لافندر

lafinivrea`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2023-02-06ضع على الرف
  • 10.3K

    جارِ التحديث(كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

6

°°°

مَرّ أسبوعٌ مُنذ تلكَ الحادِثة..

والأدعجُ يُحاوِل تَجاهُل الشاحبةِ وتَجنُبها قَدرَ إستطاعتِه.. خائفاً مِن رؤيةِ نَظرةِ الخشيةِ والخيبة في عينيها..

أو رؤيةَ ملامحها فيشعر بالضعف مرة أخرى كما حصل معه في ذلك اليوم..

يُجهزُ كُل إحتياجاتِها في غُرفتهِ التي إحتلتها بشكل كامل..
بَينَما أصبحَ ينامُ ليلاً على الأريكةِ بَعد أن كانا يَتقاسمانِ السَريرَ ذاتَه..

فَهو لَم يَكُن يَراها سِوى طِفلةً عالقةً بِجسدِ مُراهقةِ في الثامنةِ عشرَ مِن عُمرها تَقريباً..

لَكن بَعد رَغبتهِ الغريبةِ تلكَ في تَقبيلها ذلك اليوم هُو حاولَ صُنعَ حواجزَ ما بينَهما..

دخلَ الغُرابي إلى المَنزلِ بعدَ عودتهِ مِن أكاديميتهِ وعَملهِ الجُزئي الجديد.. بعدَ مُنتصفِ الليلِ تَقريباً..

كانَ بِمزاجٍ مُعكرٍ بسببِ تَوبيخ ذلكَ البروفيسور لهُ مجدداً وتوبيخَ مُديرِه الجديد في العَمل كذلك..

لِكونهِ لا يُركزُ مُنذ فترةٍ ويبقى شارِد الذهنِ على الدوام..

أخذَ نفساً عميقاً يدلفُ إلى المَطبخِ يَضعُ بعض الحاجيات التي قامَ بشرائها..

الحليب، بعضُ الخُضر، لَحم الدجاج، النودلز والأهمُ بالتأكيد هُو..
عصيرُ البُرتقالِ الطازج والشهي لأجلِ ليليز..

إبتسم بخفةٍ لذلك يتذكر ملامحها السعيدة حينما ترى عصير اليرتقال، وحينما تذكر شربها له أول مرة وردة فعلها الجميلة حينها..

وحينما ذَهب ناحيةَ الصالةِ وَجدها تنامُ على الأريكة هناك.. بينَما تَتمسكُ باللُعبةِ التي قاموا بِشرائها حينَما خَرجوا مَعاً آخر مَرة لُعبةُ دُبٍ وَردي..

المَكانُ مُظلمٌ والتلفازُ هوَ الذي يُنيرُ عَتمةَ الغُرفةِ.. يَبدو بأنها قَد غَفت بَينما تُشاهِد التِلفاز..

كانَت مَحطةً للأغاني الهادِئةٍ والصوتُ كانَ مُنخفضاً يُعطي الأجواءَ سِحراً مُميزاً..

إبتسمَ بخفةٍ يتأملُ مَلامِحها المُسالِمة للحظة..
تَقدَم مِنها مُتربعاً أمامَ الأريكة يتأملُ تقاسيمَ وَجهها الفاتِنةِ عَن قُربٍ بعيونٍ لامِعة..

لَم يَعلم بأنهُ قَد إفتقدها بِشدّةٍ خلالَ هذهِ المُدة التي قَضاها مُتجاهلاً إياها قَدر إستطاعتهِ حَتى رآها الآن..

تَوقفت أنظارهُ على إرتفاعِ فُستانِها الطَويلِ السُكريّ حينما تَحركت في مَكانها بَغيرِ راحة..

حَتى وقعت اللعبةُ التي كانت بين يديها أرضاً وإستقرَت هيَ نائمةً على مَعدتها..

إبتلع الأدعجُ مافي جَوفه بِصعوبةٍ.. ونَظرَ إلى وجهها حينما تَمتمت بِعدّةِ كَلماتٍ غيرِ مَفهومة إلا أن إسمهُ كانَ يَتوسطُها..

كانت تعابير وجهها تبتسم قليلاً وتتجهم تارةً أخرى.. حتى إرتجفت شَفتيها وبدأت بالبُكاء بصمتٍ أثناءَ نَومِها.. ليفكر في ذاته بأنها تَرى حُلماً سيئاً على الأغلب..

- لا تَذهب لوكوو..

هلِع الغرابيُّ لِمظهر الدموع التي تُغطي وجهها.. بعدَ الحَديث المرتجفِ الذي نَطقت بهِ ليُحركَ جَسدها بخفةٍ مُحاوِلاً إفاقتها..

فَتصرُخَ بخوفٍ بينما يرتجفُ جَسدها بهستيرية..

عانقها الغرابيّ بسرعةٍ إلى صَدره.. يَحُد مِن إرتجافِ جَسدها يُحركُ جَسديهما بوتيرةٍ هادئة يميناً وشِمالاً كأنهُ يُهدهِدُها..

- إهدأي ليز لوكوو هُنا..

نطقَ بصوتٍ مُراعٍ يستمر بتحريكِ جَسديهما بِلُطفٍ..
حَتى خَفت حِدةُ بُكائها وشَهقاتِها تدريجياً ثمَ نطقت بصوتٍ مُرتجف:

- لوكوو؟

رَفعت رأسها عَن صدرهِ تَنظرُ إلى وَجههِ خلالَ هذهِ المَسافةِ القَريبةِ بَينهما.. تتأكد من وجوده حقاً..

إلا أنها لَم تَكتفي.. لتترُكَ الأريكةَ ثُم تتخذَ حِضنهُ مكاناً لها تَحت تَوسعِ عيني الغُرابي المَصدومِ مِن حَركتِها المفاجئة تِلك..

أحاطت ساقيها خصرهُ مما أدى إلى إرتفاعِ ثَوبها أكثر حتى مُنتصفِ فَخذيها..

بينما كوبَت وجهه بينَ كِلتى كَفتيها تَنظرُ لعينيهِ بعبوسٍ ثُم تَنطق:

- لوكوو هُنا حقاً؟

تَنفسَ الغُرابيُ بإضطرابٍ لتحرُكاتها الغريبة تِلك..
يرُص قَبضتيه في الهَواءِ حينَما لَم يَعلم ما سيفعلُ تالياً لِشدةِ دهشته..

أغمضَ عينيهِ يُهمهمَ لَها بهدوء..
حينها تَحدثت هيَ بصوتٍ مُرتجفٍ تَشهقُ ما بينَ كُل كَلمةِ وأخرى:

- ليليز آسِفة لوكوو..
لَن ترفع إصبعها فِي وَجهكَ مرةً أخرى ولَن تُفسدَ ثيابك ولَن تسرقَ عصير البُرتقال...

شهقت بشدةٍ تَأخُذ نفساً عَميقاً تنظُر في عينيهِ حينَما قامَ بفتحها ببطء وتردد يَنظرُ إليها لتُتابِع حَديثها المُرتجِف:

- لَكِن.. لَكن لا تبتعد عنها.. سَتكونُ فتاةً جيدةً وتستمعُ لِحديث لوكوو..

فقد كانَت ذاتُ الخصلاتِ الغُرابية تعتقد بأنهُ يُعاقِبها بإبتعادهِ عَنها بسبب ما فَعلت لَه..

فهو يَتجاهلُها ولا يُعانِقها كَما كان يفعل سابقاً،
حتى أنهُ يَخرُج مِن المَنزلِ قبلَ أن تستيقظ ولا يَعودُ حَتى تَنام مساءً..

فلا تراه إلا حينما تستيقظ في منصف الليل أحياناً، وتتأملهُ لوقت طويلٍ أثناء نومه دون أن يشعر...

كانَ إدريان يأتي كُل يومٍ بطلبٍ مِن الأدعج للإعتناءِ بِها بما أنهُ قد تركَ عمله ولا يملك ما يفعله في الوقت الحالي..

لَكن حتى الأسمرُ لاحظَ إنطفائها في ذلكَ الأسبوعِ.. والذي مَر كَشهرٍ على كليهما..

- لا تَعتذري ليليز لوكوو ليسَ غاضباً مِن ليز خاصتِه..

نطقَ الغرابي يداعب وجنتها بلطفٍ يمسحُ دموعها بكفهِ اليُمنى..
بينَما حَطت كَفهُ الأخرى على وَسط فخذها ليرتعشَ جسدُها بسببِ برودةِ أطرافِ أصابِعه..

- إذا لِما لا يَقومُ لوكوو بعناقِ ليليز هي تُحب ذلك ولا تستطيع النوم إن لَم يُعانِقها لوكوو..

نطقت بِعبوسٍ ليتنهدَ الأدعجُ يُغمضُ عينيهِ بهدوء ويستند بجبينهِ على خاصتها.. فتُغمضَ عينيها هي الأُخرى حينما همسَ قريباً مِن ملامحها:

- هذا لِأن لوكوو سيئٌ لكِ بشدة..

هي نَفت برأسها بخفةٍ لا تُبعدُ كفيها عن وجنتيهِ حينما نَطقت بهمسٍ هي الأُخرى:

- لوكوو ليسَ سيئاً، لوكوو هوَ الأفضل..
وليليز تُحبه كثيراً... أكثر من أي شيء آخر..

تَنهدَ الأدعجُ بعمقٍ يفتحُ عينيهِ ليكونَ أولُ ما يراهُ هوَ شفاههُا المُتقوسةُ بحزن..

شدد قبضتهُ على فخذها وجذبَ رأسها بكفهِ الأخرى برقة يقربها إليهِ يَنظرُ إلى شفاهها بشكلٍ أقرب..

المَكانُ كانَ مُظلماً.. وشاشةُ التلفازِ الكبيرةِ هي الشيء الوحيد الذي يُنير الغُرفة، إضافةً للأُغنيةِ الهادئةِ التي تَطغى على هُدوءِ المَكان...

فَغرت الشاحبةُ فاهها بخفةٍ تَشعرُ بشعورٍ غريبٍ يَسري في جَسدها لِقُرب الغرابي مِنها..
إلا أنها كانَت أجهلَ وأنقى مِن أن تَفهم ما يَحدث بينهما..

ولَكنها قطعاً لَن تَبتعد فَهي تشعرُ بشعورٍ جيد لقربهِ..

والغرابيُ كانَ في حالةٍ مِن اللاوعي حينما إرتَفعت يَدهُ ببطءٍ مِن فَخذها حَتى إنحناءِ خِصرها الناعِم..

يَدهُ التي كانَت على وجنتها تَحركت حتى مُؤخرةِ رَقبتها يَجذبُها إليهِ أكثرَ.. يسلبُ آخر ما تَبقى لها مِن أنفاسٍ.. حينما أمالَ رأسهُ ليطبع قبلة صغيرة على ثغرها..

يُقبلها بلطفٍ حينما بَدى خارجَ واقعهِ مُحلقاً في عالَمهِ الخاص..

- أنتِ حُلوةٌ بشدةٍ ليز، أنتِ تُرهقينَ قلبي وعَقلي بِجمالِك..

نطَق الأدعج بهمسٍ قَريباً مِن ملامح الشاحبةٍ التي تاهت ما بينَ ذراعيهِ مُقبلاً وجنتها تالياً..

تسارعت أنفاسُها ترتجفُ كَفيها حينَما دَنى بِقُبلاتهِ أكثر حَتى جانبِ فكِها..

- لـ..لوك..

- همم..

همهمَ الغرابيُ دونَ التوقفِ عَن تقبيلِ ملامحها ببُطءٍ شَديد..

وهذا ما جَعل الشاحبةَ تشعرُ بالدوار.. وأن قلبها يَكاد ينفجر، ولصوتهِ العَميقِ ونبرتهِ الدائخةِ تلك هِي شعرت بالرغبة في البكاء..

قامَ الغُرابيُ برفعِ رأسهِ يَنظرُ مابينَ عينيها حينما قامَت بفتحهما بهدوء..

عينيها كانَت لامِعةً بشدةٍ ووجهها متوشحٌ بحُمرةٍ قانيةٍ إضافةً لملامِحها الذابلة..

إزدرد الغرابيُ ريقه ببطءٍ يبتسمُ بِخفة..
وحينَما إنخفضت نَظراتهُ إلى شِفاهها التي إكتسبَت حُمرةً قانيةً..

تلاشَت إبتسامتهُ تَدريجياً تتوسعُ عينيه بِخفة
حينَما بدأَ يَخرُج مِن فُقاعَتهِ التي كانَ بِداخلها تَدريجياً ويستوعِب ما قامَ بِفعلِه..

وحينَما عادت نَظراتهُ إلى عينيها هيَ كانَت مُعلقةً على شفتيهِ بينَما تَلهثُ بخفة..

- لَقد أفسدتُ كُل شيءٍ مُجدداً...

نطقَ الغرابيُّ بهمسٍ يُغمضُ عينيهِ بشدة،
مالذي كانَ يُفكر بِه حينَما أقدمَ على هذهِ الفِعلة، مالذي أصاب عقله في هذه الأيام..

الأمرُ أشبهَ بتقبيلِ طفلةٍ في الخامسةِ مِن عُمرها
وَهذا ما يَجعلهُ يَشعُر بالسوءِ أكثَر...

حاولَ الغُرابيّ إبعادها عَن أحضانِهِ نيةً في الهروبِ مِن أمامِ وداعةِ ملامِحها التي تَفتِكُ بِقلبه...

إلا أنَّ ما صدمهُ هوَ تَشبُثها القويُ بهِ.. ثُم صُراخها الذي دَوى في أنحاءِ الشقة الهادِئة..

- كلاا، لوكوو وَعد ليليز أنهُ لَن يَتركها..
لا تَذهب ليليز آسفة..

عادَت للبُكاء ليستوعِب أنها خائفةٌ مِن يَبتعدَ عنها كَما حصلَ في الأسبوعِ الفائت..

دَفنت غزَاليةُ العيونِ الباكيةُ وجهها في تَجويف عُنقهِ تُضيقُ ذراعيها حَولَ عُنقِه تَجهشُ بالبُكاءِ مَرةً أُخرى..

- ليليز ستَكون فتاةً جيدة، هي تَخافُ البقاء بدونِ لوكوو
أرجوكَ لا تَذهب ليليز تُحبُك..

كانَت تَشهق ما بينَ كُل كَلمةٍ وأخرى كالأطفالِ تَماماً..
دَمعت عينَي الغُرابي بِخفةٍ لَم يَعتقد بأنهُما سَيصلانِ إلى هذهِ الحالِ أبداً..

لَم يَعتقد بأنهُ مَن سيتسببُ ببكاءِ ليليزِ بهذهِ الحُرقةِ سابقاً..

عانقَها بقوةٍ تُحيطُ ذراعيهِ خصرها يُريحُ رأسهُ على كَتِفها يَستشقُ بَشرتها بعمق..

ثُم يزفِرُ أنفاسهُ المُرتجِفةً فيُسببُ إرتجافَ جسدها بِخفة بينَ يديه ليتَحدّثَ بهمسٍ مُطمئِناً إياها:

- لَن أترُككِ ليليز يُمكنُكِ النَوم في أحضاني اليَوم..

أنهى حَديثهُ بطبعِ قُبلةٍ طَويلةٍ عَلى كَتِفها بَعدَ أن عَجِز عَن مَنع ذاتهِ مِن ذَلك..

شعرَ بإرتخاءِ جَسدها المَشدودِ ليُمسكَ بفخذيها يَرفعُ جَسدها النَحيلَ بينَ يديهِ مُتجهاً إلى غُرفته..

قامَ بوضعِ جَسدها برفقٍ على السرير وحينَما كَانَ يودُ الإبتعادَ هيَ تشبثت بِقميصهِ لِينظرَ إلى ملامِحها.. القريبةِ منه حينما همست لَه..

- لا تَترُكني..

إبتسمَ الغُرابي بإنكسارٍ يَفُك يديها عَن قَميصِه ليَنطقَ بهمسٍ مُطمئناً إياها:

- لَن أترُككِ ليليز سآخُذ حماماً لأن رائحتي سَيئة فقط وأعودُ إليكِ..

عبست تَتركهُ وتُعطيهِ ظهرها بغضب ثُم تنطقَ بهدوء:

- حَسناً..

تنهدَ بِعمقٍ يَتجهُ إلى خِزانتِه مُخرجاً بعضَ الثيابِ المُريحةِ لَه ثُم يَتجهَ إلى الحَمامِ..

غافِلاً عَن دموعِ الشاحِبةِ التي تُغرقُ وجهها بِصمت..

°°°

خرجَ الغُرابيُ بشعرهِ الطَويلِ الذي يَقطُر المياهَ على قَميصه الفضفاضِ ذُو اللونِ الأبيضِ..

تَناولَ إحدى المَناشفِ يَتخذُ طريقاً لَه ناحيةَ مِرآتِه، يُجففُ شعرهُ لأنهُ لَم يَعُد وحيداً بعد الآن لفعلِ ما يحلو لَه..

لَمحَ العِطر ذا اللونِ الزُمردي بِزُجاجتهِ المميزة إلا أنهُ أشاحَ بعينيه بعيداً بِسُرعة..

هُوَ لَم يَلمسهُ مُنذ مُحاولةِ الأسمرِ للإنتحار،
فهو لا يَزالُ خائفاً مما قَد يَحصُل إن تَمنى أُمنيةً ما دونَ وَعيهِ.. فيتسببَ بِتدميرِ حياةِ شَخصٍ ما دونَ عِلمه..

إستدارَ يرمي المِنشفةَ بإهمالٍ أرضاً ليرى ظهرَ الشاحِبةِ الذي يُقابِله..

تَقدمَ بتوترٍ مِنها ليأخُذَ مَكاناً لهُ قُربها يَسحبُ الغِطاءَ الخَفيفَ فوقَ جسديهما يَتركُ مسافةً بسيطةً بينَهما..

إستلقى على ظَهرهِ يُغطي عَينيهِ بساعِده مُحاولاً النوم.. شارداً في أفكاره حول ما يحصل بينهما في هذه الأيام..

إلا أنهُ جَفل حينما عانَقت الشاحِبةُ وَسطهُ بيدها تُريحُ رأسها على صَدره...

تَسارعت نَبضاتُ قَلبِه ووتيرةُ تنفسه خلال ثوان..
لينطقَ بهدوءٍ بَعد أن أبعدَ ذراعهُ عن عينيه:

- تأخرَ الوَقت ليز، ألم تنامي بَعد؟

نَفت برأسها الذي عَلى صدره لترفعهُ تالياً، تنظرُ إلى ملامِحهِ خلالَ المسافةِ القريبةِ بينَهما، بينَما إرتفعت ذراعهُ تُحيط جسدها بلُطف..

- ما بكِ؟

نَطقَ بهمسٍ حينَما لَم تفعل الغزاليةُ شيئاً سِوى تأمُلِ ملامِحهِ بِعُمق...

- ليليز لا تَشعُر بالنُعاس، تُريدُ النَظر إلى لوكوو الجَميلِ فَقط..

إرتجفت حَدقتي الأدعج بخفّةٍ لحديثها،
عادَ ذلكَ الخَفقانُ العَنيفُ في قلبِه..

أغمضَ عينيهِ للحظةٍ يَجُرُ أنفاسهُ بصعوبةٍ إلى صدره،
يرتفعُ نصفُ جسدها العُلوي الذي فوقَ صدره نتيجةً لذلكَ ويَنخفضُ عندَ زفيرهِ لأنفاسِه..

إلا أن عينيهِ إتسعتا حينما شعرَ بسبابتِها تَلمسُ أطرافَ شفتيه..
وحينما نظرَ إلى ملامِحها رأى بأنَ عينيها مُعلقتينِ على ثُغره..

- مالذي تَفعلينَه ليليز؟

نطقَ الغُرابيُ بهمسٍ بسببِ إصابعها التي لَم تُغادِر شَفتيه..
لتتحولَ عينيها مِن فمهِ إلى عينيهِ لتنطِق بهمس:

- لوكوو قَبّلَ ليليز..

إزدردَ الغُرابي مافي جوفِه بصعوبةٍ يُحاوِل تَنظيمَ أنفاسِه وتَهدئةَ نبضاتِ خافقهِ التي جُنَ جُنونُها..

- وليليز تُريدُ المَزيد..

نَطقت مَرةً أُخرى تُسببُ صدمةً أُخرى لَه..
حِينَما رَفعت أصابِعها التي كانَت على شفاههِ تَضعها على شِفاهها تُغمضُ عينيها بِهدوء تنطقُ بهمس:

- مَرةً أُخرى..

أغمضَ الغُرابي عينيهِ بشدةٍ تشتدُ قَبضتهُ حَولَ جَسدها لينطقَ تالياً بهمسٍ حاد:

- كلا ليليز هذا خاطِئ..

فتحت الغرابيةُ عينيها تنظرُ إليهِ لتعبِس ثُم تنطقَ بهدوءٍ تقترِبُ بجسدها مِنهُ أكثر:

- لَكن لوكوو قَبّلَ ليليز أولاً..
هذا يَعني بأنهُ ليسَ خاطِئاً، هي شعرَت بشعورٍ جَيد..

قامَت بتكويبِ وَجه الأدعجِ بينَ كفيها تَنظُر إلى شفاههِ التي كانَ على وشكِ تَحريكها نيةً في الحديث..

إلا أنها ألجَمتهُ حينَما حَطت بشفاهها الناعِمةِ على خاصتِه بِرقة..

ثُم إبتعدَت عنهُ بوجهٍ مُحمرٍ تَزُم شفاهها بِخفة حينما لَم تَعلم ما سَتفعلهُ تالياً..

رصَ الغرابي فكيهِ بقوةٍ محاولاً كبحَ ذاته..
إلا أنهُ حينَما فتَح عينيهِ ورأى ملامِحها المُتطلعةَ إليهِ لَم يَعُد يستطيعُ كبحَ نَفسه أكثر..

لِتحُطَ كفهُ على مُؤخرةِ عُنقِها يَجُرها إليهِ أكثر..
مُقرراً التَخلي عَن عقلهِ مُتجاهِلاً الصوتَ الذي يصرخُ في رأسهِ يُخبرهُ بالتوقف وأن ما يَفعلهُ خطأٌ وأنها لا تَعي ما تَطلبُه..

مُقرراً الغرقَ في تلكَ المَشاعرِ الحُلوةِ إثرَ تَقلُبِ شفاههِ ما بينَ كِلتى شَفتيها...

°°°

- ناي علينا الحديثُ بأمرٍ ضَروريٍ حالَ إنتِهائِك مِن دروسِك..

طبعَ الغُرابيُّ هذهِ الرِسالةَ فجر تلكَ الليلةَ..
حينَما لَم يَستطعِ أن يَغمض لهُ جفنٌ ندماً على إنصياعهِ لرغبته..

وضعَ هاتفهُ جانِباً ينظُر للسقفِ بشرودٍ بينما تَنامُ الشاحبةٌ بسلامٍ على صَدره..

بعدَ الكثيرِ والكثيرِ مِن القُبلِ التي سَلبها الغُرابيُ مِنها حتى غَفت وَسط تقبيلهِ لها..

وهذا ما زادَ تأنيبَ ضميرهِ لَه، حَتى أنهُ لَم يَنم طوالَ تلكَ الليلة..

────────────────┈ ✦
- إنتهى ~
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي