الفصل الثالث التخفي

الفصل الثالث (التخفي)


لقد استطاع "راجي" أن يتغلب على الملثمين الذين جاؤوا في منتصف الليل؛ لكي يقتلوه، بعدها اجتمعا هو، و"روزالين" في بيت الحكيم "لوثر" بعد أن شكروا الشباب الذين جاؤوا لنجدتهما.

"روزالين" تبكي من الخوف، ترتعش بشدة كلما تذكرت ما حدث.
لوثر على وجهه الأسف لما حدث، صمتًا رهيبًا يعم الأجواء حتى قطعه "راجي" عندما قال:
_ماذا سنفعل الآن؟ لقد أصبحت حياتنا في خطر.

أجاب "لوثر" بصوت آسف:
_لا يوجد حل إلا أن تختفيا عن الأعين قليلًا، حتى نفكر ماذا سنفعل.

قالت "روزالين" باكية:
_وأين سنختفي؟ وكيف سنعيش؟ أنا خائفه أعود إلى البيت، فيعيدون الكرة مرة أخرى؛ يهجمون علينا من جديد.

قال "راجي":
_لن نعود بالطبع إلى البيت، فهذا خطر علينا، وقد يراقبوننا؛ وحينها لن نستطيع أن نتحرك.

هتفت "روزالين" بصوت منكسر:
_ماذا فعلنا لكل هذا؟

داعب "لوثر" ذقنه هاتفا:
_لقد فكرت كثيرًا في هذا الأمر؛ ووجدت الحل.

سأل "راجي" بلهفة:
_ما هو يا حكيم "لوثر"؟

قال "لوثر":
_هناك قبو في بيتي هذا، لا يعرفه أحد سواي، كنت أخزن فيه الأعشاب النادرة، سوف تقيمان فيه مؤقتاً، ولا تظهرون إلا في الليل.

فصاحت "روزالين" بضيق:
_إذا، سنسجن في هذا القبو.

فقال "لوثر" وهو يربت على ظهرها؛ ليهون عليها الأمر:
_إنه أمر مؤقت يا "روزالين" يا بنيتي، إلى أن نجد مكان آخر تعيشان فيه بسلام.

فاستسلما لقدرهما، قال "لوثر" بعد أن نهض وأشار لهما بعينيه ليتبعاه: _هيا لكي تريا المكان، سوف أنظفه لكما؛ حتى يصير أفضل من القصر؛ ولكي تناموا، وفي الصباح نفكر ماذا سنفعل.


نهضت "روزالين"، وراجي أيضاً يساعدان في تنظيف المكان، ويعدون لهما مكانا للنوم.

جهزت "روزالين" فراش تنام عليه، وفراش "للراجي"، بعد أن انتهوا أنصرف لوثر بعد أن تمنى لهما ليلة سعيدة.

جلست "روزالين" على فراشها تتأمل المكان، بحزن همست:
_كيف سأقضي حياتي في هذا المكان؟

أجاب عليها "راجي" وهو يضع حاجز بين فراشها وفراشه بقطعة خشب كبيرة:
_أنه أمر مؤقت؛ فلا تقلقي.

صاحت "روزالين" بخوف، وقد وجدت نفسها منعزلة عنه بعد أن وضع هذا الحاجز:
_ما هذا الذي فعلته "راجي"؟ لا، أرجوك، لا أريد أن أشعر أني بمفردي، فأنا خائفة.

فقال لها:
_لا تخافي؛ فأنا نائم بجوارك، لا يفصلني عنك إلا قطعة الخشب هذه.

بنبرة مترجية، تشبه نبرة الأطفال:
_لا "راجي"؛ لن أستطيع النوم، سوف أشعر أني وحيدة هكذا.


زفر "راجي" حائرًا وقال:
_ولكن يا "روزالين"؛ أنت تنامين شبه عارية، وأنا أكره ذلك، ولن أستطيع النوم.

_لماذا تكره كل شىء أفعله؟

_لأن كل ما تفعليه لا يروق لي.

_إذًا، سوف أغطي جسدي.

_حسنًا، إن كان هكذا؛ سوف أزيل الحاجز.

نامت "روازلين" وكان الخوف حليفها، تنظر إلى السقف، تتقلب كثيرًا فنادت:
_"راجي"؟!

فأجابها بصوت يشوبه النعاس:
_نعم.

فقالت:
_لا أستطيع النوم.

"راجي":
_ماذا أفعل حتى تنامين؟

قالت:
_لا أعلم.

زفر بملل؛ نهض بنصف جزعه فسألها ساخراً:
_ما رأيك أن أحكي لك حكاية؟

ابتسمت بسعادة، ولم تنتبه أنه لم يقصد ما قاله، وإنه قاله على سبيل السخرية؛ فصاحت كالأطفال:
_فكرة جيدة؛ نعم أحكي لي حكاية مشوقة.

فابتسم لطفوليتها، وقال بعد أن أعتدل وجلس على الفراش، قال على مضض:
_حسنًا، سوف أحكي لك حكاية.

وراح يحكي لها، وهي تستمع له بكل انتباه؛ لأنه كان يحكي حكاية من حاضره الذي كان يعيشه؛ فكانت بالنسبة لها خيال مشوق، حتى ذهبت في سبات عميق، ابتسم "راجي" لجمالها الرقيق، ونومها الذي يشبه نوم الأطفال الملائكي.

فجأة استيقظ "راجي" على صرخة من "روزالين" وهي تصيح:
_ اللصوص، اللصوص، إنقذني "راجي".

فصاح بفزع:
_"روزالين".

وفجأة، وجدها تلوذ بحضنه، وتتشبث به بكل قوة، إرتبك، وشعر بأن جسده كله يرتجف.

نزع يديها من حول عنقه هامسًا:
_حسنا "روزالين"، لا بأس، لا تخافي؛ لا يوجد أي لصوص.

فصاحت بخوف وهي ترتجف من الفزع:
_بل هناك أحد؛ لقد شعرت بشيء يعضني في قدمي.

نظر "راجي" على الفراش؛ فوجد فأر عليه؛ فتنهد براحة، وهز رأسه مغتاظًا قائلًا:
_أنه فأر يا "روزالين"؛ لا يستدعي كل هذا الخوف.

نظرت "روزالين" إلى الفراش؛ فوجدت فأر يلهو عليه، نظرت له بخجل وهتفت:
_آسفة، لقد ظننت أنهم اللصوص عادوا مرة أخرى.

_يا لك من فتاه جبانة.

فقالت باكيه:
_ماذا أفعل في الخوف الذي سيطر علي منذ أن هجم اللصوص علينا؟ أصبحت كل حركة تثير في نفسي الذعر.

فقال لها وهو يربت على كتفها:
_حسنًا، لا بأس، كفي عن البكاء، هيا عودي إلى الفراش، وأنا بجوارك، لن أنام حتى تنامين.

ذهبت إلى فراشها في تؤدة وحركات خائفة، نامت وهي منكمشة على نفسها، عيناها تدور في محجريهما يمينًا ويسارًا، وأخيراً نامت؛ فنام هو الآخر.

في الصباح، حاول أن يوقظها لتتناول الإفطار عندما دعاه "لوثر" وطلب منه أن يحضرها معه.

ومجرد حركة منه قفزت برعب، ولاذت في حضنه من جديد وأطالت، فصاحت:
_من! هل عاد اللصوص مره أخرى؟

فتأفف "راجي"، ونظر إلى السقف في ملل وسأم من تصرفات تلك الصبية، وقال بنبرة متذمرة:
_لا "روزلين"، لم يعد أحد، أنت في أمان لا تقلقي، الحكيم "لوثر" يدعونا إلى الإفطار، هيا أفيقي، واغتسلي لكي نتناول الإفطار سويا.

تنهدت في أمان، بعدها فردت ذراعيها بحركة رياضية، قائلة وقد زفرت بأمان:
_جيد، لقد كدت أموت رعبًا، سوف ألحق بك حالًا.

أما "راجي"، فهمهم في نفسه:
_وأنا سأموت بسبب تصرفاتك هذه.


في الصباح هرع "ميلو" إلى الملك، وأبلغه أنه فشل في قتل الفتاة وصديقها؛ مما جعل الملك يصيح غاضبًا:
_أيها الوغد، كيف تفشل في تلك المهمه؟! لقد حذرتك من مصير القتل إذا فشلت.

قال ميلو مبررًا:
_صدقني يا مولاي، لولا هذا الشاب؛ لكنت قتلتها.

الملك:
_أسباب واهية تبرر بها فشلك.

ثم صاح "لاديسلاو" بصوت عالٍ غاضب:
_أيها الحراس، خذوه و أقطعوا رأس هذا الغبي.

صاح "ميلو"، وصرخ متوسلًا:
_ لا يا مولاي أرجوك، أرجوك لا تقتلني، فأنا خادمك المطيع، أعطني فرصة أخرى، الرحمة يا مولاي.


ولكن الملك أشار بيده بطريقة حازمة:
_خذوه بسرعة هذا الغبي، كم فرصة سنحتها له؛ وقد فشل فشل ذريع.

ظل الملك يجوب الحجرة ذهابًا وإيابًا، بعدها فكر بصوت عالٍ قائلًا:
_ماذا أفعل مع تلك الفتاة؟ لقد عجزت معها كل المحاولات.

نادى على "بينيت"، أحد أعوانه بنبرة عالية تقطر شرًا:
_"بنيت"، اقترب.

انحنى "بنيت" احتراماً قائلًا:
_لبيك يا مولاي.

قال الملك، وقد نهض من عرشه، اقترب منه بطريقة تجعله يفهم أنه يريد أن يدنيه منه:
_"بنيت"، إن فعلت ما سأطلبه منك؛ ستكون أهم رجالي، بل ستكون ذراعي الأيمن.

انبسطت ملامح "بنيت" في سعادة، ولمعت عيناه في ظفر، ووجدها فرصه عظيمة لأن يقترب من الملك؛ فقال بحماس:
_أمرك يا مولاي، أنا رهن اشارتك؛ سأفعل ما تأمر به، حتى لو أمرتني أن أقطع رأسي بيدي؛ سأفعل.

ابتسم الملك، فقال له:
_أريدك أن تقتل شخص ما.

سأل "بينيت":
_من هو يا مولاي؟ وأنا أجلب لك رأسه على الفور.

فقال الملك:
_إنها بائعة الورود، تدعى "روزالين".

تعجب "بينيت" وهمس لنفسه "فتاة! يريد أن يقتل فتاة! ماذا فعلت تلك الشقية لتجعل الملك يريد قتلها ويقربني من أجل هذا؟!"

فاق على صوت الملك:
_ماذا؟! هلهنا ما يعجزك عن القيام بقتلها؟!

هتف "بينيت" نافيًا:
_كلا البتة يا مولاي، ولكني تعجبت لأنها فتاة، ظننت أنه وزير أو رجل قوي فعل ما يغضبك؛ ولذلك تريد التخلص منه.

قال الملك بصوت غاضب:
_هذا ليس من شأنك، إن لم تستطع؛ فأعتذر، وأنا أبحث عن شخص آخر.

هتف سريعاً:
_لا يا مولاي، سأفعل، أعدك بذلك، وسآتيك برأسها على الفور.

هتف الملك، وقال وهو يشير إلى الباب:
_إذًا، هيا ونفذ على الفور؛ ولا تعود إلا بعد أن تقتلها.

انحنى "بينيت" وهو يرجع إلى الوراء بخطوات كلها وقار:
_أمرك يا مولاي.

بعد أن انصرف "بينيت"، حدث نفسه"ترى هل ستفلح هذه المرة وأتخلص من تلك الفتاة؟ آه، أتمنى أن أغمض عيني وأفتحها؛ وأجد نفسي قد تخلصت من ذلك الكابوس."

ثم خطر على باله إبنه، ولي العهد الفاسد؛ فلوى فمه غيظًا متمتمًا:
_وهذا الوغد الحقير، ابني الذي من المفترض أنه سيتسلم العرش بعدي، يقضي حياته بين الحانات والنساء، آه منه هو الآخر.

نادي على الخادم، وصاح به:
_أيها الخادم.

حضر الخادم، انحنى قائلًا:
_لبيك سيدي.

صاح الملك:
_أذهب، وأحضر لي على عجل الأمير "كونارد".

الخادم وهو ينحني احتراماً:
_أمر مولاي.

ذهب الخادم إلى الأمير "كونارد" في مخدعه، كان نائماً على معدته، ويديه مفرودتان، وهو يصدر صوت مزعج أثناء النوم، هزه الخادم هامسًا:
_ مولاي الأمير، استيقظ يا مولاي.


همهم "كونارد" همهمة ناعسة:
_ماذا تريد أيها الأحمق؟ لماذا توقظني قبل موعدي؟

تلجلج الخادم خوفًا، خشى أن ينهض الأمير ويضربه كعادته، إذا ايقظه على غير موعده، قتحدث متلعثمًا:
_مولاي الملك يطلبك أيها الأمير في أمر عاجل، أرجوك استيقظ؛ حتى تذهب إليه.

نهض الأمير "كونارد" بحركة غاضبة؛ جعلت الخادم يتراجع إلى الخلف خوفا منه، ألقى بالغطاء بطريقة منزعجة هامسًا:
_ماذا يريد أبي وهو يعلم أنني في هذا الوقت أكون نائمًا؟

تخلى عن الفراش، وقال للخادم بنبرة آمرة، قاسية:
_أذهب، وأعد لي الفطور أيها الغبي.

انحنى الخادم قائلًا:
_ أمر مولاي.

ذهب الأمير "كونارد" إلى أبيه الملك؛ فتلقاه أبيه بنبرة تجمع بين التعنيف والسخرية:
_مرحبًا بولي العهد الفاسد الذي سيتولى المملكة، ويحكمها، وفي يده الخمر، وحوله النساء الغانيات.

أغمض "كونارد" عينيه في تذمر، وأشاح برأسه بعيدًا مهمهمًا في تذمر:
_أبي، هل سنبدأ؟

صاح أبيه:
_وهل إنتهينا أيها الوغد حتى نبدأ؟ أنا أفكر في كل شيء، وأنت لا تكلف نفسك عناء التفكير، غير شاعر بالمعارك التي أخوضها؛ من أجل الحفاظ على هذا العرش.

فقال "كونارد":
_ وهل طلبت مني شيئًا ولم أقوم به؟

صاح الملك:
_وهل أنا أجدك بجانبي حتى أطلب منك شيء؟ إنك دائمًا منشغل بأصدقاء السوء، وباللهو مع الغانيات، غير عابىء بما يحدث.

أردف"كونارد":
_حسنًا يا أبي، إهدأ أرجوك، وأنا من اليوم سوف أكون بجوارك، وأفعل ما تؤمرني به.

زفر الملك، وتنهد بشدة؛ حتى يهدأ متمتمًا:
_أفلح إن صدق.

أشار له بالجلوس:
_أجلس حتى أشرح لك ما أريده منك.

جلس "كونارد"، وراح يستمع لأبيه الذي راح يحكي له مخاوفه، ورغبته في قتل الفتاة التي تدعى "روزالين".


على مائدة الأفطار، اجتمع كل من "روزالين"، والحكيم "لوثر"، "وراجي" الذي كان شاردًا؛ فسأله الحكيم "لوثر":
_ما الخطب راجي؟ فيما شرودك؟

انتبه "راجي" له قائلاً:
_افكر في الأحداث التي حدثت؛ وكيف سنكمل حياتنا ونحن متخفيان هكذا؟

قال "لوثر":
_لا تزعج نفسك، سوف ندبر الأمر ونجد حل.

قالت "روزالين" بصوت يشوبه الخوف:
_هل تظن أنهم قد يعودون مرة أخرى؟

أجاب عليها راجي:
_بالتأكيد؛ فإنهم يستهدفونك، لذلك لابد أن نجد حل، ونعرف ماذا يريدون منك.

حل الصمت بينهم، كأن على رؤوسهم الطير، حتى قطع "لوثر" هذا الصمت:
_ما خطبكما؟ قلت لكما سوف ندبر الأمر؛ هيا يا "روزالين"، ارفعي الأطباق وأصنعي لنا مشروبًا، حتى نستأنف عملنا.

قالت ؤروزالين" على مضض:
_حسنًا.

ذهبت "روزالين"؛ فاستغل راجي غيابها، فسأل الحكيم "لوثر":
_أخبرني أيها الحكيم، "روزالين" تعرضت لعدة محاولات قتل، وآخرهم هؤلاء اللصوص، لماذا يستهدفون قتلها؟ أشعر إنك تعرف السبب الذي تجهله "روزالين" نفسها؛ ولكنك لا تريد أن تفصح عنه، أليس كذلك؟

حاول "لوثر" أن يتهرب منه عندما قال:
_ يا ولدي، ليس هناك أحد يستهدفها، ولا أي شيء من هذا.

حاصره "راجي" بإصراره قائلاً:
_أرجوك يا حكيم، أخبرني، أم إنك لا تثق في؟


قال "لوثر" بصدق:
_لا يا بني، فحياتك كادت أن تضيع فداء لها ولكن.

أردف "راجي":
_ولكن ماذا؟ تكلم من فضلك.

_لو عرفت السر؛ قد يقتلوك أنت الآخر.

ضحك "راجي" قائلًا:
_أمرك غريب يا ؤلوثر"، وهل هم يتركونني في حالي الآن؟! ثق أنني أصبحت هدفًا لهم أنا الآخر، فلا جدوى أن تخفي عني الأمر، أريد أن أعرف على الأقل من أواجه، ولما.

أردف "لوثرؤ:
_معك حق، إذًا سأخبرك كل شيء.

ولكن قبل أن يتفوه بكلمة، وجد "روزالين" تحمل المشروب، وتهل عليهما؛ فهمس "لوثر" له:
_ؤروزالين" قادمة، في الليل عندما تنام؛ سوف أخبرك بكل شيء.

هز "راجي" رأسه متفهمًا، وشعر أن خلف "روزالين" سر خطير.

بعد أن نامت روزالين قال "راجي":
_أخبرني "لوثر"، ما الأمر؟

بدأ "لوثر" يقص له ما يعرفه عن"روزالين"، بائعة الورود التي يريد الملك التخلص منها، لقد تأثر "راجي" بحكايتها، وقال:
_ يا لها من فتاة مسكينة، لكني أعدك لن أتركها، وسوف أحميها بكل قوتي.

قال "لوثر" وهو يربت على كتفه:
_أنا أثق في ذلك؛ فأنت شهم يا "راجي".


في قصر الملك، وعلى مائدة العشاء، أخبر "لاديسلاو" ابنه "كونارد" لماذا يريد قتل الفتاة التي تدعى "روزالين"ة فدب الخوف في قلب "كونارد"، شعر بالفعل أن ملكه مهدد؛ فقال لأبيه:
_إذا يا أبي عرشنا مهدداًة فلابد لنا من قتلها بالفعل.

بسخرية هتف الملك:
_يا لك من ذكي، وماذا كنت أقول لك منذ الصباح؟

صاح "كونارد" متذمرًا:
_كفاك استهزاء بي يا أبي، أنني أفكر بصوت عالي، المهم، ماذا علينا أن نفعل الآن بعد أن فشلت محاولات قتلها؟

قال الملك "لاديسلاو" وهو يداعب ذقنه في تفكير:
_هذا ما أفكر فيه، وعليك أن تساعدني في ذلك.

قال "كونارد":
_سأفكر يا أبي، ولن يهدأ لي بال حتى أجد الحل للتخلص من هذه الفتاة، وبأسرع وقت.


في منزل "بينيت"، اجتمع مع بعض رجال الشرطة الخاصة بالملك، وكون فريق للبحث عن "روزالين" بعد أن ذهب واحد منهم فلم يجدها في منزلها، قسمهم إلى ثلاث مجموعات، مجموعتين تبحث عنها في أرجاء المدينة، والمجموعة الثالثة تراقب كل من له صلة بتلك الفتاة، فقد تكون مختبئة لدى أحد منهم.

أوصاهم "بينيت" قائلًا:
_أريد منكم أخبار سارة؛ فالملك مهتم للغاية بهذا الأمر.

فصاح الرجال في وقت واحد:
_أمرك سيدي.

وجه حديثه لمجموعة المراقبة قائلاً:
_وأنتم أيها الرجال، راقبوا كل فرد كان لديه صلة بهذه الفتاة، خاصة منزل الحكيم "لوثر"، فهو كان أقرب شخص لها، وعن طريقه سنجدها.

هتف الرجال بحماس:
_أمرك سيدي.

ذهب رجل إلى بيت الحكيم "لوثر"، إدعى أنه مريض، وضع يديه على قلبه وقال بصوت واهن:
_ أيها الحكيم "لوثر"، أغثني.

فسأله الحكيم:
_ما بك يا أخي؟ بماذا تشعر؟

قال الرجل، وقد حرص على أن يخرج صوته مريضًا:
_نبضات قلبي يا حكيم، أشعر أنها سريعة، ولا أستطيع التنفس.

قال الحكيم:
_لا بأس، سوف أصنع لك دواءً مناسبًا؛ يهدأ الآلام، تفضل.

وذهب الحكيم "لوثر" بعد له دواء يناسبه، فكان الرجل يتفقد المكان بأعين متفخصة، يفتش في كل ركن، حتى زفر بيأس عندما لم يعثر على شيء.

وعندما حضر الحكيم "لوثر"، وجده يفتش في المكان؛ فسأله بأعين غاضبة:
_ماذا تفعل يا رجل؟ عن أي شيء تبحث؟!

تلجلج الرجل، وقال بكلمات متعثرة:
_لا أبحث عن شيء، كنت أبحث عنك، فقد تأخرت كثيراً.

تأمله "لوثر" بنظرات مليئة بالشك، وفطن أنه قد يكون من أعوان الملك، أرسله لكي يبحث عن "روزالين"؛ فقال له لوثر:
_تفضل دوائك، وانصرف.

أخذه منه الرجل، وابتسم بارتباك:
_شكرا لك يا سيدي، كم تريد؟

_أربع عملات معدنية

أخرج له الرجل العملات ثم انصرف، ود "لوثر" لو نزل القبو، وتحدث مع "راجي" "وروزالين"؛ لكي يخبرهم ما حدث، ويقول لهما شكوكه، ولكنه أنتظر لمنتصف الليل؛ حتى لا يشك أحد، إن جاء ولم يجده.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي