم غادرت الغرفة متجهة إلى مصيرها الاسود كما تفضل ان تنعته.


"مملكة الجبل الأبيض"

"نظفي بضمير يا هذه، الأرض تملؤها الأوساخ كأنه لم يبذل في تطهيرها موجود يذكر"

حاولت كتم غيظها قدر المستطاع فليس من مصلحتها افتعال شجار أحمق وهي تخطط للهرب في أقرب فرصة، رسمت على وجهها ابتسامة باردة وأردفت: "سأعيد تنظيفها كيرا، بإمكانك الذهاب الآن"

نظرت لها كيرا بغل: "رغما عنك ستفعلي"
ثم تابعت بإزدراء: "ألم تجدي رداء يناسبك غير ذلك، احترمي مقاساتك قليلا فانتي تميلين للسمنة ولست بمراهقة نحيفة"

قابلت ليليان نظراتها ببرود فكيرا فهي تعلم شدة غيرتها على المختطف ومحاولاتها المستميتة من أجل مضايقتها اثر ذلك، صبت المزيد من المنظف على الأرض وباشرت عملها مردفة بهدوء: "أشكرك على نصيحتك ولكن أملك الكثير من العمل، ربما نتسامر وقتا آخر"

سمعت ليليان صوت أقدام كيرا وهي تضرب الآرض بغيظ قبل أن تغادر حانقة فكتمت ابتسامتها ولم تستدر لتواجهها فقد قررت تأجيل المواجة بعد أن تستعيد مكانتها.
بهتت الإبتسامة على ثغرها حين لاحظت مجئ أحدهم فظنته كيرا ولكن خابت توقعاتها و وجدت أنه شاتاي مما جعلها تستريح قليلا فأي شخص في هذا المكان سيكون أفضل من الشمطاء كيرا، أخذت نفسا عميقا ثم رفعت رأسها إليه ملقية التحية: "كيف حالك سيدي"

عقد حاجبيه من نبرتها المهذبة على غير العادة: "منذ متى كل هذا التهذيب ليليان"

"منذ أن علمت بإحتمالية طيلة بقائي هنا، فحياتي سيئة ولا ينقصها صراعات"

لم يبدو مقتنعا كثيرا بطاعتها المفاجأة ولكن قرر تجاهل الأمر وأردف بثبات: "جيد اذن، بإمكانك أن تتجهزي الأن لأننا سنذهب إلى المدينة كي نبتاع الملابس كما أخبرتك"

ليليان بتعجب: "ألم تقل أننا سنذهب أخر الإسبوع، لما العجلة؟"

مد يده كي يأخذ غرضا من الطاولة خلفها مما أربكها فابتسم ابتسامة ساخرة مردفا: "غيرت رأيي، ألديك موعد هام هذا المساء وأنا لا أدري؟"

هزت كتفيها نافية وأردفت بقلة حيلة: "حسنا عشر دقائق كي آخذ حماما وبعدها ننطلق"

"جيد"
ثم تابع بنبرة لعوب: "ولكن لا تنسي التجفيف كالمرة السابقة فتلك الملابس لا ينقصها إلتصاقا"

ابتلعت ريقها بتوتر وأومأت له بتفهم ثم اسرعت الى الحمام وبمجرد أن أغلقت الباب خلفها أخذت نفسا عميقا وكأن حضوره قادر على منعها من التنفس بصورة طبيعية.


"ممكلة سندروس"

انتهت من ارتداء ملابسها ووضعت زينة خفيفة ثم اتجهت الى جناح ألكسندروس وبداخلها جاهدت كي تحاول السيطرة على رعبها مما هو قادم وعقلها لا يساعدها على ذلك بل أخذ يسرد عليها جميع الإحتمالات السوداوية التي على وشك الحدوث.
وصلت إلى جناحه وكالعادة أدخلها الحراس بدون سؤالها فمجيئها المتكرر هنا أصبح من المسلمات، لاحظت جلوسه على الفراش متجردا من العبائة الملكية متجهم الوجه فعلمت بأن اليوم يزداد سوءا.
اتجهت اليه ببطئ حتى وقفت أمامه فانحنت بإحترام وأردفت: "أخبرني الحاس بأنك بحاجتي سيدي"

رفع وجهه متأملا ملامحها المغرية ثم أشار لها بالجلوس بجانبه وأردف بهدوء: "كيف حال روز الآن؟"

تنهدت براحة فعلى الأقل يبدو أن مجيئها جاء بغرض بريئ تلك المرة، ابتسمت بدفئ وأجابته: "جيدة جدا"
نظر إليها بشك فتابعت موضحة: "بالطبع ليست في أفضل أحوالها وتريد شنق أحدهم كالعادة ولكن على الأقل نجحت في جعلها تبكي وتنهار وهذا يعد تحسنا في حالتها"

ظهرت عليه علامات التعجب : "من التي انهارت؟، شقيقتي الحجرية تعرف معنى البكاء؟، إنه لأمر مثير للإهتمام حقا"

"بالطبع تعرف بالإضافة إلى أن قلبها ليس بصخر بل هو قلب نابض يعرف الحب لذلك بالطبع يعلم باقي المشاعر الأقل أهمية"
ثم تابعت بلوم: "ولكن يجب أن تقف معها وتساندها بل أن تمنع تلك الزيجة التي قد تسبب ألم لا يمحى لدى شقيقتك"

بدى مستمتعا بدفاعها المستميت عن شقيقته حتى لو حملت كلماتها إهانة مبطنة له، كما أنه لاحظ المثل لدى روز ولكن جذبت كلماتها إنتباهه فأردف بخشونة: "وهل قلبك يعرف الحب؟، أقصد هل اقتصر الأمر معك سابقا على تبادل القبل أم كان الأمر شاملا لتبادل القلوب"

لم يتطلب الأمر منها الكثير لتلاحظ الغضب المرسوم على عينيه والذي لم تعرف سببه ولكن أرجعت الأمر لنزعة التملك لديه، اعتدلت أكثر في جلستها فمن الواضح أن حديثهم سيطول وأردفت بصدق: "لست واثقة من الأمر، ولكن مرت في حياتي مشاعر أشد قسوة وأكثر تأثيرا"

لم يبدوا راضيا عن إجابتها ولكن تجاهل الأمر وأردف ساخرا: "وما الصعاب التي قد تواجه أميرة مدللة اكثر مشاكلها في الحياة هي الحيرة بين فساتين الحفلات؟"

لا تعلم كيف تجيبه وتخبره بالأهوال التي عاصرتها فرأت انه من الجيد انهاء الحوار عند تلك النقطة فأردفت بمرح مصطنع: "أنتم الرجال لا تعلمون حقا صعوبة اختيار الثوب المناسب في الوقت المناسب"

ابتسم لها وقد ظهر عليه الإرهاق جليا فأردف ببحة رجولية: "اذا كان لديك أي خبرة في التدليك فأنا حقا بحاجة لذلك"

شعرت بالتوتر وكادت أن تخبره بأنها لا تفعل ولكن ملامحه المجهدة جعلتها تنطق بدون تفكير: "أنا بارعة في هذا الأمر"

ضيق عينيه بشك: "إلى أي مدى وصلت حدود علاقتك مع حبيبك السابق؟"

قلبت عينيها بضجر: "رجاءً ليس لأنني تبادلت معه القبل أصبحت تعتبره بذلك حبيبي فلو كان الأمر هكذا لكنت بحاجة الى عشرات القلوب كي تستوعب كل هذا الكم من الفتيات الذين عرفتهن"

أعجبته جرأتها في الحديث معه وأعجبه أيضا إنكارها لوجود مشاعر حب قد جمعتها مع أحد من قبل، قام بخلع قميصه ثم تمدد على فراشه مردفا بجدية: "حسنا كفى ثرثرة، هيا أريني مهارتك"

شعرت بالندم قليلا على اخباره بإجادتها الأمر ولكن شجعت نفسها وتناولت الزيت العطري الذي وجدته بجانبها ثم شرعت في الأمر وسط نظراته المثبتة عليها، بدأت بتمرير أناملها على رقبته برقة ثم زادت من قوة ضغطاتها تدريجيا حين لاحظت استجابته وإسترخائه تدريجيا، هبطت بكفها إلى صدره وأضافت المزيد من الزيوت ومررت راحتها على عضلاته البارزة القاسية وكانت ترتجف من الداخل رغم أنها ليست المرة التي تراه عاري الصدر ولكن الوضع كان مختلف،و بمرور الوقت لاحظت تغير نظراته لأخرى باتت تعرفها جيدا ألا وهي نظرة أرغب بك ولكن فضلت تجاهل الأمر .
أثناء ذلك كان شعرها الإنسيابي يمثل عائق لها أثناء إنحنائها لتأدية الأمر مهما حاولت إبعاده فظهر الإنزعاج عليها وقررت أن تجمعه ولكن قبل أن تفعل فوجئت بنهوض ألكسندروس الذي أمسك بخصلاتها المتمردة مردفا: "هيا استديري سأجمعه لكي"

شعرت بالحرج منه ولكن أمام نظرته المصممة لم تستطع الرفض واستدارت بالفعل، ظنت أنه سيجمعه بصورة عشوائية ولكن قام بعقده كجديلة أنيقة واستطاعت من خلال المرآة المقابلة له رؤية نظراته المنصبة بإهتمال على ما يفعله فابتسمت بدون شعور منها.
انتهى من عقد الجديلة فأرادت الإلتفات ولكن وجدته يضمها إليه من الخلف وشعرت بشفتيه داخل تجويف رقبتها وبدأ بتقبيلها في رقة سرعان ما تحولت لقبلات شبقة ناهمة ومتطلبة و كالعادة سلمت نفسها له فداء لمملكتها أو هذه هي الحجة التي باتت ترددها على نفسها، فحقيقة رغبتها في الأمر وافتتانها به كانت مخزية ومزعجة لذلك دور الضحية يناسبها أكثر.


"مملكة الجبل الأبيض"

كان الأمر جديدا عليها رغم انه لم تكن تلك هي المرة الأولى التي تذهب فيها إلى عاصمة الجبل الأبيض فهي مملكة والدتها وهذا هو موطن نشأتها ولكن الأحياء الشعبية والأسواق والملابس البسيطة كل هذا كان جديد عليها تماما.
من ينظر الآن إلى يديها وهي بداخل يدي شاتاي سيظن بأنهم عشاق من الدرجة الأولى ولن يدرك أنها فقط رهينته التي يأبى أن يخسرها، شعرت بالسخرية على حالها راخذت تتفقد المحلات المتراصة وشعور بالسعادة يخالجها.

"هل أعجبك شيء هنا أم نذهب لسوق أخر؟"

ليليان بإبتسامة مستمتعة: "المكان أكثر من رائع، ولكن هل أستطيع تجربة الملابس قبل شرائها؟، لأني لا أريد أن أكلفك بدون داع"

جذبها أخذا اياها في احدى الشوارع الجانبية مردفا بجمود: "لا تحملي هما فأنا أعلم متى أستثمر أموالي جيدا، والأن هيا سنذهب لمحل أعرف صاحبه"

دخلا معا محل صغير للأقمشة ولكن ذو وجهة أنيقة وعندنا انتبه الرجل العجوز مالك المكان إلى هوية شاتاي ابتسم ابتسامة واسعة وأردف بترحاب: "مرحبا شاتاي، ها أنا قد عرفت لما المكان ازداد نورا"

بادله شاتاي الإبتسامة: "اشتقت إليك جوزيف"

لاحظ جوزيف وجود ليليان فنظر لها ببشاشة متسائلا بأمل: "هل أدركت أخيرا بأن الأفعى كيرا لا تناسبك وقررت الحصول على امرأة رقيقة بدلا منها أم ماذا؟"

انفجرت ليليان ضحكا وشعرت بالإمتنان لهذا الرجل فوجود من يشاركها كره كيرا يرفه عنها كثيرا لذلك أردفت وسط ضحكاتها: "أنا مجرد صديقة له سيد جوزيف ولكن صدقني أتفهم رغبتك تلك جيدا"
لاحظت تجهم شاتاي فكتمت ضحكتها فهي لا تريد اغضابه بإهانته لحبيبته فأطرقت رأسها أرضا نادمة على سخريتها في غير محلها.

نظر لها شاتاي بحدة فصوت ضحكاتها مرتفع كاللعنة وهو لا يرد جذب الأنظار اليها، لاحظ صمتها اثر نظراته فشعر بالرضا وأعاد انتباهه الى جوزيف مردفا: "خذ الآنسة ليليان واعرض عليها الأقمشة والتصاميم لديك وقم بتفصيل ما يناسبها"

جوزيف بلطف: "بالطبع يشرفني، سأجعلها تبدو كالأميرات"

ودت لو سخرت من الأمر ولكن نبرته الودودة منعتها فأردفت بلباقة: "أنا واثقة بأنني سأجد ضالتي في هذا المكان"

اصطحبها جوزيف الى المخزن وقامت بإنتقاء الكثير من الأقمشة والتي وجدتها ليست بالسوء الذي تصورته بل على النقيض تماما كانت ذو جودة لا بأس بها، اختارت ثلاث أقمشة صوفية و واحدة حريرية فهي لم ترد الإكثار كي لا يغضب ذو الوجه المتجهم.
عادت الى المحل بصحبة جوزيف ومساعده الذي يحمل الأقمشة ثم قام بإعطائها عدة مخطوطات عليها تصاميم كي تختار منها، لم تكد تنظر اليهم حتى قام شاتاي بجذبهم من بين يديها فاردفت بحدة: "معذرة!!!، ظننت بأنني صاحبة الفساتين أم لك خطط أخرى"

شاتاي ببرود: "لست واثقا من اختيارك لشئ لائق، لذلك سأتولى أنا تلك المهمة"

أراد جوزيف التلطيف من حدة الجو فأردف بمرح: "سأفصل لها شئ مناسب على ذوقي، وسيعجب كلاكما أنا واثق"

نظر له شاتاي بشك ولكن لانت ملامحه وأعطاه المخطوطات وأردف بعدم اكتراث: "لا يهم افعل ما تريده ولكن احرص على أن يكون مناسبا غير مبتذل"

أرادت صفعه في تلك اللحظة واخباره أنه ليست كل النساء كحبيبته ولكن مازالت تريد الإحتفاظ برقبتها فلن تستطيع الهرب بدون رأسها لذلك فضلت الصمت الآن متوعدة له بكلمات كالسهام التي ستطلقها عليه وهو يتعفن في سجن مملكتهم قريبا.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي