الفصل الرابع 4 الطبيب يونجوأشرافه على البعثة بعد وصولها لليابان

الطبيب "يونج"وأشرافه على البعثة بعد وصولها لليابان

يمر الوقت ببطئ، وحتى بعدما هبطت الطائرة ترانزيت، الا ان مليكا تشعر بالتوتر.

نظرت لها نيهال:
_مابالك وكأنك ستضعين بيضة،كفى تحركا، سأقوم من جانبك، وأبدل مقعدي لو لم تنتهي من حركات الطفولة تلك،وتركزي قليلا.
_حاضر.

قالتها "مليكا" ،وهي حتى لا تنظر لصديقتها.

_الطبيب المشرف علينا، اسمه"يونج" جميع الدوائر الطبية، تحكي وتتحاكي عن علمه واخلاقه طبعا، ومعه ايضا مساعد.

اخرجت هاتفها وبدأت تقرأ:
_اسمه "يونج"، وهناك مساعد يدعى "يوكي" وطبيبة أيضا تدعى "هانا"، ولقد حرص القائمين على البعثة، أن يكون المشرف علينا يتحدث العربية، فهمتى يتحدثون العربية، لذلك أرجو منك الالتزام قليلا، لا للتحدث بصوت منخفض للسب او اى شئ يجب ان يكون شكلنا محتلام امامهم.

_هل قلت هذا الكلام للآخرين، أم أنا فقط هنا سليطة اللسان.

_بل قلت لهم جميعا، وانت نائمة يا سليطة.


سمعت "مليكا" ضحكات "صفاء" الذي، كان يتابع الحديث، ولكي لا تحرج نيهال صديقتها نظرت له وقالت:

_وانت أيها المتطفل، لا اعلم لما اتيت لكن يجب ان تعلم انك، ان اعترضت طريقنا سأبلغ عنك السلطات.

_لم أفعل شيئا، لقد أتيت لأحميها من نفسها، فأنها منذ سنوات تدمر ذاتها، ولا تعيش في الواقع.

تنهدت "نيهال" فهي تعلم ان كلامه صحيح:

_إذن ما الذي أتى بك خلفنا، ويجب ان تعلم ان حاولت، تعطيلنا اقسم لك انك ستشاهد مني وجها آخر.

_لا أريد شئ أريد، أن احميها كما قلت لك، ووجودي قربكم لن يعطل اعمالي ولن يعطلكم، أنا مهندس برمجيات، ووجودي هنا سيفيد شركتى التي أنشأتها انا واخواتى.


كان "فريد" وهو يجلس على بعد قريب، منهم يحاول أن يسمع ما يقولونه.

أعلن الطيار وصولهم لمطار طوكيو.

فاقترب "صفاء" من "نيهال" وتحدث معها:

_ارجوك اريد ان اخذ ارقامكم الجديدة هنا، واتعشم ان تطلعيني عليها، وللعلم سجلت نفسي في دورة تدريبية قريبة منكم، في نفس الجامعة حتى استطيع مشاهدتكم كل ليلة ولو في مطعم الجامعة.

هبط اعضاء البعثة وسهلت لهم كل اجراءاتهم، وخرجو مباشرة في حين ظل صفاء في المطار ينهي إجراءات وصوله.

استقبلهم الطبيب يونج وعرفهم بنفسه:

_مرحبا بكم جميعا، انا الطبيب يونج الذي أشرف على بعثتكم، ومعي زملائي وجميعنا نتحدث اللغة العربية، اليوم راحة لكم وفي الغد نباشر قضايانا عمليا، فأنا لا افضل القاء المحاضرات النظرية إنما أنتم اطباء تخطيتم تلك المرحلة، لذلك من الغد اقسمكم للعمل المباشر على القضايا والأجهزة التى لدينا.

وافقه الجمع الرأي وصعدو للسيارات، والغريب أن العامل المشترك بينهم جميعا الان هو الصمت.


اخذتهم السيارات حيث محل إقامتهم، فتحدثت "مليكا" "لنيهال" بصوت منخفض:

_اريد الابتعاد عن "فريد" وتلك التي تلتصق به.
_ابتعادك عنه سهل، اما هي فصعب خصوصا أننا سنمكث سويا، لاننا نساء ولا يصح ان تذهب هي ناحية الغرفة، او السكن المخصص له او للدكتور "محمد".

كانت "غادة" تم نقلها حديثا، وهي الصيد الجديد "لفريد" عله يستفيد منها، باى شكل من الأشكال.


_كنت اتمنى ابتعادها عنا، لكني اعلم انها و"فريد" يعملون سويا، أما "محمد" فيعمل في قسم الأدلة.


كان الدكتور "محمد" فهو، متواضع يحب الجميع ويحب الضحك.



أما اسرة "تاكويا" و "شياسا" فقد شهدت في اليومين الماضيين، ما لم تشاهده طوال عمرها.

_من اليوم الذي تخيل فيه "هووشا" أن الدمية تتحرك، وقمت على نهره وهو صامت لا يتحدث أو يخرج للعب كعادته.

_ حدثت أمور غريبة لنا جميعا يا"شياسا"، فالصغيرة "سانا" صامته طوال الوقت ولا تخرج من غرفتها، و تترك الدمية خارجا، و "هووشا" صامت هو الآخر لم يكن عليك ان تقومي على نهر او تغضبين منه، هو طفل صغير لا يكذب وانت تعلمين ذلك، وأنا اشعر أن تلك الدمية، بها شيء غريب هناك طاقة سلبية، خرجت لنا من تلك الدنيا وأنا نادم اشد الندم، إن قد احضرتها من تلك الغابه التي تمتلئ كما تعلمين بأرواح المعذبين.

_افكر يا "تاكويا" بإحضار راهب، من المعبد حتى يخرج لنا، تلك الروح المعذبه من المنزل، وبعدها ترجع حياتنا كما عهدناها سابقا.

_اما انا افكر بإرجاع تلك الدمية سريعا، الى تلك الغابة وبعدها سنستريح منها نهائيا.



دخلت الثلاث طبيبات الى محل اقامتهم، الخاص بالبعثة، وجدوا انها شقة صغيرة نسبيا الاثاث بها حديث وكل ما يوجد بها سيتم استخدامها، ليس هناك إهدار للاثاث او للاماكن،فقل قطعة وضعت في المكان المخصص والمناسب لها.

الغريب في تلك الليلة ان "مليكا" ظلت، تفكر في صفاء كيف سيعيش هنا.

_ "مليكا" اتعلمين من بالخارج؟
_من!
_ انه "صفاء" اخرجي له، ولا تكلميه الا وانت واقفة، امام الباب فأنا لا اريد اي مشاكل الجميع هنا منظم، ولا نريد ان يتحدث احد عنا، وانت تعلمين فإن "غاده" ستحكي غدا صباحا "لفريد"، ان هناك رجلا اتى للسؤال عنك.

خرجت له مليكه سريعا، وكأنها تريد ان تتشاجر معه.

_ لماذا اتيت الى هناك، اتريد ان تجلب لي فضيحه اخرى، مثلما جلبتها في منزل والدتي.

_ اعتقدت انك قد تقلقين علي، لذلك اتيت لك لكي اخبرك، انني سكنت بالقرب من هنا وانا مكان اقامتي قد جهز لي سابقا.

وقام مباشره بالاستدارة، وغادر المبنى اما هي فدخلت مباشرة، افرغت حقيبتها ونامت ولم تشعر بشيء إلا "بنيهال" وهي توقظها في الصباح:

_ هيا بنا سنفطر في اي مطعم قريبا من هنا، وبعدها اول شيء افعله هو ان اشرب كوبا من القهوة، اتمنى ان اجدها هنا.

ارتدوا ملابسهم سريعا، و غادروا المبنى وتقابلوا جميعا، في الاسفل وذهبوا الى المطعم فجلست "نيهال" و"محمد" و"مليكا"، على منضدة واحدة اما غاده وفريد قد اختفى عن الأنظار بعيدا عنهم.


وفي المبنى المخصص للطب الشرعي، استقبلهم الطبيب "يونج" ومساعده "يوكي" والطبيبه "هانا"، تلك الطبيبة التي ما ان تعرفت على "نهال" و"مليكا" حتى احبتهم واعتبرتهم اصدقائها.

بعد قليل كانوا يجلسون أمام الطبيب، الذي كان يشرح لهما بعض الاساسيات التي يجب ان يعلمونها هنا:

_ بدايه ارحب بكم، وبعدها سندخل في اساسيات فن التشريح لدينا، لكن يجب اولا ان تعلم اين تذهب الجثث بعد ان ننتهي من التشريح، لانني بالأمس سألت من الطبيب "محمد"، اين هي مقابركم؟ وهل تزورون موتاكم مثلما نزورهم نحن؟ لذلك سأجيبكم اولا على هذا السؤال.


عندها ابتسم "فريد" وكأنه يستهزأ بسؤال "محمد"، الذي وقتها ابتدأ في التعرق كانت "نيهال" ايضا تنظر له بلوم شديد، إلا أنها تداركت الأمر:

_ اعتقد انه سؤال بريء من الدكتور "محمد"، فعندنا عندما تأتي القضايا بفتحها مرة أخرى نقوم بالذهاب إلى المقابر، بعد ما تعطينا النيابه العامه الأذن بفتحها، واستخراج الجثة وهنا هذا سؤال مهم، أين هي مقابركم؟ وكيف تستخرجون الجثث منها؟

_ بالفعل أعتقد انه سؤال مهم، لدينا هنا احدث الاجهزه، التي تكشف لنا عن ادق التفاصيل في جثة المتوفي، فحينما يشق المحقق انها حادثه يكون لدينا برنامج كبير من الفحص الشامل، حتى ادق وأصغر عظمة في جسم الإنسان، تخضع للفحص لذلك فان النسب الخطأ، لدينا ضئيلة أو لا توجد اصلا.


ابتسمت الطبيبه "هانا" وقالت لهما:

_ والدي يمتلك مركز لدفن وحرق الموتى، لقد شاهدته افلاما عربيه قديمه، وكيف انكم تغسلون الجثة ثم يتم وضعها في قماش ابيض، ثم تدفن في الرمال، أما هنا فتوجد مراكز كبيره وكثيره يتبارى كل شخص متخصص، في إثبات مهارته حتى انه تقام بعض المهرجانات الكبيرة، ليجتمع جميع المتخصصين في ذلك المجال.

كان الجميع ينصت إليها، حتى "فريد" الذي كان كل فتره صغيره، ينظر الى "غاده" التي كانت تبتسم له وحتى لم يكن يلقي السلام على "مليكا" فلقد أخذ منها مبتغاه منذ عدة شهور.

أكمل الطبيب "يونج" حديث هنا فقال لهم:
_ الموت في اليابان له أهمية وقدّسية كبيرة، وتسمى مهنة تحضير الموتى بـ”نوكانشي”ليس كل اليابانيون يُحضرون متخصصين تحضير الموتى، ربما لأنها أصبحت عادات من الماضي تقتصر على المناطق الريفية.
وربما لأن مراسم الدفن أصبحت مُكلفة، وقد تتعدى المليونين، حوالي 9 آلاف دولار،لذلك فهي مهنة غير متوفرة في كل المُدن اليابانية، كما أنها لم تكن منتشرة قبل عام 2011 الذي شهد تسونامي كبير خلف ورائه عشرات الآلاف من القتلى، مما أدى لتزايد الطلب على الحانوتية آنذاك.


ردت "نيهال" سريعا:
_ لم نكن نتوقع ذلك.


_نهتم بكل صغيرة وكبيرة، حتى أولئك الموتى الذين يذهبون للانتحار، في غابة المنتحرين، يجب علينا اولا ان نكشف على الجثة، هل كانت جريمه ام انه إنتحار، فكما تعلمون كثيرا من الجرائم وتلصق في الانتحار.
فأكملت "هانا" الحديث:
_والجثة يختلف تحضيرها حسب حالة الموت، فالمقتول أو المُنتحر مثلاً يتم خلع ملابسه واستبدالها بملابس أخرى جديدة تكون لونها أبيض،أما الذي توفى في ظروف طبيعية ففي الغالب تكون لون الملابس بنفسجية،
وتقف عائلة المتوفى أمام الجثة أثناء عملية الغسل والتحضير، وأحياناً ما يجلبون مجموعة من الأشياء المهمة التي كان يستخدما المتوفى لتكون معه أثناء تلك العملية.


لاحقها "يونج":
_وفي النهاية يتم وضع الجثة في الصندوق الخشبي المخصص لها، استعدادًا للمرحلة الأخيرة، والتي غالبًا من تكون إدخال الجثة في المحرقة لتتحول إلى رماد.


تحدثت "مليكا" لأول مرة:
_ أتوجد غابة خاصه للمنتحرين، كيف ذلك؟ اريد ان ازورها، وان اشاهد كل جزء فيها، اتعلمون ان الانسان المقتول، او المنتحر يظل قرينه يبكي، في المكان التي حدثت فيه تلك الجريمة، لذلك اعتقد انها غابه مليئه بالأرواح المعذبة، التي تبكي أصحابها.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي