الحلقة السابعة دمعة بلون النار

الحلقة السابعة

دمعة بلون النار..

دمعة بلون النار! تراقصت بين جفني الوزير الأول، بعد ما انتهت الحرب، مما جعل "شي ريان" ينظر له بدهشة ويقول:
_هل تبكي أيها الوزير الأول؟!
ورغم أن ما يقوله صحيح إلا إن " فينغ ميان" قال:
_لا، ربما شيء دخل في عيني.
_حقا
- أجل أطمئن أنا بخير
التفت ليعطي تعليمات لجنوده:
- تأكدوا من رجوع كل شيء إلى ما كان عليه.


قائد الجيش بعد أن أخذ شكلا بشريا لم يراه شي ريان عليه من قبل قال:

_أطمئن سوف نفعل سيدي.


لكن قائد الجيش ينظر له بشفقة، مما جعله يتحرك لينصرف دون أن يوجه كلام لحارس التايبان...


انزوى بعيدا ليبكي على ما حدث، لتلك التي كان يكن لها مشاعر قوية ولكنها ضحت بحياتها من أجله!
صرخ بصوته كله وهو يسقط على ركبتيه وعينه تذرف دموع بلون الدم:

_ميان لما فعلتي ذلك؟!

ولكنه لم يتلقى رد وهل كان ينتظر؟ أكمل كلامه وكأنه يحدث نفسه:

_حبيبتي لما فعلتي ذلك؟!

ضرب الأرض بيده التي تحول لونها إلى الأزرق وقال:

_هل تظن أن بموتك سوف أعيش لقد قتلتني بتضحيتك أنا الآن ميت.

ظهر عرق غريب في وجهه كأنه جزع شجرة جافة وهو يقول:
_بموتك مات القلب.

في ذات الوقت، كان الملك يقف أمام ساحة القتال؛ يتفقد حال الرعية ونتيجة هذه الحرب وينظر حوله، يبحث عن وزيره الأول، ولكنه لم يحتج ليسأل أكتفي بالنظر إلى قائد الجيش الذي قال:
- كان يشعر بالتعب لذا أراد أن يختلي بنفسه يا مولاي
الملك: لمَ؟!
قائد الجيش: لقد ضحّت "ميان" بنفسها كي ينجو هو
الملك: اللعنة! لما فعلت ذلك؟ هل تظن أنها بذلك أحيته؟! لقد جعلته يتذوق الموت وهو على قيد الحياة!
"شي ريان" ماذا تعني جلالتك؟! هل حدث له شيء؟ ومن هذه الميان التي تتكلمون عنها؟!
قائد الجيش: إنها وليفته
"شي ريان": أين هو الآن؟ أريد أن أراه، أريد أن أطمئن عليه.
نظر له الملك مطولا وهو الذي كان ينوي أن يبعده عنه، إلا أنه قال:
- ليس الآن يا حرس التايبان، يكفي ما عانيته أنت الآخر.
"شي ريان": لكني لا أستطيع أن أتركه
وهنا أدرك حالته؛ بهت وجه "شي ريان" ولم يقوى على الرد، فماذا يقول؟
أنا أشعر به؟! هناك شيء بداخلي يجعلني أتألم لألمه الذي لا أعرف ماهيته!
إلا أنه لازم الصمت أشار له الملك بان يذهب وهو يقول:
- هو الآن يحتاج إلى الوحدة دعه يلملم جراحه يا حارسنا، والآن أذهب لترتاح.
بينما كان قائد الجيش يقف ثابتا ينتظر ما يأمره به الملك.
إلا أن "شي ريان" لم يقوى على إطاعة أوامر جلالته، كان يتحرك دون هدى وكأن هناك خيط وهمي يجذبه! لمكان لا يعرفه...
"شي ريان": إلى أين أنا ذاهب؟
ولكنه لم يتوقف عن السير، كان هناك من يرشده إلى مكان وجود " فينغ ميان" وكلما أقترب حارس التايبان من المكان، شعر بألم يغوص بداخله فقال:
- ماذا حدث لك يا صديقي؟ أين أنت الآن أنا أشعر بك!
أخذ يركض ويهرول وهو يأخذ شكل بشري وكأنه من فرط قلقه على الوزير الأول تحول، ما أن رآه حتى شعر بالألم
تفاجأ شي ريان بمنظر الوزير.
- ما هذا لما يدك بهذا اللون؟! لما وجهك محفور بعلامات بنية وكأنها جذور شجر! وكأنه الموت.
وما أن خرج الكلام من بين شفتيه حتى وجد نفسه يركض؛ ليحتويه نسى كل شيء وهو يضمه إليه وهو يقول:
- رد علي ماذا حدث لك؟! أنت أقوى من ذلك، عليك أن تتحمل أرجوك دعني أساعدك...

هو نفسه لا يعرف لما قال ذلك؟ وجد نفسه يضم "فينغ ميان" يجذبه بين ذراعيه وهنا شعر بشئ غريب وكأنه يمتص شيء لا يعرفه أو ما يعاني منه الوزير الأول، حتى أنه شعر بأن هناك خناجر تغرز في داخله، ولكنه تحمل الآلم وهو يقول:

- لن أتركك لن أسمح لك بأن ترحل وتتركني يا صديقي، أنا معك.

وفي نفس اللحظة التي كان يتحول فيها جلد الوزير الأول إلى لونه الطبيعي، يده الزرقاء التي تحمل رائحة الموت، رجعت لطبيعتها وتلك الجذور التي تحفر معالم في وجه، بدأت تختفي.


وفي هذه اللحظة تحول "شي ريان" إلى أفعى عملاقة وهو يلتف حول الوزير الأول وكانه يحاوطه ويخشى عليه من أن يرتطم بالأرض.

في اللحظه التي أرتفعت فيها رأس "شي ريان"؛ لتصعد إلى السماء يقذف بلورة غريبة لتنفجر في السماء، مصدره دوي مرعب وجلده يرتجف مخرجا إشعاع لونه أزرق وكأنه لون الموت.

وفي لحظه ارتطم بالأرض ولكنه لم يكن أفعى، بل كان بشريا يسجد على قدميه وهو ينظر للوزير الذي أخذه السبات.

ولكن رغم كل ما يشعر به من ألم من عملية التحول المؤلمة وسحبه لذلك الوجع والوهن الذي يعاني منه "فينغ ميان" إلا أنه قال:
- ستكون بخير أنا أعرف ذلك.

وقتها أستمع الى صوت الملك والملكة اللذان ينظران إليه بدهشة فهو إستطاع أن يفعل ما لم يتوقعه منه.


الملك: كيف استطعت أن تسحب ذلك الألم؟ الذي كان يشعر به!


"شي ريان" التفت بخوف وهو ينظر إلى الملك ينتظر منه العقاب، لأنه لم يمتثل لكلامه ولكنه قال:
- لقد تبعت قلبي.

ابتسم الملك وهو يقول: وقلبك استطاع أن ينقذه من ألمه! واستطاع أن يسحب ما يشعر به، ولكني أريد أن أعرف كيف استطعت أن تعلم كل ذلك في فترة وجيزة يا حارس التايبان ؟!


الملكة: ألم أقل لك؛ يبدو أن حارسنا مميز يبدو أنه المنتظر منذ مئات السنين.

الدهشة التي ظهرت على وجه "شي ريان" جعلت الملك يقول:
- يبدو ذلك، ولكن هناك حديث طويل سوف يكون بيننا يا حارس التايبان.


"شي ريان": أجل جلالتك كما تريد.

الملك: الآن كما أريد!، ولكنك عصيت أمري منذ قليل.
اغلق شي ريان عينه وهو يقول:
- أسف مولاي لكني لم
أستطع أنا أتركه يشعر بكل هذا الألم، ولا اعرف لما أتيت إلى هنا وكان هذا شيء افعله منذ مئات السنين.
ابتسم له الملك واقترب ليربت على كتفه بابتسامة وهو يقول:
- الآن بإمكانك أن تذهب إلى بيتك عليك أن ترتاح.
- قبل أن أطمئن عليه، لا أظن أنني سوف أعرف معنى الراحة
ابتسمت الملكة وهي تقول:
- لكنه سوفةينام وربما ينسى ما حدث.
"شي ريان": حقا؟!
الملك: أجل سينسى، سوف يعرف فقط أن هناك شيء يحزنه ولكنه لن يعرف ما هو هذا الشيء.

مرت الأيام ولا زال "فينغ ميان" في سبات لا أحد يستطيع أن يقتحم أفكاره، حتى حارس التايبان الذي يتسلل إلى بيته كل يوم؛ ليطمئن عليه، وبعد أسبوع كان يجلس بجواره وهو يقول:

_عليك أن تستعيد وعيك أيها الوزير الأول، أنت لست ضعيفا.

حرك أصابعه في شعر
" فينغ ميان" وقال:
_لكني أشعر بما تشعر به!.

لم يتلق ردا، وأي رد قد يقوله الصامت في الغابة، هو الآن في رحلة الصمت نفسها، هو الآن يري "ميان" بصورتها البشرية تحثه على استعادت وعيه، وكان بينهما حوار طويل وهي تقول:

_عليك أن ترجع من هذا الحلم!.

أخذ يلوم عليها البعد وهو يقول:
_كيف فعلتي ذلك، لمَ اخترتٍ الرحيل؟!

"ميان": الأفضل أن أرحل أنا وتبقي أنت يا سيدي وحبيبي.

" فينغ ميان": لمَ أشعر بالفراق وعذابه؟!

"ميان": لأن المملكة بحاجة لك، والجميع يعتمد عليك.

" فينغ ميان": ما الفائدة وأنتِ بعيدة.

"ميان": سوف أظل قريبة منك، ولكن عليك أن تستيقظ.

بعد أن يأس "شي ريان" من أن يتلقى ردا منه، ذهب إلي قصره وهو يفكر فيما عليه أن يفعل.

قابله قائد الجيش نظر له مطولا وهو يقول:
_هل تلقيت ردًا منه
شي ريان لا

_أطمئن سوف يستعيد وعيه ولكنه بحاجة إلى المزيد من الوقت.

- أعلم ولكني لم أعد أقوى على رايته بهذه الحالة.

_أدرك ما تشعر به هو همزة الوصل بين العالمين بالنسبة لك

- ليس هذا فقط بل هو صديقي المقرب يا..

وسكت عندما أدرك. إنه لا يعرف إسمه إبتسم قائد الجيش وقال:

_شانو يا حارس التايبان ويمكنك أن تنادي بأسمى

_ حقا

_أجل والآن علي كان تذهب إلى قصر الملك لتخبره بعودتك

_أي عودة التي سوف أخبره بها؟!

_بما أن وزيرنا الأول لم يستعيد وعيه فعليك أن تأخذ الإذن من جلالته مباشرة للذهاب إلى عالمك
_لن اذهب قبل أن...

- ليس الأمر بيدك عليك أن تذهب حتى لا تثير قلق أهلك

رغم ما يشعر به من رفض لذهاب في هذا الوقت، إلا أنه تحرك إلى قصر الملك، وما أن وقفا بالباب حتى رحب به الحراس وهم يسمحون له بالدخول وهم ينحنون احتراما وابتسامه على وجههم...
فهو من منحهم القوة وحافظ على سحرهم...
"شي ريان": أريد أن أقابل جلالته هل من الممكن أن تسمح لي بالدخول؟
رئيس الحرس: بالتأكيد يا حارس التايبان، تستطيع أن تدخلا سوف نخبره...
"شي ريان": حسن سوف أنتظرك
ابتسم له رئيس الحرس وتحرك إلى الملك، وهو ينحني احترام وهو يقول:
_مولاي لقد حاضر حارس التايبان ويريد مقابلة جلالتك.
الملك: اسمح له بالدخول.
لم تمر لحظة حتى كان "شي ريان" ينحني احترام للملك والملكة...
الملك: اقترب يا حارس التايبان، مكانك بالقرب منا.
ابتسم "شي ريان" بمحبة وهو يقول:
_أشكر جلالتك
الملك: هل أتيت لتخبرنا بذهابك؟
"شي ريان": هذا ما قاله لي قائد الجيش، ولكني لا أريد الذهاب قبل أن أطمئن على الوزير الأول.
نظر له الملك وهو يقول: لا تخفي عليه، وزيرنا قوي سيتغلب على ألمه ويعود إلى ما كان عليه، وبعد ما فعلته لا يوجد بيدك المزيد لتفعله.
"شي ريان": أعرف جلالتك ولكني أشعر بالقلق من أجله، فهو صديقي.
ابتسمت الملكة وهي تقول: يبدو أن ولاءك الأول لصديقك.
نظر لها "شي ريان" وهو يقول: لا مولاتي، أنا ولائي للمملكة ولجلالته وسموك، ولكن الوزير الأول مهم بالنسبة لي.
الملك: أدركت ذلك ولكن الآن عليك أن تذهب إلى بيتك، وتبقى بعض الوقت؛ حتى لا تثير القلق والريبة في قلب عائلتك.
"شي ريان": ومتى أعود؟!
الملك: بعدما تطمئن بأن كل شيء على ما يرام، وإن والديك لا يشعرون بالقلق، من غيابك فترة طويلة داخل غرفتك.
"شي ريان" هز رأسه بموافقة
الملكة: عليك أن تدرك أن أمك تشعر بالقلق عليك، وخاصة بعد أن ذهب الوزير الأول مكانك وقت المعركة.
"شي ريان": اعلم جلالتك بأنه ذهب لقد أخبرني.
الملكة: لكنه تصرف بهدوء، وأمك تشعر بأن هناك شيئا خاطئا...
"شي ريان": وماذا على أن أفعل جلالتك؛ لأطمئن قلبها؟!
الملك: إن تبق قدر استطاعتك، أن تحاول أن تخرج وتعيش في بيئتك بعض الوقت، لأن بضع ساعات لا تكفي...
هز "شي ريان" رأسه بموافقة، بعد وقت كان بالفعل يتهئ ليعود إلى غرفته، رغم كل القلق الذي يشعر به...
وها هو يفتح باب الغرفة في الوقت الذي كانت أمه تحاول أن تفتحه من الخارج...
"شي ريان": ماذا هناك أمي؟!
" يوم تونغ": هل أنت بخير؟!
"شي ريان": ماذا ترى؟!
" يوم تونغ": تبدون بخير، ولكني أشعر بالقلق من بقائك في غرفتك
"شي ريان": ولكنه ليس جديدا على، لقد عشت فترة طويلة لا أفارق غرفتي!
" يوم تونغ": اعلم يا بني، ولكنك الأيام الأخيرة تغيرت، وصارت تشاركنا وقتك، لذا أنا...
ابتسم "شي ريان" وهو يقول: لا عليك أمي، اعرف ما تريدين قوله.
" يوم تونغ": حق؟!
"شي ريان": أجل وها أنا أمامك، وكنت أريد الخروج دون أن تطلبي.
" يوم تونغ": حسن بني تعالي أجلس معنا بعض الوقت أو تابع الأخبار مع والدك...
"شي ريان": حسن ها أنا آت سأجلس قليلا معكم أو أتحرك إلى الخارج لأستنشق الهواء.
"جاين ي": هذا جيد أفعل ما تريد ولكن لا تعود للبقاء بمفردك داخل غرفتك مرة أخري ...

يتبع ...
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي