الفصل الخامسإنقاذ روزالين

الفصل الخامس " إنقاذ روزالين"

توقف لوثر وهو يلهث قائلًا لراجي:
_توقف هنا يا راجي، فإن اقتربنا أكثر؛ سيقيمون حفلًا للشواء على جثتينا؛ ولقد تعبت أيضًا من السير.

استند راجي على جزع نخلة، وكان يلهث أيضاً هاتفًا:
_حسنًا، سنستريح هنا قليلاً حتى نتفقد المكان عن بعد، ونفكر في خطة للهجوم عليهم.

ضحك لوثر، وضحكاته خرجت مختلطة بالسخرية والإنهاك من كثرة سيرهما، فتحدث سائلًا:
_خطة للهجوم عليهم، حقًا؟!

أجاب راجي وهو مندهشًا من ضحكاته:
_أجل؛ ماذا يضحكك في ذلك؟!

رفع لوثر رأسه التي كان يريحها على جزع النخلة، فأجابه:
_كيف ستهجم بمفردك على قبيلة لا تعرف الشفقة أو الرحمة؟!

رفع راجي سبابته والوسطى هاتفًا:
_من قال أنني سأهجم وحدي، بل نحن الإثنين.

بنظرة لائمة من لوثر هتف:
_راجي! أنني لا أمزح؛ قل لي كيف ستهجم عليهم؟!

تنفس راجي بثقة مؤكداً:
_أنني لا أمزح لوثر؛ سوف نهجم عليهم، ولكن لابد أن نعرف أولًا، أين يحتجزون روزالين؟

سأله لوثر ولم يفهم مقصده:
_وكيف سنعرف مكانها؟

أجاب راجي بثقة:
_هذا ليس مشكلة؛ المشكلة أنني أخشى على روزالين من تلك الذئاب البشرية، أنك قلت أنهم سيأكلونها بعد أن..

لم يكمل راجي من فرط خشيته؛ فقال لوثر يطمئنه:
_لا تخاف، أنهم لا يأكلون فريسة مريضة، سيقومون بمعالجتها أولا.

نظر له راجي بسعادة وأمل، بعدها استطرد:
_حقًا يا لوثر! إن كان الأمر كما قلت؛ فهذا من حسن حظنا، سيكون لدينا الوقت لكي نخلصها من بين أيديهم.

لوثر حائرًا:
_نعم؛ ولكن كيف؟ ما هي خطتك؟!

بدأ راجي يشرح له خطته، وما الذي ينوي فعله، وإذ فجأءة وجد لوثر يحدق بأعينن تملؤها الخوف؛ فبتر كلامه وسأله:
_ما بك يا لوثر؟ لماذا تنظر بذعر هكذا؟!

فأشار لوثر بعينيه على نقطة خلفه، فالتفت راجي؛ فإذ برجلين يشهران سيفيهما، ينظران لهما، نظرات صياد عثر على فريسة سهلة، حتى أن واحد منهما قال:

_ياله من يوم سعيد، صيدان آخران في هذا اليوم، في الصباح فتاة جميلة، والآن رجلان؛ سيكون عشاءنا اليوم دسمًا.

رد عليه زميله:
_ نعم دوس، كم نحن محظوظون.

انتبه راجي لكلام الرجل؛ فقال لنفسه:
_اذا هما من خطفا روزالين، بالتأكيد يعرفان مكانها.

قطع شرود راجي صوت بريشين، وهو يصيح بصوت مخيف:
_هيا أمامي أنتما الاثنين.

وساق دوس راجي، بينما بريشين دفع لوثر أمامه بعنف، وفجأة تصنع راجي أنه قد تعثر، فوقع على الأرض وهو يتأوه، فأخذ حفنة تراب في يده خلسة، دوس يصرخ به في غلظة:
_هيا انهض يا فتى.

فنهض راجي؛ وبعد خطوتين رمى التراب الذي في يده صوب أعينهم، فتألم دوس وبريشين؛ فألقى سيفيهما على الأرض، ظلا يفركان أعينهم، فانتهزها راجي فرصة والتقط سيفًا، ولوثر أخذ السيف الآخر.

ضرب راجى بريشين على رأسه بمؤخرة السيف؛ فسقط فاقد الوعي، بينما لف ذراعه حول عنق دوس، وضغط بقوة وقد صاح فيه صياحًا مخيفاً:
_انطق أيها الوغد، أين الفتاة التي خطفتها صباحًا؟

فأجاب دوس بصوت مختنق:
_أي فتاة؟

زاد راجي من ضغط ذراعه على عنقه؛ فزاد من اختناقه وقال مهددًا:
_الفتاة التي كانت نائمة تحت الشجرة في قدمها أثر عضة ثعبان، أنطق أين هي وإلا قتلتك!

شعر دوس أنه سيموت خنقاً لو لم يتكلم؛ فأجاب بصوت خرج بصعوبة:
_سأتكلم، ولكن اتركني، سأتكلم.

خفف راجي ضغط ذراعه على عنقه قليلًا؛ فهتف:
_تحدث، أين هي؟

ابتلع دوس ريقه بصعوبة، بعدها أجاب بصوت بطيئ:
_إنها في خيمة الملك.

سأله راجي وما زال تحت قبضته:
_وكيف نصل لتلك الخيمة؟

أجاب دوس:
_أنها خيمة كبيرة، على يمين الجزيرة وأنت متوجه إليها، ستجدها في منتصف الخيم، لونها خضراء فاتح.

تلقى دوس ضربة قوية على رأسه أفقدته الوعى، فجذبه راجي بجوار زميله بريشين، بعدها حدث لوثر وهو يتنفس بصعوبة:
_هيا يا لوثر، علينا أن نسرع لنخلص روزالين من بين أيديهم، هؤلاء الوحوش البشرية.

سأله لوثر:
_حسنا؛ ولكن كيف سندخل إلى هناك؟

أجابه راجي:
_أولًا، سوف نرتدي ملابس هؤلاء الرجلان؛ حتى نتحرك كيفما نشاء، وعندما ندخل الجزيرة؛ سننفذ بقية الخطة كما شرحتها لك.

هز لوثر رأسه على مضض قائلا:
_حسنًا، هيا بنا.

ارتدى كل من راجي ولوثر ثياب دوس وريتشين، ودخلا الجزيرة، همس لوثر لراجي:
_أنني أخشى أن يرانا أحد ويتعرف علينا.

أجابه راجي بنفس الهمس:
_خوفك هذا سوف يثير الشكوك نحونا، حاول أن تبدو طبيعي؛ حتى لا تلفت انتباههم إلينا.

لمح راجي عن بعد خيمة كبيرة قد زينت بالورود، فتوقف وهمس للوثر:
_ها هي خيمة كبيرهم، لابد أن نجد طريقة ندخل بها.

قال لوثر بصوت يرتعش كقلبه الذي كاد يتوقف من فرط الخوف:
_وما هي هذه الطريقة؟

فكر راجي قليلاً؛ بعدها همس له:
_هيا معي خلف الخيمة، وأنا سوف أخبرك.

اتبعه لوثر كأنه طفل خائف يتبع أبيه، بعدها توقف راجي، أخرج من جرابه تلك المواد التي أخذها من القبو؛ فسأله لوثر متعجباً:
_ماذا ستفعل بتلك المواد؟

راجي بثقة:
_سوف ترى.

ظل يضيف المواد على بعضها بمقدار معلوم، ولوثر يراقبه مندهشًا، حتى كون سائل أزرق؛ فسأله لوثر:
_ما هذا يا راجي؟ لقد علمتك أشياء كثيرة وتركيبات تصلح للدواء، ولكن لم أعلمك تلك التركيبة العجيبة؛ ماذا ستصنع بها؟

رفع راجي الزجاجة التي بها السائل، هاتفًا في ثقة:
_هذا سائل سوف يسبب انفجارًا لقد تعلمته في عالمي، سوف يجعلهم ينشغلون به عنا، بينما نحن نعيد روزالين.

صاح لوثر منبهرًا:
_يالك من عبقري، ولكن هل أنت واثق أنها ستنفجر؟

راجي بثقة:
_تمام الثقة؛ والآن سوف نبتعد عن الخيمة التي بها روزالين مسافة معقولة ونقوم بتفجير هذا السائل، وعندما نجد الفوضى قد عمت، وانشغل القوم بها؛ سوف نبحث عن روزالين ونخرج بها من الجزيرة.

اومأ لوثر رأسه متفهمًا، مردفًا:
_هيا، وعسى أن ننجح.

ابتعدا راجي ومعه لوثر عن الخيمة بمسافة كبيرة، وقام راجي بإشعال السائل الذي في زجاجة.

وكان بها خرقة، وقام بالقائها على مجموعة من القش رآها أمامه، فأحدثت دويًا كبيرًا وفي نفس الوقت حريقًا هائلًا؛ فخرج كل من في الخيمة مذعورًا، على صوت هذا الانفجار وهم يهمهمون بذعر:

_ماذا حدث؟ ما هذا الصوت المفزع؟!

وفي وسط الهرج والمرج، غمز راجي للوثر بإحدى عينيه، وهو يتوجه نحو الخيمة التي بها روزالين:
_هيا بنا يا لوثر نبحث عن روزالين، أسرع قبل أن ينتبه إلينا أحد.

كان من حسن حظهما أن الخيمة لا يوجد بها أحد كما توقع راجي، الكل خرج لكي يتفقد صوت الإنفجار، نادي راجي بصوت منخفض:
_روزالين! روزالين؛ هل تسمعينني؟

نادي لوثر أيضا:
_روزالين، نحن هنا بجانبك أين أنتِ؟

وظلا يناديان عليها؛ حتى سمعا صوتها يأتي ضعيفًا:
_أنا هنا راجي، أنا هنا لوثر، تعالا وانقذاني بسرعة.

صاح راجي عندما سمع صوتها:
_أن صوتها يأتي من هنا يا لوثر، هيا بنا.

واتجه صوب الصوت، كان هناك ستارة متدلاة نزعاها؛ فوجدوا روزالين نائمة على فراش من الجريد، فركض راجي ولوثر نحوها، فقال راجي بلهفة:
_روزالين؛ هل أنت بخير؟

لوثر أيضاً ابتسم فرحًا لرؤيتها:
_لقد عثرنا عليكِ، أنا لا أصدق.

ابتسمت روزالين بوهن، وقد بدى عليها الإعياء؛ فهمست بصوت ضعيف:
_هيا، خذاني من هنا، أسرعا.

حملها راجي وقال للوثر:
_سوف نخرج بها من الباب الخلفي لوثر؛ هيا بنا

وركض بها راجي ولوثر خلفه، فسألته روزالين وهو يحملها، ويركض بها:
_كيف عرفت مكاني؟

أجاب راجي بصوت لاهث:
_سوف احكي لك كل شيء، ولكن عندما نخرج من هنا.

وعندما خرجا من الخيمة؛ وجدا ثلاثة رجال أمامهم؛ فزفر راجي بخيبة وصرخت روزالين، أما لوثر فقد تراجع للوراء بضع خطوات؛ قال أحد الرجال:

_أيها اللصوص، لقد جئتم تسرقون محظية الملك، تستغلون هذا الحريق لتهربون بفعلتكم، ولكن ها أنتم قد وقعتم في شر أعمالكم.

حمل الرجل الذي كان يتكلم روزالين التي كانت تطيح بقدميها، وتصرخ مستغيثة:
_اتركني أيها الوغد؛ دعني.

بينما ساق الرجلين كل من راجي ولوثر، هذا الأخير الذي همس له بصوت منخفض:
_ماذا سنفعل الآن أيها العبقري؟

تنهد راجي بضيق، ومع ذلك أجابه بثقة:
_لا تقلق، كل شيء له حل، سوف نخرج من هنا ثق في.

نظر له راجي بخيبة، بينما الرجل يدفعه بقسوة هاتفا بغلظة:
_كف عن الثرثرة وسر أمامي هيا.

امتثل الجميع أمام كبيرهم، الذي كان جالس على عرش ضخم، وعلى رأسه تاجًا من الريش، ظل يحدق بهم بأعين حاقدة، يملؤها الكره والغضب، صاح بصوت جهوري مخيف، وهو ينظر لقومه اللذين التفوا حولهم في جموع كثيرة، على وجوههم غضب مستطير:

_هؤلاء اللصوص، حرقوا خيامنا، وجاءوا لكي يسرقون غنيمتنا ( يقصد روزالين) بل ألقوا في قلوبنا الرعب، فماذا يكون مصيرهم؟.

صاحوا جميعا بصوت مخيف غاضب، مطعم بالرغبة في الانتقام:
_الموت حرقًا، الموت حرقًا، الموت حرقًا.

ظلو يرددون تلك الجملة في غضب عارم؛ جعل لوثر يرتعش خوفًا، روزالين ساقيها ترتجفان، تبكي من الخوف، أما راجي فكان ثابتًا، يتطلع حوله يبحث عن مخرج ما.

صاح كبيرهم ويدعى "جلوين"بغضب، بعد أن وقف وقد أشار بيده نحو المكان الذي يحرقون فيه النفايات:
_إذًا، هيا أوقدوا الحطب، وقوموا بحرقهم.

ظل "راجي" يفكر؛ حتى وجد مخرج؛ فاقترب من كبيرهم خطوات حذرة قائلًا:
_سيدي، انتظر قليلًا أرجوك، أود أن أقول لك سرًا.

صاح فيه "جلوين" غاضباً:
_اصمت أيها اللص، لا أريد أن أسمع منك شيئًا.

تكلم راجي، ولم يبالي بغضبه:
_اسمعني، أريد أن أقول لك سرًا سوف يغير مجرى حياتكم.

قوله هذا أثار فضوله بالفعل؛ فصمت كبيرهم، ولمح راجي بوادر التفكير وقبول سماعه؛ فبزغ الأمل في قلب راجي، وقلب لوثر، وروزالين أيضا، جلس كبيرهم فسأله:
_ماذا تريد؟

قال راجي بثقة:
_اسمح لي بالاقتراب منك؛ فأنا أريد أن تسمعه بمفردك، لا أريد أن يسمعنا أحد.

نظر له جلوين بشك، ولكنه وافق في النهاية وقال له:
_اقترب.

اقترب منه راجي، قرب فمه من أذنيه وبدأ يحدثه، وفي حركة سريعة لم يتوقعها أحد، كان راجي قد أخرج سكينًا لا أحد يعلم من أين؟ ولا كيف؟ أخرجه؛ فغرس نصله على رقبته وصاح فى رجاله مهدداً:

_إذا اقترب أحد؛ سوف أغرس هذا السكين في رقبته، أطلقوا سراح الفتاة، وصديقي هيا.

تردد الرجال، ولكن راجي صاح صياح؟ا مخيفاً جعل جلوين من يأمرهم:
_اطلقوا سراحهم، هيا.

أطلقوا الرجال سراح روزالين، ولوثر، أجبر راجي كبيرهم على النهوض صارخًا فيه:
_قم معي، هيا، ولو تحرك رجالك؛ سوف تموت على الفور.

صاح بهم جلوين بصوت يرتعش:
_لا تقتربوا، لا تقتربوا.

وظل "راجي" يسوقه، والسكين في رقبته قائلًا "للوثر":
_هيا "لوثر"، احمل "روزالين" وتقدم أمامي، لا تخشى شيئا.

حمل "لوثر" "روزالين" وتقدم بها، بينما "راجي" يسوق كبيرهم "جلوين" على رقبته السكين، الجنود تسمروا مكانهم، لم يستطيعوا التحرك خوفا على كبيرهم وملكهم، وأهل القبيلة يحدقون في "راجي" بغضب وحقد، ودوا لو انقضوا عليه.

ابتسم "لوثر" عندما خرجوا من الجزيرة، كان الجنود يتابعونهم من على بعد، حتى همس لوثر "للراجي":
_ماذا سنفعل الآن؟

همس له راجي:
_انتظر.

نظر راجي لجلوين وقال له مهددا:
_مر جنودك أن يأتوا لنا بحصانين.

أجابه "جلوين" وفي عينيه الحقد:
_لن تستطيعان الهرب سوف؛ نأتي بكما حتى لو كنتما في باطن الأرض.

ابتسم "راجي" من جانب فمه بسخرية هاتفا:
_سوف نرى، هيا مر رجالك.

أشار لهم "جلوين" وقال:
_اجلبوا حصانين، هيا أسرعوا.


أحضر جندي حصانين، وقف أمام راجي مردفا بسخط:
_الحصانين.

وجه "راجي" كلامه "للوثر":
_"لوثر"، اركب حصان منهما وخذ معك "روزالين".

ثم وجه كلامه للجندي:
_هيا ساعده ولا تتباطئ.

ركب لوثر حصان، وساعده الجندي بأن يرفع "روزالين"أمامه،
سأل راجي لوثر:
_هل أنت مستعد؟

أجاب لوثر وهو يحكم جلوسه على الحصان، وأمامه "روزالين":
_نعم، أنا مستعد.

قال "راجي" للجندي:
_أبتعد وإلا قتلت زعيمكم.

أبتعد الجندي بظهره وهو يحدق فيه بضيق، أمر "راجي" الملك تحت تهديد السكين أن يمتطي الحصان:
_هيا، امتطي الحصان.

ركب جلوين الحصان وراجي يصوب نحوه السيف، وفي حركة خاطفة ركب خلفه؛ فصاح بعد أن ركض بالحصان:
_هيا يا "لوثر"، انطلق.

وانطلقا هما الإثنين بأقصى سرعتهم، ومجموعة من الجنود خلفهم يصيحون بسخط:
_لقد هرب الخائن، هرب اللص ومعه ملكنا، هيا خلفه.

استطاع "راجي"، "ولوثر" أيضاً، أن يهربان من الجنود التي كانت تتبعهما، وفي المكان تحت الشجرة التي ترك فيها "دوس" وبيرشين اللذان اختفيا، نزل من على حصانه، وأجبر الملك أن ينزل.

لوثر أيضا نزل من على الحصان وأنزل "روزالين"، كان "لوثر" يتنهد بتعب فسأل "راجي":
_ماذا سنفعل الآن يا راجي ولقد هربا "دوس" "وبيرشين"؟

ابتلع راجي ريقه، حتى تهدأ تنهيداته بعدها أجاب:
_سوف نبحث عن مكان آمن نستريح فيه، بعدها ندبر أمرنا.

لوثر وهو ينظر جلوين:
_وهذا الرجل، ماذا سنفعل به؟

راجي:
_سوف نقيده هنا حتى ينقذه أحد، أو يلقى مصيره الذي يستحقه.

صرخ جلوين خوفا على حياته:
_لا؛ لا تتركاني هنا، أرجوكم.

قيده "راجي" بجزع الشجرة، بعدها قال للوثر:
_"لوثر"، هيا بنا سنمتطي الحصانين ونبحث عن مكان آمن؛ هل تعرف مكان يأوينا ويخفينا عن الأعين؟

هنا تكلمت روزالين:
_أنا أعرف مكان آمن.

سألها "راجي":
_أين يا "روزالين"؟

أجابت "روزالين":
_مكانا في سفح الجبل؛ أنه بعيد ولكن لا يعرفه أحد، كنت أذهب إليه عندما أشعر بالضيق.

تساءل راجي:
_هل تعرفه يا "لوثر"؟

أجابه "لوثر":
_ نعم أعرفه، ذهبت معها بعض المرات، ولكنه بعيدًا جدًا.

قال "راجي":
_ليس مهم، هيا بنا، إمتطي حصانك.

ركب "لوثر" حصانه "وراجي" على الحصان الآخر، وأخذ أمامه "روزالين"، رغما عنها كان قلبها يقفز بين جنبيها مع قفزات الحصان، توجهوا إلى الجبل.

بعد عناء وصلوا، انزل "راجي" "روزالين"، وربط حصانه في حجر أمام الجبل، كذلك فعل لوثر فتحدث راجي:
_انتظر يا "لوثر" هنا مع "روزالين"، سوف ادخل الى هذا الكهف اتفقده، وأعد لنا مكانًا نستريح فيه.

دخل راجي الكهف الذي كان مظلم، أخرج من جرابه بطارية كانت معه، والذي حمد الله أن جاربه كان تحت الشجرة، فعندما عاد وجده كما هو، فرش على الأرض بساط بسيط ثم نادى:
_روزالين؛ لوثر إقبلا.

دخل لوثر يحمل روزالين المريضة، والتي عندما رأت ذلك الضوء؛ فغرت فاها هاتفة:
_ما هذا "راجي"؟

ضحك "راجي" عندما رأى العجب على وجه "لوثر" أيضا؛ ففسر:
_استريحي، وأنا سأخبرك لك.

وضعها "لوثر" على البساط فكانت تتأوه، جلس بجوارها، وجلس "راجي" أيضا بجانبهما، وهو يتنهد تنهيدا طويلا، بعد عناء سأله "لوثر":
_ما هذا الشر العجيب يا "راجي"؟!

قلب "راجي" الكشاف مردفا:
_أنه اختراع من عالمي، كلما غصت في الماء، أخذته معي حتى يساعدني على الرؤية تحت البحر.

أخذته منه روزالين تقلب فيه قائلة بإنبهار:
_يا الهي، ما أعجب هذا.

تفقده أيضا لوثر فهتف:
_شيء مذهل حقا!

صمتوا قليلا يستعيدون أنفاسهم اللاهثة، يريحون رؤوسهم على الحائط، قطع الصمت راجي عندما سأل "روزالين":
_طمأنيني عليك، كيف حالك؟ وماذا فعلوا معك هؤلاء المجرمين؟

تنهدت روزالين بأمان، بعدها قصت ما حدث لها:
_عندما تركتني كنت في شبه غيبوبة، بين اليقظة والنوم، رأيت شبح رجلين، لكني لم أتبين ملامحهما، ظلا يتحدثان ولكني لم أعي ما كان يقولان.

شعرت أنهما يحملاني، بعدها أفقت وجدت نفسي في خيمة كبيرة، وسيدة بجانبي، تعطيني دواء.

قاطعها لوثر:
_لقد قلت لك أنهم لا يأكلون فريسة مريضة، لابد لهم أنهم يعالجونها ويعطوها الترياق ليزيلا السم الذي يسري في جسدها، بسبب عضة الثعبان

أكدت "روزالين" على كلامه قائلة:
_يبدو أن كلامك صحيح "لوثر"، فبعدها بدأت أشعر بالتحسن بالفعل.

همس "راجي" بسعادة:
_جيد؛ ثم جئنا في الوقت المناسب

"لوثر":
_وهربنا في الوقت المناسب.

ضحكوا بسعادة، سألت روزالين:
_ماذا سنفعل الآن؟

راجي:
_سوف نجلس هنا قليلا؛ حتى نفكر ماذا سنفعل.

هتف "لوثر" بعد أن تنهد وكأنه يحمل جبال على كاهله:
_يبدو أن أمامنا طريق طويل من العناء.

قال "راجي":
- أنني أفكر في طريقة لنعيش بها في المدينة دون أن نشعر بخطر أو حد يطاردنا.

سألت روزالين:
_وما هي هذه الطريقة؟ لو عدنا إلى المدينة سيقتلوننا، وبالتأكيد لن نستمر في هذا الكهف طويلا.

أجاب "راجي":
لذلك أنا أفكر في طريقة مناسبة حتى تخفينا عن الأعين، لنعيش بين الناس دون أن يتعرفوا علينا.

اقترب حاجبي "لوثر"في استفهام:
_وما هي هذه الطريقة؟

أجاب راجي وهو يتنهد في حيرة:
_هذا ما أفكر به؛ هيا لننام الآن، وفي الصباح نبحث عن تلك الطريقة.

تسللت أشعة الشمس إلى داخل الكهف، فأيقظتهم، كان أول من فتح عينيه هو لوثر، الذي شعر بألم في جميع أنحاء جسده، فرد ذراعيه في حركة تجلب النشاط، همس:
_روزالين، استيقظي.

تململت روزالين، فتحت عينيها، رأت لوثر يبتسم لها فهمست بصوت ناعس:
_لوثر؛ صباحك خير.

همس لوثر:
_صباحك سعادة يا بنيتي.

التفتت روزالين إلى راجي الذي كان نائم بعمق؛ فأردفت بشفقة:
_راجي مازال نائما.

نظر لوثر للراجي أيضا، وهمس بشفقة:
_نعم؛ لقد تعب بالأمس وعانى كثيراً.

ترجته روزالين:
_مسكين؛ لا توقظه لوثر دعه يأخذ قسطا من النوم

نهض لوثر وهو يجيبها:
_حسنا؛ لن أوقظه؛ نريد أن نأكل الآن، فماذا نفعل؟ لا يوجد طعام لدينا.

ابتلعت روزالين ريقها بجوع مردفة:
_نعم، فأنا جائعة للغاية.

_سوف أجلب لكما طعامً حالًا.

التفتا "روزالين" "ولوثر" صوب "راجي" الذي استيقظ، ونفض عنه النوم، فهتفت "روزالين" ضاحكة:
_لقد استيقظ؛ صباحك خير.

أجابها راجي:
_صباحك خير يا جميلتي.

لامست تلك الكلمة قلبها؛ فشعرت بنشوة تسري في قلبها، رأته ينهض ويأخذ جرابه ويخرج بعد أن التفت للوثر وطلب منه:
_احضر حطبًا يا لوثر حتى أعود.

ابتسم لوثر وقال لروزالين:
_اذا، سوف يكون افطارنا شواءً.

قالت "روزالين" بدعابة:
_أخشى أن يجلب لنا رجل من جزيرة المنبوذين.

فضحكا الاثنان معا، هم لوثر لكي يعد حطبًا، بينما ذهبت "روزالين" تبحث عن ماء لتغسل وجهها.

بعد نصف ساعة وجدا "روزالين" "ولوثر" ؛راجي وهو يدخل عليهم الكهف وفي يده أرنب بري، جعل روزالين تقول له:
_اخيرًا جئت، لقد تضورت جوعًا.

وضع "راجي" أغراضه طالبا منهما:
_هيا أوقد النار يا لوثر، لقد عانيت في اصطياد هذا الأرنب.

قام لوثر بحماس يشعل النار وقام بشواء هذا الأرنب، بعد أن استوى قاموا بألتهامه بنهم كأنهم لم يأكلوا منذ سنة.

اخيرا سدوا جوعهم، مرت ساعات وقد أصابهم السأم، والملل حتى هتفت "روزالين" بتذمر:
_لقد سأمت، متى نعيش كالبقية؟! لا أحد يطاردنا ولا نطارد أحد.

تحدث "لوثر" أيضاً:
_هل فكرت يا "راجي" في طريقة تجعلنا نعود للمدينة مرة أخرى؟

أجاب راجي، وقد بدى في عينيه التفكير:
_الحل الوحيد لكي نعود للمدينة مرة أخرى هو أن نقوم بالتنكر.

روزالين:
_تنكر؟! كيف؟

تساءل لوثر أيضا مندهشا:
_كيف سنتنكر راجي؟

أجاب "راجي":
_سوف نغير أشكالنا.

فقال روزالين:
_فكرة رائعة؛ إذا نذهب لكهف الشيطان.

سألها راجي مندهشا:
_وما هو كهف الشيطان هذا؟
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي