الفصل التاني إصابة ايمانجكو

مضت الليله طويله، على "مليكه" احلام مزعجه تجري، ويجري وراءها بعض الأشخاص .

وفي الصباح صعدت سلالم مبنى الطب الشرعي، ودلفت الى مكتب مديرتها.


_ ها هو جواز السفر، الخاص بي.
_ ما هذا يا "مليكة" بدون، حتى ان تقولي صباح الخير او ما شابه.

- لا تعلمين ما حدث امس، كانت ليله طويله لم استطع النوم، ولوحتى لساعة واحدة، كوابيس وجاثوم اشكال غريبه.

وقفت نيهال تاركة مابيدها، واعطتها زجاجة مياه صغيرة.

- اشربي قليلا من هذه الزجاجة، فانا اسمع دقات قلبك، وانتظري قليلا ثم تحدث.

شربت و انتظرت، برهة ثم تحدثت:

- "نيهال" هل تم ابلاغك بأي معلومات من الممكن، أن تساعدنا في تلك البعثة؟

- لا شيء المعتاد فقط، سيكون معنا هناك طبيب يقال انه من امهر الاطباء لديهم، في الطب الشرعي.
وهناك اجهزه جديده سيقومون على تدريبنا عليها، فانت تعلمين أننا لا نمتلك تلك الأجهزة الحديثة.

- شيء مطمئن، لكن أين ستكون محل اقامتنا؟

- لا تقلقي ان الجامعات لديهم، بها العديد والعديد من المساكن، الخاصة بالطلاب والمعلمين، يدبرون لنا الأمر، لن نحتاج إلا إلى، حقيبة ملابسنا فقط.


قامت "مليكة" ومدت يدها، لتصافح نيهال إلا أنها استوقفتها.

- اين ستذهبين؟ لدينا حالة طارئه، ولا توجد الان طبيبات من النساء، وانا كما تعلمين مشغوله جدا.

- ما هي هذه الحالة المهمة، كنت اريد ان استريح قليلا فلتعتبر اليوم اجازة

- لا بعد قليل ستأتي، حاله مهمه، هذا الملف الذي وضع أمامي، به حالة معقدة لطفلة تبلغ 11 عاما، وأنت أم اولا ثم طبيبة، يجب أن تجلسي لتقرأي الملف.


- قولي لي ما الأمر شفهيا، تعلمين انني اترك الأمور المكتبية لك انت.

زفرت "نيهال" بصوت مرتفع:
- اليوم في الصباح اتصل بي رئيس نيابات شرق الإسكندرية، وأبلغني أن هناك حالة طارئة بل هي حالة إنسانية من الدرجة الأولى

-اقلقتيني!

- حدثت حادثه هتك عرض.

ارتعشت "مليكة" تترقب بل تتوقع ما سيقال.

-اكملي

- سيدة وابنتها، كانوا يركبون القطار وعندما خلا القطار من معظم راكبيه، خصوصا ان الساعه كانت 11 مساء. وكانت في طريقها الى منزلها، تهجم عليها بعض الشباب، لكنها استطاعت ان تحتضن ابنتها، الا أنهم قد نالوا منها بايديهم.

لم تشعر "مليكة" بنفسها الا، وهي تبكي فهي أم في المقام الاول، وسيده وتعرف معنى ان يلامس اي شخص غريب المرأة مهما بلغ عمرها، بدون رغبة منها.

- لا تبكي يا "مليكة" لا يتواجد هنا غير الاطباء الذكور والام قد بكت وقالت ان ابنتها لا تعرف شيء مما حدث لها بل قالت والدتها انها مجرد كدمات لا اكثر فانتبه لكلامك امام الفتاه

- فهمت يريدون، اثبات الحاله.

- نعم يا مليكة، هذا هو ما سيحدث.

جلست 'مليكة" تنتظر هذه الحالة، بعد ما خرجت "نيهال"، للاهتمام بالمعدات المطلوبة وتحضيرها.

بعد حوالي نصف ساعة اتصلت بالهاتف واستدعت "مليكه"، التي قامت وهي ترتعش لكنها تحاول ان لا تبين ذلك، فالحاله صعبه، وإنسانية في نفس الوقت.

- صباح الخير ما اسم الفتاة الجميلة.

قالتها "مليكة" للفتاة التي تجلس،
لم تتحدث الفتاه انما تحدثت والدتها:

- ارجو من سيادتك، ان تقومي بالكشف عليها، في النيابة قالوا يجب اثبات الحاله، قبل ان اخذها الان الى المستشفى لعمل عملية لها.

- فهمت

لم يستغرق الأمر إلا عشرون دقيقة، وخرجت من الغرفه، وسابقت "نيهال" التي لحقتها بعد ذلك.

- استعدي الان يا "مليكه" بكتابة التقرير، لقد هاتفني رئيس نيابات شرق منذ قليل.

- نيهال سأقول لك وانت اكتبي هذا التقرير، ارجوك لن استطيع الكتابه ويدي ترتعش ،هكذا من شدة الانفعال.

-امليه على و سأكتبه.

وجلست "نيهال" وامسكت بنموذج تقرير الطب الشرعي.

-تكلمي
- املائي الجزء الأعلى اسمها، وسنها ورقم هوية والدتها.

- تكلمي ببطء أكثر.

وفي تلك اللحظة، ارتفع رنين الهاتف وكان رئيس النيابة، وجعلت "نيهال" تشرح له ما تم لحظة الكشف عن الفتاة.

"نيهال":
- اخيرا انتهت هذه المكالمة.

ثم قدمت لها "مليكه"، ورقة قد كتب عليها بيانات الطفلة، وما تبين بظاهر عموم جسمها، من آثار رضوض وسحجات وما الى ذلك.

- قمت بكتابة التقرير وأنت تتحدثين، يتبقى ان تنقليه في التقرير الأصلي، وتقومين بالأمضاء ثم الختم عليه.

-تمام الان من الممكن ان تقومي، لو لديك اي عمل اداري، متبقي قومي به وإن لم يوجد فارحلي.

خرجت مليكة وهبطت السلم الا انها سمعت صوت، ضحكاته، تملأ المكان
فدخلت بدون ان تحدث احتكاك بقدمها.

وبعد قليل غادرت المبنى، وفي السيارة جعلت تبكي وتتحدث:

-أين كان عقلي انسان، يرقص ويلقي النكات على ضحيته الجديدة، مثلما فعل معي.

وتذكرت ماحدث بينهما، من لقاء في شقتها حينما مرضت.
- "فريد" لم يكن، من الضروري مجيئك ياقلبي بل نكتفي بالتحدث، مثلما هاتفيا مثلما نفعل كل يوم.

نظر لها وهو يقترب منها.

- عندما علمت ان والدتك، اخذت البنات اليوم لتذهب الى حفل زفاف، لم استطع الا ان اتي حتى اشاهدك، لا ان اسمع صوتك فقط.

-ادخل بسرعة هناك، أحد يصعد الدرج.

ثم تذكرت ما حدث بالداخل ولم تكن تدركه او تتوقعه، وبعدها تبخر "فريد" وانسحب من حياتها.

انتبهت على صوت "هانيا":

-أمي منذ دخولك للشقة، وانت وكأنك في عالم آخر،

جلست "مليكة" علي الاريكة، بجانب ابنتها هانيا.


-هانيا حبيبتي، هو العمل وكيف سأترككم واسافر، هذا هو مايشغل عقلي.

ردت ابنتها الأخرى "ايمي":

-لا تقلقي يا امي سافري، وسنكون بامان مع جدتنا، ثم انك ستكونين معنا لحظة بلحظة، بفضل تلك الكاميرات.


مر صياد وابنه الصغير، بالقرب من حدود غابة أوكيغاهارا.

-أبي، هل شاهدت هذا الارنب الكبير؟
-من الغريب، وجود ارانب في تلك المنطقة!
-لعله هرب، من مزرعة ما.

-فعلا يا بني
-ابي اريد ان نطارده، كي نصطاده.
-شووتا هذا خطر!
-ارجوك ابي، اعتقد ان امي ستفرح، وهي تعده علي العشاء.

فكر والده قليلا وأجاب:
-هيا، فعلا اعتقد ان "شياسا" والدتك ستحب ذلك.

ودخلا يطاردا الارنب، الذي تمتلك جسده "هوشي" صديقة يوكاي.

-"يوكاي" اين انت استيقظي، لا اعرف ماذا افعل.

-ماذا هناك يا "هوشي".
-هناك صياد، وابنه يطردوني.
-اخيرا.

-اقول لك يطاردوني، وانا في جسد ارنب.
-لا تخافي ادخلي الشق الصغير، اسفل الشجرة المائلة، التي بجانب شجرتي تلك واجلسي صامته.

وجدت "هوشي" الشق الصغير، و اختفت داخله.

-ابي لقد شاهدته منذ قليل، هنا فأين اختفى!
-شئ غريب فعلا، وكأنه تبخر.
-أبي، ما كل هذه الأشرطة!
-انها للمنتحرين، البعض وضعها لتسهيل خروجهم من هنا، والآخرين وجدوها وسيلة للدخول.

خرجت "يوكاي" من مخبأها، تريد ان تمتلك جسد الفتى ، لكنها تراجعت في آخر لحظة.

-كيف اخرج وانا احمل المرآه هكذا، سألقيها اولا ليشاهدها الطفل، وبعدها استحوذ علي جسده، واحملها معي.

خرجت وطارت لاعلي فرحة، فقد ظلت حبيسة الشجرة منذ فترة.

فسمعت صوت من تهابه، وتخشاه قد شم رائحتها.

-اتعتقدين انك هربتي، وان عيني ستقف عائقا أمامي، "يوكاي" استطيع ان اشم رائحتك، و سأمسك بك الآن.

صرخ الفتى.

-ابي طائر كبير، أطلق عليه اريده.
- لقد شاهدته يا بني، وأنا أصوب عليه الآن يا شووتا.
لقد اصبح الان، في مرمى بصري.


وأطلق الأب "تاكويا"، الطلقة الرش فأصابت امانجكو، وهو مستحوذ على جسم الطائر، فوقع سريعا من الأعلى.

فأطلقت يوكاي، صوتها بفرح.

تحدث امانجكو:
-لا تفرحي كثيرا، انا لا اهزم، اتباعي يحوطون الغابة، ستظل بها لحين ان اتي لك مرة أخرى.

وسريعا خرج، وهو مصاب من جسد الطائر، لجسد دمية، ملقاه فوق اغراض إحدى المنتحرات.

-ابي انا فرح جدا، لاننا اصبنا الطائر.
-ستفرح امك، وها نحن استطعنا الحصول، على طائر بدلا من الأرنب المفقود.

-نعم يا أبي، هيا لنغادر، فإن الظلام قد اقترب وانا خائف.

سارا قليلا، وعندها صرخ الفتى.

-ابي، وجدت دمية، ستفرح بها أختي "سانا" كثيرا، هل في الامكان ان نأخذها معنا؟

-نعم يا "هووشا"، ممكن لأن هذه الأغراض، لم تعد ملكا لأحد،
وسارا بالدمية، التي دخلها امانجكو وهو مصاب.

وصلا سريعا لمنزلهم، فرحين
قابلتهم الام، امام باب منزلهم:

-لقد قلقت عليكم، "تاكويا" الم اقل لك لاتتأخر، يجب ان ينهي "هووشا" واجباته اولا.

-لا تقلقي يا امي سأنهيهم الان، وانت تحضرين العشاء.
-بالفعل لقد طهيت الأرز.

ضحك الاب وهو يقدم لها الطائر
-"شياسا" حبيبتي، الصدفة وحدها قادتنا لذلك الطائر، و"هووشا" يريد أن يأكله.

نظرت الأم، وعيناها تشع بالحنان تجاه ولدها وقالت:
-حبيبي "هووشا"، سأقوم علي تنظيفه سريعا، و سنقوم بطهيه، انا ووالدك.

ضحك تاكويا:
-حسنا سأقوم بتغير ملابسي اولا، وسألحق بك للمطبخ، اين "سانا" هل هي نائمة؟

فنادت الأم ابنتها الصغيرة، بصوت مرتفع:

-"سانا"، "سانا" قد أتى، والدك واخيك.

فتحت باب الغرفة المقابلة، فتاة صغيرة في حوالي الخامسة من عمرها:

-ابي قد أتيت.

احتضنها والدها:
-انظري احضر لك اخيك، هذه الدمية الجميلة.

نظرت الام للدمية، وتحدثت موجهه حديثها لابنتها:

- اولا سنعيد حشوها بالقطن، فان جانبها به تمزق صغير.

-اني اريد ان اقوم، علي تحميمها يا امي.

ضحكت الأم:
-حسنا يا حبيبتي، نتركها هنا على المنضده الصغيرة، وبعد العشاء اهتم بها لك، وانت يا "هووشا" اذهب لغرفتك، وغير ملابسك.

ضحكت الصغيرة "سانا"، وصفقت بيديها:
-نعم كلنا نساعد امي.

مر الوقت سريعا في تحضير العشاء، و وطهيه، وبعدها جلست العائلة لتناول الطعام، وبعدها انصرف كل فرد منهم في شأنه.

-امي.
-نعم يا "هووشا".
-ان "سانا" اخذت الدمية، وتنام وهي تحتضنها.

-لا تقلقل سأدخل الان، اخذها واتركها هنا للصباح، وبعدها سأهتم علي خياطتها وتنظيفها لاختك.


نامت العائلة قريرة العين، لاتدري ما تحمله تلك الدمية.

في الغابة سمعت "هوشي" بكاء "يوكاي".
فنادت عليا:
-ما بك يا "يوكاي" اسمع بكائك لماذا تبكي وها هو "ايمانجكو" قد رحل وهو مصاب.

ردت يوكاي:
- ظللت ارقص وادور للسماء، واهبط ثانيه الي الاسفل، لكني وجدت شيء غريب وكان هناك حائط، لا استطيع ان اشاهده كلما هممت، بالخروج من اي جانب من جوانب الغابه اشعر بالام كثيره وقتها علمت، ان تهديده لي قد نفذه فإن أعوانه قد القوا تعويذة، على تلك الغابه سأتظل حبيسة بها.

- هلم بنا تتبدل الأدوار، اخرج من هذا الارنب وتدخلين انت فيه، ووقتها تستطيعين عبور الغابة، والخروج منها.

- لا استطيع يا "هوشي"، أن جسد هذا الارنب صغير كما انه ضعيف جدا، تلك التعويذة، التي ألقيت اعتقدها من الصعوبة أن لا يتم اكتشافه.

- وما الحل الان لا اجد، الا حلا واحدا تخرجين وتذهبين، الى العشيرة تبحثون وتتباحثون عن حل لتلك المعضلة وانا انتظر هنا حتى ياتي، من سيقوم على تخليصي ذلك الشخص الذي أدين له بحياتي.



في الصباح.

استيقظت "شياسا" فجعلت تتلفت وهي ما زالت على السرير، فاستيقظ زوجها ونظر لها وقال:
- ما بك؟

- لا اعلم استيقظت، وجدت نفسي غارقة في عراقي على الرغم، انني اشعر بالبرد الشديد ولا ادري ما الأمر.

- لا تقلقي، اعتقد انه من العشاء، فقد أكلنا كثيرا الليلة الماضية.

قامت مسرعه، فقد وعدت ابنتها أنها ستهتم بتلك الدمية.

- لقد وضعت الدمية هنا، ولا اجدها "هووشا" هل استيقظت، واخذت الدمية من هنا.

خرج "هووشا" من غرفته
-لا يا امي، لكنني استيقظت قبل شروق الشمس ووجدتها، بجانب "سانا" اعتقد انها خرجت واخذتها ثانية.

دخلت الحجره على ابنتها فوجدت، تلك الدنيا بجانب النافذة.
-من وضعها هنا.

ثم اخذتها وخرجت.
وبعد ساعة
سياشا:
- حبيبتي استيقظي لقد قمت بخياطة، تلك الدمية وأصبحت كالجديده، يتبقى لنا أن نضعها في حوض الماء، وبعد ذلك سترجع ثانيه كالجديده.

- امي لقد شاهدت شيء يشبه الحشرة الكبيرة، متواجده في غرفتي بل اخذت تدغدغني في ارجلي، وانا نائمه ولا اعلم ما هذا.

اقتربت منها والدتها، وقامت بحضنها.

-حبيبتي لاتقلقي اعتقده، حلما سيئا لا أكثر.

- لا يا امي لقد شاهدته، وانا اجلس في السرير وكنت مستيقظة كانت حشرة غريبة سوداء اللون، وكان بها جرحا كبيرا وكانت اعينها حمراء، ونظرت ليه ثم بعد ذلك لم أشعر بشيء إلا وانا استيقظ منذ قليل.

- لا تقلقي يا حبيبتي، هيا بنا الى الحمام نقوم على تحميم، تلك الدميه الجميله.


ظل الحال على ذلك، يومين انشغل كل شخص فيهم بشيء ما، حتى "يوكاي".

- ها أنا ذا احدث نفسي، وانا ابحث عن مكان للخروج، لقد بحثت في تلك الغابة في كله جزء منها، حتى ذلك الكهف الغريب الذي وجدته، لم اجد به مخرج بل وجدت آلاف، من الأرواح التي تبكي.

وبدأت ترقص رقصات حزينة، على ايقاع انغام الام، وبكاء الأرواح المعذبة.

دخلت كل من "هوشي" و"هارو" الى الغابه في هيئه، ارنبان صغيران
بحثا عنها حتي سمعا صوت نحيبها
فنادتها "هارو":

-اختي وصديقتي كم افتقدتك
-حبيبتي

وقامت "يوكاي" علي حمل هارو المتواجدة داخل جسد، الارنب الصغير الثاني واحتضنتها.

- "يوكاي" لماذا تبكين؟ لقد صبرت لسنوات طويله، وكنت فيها متخفيه فرحه بصديقتك البشرية، لكن ماذا حدث الان؟ اكان موتها هو سبب حزنك.

- حزنت عليها كثيرا، كما حزنت على "مياتزا" حبيبي، تنقلت بعد موته من شخص لاخر ادخل، أجسادهم واتابع حياتهم.

أتعلمين اسألي "هوشي" من هم وكيف انتقيهم.

فردت "هوشي":
-تقوم "يوكاي" علي انتقاء المثقفين والعلماء تقضي، وقتها معهم في التعلم والفكر.

"يوكاى":
-اتتذكرون مدينتنا، التي هدمها الشيطان المتلاعب، تلك المدينة الجميلة، التي تواجدت على شاطئ نهر "شيماناو".


ردت "هارو" وهي تبكي:
-نعم اتذكر مدينتنا الجميلة، التي تخيطها الغابات الخلابة المنظر، والاجمل انها بعيدة عن البشر، حتى ذلك اليوم الذي أتى فيه هذا الشيطان يبث سمومه وأفكاره.

-صدقه حبيبي "مياتزا" عن انه يناشدنا الوقوف معه امام جن النار، الذين احتلوا مدينة، مدينة النحاس، المتواجدة في ارض الظلمات بالمغرب.

ردت "هوشي" بسرعة:
- اتذكر يا "يوكاي" انك حزرتي "مياتزا" من الذهاب لكنه.قال لنا جميعا انها مدينه مليئه بالاسرار حتى للجان، وأنها تظهر مرة واحدة كل عام بجانب، بحيرة صغيرة وأنه قرأ عنها في مخطوطة وجدت عند سلطان، من سلاطين العرب.


طارت "يوكاي" وهي تبكي وتضع يديها علي رأسها وتدور، في مشهد يدمي قلب صديقتاها.

- حبيبي صدق الشيطان، لكنه كان يريد في الحقيقة الحصول على المرآة "كوبوكو" كنزه الحقيقي، بعدما قالو ان احد اكبر ملوك الجان، نزع عينيه فأراد ان ينظر، لكن من خلال المرآة.

نظرت "هارو":
-هل من الممكن ان اسأل ،عن تلك المدينة فكل هذه السنوات، لم تتحدثي عنها.

- لا لقد تحدثت لصديقتي البشرية عبر الكتابة، فحين امتلك جسدها اكتب لها كل شئ كانت هذه هي حلقة الوصل، الى أن اندمجت روحانيا، فقد اعتبرتني اختنا لها وانا كذلك.

حاولت "هوشي" أن تغير مجرى الحديث وتبعدها عن ذكرى صديقتها "كومي":
-هل مدينة النحاس جميلة؟

ردت 'يوكاي:
- اكثر من جميلة، عندما اقتربنا من بلاد العرب خشينا أن يكتشفنا، أحد فجعلنا ندخل من جسد انسي الي اخر.

وضحكت "يوكاي" ضحكة بسيطة:
-في معظم الاوقات كنت ادخل اجساد الرجال، وكما تعلمون لا احبذ ذلك الا انني كنت مضطرة، وكنت اشاهد من خلالهم عجب العجاب.

ردت الاثنتان مرة واحدة:

-كيف؟
-كنت اشعر بالخجل من اجسادهم واستغرب نفسي، وحين أظهر واستحوذ على الجسد ينقلب الرجل منهم علي مخلوق عجيب، صوتي ناعم فيتعجب الناس كما ان طريقة سيري مختلفة، فيضحك عليه الناس.

قالت "هوشي":
-"يوكاي" اتدرين ان كثيرات تمنو ما انتي فيه لقد مررت بتجارب، ومغامرات كثيرة بحثتي عن آثار، وشاهدتي مخلوقات عجيبة أيضا لكن لا تغضبي.

-قولي ماذا هناك؟
-سمعت.بعض الجنيات الصغيرات، يتمنو ان يحبهم شيطان، مثل "امانجكو" ذو سطوة وقوة، هذا غير عشقه لك.

-اتعجب منهم، يذكروني ببنات البشر الذين يتمنون، ان يحبهم الجن العاشق ولا يعلمون ان في ذلك هلاكهم.

نظرت "هارو" بغضب الى "هوشي" وقالت "ليوكاي":

-حبيبتي تجلدي عاهدناك قوية، لذلك سنأتي بعد يومين، نطمئن عليك.
-غادرا الان، وتمنو لي كل الحظ في عثوري علي ضالتي.

وغادرت "هارو" و"هوشي" الغابة، ودخلت "يوكاي" إلى الشجرة وانزوت في الداخل.


أما "امانجكو" فيعيش داخل الدمية وهو صامت حتي يتعافي، وبعد ذلك يرجع الغابة.

وضعت "سانا" الدمية بجانب النافذة بسبب صغر سنها، استطاع ان يتخاطر معها ويسيطر عليها.

اقترب تابع له يتحدث معه
"امانجكو":
_ اريد منك الذهاب ل "زينجيرو" اخي الاصغر، والذي يعيش داخل جسد الكاهن ويتحكم به واخبره ما حدث لي وان آلامي تزيد وجروحي، لا تشفي ولا اعرف السبب.

وطار التابع بعيدا حتي ينفذ ما امره به.
لم يشعر الا بالصغير "هووشا" يلقيه على جدار الغرفة، عدة مرات وهو يصرخ:

_أمي تعال هنا بسرعة.

-ماذا هناك؟
-تتخيلين يا امي، شاهدت الدمية تحرك يدها، وخرج منها صوت كصوت الرجال.
-كيف ذلك اعتقد انك،كنت نائما تحلم.
-أقسم لك يا امي، ما اقوله صحيح.
- كيف ذلك يا بني، ما هي الا دميه صغيره كنت واحضر لي، تلك الإبرة الكبيرة الخاصه، بالخياطه التي في حجرتي وسأثبت لك ذلك.

وأمسكت الام بالدمية.

جرى الطفل إلى داخل غرفة والدته، حتى يحضر ابرة الخياطة الكبيرة.
-احضرها.
-ها هي يا امي تفضلي.

فأمسكتها الأم بيد، و اليد الأخرى تمسك الدمية وجعلت تدخل، الابرة سريعا في الدمية.

فنطق "امانجكو" وهو يتعذب:

- امسكي يدك عني ايتها المرأة اللعينة، ان من حظي التعس، أن وقعت في يدك انتي وابنائك.

واخذ يتوجع.

-لا اعلم ما حل بي في بيتكم اللعين، هذا ان قوتي قد ضعفت بسببكم، ولولا انني اريد اجسادكم للتنقل لكنت الآن قد قتلتكم جميعاااا.


مرت الايام ببطئ كانت، خلالها "مليكة" تخضر ما ستأخذه معها، لقد تأخرت البعثة عدة ايام اخري عن السفر.
فجعلت تحدث، والدتها قبل ان تغادر المنزل بساعات قليلة.

-امي سأترك البنات امانة في رقبتك، انتي تعلمين ان والدهم قد تزوج من سكرتيرته الخاصة، التي ظل لسنوات يحبها، ولولا رفض، والدته لتلك الزيجة لما كان تزوجني .

نظرت لها والدتها وجعلت تربت علي يد ابنتها:
- حبيبتي لا تقلقي، ولا تتذكري الماضي بكل مساوئه أريدك، ان تفكري في المستقبل،اريد ان اطمأن عليك انت والبنات قبل موتي.

شهقت "مليكة":
- امي هل تشعرين بشي ؟
-لا يا ابنتي؟
-في غيابي لو شعرتي، باي عرض كلمي صفاء وهو يتصرف.

نظرت لها، والدتها مطولا.
-قلتي من؟
-صفاء يا امي.
-أليس هذا هو صفاء الذي تكرهيه.

-لا اكرهه يا امي، لكن لن تفهميني.
-حسنا يا ابنتي لقد فهمت، كل شئ، لكنك لا تعلمين أن "صفاء" سيسافر، هو اباخر ولن تجدي احد هنا تتركين له أوامر غيري.


-مسافر كيف يا امي؟ وكنت اعتمد انه يحبك ويحترمك، وسيهتم بشؤونك انت والطفلتان.

-قال إنها سفرية عمره، وان مصيره يتعلق بها.

نهضت "مليكة" لكي تستعد للمغادرة.

-امي سأدخل اقبل البنات، وهما نائمتان، لقد ودعتهما قبل أن يناما.

-حسنا يا ابنتي ولا تقلقي، خالتك ستأتي غدا صباحا لتقيم معنا هنا.

رن هاتفها:
-امي ان العربات، في الأسفل فإن نيهال تستعجلني.

وغادرت "مليكة" الشقة بعد ان بكت وهي تحتضن والدتها.

وقد ساعدها حارس العمارة، في تنزيل حقيبتها الوحيدة الكبيرة.

دخلت السيارة في الخلف، بجانب "نيهال" التي كانت تحدث أبنائها في الهاتف.

وبعد قليل تحدثت معها "نيهال" واعطتها جواز السفر مع تذكرة الطيران .

-مليكة كما تعلمين الوزارة، حجزت لنا طائرة للسفر لمطار القاهرة.

-نعم اعلم ومن هناك سنسافر، على طائرة اليابان.

مضى الوقت سريعا بين، ختم جوازات السفر.

وفي مطار القاهرة شاهدت "فريد" الذي أتى ليسلم عليها هي "ونيهال" وكأنه لا يعرفها، أو كان بينهم سابق معرفة.
فتقلصت معدتها ودارت بها الازض.

-هيا يا "مليكة" أن هذا الباص، سيأخذنا من هنا حتى سلم الطائرة، تمسكي جيدا بي ولا توحي، لاحد انك ضعيفة.

-حاضر سأمسك يدك.
-اعتقد ان هذا "الفريد" كائن يعيش ويتغذى على قهر النساء، و حزنهم على فراقه بعدما يوقعهم، في حبه بكلامه الناعم المعسول.

نظرت لها "مليكة" وكأنها، ضغطت علي جرح بها ما زال يدمي قلبها.
-أتعرفين يا "نيهال" كنت اضعه في آخر مكان بقلبي في الوتين، احتفظ به وأرعاه، كم تمنيت له كل السعادة واعطيته، كل حبي، واهتمامي الذي حملته له بداخل قلبي.

-وما كانت النتيجة أيتها الغبية، لقد نصحتك انه مغامر معروف، فهو يتشدق لكل واحدة بعدد معجباته، وعدد اللاتي يقومن علي اغرائه، علي مر سنوات حياته.

-لقد حاولت أن، استأصلته من قلبي لكن قلبي انزوا، في الظلام ينادي عليه.

-اشعر انك انسانه غريبة، ايكون قد سحرك فأنا لا أشاهد به، اي جاذبيه انه مثل اليويو يتحرك من مكان لاخر، او تقولي من وردة لاخري، بعد ان يمتص رحيقها لاخر قطرة، ويتركها تذبل وتموت.

نظرت "مليكة" من نافذة الطائرة تودع سماء الوطن، وتتمنى ان تصبح أقوى من ذلك.

وهنا اتاها اخر صوت، قد تفكر ان تسمعه هنا.

-قلت لك انني استحالة، ان اترك بمفردك لقد جعلني القدر احبك، واتعلق بك ولن اتركك في اي مكان، حتي لو ذهبتي للقمر.

فتحت "مليكة" فمها، من الصدمة وقالت:
-"صفاء".

اقترب منها، وهمس في أذنها:
-قلب "صفاء".

وهنا ضحكت "نيهاال" بصوت مرتفع ولفتت نظر "فريد" الذي تعجب، من وجود ذلك الشخص، الذي طالما تحدثت عنه مليكة بمطاردته لها.

وهنا تحدث الطيار في مكبر الصوت:

-نرحب بكم جميعا، ونتمني رحلة موفقة، والآن ارجو ربط الاحزمة، ستقلع الطائرة الان في طريقها لمطار "طوكيو".
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي