الفصل الرابع

فى مكانٍ مظلم بعض الشئ وهو زنزانة قصر الحاكم كان يجلس كلاً من أدم وقنديل فى حيرة من أمرهم ، لقد إشتد بهم الجوع والتعب .
كان أدم ينظر إلى قنديل من الحين إلى الآخر ، حتى شعر قنديل بتلك النظرات التى تخترقه.
- لماذا تنظر لى هكذا ؟
- لإنك سبب كل شئ ، لم آتى إلى هذا المكان برغبتى
نظر إليه قنديل بإستنكار
- وهل أنا من طلبت المساعدة فى فك طلاسم الخريطة؟
تتطلع أدم إليه بغضبٍ شديد وإرتفع صوته بشدة
- ولكن أنا رفضت المجئ ، وأخبرتك أننى غير مطمئن لهذا ولكنك أصررت لن أسامحك  أبداً أيها المخادع
كانت ملامح قنديل لا تعطى إنطباعاً جيداً كان كالفك المفترس الذى يود الإنقضاض على فريسته
- إصمت وإلا قتلتك
- لن أصمت ، إعطنى الورقة الخاصة بى
- إنها لا تخصك وحدك بل تخصنا أنا وأنت ،بفضلى أنا علمت بإنها تحوى خريطة لكنز وتريد أن أعطيها لك بتلك السهولة
- نعم،  فإنها ملكى أنا وحدى ثم إننى سأعطيك ثمن هذه المساعدة
- تمهل يا فتى ، أنا سأخذ نصف الكنز وأنت النصف الآخر هل سمعت ؟
قام أدم بأخذ الخريطة عنوةً منه ، فنظر إليه قنديل والشرر يتطاير من عينيه وظلا يتشاجران ، حتى قبض قنديل على عنق أدم بشدة ؛ ولولا سماع الحارس ذلك الشجار لكان أدم فى عداد الموتى الآن .
نظر إليهم الحارس بغضب بعد فك الشجار بينهم
- لا يكفى أنكم أتيتم إلى القصر دون علم الحاكم  تتشاجران أيضاً، أوغاد .
إن سمعت صوت أحدكم مرة آخرى  مجدداً سأقتلكم ، أقسم لكم
كانت النظرات بين أدم وقنديل طويلة ، إحداهما ينظر بألم والآخر بندم ، ففى تلك الظروف كلاهم لا يمتلك سوى الآخر فى تلك الأرض .

فى حديقة القصر المظلمة التى لا تسمى حديقة مطلقاً بسبب هيئتها المفزعة للرائى،  كان يهبط هو  من الفرس الخاص به بهيئته الخاطفة للأنظار.
كان يسير آرتميس بثقة وفخر والخدم من حوله ينحنون إليه إحتراماً وتقديراً فهو الحاكم،  الشاب الذى تولى ولاية العهد من بعد وفاة الملك الأعظم هومايور .
كانت هيئة آرتميس لا توحى بما يُكمن خلف كل  تلك الجاذبية ، يمتلك آرتميس من العمر ما يقارب الخمس والعشرون عاماً تبعاً لمن يراه .
فهو شاب قوى البنية عريض المنكبين كانت خصلات شعره البندقية تصل إلى كتفيه وعينيه اللامعة كالسهام التى تصيب جميع كل نساء وفتيات هذه  البلدة، الهائمون بذلك الحاكم الوسيم.
ولكن آرتميس لا يهتم لكل هؤلاء الفتيات مطلقاً ، وذلك لإن قلبه لا ينبض سوى لتلك الفتاة التى إقتحمت أسوار قلبه وحطمت خلايا عقله إنها ريتا ، إبنة عمه ومعشوقته التى تسكن روحه ، ولكن من المؤسف أنها لا تعلم بشغفه وعشقه هذا  أبداً وذلك لإنه أمامها كجبل الجليد الذى يأبى الإنصهار.
كان يسير آرتميس متجهاً إلى غرفته بالجزء الشرقى من القصر ، ولكن إستوقفه "ابولو" المستشار الخاص به وصديقه الوحيد .
- هناك شخصان إقتحما القصر فى غيابك آرتميس ، ويبدو أنهم غرباء ليسو من البلدة مطلقاً
برزت عروق رقبته وإحمر وجهه بشدة والغضب وصل إلى ذروته
- أحضرهم لى فى الحال ابولو
- حسناً

فى الزنزانة كان أدم مُتعب للغاية وكذالك قنديل ، فَقَّد كلاً منهما الأمل فى الخروج من هنا مرة آخرى إلى أن فُتح باب السجن وإمتلئ المكان بالحراس.
كان أدم وقنديل لا يفقهون شيئاً  ولكن كان أدم يشعر بالخوف هل آتى الحاكم أم أنهم سيقتلوهم.

فى غرفة الحاكم كان آرتميس ينتظر على أحر من الجمر ليعلم من الذى تجرأ على الدخول إلى القصر دون علمه .
- إهدأ قليلاً آرتميس أنا رأيتهم،  من المستحيل أن يكونوا أعداء يبدو أنهم جاءوا إلى هنا بالخطأ
- أنا غير مطمئن لهذا الحدث
قطع حديثهم إستئذان الحارس بدخولهم إلى الملك .
أمرهم آرتميس بالدخول إليه وخروج الحراس من الغرفة عدا ابولو ، كان أدم ينظر إلى عيون الملك مباشرةً بتحدى وقوة ولا يعلم لما ينظر إليه  هكذا فمن المفترض أن يشعر بالرهبة والرعب  منه .
ولكن قنديل كان خائف بشدة فهيئة ذلك الملك لا تُنذر بالخير أبداً ، فكل معالم الشر تشكلت فى شخصٍ واحد وهو آرتميس.

بينما هو كان ينظر بإستغراب لهم هيئتهم غريبة الشكل حتى ملابسهم ، تلك النظارات الذى يرتديها أدم كل شئ ولكن فاق من ذلك الشرود وقرر إنهاء الصمت بينهم بأهم سؤال .
- من أنتم ، وكيف أتيتم إلى قصرى دون إذنى أخبرونى
إبتلع قنديل ريقه بصعوبة وكأن الهواء  إنسحب من حوله ولا يقوى على الحديث أمامه
- نحن ! أقصد أننا ..
- تحدث وإلا قطعت رأسك يا هذا من أين جئتم
قالها أدم بقوة
- أتينا من مصر من أجل مهمة سنهيها ونرحل ف الحال
نظر كلاً من آرتميس وابولو إليه بجهل لما يقول وردد آرتميس بإستنكار
- مصر ! هل تنتمى هذه البلدة إلى إسفوديل ، وما هى المهمة التى تتحدث عنها ؟ وما علاقة قصرى بكل هذا الهراء؟
كان قنديل يشعر أنه سمع هذا الإسم من قبل " إسفوديل " ولكن لا يتذكر أين ؟
- بالتأكيد أتينا بالخطأ إلى هنا ، نعتذر إليك أيها الحاكم
نظر أدم بتحدى لقنديل
- نحن لم نُخطئ قنديل ، بل القصر هو وجهتنا الرئيسية،  هل نسيت؟
كان قنديل ينظر إليه بريبة ماذا حدث له؟ من أين آتى بكل هذه القوة التى تجعله يتحدث هكذا مع شخص كهذا ، ومتى كان القصر هو الوجهة الرئيسية إنها صدفة لا أكثر .
نظر آرتميس إليه بغضب فقد فاق الحد
- أصمت أيها الصبى ، وإخفض عينيك لا تنظر لى هكذا وإلا قطعت رأسك
تحدث قنديل بخوف ليقلل من حدة الموقف
- إنه أبله لا يعلم شئ ، أقسم لك أننا أتينا إلى هنا بالصدفة فقط ولا نفقه شئ فى هذه الأرض نرجو منك المساعدة أيها الحاكم

شعر آرتميس بعدم إرتياح لهذا أدم ، ولكن من الذكاء أن يضعهم تحت نُصب عينيه ويعلم ما هى تلك المهمة التى يتحدثون عنها؟ ولا يتركهم يرحلون .

كانت أعين أدم تُحدق بأعين آرتميس بقوة وتحدى وكأنه سلب منه شئ ، بينما آرتميس لا يعلم ما هو سر تلك النظرات فهذه المرة الأولى التى يرى فيها هذا الشاب .
كان آرتميس يشعر أنه يريد الإنتقام منه ولكن لماذا ؟ هو فى حيرة من أمره هذه الزيارة المفاجآة ألجمت تفكيره شعر أن عقله متوقف وكأنه أُصيب بلعنة
- ما إسمك أنت ؟
نظر إليه أدم بسخرية وعدل من نظاراته
- إسمى أدم
- وأنا قنديل ، سُررنا بلقاءك أيها الملك العظيم 
- ستبقون هنا في القصر  إلى حين أن أؤمر برحيلكم ، الدخول والخروج من القصر بإذن منى أو من ابولو المستشار الخاص بى هل فهمتم ما أقول؟
كان قنديل خائف بشدة من هذا الملك ويريد أن يرحل من أمامه فى الحال
- حسناً ، وهل نستطيع الخروج دون إذنك أيها الحاكم؟
- سنرى ، تستطيعون الخروج والذهاب إلى الغرفة الخاصة بكم سيوصلكم إليها الحارس
إستعد كلاً من أدم وقنديل للذهاب إلى الغرفة التى يتحدث عنها آرتميس ولكن إستوقفهم آرتميس وأمسك بذراع أدم بكل ما أوتى من قوة ونظر إليه بشر
- إحذر فأنا أراقبك
- أعلم ذلك
كان قنديل يشعر بشئ غريب وبعد رحيلهم من أمام الملك وذهابهم إلى الغرفة ، كان أدم يشعر بألم شديد فى رأسه
- ما بك أدم ، هل أنت بخير ؟
-رأسى ستنفجر قنديل
- بالتأكيد من حديثك مع هذا الملك من أين أتيت بكل هذه القوة
- عن أى ملك تتحدث ؟! نحن لم نذهب بعد ...
بتبع
إلى اللقاء أحبتي فى البارت القادم
بقلمى/ شيرين محمد الطيب ❤️
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي