الفصل الرابع

كانت لا تزال تنتظر أباها حين حل الليل ولم يعد إلى المنزل، وهذا جعلها تشعر بالتوتر خوفًا عليه.
انتبهت آسيا على صوت باب المنزل وهو يغلق، اقتربت من هنري وهي تحتضنه، ربت هنري على ظهرها بهدوء، كان يبدو عليه التعب الشديد.
تقدم هنري وهو يجلس على المقعد، بينما أتت له اوديلا ببعض الطعام، إلا أنه أشار إليها بأنه لا يريد.

تحدث هنري قائلا بخفوت:
_لقد أطعمنا الملك.

تساءلت آسيا بهدوء وهي تجلس بجانبه على المقعد:
_هل تم إمساك الذئب؟!

عقد هنري حاجبيه بعدم فهم:
_أي ذئب؟!

تراجعت آسيا للخلف وهي توضح له الأمر:
_الذئب الذي هاجم الزوجين في الغابة!

هز هنري رأسه قائلا:
_لم يكن ذئبا، بل كان غولا عملاقا، وتم الإمساك به.

هزت آسيا رأسها رفضًا:
_لا يا أبي، كان ذئبا كبير الحجم هو من شاهدته في الغابة.

رفع هنري أصابعه وهو يضعها أعلى رأسها قائلا:
_لا يا حبيبتي، كما يجب عليكِ أن تستريحي، لقد أصبح الزوجان بخير الآن.

هل هذا يعني أنا الذئب الذي شاهدته لم يكن هو من هاجمهم؟ هل يعني أن الذئب لا يزال طليقا في الغابة؟ وقد يهاجم أي شخص.
تحركت آسيا من مكانها وهي تسحب عباءة أخرى، وتحركت إلى خارج المنزل، حاولت اوديلا إيقافها، إلا أنها لم تكن لتسمع الكلام أبدا.

توقفت آسيا أمام الغابة بعد أن مرت بالبحيرة، كانت تكافح خَوْفهَا الذي يطلب منها عدم الدخول، خاصة مع عدم مَعْرِفَتهَا ما الذي قد تواجهه بالداخل، الغابة مليئة بالعديد من الحيوانات المفترسة، لكنها كانت تثق بنفسها جيدًا، تثق بقدرتها على التصدي إلى أي حيوانات قد يحاول مهاجمتها، لذلك تقدمت بضع خطوات وهي تدلف إلى الغابة.

وحين كانت تتقدم في وسط الغابة والضباب يحيط بها من جميع الجهات، شعرت آسيا فجأة بأنها ليست وَحْدهَا، فالتفتت تنزيل حولها وكأنها تبحث عن هذا الشخص الذي لا تستطيع رؤيته.

شعرت آسيا بألم مفاجاء ناحية عنقها وكأنها تحترق، مدت يداها بسرعة وهي تتلمس مكان الألم، قبل أن تسحب سلسالها إلى الخارج.
أمعنت آسيا النظر إلى السلسال؛ الذي قد بدأ في التوهج بلون أحمر ناري.

حدقت به بصدمة وعدم فهم، لقد أهدتها جدتها هذه السلسال حين كانت طفلة.
تقدمت بضع خطوات وهي تلتف من حولها، فزداد لون توهج السلسال وتزايد مع ألمها، فعادت للخلف عدة خطوات دون أن تقصد.

إلا أنها لاحظت أن توهجه قد خفت حين تراجعت عدة خطوات، فأعادت الكرة وهي تعود للخلف، فخفت أكثر، ثم عادت للأمام تزايد من جديد.

الشيء الوحيد الذي تستطيع أن تستوعبه، هو أن هذا السلسال يقودها إلى مكان ما، أو شيء ما آخر.
لذا بدأت آسيا بالتقدم في الغابة ناحية توهج لون السلسال في وسط الظلام وضوء القمر المصاحب لها.


للحظات ظنت أنه قد ينفجر؛ من شدة توهجه، وبعد وقت طويل أمضته في التجول هنا وهناك، توقف آسيا أمام أحد الجبال.
نظرت إلى مدخل الجبل؛ والذي كان قد تم سده وعليه من الخارج باب خشبي كبير الحجم.
نظرت الضباب من حولها، بينما شعرت أكثر بأن من يراقبها صار أقرب إليها، وهذا الشعور جعلها تشعر بالقلق.

أمعنت آسيا النظر في مكان مفتاح هذا الباب، لكنه لم يكن كمن يشبه أي مفتاح آخر عادي.
كان غريب الشكل، على هيئة شكل وردة، أبعدت آسيا السلسال بألم بسرعة.
إلا أنها توقفت وهي تنظر إلى شكل السلسال، كان نفس نقش مفتاح الباب، وهذا الأمر أخافها أكثر.

كانت تعرف هذه المنطقة من الجبال والتي تسمي بمنطقة ”قمم غول الجبل”.
سبب تسميتها بهذا الاسم؟ أنه منذ أكثر من ثلاثة آلاف سنة، كانت الغيلان لا تزال على قيد الحياة، لكنها انقرضت مع مرور الوقت، وبعد مدة تحجرت أجسادهم على شكل جبالا، لذا سميت بهذا الاسم، لكنها لم تقتنع يومًا بهذا الأسطورة من قبل.

أبعدت السلسال هي تخلعه عن عنقها، قبل أن توجهه ناحية شكل الوردة في الغابة.
ولاحظت أنه كلما أقترب السلسال من الفتحة، أزدد توهج الفتحة هي الآخر.

لكن قبل أن يصل الشكل إلى الباب، شعرت آسيا بضربة قوية على مؤخرة عنقها، وسمعت صوتا يصدر من خلفها قائلا:
_لم يحن الوقت بعد.

قبل أن تفقد وعيها تمامًا.


في داخل القصر.

حين كانت ”سيبينا” خادمة السيدة ”جوفانا” إحدى سيدات القصر، تنسخ كتاب”ديتسان”عدة مرات.
كعقاب لها لأنها تشاجرت من إحدى وصيفات الأميرة ”ماريسا ”زوجه الأمير ”جايدن”.

اقتربت منها صديقتها بهدوء، وهي تنظر من حولها بتوتر، وأخرجت من بين ثيابها قطعتين من الكعكاتوهي تعطيهم لها قائلة:
_خذي، يجب عليكِ أن تأكلي أي شيء، فأنت لم تأكلي منذ الصباح ليلة أمس.

نظرت سيبينا إلى الكعكات قائلة:
_لا يمكنني فعل هذا، يجب أن أنتهي من نسخ الكتاب أولًا خمسون مرة.

ألقت الخادمة بعينيها ناحية باب الجناح:
_أعلم، لكن بهذه الطريقة قد تفقدين الوعي، سأراقب الباب لكِ.

تنهدت سيبينا وهي تمد يدها بينما تشعر ببعض الدوار، أخذت قطعة من الكعكات وهي تضعها في فمها.
حتى سمعت صوت صرخة قادمة من الخلف:
_توقفي.

ألتفت سيبينا تنظر ناحية الأميرة ماريسا زوجة الأمير جايدن، التي قد تقدمت منها.
انحنت سيبينا بهدوء بينما تبتلع باقي الكعك، الذي كان لا يزال في فمها.

انتبهت جميع الخادمات على صوت صراخها، مما جعلها تشعر بالخجل والغضب في أن وأحد، فصرخت بغضب من جديد قائلة:
_ما الذي تنظرون إليه؟ ألم ير أي منكم سيدة تعاقب خادمة من قبل؟

صدر صوت من عند الباب، حيث كان صوت الأميرة ريلين التي كانت تمر من هنا حين سمعت الصراخ:
_ما هذا الإزعاج؟ ما الذي فعلته الآن يا ماريسا؟

انحنت ماريسا بسرعة للأميرة، بينما تغيرت تعابير وجهها إلى الخوف قائلة:
_مولاتي الأميرة، كانت الخادمة الوضيعة تأكل الكعك أثناء نسخ كتاب ديتسان ، لذا وبختها.

نظرت ريلين إلى سيبينا قائلة:
_حَقًّا؟

اخفضت سيبينا رأسها:
_لقد انتهت من نسخ الكتاب وتناولت قطعتين من الكعك، لا أجرؤ على على عدم احترام أوامر الملكة الأم أو الأميرة ماريسا، ما تقرره الملكة الأم، سأقبل به حتى ولو عاقبتني.

أردفت ماريسا بغضب قائلة:
_تكذبين، لا تخدعين مولاتي.

تحدثت الخادمة التي أعطتها الكعك قائلة بخوف:
_هذا خطأي، رأيت أن سيبينا لم تأكل أي شيء طوال اليوم، لذا أعطيتها بضع كعكات.

أردفت ماريسا بغضب:
_ألم تأكلِ ليوم وأحد فقط وتريدين التخلص من الخطيئة؟ يجب معاقبة الخادمتين.

تنهدت سيبينا مردفه:
_أكبر خطأ ارتكبته هو تناولي للطعام هنا، ربما علينا أن نشبع من الطعام قبل المجيء، كما فعلت الأميرة ماريسا.

حدقت بها ماريسا بسخط:
_مستهترة!

صمتت حين قاطعت حديثها الأميرة ريلين ، التي قالت بصوت هادئ:
_الملكة الأم وأما كنت مشغولين بتحضيرات الاحتفال، القصر بالكامل مشغول، لم أتوقع أن تكون الأميرة ماريسا منزعجة جِدًّا.

حل الصمت على الغرفة لثوان، قبل أن يندلع صوت الحارس من الخارج قائلا:
_الملكة الأم قد وصلت.

فأردفت ريلين بهدوء:
_يبدو أنكِ لستِ سعيدة لقدوم الأميرة شاهيناز، ماريسا، إذا كان لديكِ وقت لإحراج الخادمة، فسيكون من الأفضل نسخ المزيد من كتاب ديتسان كعقاب.

هزت ماريسا رأسها بسرعة مرددة:
_لا لا لا، أنا بالتأكيد سعيدة لزفاف الملك من الأميرة شاهيناز.

أمعنت ريلين النظر بملامحها الحزينة قائلة:
_آوه، أذن أنتِ تتظاهرين بالسعادة، بينما تبدين حزينة، وقد كنتِ تبكين بالأمس.

لم تتوقع ماريسا أن تعرف الأميرة ريلين بكافة أفعالها كاملة، وركعت على الأرض على الفور لتعرف بذنبها في ذعر.
بينما تابعت ريلين قائلة بخفوت:
_أنتِ شريرة جِدًّا، من المفترض أن الملك لا يريد أن يراكِ مجددًا، خذها بعيدًا.

نظرت الملكة الأم يولاند والتي كانت تتابع المشهد من بعيد، بينما تحدق في سيبينا:
_أنتِ خادمة جيدة، جريئة ومهذبة، يمكنكِ مرافقتي إلى داخل قصر الحريم.

كانت سيبينا تعلم أن هذه هي الفرصة الوحيدة لها للتخلص من إزعاج ماريسا والخادمات لها:
_أنا على استعداد لخدمة مولاتي، أمل أن تتمكن الملكة الأم من أن تعدني بشيء واحد فقط.

ابتسمت الملكة الأم يولاند:
_أخبريني.

أردفت سيبينا قائلة:
_أنا قلقة على سيدتي جوفانا، اسمحوا للخادمة أن تخدمها.

هزت يولاند رأسها مؤكدة بوعد:
_أنتِ فتاة طيبة مخلصة، سأحقق أمنيتكِ.

لم تتوقع سيبينا أن تكون المفضلة من قبل الملكة الأم، ولهذا بدأت تشعر العديد من الخادمات بالغيرة ناحيتهًا.
لكنها لم تتغير أو تهتم بمكائدهم، واكملت خدمة الملكة الأم على أكمل وجهة، بل كانت بجانبها طوال الوقت.

إنه في يوم مشمس بعد مطر غزير، لا تزال الاوراق مغطاة بقطرات المطر، ضوء شمس قويًا بعد، لذلك ذهبت الملكة الأم يولاند، لتدعو سيبينا للتجول.

توقفت الملكة الأم يولاند أثناء تجولهم في الحديقة، وهي تنظر للأمام قائلة:
_هل هذا الأمير جايدن في المقدمة؟

نظرت سيبينا إلى حيث نظرت الملكة، وبالفعل كان الأمير جايدن يقف عند شاطئ البحيرة في الحديقة، ويتحدث مع أحد الوزراء.
فهمست مؤكدة:
_أجل، إنه الأمير جايدن.

هزت يولاند رأسها وهي تنبثق قائلة:
_من الأفضل له ألا يفعل أي شيء قد يثير به غضب الملك مرة أخرى، اذهبي وأدعيه إلى قصر تساي، وستعود المربية معي.

نفذت سيبينا أمر الملكة، على الرغم من أنها لا تحب الأمير جايدن، أو حتى الحديث معه، إلا أنها كانت مضطرة إلى تنفيذ الأوامر.

كانت تعرف جيدًا أنها أن ذهبت وقاطعت حديثه،، قد يغضب عليها، لذا وقفت من بعيد منتظرة مكانها إلا أن ينتهي من حديثه مع الوزير.
لكن محادثتهم قم طالت جِدًّا، وقد نفذ صَبْرهَا، وإذا تابعت الانتظار قد تغضب الملكة عليها.
فتقدمت ناحيته، فاستدار الأمير جايدن لينظر إليها، فارتبكت ومن فرط توترها تظاهرت أنها كانت تبحث عن شيء ما.

تقدم منها الأمير جايدن وهو ينبث قائلا، بينما يراها تبحث عن شيء في الأرض:
_عما تبحثين؟!

أردفت سيبينا بخفوت:
_لقد فقدت مالًا.

ضحك الأمير بصوت عال قائل:
_كنتِ تبدين قلقة للغاية، اعتقدت أنه شيء مهم.

رفعت سيبينا عينيها وهي ترمق بسخط:
_إنه مال، بالطبع سأكون قلقة.

تنهد جايدن قائلا:
_كم المبلغ.

لم ترد عليه ولم تتحدث وهي تتابع البحث بينما تتلاعب بأصابعها، على الرغم من أنها لم تفقد شيئا، لكنها كانت تفضل البحث عن شيء وهمي لا وجود له، على الحديث معه.

وفي هذا الوقت ظهرت أمام وجهها محفظة زاهية اللون، كانت خاصة بالأمير جايدن الذي أخرجها من ملابسه قائلا:
_توقفي عن البحث، وخذي هذا المال.

هزت سيبينا رأسها رفضًا:
_لكن هذا غير مناسب.

أبتسم جايدن بابتسامة لعوبة :
_فقط خذيه، كمكافأة على إسعادكِ للملكة الأم.

كانت تتظاهر كل هذا الوقت، لذا ظلت مكانها واقفة وهي تنظر إلى المال لفترة طويلة، قبل أن تمد يدها وتأخذه منه، قائلة بامتنان:
_يشرفني أن أخدم جلالة الملكة الأم، يجب أن أرتقي إلى مستوى تَوَقُّعَاتهَا.

هز جايدن رأسه وهو يتفحصها جيدًا:
_قالت إنكِ ذكية جِدًّا منذ فترة، ربما أحتاج إلى مساعدتكِ في المستقبل.

عندما سمعت سيبينا كلماته شعرت بالخوف فجأة، لكنها تابعت قائلة بزيف:
_أخبرني إذا كنت بحاجة إلي يا مولاي.

هز جايدن رأسه بتأكيد:
_استمري في خدمة الملكة الأم جيدًا، إذا كان هناك أي شيء مثير للاهتمام، يمكنكِ إخباري.

كانت تفهم مقصده من هذه الكلمات، أنه يريد أن يُجَنِّدهَا إلى صالحه، يريدها أن تفشي أي معلومات سرية له هو فقط.

لذا هزت رأسها مدعية بأنها لم تفهم مقصده:
_بالتأكيد سموك، مولاتي الملكة تريدك في قصر تساي.




عندما استيقظت من جديد، نظرت آسيا إلى سقف غرفتها متأوهة بألم، اعتدلت وهي تنظر حولها لثوان.
حتى أن ملابسها قد تم تغييرها، وضعت يدها على عنقها وهي تتحسس مكان قلادتها، لكنها وجدتها كما كانت مكانها.

نزلت عن السرير وهي تتحرك إلى خارج غرفتها، وكالمعتاد وجدت جدتها تقف في المطبخ، حتى أنها لا تخرج منه معظم اليوم.
بينما يبدو على أبيها أنه ليس في المنزل، اقتربت آسيا من جدتها وهي تحتضنها.

مسحت اوديلا على رأسها بهدوء قائلة:
_صباح الخير يا صغيرتي.

ابتسمت آسيا مرددة:
_صباح الخير لكِ أيضًا.

ابتعدت وهي تجلس على المقعد، تبعد الخيط الصوفي الذي كانت تحيكه جدتها قائلة:
_كيف جئت إلى المنزل بالأمس.

عقدت توديلا حاجبيها وهي تلتفت إليها:
_ما الذي تقصدينه؟

مسحت آسيا على عينيها:
_آخر ما أتذكره، هو أنني كنت في الغابة، بينما شعرت بشخص ما يضربني من خلف عنقي، ففقدت الوعي.

لاحت على ملامح اوديلا نظرات متوجسة:
_آسيا، ألم تعودي بالأمس.

نظرت إليها آسيا بعدم فهم، فأردفت اوديلا قائلة:
_لقد وجدناكِ في غرفتكِ فجأة بالأمس، كنتِ نائمة بملابسكِ، فساعدتكِ على تبديلها.

هزت آسيا رأسها مردفة:
_لكنني لا أتذكر أنني أتيت إلى المنزل بنفسي.

هزت اوديلا كتفيها من جديد، وعادت لتكمل ما تفعله، بينما وقفت آسيا على قدميها بعد أن بدلت ملابسها.

واتجهت إلى باب المنزل وهي ترتدي عباءتها، فخرجت لها اوديلا من المطبخ قائلة:
_إلى أين تذهبين الآن؟

وضعت آسيا الغطاء على رأسها قائلة:
_لم أذهب إلى مهيرة بالأمس تتذكرين، يجب على أن أذهب لها اليوم، أنه عمل يا جدتي.

وفي أثناء خروجها صادفت ورد التي كانت قادمة لها، ابتسمت ورد ما أن رأتها.
واقتربت منها قائلة:
_كنت قادمة لكِ الآن.

ابتسمت آسيا من أن رأت صديقتها، تتحرك بجانبها في طرقات القرية، بينما تقول بهدوء:
_إلى أين أنت ذاهبة الآن؟

هزت ورد كتفيها بلا مبالاة:
_ كالمعتاد سأذهب إلى بئر الماء، ثم أعود للمنزل.

نظرت إليها آسيا بطرف عينيها متسائلة:
_ولماذا لا يذهب أخيكِ؟

تنهدت ورد بحزن قائلة:
_أمي تخاف عليه بشدة، تقول إنه من الممكن أن تسحره إحدى الفتيات، لذا لا تريده أن يخرج كثيرًا.

ابتسمت آسيا بسخرية قائلة:
_تسحره، وهل تظن أمكِ أنه ساحر الجمال لهذه الدرجة؟

هزت ورد كتفيها وهي تضم قارورة الماء إلى حضنها:
_هي تظن هذا الأمر.

حين دلفت آسيا إلى المكتبة، رفعت مهيرة أنظارها ناحيتها وهي تبتسم كالمعتاد.
فأقبلت آسيا عليها وهي تعتذر قائلة:
_آسفة لأنني تغيبت أمس، لكن كان هناك سبب ما بالتأكيد.

ابتسمت مهيرة قائلة:
_لا داعي للاعتذار، حتى أنا لم أفتح المكتبة بالأمس، لقد أمر الملك الجميع بعدم الخروج من منازلهم حتى يتم القبض على الغول.

همسات آسيا بتسأل :
_حَقًّا؟

هزت مهيرة رأسها مؤكدة لها هذا الأمر، ثم أعطتها مفتاح المكتبة وخرجت.
في الحقيقة لم تكن نيتها الوحيدة هل القدوم والجلوس خلف المكتب، بينما تسلي وقتها بالكتب.

لكنها كانت قادمة من أجل ذلك الكتاب، تقدمت آسيا بعد أن رحلت مهيرة؛ وهي تبحث عن الكتاب الضخم ذي الجلد الأسود.

سحبت آسيا الكتيب الكبير وهي تنفض الغبار من عليه، بينما شعر من جديد بألم قلادتها على عنقها، فتركت الكتاب سريعًا على المكتب، وهي تبعد القلادة عن عنقها.

نظرت آسيا إلى قفل الكتاب، قبل أن تخلع قلادتها وهي تنظر إلى شكله المفتاح على ذات الكتاب، وكما حدث عند باب الجبل بالأمس، بدأت القلادة والمفتاح في التوهج بشدة، قبل أن يسحب الكتاب القلادة كالمغناطيس ناحيته بسرعة.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي