مدينة العقلاء

مايسةالألفي`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2022-12-20ضع على الرف
  • 55K

    جارِ التحديث(كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

الفصل الأول

الفصل الأول

في حالة من البهاء، والسحر، والجمال، والتميز العقلي، عاش سكان مدينة العقلاء، لما يميزهم من بنيان جسدي مميز، وعقل يستطيع أن يقرأ عقل من يحاوره، ويعرف نوياه إن كانت حسنة، أم سيئة، بمجرد لمس يده.

يحكمهم الملك "مارون" في جو من العدل والحكمة، دخل "فيرو" على الملك بأمر من الوزير "شيران" كي يخاطب الملك في أمر هام، أمره الوزير قائلًا:
-ادخل يا فيرو، الملك بانتظارك.

رد فيرو بأدب واهتمام:
-سمعًا وطاعةً أيها الوزير الطيب.

نظر له الملك باهتمام شديد وأردف:
-أهلًا بك يا فيرو اقترب، قل لي ماذا تريد؟

فيرو شاب في الخامسة والعشرين من عمره، عريض المنكبين، قوي البنية، له أعين جذابة، ساحرة، تأسر أكثر فتيات مدينة العقلاء، ظهر مرتديًا قميص أزرق، وبنطال جينز، مقطع من الأمام فوق الركبة، يرتدي سلسلة بها أول حرف من اسم حبيبته شانا.

كانت زميلته في كلية الآداب، يحمل في يده هاتف حديث به صورتها بشعرها الأشقر، وعيناها الزرقاء، الملك مارون الذي كان يجلس على كرسي العرش المزود بجهاز حاسوب ينظر فيه ليقرأ أخبار مدينة العقلاء.

يرتدي الملك بذلته السوداء، والتي يرتديها خاصةً في وقت سماع شكوى سكان مدينة العقلاء، نظر مارون إلى فيرو ثانيةً في حب، حيث هي عادته في خطاب رعيته قائلًا باهتمام:

-أهلًا بك يا فيرو لماذا لم ترسل شكواك على البريد الإلكتروني الخاص بالمملكة، وفضلت أن تأتي بنفسك لتعرض مشكلتك؟

اعتدل فيرو ونظر بعمق للملك وقال باهتمام:
-سيدي الملك، فضلت أن ألقاك وجها لوجه؛ كي أتشرف بلقائك، وبالتالي أعرض عليك مشكلتي الخاصة، لأني أحب أن أشرح بنفسي.

نظر مارون باهتمام له، ثم أردف:
-حقًا، إنه يبدو على هيئتك الفطنة، والذوق هيا تكلم.

نظر فيرو له وأردف:
-إني أحب زميلتي "شانا"، وأتمنى أن أتزوجها، لكني لم أجد عملًا مناسبًا، فهل تسمح لي أن أعمل في إحدى مدارس مدينتنا؟ إني مدرس لغة إنجليزية، تخرجت من كلية الآداب بتفوق أنا وحبيبتي، فاسمح لنا بالعمل معًا، في إحدى مدارس ممكلتنا البهية.

تفكر مارون هنيهة، ثم أردف:
-أيها الوزير شيران خذ منه أوراق تخرجه هو وحبيبته، وألحقهم في إحدى مدارس المملكة، لكن يا فيرو سأختبر ما يدور في رأسك؛ كي أطمئن على صدق نوياك، هيا اقترب وسلم علي.

اقترب فيرو من الملك؛ ليسلم عليه حتى يتأكد مما يدور في رأسه، فرح فيرو واقترب منه ومد يده بحب وأمان للملك فتأكد الملك من صدق نوايا فيرو، وأمره أن ينصرف ليجهز أوراق التحاقه بالمدرسة، خرج مهللًا فرحًا بما حدث، حيث كانت حبيبته شانا تنتظره، خارج القصر.

تجلس على مقعد جانب سور حديقة المملكة، اقتربت منه بثوبها الأزرق، الذي يشبه السماء، وراحت تلملم خصلات شعرها؛ لتهذبه لأن النسيم يداعبها، سألته عما حدث بينه وبين الملك، وكيف استقر الأمر قائلةً في دلال:
-ماذا حدث معك بالداخل يا حبيبي الغالي؟

أخبرها فيرو باهتمام قائلًا:
-كل شيء بخير حبيبتي، لقد أمر الملك بإلحاقنا كمدرسين في احدى مدارس المملكة.

رقصت شانا مهللة ومعلنة فرحتها، جذبها فيرو من يدها وأخبرها قائلًا:
-حبيبتي لهذه المناسبة السعيدة أدعوكي لتناول الغداء معي في أحد المطاعم الفاخرة، هيا يا عزيزتي الجميلة.

رقصت شانا ثانيةً، وجذبته من يده، وسار الإثنان إلى المطعم، في سعادة غامرة كأنهم عصفورين مغردين يداعبهما النسيم بفرحة.

في مدينة العقلاء الكل سعيد بحكم الملك مارون العادل، الذي يحقق للجميع السعادة والرفاهية، لكن هناك من يتمنى زوال مارون عن حكمه، وهو السياسي الشهير ماحق.

إن ماحق يدبر كثيرًا؛ لكي يقلع الملك مارون عن مملكته، قرر ماحق الذهاب للملك ليعرض عليه سياسة خبيثة، تجعل سكان مدينة العقلاء تطالب بعزل مارون، ليأخذ مكانه، وتصبح المملكة تحت أمره.

تأهب ليقابل مارون ليعرض عليه سياسته، لكنه كان قلق جدًا من كشف نواياه حينما يقرر الملك أن يسلم عليه، ليتأكد من حسن نواياه، فذهب إلى الساحر شان الشرير؛ لكي يصنع له حيلة يواري بها نواياه؛ كي ينخدع الملك ويوافق على سياسته المخربة، التي ستدعو الجميع بعزل مارون.

نزل ماحق من بيته، مستقلًا سيارته الفاخرة الحديثة جدًا، ليقابل شان في بيته على أطراف المدينة، توغل بسيارته حيث مقر شان، أمر الخادم أن يخبره قائلًا:
-أنا السيد ماحق السياسي الشهير، أود أن أقابل الساحر العظيم شان، فهل من الممكن أن تخبره؟

دخل الخادم وأعلمه أنه يود مقابلته لأمر هام.

نظر شان بتمعن للخادم، وقال بهدوء:
-اخبره أني آتي إليه في الحال، دعه ينتظر خمس دقائق.

تبدو على شان أمارات الخبث والدهاء، لكنه توقع ما يدور في رأس ماحق، أمر الخادم أن يخبره أنه سيأتي إليه بعد قليل، خرج الخادم في عجلة من أمره؛ كي لا يضايقه شان الذي يغضب لأتفه الأمور، وأبلغه أن سيده سيقابله بعد خمس دقائق، جلس محدقًا في صورة شان المعلقة في البهو وطلب من الخادم، كوب قهوة مضبوط.

أسرع الخادم ليحضر القهوة في عجلة، راح ماحق يفكر في الأمر ويقلبه على كل النواحي، لكن شان قطع تفكير بدخوله عليه، حياه شان، وأجلسه على الأريكة، الموضوع جانبها بلورة كبيرة، تحوي ماء أحمر، يستخدمها شان في صنع أسحاره المختلفة، نظر شان إليه بدهاء وقال بمكر:

-أكاد أتوقع سبب زيارتك يا ماحق، إنك داهية، ماكر هات ما عندك.

ابتسم بخبث وقال:
-نعم يا شان، كما توقعت، إنني أحق من مارون بالحكم، واتمنى أن أزيله من أمامي.

ضحك شان بصوت مرتفع، ونظر له بابتسامة ماكرة، وأشار له بسبباته وأردف:
-تريد أن تخفي نواياك عن الملك، أليس كذلك يا ماحق الجن؟

ضحك ماحق بخبث وقال:
-نعم، فهل تستطيع أن تفعل شيئًا في هذه الخطة العويصة؟

اعتدل شان في جلسته، ونظر له بدهاء مردفًا:
-نعم، أستطيع أن أصنع لك مشروبًا يخفي لك نواياك، لكن على شرط هام لابد من تنفيذه، وهو أن تجعلني نائبًا لك.

قلق ماحق من هذا الطلب، لأنه يخشى دهاء شان، ورد عليه في دهاء مردفًا:
-لا تسبق الأحداث، وعمومًا لن نختلف فلما العجلة؟

رد عليه بدهاء قائلًا:
-هذا شرطي الوحيد؛ كي أنفذ ما وعدتك به، فلما لا تريد، أن أكون نائبك الخاص؟

حاول ماحق أن يظهر له ما في نفسه؛ فأردف ناظرًا إليه بحيرة:
-إذا كان هذا شرطك؛ فلن أمانع، أنا بالفعل أريدك جانبي دومًا.

فوعده شان أن يأتي بعد اسبوع؛ كي يأخذ المشروب السحري، قبل ماحق الطلب وهم بالخروج لتدبير أمره.

في بيت فيرو كان يشاهد التلفاز، ويفكر أن يقوم ليأخذ حمامًا دافئًا؛ فقام وأغلق التلفاز، ودخل لحجرته يستعد لأخذ الحمام، أحضر سترته البنية من الدولاب، ودخل إلى المرآة؛ ليحلق ذقنه، قبل أخذ الحمام، نظر في المرآة، فوجد شيئًا يتحرك وراؤه، نظر خلفه، فلم يجد شيئًا، اعتقد أنه مجرد هاجس قد أتاه من تعبه طوال اليوم.

انتهى من حلق ذقنه واتجه ليملأ حوض الاستحمام بالماء الدافيء، خلع ملابسه ووضع سائل الاستحمام، ونزل عاريًا ليستحم، تمدد داخل الحوض، فإذا بماء الحوض يتحول كله للون الأحمر، تعجب فيرو من الأمر، واعتقد أنه جُرح، قام مسرعًا ليرَ ما حدث لجسده، فلم يجد شيئًا.

رجع للحوض، فوجد أن ماء الحوض خاليًا من اللون الأحمر الذي كان يغطيه؛ اعتقد ثنانية أنه من أثر تعبه، أكمل حمامه، وخرج وارتدى سترته، وخرج يغني أمام مرآته، نظرت له أمه بحب وقالت:
-أراك سعيدًا اليوم يا فيرو، ماذا حدث لك اليوم جعلك بهذه السعادة؟ أخبرني؛ كي أسعد معك.

ابتسم لها فيرو وقال:
-هنئيني يا أمي، لقد حصلت على وظيفة في احدى مدارس المملكة، قد أمر الملك بإلحاقي بها، أنا وحبيبتي شانا.

غضبت أمه؛ لأنها لا تحب شانا وتتمنى له أن يتطور ويكمل دراسته العليا فنحن في زمن التطور والتكنولوجيا.

اعتقادها أن شانا ذات شخصية قوية وسوف تسيطر عليه، فأردفت غاضبة:
-شانا، شانا، إنني حذرتك من هذه الفتاة، التي سيطرت على عقلك، دعها وستزوج خيرًا منها عندما تصبح دكتور جامعي، حينها، ستتغير نظرتك للحياة، وستكون الدنيا واسعة أمامك، لابد أن تأخذ دراسات في التكنولوجيا، فنحن في عصر جديد.

نظر فيرو لأمه بحب وأردف:
-أمي، لقد كبرت؛ أنا إنسان ناضج، ومن حقي أن أختار شريكتي في الحياة، أقدر حبك واهتمامك، لكني سأتزوج أولا ثم اكمل دراساتي المختلفة.

تركته أمه ودخلت للمطبخ غاضبة؛ لتجهز العشاء، نادى عليها فيرو وأخبرها أنه سيخرج؛ لأن لديه موعد مع صديقه، ودخل ليكمل ملابسه، تجهز وخرج ركب دراجته البخارية، وحلق في طريقه للكافيه القريب ليقابل صديقة مارو زميل دراسته، والذي يعمل مترجمًا.

ذهب فيرو سعيدًا إلى الكافيه، دخل بعدما أغلق دراجته ووضعها جانبًا، استقبلته النادلة مرحبة به لأنه دائم الحضور عندهم، فتاة في العشرين ممشوقة القوام، سوداء الشعر، واسعة العينين، أطلقت ضحكتها وأردفت باهتمام:
-تعرف يا أستاذ فيرو أني أعرف رائحة عطرك، وأخمن وصولك قبل أن تدخل إلينا.

ابتسم لها فيرو وقال مداعبًا إياها:
-طبعًا، لأن عطري مميز، وشخصي مميز، لكن أخبريني هل حضر مارو صديقي؟

ابتسمت النادلة وأردفت بحماس:
-نعم، وينتظرك على منضدتك الدائمة.

دخل فيرو متحمسًا لمقابلة مارو فوجده جالس على مقعده، لوح له بيده، اقترب منه، وراح يداعبه بكلماته المرحبة، جلس مع مارو الذي كان أسمر مجعد الشعر.

عرض عليه أن يأخذ بعض الدراسات في علوم التكنولوجيا قائلًا:
-أهلًا مارو، أود أن أخبرك بفكرة إنني أود أن أدرس علوم التكتولوجيا، بجانب عملي كمدرس.

نظر له مارو بتمعن ثم أردف:
-أعتقد أن عملك كمدرس سيشغل وقت كثير من يومك، لهذا أجله، حتى تثبت نفسك في العمل.

ابتسم فيرو ونظر له باهتمام وأردف:
-أعتقد أنك محق يا صديقي لكن أمي تلح عليّ

هنا ضحك مارو، مؤكدًا له أنها أمه، ولابد من احترام رأيها، لكن عليه أن يطلب منها أن يؤجل هذه الدراسة إلى أن يثبت جدارته في عمله.

استأذن من مارو كي يرحل لأنه سيبدأ عمله من الغد، ويجب أن ينام مبكرًا، ودع مارو على أمل بلقاء جديد، خرج فيرو وارتدى قبعته الواقية، وركب دراجته، وحلق مسرعًا نحو البيت، عند اقترابه من حديقة بيتهم، وجد خيالًا أمام البحيرة لفتاة نصفها السفلي ذيل سمكة، والعلوي جسد فتاة بارعة الجمال، تناديه باسمه وتقول:
-فيرو أيها الشاب الوسيم اقترب مني؛ كي تنقذني.

تعجب جدا ووجل الأمر، ثم اتجه ناحيتها؛ ليعرف الأمر، عندما اقترب منها نزلت في الماء، وراحت تستغيث به، وتناديه قائلة:
-فيرو أيها الشاب الوسيم الشهم، انقذني أرجوك.

حاول أن ينزل في الماء، وبعد أن خلع ملابسه لينزل وجد يد تمسكه من كتفه، وتهزه وتسأله في حدة:
-إلى أين وماذا تفعل هنا في هذا الوقت المتأخر؟

ارتعب فيرو ونظر لمحدثه، فوجده عسكري يحذره من النزول في الماء؛ لأن عمق البحيرة شديد والجو مظلم، حاول أن يحكي له ما رآه، لكن العسكري ضحك واتهمه بالسكر وقال:
-اعتقد أنك شاب سكير في غير وعيك، اذهب إلى بيتك، وإلا حررت لك محضرًا.

هنا انتبه فيرو، وارتدى ملابسه وقبعته واتجه ناحية بيته ودخل، ليغط في نومه لاعنًا تعبه الذي جر عليه كل هذه الخيالات.

في قصر الملك، كان مارون جالسًا يفكر في أمر رعيته، يبحث على مواقع التواصل الاجتماعي، يفند منشورات الشعب يحاول أن يعرف مشاكل شعبه من خلال هذه المنشورات، دخل عليه شيران يسأله إن كان يريد شيئًا قبل أن يدخل لينام.

نظر له مارون مستغرقًا في أمر ما يفكر فيه وقال باهتمام:
-ترى يا شيران، هل أنا ملك عادل، أحقق السعادة لشعبي؟

ابتسم شيران وقال:
-نعم يا سيدي، انك ملك عظيم، نفتخر جميعًا بحكمتك وعدلك.

هز الملك رأسه مؤكدًا:
-إذًا لماذا الشعب على مواقع التواصل يشتكي غلاء الأسعار؟ هل يخالفني بعض التجار، ويرفعون عليهم الأسعار من ورائي؟

حاول شيران أن يكون حكيمًا في رده فأردف:
-إنها عادة كل الشعوب فهي دائمة الشكوى، لا تنصت كثيرًا لهذه المنشورات.

لم يقتنع الملك برأي شيران، فأمره أن يخبر الوزراء غدًا باجتماع هام لفحص أمر غلاء الأسعار، رد شيران في طاعة تامة، وأعلمه أنه سينفذ الأمر بإذن الله، ثم استأذن ليذهب.

في صباح اليوم التالي، استيقظت شانا؛ لتستعد لموعد ذهابها إلى المدرسة التي ستعمل بها مع حبيبها فيرو، دخلت لتأخذ حمامًا دافئًا، وكانت في عجلة من أمرها، مشطت شعرها الذهبي وراحت تربطه بمشبك أحمر لون ثوبها الجميل الذي تزينه زهرة الياسمين بلون أبيض.

وضعت عطرها برائحة الورد الجوري، والذي أهداه لها حبيبها فيرو، في عيد ميلادها الفائت، حيث اجتمع مع مجموعة من أصحابها، في حديقة بيتها وراحوا يغنون ويرقصون، تتوسطهم هي بثوبها المميز، خرجت بعد أن انتهت من ارتداء ملابسها لتجد فيرو ينتظرها بدراجته البخارية، رحبت به قائلة:
-صباح الخير حبيبي، كيف كان نومك؟

رد عليها بنشاط:
-بخير لقد نمت كما لم أنم من قبل، هيا بنا إلى العمل.

استقلت الدراجة خلفه، ممسكة بقميصه محتضنة خصره بقوة؛ حتى لا تقع، راح الهواء يطير خصلات شعرها فافحت رائحته العطرة التي جذبت قلب فيرو، وجعلته بعد أن وصلوا يبث لها بعض كلمات الغزل مادحًا جمالها بوله شديد، خجلت على أثره شانا وابتسمت ثم سألته قائلة:
-ماذا حدث معك بالأمس، وكيف مرت الأمور معك يا حبيبي؟

بدأ يسرد لها ما حدث من تهيؤات وخيالات، تعجبت شانا وقلقت عليه، وبدأت تبثه بعض كلمات الحب، تحذره من عدم الإفراط في السهر، لكنها بدأت تشك في الأمر، وتفكر في مدى حدوثه، فمن الجائز أن هناك أحدًا يتربص به.

لم تشأ أن تقلق حبيبها، وحبست إحساسها وتوجسها في الأمر سرًا بين ضلوعها، وصلا إلى المدرسة، فقابلتهم المديرة بحفاوة، لأنهما توصية ملك المدينة نفسه، أخذت الأوراق وألحقتهم بالمدرسة، وبدأت تحدد لهم الأمر قائلة:
-سوف تعملون لدينا في المدرسة حسب توصيات الملك سيبدأ العمل من اليوم.

رد فيرو قائلًا:
-أشكرك أيتها المديرة الموقرة، سوف نستعد لإلقاء الحصص اليوم، لا تقلقي إننا جادون في عملنا.

ذهبا الإثنان لقسم اللغة الإنجليزية، وقابلا كبير المعلمين، وموجه المادة الذي حدد لهم عدد الحصص والسنوات المقرر تدريسها، وجد فيرو أن موعد حصته هو وشانا بعد الفسحة، فقرر أن يأخذ الكتب الدراسية ويذهبا لكافيه المدرسة؛ ليحضرا الدرس سويًا، دخلا الكافيه فوجد عاملة بسيطة جدًا تقوم على خدمته.

طلبا منها كوبين من الشاي، مع قطع البسكوت؛ كي يتناولا افطارهما، أحضرت العاملة الطلب فأعطى لها فيرو إكرامية لأنه أحس من منظر ثوبها أنها فقيرة، ولا يكفيها راتبها، ابتسمت العاملة، وبدأت تدعو له بالنجاح في عمله، ابتسمت شانا لها، وعرفتها بنفسها، ثم انشغلا في تحضير الدرس المقرر على الطلبة اليوم.


بعد أسبوع قرر ماحق أن يذهب للساحر شان في أطراف المدينة لكي يأخذ منه المشروب السحري؛ استقل سيارته الفاخرة، وتجهز للقاء، بدأ ينظر للشوارع وهو في السيارة، فوجد فخامة في البناء وتميز في الطرقات، راح يحدث نفسه:
-ماذا سيحدث لو أني ملكت المدينة بما فيها من تميز؟ حتمًا سيكون كل شيء طوع بناني.

بدأ يصبر نفسه، وأنه قد اقترب من تحقيق حلمه، وما هي إلا ساعة، وسيأخذ المشروب السحري من الساحر العبقري شان.

وصل ماحق لبيت شان صف سيارته جانبًا، ودخل إلى بيت الساحر وهو يدندن بغنوة يحبها، ويرددها دومًا، حينما يكون مزاجه رائق، استقبله الخادم بحفاوة وأدخله ليجلس على الأريكة المفضلة جانب بلورة الساحر شان، بدأ ماحق يفكر، في خطته السياسية التي سيقترحها على ملك مدينة العقلاء.

راح يقلبها في رأسه، فوجد أنها فكرة عبقرية، وأن الملك حتمًا سيقتنع بها، فجأة دخل شان وعينيه تبرقان كعادته مزهوًا بنفسه.

ممسكًا بزجاجة صغيرة، بها المشروب السحري الذي أعده للسياسي الخارق ماحق، نظر له ضاحكًا بصوت مرتفع رافعًا يده بالزجاجة، وقال في زهوٍ:
-ها هي خطتي السحرية، سنغزوا مدينة العقلاء معًا، سيتحقق حلمك يا ماحق.

ابتسم له، واقترب مسرعًا ليأخذ الزجاجة من شان محاولًا امساكها، فسقطت على الأرض وانكسرت، وسال الشراب السحري منها واقعًا وأغرق تحت قدميه.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي